زهده وورعه وخشيته
- قال مالك بن مغول، عن طلحة بن مصرف قال: «قدم حذيفة المدائن على حمارٍ بإكافه على إكاف، سادلاً رجليه، ومعه عِرْق ورغيف وهو يأكل». رواه ابن سعد في الطبقات.
عرْق: أي قطعة لحم.
- وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، قال: كان عمر بن الخطاب إذا بعث أميراً كتب إليهم: إني قد بعثت إليكم فلانا وأمرته بكذا وكذا، فاسمعوا له وأطيعوا.
فلما بعث حذيفة إلى المدائن كتب إليهم: إني قد بعثت إليكم فلانا فأطيعوه، فقالوا: هذا رجل له شأن فركبوا ليتلقوه، فلقوه على بغلٍ تحته إكاف، وهو معترض عليه رجلاه من جانب واحد فلم يعرفوه فأجازوه، فلقيهم الناس؛ فقالوا لهم: أين الأمير؟ قالوا: هو الذي لقيتم.
قال: فركضوا في إثره فأدركوه وفي يده رغيف، وفي الأخرى عرق وهو يأكل، فسلموا عليه، فنظر إلى عظيم منهم فناوله العِرق والرغيف.
قال: (فلما غفل ألقاه أو قال أعطاه خادمه). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال هدبة بن خالد الثوباني: حدثنا سلام بن مسكين، عن محمد بن سيرين أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا استعمل عاملا كتب في عهده: واسمعوا له وأطيعوا ما عدل فيكم، فاستعمل حذيفة على المدائن، وكتب في عهده: اسمعوا له وأطيعوا وأعطوه ما سألكم، فاستقبلوه فإذا هو على حمار مؤكف، وفي يده عرق يأكله، فقرأ عليهم عهده كتاب عمر رضي الله عنه، قالوا له: ما حاجتك فإن أمير المؤمنين لم يكتب إلينا بمثل ما كتب إلينا فيك قال: حاجتي أن تطعموني من الخبز ما دمت فيكم، وتعلفوا حماري، وتجمعوا خراجكم، فلما انقضى عمله دخل إلى المدينة، فلما بلغ عمر قدومه قعد له في الطريق لينظر كيف حاله مما فارقه عليه؟ فلما رآه في تلك الحال اعتنقه، وقال: أنت أخي وأنا أخوك، أنت أخي وأنا أخوك). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب الزهد لأبيه.
- وقال الأعمش، عن موسى بن عبد الله بن يزيد، عن أم سلمة، قالت: قال حذيفة: «لوددت أن لي إنسانا يكون في مالي، ثم أغلق علي بابا فلا يدخل عليَّ أحد حتى ألحق بالله». رواه ابن أبي شيبة.
- وقال ابن عون، عن أبي بشر [البصري]، عن جندب بن عبد الله البجلي، ثم البصري قال: استأذنتُ على حذيفة ثلاث مرات فلم يأذن لي، فرجعت، فإذا رسوله قد لحقني فقال: «ما ردك؟»
قلت: ظننت أنك نائم.
قال: «ما كنتُ لأنام حتى أنظر من أين تطلع الشمس؟!».
قال: فحدثتُ به محمداً [ابن سيرين]؛ فقال: (قد فعله غير واحد من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم). رواه ابن أبي شيبة.