دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > القراءة المنظمة في التفسير وعلوم القرآن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 ربيع الثاني 1443هـ/26-11-2021م, 02:02 AM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,756
افتراضي

(1) جبريل
قال محمود رؤوف عبد الحميد أبو سعدة: ( (1)
جبريل
«جبريل» علم أعجمي بلا خلاف: إنه تعريب «جبريئيل» العبرية. وهو اسم «مزجى»، مركب من شقين عبريين: جبري + إيل.
أما الشق الأول، جبري، فاصلها «جبر» زيد بياء علامة على الإضافة إلى ما بعده، وتحولت حركة حرفيه الأولين – بسبب الإضافة أيضًا – من كسرتين متتابعتين (جبر)، إلى فتح فسكون (جبر). أما معناها في العبرية فهي اسم صفة على الفاعلية من الجذر العبري «جبر» بمعنى «قوي» و«اشتد»، فهو الشديد القوي. وهذا هو أصل معنى مادة جبر في لغتنا العربية: جمد في العبرية على أصله، وفرعت منه العربية معاني تدور، إن تمعنت، على هذا الأصل نفسه، من مثل «جبر عظما»، «جبر خاطرا»، «جبر ناقصا» (وهذا أصل معنى علم الجبر)، ومنها أيضًا «أجبره» أي قهره وغلبه وألزمه، أي كان عليه مكينا متمكنا، تجبر عليه أي كان عليه «جبارا». «جبر» العبرية إذن من الشدة والقوة. لهذا تستخدم العبرية الاسم «جبر» بمعنى «رجل»، والمقصود منه تمام الرجولة، أي الفحولة، فتجيء «جبر» بمعنى الزوج والبعل، كما تجيء بمعنى السيد القرم الشجاع (وهي نفسها «جبار» العربية)، وتجيء أيضًا بمعنى الجندي الشديد المراس في الحرب، أو البطل. وهذا كله لا يخرج باللفظ عن أصل معناه: القوة والشدة والجبروت («جبورا» العبرية». ويلاحظ أن الآرامية والعبرية في هذا كله – أو معظمه – سواء.
أما الشق الثاني من «جبريئيل» العبرية – الآرامية فهو «إيل» اسم الله عز وجل.
معنى «جبريئيل» إذن في العبرية – الآرامية هو «جبار الله» أي ملك الله الشديد القوي.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/176]
ولا عليك ممن يترجمون «جبريئيل» العبرية إلى الإنجليزية God of Man (رجل الله)، أو God of Soldier (جندي الله)، فهؤلاء لا يتعمقون أصل المادة في اللغات السامية: الملائكة كلهم «رجال» الله وجنده، والعلمية لقب للمنعوت يميزه بصفة فيه. الصحيح أن تترجم «جبريئيل» إلى الإنلجيزية مثلاً هكذا: The God of one mighty أي «جبار الله».
وهذا هو نعت «جبريل» عليه السلام في القرآن: شديد القوى ذو المرة.
أما مفسرو القرآن، الذين تصدوا لتفسير اسم «جبريل»، فمنهم الماوردي، الذي وهم أن «جبريل» تعني عبد الله، ينسبه إلى عبد الله بن عباس، وهذا لا يصح أيا كان القائل والناقل، ناهيك بحبر في رتبة ابن عباس، لأن الافتعال واضح والخطأ بين: لا مجال لاشتقاق معنى «العبد» من «جبر» العربية وما كان هذا ليفوت ابن عباس أو غير ابن عباس. أما أن «جبر» العبرية – الآرامية معناها «العبد» فلا يقول هذا إلا جاهل بهاتين اللغتين، أو عابث يخبط خبط عشواء، آمنا ألا يرد عليه أحد.
إن صحت الرواية عن ابن عباس أو غيره من أهل التفسير، فربما دسها عليه قوم من يهود لغوا في القرآن ونقل عنهم المفسرون دون تثبت. أو من يهود أبغضوا جبريل لمجرد تنزله بالقرآن على محمد صلى الله عليه وسلم، فوصمهم القرآن بالكفر (راجع الآيتين 97، 98 من سورة البقرة): ظنوا أنهم ينالون من جبريل عليه السلام حين يفسرون اسمه للمسلمين بمعنى العبد، ولم يفطنوا إلى أن العبودية لله عز وجل ليست فحسب شرفا لا يعدله شرف، وإنما هي تقرير لواقع الحال: الخلق كلهم عبيد الله، شريفهم ووضيعهم، مؤمنهم وكافرهم، وإن بطر وجحد.
على أن القرآن لم ينتظر من يفسرون له معنى اسم «جبريل»، بل سبق فنص على معناه بالمرادف في أكثر من موضع كما سترى.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/177]
ورد اسم «جبريل» في القرآن ثلاث مرات فقط: {قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله} [البقرة: 97]، {من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين} [البقرة: 98]، {وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير} [التحريم: 4]. وليس في أي منها كما ترى تفسير لمعنى «جبريل».
ولكن اسم «جبريل» المحذوف لدلالة السياق عليه في سورتي «النجم»، «التكوير» يظهر بمرادفه الدال على معناه في قوله عز وجل {والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى} [النجم: 1 – 10]، وأيضًا في قوله تبارك وتعالى: {إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين وما صاحبكم بمجنون ولقد رآه بالأفق المبين} [التكوير: 19 – 23]. أم «صاحبكم» في السورتين فهو محمدٌ صلى الله عليه وسلم بلا خلاف، والذي «علمه»، أي تنزل عليه بالوحي، هو «جبريل» بلا خلاف أيضًا، إنه الذي دنا فتدلى، فأوحى إلى محمد ما أوحى الله لجبريل أن يوحيه إلى عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
وليس أبلغ من تفسير معنى «جبريل» بأنه ذو قوة عند ذي العرش، فهي نفسها «جبار الله» أي الجبار عند الله بتمكين الله إياه، الممكن فيما يكلف به من أمر الله، تستجيب له قوى الكون بأمر الله، وتطيعه الملائكة في أمر الله، لأنه الأمين على أمر الله. ولكنك لا تفطن إلى هذا التفسير لأن السياق يوجبه، ولا تلمح «مقصودا» آخر من ورائه، لأن عبارة «ذي قوة عند ذي العرش»، على متانتها، سلسلة، والكلام في موضعه، غير مقحم، بل هو وصف مطابق لمن هو «شديد القوى ذو مرة»، الذي استوى بالأفق الأعلى، وما أدراك ما الأفق الأعلى، وهو مع ذلك يدنو ويتدلى، فيكون من محمد صلى الله عليه وسلم في مكة قاب
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/178]
قوسين أو أدنى: إنه جبريل الذي رآه الصادق المصدوق في شعاب مكة يملأ الأفق بعدما جاءه بالوحي الأول في صورة إنسان، ورآه الصادق المصدوق ليلة المعراج نزلة أخرى: {ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى} [النجم: 13 – 17]. هذا التمكين من الله عز وجل لجبريل تمكين يهولك، ويملأ عليك أقطار نفسك، فتذهل عما سواه، بل تهاب مجرد التفكير فيه، فتخشع النفس، ويخشع العقل، وتخشع المدارك.
ولإعجاز القرآن وجه آخر في تعريبه «جبريئيل» العبرية على «جبريل»، حين تنطقها بفتح الجيم – جبريل – وقد صحت بها قراءات: أنت تعلم من معجمك العربي أن «جبر» العربية وصف بالمصدر من «جبر»، والوصف بالمصدر يفيد بذاته المبالغة التي في «جبار»، وتعلم من معجمك العربي أن العرب تكلموا بـ«إيل» العبرية (وتكتب أيضًا «إل») علمًا على الله عز وجل، كما تجد في قول الصديق رضي الله عنه حين أسمع قول مسيلمة الكذاب: هذا كلام لم يخرج من إل! أي ليس مصدره الله تبارك وتعالى. ومن هنا تدرك أن جبريل (جبر + إيل) تعني بذاتها، عربيًا، على المضاف والمضاف إليه، «جبر الله»، أي جبار الله (على ما مر بك من معنى «جبر» العربية كاسم صفة)، ولكنها مزجت، أي صارت اسمًا مزجيًا، اتخذ وزنًا نادرًا في العربية هو «فعليل» (مثل عتريس)، فكسرت جيمه.
ومن ثم تكون «جبريل» ممنوعة من الصرف في كل القرآن للمزجية قبل العجمة، شأن حضرموت وأمثالها.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/179]
فسر القرآن «جبريل» بالمرادف، كما فسرها بالتعريب. ولم يفطن إلى هذا أو ذاك من تصدوا لتفسير معنى هذا الاسم من مفسري القرآن، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمع منه فيه حديث، ولو شاء الله لحدث به. ولم يفطن إلى هذا أو ذاك أيضًا من لغوا في «جبريل» من خصوم القرآن أدعياء العربية وأدعياء الاستشراق على عصر النبي وإلى هذا العصر. وها قد رأيت أن القرآن كان أسبق من هؤلاء إلى صحيح معنى «جبريل»، وأفقه بالعبرية من أهلها على عصر النبي وإلى هذا العصر. وكفى بهذا – وغيره كثير كما سترى – ردًا على دعوى التلقين، ودعوى النقل والاقتباس.
سلامُ الله على جبريل الروح الأمين، وصلوات الله وسلامه على جميع ملائكته ورسله وأنبيائيه).
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/176-180]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأعجمي, العَلم


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 0 والزوار 8)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:50 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir