35: إياس بن معاوية بن قرة المزني(ت: 122هـ )
قاضي البصرة، وكان عالماً فقيهاً حسن الفهم، صاحب فراسة وقيافة وذكاء يضرب المثل بذكائه، وكان برّاً بوالديه.
ولاه عدي بن أرطأة قضاء البصرة بأمر عمر بن عبد العزيز؛ فحاول التمنّع فأكرهه؛ فبقي في القضاء سنة؛ ثمّ هرب من البصرة، فولّى عديٌّ القضاء الحسن البصري.
روى عن أنس، وعن أبيه معاوية بن قرة، وسعيد بن جبير، والحسن البصري، وسعيد بن المسيب، وعبد الملك بن يعلى، ونافع مولى ابن عمر، وأبي مجلز لاحق بن حميد.
وروى عنه: حماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وداوود بن أبي هند، وخالد الحذاء، وحميد الطويل، وعبد الله بن شبرمة، وعبد الله بن شوذب، وعبد الله بن عون، وسليمان الأعمش، وغيرهم.
- قال خليفة بن خياط: (أمه امرأة من أهل خراسان).
- وقال قبيصة بن عقبة: حدثنا سفيان، عن خالد الحذاء قال: سئل معاوية بن قرة: كيف ابنك؟
قال: «نعم الابن، كفاني أمر دنياي، وفرّغني لآخرتي» رواه ابن سعد، وأبو نعيم في الحلية، وابن عساكر.
- وقال أبو المطرف المغيرة بن المطرف المخزومي، عن سفيان بن حسين؛ قال: (أردت التعريف بواسط يوم عرفة، فقلت: أمرّ بإياس بن معاوية؛ فأتيته، فخرج معي إلى المسجد، فلما دخل المسجدَ قال لي: إنَّ أمي خرجت وهي على غضبي، وأنا أكره أن أصير إلى التعريف والدعاء وهي غضبى، فقم لي حتى أسترضيها، فدنا من ظلة [النساء] وخرجت إليه أمه، فجلس بين يديها واضعاً يديه على خديه، منكساً رأسه طويلاً، ثم قام فقال لي: اذهب بنا فقد رضيت). رواه وكيع في أخبار القضاة.
- وقال حماد بن سلمة عن حميد قال: لما ماتت أم إياس بن معاوية بكى؛ فقيل: ما يبكيك يا أبا واثلة؟
قال: (كان لي بابان مفتوحان من الجنة فأغلق أحدهما). رواه أبو نعيم في الحلية، ووكيع في أخبار القضاة وابن عساكر في تاريخه.
- وقال عارم بن الفضل: حدثنا حماد بن زيد، عن ابن عون قال: (ذكروا إياساً عند محمد، فقال: إنه لَفَهِم). رواه ابن سعد، وابن عساكر.
- وقال عفان بن مسلم: حدثنا حماد بن سلمة: أخبرني حميد قال: «لما استقضي إياس أتاه الحسن، فبكى إياس». رواه ابن سعد.
- وقال بسام بن يزيد: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا حميد، أن إياس بن معاوية لما استقضي أتاه الحسن فبكى إياس؛ فقال له الحسن: ما يبكيك؟
قال: يا أبا سعيد بلغني أن القضاة ثلاثة: رجل اجتهد فأخطأ فهو في النار، ورجل مال به الهوى فهو في النار، ورجل اجتهد فأصاب فهو في الجنة.
فقال الحسن: إنه فيما قصّ الله جلّ وعزّ من داود وسليمان ما يردّ قول هؤلاء، يقول الله عز وجل: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما}؛ فأثنى الله على سليمان ولم يذم داود).
ثم قال الحسن: (إن الله تبارك وتعالى أخذ على العلماء ثلاثا: لا يشترون به ثمنا، ولا يتبعون فيه الهوى، ولا يخشون فيه أحدا، ثم قرأ هذه الآية {وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله} إلى قوله: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا}). رواه ابن أبي الدنيا في الإشراف.
- وقال الأصمعي: حدثنا حماد بن زيد قال: كان أيوب يقول: (لقد رموها بحجرها، يعني إياس بن معاوية حين ولي القضاء). رواه ابن عساكر.
- قال سفيان بن حسين: لما قدم إياس بن معاوية واسطَ جعلوا يقولون: قدم البصري، قدم البصري؛ فأتاه ابن شبرمة بمسائل قد أعدّها له، فجلس بين يديه، فقال: أتأذن لي أن أسألك؟
قال: (ما ارتبت بك حتى استأذنتني، إن كانت لا تعنت القائل، ولا تؤذي الجليس فسل).
قال: فسأله عن بضع وسبعين مسألة، فما اختلفا يومئذ إلا في ثلاث مسائل أو أربع، ردّه فيها إياس إلى قوله، ثم قال: يا ابن شبرمة، هل قرأت القرآن؟
قال: نعم، من أوله إلى آخره.
قال: فهل قرأت: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي}؟
قال: نعم، وما قبلها وما بعدها.
قال: فهل وجدته بقي لآل شبرمة شيء ينظرون فيه؟
فقال: لا.
فقال له إياس: إنَّ للنسك فروعاً.. قال: فذكر الصوم والصلاة والحج والجهاد، وإني لا أعلمك تعلّقت من النسك بشيء أحسن من شيء في يدك من النظر في الرأي). رواه ابن سعد، وابن عساكر.
- وقال عبد الله بن إدريس عن أبيه عن ابن شبرمة: قال لي إياس ابن معاوية: (إياك وما يستشنع الناس من الكلام، وعليك بما يعرف الناس من القضاء). رواه ابن عساكر.
- وقال عمر بن علي بن مقدم، عن سفيان بن حسين، قال: سألني إياس بن معاوية، فقال: إني أراك قد كلفت بعلم القرآن، فاقرأ علي سورة، وفسّر حتى أنظر فيما علمت، قال: ففعلت، فقال لي: احفظ علي ما أقول لك: «إياك والشناعة في الحديث، فإنه قلما حملها أحد إلا ذلّ في نفسه، وكذب في حديثه» رواه مسلم في مقدمة صحيحه.
- وقال ابن وهب: حدثني مالك بن أنس أن إياس بن معاوية قال لربيعة: (إنّ البناء إذا بني على غير أسّ، لم يكد يعتدل). يريد بذلك: المفتي الذي يتكلم عن غير أصل يبني عليه كلامه. رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال أشهب بن عبد العزيز عن مالك بن أنس قال: قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن: قال لي إياس بن معاوية: (يا ربيعة!كلّ ما بني على غير أساس فهو هباء، وكل ديانة أسست على غير ورعٍ فهي هباء). رواه ابن عساكر.
- وقال إسحاق بن محمد: حدثنا سفيان بن حسين قال: قلت لإياس بن معاوية: ما المروءة؟
قال: أما في بلدك وحيث تعرف فالتقوى، وأما حيث لا تعرف فاللباس). رواه ابن عساكر.
- وقال نعيم بن حماد: أخبرني إبراهيم بن مرزوق البصري قال: كنا عند إياس بن معاوية قبل أن يُستقضى، قال: (وكنّا نكتب عنه الفراسةَ كما نكتب من صاحب الحديثِ الحديثَ). رواه وكيع في أخبار القضاة وابن عساكر.