الطبقة الأولى: علماء الصحابة رضي الله عنهم الذين نزلوا البصرة.
1: عتبة بن غزوان بن جابر المازني(ت:17هـ)
من بني مازن بن صعصعة، حليف بني نوفل بن عبد مناف بن قصي، وكانت أمه من قريش، وكان من السابقين الأولين إلى الإسلام، هاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي دجانة الأنصاري، ثم شهد بدراً والمشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من الرماة المذكورين، وكان من أمراء الغزو في عهد أبي بكر وعمر، وهو الذي فتح الأبلّة وكانت على أربعة فراسخ من موضع البصرة، وهي اليوم داخلة في مدينة البصرة.
وكان عتبة أوّل من اختطّ البصرة وأوّل أمير على أهله، وبنى بها مسجداً من قصب، وخطب فيهم خطبة عصماء مذكورة.
- قال سليمان بن المغيرة: حدثنا حميد بن هلال، عن خالد بن عمير العدوي، قال: خطبنا عتبة بن غزوان، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «أما بعد فإن الدنيا قد آذنت بصرم وولت حذاء، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء، يتصابها صاحبها، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها، فانتقلوا بخير ما بحضرتكم، فإنه قد ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفة جهنم، فيهوي فيها سبعين عاما، لا يدرك لها قعرا، ووالله لتملأن، أفعجبتم؟ ولقد ذكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة، وليأتين عليها يوم وهو كظيظ من الزحام، ولقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما لنا طعام إلا ورق الشجر، حتى قرحت أشداقنا، فالتقطت بردة فشققتها بيني وبين سعد بن مالك، فاتزرت بنصفها واتزر سعد بنصفها، فما أصبح اليوم منا أحد إلا أصبح أميرا على مصر من الأمصار، وإني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيما، وعند الله صغيرا، وإنها لم تكن نبوة قط إلا تناسخت، حتى يكون آخر عاقبتها ملكا، فستخبرون وتجربون الأمراء بعدنا» رواه أحمد ومسلم.
وسعد بن مالك هو سعد بن أبي وقاص.
واختلف في تمصير البصرة فقيل سنة 14هـ، وقيل سنة 15هـ، وقيل سنة 16هـ وهو الأرجح.
ثم قدم على عمر يستعفيه من الإمارة فأبى، فرجع ومات في الطريق في موضع يقال له معدن بني سليم، وله سبع وخمسون سنة، وكانت إمارته ستة أشهر.
- قال الخطيب البغدادي: (الأشبه بالصواب أن عتبة مات سنة سبع عشرة، لأن المدائن فتحت سنة ست عشرة، ثم مصرت البصرة بعد ذلك، ونزلها المسلمون).
- قال ابن سعد: (كان رجلا طويلاً جميلاً، وهو قديم الإسلام).