زهدها وورعها
كانت عائشة رضي الله عنها على مرتبة عالية من الزهد والورع، ولم يغيّرها ما فتح لها من الرزق الكثير في زمن الخلفاء الراشدين وما بعده؛ فكانت ربما تصدّقت بما يأتيها من مالٍ، وبقيت على حالها ترقَع قميصها وتأكل مما يتيسّر لها من يسير الطعام.
- قال وكيع بن الجراح: حدثنا الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عروة بن الزبير، قال: «كانت عائشة تقسم سبعين ألفاً، وهي تَرْقَع دِرْعَها ». رواه ابن أبي شيبة.
- وقال أبو معاوية الضرير، عن الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عروة، عن عائشة قال: (رأيتُها تصدَّق بسبعين ألفاً، وإنها لترقع جانب درعها). رواه ابن سعد.
ورواه أبو داوود في الزهد من طريق أبي أمامة عن الأعمش بنحوه، وزاد: (لترقع جانب درعها أو تنكّسه).
- وقال أبو معاوية الضرير: حدثنا هشام بن عروة، عن محمد بن المنكدر، عن أمّ ذرة قالت: بعث ابنُ الزبير إلى عائشة بمال في غرارتين يكون مائة ألف فدعت بطبق، وهي يومئذ صائمة؛ فجعلت تقسم في الناس.
قال: فلما أمست قالت: (يا جارية! هاتي فطري).
فقالت أم ذرة: يا أم المؤمنين! أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحماً تفطرين عليه؟!!
فقالت: (لا تعنفيني، لو كنتِ أذكرتِني لفعلت). رواه ابن سعد.
- وقال هشام بن حسان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن معاوية بن أبي سفيان بعث إلى عائشة، رضي الله عنها بمائة ألف، فقسمتها حتى لم تترك منها شيئا، فقالت بريرة: أنت صائمة، فهلا ابتعت لنا بدرهم لحما؟
فقالت عائشة: «لو أني ذكرت لفعلت». رواه الحاكم في المستدرك.
- وقال شعيب بن الحبحاب، عن أبي سعيد كثير بن عبيد رضيع عائشة، أنَّ داخلاً دخل على عائشة وهي تخيط نقبة لها؛ فقال: يا أمَّ المؤمنين! أليس قد أكثر الله الخير؟
قالت: (دعنا منك، لا جديد لمن لا خَلَقَ له). رواه ابن سعد.
- وقال يزيد بن هارون: أخبرنا ابن عون، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر قال: (كانت أمُّ المؤمنين إذا تعوَّدَت خَلَقا لم تحبَّ أن تدعه). رواه ابن سعد.