دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > القراءة المنظمة في التفسير وعلوم القرآن

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #10  
قديم 16 ربيع الثاني 1443هـ/21-11-2021م, 10:33 PM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,754
افتراضي

قال محمود رؤوف عبد الحميد أبو سعدة: (الفصل الثاني
الأعجمي المعنوي والأعجمي العلم).
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/ 81]
(1) الأعجمي المُعرَّب بين لغته الأصل وااللغة لعربية
قال محمود رؤوف عبد الحميد أبو سعدة: ( (1)
الأعجم أصل معناها «الأعوج»، من عجمه يعني لواه، ومنه عجم عوده، أي ثناه، يختبر صلابته. واعتجم عليك الكلام، واعتجم عليك اللفظ، أي التوى، فلا يستقيم له معنى عندك. ومنه أيضًا «العجماوات»، أي البهائم، التي تعتجم عليك أصواتها، أي تنبهم، فلا تفهم عنها ما تريد، ولا تعي ما تحاول هي أن تفصح عنه، فتظن بها البله، أو تظن بها الحبسة، وهي تتكلم بكلام لا يفهمه إلا بنات جنسها وحدهن، كما لا تفهم أنت إلا كلام بني أمتك، إلا أن تتعلم لغة غير لغة أهلك. وصدق الحق سبحانه إذ يقول: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم} [الأنعام: 38]، {يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه} [النور: 41]، {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم} [الإسراء: 44].
وسمي «الأجنبي» أعجميًا، لأنه يتكلم لغة لا تفهمها. وأنت أيضًا «أعجمي» عنده لأنك لا تفهم ما يقول، أو لأنك تقول ما لا يفهمه هو.
واللفظ «الأعجمي» هو اللفظ بلغة أعجمية، لا تفهم معناه، إلا أن تتعلم تلك اللغة. وهو أعجمي أيضًا لأنه يلتوي به لسانك. إنه في الغالب الأعم لفظ لا تستطيع النطق به على أصل وضعه عند أصحابه: ربما ثقل عليك وزنه، وربما حوى أحرفًا لا مقابل لها في أصوات لغتك، فتحتال على نطقه قدر ما تستطيع، ولكنك لا تستطيع الاستمرار في المحاكاة والتقليد فتعود إلى سليقتك، وتنطقه محرفًا، بعد أن تهذبه وتنقح فيه، حتى يستقيم لك نطقه على وزن «عربي» بأصوات «عربية»: ربما أسقطت حرفًا أو حركة، وربما زدت فيه أو أبدلت منه.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/ 82]
والأعجمي المنقح على هذا النحو – أي المصبوب في قوالب العربية وأوزانه – يسميه اللغويون «الأعجمي المعرب». وفي هذه التسمية إشارة إلى أن الأعجمي المعرب يظل أعجميًا أيضًا بعد تعريبه، لا بحكم ما كان عليه، فقد استعرب لك، ولا بحكم دلالته على مسماه، فقد استبان المسمى، ولا بصورته، فقد استقامت على موازين العربية ومخارج أصواتها، وإنما هو يظل أعجميًا بمادته، أي بجذره الأعجمي المشتق منه في لغة أصحابه، وهو جذر لا مفهوم له عندك. بل أنت تدرك من الأعجمي المعرب معناه في مجمله، ولا تدري مما نحت لفظه، أو تركب، كي يؤدي هذا المعنى.
خذ مثلاً لفظة «سجيل»، ذلك الرجز الذي وقع على أبرهة وجيشه: {وأرسل عليهم طيرا أبابيل * ترميهم بحجارة من سجيل * فجعلهم كعصف مأكول} [الفيل: 3 – 5]، وعلى قوم لوط: {فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود * مسومة عند ربك * وما هي من الظالمين ببعيد} [هود: 82 – 38]. أنت في سجيل تقف عند المعنى العام. ولكنك لو أخذت برأي من قال إن سجيل معربة عن الفارسية «سكيل»، بمعنى الطين المتحجر (سِكْ = جاف، كِيلْ = طين) لأدركت ماهية السجيل ومادته في أصل معناه.
ومن طرائف الأعجمي المعرب أنه يعتجم على أصحابه الأصلاء حين ترد إليهم بضاعتهم «منكرة» متحورة: هب مثلاً أنك ممن يرون أن «المقوقس»، عظيم القبط، معربة عن اليونانية «مجستس» Megistos (ومعناها «الأعظم»). وهبك أيضًا كلفت بترجمة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك اليوناني المتمصر، أفتترك في ترجمتك اليونانية لفظ المقوقس على حاله أم ترده إلى أصله اليوناني «مجستس»؟ إن لم تفعل فلن يفهم عنك المقوقس ما تقول. وهبك كلفت بترجمة رد المقوقس على
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/ 83]
النبي، أفتقول في ترجمتك العربية: من «مجستس» إلى محمد صلى الله عليه وسلم؟ إن فعلت فلن يفقه قارئك العربي ما تريد. وقل مثل هذا في رسالته صلى الله عليه وسلم إلى عظيم الروم «هرقل»، وأصلها بالرومية هركليوس Heraclius، إمبراطور بيزنطة آنذاك، وإن كان المخاطب بها في واقع الأمر والي هرقل على الشام.
من هنا ترى أن اللفظ الأصيل في بلده حين يرتحل غريبًا في غيرها، يعود إلى أهله – حين يعود – بغير الوجه الذي ذهب به فينكرونه، شأن المغترب في مهاجره، يطول مكثه فتغيره السنون، قلقا في مهاجره، قلقًا في أهله.
استعرب الأعجمي إذن للعرب، فاستعجم على أهله حين اهتجن.
على أن المستعرب يغدو عربيًا بالتقادم، والأعجمي في اللغة يغدو بعد ذهاب لكنته أصيلاً أو كالأصيل في مفرداتها، يخفى على غير المتخصص أصل منبته، كما ترى في لفظة «المهندس»، المأخوذة من الفارسية «نداز»، بمعنى القدر والحد، وكما رأيت من قبل في «ساذج» و«سجيل» و«المقوقس» و«هرقل» وأمثالها: الأعجمي المعنوي، والأعجمي العلم.
وهذا هو شأن أعجمي القرآن كله، معنويه وأعلامه.
والذي يستوقف النظر أن القرآن لم يسم أحدًا من معاصريه: لم يسم كسرى ولا قيصر أو غيرهما من العجم. وإنما الذي ورد في القرآن من أعلام عصره ثلاثة أسماء لا غير، كلها عربي: محمد صلى الله عليه وسلم، ومولاه زيد رضي الله عنه، والذي تب وتبت يداه أبو لهب.
كانت الأولى فيما نرى – وقد وردت في القرآن خمس مرات إحداها بلفظ «أحمد» - تشريفًا – للنبي، وكانت الثانية تنصيصًا على دخول زيد بن حارثة بزينب بنت جحش رضي الله عنها وحلها من بعده للنبي تأكيدًا لبطلان بنوة المتبني (راجع الآيات 37 إلى 40 من سورة الأحزاب)، وكانت سورة المسد حكمًا قاطعًا بالتباب والخسران على شخص بعينه، وعلى امرأته حمالة الحطب، وامتناع قبول التوبة منهما، وأريد إعلان هذا الحكم لأبي لهب وقومه في هذه الدنيا، فكان لا بد من تسميته بالاسم، كيلا يختلف فيه أحد).
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 1/ 82-84]


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأعجمي, العَلم


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 0 والزوار 7)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir