(5) السبيل إلى إثبات أصالة لفظ في لغة، وبيان شروط التعريب الجيد
قال محمود رؤوف عبد الحميد أبو سعدة: ((5)
مر بك أن اللغات يلقح بعضها بعضًا، ويستعير بعضها من بعض. وهو تلاقح محمود، فوق أنه محتوم.
وهو محتوم لا مناص منه لأنه ناشئ عن احتكاك القبائل والشعوب بعضها ببعض سلما أو حربًا، يموج بعضهم في بعض، ويجوس بعضهم في ديار بعض، فيعرفون وينكرون: يعرفون ما ألفوا له مثيلاً في قومهم، وينكرون ما لم يسبق لهم به عهد، حسن أو قبح. ويعود كل إلى أهله بما رأى وسمع.
هَبْ أنك عربي عاش في قرون خلت، زرت الصين فقدم لك أهلها شرابًا قوي النكهة حسوته فاستطبته فسألت عنه، فقالوا لك: هذا شا! فقلت في نفسك: ما أطيب هذا الـ «شا»! وما عتمت أن رجعت إلى أهلك وفي جرابك بعض من هذا النبت العجيب، تغلي لهم ورقه، وتديره على جلسائك، يحتسونه ويستطيبونه كم استطبته أنت من قبل ويسألونك عنه فتقول: هذا «شاي» أضفت الياء من عندك ليستقيم لك الوزن العربي الذي مرن عليه لسانك. على هذا النحو أو قريب منه عرف العرب «الشاي»، الاسم والمسمى. وقس في المقابل على الشاي ما شئت من مثل «جمل» العربية التي صارت Kamelos في اليونانية و Camelues في اللاتينية، و Chameau في الفرنسية و Camel في الإنجليزية، إلى آخره. من هذا أيضًا أن اليونان ما كان لهم أن يسموا «الواحة» قبل أن يروا الصحراء، وما كان لهم أن يروا الصحراء قبل أن يزوروا مصر، ومن هنا Oasis اليونانية التي انتقلت بنصها إلى اللاتينية وبناتها والآخذات عنها، وهي في الأصل مصرية قبطية.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/ 72]
هذا التلاقح اللغوي المحتوم، محمود أيضًا لأنه يثري اللغة المستعيرة بما يحتاج أهلها إلى اصطناعه، مما ليس لديهم، اسما ومسمى. وهو مقبول مشكور بالذات في أسامي النبات والحيوان والجماد، مما سبقك غيرك إلى تسميته، ومثلها أسامي الأطعمة والألبسة والعدد والأجهزة، إلخ. متى اصطنعت المسمى فلا بأس عليك من استعارة التسمية. التوقف في هذا عقيم مرذول، فوق أنه تنطع ونفاق: كيف تأنف من تسمية «الفالوذج» فارسيًا معربًا وأنت تسرطه سرطا؟ وكيف تأنف من قول «رابوت» تعريبًا على وزن «تابوت» تلك اللفظة التشيكوسلوفاكية. Robot (التي لم يأنف من استعارتها أصحاب الحضارة الغالبة) ولا تخجل من تشوفك إلى استخدام «الروابيت» في مصنعك، تريد «الروبتة» ولا تريد «الرابوت»؟ لو أردت الترجمة بالمعنى – و Robot التشيكوسلوفاكية معناها «الخادم» - لابتعدت عن ذلك اللفظ السقيم المركب – الإنسان الآلي - «الخيشبان» في قصصك الشعبي – لأن «الرابوت» ليس بإنسان وليس بالضرورة على شكل إنسان – ولقلت مثلاً «العفريت» (خادم الخاتم في قصصك الشعبي). ولكن هذا وذاك لا يصلحان لنهما كليهما يشتبهان بمعان أخرى في لغتك، فلا يؤمن الخطأ واللبس على السامع والقائل، كما قلت في «التليفون» «الهاتف»، ولو شهده العرب القدماء لقالوا فيه «طلفان» ولاشتقوا منه فعلاً ومصدرًا (طلفن – طلفنة)، يبدلون من التاء في الجذر طاء كيلا يشتبه بمادة الجذر «تلف». هذه هي شروط «التعريب» الجيد المقبول في العربية: (1) اختزال أحرف اللفظ الأعجمي إلى جذر رباعي – على الأكثر – كي يتاح الاشتقاق منه. (2) تهذيب أصواته، أي حروفه، على مقتضى مخارج الأصوات العربية. (3) تجنب اشتباهه بجذر لفظ أصيل في لغتك. إن لم يتسن لك ذلك كله مجتمعًا، فالترجمة أولى.
