15. تميم بن أوس بن حارثة وقيل ابن خارجة الداري اللخمي(ت:40 هـ):
من بني لخم بن عدي وهم بطن من العرب اليمانية استوطنوا فلسطين، وكان تميم نصرانياً وروي أنه كان راهباً فيهم، فوفد على النبي صلى الله عليه وسلم منصرفَه من تبوك فأسلم، وحسن إسلامه، وقرأ القرآن وجمعه، وكان يختم كلَّ سبع ليالٍ، وربما قرأ القرآن كلَّه في ركعة، وربما قام بآية يكررها حتى يصبح، وكان حسن القراءة جواداً كريماً، رويت عنه كرامات.
وكان يؤمّ المصلين في قيام رمضان في المسجد النبوي مع أبيّ بن كعب، وهو أوّل من قصّ بالمدينة؛ استأذن عمر أن يقصّ فأذن له فكان يقصّ قائماً يوماً في الأسبوع، ثمّ زاده عثمان يوماً آخر.
- قال أبو داود الطيالسي: حدثنا أبو مَكِين قال: سألت نافعا عن القصص فقال: «أوّل من قصَّ تميم الداري رضي الله عنه على عهد عمر رضي الله عنه، فكان يقوم فيتكلم، فإذا جاء عمر رضي الله عنه أمسك، وقد علم ذلك عمر رضي الله عنه» رواه عمر بن شبة.
وهذا إسناد صحيح إلى نافع، وهو وإن لم يدرك عمر إلا أنّ هذا الخبر في شأن عامّ مما يُعلم بالاستفاضة، وقد قد روي نحو هذا الخبر عن السائب بن يزيد والزهري وعمرو بن دينار وغيرهم.
- قال ابن عقيل: حدثنا يزيد [يعني ابن عبد الله بن الشخير] أن رجلاً أتى تميما ًالداري فقال: كيف صلاتك بالليل؟
فغضب غضباً شديداً؛ فقال: (والله لركعة أصليها في جوف الليل في السرّ أحبّ إليَّ من أن أصلي الليل كله ثم أقصّه على الناس).
فغضب السائل عند ذلك فقال: يا أصحاب رسول الله! الله أعلم بكم، إن سألناكم عنّفتمونا، وإن لم نسألكم جفوتمونا؟
فأقبل تميم عند ذلك على الرجل فقال: (أرأيت إن كنتَ مؤمناً قوياً وأنا مؤمن ضعيف؛ أكنتَ ساطيا عليَّ بقوتك فتقطعني؟ أرأيتَ إن كنتَ مؤمناً ضعيفاً وأنا مؤمنٌ قويٌّ أكنتُ ساطياً عليك بقوّتي فأقطعك؟ ولكن خذ من نفسك لدينك، ومن دينك لنفسك، حتى تستقيم لك على عبادة ترضاها). رواه الإمام أحمد في كتاب الزهد، وإبراهيم الحربي في غريب الحديث، وهو عنده "أشاطّ أنت عليَّ بقوتك فتقطعني" بدل ساطياً، وهو من الشطط، وهو ما صححه أبو عبيد في غريب الحديث، قال: (قَوْله: "إِنَّك لشاطِّي" أَي إِنَّك لجائرٌ عليّ حِين تحمل قوتك على ضعْفي وهُوَ من الشطط والْجور فِي الحُكم).
- وقال هاشم بن القاسم: حدثنا محمد بن راشد، عن جعفر بن عمرو [بن أمية الضمري] قال: كنا فئةً من أبناء أصحابِ النبي صلى الله عليه وسلم قلنا: إنَّ آباءَنا قد سبقونا بالهجرة وصحبة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهلموا نجتهد في العبادة لعلنا ندرك فضائلهم، منهم - أو كما قال- عبد الله بن الزبير، ومحمد بن أبي حذيفة، ومحمد بن أبي بكر، ومحمد بن طلحة، ومحمد بن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث.
قال: (فاجتهدنا في العبادة بالليل والنهار، وأدركنا تميماً الداري شيخاً فما قمنا له ولا قعدنا في طول الصلاة). رواه الإمام أحمد في الزهد.
- وقال الحسن بن عبد العزيز الجروي: كتب إلينا ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة، عن ابن عون، عن ابن سيرين قال: (اشترى تميم الداري حُلّةً بألف كان يصلي فيها).رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب الزهد لأبيه.
انتقل إلى أرض قومه بفلسطين بعد مقتل عثمان، وبقي بها إلى أن مات، وقد روي أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه حبرى وبيت عينون بفلسطين.
- قال ابن جريج: قال عكرمة: لما أسلم تميم الداري، قال: يا رسول الله! إن الله مظهرك على الأرض كلها، فهبْ لي قريتي من بيت لحم، قال: «هي لك»، وكتب له بها، فلما استخلف عمر وظهر على الشام، جاء تميم الداري بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: أنا شاهد ذلك فأعطاها إياه.
قال: (وبيت لحم هي القرية التي ولد فيها عيسى ابن مريم عليهما السلام). رواه أبو عبيد في كتاب الأموال.
روى عنه النبي صلى الله عليه وسلم حديث الجساسة كما في صحيح مسلم، وقد عدّ ذلك من مناقبه.
وروى عنه: ابن عباس، وأبو هريرة، وعبد الرحمن بن غنم الأشعري، وقبيصة بن ذؤيب، وموسى بن نصير المصري، وعمرة بنت عبد الرحمن، وأبو الضحى، والقاسم بن عبد الرحمن الدمشقي، وكثير بن مرة، وعباس بن ميمون وعطاء بن يزيد الليثي، وغيرهم.