مواعظها ووصاياها
كانت عائشة رضي الله عنها عالمة فقيهة، وفصيحة بليغة، ولها مواعظ حسان جديرة بالجمع والتقريب، وسأسوق طائفة منها:
- قال سفيان الثوري: أخبرنا زكريا، عن الشعبي، قال: كتب معاوية إلى عائشة: أخبريني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بينك وبينه أحد؛ فكتبت إليه: إني سمعته يقول: (من يعمل بشيء من معصية الله يعود حامده له من الناس ذاماً). رواه أبو داوود في الزهد.
- وقال عبد الله بن عروة، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة أنها كتبت إلى معاوية بن أبي سفيان: (إنك إن اتقيت الله كفاك الناس، وإن اتقيت الناس لم يغنوا عنك من الله شيئا؛ فاتق الله). رواه أبو داوود في الزهد.
- وقال شعبة بن الحجاج، عن واقد بن محمد العُمَري، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن القاسم، عن عائشة، قالت: (من أسخط الناس برضى الله كفاه الله عز وجل الناس، ومن أسخط الله برضى الناس وكله الله إلى الناس). رواه أبو داوود في الزهد.
- وقال وكيع بن الجراح: حدثنا سفيان الثوري، عن حمّاد، عن إبراهيم النخعي، قال: قالت عائشة: «أقلّوا الذنوب؛ فإنكم لن تلقوا الله عزّ وجلّ بشيء أفضلَ من قلّة الذنوب». رواه وكيع في الزهد، والإمام أحمد في الزهد، وابن أبي شيبة في مصنفه.
- وقال عبد الله بن المبارك: أخبرنا سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، عن عائشة قالت: «من سرَّه أن يسبق الدائبَ المجتهد فليكفَّ نفسه عن الذنوب؛ فإنكم لن تلقوا الله بشيء خير لكم من قلة الذنوب». رواه ابن المبارك في الزهد، ورواه هناد بن السري من طريق قبيصة بن عقبة عن سفيان بنحوه، ورواه أبو داوود في الزهد من طريق محمد بن يوسف الفريابي عن سفيان بنحوه.
- وقال أبو خالد الأحمر، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم، عن عائشة، قالت: «من نوقش الحساب يوم القيامة لم يغفر له». رواه ابن أبي شيبة.
- وقال أبو عقيل الكوفي: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، قال: حدثني أبو السفر، قال: قالت عائشة: « إنَّ الناسَ قد ضيعوا أعظم دينهم: الورع». رواه ابن أبي شيبة.
- وقال مسعر بن كدام، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن الأسود، عن عائشة قالت: «إنكم لتدعون أفضل العبادة التواضع». رواه ابن أبي شيبة، وأبو داوود في الزهد.
- وقال عبد الله بن نمير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: « إذا تمنى أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه». رواه ابن أبي شيبة.
- وقال أبو أسامة الكوفي: حدثني جرير بن حازم، قال: سمعت عبد الله بن أبي مليكة، قال: سمعت عائشة، تقول: «يُسَلَّط على الكافر في قبره شجاع أقرع فيأكل لحمه من رأسه إلى رجليه، ثم يكسى اللحم فيأكل من رجليه إلى رأسه، ثم يكسى اللحم فيأكل من رأسه إلى رجليه فهو كذلك». رواه ابن شيبة.
- وقال يحيى بن بكير: حدّثني عقيل، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، وذكرت الذي كان من شأن عثمان بن عفان: « ووددت أني كنت نسياً منسياً، فواللهِ ما أحببتُ أن ينتهك من عثمان أمرٌ قطّ إلا قد انتهك مني مثله، حتى والله لو أحببت قَتْلَه لقُتلت، يا عبيد الله بن عدي! لا يغرنَّك أحدٌ بعد الذي تعلم، فوالله ما احتقرتُ أعمالَ أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نجم النفر الذين طعنوا على عثمان؛ فقالوا قولاً لا يُحسنُ مثلُه، وقرأوا قراءةً لا يُقرأ مثلُها، وصلوا صلاةً لا يُصلَّى مثلُها، فما تدبَّرتُ الصنيعَ إذا هم والله ما يقاربون أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإذا أعجبك حسنُ قول امرئ فقل: {اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} ولا يستخفنَّك أحد ». رواه البخاري في خلق أفعال العباد من هذا الطريق، ورواه أبو داوود في الزهد من طريق ابن المبارك عن معمر ويونس عن الزهري بنحوه، والطبراني في مسند الشاميين من طريق أبي اليمان عن شعيب عن الزهري بنحوه.
- وقال عبد الله بن وهب: حدثنا يونس، عن الزهري قال: أخبرني عروة بن الزبير أنَّ عائشة كانت تقول: (احتقرت أعمال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نجم القرّاء الذين طعنوا على عثمان؛ فقالوا قولاً لا يُحسن مثلُه، وقرأوا قراءةً لا يُقرأ مثلُها، وصلوا صلاةً لا يُصلَّى مثلُها؛ فلما تذكرتُ إذا هم والله ما يقاربون عمل أصحاب رسول الله؛ فإذا أعجبك حسنُ عمل امرئ منهم فقل: {اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} ولا يستخفنَّك أحد). رواه ابن أبي حاتم في تفسيره، وعلّق البخاري آخره في صحيحه عن عائشة.
- وقال معلى بن أسد: حدثنا المعلى بن زياد القطعي، قال: حدثتنا بكرة بنت عقبة أنها دخلت على عائشة وهي جالسة في معصفرة، فسألتها عن الحناء؛ فقالت: (شجرة طيبة، وماء طهور).
وسألتها عن الحِفَاف؛ فقالت لها: (إن كان لك زوج فاستطعت أن تنزعي مقلتيك، فتصنعيهما أحسنَ مما هما فافعلي). رواه ابن سعد.
-- قال أبو عبد الله الذهبي: (المعليان ثقتان).
-- قلت: (لكن بكرة بنت عقبة مجهولة الحال).
- وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عبد الملك، عن عطاء، قال: دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة فقالت: من هذا؟
فقال: أنا عبيد بن عمير.
قالت: قاصّ أهل مكة؟
قال: نعم.
قالت «خفّف؛ فإنَّ الذكر ثقيل». رواه ابن سعد.