أما السقيم المقبوح، فهو استعارة أهل اللغة من أصحاب الحضارة الغالبة لفظًا أعجميًا لا يحتاجون إليه، وعندهم مثله، كمن أراد العدول عن تحية الإسلام إلى تحية الجاهلية، فقال «بُنْجُور» Bonjour الفرنسية، ولديه في لغته «عم صباحا» (وأصلها نعمت صباحًا)، وهي طبق الأصل من تلك. وتستطيع أن تجزم – كما أجزم
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/ 73]
- بأن هذا القائل بغير لغته، في «بنجور» وأمثالها هو نفسه الذي يقول لك: لا مشكلة (No Problem!) يريد لا بأس! وهو في الحالتين – الرطانة والترجمة – ببغاء يهرف بما لا يعرف.
على أن الحديث عن أسباب هذا «التعريب» الببغاوي ونتائجه، ليس من مقاصد هذا الكتاب، وإنما الذي نعني به هو ذلك التلاقح المحمود المحتوم بين اللغات، قديمها وحديثها.
في التلقيح والاستلقاح دلالة تاريخية – حضارية لا تخفى، ليست هي في كل حال أخذ التابع عن المتبوع، والمغلوب عن الغالب، فقد يأخذ الغالب عن المغلوب، والمتبوع عن التابع (كما في «بطاطة» التي استعارها الغزاة الأوربيون عن أهل الأمريكتين، وكما «تفلسف» الرومان اللاتينيون على أيدي أرقائهم اليونان، مثلما أخذ اليونان عن القبط، والعرب عن الصين على ما مر بك). بل قد تتجاور الحضارات على استواء تجاور الأنداد، فيفضي بعضهم إلى بعض، دون استعلاء أو غضاضة، مثلما تجاور الفرس واليونان، والهند والصين، وآشور ومصر. الدلالة التاريخية – الحضارية للتلقيح والاستلقاح في اللغات، أي دلالة السبق إلى المعنى بدليل السبق إلى اللفظ، لا سيما في المعاني المجردة مثل «تفلسف» وأسامي العدد والأدوات مثل «المنجل»، هي دلالة الأقدم وجودًا، الأسبق ارتقاء، الأفعل تطورا: إنها دلالة الأستاذية أو التلمذة.
وإذا جاز لعلماء التاريخ ومؤرخي الحضارات الاستعانة في تأصيل مقولاتهم بهذا الشاهد اللغوي في جملة ما يتاح لهم من شواهد الأحافير والنقوش والمخطوطات فليس من شأن اللغوي المحقق أن يفعل العكس، فيستدل بسبق حضاري مزعوم على سبق لغوي مفترض، بل عليه أن يترك لمؤرخي الحضارات مهمتهم، ويستقل هو بمهمته، فيبنى مقولاته استنادًا إلى مباحثه اللغوية وحدها، غير متأثر بمقولات المتخصصين في غيرها، صحيحها ومنحولها، مغرضها وبريئها: أصالة اللفظ في اللغة تبنى أول ما تبنى على وجود جذر أسبق منه، يستخدم فيها بمعان متعددة متقاربة يتوالد بعضها من بعض، نحت منها اللفظ المختلف عليه مادته.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/ 74]
من ذلك، مادة الجذر «قلم» بمعنى قطع وبرى. إنها الأصل العربي لأداة الكتابة الموصوفة في القرآن بالقلم (العلق: 4)، فالقلم هو المقطوع المبري، أي المحدد طرفه. والقلم أيضًا من أسماء «الزلم» أي العود يستقسم به، كما تجد في قوله عز وجل: {وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم} [آل عمران: 44]، وزلمه يعني قطعه. والقالم يعني العزب المنقطع عن الزواج. والقلامة هي ما يقطع من طرف الظفر والحافر والعود. وقلم الشجرة يعني أخذ من اطرافها لتقوى، فالقلم أيضًا بمعنى الغصن أو العود المقطوع من أمه، ولا شك أنه قبل اصطناع المداد، كان القلم من هذه العيدان، لا من القصب واليراع، هو أول ما كتب به على عسيب النخيل ولحاء الشجر، كما تجد في قوله عز وجل: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام} [لقمان: 27].
لفظ القلم إذن، الذي وصفت به أداة الكتابة في السورة التي سميت باسمه: {ن * والقلم وما يسطرون * ما أنت بنعمة ربك بمجنون} [القلم: 1]، وأداة العلم والتعلم في أول ما نزل من القرآن: {اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم} [العلق: 3-5]، لفظ عربي أصيل، منحوت من جر عربي أصيل (ق – ل – م)، تدور معانيه على القطع والقط. وليس من حذاق اللغويين من توهم أن لفظة قلم الموضوعة في العربية لمطلق أداة الكتابة أيا كان شكله ومادته – أي اسم جنس لكل ما يكتب به – لفظة مستعارة من اليونانية «كلمس» Kalamos لمجرد التشابه بين اللفظتين، أولاً: لأن «كلمس» هذه في اليونانية لا تعني القلم بالذات، أي ليست هي في اليونانية اسم جنس لمطلق القلم، وإنما هي تعني القصبة واليراعة. ولا شك أن الناس قبل اصطناعهم القلم من القصب – والعرب بعض الناس – كتبوا بكل ما ينحت وينقش ويخط، بل كتب المصريون القدماء بالأزميل، وكتب الإنسان أول ما كتب بإصبعه مجردًا. وليس اليونان أول من كتب، بل إنهم تعلموا فن الكتابة من عرب الشمال (الفينيقيين)، بدلالة لغوية قاطعة، وهي اصطناعهم الأبجدية الفينيقية برسومها وأسامي حروفها.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/ 75]
والذي ينتحل الخط لا يبعد أن يستعير من أستاذه القلم. وثانيًا: لأن العرب حين اتخذوا القلم من القصب بعد عصر القرآن سموا هذا النوع من الأقلام باسمه النوعي: «اليراعة»، وما كان لهم أن يستعيروا اسمه النوعي من اليونانية «كلمس» بمعنى القصبة أو اليراعة. ولديهم المقابل العربي الأصيل، إلا إذا زعمت أن العرب بالمعنى العام، أي سكان شبه الجزيرة، لم يعرفوا القصب – ذلك النبت الأنبوبي الذي يفشو في المنافع ومجاري الأنهار – قبل أن يعرفه اليونان، والعرب بالسبق إليه أشبه، وبالتعرف عليه عند أصحابه – جيرانهم المصريين – أولى. وثالثًا: لأن اليونان حين اتخذوا العصى من كبار القصب، لم يسموا تلك العصا «كلمس» - أي القصة – ولكنهم سموها «كنا» Kanna ، أخذا عن الفينيقية «قنو»، وهي نفسها «قنا» العربية اسم جنس مفرده «قناة». ومن هذه العصا ذات «العقل» اتخذ اليونان المقاس الذي تقاس به الأطوال، وتوسعوا فقوال Kanon، أي القانون الذي يقاس به ويقاس عليه. ها أنت ترى أن «القانون» لفظة عربية الجذر يونانية الاشتقاق فحسب ولو كانت «كلمس» بمعنى القصبة اسبق وجودًا في اليونانية لقالوا في معنى القانون «كلمون» Kalamon بل لما استعاروا «قنو» الفينيقية أصلاً.
كان هذا بحثًا لغويًا مجردًا، أردناه مثالاً لكيفية التدليل على عجمة لفظ ما أو أصالته في لغة بعينها، لا نستطرد منه الآن إلى أمثال «الصراط» و«القسطاس» و«إبليس»، إلخ، عند من قال بعجمتها في عربية القرآن من أدعياء الاستشراق المتطفلين على مباحث اللغة، الذين خبطوا في القرآن خبط عشواء – بعد
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/ 76]
أن أنكروا على القرآن أن يكون من عند الله، واستعظموا في الوقت ذاته على محمد صلى الله عليه وسلم أن يستقل «بصنعه» دون أن يُعينه عليه قوم آخرون – فخاضوا على غير علم في إثبات عجمة العديد من ألفاظه، استدلالاً بعجمة اللفظ على عجمة الفكر، فما أثبتوا إلا جهلهم وجهالتهم، وماتوا بغيظهم. وقد تابعهم للأسف أشياع لهم مسلمون عرب فيهم من تُجِله وتوقره، بل من لا تشك في علمه وإسلامه وعروبته، فلا تملك إلا أن تستغفر الله لهم.
وإذا كنا نعيب هذا التخبط وهذا الإسراف، فنحن لا نقصد إلى تنزيه العربية عن الاقتباس من غيرها. وقد مر بك أن التلاقح بين اللغات أمر محتوم، فوق أنه محمود مقبول حين تدعو إليه الحاجة. بل لا تخلو معاجم أي لغة من ألفاظ أعجمية الأصل. وليست العربية بدعا بين اللغات. فلا غضاضة في هذا على العربية أو على غيرها.
ونحن ابتداءً – ولنفس السبب – لا نحيل على القرآن أن يصطنع اللفظ «الأعجمي المعرب»، فليس هذا مما يقدح في عربية القرآن، وإنما هو يجليها، لأن الأعجمي المعرب بمجرد سيرورته على اللسان وإيناسه في الأذن، تنفك بالتعريف عجمته، وتستبين دلالته، فيصير «عربيصا»، أي يفهمه العربي القح مباشرة، لحظة بقرع مسمعه. أما «الأعجمي الأعجم» الذي يقع في سمع العربي غريبًا بجرسه، مستغلقا بمعناه، لا يفهمه إلا أن يترجم له، فمحال وقوعه في القرآن، دع عنك سماعه في أي قول فصيح.
ونحن كذلك – ولنفس السبب – نحيل على القرآن «اختراع» ألفاظ أعجمية لا سابقة بها للعرب ولا عهد، يلتقطها من الأعاجم ويعربها للعرب، فالأعجمي المعرب يظل أعجميًا أعجم حتى تنفك عجمته بطول الاستعمال.
ثم ... ما حاجة القرآن إلى التعاجم على العرب بألفاظ من مثل الصراط والقسطاس، ولديه في الفصحى جم وفير من الألفاظ في معنى «الطريق»
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/ 77]
ومعنى «العدل والميزان»؟ وإذا كانت «الصراط» و«القسطاس» من محدثات القرآن – وهما كذلك بالفعل – فهل اعتجمتا على العرب، أم فهموا على الفور أن الأولى من السراط والثانية من القسط؟ أم ظل العرب قرونا لا يفهمون معنى القسطاس على سبيل المثال حتى فسرها لهم ذلك الدعي المستشرق؟
بل قد فهم العرب هذا وأمثاله منذ أن تلى عليهم، لأنه – على جدته في الأذن – عربي الاشتقاق، يرده العربي سليقة، فور سماعه، لم تتحقق له سيرورة الأعجمي المعرب – بده أسماعهم، لما فهموه قط إلا أن يترجم لهم.
ثم ... ماذا يريد ذلك الدعي المستشرق وأضرابه وأشياعهم؟ أينعون على القرآن أن أعيته العربية فتسقط كلام العجم، أم يعيبون على العرب أن جهلوا معاني الصراط والقسطاس حتى ساروا في «صراط» بروما أو ابتاعوا بالموازين «القسط» في أسواقها؟
ألا ما أسخف هذا الكلام وما أحمقه؟
ما أكثر ما خاض كفار قريش من مقام النبوة، وكم سفهوا وتسافهوا. ولكنهم ما جرؤوا في لدادتهم أن يسموا القرآن بسوء، لا تقصيرًا ولا تعففًا. بل لو وجدوا في القرآن مغمزًا لما عفوا وما أقصروا. ولكن القرآن أعجزهم أن ينالوه بسوء، ولو ادعوا عليه العجمة لافتضحوا بين العرب.
بل ما أكثر ما قالوا – وقال الذين لا يعلمون مثل قولهم – إنما يعلمه بشر. ما قالوه إلا إعظامًا لشأن القرآن – الذي أنكروا عليه الوحي – أن يعلم علمه عربي من العرب، ولكنهم سقطوا وأفحموا. قال عز وجل: {ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر * لسان الذي يلحدون إليه أعجمي * وهذا لسان عربي مبين} [النحل: 103]. أي لم تكتفوا بإنكار الوحي على القرآن، وإنما استكثرتم على النبي العربي أن تنحلوه إياه، فكيف بعيي أعجمي يلقنه كتابًا هو لب العربية ولبابها؟
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/ 78]
هذه القدرة الفذة المذهلة على تعريب أعجمي القرآن وتفسيره بأدق معانيه – كما سترى – وهذا العلم المحيط في لغات درست بألفاظ يَحار فيها إلى اليوم علماء اللغات وأحبارها، وهذا التصويب المعجز – كما سترى – لما وقر في وهم كتاب الأسفار وشراحها، أنى لبعض هذا أن يعلمه بشر؟
ولكن من دهاقنة هؤلاء الأدعياء من يدس لك السم في العسل، وربما استهواك العجب زهوا بنبيك، واستخفك الشيطان فطربت وانتشيت وهو يطرى لك خير البرية دون أن يصلي عليه: كان محمد أفصح العرب، وأحفظهم لما يسمع. كان محمد أبصر الناس بصيرة، وأقدر مصلح اجتماعي على صنع التغيير. كان محمد أعظم من قاد مسيرة التاريخ ... كان محمد عبقريًا بين البشر!
نعم، كان صلى الله عليه وسلم - بفضل من الله ونعمة – العبقري الفذ في تاريخ البشر.
ولكن ... حذار! لعبقرية البشر حدود، تتقاصر – مهما تطاولت – دون قطوف عظمة هذا القرآن وأكنافها.
أنت بإزاء عظمة هذا الكتاب المعجز أمام أمرين اثنين:
إما أن تصدق محمدًا في دعواه الوحي من الله، أو تؤله محمدًا!
ولكنك إن ألهته – معاذ الله – فقد كذبته، واستصغرته وتقمأته: كيف تؤله من ادعيت عليه الكذب؟
تلك هي المعضلة الكبرى أمام كل خائض في هذا القرآن، وهذا النبي.
وهي بذاتها أيضًا – ولله على عباده الحجة البالغة – وجه من وجوه إعجاز هذا القرآن، لمن أراد أن يتأمله).
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/ 72-79]