21: إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي(ت:238هـ) المعروف بابن راهويه
الإمام الحافظ الفقيه، ولد سنة 161هـ، ونشأ بخراسان، وسمع من ابن المبارك وهو صغير، ثم طوّف في البلدان لطلب العلم، فحصّل حديثاً كثيراً جداً، وتفقّه حتى ناظر الفقهاء من أمثال الشافعي وأحمد، وحصّل علماً غزيراً مباركاً.
روى عن: سفيان بن عيينة، ووكيع، وجرير بن عبد الحميد، وابن علية، وعبد الله بن وهب، ومعتمر بن سليمان، وأبي بكر ابن عياش، وعبد الرزاق، والنضر بن شميل، وغيرهم.
وروى عنه: البخاري، ومسلم، والترمذي، ومحمد بن نصر المروزي، وغيرهم كثير.
- قال أبو الفضل أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: قال لي عبد الله بن طاهر: لم قيل لك ابن راهوي؟ وما معنى هذا؟ وهل تكره أن يقال لك هذا؟
قال: (اعلم أيها الأمير أنَّ أبي ولد في طريق؛ فقالت المراوزة: راهوي، لأنه ولد في الطريق، وكان أبي يكره هذا، وأما أنا فلست أكرهه). رواه الخطيب البغدادي.
وكان كثير الكتابة حتى روي عنه أنّ في كتبه مئة ألف حديث يحفظها عن ظهر قلب، وله كتاب في التفسير مفقود، وقد حصّل نسخاً كثيرة في التفسير.
- قال أحمد بن حفص السعدي: ذكر أحمد بن حنبل - وأنا حاضر - إسحاق بن راهويه؛ فكره أحمد أن يقال: راهويه، وقال: إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، وقال: (لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق، وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضاً). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال حنبل بن إسحاق: سمعت أبا عبد الله، وسئل عن إسحاق بن راهويه، فقال: (مثل إسحاق يسأل عنه؟!! إسحاق عندنا إمام من أئمة المسلمين). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال علي بن خشرم: حدثنا ابن فضيل، عن ابن شبرمة، عن الشعبي، قال: (ما كتبت سوداء في بيضاء إلى يومي هذا، ولا حدثني رجل بحديث قط إلا حفظته، ولا أحببت أن يعيده علي).
قال: فحدثنا بهذا الحديث إسحاق بن راهويه، فقال: تعجب من هذا؟
قلت: نعم.
قال: (كنتُ لا أسمع شيئاً إلا حفظتُه، وكأني أنظر إلى سبعين ألف حديث، أو قال: أكثر من سبعين ألفاً في كتبي). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال أبو داود الخفاف: سمعت إسحاق بن راهويه، يقول: (كأني أنظر إلى مائة ألف حديث في كتبي، وثلاثين ألفاً أسردها). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال أبو الفضل أحمد بن سلمة: سمعت أبا حاتم محمد بن إدريس الرازي، يقول: ذكرت لأبي زرعة إسحاق بن إبراهيم الحنظلي وحفظه للأسانيد والمتون، فقال أبو زرعة: ما رؤي أحفظ من إسحاق.
قال أبو حاتم: والعجب من إتقانه وسلامته من الغلط مع ما رزق من الحفظ.
قال أحمد بن سلمة: فقلت لأبي حاتم: إنه أملى التفسير عن ظهر قلبه!
فقال أبو حاتم: (وهذا أعجب، فإنَّ ضبط الأحاديث المسندة أسهل، وأهون من ضبط أسانيد التفسير وألفاظها). رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- قال الخطيب البغدادي: (كان أحدَ أئمة المسلمين، وعلماً من أعلام الدين، اجتمع له الحديث والفقه والحفظ والصدق والورع والزهد، ورحل إلى العراق والحجاز واليمن والشام).
طبع له كتاب المسند، وأما كتاب التفسير فمفقود، وقد ذكره ابن حجر في المعجم المفهرس.
- قال محمد بن أحمد بن أبي أسلم: حدثنا إسحاق بن راهويه قال: (قرأت على أبي قرة في تفسيره عن ابن جريج). رواه ابن أبي حاتم.
وساق ابن أبي حاتم من هذا الطريق روايات كثيرة.
وروى تفسير جويبر عن الضحاك من طريق محمد بن يزيد الواسطي.
وتفسير ورقاء عن مجاهد من طريق شبابة بن سوار.
وتفسير شبل بن عباد عن ابن أبي نجيح عن مجاهد من طريق روح بن عبادة.
وتفسير جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير من طريق جرير بن عبد الحميد عن أشعث بن سوار.
وتفسير عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير من طريق شيخه جرير بن عبد الحميد.
- وقال أبو عبد الله الحاكم النيسابوري بعد أن خرّج حديثاً: (هذا حديثٌ صحيحٌ، وله طرقٌ عن أبي إسحاق، ولم يخرجاه، وكان من حقّنا أن نخرّجه في كتاب الوضوء؛ فلم نقدر؛ فلمّا وجدتُ الإمامَ إسحاق الحنظليّ خرّج طرقه عند قوله: {رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله} اتّبعته).
فهذا مما يدلّ على أنّ تفسير إسحاق بن راهويه كان متداولاً في زمن الحاكم.