دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > القراءة المنظمة في التفسير وعلوم القرآن

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 21 ربيع الثاني 1443هـ/26-11-2021م, 02:09 AM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,756
افتراضي

(9) جهنم:
قال محمود رؤوف عبد الحميد أبو سعدة: (
(9)
جهنم
ليس في التوراة من أسماء النار «جهنم»، وإنما فيها «شئول» أي الهاوية، وهي Hades اليونانية في الترجمة السبعينية للتوراة، والهاوية من أسماء النار في القرآن. وليس في المعجم العبري أصلاً «جهنم» أو «جهنام» العربيتان بمعنى البئر البعيدة القعر، وهي نفسها «الهاوية» إن تمعنت.
وإنما في العبرية «جي – بنى - هنوم»، أي وادي أبناء «هنوم»، التي اختصرت إلى «جي - هنوم»، أي «وادي هنوم»، وموضعه بالحي الجنوبي الشرقي من أورشليم كما يقول علماء التوراة. ضحى فيه «أحاز»، «منسا» بأبناء لهما قربانا للإله «مولخ»، وغدا من بعد مزبلة ومحرقة للنفايات، تحقيرًا.
ولعلماء العبرية في اشتقاق «شئول» قولا: إما أنها من دشأل» العبري (وهو «سأل» العربي ومن معانيه «الطلب») فيكون معناها التي تطلب ولا تشبع، شأن جهنم في قوله عز وجل: {يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد} [ق: 30]، وإما على القول الثاني – وهو غير قوي – أنها متحرفة عن «شعول» من «شعل» العبري بمعنى خوى وتجوف، فهي «الهاوية» أيضًا.
أما الإنجيل فهو يذكر في ترجمته العربية «جهنم» بالاسم: «بل أريكم ممن تخافون. خافوا من الذي بعد ما يقتل، له سلطان أن يلقي في جهنم» (لوقا 12/5)، يترجم به «جهنا» Gehenna في الأصل اليوناني، وهي باتفاق ليست يونانية، وإنما هي عبرية أو ىرامية، فالأصيل في اليونانية «كولاسي» Kolasi، ومعناها «دار العقاب»، جهنم أو الجحيم أو الهاوية أو ما شئت من أسماء النار، ولكن لوقا كدأبه آثر استبقاء «جهنا» على أصلها، أقرب ما تكون إلى ما نطق به المسيح.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/207]
والراجح عندي أن المسيح عليه السلام نطق بها على أصلها العربي «جهنام»، حذف لوقا ميمها في الرسم اليوناني، على نحو ما فعل في إنجيله أحيانًا من حذف ميم «مريم» التي رسمها في بعض مواضع Maria، أو أنه عليه السلام نطقها «جهنا» بحذف الميم ترخيمًا على نحو ما كتبها لوقا، وأن «جهنا» هذه أو «جهنام»، هي المقابل الآرامي – لا العبري – لجهنم أو جهنام العربية، بمعنى البعيدة القعر، أي الهاوية، يعني بها «شئول» العبرية لا أكثر ولا أقل.
ولكن «اليونانية الكنسية» التي لم تجد في المعجم العبري أصلاً تشتق منه «جهنا» الإنجيلية هذه أقرب من «جي - هنوم» ظنتها الصورة الآرامية لـ «جهنا» أو «جهنام»، وفاتها أن المسيح عليه السلام في السياق المتقدم يخوف السامع بما بعد الموت، أي يخوفه بدار العذاب في الآخرة، لا بمحرقة للنفايات على أطراف أورشليم، أعني «جي - هنوم»، التي لا تخيف أحدًا مات أو قتل، فلا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها. وعلى هذا النحو مضى أدعياء الاستشراق يطنطنون بأن القرآن أخذ «جهنم» من «جي - هنوم» كما فعل لوقا من قبل في إنجيله.
وقد ضل هؤلاء المستشرقون على علم، لأنهم أرادوا لأنفسهم هذا الضلال: القرآن لا يسمى «جهنم» اعتباطًا، وإنما هو يصورها ابلغ تصوير وأبينه بمعنى الهاوية البعيدة القعر، تمامًا كمعنى جهنم وجهنام في العجم العربي: {ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين} [التوبة: 49]، {أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم} [التوبة: 109]، {جهنم يصلونها وبئس القرار} [إبراهيم: 29]، {فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا} [النساء: 145]، {حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم} [الأعراف: 38]، إلخ.
أفي «جي - هنوم» العبرية من هذه المعاني شيء؟ أليست «جي – هنوم»، أعني ذلك الوادي الذي لأبناء هوم، اسم موضع معلوم؟ أليست «جي» العبرية (وهي من «جواء» العربية) تعني «الوادي»، بل الواسع من الأودية، فكيف تجيء جهنم (الهاوية) من «الجواء» وهي أقرب إلى الضد منه؟ أليست الهاوية في المعجم
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/208]
العربي تعني البعيدة القعر؟ أليست هي وجهنام في المعجم العربي على الترادف والتطابق؟ أفي معنى «الوادي: و«الجواء» من هذا شيء؟
والذي يستوقف النظر أن المعاجم العبرية الأحادية اللغة، أي العبري – عبري، لا تفسر «جي – هنوم» بأنها تعني «دار العذاب» في الآخرة، وإنما تدرجها في ثبت الأعلام على الموضع والمكان، أي ذلك الوادي في الجنوب الشرقي من أورشليم. أما المعاجم العبرية الثنائية اللغة، عبري – فرنسي على سبيل المثال، فهي لا تترجم «جهنا» الإنجيلية إلى «جي – هنوم» العبرية وإنما تترجمها إلى «شئول» أي الهاوية، وحين تترجم «جي – هنوم» العبرية إلى الفرنسية تقول: «وادي هنوم» الذي في أورشليم، ثم تثنى فتقول: ومجازًا = جهنًا». وقد أتى هذا «المجاز» بالطبع تأثرًا بما جاءت به المسيحية من بعد، في تصورها، أن «جهنا» الإنجيلية مشتقة من «جي – هنوم»، وليس بصحيح في ديانة اليهود.
على أن القرآن لم يحتج إلى «جهنا» ولديه في أصيل العربية «جهنام»، ولم يعرب لفظ «جهنم» عن «جي - هنوم» البعيدة كل البعد عن معناه.
جهنم في القرآن عربية لا مشاحة، وإن رغمت أنوف.
أما أن «جهنم» ممنوعة من الصرف في كل القرآن فليس هذا لعجمتها، وإنما هو فقط للعلمية والتأنيث).
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/207-209]


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأعجمي, العَلم


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:34 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir