دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > القراءة المنظمة في التفسير وعلوم القرآن

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 16 ربيع الثاني 1443هـ/21-11-2021م, 10:46 PM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,754
افتراضي

(3) أسلوب القرآن في تفسير أعجمي القرآن بتعريبه:
قال محمود رؤوف عبد الحميد أبو سعدة: ( (3)
يحدثك سفر التكوين – أول أسفار التوراة – عما كان من شأن آدم عليه السلام وزوجته في الملأ الأعلى، وعن الجنة التي «أزلهما الشيطان عنها» فاهبطوا إلى الأرض جميعًا. كما يحدثك عما كان من شأن «قاين» و«هبل» (قابيل وهابيل في المراجع الإسلامية) ابني آدم الأولين، ويسمى «شيث» ابنه الثالث وذريته إلى نوح وإبراهيم، ثم يمضي على عمود النسب حريصًا عليه كل الحرص، لا يترك علما من أعلامه إلا ويصعد به إلى آدم أبى البشر. وقد ورث «العهدُ الجديد» هذا الحرص (راجع الإصحاح الأول من متى والإصحاح الثالث من لوقا)، تنصيصًا على موضع المسيح من عمود النسب الذي يصعد به إلى «آدمَ بن الله».
والذي يستوقف النظر – في مقاصد هذا الكتاب على الأقل – أن الأعلام على عمود النسب من آدم إلى نوح (وهم ليسوا عبرانيين بالقطع)، ناهيك بالملأ الأعلى، هي في التوراة أعلام عبرية – آرامية. والتوراة لا تقف عند إيراد الاسم عبرانيًا آراميًا، وإنما هي أحيانًا كثيرة تفسره بالعبرية، لا على الترجمة، فالاسم الذي تفسره عبراني – آرامي في أصله، وإنما على البيان، أي أنها تدلك على مناسبة التسمية وسببها بعض هذه التفاسير مقبول، وبعضها مفتعل، من مثل: «ودعا آدم اسم امرأته حواء لأنها أم كل حي» (تكوين 3: 20) وحواء كما تعلم ليست «أم كل حي» بإطلاق، وإنما هي أم كل حي من البشر فحسب، باستثناء «آدم» بالطبع.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/ 120]
والأكثر استيقافًا للنظر – لا سيما في آدم والملائكة من مثل جبريل وميكال رضوان الله عليهم – أن القرآن يتابع التوراة على تسمياتها هذه لهؤلاء الأعلام الثلاثة، بل قد أثبت القرآن لآدم اسمه هذا العبري – الآرامي على النداء من الله عز وجل: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة} [الأعراف: 19].
أفكان آدم رجلاً عبرانيًا أو آراميًا؟ كيف، وهو أبو كل البشر؟
أفكانت العبرية أو الآرامية هي اللغة التي علم بها آدم «الأسماء» كلها؟ أكانت هذه أو تلك هي لغة الملأ الأعلى؟ أكانت هذه أو تلك هي اللغة الأولى التي هبط بها آدم من الجنة؟
ليس لك أن تخوض في لغة الملأ الأعلى. هذا من غيب الله. ليس لك أن تفترض ضرورة وجود «لغة» لفظية – صوتية ما، أيا كانت، أداة للتلقي والفهم والخطاب فيما بين الملأ العلى. ليس لك أن تخوض فيما لم يعلمك الله.
أما لغة آدم التي تكلم بها على الأرض مهبطه من الجنة، فالراجح عندي – ولا ألزمك إياه – أنها هي نفسها اللغة التي علم بها آدم الأسماء في الملأ الأعلى، لا سيما اسمه هو نفسه الذي خاطبه به الله في الجنة، وثبت له عَلَما في الأرض بين زوجته وبنيه. والذي أقطع به – ويُلزمك المنطق الصرف إياه – أن ثبوت العلمية لأبي البشر في الجنة وعلى الأرض – وكذلك لجبريل وميكال – بأسماء لا تفسر إلا بجذور ألفاظ تستخدمها اللغات السامية إلى الآن، يعني أن لغة أبي البشر آدم كانت لغة سامية ما، بل قد كانت هي أم اللغات السامية جميعًا، أو أن اللغات السامية – دون سائر اللغات – هي الأحفظ لما بقي من لغة آدم بعد ما تفرقت في لغات البشر. لا أقول لك – وإن كنت أرجح – أن العربية الأولى، قبل أن تتطور إلى اللغة التي نزل بها القرآن، قد كانت هي لغة آدم. يكفي العربية فخرًا أن قد كان بها ختام كلام الله إلى أهل الأرض: يكفي العربية فخرًا قرآنها.
أما لماذا يتابع القرآن التوراة في تسمياتها العبرية – الآرامية، وإن تعلقت بذوات غير آرامية وغير عبرية البتة، من مثل الملائكة رضوان الله عليهم، ومن مثل الأنبياء من آدم إلى نوح، فيعرب صورتها الآرامية – العبرية على نحو ما وردت في الصحف الأولى، ولا يعربها عن الصورة المجهولة لنا الآن التي كانت عليها في لغة
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/ 121]
أصحابها قبل مولد هاتين اللغتين الآرامية والعبرية، فهذا هو منطق «العلمية» كما مر بك: قد سبق الوحي الأول بتلك الأعلام على صورتها في التوراة فثبتت، أي صارت علما على الذات التاريخية لأصحابها، إن عدلتها ولو بقصد التصحيح فقد حرفت وصحفت، بل لما جاز: قد ضللت سامعك إذن، ونكرت عليه شخص الذي تعني.
ولكن القرآن في تفسيره الفذ لأعلامه الأعجمية يعمد أحيانًا إلى التفسير بالتعريب وحده، كما سترى في «ميكال» صلوات الله عليه، فيجمع بين المعنى وبين الصورة التي استقر عليها الاسم العلم، في مزيج جل من أوحى.
من خصائص العربية التنوين في الأسماء، أي الوقوف بالاسم – في اللفظ لا في الرسم – على نون ساكنة تلي حركة الإعراب. ولعلماء العربية وعلماء الصوتيات أيضًا وجوه في «تعليل» التنوين، ليس موضعها هذا الكتاب.
وقد شذت كما تعلم صور وأوزان وأعلام، منع تنوينها. والاسم الذي يقبل حركة الإعراب ويمتنع تنوينه، يسميه النحاة «الممنوع من الصرف».
والاسم الممنوع من الصرف – الاسم المعنوي والاسم العلم – لا يمتنع تنوينه فحسب حيث يجب التنوين، وإنما أيضًا يجر بالفتح في موضع الكسر.
ولأن الأصل في «العلم الأعجمي» منعه من الصرف «للعجمة»، فما كان أيسر عليك أن تحصى العلم الأعجمي في القرآن استنادًا إلى هذه القاعدة وحدها، فتسلم بعجمة تلك الأعلام التي امتنع تنوينها حيث يجب التنوين، أو جرت بالفتح في موضع الكسر، ثم ترفض دعوى العجمة في غيرها.
ولكنك لا تستطيع الاستناد إلى هذه القاعدة وحدها في التسليم بدعوى العجمة أو رفضها، فقد «صرف» العرب – أي نونوا وجروا بالكسر – أعلامًا أعجمية لخفة أوزانها، تجد منها في القرآن «نوحا»، «لوطا» المقطوع بعجمتهما، ومنعوا من الصرف في المقابل أعلامًا مقطوعًا بعربيتها مثل «أحمد» لمجيئه على وزن «أفعل» الممنوع من الصرف. تجد على هذا الوزن في القرآن «آدم»، «آزر» الممنوعين من الصرف في كل القرآن، فلا تدري أمنُعا من الصرف للعجمة أم للوزن.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/ 122]
كذلك يمنع من الصرف في العربية للعلمية والتأنيث، أي العلم المؤنث، مثل «فاطمة»، «زينب» عربيا كان الاسم العلم أم أعجميًا، ومثاله من الأعجمي المؤنث في القرآن الاسم «مريم»، الممنوع من الصرف في كل القرآن للعلمية والتأنيث قبل العُجمة، فلا تقطع بعُجمته مستندًا على منعه من الصرف فحسب، وإنما تنتظر حتى تؤصل الاسم في لغة صاحبه.
يمنع من الصرف أيضًا للعلمية والتأنيث قبل العجمة أسامي القبائل، إلا إذا أردت «القبيلة» أي القوم، ولم ترد «الحي» أي الموضع. من هذا في القرآن أمثال «ثمود»، «مدين»، الممنوعتين من الصرف في القرآن. ولكن «ثمود»، «مدين» لا يمنعان من الصرف في القرآن على الموضع فحسب، وإنما هما ممنوعان من الصرف في كل القرآن حتى حين يراد منهما «القبيلة» صراحة، أي القوم، بدلالة ورودهما على جمع المذكر صريحًا، في مثل قوله عز وجل: {وإلى ثمود أخاهم صالحا}، {وإلى مدين أخاهم شعيبا}، فتستدل من هذا على أن «ثمود»، «مدين» لفظان أعجميان منعا من الصرف للعجمة. أما «عاد» فصرفت لخفة الوزن فحسب. إلى غير ذلك من موانع الصرف وشواذه مما لا نستطرد بك إليه، لأن مرادنا التمثيل فقط.
على أن كثرة الشواذ في القاعدة لا تبطل حكمها، متى راعيت إعمالها بضوابطها. مثال ذلك أن تنعدم في الاسم كافة موانع الصرف إلا العجمة، كأن يكون اسمًا علمًا مذكرًا، من مقطعين فأكثر، على زنة لا يجوز فيها إلا الصرف. عندئذ تكون العجمة هي الوجه الوحيد لامتناع صرفه. من هذا اسم النبي «صالح»، المصروف في كل القرآن، فتقطع لهذا السبب وحده بعربية هذا الاسم غير منازع.
ولكن عربية الاسم لا تعني عربية «صاحبه» بدليل عجمة من أرسل إ ليهم: ثمود. لأن «ثمود» أو بالأحرى «قرى صالح»، لم تكن جغرافيًا على عصر صالح عليه السلام من منازل العرب الناطقين بالعربية التي نزل بها القرآن. كان صالح النبي آراميًا من قوم آراميين، ولكن اسمه الآرامي «صاليح» (والمد فيها بعد اللام مد بالكسر لا مد بالياء)، تواطأ لفظه ومعناه مع «صالح» العربية في القرآن، فصرف لخفة وزنه. وربما كانت «صالح» أبين الأمثلة على أسلوب القرآن في التفسير بالتعريب، وسيأتي هذا في موضعه.

وردت في التوراة أعلام أنبياء لم يذكرهم القرآن، مصداقًا لقوله عز وجل: {ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك} [غافر: 78]. وبالمثل، سمي القرآن أنبياء ثلاثة لم تذكرهم التوراة، ولم تذكرهم أيضًا الأناجيل، وهم «هود»، «صالح»، «شعيب».
وسمي القرآن أيضًا «إبليس» المختلف في عجمته، ولم ترد في التوراة إلا «ساطان» (شيطان)، المترجمة في الأناجيل اليونانية إلى «ذيبلس» Diabolos وإن كانت الترجمة اليونانية غير دقيقة، لأن «ذيبلس» تعني «الرجيم»، لا العدو أو المناوئ – الذي تعنيه «ساطان» العبرية – الآرامية. ويزعم أدعياء الاستشراق، وتابعهم للأسف علماء عرب، أن القرآن نحت «إبليسه» من ذيبلس اليونانية هذه، كما عرب من قبل «ساطان» العبرية إلى «شيطان»، دون أن يدري أن الأولى ترجمة للثانية، لا أكثر ولا أقل.
والملاحظ أن «إبليس» ممنوعة من الصرف في كل القرآن، لا يلحقها التنوين، ولا تجر إلا بالفتح. والمنع من الصرف كما تعلم من دلائل العجمة، ولكنه ليس بدليل كاف في «إبليس» بالذات، لمجيئه على زنة «إفعيل»، وهو وزن نادر في العربية واقترنت الندرة بالعلمية فأشبه الأعجمي، فمنع صرفه.
والرأي في «إبليس» وأمثالها، مما أخبر به الله عز وجل في القرآن على غير سابقة في التوراة والإنجليل، ومنه من الأنبياء هود وصالح وشعيب، أو من الملائكة مالك وهاروت وماروت، صلوات الله وسلامه على ملائكته وأنبيائه، أنها من أنباء الغيب غير المتحدث به في التوراة والإنجيل اللذين بين يديك اليوم، وأن القرآن الذي لا يحاج بما في التوراة والإنجيل، لا يحاج من باب أولى بما ليس فيهما.
على أن لنا في «إبليس» رأيًا آخر، يأتي في موضعه.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/124]
أما ما جاء من أعلام القرآن على المخالفة الصريحة لنظرائها في التوراة والإنجيل، فمنها مرسى سفينة نوح عليه السلام، «الجُودِي»، وهي في التوراة «آرارط»، ومنها اسم أبي إبراهيم عليه السلام، «آزر» الذي سمته التوراة «تيرح» (بإمالة الألف في «تارح») وحرفته الأناجيل اليونانية إلى «ثارا» Thara (انظر النص اليوناني الأصلي لإنجيل لوقا 3: 34). ومنها أيضًا «طالوت» المسمى في التوراة «شاءول». ومنها «يحيى» عليه السلام، المرسوم في النص اليوناني للأناجيل بالرسم «يونس» Ioannes على أصل عبري مظنون هو «يوحنان»، أو آراميه «يوحنا» أبدلت حاؤه همزة (سهلت لكونها غير بادئة)، وختم – على خلاف صورته الآرامية – بالكسر لا بالفتح، وأضيفت سين الرفع. وأخيرًا علم المسيحية الأكبر، عيسى عليه السلام، المرسوم في الأناجيل اليونانية «يسوس» Iesous على الرفع، «يسون» على النصب، «يسو» في غير ذلك، وكأنها من يشوع العبرانية ذهبت عينها وأبدلت شينها سينًا.
هذا الاختلاف البين في تلك الأعلام الخمسة بين رسمها في القرآن ورسمها في التوراة والإنجيل، ليس كما ترى ناشئًا عن مجرد «التعريب»، وإنما هو خلاف في جذر الاسم نفسه، رغم أن القرآن ينص تنصيصًا على أنه يعني على القطع بأعلامه هذه نفس مسماها في التوراة والإنجيل، فالجوي هو نفسه مرسى سفينة نوح، وآزر هو أبو إبراهيم وجد إسماعيل وإسحاق، وطالوت هو الملك شاءول الذي خرج داود من عسكره لمبارزة جالوت، ويحيى هو نفسه يوحنا بن زكريا المصدق بالذي هو «كلمة من الله»، وعيسى هو نفسه المولود من عذراء، الذي أبرأ الأكمه والأبرص، وأحيى الميت.
أتظن أن القرآن الذي يقص عليك بدقة مذهلة وعلم محيط، أنباء أولئك وهؤلاء، يخفى عليه أسماء أبطال «قصصه» في رسمها الآخر، وهو شائع ذائع بين معاصريه من أهل الملتين، يهود يثرب، ونصارى نجران؟ كيف يدقق في النبأ ويخطئ في البطل؟ كيف يذكر لك من أنباء الطوفان ما سكتت التوراة عنه، ثم
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/125]
«يختر» لمرسى السفينة اسمًا مخالفًا لما سمته التوراة؟ ألم يقع في سمع محمد صلى الله عليه وسلم من أحبار يهود أسلموا أن اسم أبي إبراهيم في التوراة هو تيرح، فلماذا يصر على تسميته آزر؟ كيف يسمي داود وجالوت فيصيب، ثم «يفقد الذاكرة» فجأة في شاءول فيسميه طالوت؟ ألم يحاوره أساقفة نجران ثلاث ليال في مسجده بيثرب وهو يعرض عليهم الإسلام، أفجادلوه بيوحنا ويسوع، أم جادلوه بيحيى وعيسى؟ أيتقن في «قرآنه» كل هذا الإتقان، ثم يسفسف ويخلط في أعلام خمسة؟ أما كانت له في «الناسخ والمنسوخ» مندوحة، فيصوب «أخطاءه» في أعلام التوراة والإنجيل برجال أسلموا من أهلهما أمثال ابن سلام اليهودي وصهيب الرومي؟ أم هو يتحدى بالخطأ ويصر عليه؟
لا يظن هذا من خصوم القرآن إلا هازل. ولكن من علمائهم وأحبارهم من فعلوه.
كان أحرى بهؤلاء وأولئك ألا يطيلوا الوقوف عند أوجه التطابق بين «كتابهم المقدس» وبين القرآن، مطنطنين بدعوى النقل والاستنساخ: إن صح لهم الوحي فالموحي واحد بنص القرآن، وقد تابع الإنجيل التوراة، ولم يعيبوا عليه. بل كان عليهم أن يتوقفوا فيطيلوا الوقوف حقًا عند نقاط مخالفة القرآن الصريحة عامدًا متعمدًا لمحفوظ، مأثور، مسجل في كتبهم، ليتبينوا أي الوجهين أصوب وأدق. ولكنهم لم يفعلوا.
بل من خصوم القرآن هؤلاء ملحدون يدعون اصطناع المنهج العلمي في مقارنة «الأديان» يستوي عندهم – في بطلان دعوى الوحي – التوراة والإنجيل والقرآن جميعًا، فتندهش كيف استباحوا مجادلة القرآن – ثابت الأصل والسند باعترافهم هم أنفسهم – بتوراة مقطوعة السند عندهم، قالوا إنها كتبت من الذاكرة بعد صاحبها بعدة قرون، أو بأناجيل أو ترجمات أناجيل يقولون إن أصلها العبراني المفترض مفقود، لا تدري أين أخطأ المترجم أو أصاب، إلا أن تسلم بالوحي لكتبة الأناجيل اليونانية – كما ارتأت الكنيسةُ من قبل – والملحد المتعالم ينكر الوحي على كائن مَنْ كان.
ولكنك تعلم أن هؤلاء ليسوا بعلماء، وإنما هم «خدام سياسة»، والهوى والغرض كما تعلم داء عضال لا يرجى منه برء.
أما علماء الملتين، فما أنصفوا وما سددوا: القرآن هو السند الأوحد لرأب ما انقطع سنده في التوراة والإنجيل، وهو سند أي سند!
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/126]
بل ماذا ينكرون من القرآن وقد جاءهم القرآن بالخلق والبعث، وبالتوحيد «الخالص» غير ملبوس وغير مهموس؟
ألأنه جاء «بالنبي» الخاتم من نسل إسماعيل لا من نسل إسحاق؟ أليس كلاهما نسل إبراهيم؟
ألأنه وقد أله الواحد، أثبت لعيسى وجبريل عليهما السلام، الربانية والملأكة، ونزهما عن دعوى الربوبية والتأله؟ وهل يؤمن في قرارة قلبه حقًا بتعدد الآلهة أحد؟
أليس أبلغ في تكريم المسيح عليه السلام – وقد شرفه الله برفعه إياه إليه – أن يستجيب الله لابتهالات نبيه، فيخلصه من كيد الذين كفروا، ويجيز عنه «الكأس»، فلا يوقع الصلب عليه؟
أيهما أبين في الإعجاز، وأيهما أنبل وأشرف، أن يولد «ابن الإنسان» بشرًا من عذراء، أم أن يتأنس الإله ويتأله الإنسان؟
ما ضرهم لو آمنوا بالقرآن مصدقًا لم معهم، محققًا، مصوبًا، مهيمنًا؟
ولكن ... لا أحد يلزمه في عقيدته أحد. بل يهدي الله لنوره من يشاء.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/127]
أما الوجه الذي خالف به القرآن كلا من التوراة والإنجيل في تلك الأعلام الخمسة، فالحديث عنه يأتي بإذن الله في موضعه، عندما نتناول بالتحليل أعلام القرآن المعنية في هذا الكتاب، علما علما.
لم يبق من هذا الفصل إلا الحديث عن «أساليب القرآن» في تفسير علمه الأعجمي، وعن خطة البحث فيما بقى من فصول الكتاب. وهذا هو ما ننتقل إليه الآن بعد تمهيد ليس منه بد.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/128]).
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/ 120-128]


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأعجمي, العَلم


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 23 ( الأعضاء 0 والزوار 23)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir