دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دورات برنامج إعداد المفسّر > أصول التفسير البياني

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #8  
قديم 10 ربيع الأول 1442هـ/26-10-2020م, 03:24 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,458
افتراضي

الاستثناء المنقطع
الاستثناء المنقطع
هو ما كان فيه المستثنى من غير جنس المستثنى منه؛ فلا يكون في الجملة استثناء حقيقي يُخرج به بعضٌ من كلٍّ كان داخلاً فيه، وهذا هو معنى انقطاعه.
ويعرف الاستثناء المنقطع بأحد أمرين:
1: أن يصحّ وضع "لكن" المخففة أو المثقّلة موضع "إلا".
2: أن يكون الحكم على المستثنى موافقاً للحكم على المستثنى منه غير مناقض له، وذلك أنّ الغرض من الاستثناء المتّصل إعطاء المستثنى حكماً يخالف حكم المستثنى منه؛ فإذا رأيت المستثنى يوافق حكمُه حكمَ المستثنى منه فاعلم أنّ الاستثناء منقطع.

فإذا تحقق أحد الأمرين كان ذلك دليلاً على أن الاستثناء منقطع، وأن المستثنى غير داخل في المستثنى منه، وإنما أتي بأسلوب الاستثناء لغرض بيانيّ، كما يُؤتى بالأمر والنهي والاستفهام أحياناً لغرض بيانيٍّ لا يراد منه حقيقة الأمر والنهي والاستفهام.
والاستثناء المنقطع يرد في أنواع الاستثناء: التام المثبت، والتام المنفي، والناقص.

1: الاستثناء التام المثبت المنقطع

ويجب فيه نصب المستثنى بالعلامة الظاهرة أو الحركة المقدّرة أو يكون في موضع نصب على الاستثناء.
ومن مواضع وروده في القرآن الكريم:
أ: قول الله تعالى: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون
* إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين} وإبليس ليس من الملائكة على الصحيح من قولي المفسرين.
ب: وقوله تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}.
الاستثناء منقطع، و
"إلا" بمعنى "ولكن"، والجملة بعدها مبتدأ وخبر.
ج: وقوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99)}.
الاستثناء منقطع؛ لأن المستضعفين المعذورين ليسوا بظالمي أنفسهم إذ لا يكلّف الله نفساً
إلا وسعها.
د: وقوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ}.
وإخراجهم لقولهم ربنا الله إخراج بغير حق؛ فالمستثنى حكمه موافق لحكم المستثنى منه، فتبيّن بذلك أن الاستثناء منقطع.

2: الاستثناء التام المنفي المنقطع

ويجوز فيه النصب والإتباع، والنصب لغة أهل الحجاز، والإتباع لغة تميم ومن جاورها.
وقد أجمع القراء على النصب في قول الله تعالى: {ما لهم به من علم إلا اتّباعَ الظنّ} وهي لغة قريش.
واتباع الظنّ ليس من العلم، وقد قيل: إن الاستثناء إنما هو من لازم العلم، أي: ما لهم به من علم يتّبعونه إنما يتبعون الظنّ، كما ذكر ذلك ابن القيّم في بدائع الفوائد.
وتميم ومن جاورها يجيزون الإتباع في مثل هذا النوع من الاستثناء على تسمية علمهم بالظنّ تحقيراً وتهكماً.
وللإتباع شواهد كثيرة في لسان العرب منها قول جِرَان العَوْدِ واسمه عامر بن الحارث النميري:

وبلدة ليس بها أنيس ... إلا اليعافيرُ وإلا العيسُ
ونمير من بني عامر بن صعصعة.
وقال عدي بن زيد العبادي، وهو من بني زيد مناة بن تميم:
في ليلةٍ لا نَرى بها أحداً ... يَحكى علينا إلاَّ كواكبُها
فرفع الكواكب لما استثناها ممن يحكي استثناءً منقطعاً إذ الكواكب ليست من الناس.
ويقال: ما له عليه سلطان
إلا التكلف، والتكلف ليس من السلطان، ويقال: ما له عتاب إلا السيف.
فأهل الحجاز ينصبون كلَّ ذلك على الاستثناء، وتميم ترفعه على البدل.
وقال النابغة الذبياني:
يا دارَ ميّةَ بالعلياء فالسّنــــــدِ ... أقوَتْ وطال عليها سالفُ الأبــــدِ
وقفتُ فيها أُصَيلاناً أُسائلهــا ... عيّتْ جَواباً وما بالرَّبْعِ مِن أحــــدِ
إلا الأواريُّ لأياً ما أبيّنهــــــــــا ... والنّؤيُ كالحَوْض بالمَظْلومة الجلَــــــدِ
الرَّبْع هو المكان الذي أقاموا فيه.
والأواريّ: جمع آريّ، وهو محبس الدابة في الأرض، وهو الموضع الذي يُربط فيه خطامها.
والنؤي: حاجز من رمل يشبه الحوض يجعله الأعرابيّ حول بيته يحرف به مجرى الماء ليمنعه من الوصول إلى بيته.
والأواري والنؤي ليسا من الناس، ولذلك كان قوله: وما بالربع من أحد
إلا الأواريّ والنؤي استثناءً منقطعاً.
وهذا البيت يُروى بالرفع وبالنصب.
وقال الحصين بن الحمام المرّي الغطفاني:
عشيةَ لا تُغني الرماحُ مكانها ... ولا النّبلُ إلا المشرَفيَّ المصَمّما
فنصب على الاستثناء وهو منقطع.
ونُسب إلى ضرار بن الأزور الأسديّ رضي الله عنه قوله:
أجاهد إذ كان الجهاد غنيمــــــــــة ... وَلَلهُ بالعبد المجاهد أعلـــــــــــم
عشية لا تغني الرماح مكانهــــــا ... ولا النبلُ إلا المشرفيُّ المصممُ
ولا أعلم لهذه النسبة أصلاً يُعتمد عليه إلا ما ذكره الطبري في تاريخه من طريق سيف بن عمر التميمي وهو متروك الحديث، والأبيات من قصيدة لا تطمئن النفس لصحتها، وليست من رواية أهل المعرفة بالأدب والشعر، بل أمارات الصنعة ظاهرة عليها، وقد ذكر الواقدي هذه القصيدة على ما فيها في كتاب "الردّة" له، من دون هذا البيت.
ولا أستبعد أن يكون هذا البيت مروياً على الرفع من قصيدة أخرى؛ فقد روى سيبويه هذا البيت في كتابه على الرفع بالإتباع من غير نسبة، فإن كان أراد بيت الحصين بن الحمام فهو على النصب كما تقدم؛ لأنه من قصيدة له معروفة ذكرها المفضّل الضبي في المفضليات، ومطلعها:
جزى الله أفناءَ العشيرة كلّها ... بدارة موضوع عقوقاً ومأثما
وإن أراد سيبويه غيره فمحتمل.
- قال سيبويه: (وأما بنو تميم فيرفعون هذا كله، يجعلون اتباع الظنّ علمهم، وحُسنَ الظن علمه، والتكلّف سلطانه، وهم يُنشدون بيت ابن الأيهم التغلبي رفعاً:
ليس بيني وبين قيسٍ عِتابُ ... غيرُ طعنِ الكُلى وضربِ الرّقابِ
جعلوا ذلك العتاب.
وأهل الحجاز ينصبون على التفسير الذي ذكرنا، وزعم الخليل أن الرفع في هذا على قوله:
وخيلٍ قد دلَفتُ لها بخيلٍ ... تحيّةُ بينِهم ضربٌ وَجيعُ
جعل الضرب تحيّتَهم، كما جعلوا اتِّباعَ الظن علمَهم)ا.هـ.

وقد ورد الاستثناء التام المنفي المنقطع في مواضع كثيرة في القرآن الكريم تقدّم ذكر بعضها ومنها:
أ: قول الله تعالى: {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22) إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ}
ب: وقوله تعالى: {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَىٰ * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَىٰ}
ج: وقوله تعالى: {وإن نشأْ نُغرقْهُم فلا صريخَ لهم ولا هُم يُنقَذون. إلا رحمة منا}
د: وقوله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا}
أي: ولكن حاجة في نفس يعقوب قضاها، والحاجة التي في نفس يعقوب لا تغني عنهم من الله شيئاً، وإذا كان المستثنى موافقاً للمستثنى منه في الحكم فالاستثناء منقطع.
وكل هذه المواضع جاءت على النصب على الاستثناء، وهي لغة قريش.

وكثيراً ما يأتي المستثنى في الاستثناء التام المنفي المنقطع جملة؛ فيكون الأولى حملها على النصب على الاستثناء اتباعاً لنظائره المتقدمة، ولأنها لغة قريش التي اجتمع الصحابة على كتابة المصحف بها زمن عثمان رضي الله عنه.
ومن تلك المواضع:
أ: قول الله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا}.
ب: وقوله تعالى: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ * إِلَّا مَنْ تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ}.
ج: وقوله تعالى: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي}.

3: الاستثناء الناقص المنقطع

ومن أمثلته:
أ: قول الله تعالى: { لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى}.
ب: وقوله تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ}.
ج: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَىٰ أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا}.

استثناء المعنى من الجثّة والكون من العين

من الاستثناء المنقطع ما يسمّيه بعض النحاة استثناء المعنى من الجثة، أو استثناء الكون من العين، ويريدون بالمعنى ما كان من جنس المعاني ليس له ذات قائمة بنفسه كالقوة والعلم والرحمة، والكون معنى من المعاني، والجثّة والعين ما كان له ذات قائمة بنفسها كالإنسان والحيوان والحجر.
فإذا استُثنيَ معنى من جثة أو كونٌ من عينٍ فهو استثناء منقطع لأنه استثناء من غير الجنس.
ولهذا النوع من الاستثناء أمثلة في القرآن منها:
أ: قول الله تعالى: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم}.
فالأموال جثث وأعيان، والكون معنى، فهذا استثناء منقطع، و
"إلا" بمعنى "لكن" لتفيد التأكيد، والتقدير: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل أبداً، ولكن تاجروا تجارة عن تراض منكم.
ب: وقول الله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا}.
الاستثناء منقطع، لأنه كون، وما قبله عين، ويجوز أن يكون نصبه بدلاً على لغة بني تميم، ونصباً على الاستثناء على لغة أهل الحجاز.


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثامن, الدرس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:53 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir