دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > القراءة المنظمة في التفسير وعلوم القرآن

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #23  
قديم 29 ربيع الثاني 1443هـ/4-12-2021م, 11:34 PM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,754
افتراضي

(46) اليسع:
قال محمود رؤوف عبد الحميد أبو سعدة: ( (46) اليسع
«اليسع» عليه السلام هو نبي الله المرسوم «إليشع» في أسفار العهد القديم إلى جوار إيليا (إلياس)، تلميذ إيليا وخلفه في النبوة.
وأصل «إليشع» العبرية هو إل + يشع، والمعنى: الله يسع: وهي نفسها إل + يسع، التي في القرآن «اليسع». فهو اسم أعجمي مفسر بالتعريب وحده، بل هو من أبين تفاسير القرآن علمه الأعجمي بالتعريب، ولم يفطن إليه أحد.
يجيء «الوسع»، «السعة»، في العربية بمعان تدور كلها على معنى واحد هو «الرحابة» ضد «الضيق»، ومنه الطريق الواسع أي العريض، والرزق الواسع أي الذي لا يضيق عن النفقة، ورجل موسع عليه، يعني غير مضيق، وذو السعة يعني ذو الوفرة والغنى، ولا يسعني هذا الأمر، يعني يضيق عنه جهدي وقدرتي، فالسعة أيضًا يعني الطاقة والقوة. إلى آخر ما تعرف من معاني هذه المادة ومجازاتها.
وقد بقى في العبرية من هذه المعاني معنيان اثنان: الغنى، والفرج بمعنى النصرة، أي التوسعة للمضيق عليه، والتفريج عن المكروب.
وللمادة العبرية من «وسع» العربي صورتان «شاع/ يشوع/ شوع»، وهو مقلوب «وسع» العربي، والصورة الثانية هي «يشع» على إبدال الواو من «وسع» العربي ياء كدأب العبرية والآرامية في كل الجذور العربية ذوات الواو.
ولكن عبرية التوراة لا تستخدم الجذر شاع/ يشوع في صيغة فعلية، وإنما تقول منه على الصفة «شوع» يعني الغني ذو الوفرة أو السخي الكريم، وتقول منه على الاسمية «شوع» (بتثقيل الضم في الواو) يعني الغنى والثروة (أي السعة)، وتقول منه على الاسمية أيضًا «تشوعا» (أي التوسعة) بمعنى الفرج والنجاء.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 2/170]
أما الجذر العبري الآخر «يشع» فلا تستخدمه العبرية في صيغة الثلاثي المجرد، وإنما تستخدمه في صيغة «هفعيل» المعدى بالهاء (وهي صيغة «أفعل» العربي المعدى بالهمزة كما مر بك) بمعنى أوسع له وفرج عنه. وأيضًا في صيغة «نفعيل» (وهي صيغة المطاوعة في «انفعل» العربي) على المفعولية من «يشع»، والمعنى أوسع له وفرج عنه على البناء للمجهول. وهذا يدلك على أن «يشع» العبري غير المستعمل كان في أصله فعلاً متعديًا بذاته، وإلا لما جاز منه «انفعل»، تمامًا كوسع العربي المتعدى بذاته، كما في قول الحق تبارك وتعالى متحدثًا عن نفسه: {وسع كرسيه السموات والأرض} [البقرة: 255]، ولكن لأن «يشع» العبري أميت في ثلاثية المجرد، فقد استخدم في موضعه «هوشيع» أي «هفعيل» المعدى بالهاء، فتظن أن «يشع» أصله لازم غير متعد (أي اتسع) والأصوب هو العكس. أعني الصحيح هو أن الجذر الثلاثي العبري (الممات في ثلاثية المجرد) كان قبل مواته فعلاً متعديًا بذاته، فيكون معنى إل – يشع، الله يسع، يراد من هذا كما مر بك اسم الفاعل، بمعنى «الله ناصر»، «الله موسع»، «الله مفرج»، «الله معين».
أما تركيب هذا الاسم المزجى، فهو فيما نقول نحن، إل – ييشع، «إل» اسم الله في العبرية، «ييشع» قياس المضارعة من الجذر الثلاثي الممات «يشع»، وهو «وسع» العربي.
ولكن علماء التوراة يقولون إن التركيب المزجي لاسم «إليشع» هو «إلى – يشاع»، حي «إلى» = «إلهي»، «يشاع» = سعة، مصدرًا من الجذر الممات «يشع»، ويكون المعنى إلهي نصرة، إلهي فرج، إلهي عون، ولا فرق في المعنى بين هذا وبين الذي قلناه، بل يؤكد أن «يشع» أصله متعد لا لازم، لأن المصدر منه، الباقي في العبرية إلى الآن (النصرة، السعة، الفرج، العون) يفيد التعدي قطعًا ولا يفيد اللزوم.
ولئن كان النطق والمعنى على القولين واحدًا، فإن ما نقوله نحن أصوب وأوجه، لأن قول علماء التوراة مفتعل، فلا أحد يصف الله عز وجل بصفة فيه ويقول «إلهي» كذا وكذا، مثل إلهي رحيم، إلهي رحمان، إلهي واسع، وكأن «إلهه» ليس «إله» كل الناس، وإنما يقول الله رحيم، الله رحمان، الله واسع. لا يصح أن يقال «إلهي» إلا على الخطاب من العبد لربه في الدعاء والمناجاة.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 2/171]
أما الذي صد علماء التوراة عن القول الذي نقول به، فهو أن الجذر «يشع» ممات في ثلاثية المجرد كما مر بك، فلا يصح أن يُستخدم المضارع منه: إل – ييشع. وليس هذا بحجة في الأسماء الأعلام بالذات، التي تستحيي الممات في اللغة غير ناظرة إلى توقف جريانه على ألسنة الناس، فكم من اسم علم استبقى تراكيب أميتت في الاستعمال. من ذلك في العبرية نفسها الاسم العلم «عُمْرِى» (اسم ملك من ملوك إسرائيل) والجذر منه «عمر» ممات في ثلاثيه مثل «يشع» سواء بسواء.
وقد تلبثت معك قليلاً عند معاني هذا الجذر العبري «يشع» - وربما أثقلت عليك بعض الشيء بمواضعات النحاة – رغم أنهما علمان اثنان فقط يدخل في تركيبهما هذا الجذر «يشع»، من بين واحد وستين اسمًا تتناولها مباحث هذا الكتاب، وما ذاك إلا لأن العلم الثاني – غير «إليشع» - هو علم المسيحية الأكبر عيسى عليه السلام الذي لنا في تفسيره مذهب نخالف به علماء المسيحية الذين فسروه من قديم بمعنى «المخلص» على الفاعلية من «خلص» ونفسره نحن على ما يأتي إن شاء الله في موضعه باسم المفعول، فهو «المخلص» الناجي.
أما أدعياء الاستشراق الذين قد علمت، فقد عابوا على القرآن قراءة «اليسع» في المصحف بهمزة مفتوحة مختلسة على الألف البادئة – عكس ما فعل في «إلياس» الذي راعى فيه إثبات الهمزة المكسورة تحت الألف البادئة لا يجوز اختلاسها في الوصل فتقول «إن إلياس»، ولا تنطقها قط «إنلياس» - على ما مر بك من الحكمة في رسمها مرة «إل ياسين»، مقطعة. فقد وهم القرآن في زعمهم أن الألف واللام في «اليسع» هما أداة التعريف وليستا «إل» اسم الله عز وجل في العبرية.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 2/172]
وتبتسم معي إشفاقًا: أفقد سلمتم للقرآن بالفقه في اللغة العبرية حتى استطاع أن يحلل اسم «إلياس» إلى عنصريه، فيفرد «إل» بالرسم مقطعة منعًا لظنها أداة التعريف مضافة إلى «ياس» في اسم «إلياس» ؟ فكيف يفطن إلى «إل» في إلياس وتنبهم عليه في «اليسع»؟ ألعل الذين لقنوه «إلياس» فسروه له، ولم يفسروا له «اليسع» حين أسمعوه إياه؟ أم أن تركيب هذا الاسم «إليشع» انبهم أيضًا على من لقنوه إياه؟
لا هذا ولا ذاك بالطبع، ولكن القرآن الأفقه بالعبرية من أهلها يعلم من دقائق العربية ما يخفى على هؤلاء المتطفلين الأدعياء: الاسم المزجي «إل + ياس» يُشكل بذاته جملة اسمية تامة بشطريها، المبتدأ والخبر، في أصل تركيبها العبري، بينهما ضمير الملك للمتكلم المفرد: إل + في + ياهو، يعني: إلهي هو، أي: هو إلهي. والمبتدأ في هذه الجملة الاسمية التامة، مضاف إلى مضاف إليه: إل مضاف إلى ضمير الملك للمتكلم المفرد وهو الياء (في العربية والعبرية سواء) ولا تجوز قط أداة التعريف في ضمائر الوصل (الياء والكاف وما جرى مجراهما) ولا ضمائر الفصل (أنا وأنت وما جرى مجراهما). أيضًا الاسم المزجي إل + يسع (إل + ييشع) العبري يشكل بذاته جملة اسمية تامة: الله يسع، ليس بينهما ضمير ملك، والانفصال بينهما واقع ظاهر، يجليه نطقك «إل» وكأنها أداة تعريف، يليها فعل عبري مضارع يراد منه اسم الفاعل، أي الواسع الموسع (والواسعُ من أسماء الله الحسنى) ودل القرآن بهذا النطق على أن الشطر الفعلي من الاسم المزجى «اليسع»، يراد منه الاسم لا الفعل. على أن إضافة أداة التعريف إلى صيغة الفعل المضارع صحيح في العربية: تقول منه «اليؤكل» على سبيل المثال تريد «الذي يؤكل» أي الصالح للأكل (edible الإنجليزية وكل مختوم بأحد المقطعين able – و ible – في اللغات الأوروبية الحديثة)، لأن «الـ» هنا بمعنى الذي عند علماء العربية. وقد مر بك في بعض حواشي هذا الكتاب ترجيحنا تفسير اسم الجلالة «الله» بأنه من «الـ + هو» أي الذي هو، وأنه في ترجيحنا الأصل الذي جاءت منه «إِلْ»، «يهوا» اسمين لله عز وجل في التوراة. فلا يبعد أن يكون مرادًا من الألف واللام كأداة تعريف في اسم «اليسع» المعرب عن «اليشع» العبري، هو اسم الله عز وجل.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 2/173]
على أننا لا نتوقف عند هذا، وإنما نذكر هؤلاء الأدعياء بأن «اليسع»، شأنه شأن «إلياس» إنما جاءا في العربية التي نزل بها القرآن، لا على أصلهما، وإنما معربين على أوزان العربية، شأن التعريب الجيد لا الببغائي، ولا يصح تعريب في «اليسع» إلا بنطق الألف واللام فيه كما تنطق أداة التعريف العربية. إن فعلت غير هذا – وأرجو منك أن تحاول – كسرت الوزن.
وردت «اليسع» - تعريبًا لاسم نبي الله «إليشع» عليه السلام – مرتين اثنتين فقط في القرآن، الأولى التي في سورة الأنعام في جُملة لفيف من أنبياء الله ورسله: {وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين} [الأنعام: 86]، والثانية في قوله عز وجل: {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار} [ص: 45 – 48]. وليس في أي من المرتين كما ترى تفسير لمعنى هذا الاسم العلم العبراني «اليسع».
«اليسع» إذن مفسرة في القرآن بالتعريب وحده. إنه «إِلْ + يَسَع»، يعني «إِيل يَسَع»، أي «اللهُ يَسَع»، واسع عليم سبحانه).
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 2/ 170-174]


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأعجمي, العَلم


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 15 ( الأعضاء 0 والزوار 15)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir