دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الدورات العلمية > الدورات العلمية العامّة > علماء الأمصار في القرون الفاضلة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:32 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي الدرس السابع عشر: لمحات من التاريخ العلمي للشام في القرون الفاضلة

الدرس السابع عشر: لمحات من التاريخ العلمي للشام في القرون الفاضلة
عناصر الدرس:
● التعريف بفتوح الشام.

1: غزوة مؤتة وكانت في جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة.
2: غزوة تبوك وكانت في رجب من السنة التاسعة للهجرة.
3: غزوة ذات السلاسل وكانت في السنة العاشرة للهجرة.
4: جيش أسامة بن زيد في ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة.
5: تجييش الجيوش لفتح الشام في أوّل سنة 13هـ.
6: فتح بُصرى في ربيع الأول سنة 13هـ.
7: فتح غزّة سنة 13هـ.
8: مسير خالد بن الوليد إلى الشام.
9: وقعة أجنادين وكانت في جمادى الأولى من عام 13هـ.
10: وقعة فِحْل وكانت في آخر ذي القعدة من عام 13هـ.
11: وقعة مرج الصفر وكانت في المحرم سنة 14هـ.
12: فتح دمشق وكان في رجب سنة 14هـ.
13: فتح حمص وقِنَّسرين في أواخر سنة 14هـ.
14: معركة اليرموك وكانت في رجب سنة 15هـ.
15: فتح بيت المقدس سنة 16هـ.
16: خطبة الجابية في السنة السادسة عشرة للهجرة.
17: قَدْمة سَرْغ وكانت في السنة السابعة عشرة للهجرة.
18: طاعون عِمْواس سنة 18هـ .
19: استكمال فتوح الشام من سنة 18هـ إلى سنة 20هـ.
● أمراء الشام في زمن الخلفاء الراشدين.
● أسماء خلفاء بني أمية ووفياتهم.
● قضاة الشام.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:36 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

التعريف بفتوح الشام

تمهيد:
تقدّم ذكر حديث البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم بشّر أصحابه بفتح الشام وهم يحفرون الخندق لما عرضت لهم صخرة صلبة كديّة؛ فضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث ضربات قال في إحداها: «الله أكبر! أعطيت مفاتح الشام! والله إني لأبصر قصورها الحُمْر الآن من مكاني هذا».
وقد غُزيت الروم غزوات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، وسأذكرها على ما يترجّح من ترتيبها ليتصل الحديث بعضه ببعض.
وليكون طالب العلم على معرفة بمكانة أهل العلم في تلك القرون، وأثرهم في الفتوح والجهاد، والقضاء، والفتيا، والتعليم.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:37 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

1: غزوة مؤتة وكانت في جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة:
وكان سببها فيما ذكره الواقدي وابن سعد أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الحارث بن عمير الأزدي رضي الله عنه بكتابه إلى ملك بُصرى يدعوه إلى الإسلام.
- قال ابن سعد: (فلما نزل مؤتةَ عرض له شرحبيل بن عمرو الغساني فقتله، ولم يُقتل لرسول الله صلى الله عليه وسلم رسول غيره).
فاشتدّ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فبعث جيشاً إلى مؤتة فيه ثلاثة آلاف مقاتل لغزو الغساسنة، وأمّر عليهم زيد بن حارثة رضي الله عنه.
ولا أعلم أحداً ذكر هذا السبب غيرهما، وأيّاً كان السبب؛ فإنّ الروم قد سمعت الروم بنبأ هذا الجيش فاحتشدوا في مئة ألف مقاتل، ومعهم لفيف من نصارى العرب من لخم وجذام والقين وبهراء وأميرهم رجلٌ من بليّ، ونزلوا في أرض يقال لها مآب.
وعسكر المسلمون في مَعَان من أرض البلقاء، وأميرهم زيد بن حارثة رضي الله عنه.
فلمّا تراءى الجمعان انحاز المسلمون إلى قرية يُقال لها "مؤتة" وتعبّأوا للقتال، ثم دارت رحى المعركة، واقتتلوا اقتتالاً شديداً، فقُتل زيد بن حارثة، ثم جعفر بن أبي طالب، ثم عبد الله بن رواحة، وهم الأمراء الذين أمّرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمّ أخذ الراية خالد بن الوليد، وقاتل بالمسلمين حتى قتلوا من الروم ما شاء الله، ثم أمرهم بالانحياز إلى جهة، وانحازت الروم إلى جهة أخرى، وتوقف القتال؛ وآب كلّ جيش إلى معسكره، فانصرف خالد بمن بقي معه إلى المدينة.
- قال عبد الله بن سعيد، عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: أمّر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة زيد بن حارثة؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر؛ فعبد الله بن رواحة». رواه البخاري في الصحيح.
- وقال حماد بن زيد، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى زيداً وجعفراً وابن رواحة للناس قبلَ أن يأتيهم خبرهم، فقال «أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب، - وعيناه تذرفان - حتى أخذ سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم». رواه البخاري.
وفي رواية في صحيح البخاري من طريق عبد الوارث بن سعيد قال:حدثنا أيوب به، وقال في آخره: (ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح له).
- وقال عبد الله بن عمر بن الخطاب: (كنت فيهم في تلك الغزوة، فالتمسنا جعفر بن أبي طالب، فوجدناه في القتلى، ووجدنا ما في جسده بضعاً وتسعين من طعنة ورمية). رواه البخاري.
- وقال إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت خالد بن الوليد يقول: «لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية» رواه البخاري.
وروي في شأن غزوة مؤتة أحاديث وآثار ليس هذا موضع بسطها، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في شأن خالد: (ففتح له) دليل على أنّ تصرّف خالد بن الوليد كان فتحاً من الله فتح له به، وآب المسلمون معه سالمين.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:37 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

2: غزوة تبوك وكانت في رجب من السنة التاسعة للهجرة:
وهي آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه، وكان سببها أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن الروم تتهيّأ لغزو المدينة؛ فأحبّ أن يبادرهم بالغزو؛ فجيّش جيشاً كبيراً روي أنه في نحو ثلاثين ألف مقاتل، وعسكر في تبوك تسعة عشر يوماً؛ فرهبته الروم، ولم تخرج لقتاله.
وبعث ابنُ العلماء صاحبُ أيلة رسولَه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب، وأهدى له بغلة بيضاء، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهدى له برداً، والخبر في صحيح مسلم من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه.
وذكر ابن إسحاق وغيره أن صاحب أيلة صالح النبي صلى الله عليه وسلم على دفع الجزية، وكذلك أهل أذرح، وأهل جرباء، وهم من اليهود.
وبعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد على رأس سرية لغزو دومة الجندل؛ فغزاها وأسر ملكها أكيدر بن عبد الملك الكندي، وكان نصرانياً، وحمله إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فصالحه على دفع الجزية وحقن دمه.
- قال محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر، عن أنس بن مالك، وعن عثمان بن أبي سليمان «أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة؛ فأُخذ فأتوه به، فحقن له دمه وصالحه على الجزية». رواه أبو داوود في سننه.
وأذعنت قبائل العرب التي في حدود الشام للنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن قتال؛ فعاد النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين إلى المدينة.


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:38 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

3: غزوة ذات السلاسل وكانت في السنة العاشرة للهجرة:
وبعث فيها النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص على رأس جيش إلى قبائل من العرب على أطراف الشام من لخم وجذام وبلي وعذرة وبني القين، وكان كانت بليّ أخوال أبي عمرو العاص بن وائل، وهو بهم أعرف وأرأف.
ثمّ إنّ عمرو بن العاص لما تخوّف كثرة العدوّ بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستمدّه؛ فأمدّه بجيش فيهم أبو بكر وعمر، وعليهم أبو عبيدة ابن الجراح.
وكانت في بردٍ شديد؛ وكان في أصحابه قلّة فنهاهم أن يوقدوا ناراً حتى لا يعرف العدوّ عددهم؛ فلما أصبح قاتل العدوّ وظهر عليهم واستباح عسكرهم؛ فهزموا وفرّوا؛ فنهى عمرو أصحابه أن يتبعوهم خشية أن يكون لهم كمين.
فحوى ما غنم ورجع بالمسلمين إلى المدينة.
- قال أبو أسامة الكوفي: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرواً على جيش ذات السلاسل إلى لخم وجذام ومشارف الشام...) رواه ابن أبي شيبة في خبر طويل.
- وقال كيع بن الجراح: حدثنا إسماعيل، عن قيس، قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل فأصابهم برد شديد فقال: (لا يوقدن رجل ناراً، ثم قاتل القوم؛ فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه؛ فقال: يا رسول الله! كان في أصحابي قلّة، وخشيت أن يرى القوم قلّتهم، ونهيتهم أن يتبعوا العدوَّ مخافة أن يكون لهم كمينٌ من وراء الجبل).
قال: (فأعجب ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم). رواه ابن أبي شيبة.
وفي المعجم الكبير للطبراني من حديث إبراهيم بن المهاجر البجلي، عن طارق بن شهاب، عن رافع بن عمرو الطائي رضي الله عنه ما يقتضي أنّ هذه الغزوة كانت قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بسنة.


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:38 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

4: جيش أسامة بن زيد في ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة:
لمّا رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع مكث بقية ذي الحجة ومحرم ثم في صفر جهّز جيشاً لغزو الروم في الشام، وأمّر عليهم أسامة بن زيد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مرض مرضه الذي مات فيه.
- قال أبو أسامة الكوفي: حدثنا هشام بن عروة قال: أخبرني أبي قال: (أمّر رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد وأمره أن يغير على أبنى من ساحل البحر). رواه ابن سعد.
- وقال موسى بن عقبة عن الزهري قال: (أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغير على مؤتة، وعلى جانب فلسطين حيث أصيب زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة).
قال: (فجلس رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الجذع، واجتمع إليه المسلمون يسلمون عليه، ويدعون له بالعافية، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة ابن زيد فقال: اغد على بركة الله، والنصر والعافية، ثم أغرْ حيث أمرتك أن تغير).
قال أسامة: (يا رسول الله! قد أصبحتَ مفيقاً، وأرجو أن يكون الله عزّ وجل قد عافاك، فائذن لي فأمكث حتى يشفيك الله، فإني إنْ خرجتُ وأنتَ على هذه الحال خرجتُ وفي نفسي منك قرحة، وأكره أن أسأل عنك الناس، فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه البيهقي في دلائل النبوة في خبر طويل.
فلم يلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات، واستُخلف أبو بكر الصديق رضي الله عنه؛ وكان الجيش قد خيّم بالجرفِ ليتتامّ الناس ويتجهّزوا للخروج؛ وكان ممن اكتُتب فيه أبو بكر وعمر؛ فلما استُخلف أبو بكر استأذن أسامة في عمر بن الخطاب، وأمره أن يسير حيث أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- قال أبو أسامة الكوفي: حدثنا هشام بن عروة قال: أخبرني أبي قال: (ومرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول في مرضه: «أنفذوا جيش أسامة، أنفذوا جيش أسامة».
قال: فسار حتى بلغ الجرف، فأرسلت إليه امرأته فاطمة بنت قيس، فقالت: لا تعجل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثقيل، فلم يبرح حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع إلى أبي بكر، فقال: (إنّ رسول الله بعثني وأنا على غير حالكم هذه، وأنا أتخوّف أن تكفر العرب، فإن كفرت كانوا أوّل من يقاتل، وإن لم تكفر مضيت، فإن معي سروات الناس وخيارهم).
قال: فخطب أبو بكر الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (والله لأن تخطفني الطير أحبُّ إليَّ من أن أبدأ بشيء قبل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم).
قال: (فبعثه أبو بكر إلى أبنى، واستأذن لعمر أن يتركه عنده).
قال: (فأذن أسامة لعمر).
قال: (فساروا؛ فلما دنوا من الشام أصابتهم ضبابة شديدة، فسترهم الله بها حتى أغاروا، وأصابوا حاجتهم).
قال: (فقُدم بنعي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هرقل وإغارة أسامة في ناحية أرضه خبراً واحداً؛ فقالت الروم: ما بالى هؤلاء بموت صاحبهم أن أغاروا على أرضنا).
قال عروة: (فما رئي جيش كان أسلم من ذلك الجيش). رواه ابن سعد بأطول من هذا السياق.
وروى عباد بن كثير عن أبي الزناد عن أبي الأعرج عن أبي هريرة في خبر طويل أنّ ذلك الجيش كان سبباً في تثبيت قبائل العرب التي مروا بها في طريقهم على الإسلام.
- وقال مالك، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثا، وأمر عليهم أسامة بن زيد، فطعن الناس في إمارته، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وايم الله إن كان لخليقا للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده». رواه البخاري.


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:39 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

5: تجييش الجيوش لفتح الشام في أوّل سنة 13هـ:
كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه قد شغل بحرب المرتدين في نجد وعمان؛ فلما استوسق الأمر للمسلمين في جزيرة العرب؛ شرع أبو بكر في تجييش الجيوش لفتح العراق والشام.
فبعث خالد بن الوليد إلى العراق في السنة الثانية عشرة للهجرة؛ ففتح فيها فتوحاً.
ثمّ بعث ثلاثة أمراء إلى الشام في أوّل سنة 13هـ، وأمّر على كلّ جيش أميراً:
- فأمّر عمرو بن العاص السهمي على جيش، وأمره أن يسير إلى فلسطين.
- وأمّر خالد بن سعيد بن العاص الأموي على جيش.
- وأمّر شرحبيل ابن حسنة الكندي على جيش.
وأمرهما أن يأخذا طريق البلقاء.
ثمّ إنّ عمر بن الخطاب كلّم أبا بكر في تولية يزيد بن أبي سفيان مكان خالد بن سعيد؛ ففعل، فجالت الجيوش في أطراف الشام يفتحون ما في طريقهم، وإذا اجتمع لهم عدوّ كبير العدد اجتمعوا له، وأمدّ بعضهم بعضاً.
- قال محمد بن إسحاق: حدثني العلاء بن عبد الرحمن عن رجل من بني سهم عن ابن ماجدة السهمي أنه قال: (حجّ علينا أبو بكر في خلافته سنة ثنتي عشرة؛ فلما قفل أبو بكر من الحج جهز الجيوش الى الشام: عمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان وأبا عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة). رواه يعقوب بن سفيان كما في تاريخ دمشق لابن عساكر.
- وقال بكر بن يونس عن ابن إسحاق قال: (لما قفل أبو بكر عن الحج بعث عمرو بن العاص قبل فلسطين، ويزيد بن أبي سفيان وأبا عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة، وأمرهم أن يسلكوا على البلقاء). رواه خليفة بن خياط.
- وقال أحمد بن يحيى البلاذري: حدثني أبو حفص الدمشقي، عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي عن عدة منهم أبو بشر مؤذن مسجد دمشق (أن المسلمين لما قدموا الشام كان كلُّ أميرٍ منهم يقصد لناحية ليغزوَها، ويبثَّ غاراته فيها؛ فكان عمرو بن العاصي يقصد لفلسطين، وكان شرحبيل يقصد الأردن، وكان يزيد بن أبي سفيان يقصد لأرض دمشق، وكانوا إذا اجتمع لهم العدو اجتمعوا عليه، وإذا احتاج أحدهم إلى معاضدة صاحبه وإنجاده سارع إلى ذلك، وكان أميرهم عند الاجتماع في حربهم أوّل أيام أبي بكر رضي الله عنه عمرو بن العاصي حتى قدم خالد بن الوليد الشام؛ فكان أمير المسلمين في كل حرب، ثم ولى أبو عبيدة بن الجراح أمر الشام كله).


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:41 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

6: فتح بُصرى في ربيع الأول سنة 13هـ:
وهي أوّل ما فتح من بلاد الشام، اجتمعت جيوش المسلمين لحصارها؛ فما لبثوا أن صالحهم صاحب بُصرى على دفع الجزية، ففتحت صلحاً.
- قال عبد الأعلى عن سعيد بن عبد العزيز قال: (أوّل مدينة فتحت بالشام بصرى، وفيها مات سعد بن عبادة). رواه ابن عساكر.


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:41 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

7: فتح غزّة سنة 13هـ:
توجّه عمرو بن العاص إلى فلسطين، وبدأ بغزّة ثم قرى الساحل وما جاورها، وكانت أوّل موقعة في موضع يقال له "داثن" جنوب غزة، شرقي "دير البلح" اليوم.
- قال أحمد بن يحيى البَلاذري في "فتوح البلدان": حدثني أبو حفص الدمشقي، عن سعيد بن عبد العزيز عن أشياخه، وعن بقية بن الوليد عن مشايخ من أهل العلم، قالوا: (كانت أوّل وقعة واقعها المسلمون الروم في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه أرض فلسطين، وعلى الناس عمرو بن العاصي، ثم إن عمرو بن العاص فتح غزَّة في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، ثم فتح بعد ذلك سبسطية ونابلس على أن أعطاهم الأمان على أنفسهم وأموالهم ومنازلهم، وعلى أن الجزية على رقابهم والخراج على أرضهم، ثم فتح مدينة لدّ وأرضها، ثم فتح يبنى وعمواس ويبت جبرين واتخذ بها ضيعة تدعى عجلان باسم مولى له، وفتح يافا ويقال: فتحها معاوية، وفتح عمرو "رفح" على مثل ذلك).
- وقال أبو الجماهر محمد بن عثمان الدمشقي: حدثني عبد الحميد بن جعفر عن أبيه قال: (لما سار أمراء المسلمين إلى الشام فنزلوا بقرية يقال لها "داثن" من قرى غزة، مما يلي الحجاز؛ فلقيهم بها بطريق من بطارقة الروم؛ فأرسل إليهم أن يخرجوا إليه أحدَ القوّاد ليكلمه.
قال: فتواكلوا ذلك، وقالوا لعمرو بن العاص: أنت كذلك؛ فخرج إليه عمرو؛ فلما انتهى إليه رحّب به البطريق، وأجلسه معه على سريره، ومَتّ إليه بقرابة العيص بن إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم؛ فكلّمه عمرو، ودعاهم إلى الدخول في الإسلام أو الجزية عن يد وهم صاغرون؛ فأبى وضنَّ بدينه.
فقال عمرو: قد أعذرت، ولم يبق إلا السيف؛ واقتتلوا؛ فكانت بينهم معركة عظيمة)
. رواه ابن سعد كما في تاريخ دمشق.


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:45 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

8: مسير خالد بن الوليد إلى الشام:
سارت الجيوش المسلمة؛ كلّ على وجهه؛ ففتح عمرو بن العاص ما فتح من أطراف أرض فلسطين، وفتح يزيد وشرحبيل ما أتوا عليه حتى بلغوا بصرى وفتحوها صلحاً؛ وتوالت الأنباء إلى هرقل بما فتح المسلمون؛ فأخذ يعدّ العدّة لتجييش جيش عظيم لصدّ المسلمين عن الشام.
وبلغ النبأ أبا بكر الصديق رضي الله عنه؛ فكتب إلى خالد بن الوليد يأمره أن يستنيب على العراق، وأن يتوجّه إلى الشام لنصرة المسلمين، ويتولّى الإمارة العامّة للجيوش الإسلامية.
وكان خالد قد بلغت فتوحه في العراق بلدة عين التمر؛ فاستناب المثنى بنَ حارثة الشيباني على العراق، وخرج بجيش عامّتهم من الفرسان، قيل: ثلاثة آلاف، وقيل: تسعة آلاف، وسار سيراً حثيثاً حتى قطع مفازة الشام في خمس ليالٍ، ونجا بجيشه من مهلكة عظيمة بسبب ندرة موارد الماء، ونزل موضعاً في الشام قرب مرج راهط، وفيه بعض جند غسّان؛ قيل: إنهم كانوا في يوم عيد فِصحهم؛ فقاتلهم وغنم وسبى، وأنهك بذلك دولة الغساسنة.
- قال يعقوب بن سفيان: (حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع، حدثنا صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير أن أبا بكر الصديق كان جهّز بعد النبي صلى الله عليه وسلم جيوشاً على بعضها شرحبيل بن حسنة ويزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص؛ فساروا حتى نزلوا الشام فجمعت لهم الروم جموعاً عظيمة فحُدّثَ أبو بكر بذلك؛ فأرسل إلى خالد بن الوليد وهو بالعراق، وكتب أن انصرف بثلاثة آلاف فارس فأمدّ إخوانك بالشام، والعجلَ العجلَ؛ فأقبلَ خالدٌ مُغِذّا جواداً؛ فاشتقّ الأرضَ بمن معه حتى خرج إلى "ضُمَير"؛ فوجد المسلمين معسكرين بالجابية، وتسامع الأعراب الذين كانوا في مملكة الروم بخالد؛ ففزعوا له ففي ذلك يقول قائلهم:

ألا يا اصبحينا قبلَ خيلِ أبي بكر ... لعلَّ منايانا قريبٌ وما ندري).
رواه ابن عساكر.
- قال يعقوب بن سفيان: حدثنا عمار، عن سلمة، عن ابن إسحاق قال: (سار خالد حتى أغار على غسان بمرج راهط، ثم سار حتى نزل على قناة بصرى، وعليها أبو عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة ويزيد بن أبي سفيان، فاجتمعوا فرابطوها حتى صالحت بصرى على الجزية، وفتحها الله على المسلمين، فكانت أوَّل مدينة من مدائن الشام فتحت في خلافة أبي بكر).
وذكره خليفة بن خياط في تاريخه عن ابن إسحاق بنحوه، وزاد: (وصالح في وجهه ذلك أهلَ تدمر، ومرّ على [حوران]؛ فقتل وسبى، وأغار على قرى غسان بمرج راهط فقتل وسبى).


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:45 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

9: وقعة أجنادين وكانت في جمادى الأولى من عام 13هـ:
وهي من أشهر وقائع فتوح الشام، جمعت فيها الروم جموعاً كثيرة؛ فاجتمعت لهم جيوش المسلمين بالشام وعليهم خالد بن الوليد؛ فنصر الله المسلمين وأكثروا القتل في الروم، وفرّ بقيّة جندهم حتى تحصّنوا في مدائن الشام دمشق وقنّسرين وحمص وغيرها.
وشهد أجنادين جماعة من كبار الصحابة منهم: أبو عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل وكان على الميمنة، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وكان على الخيل.
واستشهد يوم أجنادين جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، منهم: أبان بن سعيد بن العاص بن عبد شمس الأموي، وعكرمة بن أبي جهل، وسلمة بن هشام بن المغيرة المخزومي، وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب الهاشمي.
وفي معمعة القتال وصل خطاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد أن تولّى الخلافة إلى أبي عبيدة ابن الجراح؛ يسند له الإمارة العامة للجيوش الإسلامية في الشام، فحبس أبو عبيدة الخطاب عنده حتى وضعت الحرب أوزارها، واستقرّ الأمر للمسلمين بالنصر، وكسر الله شوكة أعدائهم؛ فأبلغ خالداً بكتاب أمير المؤمنين، وتولّى أبو عبيدة إمارة الجيوش الإسلامية.
وبقي أبو عبيدة يستعين بخالد بن الوليد، ويؤمّره على بعض الجيوش والسرايا.
وبعد أجنادين هرب هرقل من حمص إلى أنطاكية.


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:45 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

10: وقعة فِحْل وكانت في آخر ذي القعدة من عام 13هـ:
وفِحْل بكسر الفاء وتسكين الحاء اسم موضع بالأردن، اجتمعت فيه فئة من الروم لقتال المسلمين بعد وقعة أجنادين؛ وكانت وقعة فِحْل في الثامن والعشرين من ذي القعدة بعد خمسة أشهر من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتسمّى يوم الردغة، ويوم بيسان.
واجتمع فيها جيوش المسلمين شرحبيل بن حسنة على رأس جيش، وعمرو بن العاص على رأس جيش.
وكان أمير المسلمين فيها أبو عبيدة عامر بن الجراح؛ فنصر الله المسلمين، وقُتل من الروم نحو عشرة آلاف، وتفرّق بقيتهم في البلدان، وسأل أهل فِحْلِ الأمان لأنفسهم وأداء الجزية والخراج؛ فعقد لهم أبو عبيدة بن الجراح الصلح، وكتبه شرحبيل بن حسنة.


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:46 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

11: وقعة مرج الصفر وكانت في المحرم سنة 14هـ
- قال محمد بن عائذ: قال الوليد بن مسلم: قال سعيد بن عبد العزيز وابن حاتم: (ثم كانت وقعة بمرج الصفر والتقوا على النهر عند الطاحونة؛ فقُتلت الروم يومئذ حتى جرى النهر، وطحنت طاحونتها من دمائهم). رواه ابن عساكر.
واستشهد فيها خالد بن سعيد بن العاص الأموي أحد السابقين إلى الإسلام ومن أوائل كتاب الوحي، وروي عن بنته أمّ خالد أنه أوّل من كتب "بسم الله الرحمن الرحيم" ، وكان قبل تلك الليلة قد بنى بأمّ حكيم بنت الحارث بن هشام وهي أرملة عكرمة بن أبي جهل؛ فأصبحوا وقد دهمهم العدوّ؛ فقاتل خالد حتى استشهد، روي أنّ أمّ حكيم قَتلت بعمود فسطاطها يومئذ سبعةً من الروم.
- قال يوسف بن بهلول: حدثنا ابن إدريس عن ابن إسحاق قال: (أصيب خالد بن سعيد بن العاص بمرج الصفر، وثابت بن أرقم، وعكاشة بن محصن). رواه البخاري في التاريخ الأوسط.
وروى الواقدي أن عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم قلتهما طليحة الأسدي وأخوه في حروب الردة.


رد مع اقتباس
  #14  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:51 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

12: فتح دمشق وكان في رجب سنة 14هـ:
كان لدمشق أبواب؛ فحاصرها المسلمون أربعة أشهر، نزل على كلّ باب جيش، فدخلها يزيد بن أبي سفيان عنوة من الباب الصغير، فخرج راهب دمشق إلى خالد بن الوليد فصالحه وفتح له الباب؛ فالتقى الجيشان في موضع يعرف بدرب الريحان، وكان ذلك في رجب من سنة أربع عشرة للهجرة.
- قال دحيم: حدثنا الوليد بن مسلم قال: (سمعت أبا عمرو [الأوزاعي] وغيره من أشياخنا يقولون: (إن الله أظهرهم على من تعرّض لقتالهم بأجنادين، وفحل، ثم بمرج الصفر حتى نزلوا على دمشق وحاصروا أهلها). رواه ابن عساكر.
- وقال محمد بن عائذ القرشي: قال الوليد عن يحيى بن حمزة، أخبرني راشد بن داود، عن شراحيل بن مرثد (أنَّ خالد بن الوليد وجماعة المسلمين نزلوا على حصار دمشق فحاصروها أربعة أشهر). رواه ابن عساكر.
- وقال ابن عائذ: حدثنا أبو بكر مروان بن محمد، عن يحيى بن حمزة، وحدث راشد بن داود الصنعاني عن أبي عثمان الصنعاني قال: (حاصرنا دمشق فنزل يزيد بن أبي سفيان على باب الصغير، ونزل أبو عبيدة بن الجراح على باب الجابية، ونزل خالد بن الوليد على باب الشرقي، وكان أبو الدرداء ببرزة).
قال: (فحاصرناها أربعة أشهر).
قال: (وكان راهب دمشق قد طلب من خالد بن الوليد الصلح).
قال: فشرط عليه خالد بن الوليد أشياء أبى الراهب أن يجيبه إليها.
قال: (فدخلها يزيد بن أبي سفيان قسراً من باب الصغير حتى ركبها).
قال: (وذهب الراهب كما هو على الحائط الحائط فأتى خالد بن الوليد ولا يعلم أحد أن يزيد قد دخلها قسراً).
فقال له: هل لك في الصلح؟
قال: وتجيبني إلى ما شرطت عليك؟
قال: نعم؛ فأشهد عليه ففتح له باب الشرقي فدخل يزيد فبلغ المقسلاط فالتقى هو وخالد عند المقسلاط؛ فقال هذا: دخلتها عنوة، وقال هذا: دخلتها صلحاً؛ فأجمع رأيهم على أن جعلوها صلحاً). رواه ابن عساكر.
- وقال ابن عائذ: حدثنا عبد الأعلى بن مسهر عن سعيد بن عبد العزيز أن يزيد بن أبي سفيان دخل من باب الصغير قسراً، وخالد بن الوليد من باب الشرقي صلحاً؛ فالتقى المسلمون في المقسلاط؛ فأمضوا الأمر على الصلح.
وقالوا: (فنظروا فإذا ما بين باب الشرقي إلى المقسلاط أبعد مما بين باب الصغير إلى المقسلاط). رواه ابن عساكر.
- وقال يعقوب بن سفيان: حدثني سلمة، عن أحمد بن حنبل، عن إسحاق بن عيسى، عن
أبي معشر قال: (كان فتح دمشق في العام القابل في رجب سنة أربع عشرة). رواه ابن عساكر.
- وقال عبد الله بن جعفر الرقي: حدثنا مطرف بن مازن اليماني عن معمر قال: (كان فتح دمشق في رجب سنة أربع عشرة). رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال يعقوب بن سفيان: حدثنا حامد بن يحيى، حدثنا صدقة- يعني ابن سابق - عن محمد بن إسحاق قال: (ثم ساروا الى دمشق وعلى الناس خالد، وقد كان عمر عزله، وأمّر أبا عبيدة؛ فرابطوها حتى فتح الله عز وجل، فلمّا قدم الكتاب على أبي عبيدة بإمرته وعزْل خالد استحيا أن يقرئ خالداً الكتاب حتى فتحت دمشق، وكانت في سنة أربع عشرة في رجب).
قال: (وأظهر أبو عبيدة أمرته وعزل خالد، ثم شتا أبو عبيدة سنته بدمشق). رواه ابن عساكر.
- قال أبو زرعة الدمشقي: (وفتحت دمشق سنة أربع عشرة في رجب).
- قال محمود بن خالد الدمشقي عن الوليد بن مسلم عن عثمان بن علاق عن يزيد بن عبيدة قال: (فتحت دمشق سنة أربع عشرة، واليرموك سنة خمس عشرة). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال خليفة بن خياط: (سنة أربع عشرة فيها فتحت دمشق، سار أبو عبيدة بن الجراح ومعه خالد بن الوليد؛ فحاصرهم فصالحوه وفتحوا له باب الجابية، وفتح خالد أحد الأبواب عنوة، وأتمّ لهم أبو عبيدة الصلح).
- قال خليفة بن خياط: حدثني الوليد بن هشام عن أبيه عن جده قال: (كان خالد على الناس فصالحهم؛ فلم يفرغ من الصلح حتى عزل وولي أبو عبيدة؛ فأمضى أبو عبيدة صلح خالد ولم يغيّر الكتاب، والكتاب عندهم باسم خالد).
قال خليفة: (هذا غلط لأنَّ عمر عزل خالداً حين ولي).


رد مع اقتباس
  #15  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:52 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

13: فتح حمص وقِنَّسرين في أواخر سنة 14هـ:
كان فتح حمص بعد فتح دمشق بأربعة أشهر، ثمّ بعدها فتحت قنَّسرين، وهي بلدة كانت آهلة مشهورة قبل أن تخرَّب ويُجلى أهلها، وموضعها اليوم يسمّى العيس، وهي جنوب حلب بنحو 40 كلم.
- قال أبو الجماهر محمد بن عثمان الدمشقي: حدثنا الهيثم بن حميد، أخبرني محمد بن يزيد الرحبي: سمعت أبا الأشعث، عن أبي عثمان الصنعاني قال: (لما فتح الله عز وجل علينا دمشق؛ خرجنا مع أبي الدرداء في مسلحة برزة، ثم تقدمنا مع أبي عبيدة بن الجراح؛ ففتح الله بنا حمص، ثم تقدمنا مع شرحبيل بن السمط؛ فأوطأ الله بنا ما دون النهر يعني الفرات، وحاصرنا عانات، وأصابنا لأواء، وقدم علينا سلمان الخير في مدد لنا). رواه البخاري في التاريخ الأوسط، ويعقوب بن سفيان في المعرفة كما في تاريخ دمشق لابن عساكر.
- قال ابن حزم: (وكان فتح حمص بعد دمشق بأربعة أشهر، من سنة أربع عشرة من الهجرة أيضاً).
- وقال يحيى بن حمزة: حدثنا أبو عبد العزيز شيخ من أهل الأردن، عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم، قال: (رابطنا مدينة قنّسرين مع شرحبيل بن السمط، فلما فتحها أصاب فيها غنماً وبقراً، فقسم فينا طائفة منها، وجعل بقيتها في المغنم؛ فلقيت معاذ بن جبل فحدثته، فقال معاذ: «غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فأصبنا فيها غنماً، فقسم فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم طائفة، وجعل بقيتها في المغنم». رواه أبو داوود في سننه.
- قال ابن حزم: (وكان فتح قنسرين بعد فتح حمص).
- قال ابن حزم: (وافتتح أبو عبيدة قنسرين).
قلت: قنّسرين فتحت مرتين، المرة الأولى صلحاً على يد أبي عبيدة، ثم لما سار أبو عبيدة إلى حلب بلغه نقض أهل قنّسرين للصلح؛ فبعث إليهم شرحبيل بن السمط على رأس جيش ففتحها عنوة، وغنم الغنائم.
وأبو الدرداء وشرحبيل بن السِّمْط وخالد بن الوليد كانوا من قادة الجيوش تحت إمرة أبي عبيدة بن الجراح، ويقع في كتب السير والمغازي نسبة الفتح للأمير الأدنى، ونسبته للأمير الأعلى، وكلّ ذلك صحيح، وقد تفتح بعض البلدان مرتين أو أكثر إذا نقض أهلها الصلح أو اجتمعوا على العصيان، كما تكرر ذلك من أهل قنّسرين، فقد كانوا عيناً لهرقل على المسلمين يرسلون إليه بأخبارهم وأخبار جيوشهم مما حمل خالد بن الوليد على تخريبها وإجلاء أهلها.


رد مع اقتباس
  #16  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:52 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

14: معركة اليرموك وكانت في رجب سنة 15هـ:
واليرموك موضع بالأردن شمال إربد اليوم، وجنوب بحيرة طبريا، وفيه كانت معركة اليرموك، وهي من أشهر المعارك الفاصلة في فتوح الشام، وكانت في رجب من السنة الخامسة عشرة للهجرة؛ حيث حشد هرقل جيوشه من الروم ونصارى العرب والأرمن وأقبلوا إلى اليرموك.
وكان الأمير العامّ على المسلمين في الشام أبو عبيدة بن الجراح، وتحته أمراء، كلّ أمير على جيش، منهم: يزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، وخالد بن الوليد، وعياض الفهري.
وكان أمير كلّ جيش قد قسّم جيشه إلى كراديس، كلّ كردوس فيه نحو ألف مقاتل، وعليهم قائد.
واختلف في عدد المسلمين والروم لكن أرجح الروايات أنّ المسلمين كانوا أربعة وعشرين ألفاً، والروم كانوا مائة ألف أو يزيدون.
ولمّا بلغ أبا عبيدة تألّب الروم وأحلافها كتب إلى عمر يستمدّه؛ فكتب إليه عمر يعظه ويثبّته، فأجابه أبو عبيدة بآية من كتاب الله؛ فقرأ عمر كتاب أبي عبيدة على المسلمين؛ وقال: لهم إنّ أبا عبيدة يعرّض بكم؛ وروي أن عمر أمدّه بجيش قوامه ألف رجل، وأمّر عليهم سعيد بن عامر بن حذيم الجمحي؛ فقدموا على أبي عبيدة وسُرّ بهم.
فالتقى المسلمون والروم في اليرموك، ودارت رحى الحرب الطحون، واقتتلوا اقتتالاً شديداً، وثبت المسلمون حتى أنزل الله نصره، واندقّ الروم بعضهم على بعض لمّا حمي الوطيس حتى اضطرّهم الفرار إلى مضيق من الأرض أُخذوا فيه وقُتّلوا تقتيلاً، وفرّ منهم جيش تبعه خالد بن الوليد فقتل منهم وأكثر حتى قتل قائدهم، وتفرّقت فلول الروم في المدائن والقرى.
- قال يعقوب بن سفيان: حدثني سلمة، عن أحمد بن حنبل، عن إسحاق بن عيسى، عن أبي معشر قال: (كانت اليرموك في رجب سنة خمس عشرة). رواه ابن عساكر.
- وقال أبو مسهر الغساني: سمعت سعيد بن عبد العزيز يقول: (كان فتح دمشق سنة أربع عشرة، وكانت اليرموك سنة خمس عشرة، وعلى المسلمين أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه). رواه ابن عساكر.
- وقال محمد بن عائذ عن أبي مسهر الغساني عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي (أن المسلمين كانوا أربعة وعشرين ألفاً، وعليهم أبو عبيدة، والروم كانوا عشرين ومائة ألف، عليهم باهان وسقلاب، يوم اليرموك). رواه ابن عساكر.
- وقال يعقوب بن سفيان: حدثني عمار، عن سلمة، عن محمد بن إسحاق قال: (لما ضاقت الروم سار هرقل في الروم حتى نزل أنطاكية ومعه من المستعربة: لخم وجذام وبلقين وبلي وعاملة وتلك القبائل من قضاعة وغسان بشر كثير، ومعه من أهل أرمينية مثل ذلك بشر كثير.
فلما نزلها أقام بها وبعث الصقلاب- خصياً له-، فسار في مائة ألف مقاتل معه من أهل أرمينية اثنا عشر ألفاً، عليهم جرجة، ومعهم من المستعربة من غسان وتلك القبائل اثنا عشر ألفاً عليهم جبلة بن الأيهم الغساني، وسائرهم من الروم، وعلى جملة الناس الصقلاب خصيّ هرقل.
وسار إليهم المسلمون وهم أربعة وعشرون ألفاً، عليهم أبو عبيدة ابن الجراح؛ فالتقوا باليرموك في رجب سنة خمس عشرة؛ فاقتتل الناس قتالاً شديداً حتى دُخل عسكر المسلمين، وقاتل نساء من قريش بالسيوف حين دخل العسكر، منهن أم حكيم بنت الحارث بن هشام حتى سابقن الرجال).
رواه ابن عساكر.
- وقال أبو نعيم: حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر يقول:(ما أستطيع أن أصلي).
قال: (فلما حُصر أبو عبيدة وتألَّب عليه العدو؛ فكتب إليه عمر: "أما بعد فإنه مهما ينزل بعبد شدة إلا جعل الله له بعدها فرجاً، ولن يغلب عسر يسرين؛ فإن الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}). رواه ابن عساكر.
- وقال وكيع بن الجراح: حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: (لما أتى أبو عبيدة الشامَ حُصر هو وأصحابه وأصابهم جهدٌ شديد؛ فكتب إليه عمر: "سلام عليكم أما بعد فإنه لم تكن شدة إلا جعل الله بعدها فرجاً، ولن يغلب عسر يسرين" وكتب إليه: "{يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}".
قال: وكتب إليه أبو عبيدة: "سلام عليكم أما بعد فإنَّ الله قال: {أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد} إلى آخر الآية").
قال: (فخرج عمر بكتاب أبي عبيدة؛ فقرأ على الناس فقال: يا أهل المدينة! إنما كتب أبو عبيدة يعرّض بكم، ويحثّكم على الجهاد".
قال زيد: قال أبي: "إني لقائم في السوق إذ أقبل قوم مبيضين قد هبطوا من الثنية، فيهم حذيفة بن اليمان يبشرون).

قال: (فخرجت أشتدّ حتى دخلتُ على عمر؛ فقلت: يا أمير المؤمنين! أبشر بنصر الله والفتح).
فقال عمر: (الله أكبر! رُبَّ قائل: لو كان خالد بن الوليد) رواه ابن أبي شيبة، ورواه الحاكم في المستدرك من طريق عبد الله بن المبارك عن هشام بن سعد به.
وقد شهد اليرموكَ من كبار الصحابة: الزبير بن العوّام، وسعيد بن زيد، وعبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، وحذيفة بن اليمان، وأبو الدرداء، وعمرو بن العاص، وابنه عبد الله وأصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، والمغيرة بن شعبة، وأبو واقد الليثي، وأبو سفيان بن حرب، ودحية الكلبي، والمقداد بن عمرو، وعمرو بن معدي كرب، وصفوان بن أميّة، والمسيّب بن حزن والد سعيد بن المسيّب، ومعاوية بن حديج، وأبو جهم بن حذيفة العدوي صاحب الأنبجانية، وغيرهم كثير، وقد روي أنه شهد اليرموك ألف من الصحابة.
واستشهد يوم اليرموك جماعة من الصحابة منهم: هشام بن العاص بن وائل السهمي أخو عمرو بن العاص، وطليب بن عمير بن وهب القرشي أمّه أروى بنت عبد المطلب عمّة النبي صلى الله عليه وسلم وكان من المهاجرين الأولين وممن شهد بدراً، وعبد الله بن سفيان بن عبد الأسد المخزومي وكان من السابقين الأولين إلى الإسلام، وعمرو بن الطفيل الدوسي، والنضير بن الحارث بن علقمة بن كلدة، وغيرهم.
تنبيه:

- قال معمر، عن الزهري قال: (لما استخلف عمر نزع خالد بن الوليد، فأمر أبا عبيدة بن الجراح، وبعث إليه بعهده وهو بالشام يوم اليرموك، فمكث العهد مع أبي عبيدة شهرين لا يعرفه إلى خالد حياء منه، فقال خالد: «أخرج أيّها الرجلُ عهدك نسمع لك ونطيع » رواه عبد الرزاق.
قلت: بين اليرموك واستخلاف عمر نحو سنتين؛ فهذا الخبر مختصر، وقد كان عزل خالد عن الإمارة العامة للجيوش في أوّل خلافة عمر، لكنّه لم يعزل عن الجهاد وقيادة الجيوش تحت إمرة أبي عبيدة؛ فقد كان أبو عبيدة أمير الجيوش كافة، وكان خالد بن الوليد يوم اليرموك أميراً على الفرسان، وكان الأمراء يأتمرون ويتشارون في شؤون الحرب.
- وقال محمد بن جعفر غندر: حدثنا شعبة عن سماك بن حرب قال: سمعت عياضاً الأشعري قال: (شهدت اليرموك وعلينا خمسة أمراء: أبو عبيدة بن الجراح، ويزيد بن أبي سفيان، وابن حسنة، وخالد بن الوليد، وعياض، - وليس عياض صاحب سماك - :
قال: قال عمر: "إذا كان قتال فعليكم أبو عبيدة" فقتلناهم أربعة فراسخ وأصبنا أموالاً). رواه البخاري في التاريخ الأوسط وابن أبي شيبة.
- وقال هشام بن عروة، عن أبيه قال: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا للزبير يوم اليرموك: "ألا تشدّ فنشدّ معك؟
فقال: "إني إن شددت كذبتم"
فقالوا: لا نفعل.
فحمل عليهم حتى شقَّ صفوفهم، فجاوزهم وما معه أحد، ثم رجع مقبلاً، فأخذوا بلجامه، فضربوه ضربتين على عاتقه، بينهما ضربة ضربها يوم بدر.
قال عروة: «كنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير».
قال عروة: «وكان معه عبد الله بن الزبير يومئذ وهو ابن عشر سنين فحمله على فرسٍ ووكَّل به رجلاً». رواه البخاري في صحيحه.


رد مع اقتباس
  #17  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:53 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

15: فتح بيت المقدس سنة 16هـ:
كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أصحابه بفتح بيت المقدس؛ فوقع ذلك كما أخبر به صلى الله عليه وسلم؛ فحاصرها عمرو بن العاص بجيشه في أخبار يطول ذكرها؛ حتى صالحوه على فتحها واشترطوا أن يلي الصلح أمير المؤمنين عمر بن الخطاب؛ فأجابهم عمرو إلى ذلك، وقدم عمر سنة 16هـ من المدينة ومعه جماعة من علماء الصحابة رضي الله عنهم منهم عبد الله بن سلام، وأبو موسى الأشعري، فولي فتحَ بيت المقدس، وصلّى في الموضع الذي صلّى فيه النبي صلى الله عليه وسلم لمّا أسري به، واستخلف على المدينة زيد بن ثابت.
- قال سفيان بن حسين، عن هشام بن يوسف، عن عوف بن مالك، قال: استأذنت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ادخل».
قلت: فأدخل كلي أو بعضي؟
قال: «ادخل كلك ».
فدخلتُ عليه وهو يتوضأ وضوءا مكيثا؛ فقال: (( يا عوف بن مالك! ست قبل الساعة: موت نبيكم صلى الله عليه وسلم، خذ إحدى)).
قال عوف: (فكأنما انتزع قلبي من مكانه)
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وفتح بيت المقدس، وموت يأخذكم تقعصون به كما تقعص الغنم؛ وأن يكثر المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيسخطها، وفتح مدينة الكفر، وهدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً فيكونون أولى بالغدر منكم). رواه ابن أبي شيبة، وأصله في صحيح البخاري.
- وقال دحيم: حدثنا الوليد بن مسلم قال: سمعت أشياخنا يقولون: (إنَّ دمشق فتحت في سنة أربع عشرة، وإن عمر بن الخطاب قدم الشام سنة ست عشرة؛ فولاه الله فتحَ بيت المقدس على صلح، ثم قفل). رواه أبو زرعة الدمشقي كما في تاريخ ابن عساكر.
- وقال يزيد بن عبيدة السكوني: (فتحت بيت المقدس سنة ست عشرة، وفيها قدم عمر بن الخطاب الجابية).رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال هشام بن عمار، عن الوليد عن الأوزاعي (أنّ أبا عبيدة فتح قنسرين وكورها سنة ست عشرة ثم أتى فلسطين فنزل إيليا فسألوه أن يصالحهم فصالحهم في سنة سبع عشرة على أن يقدم عمر رحمه الله فينفذ ذلك ويكتب لهم به). رواه البلاذري.
- وقال هشام بن عمار: حدثني الوليد بن مسلم عن تميم بن عطية عن عبد الله بن قيس، قال: (كنت فيمن يلقى عمر مع أبي عبيدة مقدمة الشام فبينما عمر يسير إذ لقيه المقلّسون من أهل أذرعات بالسيوف والريحان، فقال عمر: (مَهْ! امنعوهم).
فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين هذه سنتهم - أو كلمة نحوها- وإنك إن منعتهم منها يروا أنّ في نفسك نقضاً لعهدهم؛ فقال: (دعوهم). رواه البلاذري في فتوح البلدان.
- وقال أبو معاوية، عن الأعمش، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، قال: لما قدم عمر الشام أتته الجنود وعليه إزار وخفان وعمامة وأخذ برأس بعيره يخوض الماء؛ فقالوا له: يا أمير المؤمنين! تلقاك الجنود وبطارقة الشام وأنت على هذا الحال؟!!
قال: فقال عمر: «إنا قوم أعزنا الله بالإسلام , فلن نلتمس العز بغيره». رواه ابن أبي شيبة.
- وقال دحيم: قال الوليد [بن مسلم] إنه أخبرهم: فولاه الله فتحها على صلح سنة ست عشرة، ثم قفل بمن كان معه إلى دار هجرتهم، وقد كبت الله بما كان من قدومه جماعة أعداء الله، وفتّ به في أعضاد المشركين، وأرعب به قلوب الحاضر منهم، وأذلّهم بأداء الجزية، وأخاف به الغائب). رواه أبو زرعة الدمشقي.


رد مع اقتباس
  #18  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:54 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

16: خطبة الجابية في السنة السادسة عشرة للهجرة:
والجابية موضع شرقيّ الجولان، جنوب غرب دمشق بنحو 60 كلم توجّه إليه عمر بن الخطاب بمن معه بعد أن فرغ من فتح بيت المقدس، واجتمع فيه بأجناد المسلمين، وخطب فيهم خطبته المشهورة، وأعاد تنظيم الجيوش وترتيب الأمراء بما تقتضيه المصالح الشرعية في ذلك الوقت.
فأمر عمرو بن العاص بالمسير إلى مصر، وجعل أبا عبيدة على جيش كبير، ويزيد بن أبي سفيان على جيش آخر، وعزل شرحبيل بن حسنة وأمر جنده بالتفرق في الجيوش الثلاثة جيش أبي عبيدة، وجيش يزيد بن أبي سفيان، وجيش عمرو بن العاص.
وأمّر أبا عبيدة على الجيوش عامّة إذا اجتمعت لقتال.
- قال معمر عن ابن شهاب الزهري قال: (قدم عمر الجابية فنزع شرحبيل بن حسنة، وأمر جنده أن يتفرقوا في الأمراء الثلاثة فقال شرحبيل بن حسنة: يا أمير المؤمنين أعجزتُ أم خنتُ؟
قال: لم تعجز ولم تخن؟
قال: ففيم عزلتني؟
قال: تحرّجت أن أؤمّرك وأنا أجد أقوى منك.
قال: فاعذرني يا أمير المؤمنين.
قال: سأفعل، ولو علمت غير ذلك لم أفعل.
قال: فقام عمر فعذره، ثم أمر عمرو بن العاص بالمسير إلى مصر، وبقي الشام على أميرين: أبي عبيدة بن الجراح، ويزيد بن أبي سفيان)
. رواه عبد الرزاق في مصنفه.


رد مع اقتباس
  #19  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:54 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

17: قَدْمة سَرْغ وكانت في السنة السابعة عشرة للهجرة:
وفي السنة السابعة عشرة للهجرة خرج عمر بن الخطاب بجماعة من أهل المدينة إلى الشام وسار حتى بلغ موضعاً في أطراف الشام يقال له "سرغ" ، ويسمّى اليوم "المدوّرة" جنوب الأردن، وهو شمال تبوك بنحو 115 كلم.
فلمّا بلغ ذلك الموضع جاءته الأنباء بوقوع الوباء في الشام؛ فاستشار أصحابه والمسلمين، ثم رجع بهم إلى المدينة.
وفي قدمته تلك لقي أبا عبيدة ومعاذ بن جبل وبعض أمراء الشام.
- ذكر أبو زرعة الدمشقي في تاريخ دمشق عن دحيم عن الوليد بن مسلم عن أشياخه: (أنّ عمر بن الخطاب لم يرض بما كان من قدمته [ أي: لفتح بيت المقدس] دون أن عاد سنة سبع عشرة، فأُخبر بما في الشام من الوباء فانصرف بمن معه).
- وقال مالك، عن ابن شهاب، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أن عمر خرج إلى الشام، فلما كان بسرغ بلغه أن الوباء قد وقع بالشام؛ فأخبره عبد الرحمن بن عوف: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارا منه». متفق عليه، زاد مسلم: (فرجع عمر بن الخطاب من سرغ).
- وقال عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن عبد الله بن عباس، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، خرج إلى الشأم، حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد، أبوعبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشأم.
قال ابن عباس: فقال عمر: ادع لي المهاجرين الأولين، فدعاهم فاستشارهم، وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشأم، فاختلفوا، فقال بعضهم: قد خرجت لأمر، ولا نرى أن ترجع عنه، وقال بعضهم: معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء.
فقال: ارتفعوا عني.
ثم قال: ادعوا لي الأنصار، فدعوتهم فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم.
فقال: ارتفعوا عني.
ثم قال: ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح؛ فدعوتهم فلم يختلف منهم عليه رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء.
فنادى عمر في الناس: إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه.
قال أبوعبيدة بن الجراح: أفرارا من قدر الله؟
فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة!! نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كان لك إبل هبطت واديا له عدوتان، إحداهما خصبة، والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟!
قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف - وكان متغيبا في بعض حاجته - فقال: إن عندي في هذا علماً، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه»
قال: (فحمد اللهَ عمر ثم انصرف). متفق عليه.


رد مع اقتباس
  #20  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:55 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

18: طاعون عِمْواس سنة 18هـ:
وعمواس موضع بفلسطين شمال القدس بنحو 28 كلم، وشرقي رام الله.
وأوّل ما وقع الوباء سنة سبع عشرة للهجرة ثم تعاظم في سنة 18ه ومات فيه خلق كثير من الصحابة والتابعين، واختلف في تقدير عددهم على أقوال لم أر ما تطمئنّ النفس لاعتماده منها.
- قال الحافظ ابن كثير: (هذا الطاعون منسوب إلى بُليدة صغيرة يقال لها: عمواس، وهي بين القدس والرملة، لأنها كان أول ما نجم هذا الداء بها، ثم انتشر في الشام منها؛ فنسب إليها).
وممن مات في الطاعون من الصحابة الكرام: أبو عبيدة عامر بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وشرحبيل بن حسنة، والفضل بن عباس، وسهيل بن عمرو، وابنه أبو جندل، والحارث بن هشام، ويزيد بن أبي سفيان، وغيرهم.
- قال شعبة، عن يزيد بن خمير، عن شرحبيل بن شفعة، قال: وقع الطاعون، فقال عمرو بن العاص: (إنه رجس؛ فتفرقوا عنه)
فبلغ ذلك شرحبيل بن حسنة، فقال: (لقد صحبتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمرو أضلّ من بعير أهله، إنه دعوة نبيكم، ورحمة ربكم، وموت الصالحين قبلكم، فاجتمعوا له، ولا تفرقوا عنه).
فبلغ ذلك عمرو بن العاص فقال: (صدق). رواه أحمد.


رد مع اقتباس
  #21  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:55 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

19: استكمال فتوح الشام من سنة 18هـ إلى سنة 20هـ:
بعد موت يزيد بن أبي سفيان ولّى عمر أخاه معاوية بن أبي سفيان مكانه، وكان أبو عبيدة قد استخلف خاله عياض بن غنم الفهري؛ فأخذ معاوية ما يلي الساحل من قرى فلسطين فافتتح قيسارية وتسمّى قيصرية في أواخر سنة 18هـ، ثم أصعد شمالاً حتى بلغ أنطاكية.
وغزا عياض بن غنم الجزيرة، وهي ما بين نهري دجلة والفرات مما يلي الشام، ووافق أبا موسى الأشعري قد افتتح الرها وسميساط بجيش من أهل العراق؛ فاجتمعا على فتح ما بقي من أرض الجزيرة، وفتحوا نصيبين، والرقة، وسنجار، وحرّان، وآمد، وبقية ديار بكر حتى بلغوا ملطية.
والتقى حيش معاوية وجيش عياض في ملطية، واستكملوا بذلك فتح الشام في سنة 20هـ، وهي السنة التي مات فيها هرقل عظيم الروم.
- قال خليفة بن خياط: حدثني حاتم بن مسلم (أن أبا موسى الأشعري افتتح الرها وسميساط صلحاً وما والاهما عنوة).
قال: (وكان أبو عبيدة بن الجراح وجه عياض بن غنم الفهري إلى الجزيرة؛ فوافق أبا موسى بعد فتح هذه المدائن؛ فمضى ومضى معه أبو موسى؛ فافتتحا حران ونصيبين وطوائف الجزيرة عنوة).


رد مع اقتباس
  #22  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 01:57 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

أمراء الشام في زمن الخلفاء الراشدين:
تقدّم ذكر أمراء الجيوش الذين فتحوا الشام، وأنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما لقي أمراء الأجناد بالجابية بعد فتح بيت المقدس أعاد تنظيم الجيوش الإسلامية، وترتيب الأمراء؛ فجعل على الشام أميرين: أبا عبيدة بن الجراح، ويزيد بن أبي سفيان، وسيّر عمرو بن العاص بجيش كبير لفتح مصر.
- قال معمر عن ابن شهاب الزهري قال: (أَمَرَ [عمرُ بن الخطاب] عمرو بن العاص بالمسير إلى مصر، وبقي الشام على أميرين: أبي عبيدة بن الجراح، ويزيد بن أبي سفيان
ثم توفي أبو عبيدة، فاستخلف خاله وابن عمّه عياض بن غنم فأقرّه عمر.
فقيل لعمر: كيف تُقِرّ عياض بن غنم وهو رجل جوادٌ لا يمنع شيئاً يُسأله وقد نزعت خالد بن الوليد في أن كان يعطي دونك؟!!
فقال عمر: (إن هذه شيمة عياض في ماله حتى يخلص إلى ماله، وإني مع ذلك لم أكن لأغير أمراً قضاه أبو عبيدة بن الجراح).
قال: (ثم توفي يزيد بن أبي سفيان فأمّر مكانه معاوية فنعاه عمر إلى أبي سفيان فقال: احتسب يزيد يا أبا سفيان.
قال: يرحمه الله، فمن أمّرت مكانه؟
قال: معاوية.
قال: وصلتك رحم.
قال: ثم توفي عياض بن غنم، فأمّر مكانه عمير بن سعد الأنصاري، فكانت الشام على معاوية وعمير حتى قُتل عمر، فاستُخلف عثمان بن عفان، فعزَل عميراً، وترك الشام لمعاوية).رواه عبد الرزاق في مصنفه.
فهذه رواية معمر عن الزهري، وقد روي عنه من طرق أخرى ما فيه زيادة على بعض ما ذكر.
- قال أصبغ بن الفرج: حدثنا ابن وهب، عن يونس [بن يزيد الأيلي]، عن ابن شهاب، قال: ( كانت الشام على أميرين: على أبي عبيدة بن الجراح، ويزيد بن أبي سفيان، فتوفي أبو عبيدة، واستخلف خاله عياض بن غنم أحد بني الحارث بن فهر؛ فأقرّه عمر رضي الله عنه، ثم توفي عياض؛ فأمّر مكانه سعيد بن عامر بن حذيم، ثم توفي سعيد بن عامر، فأمّر مكانه عمير بن سعد). رواه الطبراني في المعجم الكبير، وأبو نعيم في معرفة الصحابة.
- وذكر سلمة بن الفضل الأبرش عن ابن إسحاق أن عمير بن سعد الأنصاري كان على دمشق والبثنية وحوران وحمص وقنَّسرين والجزيرة.
ومعاوية على: البلقاء، وفلسطين، والأردن، والسواحل، وأنطاكية، ومعرَّة مصرين.
وقد روي أنّ عمر بن الخطاب عزل عمير بن سعد، ولا يصحّ، والأصح أن الذي عزله عثمان بن عفان حين استخلف.
- قال عمرو بن واقد، عن يونس بن حلبس، عن أبي إدريس الخولاني، قال: لما عزل عمر بن الخطاب عمير بن سعد عن حمص ولّى معاوية، فقال الناس: عزل عُميراً وولى معاوية، فقال عمير: لا تذكروا معاوية إلا بخير، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم اهدِ به».رواه الترمذي، وقال: (هذا حديث غريب. وعمرو بن واقد يضعَّف).
- وقال عمر بن عبد الواحد: حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة، عن يزيد: أن بعثاً من أهل الشام كانوا مرابطين بآمد، وكان على حمص عمير بن سعد فعزله عثمان وولى معاوية، فبلغ ذلك أهل حمص فشق عليهم، فقال عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لمعاوية: «اللهم اجعله هاديا مهدياً، واهدِه واهدِ به». رواه أبو بكر الخلال.
فهذا الخبر يدلّ على أنّ الذي عزل عمير بن سعد هو عثمان بن عفان، وذلك أنّه جمع الشام كلّه لمعاوية.
- وقال هشام [بن عمار]: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثني مرزوق بن أبي الهذيل قال: حدثني ابن شهاب عن عروة أنه حدثه قال: (استخلف عثمان بن عفان، ففتح الله عليه إفريقية، وخراسان. فعزل عمير بن سعد عن حمص، وجمع الشام لمعاوية، ونزع عمرو بن العاص عن مصر، وأمّر عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح - أحد بني عامر بن لؤي). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال محمد بن عائد: أخبرني الوليد بن مسلم قال: (حدثني عبد الله بن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب قال: كان عمر بن الخطاب أمّر على الشام بعد يزيد بن أبي سفيان معاوية بن أبي سفيان وعمير بن سعد الأنصاري، وأمّر على الكوفة المغيرة بن شعبة الثقفي، وأمّر على البصرة أبا موسى الأشعري عبد الله بن قيس، وأمّر على أهل مصر عمرو بن العاص؛ فقتل عُمر ولم يخلع أحداً منهم؛ فاستخلف عثمان فنزع عمير بن سعد، وجمع الشام لمعاوية كله، ثم نزع عمرو بن العاص وأمّر عبد الله بن سعد). رواه ابن عساكر.

وبقي معاوية أميراً على الشام كلّه زمن عثمان بن عفان، ثمّ زمن عليّ بن أبي طالب ولم يبايعه؛ ولما قُتل عليّ بن أبي طالب وولي الحسن بن عليّ تنازل لمعاوية عن الخلافة، وسمّي ذلك العام عام الجماعة، لاجتماع كلمة المسلمين فيه على إمام واحد.
فهؤلاء أمراء الشام زمن الخلفاء الراشدين.
والشام كثيرة المدن والقرى؛ فكان لبعض بلدان الشام أمراء يتبعون أمير الشام، وتقصّيهم يطول به المقام.


خبر محمد بن كعب القرظي في بعث عمر المعلمين إلى الشام

- قال محمد بن إسماعيل البخاري في التاريخ الصغير: حدثنا إسماعيل حدثني أخي عن سليمان عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن محمد بن كعب القرظي قال: جمع القرآن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم خمسة من الأنصار: معاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، وأبيّ بن كعب، وأبو أيوب، وأبو الدرداء؛ فلما كان عمر كتب يزيدُ بن أبي سفيان أنَّ أهل الشام كثروا واحتاجوا إلى من يعلّمهم القرآن ويفقههم؛ فقال عمر: (أعينوني بثلاثة). قالوا: هذا شيخ كبير لأبي أيوب، وهذا سقيم لأبيّ؛ فخرج معاذ، وعبادة، وأبو الدرداء.
فقال: ابدؤوا الحمص فإذا رضيتم منها؛ فليخرج واحد إلى دمشق، وآخر إلى فلسطين؛ فأقام بها عبادة، وخرج أبو الدرداء إلى دمشق، ومعاذ إلى فلسطين؛ فمات بها، ولم يزل معاذ بها حتى مات عام طاعون عمواس، وصار عبادة بعد إلى فلسطين؛ فمات بها، ولم يزل أبو الدرداء بدمشق حتى مات).
قلت: هذا الخبر مرسل، وسياقه غريب؛ فإن ظاهره أنّهم لم يبعثوا إلا بعد فتح الشام، وقد شهد معاذ وأبو الدرداء فتوح الشام من أوائل وقعاتها، وأبو أيوب كان رجلاً غزاء جاهد في الشام حتى مات على أسوار القسطنطينية سنة 55ه.

وأما تعليم معاذ بفلسطين، وتعليم أبي الدرداء بدمشق، وتعليم عبادة بحمص ثم فلسطين فلا خلاف فيه.


رد مع اقتباس
  #23  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 02:00 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

إيجاز التعريف بخلفاء بني أمية:
من المهمّ إيجاز التعريف بخلفاء بني أمية، ومُدَدِ حكمهم، وتواريخ وفياتهم، وذلك لكثرة ما يرد في كتب السير والتراجم من تأريخ بعض الحوادث والوفيات بأزمنة الخلفاء.
- قال قاضي دمشق أبو مسهر الغساني فيما رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخ دمشق: (أقام يزيد بعده [أي بعد أبيه معاوية ] أربع سنين ونصف، لم يتمها، ومات بحوارين).
- وقال: (بويع لمروان بن الحكم وعبد الله بن الزبير، بايع مروانَ أهلُ الأردن وطائفة من أهل دمشق، وسائر الناس زبيريون، ثم اقتتل مروان وشيعة ابن الزبير يوم مرج راهط؛ فظفر مروان وشيعته بشيعة ابن الزبير، واجتمع الناس لمروان)..
- قال: (وحجَّ ابنُ الزبير ثماني حجج، ولي من سنة أربع وستين إلى سنة إحدى وسبعين).
- قال: (لما اجتمع الناس لمروان فغلب، فصارت الشام ومصر لمروان، وكان بقاؤه تسعة أشهر، فهلك بدمشق؛ فعهد إلى عبد الملك؛ فظفر عبد الملك بمصعب، ووجه الحجاج إلى عبد الله بن الزبير فقتله سنة ثلاث وسبعين، واجتمع الناس له).
- قال أبو مسهر: (فأقام عبد الملك حتى أصيب في ذي القعدة سنة ست وثمانين، فكان بقاؤه من هلكة أبيه إلى هلكته إحدى وعشرين سنة، ومات بدمشق).
- قال دحيم: (عُمّر ستّين سنة)
- قال أبو مسهر: (ثم استخلف الوليد بن عبد الملك، فأقام تسع سنين، فأصيب في سنة ست وتسعين).
- قال أبو زرعة: قلت لعبد الرحمن بن إبراهيم: كم كان سن الوليد بن عبد الملك؟
- قال: ثنتين وخمسين سنة.
- قال أبو زرعة: قلت لعبد الرحمن: فسليمان بن عبد الملك؟
قال: (قد جاز الأربعين).
- قال أبو مسهر: (استخلف سليمان بن عبد الملك سنتين وشيئاً، وهلك في صفر سنة تسع وتسعين).
- قال أبو مسهر: حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال: (كانت خلافة سليمان بن عبد الملك كأنها خلافة عمر بن عبد العزيز، كان إذا أراد شيئاً، قال له: ما تقول يا أبا حفص؟).
- قال سعيد بن عبد العزيز: (فعهد إلى عمر بن عبد العزيز، فأقام سنتين ونصفاً، ثم مات بدير سمعان).
- قال أبو مسهر: (أصيب في رجب سنة إحدى ومائة).
- قال الحميدي: حدثنا سفيان [بن عيينة] أنه سأل عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن سن أبيه، فقال: (لم يبلغ الأربعين). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- قال أبو مسهر: (فأقام يزيد بن عبد الملك بعده أربع سنين، وأصيب في رجب سنة خمس ومائة).
- قال أبو مسهر: (ثم استخلف هشام بن عبد الملك).
- قال أبو مسهر: (أن خلافته كانت تسع عشرة سنة وأشهراً).
- قال أبو مسهر: (فأصيب هشام بن عبد الملك سنة خمس وعشرين ومائة).
- قال أبو مسهر: (استخلف الوليد بن يزيد فأقام سنة وأشهراً).
- قال: ثم ولي يزيد بن الوليد بن عبد الملك خمسة أشهر، ثم أصابه الطاعون.
- قال أبو مسهر: (ثم جاء مروان بن محمد فأقام خمس سنين).
- وقال هشام بن عمار عن الهيثم بن عمران أن مروان بن محمد بن مروان أقام ست سنين ثم قتل بمصر.
قال أبو مسهر: (قتل في ذي الحجة سنة ثنتين وثلاثين ومائة).


رد مع اقتباس
  #24  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 02:36 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

قضاة الشام في القرون الفاضلة:
أوّل قاض لأهل دمشق والأردن وما والاهما أبو الدرداء رضي الله عنه، ولاه عمر فبقي في القضاء حتى مات في أواخر خلافة عثمان بن عفان، ولمّا حضرته الوفاة أشار على معاوية - وكان أميرَ الشام زمن عثمان - بتولية فضالة بن عبيد؛ فولّاه معاوية قضاءَ دمشق حتى مات سنة 53هـ، ثم ولى بعده النعمان بن بشير، ثم عزله وولّى بلال بن أبي الدرداء، وولّى النعمان إمارة حمص.
ولما تولّى عبد الملك بن مروان عزلَ بلالَ بن ابي الدرداء عن القضاء، وولّى أبا إدريس الخولاني، ثم ولي بعده عبد الله بن عامر اليحصبي، ثم زرعة بن ثوب، وقيل: عبد الرحمن بن قيس العقيلي، ثم عبد الرحمن بن الحسحاس العذري وسليمان بن حبيب المحاربي لعمر بن عبد العزيز، ثم نمير بن أوس الأشعري لهشام، ثم يزيد بن أبي مالك الهمداني، ثمّ الحارث بن يمجد الأشعري، ثم سالم بن عبد الله المحاربي ولاه عبد الله بن علي العباسي، ثم محمد بن لبيد الأسدي، ثم سلمة بن عمرو.
وفي زمن أبي جعفر المنصور ولّى يحيى بن حمزة القضاء، وكان شابّاً صالحاً؛ فمكث في القضاء حتى مات.
ثمّ توالى القضاة وكثروا بما يتعسّر ضبطه.
وأوّل قاض لأهل حمص وما والاها عبادة بن الصامت رضي الله عنه، ثمّ نقله عمر إلى فلسطين فكان أوّلَ قاض لأهل فلسطين.
ثمّ ولي القضاء بفلسطين والأردن جماعة يتعسّر تقصّيهم منهم: كريب بن سيف الأنصاري، وعبادة بن نسي الكندي، وأيوب بن بُشير بن كعب العدوي، وعبد الله بن موهب الهمداني في زمن عمر بن عبد العزيز، وابنه يزيد بن عبد الله بن موهب، وجميل بن مهاجر الشامي، وعمران بن معروف السدوسي، وعمر بن أبي بكر العدوي، والوليد بن سلمة الطبراني، وعبد الرحمن بن مغراء الدوسي، وعبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي المعروف بدُحيم، في زمن المتوكّل العباسي.

- قال هشام بن عمار: حدثني الوليد بن مسلم عن تميم بن عطية قال: (ولّى عمرُ معاوية بن أبي سفيان الشام بعد يزيد، وولى معه رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة والقضاء؛ فولّى أبا الدرداء قضاء دمشق والأردن وصَلاتهما، وولى عبادة قضاء حمص وقنسرين وصَلاتهما). رواه البلاذري في فتوح البلدان.
- وقال سعيد بن عبد العزيز: (عمر أمّر أبا الدرداء على القضاء يعني بدمشق، وكان القاضي يكون خليفة الأمير إذا غاب). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- قال عبد الرحمن بن إبراهيم عن الوليد بن مسلم عن خالد بن يزيد عن أبيه: أن أبا الدرداء كان يلي القضاء بدمشق، فلما حضرته الوفاة، قال له معاوية: من ترى لهذا الأمر؟
قال: فضالة بن عبيد.
فلما مات أرسل معاوية إلى فضالة فولاه القضاء، فقال له: (أمّا إني لم أَحْبُكَ بها، ولكني استترت بك من النار، فاستتر). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- قال أبو زرعة الدمشقي: حدثني عبد الرحمن بن إبراهيم أن أبا مسهر حدثهم قال: (حدثنا سعيد بن عبد العزيز أن أبا الدرداء ولي القضاء، ثم فضالة بن عبيد، ثم النعمان بن بشير، ثم بلال بن أبي الدرداء، فلما استخلف عبد الملك عزل بلالاً، وولى أبا إدريس الخولاني).
- قال أبو مسهر: (ثم ولي عبد الله بن عامر اليحصبي، ثم زرعة بن ثوب).
- قال دحيم: حدثنا الوليد بن مسلم، عن سعيد بن عبد العزيز: (أن زرعة بن ثوب ولي القضاء بدمشق زمن الوليد بن عبد الملك، وكان لا يأخذ على القضاء أجراً).
وفي كتاب أخبار القضاة لوكيع: زرعة بن أيوب المعري.
- وقال الهيثم بن مروان: حدثنا أبو مسهر عن سعيد بن عبد العزيز قال: ("ثم ولي في خلافة الوليد زرعة بن أيوب المعري) وذكر أنه (كان لا يأخذ على القضاء رزقا، وكان عطاؤه مائتي دينار).رواه وكيع في أخبار القضاة.
- قال وكيع: (وكذا قال الوليد بن مسلم فيما أخبرني ابن أبي سعد عن داود بن رشيد عنه).
- وقال الهيثم بن مروان: حدثنا أبو مسهر عن سعيد بن عبد العزيز قال: (ثم ولي عبد الرحمن بن قيس العقيلي بعد ابن عامر فلا يعرف له حديث).
- وقال الأحوص بن المفضل بن غسان: حدثنا أبي قال: سمعت يحيى بن معين يحدث عن خالد بن يزيد بن أبي مالك يحدث عن أبيه أن أبا الدرداء كان يقضي على أهل دمشق، وأنه لما احتضر أتاه معاوية بن أبي سفيان عائداً؛ فقال له: من لهذا الأمر بعدك؟
قال: فضالة بن عبيد.
فلما توفي أبو الدرداء، قال معاوية لفضالة: (إني قد وليتك القضاء) فاستعفي منه.
فقال له معاوية: (والله ما حابيتك بها، ولكني أستتر بك من النار؛ فاستتر منها ما استطعت).
قال يزيد بن أبي مالك: (فولي فضالة ثم بعد فضالة أبو إدريس الخولاني، ثم زرعة بن ثوب).
قال الأحوص: قال أبي: (وكذلك يقول أهل الشام، وأما ههنا - يعني العراق - فيقولون ثوب المقرائي، ثم عبد الرحمن بن الحسحاس العذري لعمر بن عبد العزيز، ثم نمير بن أوس الأشعري لهشام، ثم يزيد بن أبي مالك الهمداني لهشام). رواه ابن عساكر.
- وقال دحيم، عن الوليد بن مسلم عن ابن جابر: أن عبد الرحمن بن الخشخاش العذري قاضي دمشق زمن عمر بن عبد العزيز.
- وقال دحيم عن محمد بن شعيب عن سعيد بن عبد العزيز: (أن عمر استعمل كريب بن سيف الأنصاري على قضاء الأردن). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال أبو نعيم: حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن سليمان بن حبيب - قاضي عمر بن عبد العزيز - قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: (ما أَقَلْتَ السفهاء من أَيْمَانهم، فلا تُقِلْهُم العتاقة والطلاق).
- وقال دحيم، عن عبد الله بن يوسف عن كلثوم بن زيادة قال: أقام سليمان بن حبيب يقضي ثلاثين سنة.
- قال دحيم: وحدثنا الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز: أن يزيد بن عبد الملك جعل الزهري قاضياً مع سليمان بن حبيب.
- وقال عبد الرحمن بن إبراهيم: كان نمير بن أوس قاضياً لهشام.
- قال أبو زرعة: قال أبو مسهر: فكتب نمير بن أوس إلى هشام يستعفيه من القضاء، ويخبره أنه قد ضعف، فقال هشام بن عبد الملك: من لقضاء الجند؟
قالوا: يزيد بن يزيد بن جابر.
قال: ليس إليه من سبيل.
وكان هشام قد أصحبه معاوية بن هشام، قالوا: فيحيى بن يحيى الغساني.
قال: ذاك صاحب منبر.
قالوا: فيزيد بن أبي مالك.
فأمر بعهده فكتب، وولاه القضاء).
- قال أبو زرعة: فحدثني عبد الرحمن بن إبراهيم عن أبي مسهر قال: (عزله الوليد بن يزيد وولى الحارث بن يمجد الأشعري، ثم ولى سالم بن عبد الله المحاربي وولاه عبد الله بن علي، ثم ولى محمد بن لبيد الأسدي، ثم ولى سلمة بن عمرو).
قال: (ثم ولي يحيى بن حمزة).
- قال أبو زرعة: فحدثني سليمان: أنه مات سنة ثلاث وثمانين ومائة.
- وقال أحمد بن أبي الحواري عن مروان قال: لما قدم أبو جعفر - أمير المؤمنين - دمشق، وكان مَقْدَمُه سنة ثلاث وخمسين ومائة، استعمل يحيى بن حمزة على القضاء، وقال له: يا شابّ إني أرى أهل بلدك قد أجمعوا عليك فإياك والهدية.
قال أبو زرعة: فلم يزل قاضياً حتى مات.
- قال أبو الأصبع ضمرة بن ربيعة، عن رجاء بن أبي سلمة، عن يزيد بن عبد الله بن موهب؛ قال: (من أحبّ المال والشرف، وخاف الدوائر لم يعدل).
قال: رجاء: وكانوا إذا خوفوا يزيد بن عبد الله بن موهب بالعزل، وكان على قضاء فلسطين، يقول لهم: (أليس في زيتا- قرية لهم- خبز وزيت سأرجع إليه!). رواه أبو زرعة الدمشقي.


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الدرس, السابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir