دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > القراءة المنظمة في التفسير وعلوم القرآن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 ربيع الثاني 1443هـ/26-11-2021م, 02:03 AM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,756
افتراضي

(2) ميكال:
قال محمود رؤوف عبد الحميد أبو سعدة: ( (2)
ميكال
ميكال عليه السلام مَلَكٌ مقرب، رفيع الرتبة في ملائكة الله عز وجل، أفرده الحق تبارك وتعالى بالذكر على التعظيم قرينًا لجبريل عليهما السلام في قوله عز من قائل: {من كان عدوا لله وملائكته ورسوله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين} [البقرة: 98]. ولم ترد «ميكال» في كل القرآن إلا مرة واحدة، وفي هذه الآية فحسب.
و«ميكال» تعريب «ميكائيل» العبرية، تكتب بالكاف في العبرية، وتنطق بالخاء (ميخائيل) لاعتلال ما قبلها، على ما مر بك من قواعد النطق في تلك اللغة.
أما علماء العبرية، وعلماء التوراة أيضًا، فهم يفسرون «ميكائيل» بأنها اسم مزجى، يتكون من ثلاثة أجزاء: مِي – كا – إيل (أي مَن – كَـ - الله)، وليست هي عندهم على التقرير، بل على الاستفهام، أو إن شئت، على التعجب: «من كالله!»، لأن «مى» العبرية (والآرامية أيضًا) لا تصلح إلا لهذا، فلا تقع اسمًا موصولاً بمعنى «الذي» كما يحدث في «من» العربية.
ونحن لا نحيل على العبرية والآرامية اشتقاق الأسماء الأعلام من صيغ الاستفهام أو التعجب، فقد وقع هذا بالفعل لعبرية التوراة في تسمية «رئوين» (رأويين في الترجمات العربية لسفر التكوين) ابن يعقوب البكر من زوجته «ليئة» التي صاحت فرحًا حين وضعت بكرها ذكرًا: رئو! بن! (أي انظروا ابن «ذكر») فسمي به رئو بن. فلا يبعد أن يقع هذا في تسمية ميكال عليه السلام مَنْ كالله؟! أي «ميكائيل».
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/181]
بل قد فعلناه نحن أيضًا كما مر بك في اشتقاقنا اسم «مريم» عليها السلام من قول والدتها حين فوجئت بها أنثى: ماري أما أي «أمة يا رب أمة».
وربما قلت إن «مى» العبرية كانت قبل عصر التوراة (وميكائيل بالطبع أقدم ظهورًا لأنبياء الله ورسله من نزول التوراة على موسى) تصلح لكل ما تصلح له «من» العربية، فتجيء على الاستفهام أو التعجب، كما تجيء على الاسم الموصول بمعنى الذي، فيكون معنى «ميكائيل» الذي هو كالله، على التقرير، أي ممثل الله عز وجل، المفوض منه تبارك وتعالى. وهذا نفسه غاية ما يستفاد من قولها على الاستفهام أو التعجب: مَنْ كالله؟!.
وتستطيع أن تقول أيضًا – وأنت هنا إلى الصواب أقرب – إن الألف في الخط العبري، على خلاف الحال في الخط العربي، تكتب دائمًا غير مهموزة، وإنما هي تهمز نطقًا فحسب إن وقعت في أول الكلمة أو وقعت في وسطها مشكولة بإحدى حركات الفتح والكسر والضم والسكون، وتسهل فيما عدا ذلك فتنطق ألفًا لينة، أي مفتوحة ممدودة غير مهموزة. وتقول أيضًا إن الشكل والنقط في النص العبراني لأسفار التوراة التي بين يديك، ليست لهما حجية الشيء الموحي به، وإنما هما كما مر بك من صنع طائفة غلبوا على أمرهم من أهل الأثر (بعلى ماسورا) ما بين القرن الثاني والقرن العاشر للميلاد في ظل المسيحية ثم في ظل القرآن، عصر اضمحلال عبرية التوراة وتراجعها على الألسنة والأقلام، لم يخل عملهم مع ذلك من نقد، وأنه لو خلى بينك وبين حروف ميكائيل بالخط العبري في التوراة دون شكل أو نقط (م – ى – ك – ا – ل) لجاز لك أن تنطقها «ميكال» كما نطقها القرآن، وتكون «ميكال» لا اسمًا مزجيًا مؤلفًا من ثلاثة أجزاء (مَنْ كالله؟!)، بل اسم وحيد الجذر، على زنة «مفعال» من الجذر العبري «يكل»، وصفا بالمصدر على المبالغة، وهو جذر عبري مكافئ لـ «وكل» العربي في أصل معناه: أوكلت إليه الأمر، ووكلته
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/182]
إليه، فهو موكل ووكيل، بمعنى فوضته فيه وخليت بينه وبينه، أصلها أمكنته منه، وأقدرته عليه، فأصبح عليه قديرا. هذا هو أصل المعنى الرئيسي للجذر العربي «وكل» - لازما غير متعد – بمعنى القدرة، وبه يكون التفسير الجيد لقوله عز وجل: {والله على كل شيء وكيل} [هود: 12]، أي قدير مقتدر. لم تستبق العربية «وكل» - لازما غير متعد – بمعنى قدر وتمكن. ولكن هذا وحده هو المعنى الباقي في الجذر العبري «يكل» - لازمًا متعديًا باللام – بمعنى قدر عليه وتمكن منه. فيكون معنى «ميكال» - عبريًا – الوكيل الموكل المفوض، بمعنى القدير الممكن.
وهذا هو نفسه معنى «ميكال» - عربيًا – وإن لم تسمع من العرب، إن اشتققته على «مفعال» من «وكل» لازمًا غير متعد، بمعنى الوكيل، الذي يفيد القادر المقتدر، أو الموكل المفوض. وهكذا هو ميكال صلوات الله عليه وعلى من عنده عز وجل من الملائكة المقربين.
أما مفسرو القرآن الذين تصدوا لتفسير اسم «ميكائيل»، فأنت تذكر ما رواه الماوردي في تفسير اسم «جبريل» منسوبًا إلى عبد الله بن عباس (راجع تفسير القرطبي للآيتين 97، 98 من سورة البقرة)، وقد زاد فيه أن «ميكائيل» معناها في العبرية – الآرامية «عبيد الله»، كما قال من قبل إن «جبريل» معناها في هاتين اللغتين «عبد الله»، يريد أن «ميكال» هي تصغير «جبر»، أي تصغير «عبد»، فهو «عبيد»، فلا تدري كيف استجاز أن تجيء تصغيرًا لـ «جبر» وهي من غير مادتها، بل لا وجود لـ «ميكا» هذه في العبرية – الآرامية أصلاً، ولا تدري – إن صحت الرواية – كيف استجاز الراوي لنفسه – دون سند من حديث صحيح – الخوض في لغات لا يعرف من أمرها شيئًا. إن أحسنت الظن بالراوي – وأنت بإحسان الظن في كل الأحوال مأمور – فربما تعللت له – كما تعللت له في «جبريل» - بأنها دست عليه من أهل كتاب تحسن بهم الظن أيضًا فتقول إنهم لا يعلمون الكتاب إلا أماني. ولكنك لا تعذر الراوي: كان عليه أن يتثبت قبل أن يحمل وزرها ابن عباس.
فسر القرآن كما ترى «ميكائيل» بالتعريب وحده، فأصاب المعنى وأصاب التعريب. وقطع أيضًا بعجمة هذا الاسم فجره بالفتح في موضع الكسر: {ما كان
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/183]
عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال} معطوفًا بالواو على المجرور باللام في لله، ممنوعًا من الصرف غير منون، ولا علة لهذا إلا العجمة.
ومن إعجاز القرآن أنه يصحح لأهل العبرية نطق «ميكائيل»، ويصحح لهم أيضًا اشتقاقه: لا يجمل اشتقاق «الوكيل» على المماثلة بالله عز وجل في عبارة «مى – كا – ايل» (من هو كالله) لا على الاستفهام، ولا على التعجب والإكبار، بل ولا على التقرير. إن جاز هذا لغة، وهو بعيد، فلا يصح البتة في أدب الحديث عن الله عز وجل).
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/181-184]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأعجمي, العَلم


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:23 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir