6: أبو الأسود ظالم بن عمرو الدؤلي(ت:69هـ)
من بني الدئل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة.
تابعيّ ثقة فصيح اللسان، عالم بالعربيّة، أدرك الجاهلية، وأسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يلْقه، روى عن عمر وعثمان وعليّ وجماعة من كبار الصحابة.
وقرأ القرآن على عثمان وعليّ، وشهد وقعة الجمل مع عليّ، وصاحَبَه وانتفع به، وكان ذكيًّا فَهِماً، وشاعراً مُجيداً، حاضر البديهة، حسن الجواب، قويَّ منزع الحُجَّة.
قال محمد بن سلام الجمحي: (كان أولَّ مَن أسَّسَ العربيَّةَ، وفتحَ بابها، وأنهج سبيلها، ووضع قياسَها: أبو الأسود الدؤلي).
وكان ذلك بأمر عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وروي أنّ علياً هو الذي ابتدأ ذلك، ثم أمره أن ينحو نحوَه، ومن ذلك سُمّيَ النحو نحواً.
روى سعيد بن سَلْم بن قتيبة بن مسلم الباهلي عن أبيه عن جدّه عن أبي الأسود، قال: دخلتُ على عليّ فرأيته مطرقا، فقلت: فيم تتفكر يا أمير المؤمنين؟
قال: سمعت ببلدكم لحناً، فأردت أن أضع كتابا في أصول العربية، فقلت: إن فعلت هذا أحييتَنا، فأتيته بعد أيام؛ فألقى إليَّ صحيفة فيها: (الكلام كلُّه: اسم، وفعل، وحرف؛ فالاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل).
ثم قال: (تَتَبَّعْهُ وزِدْ فيه ما وقع لك، فجمعت أشياء، ثم عرضتها عليه). ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام.
وقال الذهبي: (أَمَرَهُ علي رضي الله عنه بوضع النحو، فلما أراه أبو الأسود ما وضع، قال: ما أحسن هذا النحو الذي نحوت، ومن ثَمَّ سُمِّيَ النَّحْو نحواً) ا. هـ.
وكان ثقة مأموناً، حسن الرأي والتدبير، استقضاه ابن عباس في البصرة، ثم كان يستخلفه عليها إذا ذهب إلى الكوفة في خلافة عليّ، وبقي إلى أن مات في طاعون الجارف سنة 69 هـ في خلافة ابن الزبير.
ولأبي الأسود أقوال في التفسير تُروى عنه، وأبيات يُستشهد بها، وما حُفظ من أقواله وأشعاره قليل، وأكثر مَن يَروي عنه ابنه أبو حرب واسمه عطاء، ويحيى بن يَعْمَر، وأرسل عنه قتادة.