دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دورات برنامج إعداد المفسّر > أصول التفسير البياني

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #9  
قديم 10 ربيع الأول 1442هـ/26-10-2020م, 03:25 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,458
افتراضي

التفريق بين الاستثناء المتصل والاستثناء المنقطع.
هذا المبحث هو واسطة عقد هذا الباب ومجتنى ثمراته، وفائدته لطالب علم التفسير كبيرة، وتطبيقاته كثيرة، فهو باب مهم من أبواب توجيه أقوال المفسرين والجمع بينها، ومعين على استخراج أوجه تفسيرية قد يُغفل عنها، وما تقدّم من المباحث التي فيها تعريف بحقيقة الاستثناء المتصل والاستثناء المنقطع لا تغني عن دراسة أمثلة تفصيلية لمسائل يتبيّن بها أثر التفريق بين الاستثناء المتصل والاستثناء المنقطع على التفسير وتأدية المعنى البياني للآية.
وينبغي لطالب علم التفسير أن يستكثر من دراسة هذه الأمثلة ونظائرها حتى يتقن هذا الباب بعون الله تعالى.

ومن الأمثلة التي يتبيّن بها أثر معنى الاستثناء:
1: قول الله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42)}
في معنى الاستثناء وجهان مبناهما على معنى الإضافة في قوله تعالى: {عبادي}:
أحدهما: أن تكون الإضافة عامّة، وهي إضافة المخلوق إلى خالقه، والمملوك إلى مالكه؛ فيكون الاستثناء متصلاً، لأن المستثنى من جنس المستثنى منه، فالذين يتبعون الشيطان هم من جملة عباد الله بالمعنى العام للعبودية.
والوجه الآخر: أن تكون الإضافة خاصة، وهي إضافة التشريف والتكريم التي يختصّ بها أولياء الله؛ فيكون الاستثناء منقطعاً، لأن من يتبع الشيطان ليس من أولياء الله، بل هو من أولياء الشيطان.

2: قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا}.
الاستثناء هنا ناقص، فلم يُذكر المستثنى منه، مع إمكان تقديره، لكنّ تقديره يحتمل أن يكون بالمصدر وأن يكون بالمفعول.
فتقدير المفعول: أن يكلّمه الله كلاماً إلا وحياً.
وتقدير المصدر: أن يكلّمه الله تكليماً إلا وحياً.
فعلى التقدير الأول الاستثناء متصل لأن الوحي من الكلام، وعلى التقدير الثاني: الاستثناء منقطع لأن الوحي ليس من المخاطبة بالتكليم.

3: قول الله تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}.

فيه وجهان:
أحدهما: أن يكون الفعل {ينفع} متعدياً، والمستثنى منه تقديره "أحداً" فيكون الاستثناء متصلاً، لأن التقدير: يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون أحداً إلا من أتى الله بقلب سليم؛ فينفعه ماله وبنوه، وقد دلّت النصوص على أنّ المؤمن ينتفع يوم القيامة بماله الذي ينفقه في سبيل الله، وبدعاء بنيه الصالحين؛ فتكون جملة {من أتى} في محلّ نصب مفعول به.
والوجه الآخر: أن يكون الفعل {ينفع} فعلاً لازماً لا يتطلّب مفعولاً؛ كما يقال: فلان لا ينفع، أي ليس بذي نفع؛ فيكون الاستثناء مفرّغاً منقطعاً لقصور عمل ما قبل
"إلا" عمّا بعدها، و"إلا" بمعنى "لكن" وجملة "من أتى" في محلّ رفع على الابتداء، وخبره مقدّر بما يناسب السياق.

4: قول الله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء الا ما قد سلف}.

"ما" في قوله تعالى: {ما نكح آباؤكم} تحتمل أن تكون موصولة وأن تكون مصدرية.
فإذا كانت موصولة ففي الاستثناء وجهان:
أحدهما: أن يكون منقطعاً، وذلك إذا كان المراد بالنكاح الزواج، والمعنى: ولا تتزوجوا ما تزوّج آباؤكم من النساء، ولكن ما قد سلف فمعفو عنه، وهو ما يخرّج عليه قول ابن عباس وعكرمة وعطاء بن أبي رباح وقتادة.
والوجه الآخر: أن يكون متصلاً، وذلك إذا كان المراد بالنكاح الوطء المستحلّ بعقد الزواج في الجاهلية.
وذهب عبد الرحمن بن زيد بن أسلم إلى أنه الزنا بحلائل الآباء، لكن يردّه أن الزنا بهنّ محرّم بكلّ حال، ولا يصحّ أن يحمل العفو عن زنا أهل الجاهلية على مجرّد أنه قد سلف، وإنما بإسلامهم وتوبتهم، والذي يُحمل عليه الإقرار لما قد سلف إنما هو الزواج بحلائل الآباء كما كانت تفعله العرب في الجاهلية؛ فإنه أمر حاصل بنكاح كانوا يعتقدون صحّته، ولم يكن قد ورد فيه نهي من الشرع قبل نزول هذه الآية.

وإذا كانت
"ما" مصدرية فالمعنى: لا تنكحوا نكاح آبائكم في الجاهلية إلا ما قد سلف، يقال: فعلتُ فعلَه، ومشيتُ مشيه، وجريت جريَه، وبعت بيعه، إذا اتّبعت طريقته في ذلك؛ فتكون الآية متضمنة لنهيٍ وإقرار:
- النهي عن عقود النكاح التي كانت في الجاهلية مما يخالف الشريعة.
- والإقرار لما قد سلف منها، فيكون معفواً عنه.
ثم لا ينعقد بعد ذلك نكاح إلا بشروطه الشرعية.
ويكون الاستثناء على هذا المعنى منقطعاً.
وهذا الوجه هو ما رجّحه ابن جرير في تفسيره، وذهب إلى أنه أعمّ دلالة؛ فيدخل فيه نكاح حلائل الآباء، وغيره من الأنكحة الجاهلية.

5: قول الله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ}.

جملة: {ما ملكت يمينك} مستثناة:
- فإن كان الاستثناء من "النساء" فهو استثناء متصل، لأنّ ما ملكت يمينه من جملة النساء، ويُختار في إعراب الجملة الرفع على البدل.
- وإن كان الاستثناء من الأزواج؛ فهو استثناء منقطع، لأن ما ملكت يمينه لسن من أزواجه، ويُختار فيه النصب على الاستثناء، ويصحّ فيه النصب على البدلية من موضع {من أزواج}.

6: قول الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا}.

الاستثناء في الآية يحتمل الاتصال والانقطاع:
- فالاتصال على معنى أن الله تعالى لا يظهر على غيبه أحداً إلا الرسل الذين ارتضاهم؛ فأظهرهم على غيبه بمعنى أطلعهم على ما يشاء من أمور الغيب، ويكون الإظهار بمعنى الإعلام.
- والانقطاع على معنى أنّ الله تعالى لا يظهر على غيبه أحداً أبداً؛ فيكون معنى الإظهار الاطلاع الظاهر على علم الغيب، ولكن الذين ارتضاهم الله من رسله يسلك من بين يديهم ومن خلفهم رصداً فيُطلعهم على ما يشاء من الغيب.
فتحتمل جملة {من ارتضى من رسولٍ} وجهين في الإعراب:
أحدهما: أن تكون مبتدأ، وجملة {فإنه يسلك} خبر مقترن
"بالفاء".
والآخر: أن تكون "من" شرطية، وجملة {فإنّه} جواب الشرط مقترن بالفاء.

7: قول الله تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ}.

الاستثناء هنا يحتمل الاتصال والانقطاع:
- فالاتصال على معنى أنّ من آمن وعمل صالحاً انتفع بماله وولده فيما يقرّبه إلى الله، وله جزاء الضعف بما ينفق من ماله ويعلّم ولده.
- والانقطاع على أنّ الأموال والأولاد ليست هي التي تنفع على الحقيقة، وإنما الذي ينفع هو الإيمان والعمل الصالح، وهذا كما في صحيح مسلم وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)).
فإذا تحقق الإيمان والعمل الصالح كان ما سواهما في النفع تبعاً.


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثامن, الدرس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir