دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الدورات العلمية > دورات علم السلوك > أعمال القلوب

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #4  
قديم 11 ذو القعدة 1440هـ/13-07-2019م, 06:58 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,458
افتراضي

فضل الصدق
- قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرَّى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقاً، وإياكم والكذب فإنَّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرَّى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)). رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم من طرق عن أبي وائل عن ابن مسعود.
وهذا الحديث الجليل أصل في فضل الصدق وجلالة قدره، وهو من جوامع الكلم ، فإنه اختصر من المعاني الجليلة العظيمة ما يطول شرحه، ففيه بيان فضيلة الصدق، وأنه أصل البرّ والدليل إليه، ومن أراد أن يكون بَرَّا فعليه بالصدق في قوله وعمله وحاله.
وفيه: أن البرَّ ثمرة الصدق وعلامة عليه فإن من صدقَ برَّ، ويدل لهذا قول الله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)}
فهذه الأعمال الجليلة علامة بيّنة على الصدق؛ فمن أدَّاها فهو من الصادقين، وقال تعالى: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}؛ فالإنفاق من المال على حبه ابتغاءَ مرضاة الله دليل على صدق العزيمة ، ولذلك تسمى صدقة، فهي مشتقة من الصدق.
وحيث وجدتَ البرَّ وثوابَه والثناءَ على أهله وبيانَ خصاله فاعلم أنه من ثمرات الصدق، وأن خصاله علامات على الصدق، وأن أهله أهل الصدق.
فسرّح نظرك في القرآن الكريم متدبراً طالباً الهدى ، وتعرَّف على أهل الصدق ، وأعمال الصدق عسى أن تكون من الصادقين، وتحبّ الصادقين؛ فتحشر مع الصادقين.

ومن فوائد هذا الحديث الجليل: أن الصدق مفتاح الاستقامة والهداية، وبه يستفتح الفلاح والنجاح ، ومن صدق اللهَ صدقه الله، وأثابه على صدقه بالتوفيق لصدق آخر؛ ولا يزال العبد يصدُق ويتحرَّى الصدقَ، ويَكثُرُ منه ذلك حتى يكون صديقاً ، ويكتب عند الله صديقاً، والصديقية أعلى مراتب الدين ليس فوقها إلا مرتبة النبوّة.
وقد استنبط شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع من كتبه من هذا الحديث أن الصديقين كثيرون.
والصدق معنى عام وأفراده كثيرة ودرجاته كثيرة، ومن ثواب الحسنة الحسنة بعدها، ومَن جمع بين الصدق والشكر فقد استفتح من أبواب الزيادات والبركات والفضائل ما لا تقوم له العبارة بشرح.

ومن فوائد الحديث: أن الكذب في القول والعمل والحال يفضي بصاحبه إلى الفجور؛ فالكَذْبَةُ تهدي إلى فَجْرَةِ، والفجرة تدعو إلى أختها؛ فإن من عقوبة السيئةِ السيئةَ بعدها؛ ولا يزال العبد يستكثر من الكذبات والفجرات حتى يكون من أهل الكذب والفجور ويكتب عند الله كذاباً.
وحيثما وجدت عملاً من أعمال الفجور؛ فاعلم أنَّ سببه كذب وقع فيه صاحبه في قوله أو عمله أو حاله؛ فأصل الفجور الكذب، وهو علامة بيّنة عليه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (الشرك وسائر البدع مبناها على الكذب والافتراء، ولهذا فإنَّ كلَّ من كان عن التوحيد والسنة أبعد كان إلى الشرك والابتداع والافتراء أقرب، كالرافضة الذين هم أكذب طوائف أهل الأهواء وأعظمهم شركاً؛ فلا يوجد في أهل الأهواء أكذب منهم ولا أبعد عن التوحيد).اهـ.

ومن فوائد هذا الحديث: أن كل ما توعَّد الله عليه بالنار فهو من أعمال الفجور، وأنَّ سببها الكذب.

ومن فوائده: أنه بيَّن أصلا من أصول الفراسة الإيمانية عند المؤمنين فإنهم ينظرون بنور الله، ويفقهون ما ذكره الله من الأسباب والعلامات والدلائل، وما بيَّنه من جزاء الخير وجزاء الشر في الدنيا والآخرة، ويفقهون أثر ذلك على السالكين، وهذا باب لا يتسع المقام لشرحه.
ولابن القيم كلام جليل جامع في فضل الصدق ذكره زاد المعاد في فوائد قصة غزوة تبوك وكيف نجَّى الله الثلاثة الذين خلفوا بالصدق؛ فقال في فوائدها: (ومنها: عِظَم مقدارِ الصِّدق، وتعليقُ سعادة الدنيا والآخرة، والنجاة مِن شرهما به، فما أنجى الله مَن أنجاه إلا بالصدق، ولا أهلك مَن أهلَكه إلا بالكذب، وقد أمر اللهُ سبحانه عِباده المؤمنين أن يكونوا مع الصادقين، فقال:
{يَا أيُّهَا الَّذِينَ َآمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}
وقد قسم سبحانه الخلق إلى قسمين: سعداء وأشقياء، فجعل السعداء هم أهلَ الصدق والتصديق، والأشقياء هم أهلَ الكذب والتكذيب، وهو تقسيمٌ حاصِرٌ مطَّردٌ منعكِس؛ فالسعادةُ دائرة مع الصدق والتصديقِ، والشقاوةُ دائرة مع الكذب والتكذيب.
وأخبر
سبحانه وتعالى: أنه لا ينفعُ العبادَ يومَ القيامة إلا صدقهم، وجعل عَلَم المنَافقين الذى تميزوا به هو الكذبَ في أقوالهم وأفعالهم، فجميعُ ما نعاه عليهم أصلُه الكذبُ في القول والفعل، فالصدق بريدُ الإيمان، ودليله، ومركبه، وسائقه، وقائده، وحِليته، ولباسُه، بل هو لبُّه وروحه.
والكذب بريدُ الكفر والنفاق، ودليلهُ، ومركبه، وسائقه، وقائدُه، وحليته، ولباسه، ولبُّه، فمضادة الكذبِ للإيمان كمضادة الشِّرك للتوحيد، فلا يجتمعُ الكذب والإيمان إلا ويطرُد أحدهما صاحبه، ويستقِرُّ موضعه، والله سبحانه أنجى الثلاثَةَ بصدقهم، وأهلكَ غيرَهم من المخلَّفين بكذبهم، فما أنعم اللهُ على عبدٍ بعد الإسلام بنعمة أفضل من الصدق الذى هو غِذاء الإسلام وحياتُه، ولا ابتلاه ببلية أعظمَ من الكذب الذى هو مرضُ الإسلام وفساده. والله المستعان)
اهـ.


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الدرس, السابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:54 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir