13: فتح حمص وقِنَّسرين في أواخر سنة 14هـ:
كان فتح حمص بعد فتح دمشق بأربعة أشهر، ثمّ بعدها فتحت قنَّسرين، وهي بلدة كانت آهلة مشهورة قبل أن تخرَّب ويُجلى أهلها، وموضعها اليوم يسمّى العيس، وهي جنوب حلب بنحو 40 كلم.
- قال أبو الجماهر محمد بن عثمان الدمشقي: حدثنا الهيثم بن حميد، أخبرني محمد بن يزيد الرحبي: سمعت أبا الأشعث، عن أبي عثمان الصنعاني قال: (لما فتح الله عز وجل علينا دمشق؛ خرجنا مع أبي الدرداء في مسلحة برزة، ثم تقدمنا مع أبي عبيدة بن الجراح؛ ففتح الله بنا حمص، ثم تقدمنا مع شرحبيل بن السمط؛ فأوطأ الله بنا ما دون النهر يعني الفرات، وحاصرنا عانات، وأصابنا لأواء، وقدم علينا سلمان الخير في مدد لنا). رواه البخاري في التاريخ الأوسط، ويعقوب بن سفيان في المعرفة كما في تاريخ دمشق لابن عساكر.
- قال ابن حزم: (وكان فتح حمص بعد دمشق بأربعة أشهر، من سنة أربع عشرة من الهجرة أيضاً).
- وقال يحيى بن حمزة: حدثنا أبو عبد العزيز شيخ من أهل الأردن، عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم، قال: (رابطنا مدينة قنّسرين مع شرحبيل بن السمط، فلما فتحها أصاب فيها غنماً وبقراً، فقسم فينا طائفة منها، وجعل بقيتها في المغنم؛ فلقيت معاذ بن جبل فحدثته، فقال معاذ: «غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فأصبنا فيها غنماً، فقسم فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم طائفة، وجعل بقيتها في المغنم». رواه أبو داوود في سننه.
- قال ابن حزم: (وكان فتح قنسرين بعد فتح حمص).
- قال ابن حزم: (وافتتح أبو عبيدة قنسرين).
قلت: قنّسرين فتحت مرتين، المرة الأولى صلحاً على يد أبي عبيدة، ثم لما سار أبو عبيدة إلى حلب بلغه نقض أهل قنّسرين للصلح؛ فبعث إليهم شرحبيل بن السمط على رأس جيش ففتحها عنوة، وغنم الغنائم.
وأبو الدرداء وشرحبيل بن السِّمْط وخالد بن الوليد كانوا من قادة الجيوش تحت إمرة أبي عبيدة بن الجراح، ويقع في كتب السير والمغازي نسبة الفتح للأمير الأدنى، ونسبته للأمير الأعلى، وكلّ ذلك صحيح، وقد تفتح بعض البلدان مرتين أو أكثر إذا نقض أهلها الصلح أو اجتمعوا على العصيان، كما تكرر ذلك من أهل قنّسرين، فقد كانوا عيناً لهرقل على المسلمين يرسلون إليه بأخبارهم وأخبار جيوشهم مما حمل خالد بن الوليد على تخريبها وإجلاء أهلها.