المختلف في صحبتهم
1: مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي(ت:65هـ)
ولد بمكة في السنة الثالثة للهجرة، وأسلم أبوه بعد فتح مكة، وروي أنه قدم المدينة فنفاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، وكان مروان معه حتى أذن عثمان للحكم بالرجوع إلى المدينة بعد أن ولي الخلافة، وكان الحكم عمّ عثمان، وكان لمروان ثمان سنين لما قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يثبت له سماع منه، أما الرؤية فمختلف فيها.
- قال أبو الحجاج المزي: (وُلد بعد سنتين من الهجرة، ولم يصحّ له سماع من النبي -صلي الله عليه وسلم).
- وقال الذهبي: (ولد بمكة بعد ابن الزبير بأربعة أشهر، ولم يصحّ له سماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن له رؤية إن شاء الله).
- وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة: (قصة إسلام أبيه ثابتة في الفتح... لكن لم أرَ من جزم بصحبته، فكأنّه لم يكن حينئذ مميزاً، ومن بعد الفتح أُخرج أبوه إلى الطّائف، وهو معه فلم يثبت له أزيد من الرؤية).
روى عن: عمر، وعثمان، وعليّ، وزيد بن ثابت، وأبي هريرة، وبسرة بنت صفوان، وغيرهم.
وروى عنه: سهل بن سعد، وعليّ بن الحسين، وابنه عبد الملك، وسعيد بن المسيّب، وعروة بن الزبير، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وغيرهم.
كان كاتب عثمان بن عفان، وكان عثمان يحبّه ويقرّبه، فاستعزّ مروان وصار له بعض التصرّف فضجر منه بعض الناس، وكان ذلك من أسباب نقمتهم على عثمان؛ فمنهم من ألّب على عثمان، ومنهم من لم يؤلّب عليه لكن اعتزل الدفاع عنه، ومنهم من نصح لعثمان وأراد الدفاع عنه إلا أنّ عثمان عزم عليهم أن يكفّوا أيديهم عن القتال.
ثم في عهد معاوية ولاه إمارة المدينة مراراً، وحجّ بالناس مراراً، وفي إمارته للمدينة عزم على عبد الله بن عمر أن يدفع إليه المصحف الذي جمعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه؛ فدفعه إليه فحرّقه حتى لا يختلف الناس في القرآن.
وبعد موت معاوية بن يزيد بن معاوية ماجت الفتنة، ودعا بعض أمراء الشام إلى عبد الله بن الزبير، وهمّ مروان أن يخرج إلى مكة فيبايع لابن الزبير ويأخذ الأمان لبني أمية؛ فاعترضه عبيد الله بن زياد، وجيّش له جيشاً، وكان الضحاك بن قيس قد جيّش جيشاً كبيراً في الشام لأخذ البيعة لعبد الله بن الزبير؛ فالتقى الجيشان بمرج راهط، واحتال مروان ومن معاه من قادة جيوشه على الضحاك بحيلة؛ فقتلوه ومن حوله، وهُزم جيشه وتفرّقوا في البلاد، واستولى مروان على الشام ومصر في وقت وجيز، وتمّت له البيعة في الشام، ومكث في الخلافة تسعة أشهر ثمّ مات.
وهو مختلف في صحبته، ونُقمت عليه أشياء، لكنّه في الحديث صدوق غير متّهم، وقد أخرج له البخاري ومسلم، وغيرهما.
- قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: (كان مع أبيه بالطّائف إلى أن أذن عثمان للحكم في الرجوع إلى المدينة، فرجع مع أبيه، ثم كان من أسباب قتل عثمان، ثم شهد الجمل مع عائشة، ثم صفّين مع معاوية، ثم ولّى إمرة المدينة لمعاوية، ثم لم يزل بها إلى أن أخرجهم ابن الزّبير في أوائل إمرة يزيد بن معاوية، فكان ذلك من أسباب وقعة الحرّة، وبقي بالشام إلى أن مات معاوية بن يزيد بن معاوية، فبايعه بعض أهل الشّام في قصة طويلة، ثم كانت الوقعة بينه وبين الضّحاك بن قيس، وكان أميراً لابن الزّبير، فانتصر مروان، وقتل الضّحاك، واستوثق له ملك الشام، ثم توجّه إلى مصر فاستولى عليها، ثم بغته الموت، فعهد إلى ولده عبد الملك، فكانت مدّته في الخلافة قدر نصف سنة، ومات في شهر رمضان سنة خمس وستين).