دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > القراءة المنظمة في التفسير وعلوم القرآن

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 21 ربيع الثاني 1443هـ/26-11-2021م, 02:20 AM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,756
افتراضي

(15) هود (16) عاد (17) إرم:
قال محمود رؤوف عبد الحميد أبو سعدة: ( (15) هود (16) عاد (17) إرم
لا يعرف أهل الكتاب «هودا» ولا «عادا» ولكنهم يعرفون «إرم»، وهي عندهم «آرام» يعني «العالية» أو «المعلاة»، من الجذر العبري «رام / يروم» أو «رام / يرام»، أي ارتفع وعلا، فهو عال وعلى، ومن هذه «أبرامج، أي «أبو العلاء»، اسم إبراهيم عليه السلام في التوراة، قبل أن يبتليه الله بكلمات فيتمهن، فيسميه باسمه المعروف «إبراهيم». وسيأتي. ولا تزال أحرف هذا الجذر باقية في العربية تجدها في «رامه» يعني طلبه، وكأنها من استشرفه وتطلع إليه، وتجدها أيضًا في «رمى» (لازما غير متعد) بمعنى ربا وزاد، وتجدها كذلك في «رام عليه» بمعنى فضل عليه وزاد. ولكن «رام» بمعنى علا وارتفع، غير معروف في العربية، فتستظهر من هذا أن «إرم» أعجمي غير عربي، يحتاج إلى تفسير في القرآن. وإلا لظننت «إرم» عربية من «أرمه» يعني استأصله وأفناه، أو أنها «الإرم» بمعنى الحجارة أو نحوها تنصب في المفازة ليهتدي بها (وتجمع على آرام وأروم) أو ظنتها بمعنى الأصل و«الأرومة»، وقد فصل القرآن في هذا كما سترى.
على أن عجمة «غرم»، وهي مدينة عاد قوم هود، توحي إليك بأن عادا وهودًا لفظان أعجميان كذلك، أعني أنهما من «العربية الأولى»، التي يحتاج فهمها أحيانًا إلى بحث في فصائل سامية عن جذور أميتت في العربية وبقية حية في غيرها تقول بعجمة «هود» و«عاد» على الإتباع لعجمة «إرم» جازمًا قاطعًا، لأن الرسول والمرسل إليهم واحد.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/237]
أما مفسرو القرآن (راجع تفسير القرطبي للآيات 65 – 69) من سورة الأعراف والآيات 50 – 60 من سورة هود) فقد اتفقوا على عُجمة «عاد»، اسم رجل تسمت به قبيلته، نسبه ابن إسحاق إلى نوح فقال: هو عاد بن عوص بن غرم بن شالح ابن أرفخشد بن سام بن نوح (وكأنه يستقي من أحبار يهود ولكنهم لا يعلمون الكتاب إلا أماني كما قال الحق سبحنه فليس هذا هو عمود النسب في سفر التكوين بل ليس فيه أصلاً «عاد»). ولكنهم تفاوتوا في عجمة «هود» (الاسم لا المسمى بالطبع) فقال بعضهم هو عربي تشتقه من الجذر العربي «هاد / يهود» أي تاب ورجع إلى الحق، وقال الباقون ومنهم ابن إسحاق إن «هودا» أعجمي، فهو هود بن عبد الله بن رباح بن الجلود بن عاد بن عوص بن إرم إلخ. وهذا أيضًا على خلاف عمود النسب في سفر التكوين، بل ليس فيه أصلاً هود، ناهيك بعبد الله والجلود. أما قول مفسري القرآن في «إرم» (راجع تفسير القرطبي للآيتين 6 – 7 من سورة الفجر) فمنهم من قال جد عاد، نسبت إليه القبيلة فجاء اللفظ على التأنيث (ذات العماد) ومنهم من قال بل هو اسم مدينتهم، وشرحوا «ذات العماد» بأنها الأبنية العالية المرتفعة – وهو الصحيح في اللغة – وكأنهم يبنون أبنيتهم على العمد. ومنهم من أشكلت عليه «عاد الأولى» [النجم: 50] فظن أنهم «عادان»، أولى وثانية، «عاد إرم»، «عاد هود»، والصحيح ما قاله الآخرون، فليس إلا «عاد» واحدة، أهلكها الله أولاً، ثم ثنى بـ «ثمود»، فالقرآن لا يذكر عادا قوم هود إلا وهو يُتبعها بثمود قوم صالح.
على أن في حضرموت نبعا يُدعى «برا - هوت»، اشتهر منذ القدم بأدخنته الكبريتية، بجواره قبر يدعى قبر «هود» يزوره الناس إلى اليوم ويتبركون به. يصح هذا أو لا يصح فنحن لا نستطرد بك إليه، ولكن المستشرقين الذين ذكروه يلفتون النظر إلى ما قاله المفسرون من أن «عادا» كانت منازلهم ما بين اليمن وحضرموت، فهو إذن من أنبياء العرب. ويرى هؤلاء المستشرقون أيضًا أن هودا هو نفسه «عابر» الذي يرتفع بنسبه إلى سام بن نوح. وإلى عابر هذا ينتسب «العبرانيون» كما تعلم. وربما شجعت الجالية اليهودية في شبه الجزيرة هذه المقولة رغبة في إيجاب نسب موغل
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/238]
في القدم بينهم وبين مضيفيهم، تأليفًا لقلوب العرب عليهم، فقالوا إن «يهود» جاءت من «هود»، فهم إذن بنو – هود، النبي العربي. وليس بشيء إن أردت قرابة النسب، فاليهود أنفسهم يشتقون «هو» من «يهودا» بن يعقوب (وتنطق داله في العبرية ذالاً لاعتلال ما قبلها كما مر بك) وليس تأصيل الأنساب من مقاصد هذا الكتاب الذي نكتب. ولكن لا باس بهذا الذي قيل في أخذ «يهود» من «هود» إن أردت القرابة اللغوية في النحت والاشتقاق، ولو أن اللغات السامية جميعًا في هذا سواء.
أما «هود» - إن أردتها عربية – فهي تسمية مشتقة من الجذر العربي هَادَ / يَهُودُ / هُودْاَ، فهو «الهائد»، أي التائب الراجع إلى الحق (وتاب وثاب وآب كله واحد). تجد تأصيل هذا في القرآن من قوله عز وجل على لسان موسى في فتنة السامري: {إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك} [الأعراف: 155 – 156]، أي رجعنا وأنبنا. لا تجد لها تأصيلاً في العربية إلا من القرآن، وفي هذه الآية بالذات. ومنها أيضًا يشتق القرآن معنى اسم اليهود (وسيأتي في موضعه) فيسميهم الذين هادوا في عشرة مواضع من مثل قوله عز وجل: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين} [البقرة: 62]، ويسميهم أيضًا «هود» (جمع «هائد» أي الذي هاد) في ثلاثة مواضع من مثل قوله عز وجل يحكي مقالتهم: {وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا} [البقرة: 135] نافيًا أن يكون هذا هو اسمهم قبل أن يقولها موسى: {أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى} [البقرة: 140].
وليس معنى القول بعربية اسم «هود» - على إيغاله في القدم كما مر بك – أنه بالضرورة من هذه العربية نفسها التي نزل بها القرآن، وإنما المعنى أن اسمه من «العربية الأولى» التي تكلم بها سكان شبه الجزيرة جميعًا منذ أزمان سحيقة لا يعلمها إلا الله، وتفرقت من بعد في الساميات جميعًا، وإنما نفهم نحن مفرداتها الآن بخاصية في تلك اللغة الفذة، هي «جذرها الثلاثي»، الذي تدور معانيه على أصل حروفه. وقد أصل القرآن معنى «هاد» على التوبة والإنابة، فهو كما قال، لأن القرآن هو الشاهد لتلك اللغة العربية في كافة مراحل تطورها، لا حاجة بك معه إلى غيره.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/239]
وربما قلت إن «الهائد» تفيد «المهدي»، لا لقرابة ما بين الجذرين «هدى» و«هاد» فحسب، وإنما أيضًا لأن «الهائد» هو عكس «الضال». وفي هذا لفتة بعيدة المغزى قد تفوت على كثيرين: إنه نعت ينطبق على كل نبي بعث في قوم ضلوا جميعًا سواء السبيل، ليس فيهم إلا هو وحده الذي انسلخ من ضلالتهم: هاد إلى الله وحده، فبعثه الله إليهم ليهديهم به، ولا يهدي غيره إلا الذي هاد من قبل، فهو الهائد المهدي، وهو الهادي المهتدي.
لم يكن «هود» عليه السلام من أنبياء التوراة، فجاء اسمه في القرآن على أصله عربيًا، على ما مر بك من منهجنا في هذا الكتاب، لا يحتاج إلى «فك عجمته» بالتفسير، إلا ما كان من تأصيل معنى الجذر «هاد» في قوله عز وجل على لسان موسى: «إنا هدنا إليك».
على أن في أسفار التوراة (أخبار الأيام الأول 7/37) الاسم «هود» (مدًا بالضم لا بالواو كما في «يُوم» العربية العامية أو في Home الإنجليزية) علمًا على رجل من عامة سبط أشير، ليس بنبي أو رسول. ولكن علماء التوراة لا يشتقون «هود» الإسرائيلي هذا من التوبة والإنابة، ولكنه عندهم مصدر أميت جذره وبقى المصدر في لغتهم بمعنى الجلال والجمال والسناء، ومنه في العبرية المعاصرة «هود ملخوتو» خطابًا للملوك بمعنى «صاحب الجلالة». ولو كان المعنى هو «هود» النبي لشاعت التسمية في بني إسرائيل، وهو ما لم يحدث.
أما عاد، «إرم» فلا مجال لاشتقاقهما من العربية التي نزل بها القرآن، وإنما تشتقهما من العربية الأولى مستعينًا بما بقى من جذورها في الآرامية والعبرية، ومن ثم كانتا من الأعجمي الذي يفسره القرآن.
«عاد» في الآرامية – العبرية معناها «الأبد» و«الخلود». ومنها في العبرية «لعاد»، يعني «إلى الأبد». فهي الباقية الخالدة التي لا تزول. وقد جاءت مفسرة في القرآن مرتين، الأولى على الترادف في قوله عز وجل: {وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/240]
من باقية} [الحاقة: 6-8]. وفسرت في المرة الثانية على التقابل في قوله عز وجل: {وأنه أهلك عادا الأولى وثمود فما أبقى} [النجم: 49 – 50]، أي ما عادت عاد ولن تعود.
وأما «إرم» فهي في الآرامية – العبرية مشتقة من العلو والعلاء، فهي العالية والمعلاة، كما مر بك من معنى الجذر العبري «رام – يروم». وقد وردت «غرم» في القرآن مرة واحدة فسرت فيها بهذا المعنى نفسه، ولم يفطن إليه مفسرو القرآن رغم علمهم بأن «ذات العماد» تعني المدينة ذات الأبنية العالية المرتفعة: {ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد} [الفجر: 6، 8]، وهو تفسير على الترادف اللصيق: إرم = ذات العماد. ودل قوله عز وجل: «لم يخلق مثلها في البلاد» على أن القرآن يريد إرم المدينة لا عادًا القبيلة كما وهم بعض المفسرين الذين ظنوا إن إرم في القرآن هي نفسها عاد، اسم القبيلة، نسبة إلى الرجل إرم بن سام بن نوح، وليس هذا بفصيح في عربية القرآن الذي إذا أراد القبيلة جاء بضمير الجمع للمذكر: «وأما عاد فأهلكوا»، وإذا أراد المدينة أي الموضع استخدم ضمير المؤنث: «التي لم يخلق مثلها في البلاد».
أما «الإرميون» أصحاب إرم، أعني الناجين منهم مع هود، فهم آباء «الآراميين» الذين قدر لسلالة منهم في «الحجر» إلى الجنوب الغربي من تيماء بالمملكة العربية السعودية على طريق القوافل إلى الشام أن تسكن في نواحي «الحجر» ما يعرف إلى اليوم باسم «مدائن صالح» أو «قرى صالح»، التي نهى صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك عن التلبث بأطلالها كراهة المكث بموضع السخط والنقمة: إنهم «ثمود» أصحاب «الحجر»، قوم صالح).
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/237-241]


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأعجمي, العَلم


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:34 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir