15: فتح بيت المقدس سنة 16هـ:
كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أصحابه بفتح بيت المقدس؛ فوقع ذلك كما أخبر به صلى الله عليه وسلم؛ فحاصرها عمرو بن العاص بجيشه في أخبار يطول ذكرها؛ حتى صالحوه على فتحها واشترطوا أن يلي الصلح أمير المؤمنين عمر بن الخطاب؛ فأجابهم عمرو إلى ذلك، وقدم عمر سنة 16هـ من المدينة ومعه جماعة من علماء الصحابة رضي الله عنهم منهم عبد الله بن سلام، وأبو موسى الأشعري، فولي فتحَ بيت المقدس، وصلّى في الموضع الذي صلّى فيه النبي صلى الله عليه وسلم لمّا أسري به، واستخلف على المدينة زيد بن ثابت.
- قال سفيان بن حسين، عن هشام بن يوسف، عن عوف بن مالك، قال: استأذنت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ادخل».
قلت: فأدخل كلي أو بعضي؟
قال: «ادخل كلك ».
فدخلتُ عليه وهو يتوضأ وضوءا مكيثا؛ فقال: (( يا عوف بن مالك! ست قبل الساعة: موت نبيكم صلى الله عليه وسلم، خذ إحدى)).
قال عوف: (فكأنما انتزع قلبي من مكانه)
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وفتح بيت المقدس، وموت يأخذكم تقعصون به كما تقعص الغنم؛ وأن يكثر المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيسخطها، وفتح مدينة الكفر، وهدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً فيكونون أولى بالغدر منكم). رواه ابن أبي شيبة، وأصله في صحيح البخاري.
- وقال دحيم: حدثنا الوليد بن مسلم قال: سمعت أشياخنا يقولون: (إنَّ دمشق فتحت في سنة أربع عشرة، وإن عمر بن الخطاب قدم الشام سنة ست عشرة؛ فولاه الله فتحَ بيت المقدس على صلح، ثم قفل). رواه أبو زرعة الدمشقي كما في تاريخ ابن عساكر.
- وقال يزيد بن عبيدة السكوني: (فتحت بيت المقدس سنة ست عشرة، وفيها قدم عمر بن الخطاب الجابية).رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال هشام بن عمار، عن الوليد عن الأوزاعي (أنّ أبا عبيدة فتح قنسرين وكورها سنة ست عشرة ثم أتى فلسطين فنزل إيليا فسألوه أن يصالحهم فصالحهم في سنة سبع عشرة على أن يقدم عمر رحمه الله فينفذ ذلك ويكتب لهم به). رواه البلاذري.
- وقال هشام بن عمار: حدثني الوليد بن مسلم عن تميم بن عطية عن عبد الله بن قيس، قال: (كنت فيمن يلقى عمر مع أبي عبيدة مقدمة الشام فبينما عمر يسير إذ لقيه المقلّسون من أهل أذرعات بالسيوف والريحان، فقال عمر: (مَهْ! امنعوهم).
فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين هذه سنتهم - أو كلمة نحوها- وإنك إن منعتهم منها يروا أنّ في نفسك نقضاً لعهدهم؛ فقال: (دعوهم). رواه البلاذري في فتوح البلدان.
- وقال أبو معاوية، عن الأعمش، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، قال: لما قدم عمر الشام أتته الجنود وعليه إزار وخفان وعمامة وأخذ برأس بعيره يخوض الماء؛ فقالوا له: يا أمير المؤمنين! تلقاك الجنود وبطارقة الشام وأنت على هذا الحال؟!!
قال: فقال عمر: «إنا قوم أعزنا الله بالإسلام , فلن نلتمس العز بغيره». رواه ابن أبي شيبة.
- وقال دحيم: قال الوليد [بن مسلم] إنه أخبرهم: فولاه الله فتحها على صلح سنة ست عشرة، ثم قفل بمن كان معه إلى دار هجرتهم، وقد كبت الله بما كان من قدومه جماعة أعداء الله، وفتّ به في أعضاد المشركين، وأرعب به قلوب الحاضر منهم، وأذلّهم بأداء الجزية، وأخاف به الغائب). رواه أبو زرعة الدمشقي.