17. ما روي عن ابن عمر (ت:74هـ) رضي الله عنهما في كتابة العلم:
وأما ابن عمرفقد اشتهر عنه أنه كان لا يرضى أن يُكتب عنه شيء، ولا سيما أقواله، وما يفتي به.
وروي أنّ له كتباً يتعاهدها في خاصة نفسه، ولم ينقل عنه أنه كان يملي شيئاً أو يأذن لأحد بالكتابة في مجلسه.
- قال أبو حمزة السكري، عن إبراهيم الصائغ، عن نافع (أن ابن عمر كان لا يخرج من بيته غدوة حتى ينظر في كتبه). رواه البخاري في التاريخ الكبير، والبيهقي في المدخل إلى السنن، وهذا إسناد جيد.
- وقال حبيب بن الشهيد: قيل لنافع: ما كان يصنع ابن عمر في منزله؟ قال: (لا تطيقونه! الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما). رواه ابن سعد.
فإن كان المراد بالكتب المصحف فالخبر واحد، وليس فيه دلالة على أنّ له كتباً في الحديث أو غيره، وإن كان المراد كتباً غير المصحف؛ فيكون مذهبه كمذهب من يرخّص للمرء أن يكتب لخاصة نفسه ما يستذكر به من غير أن يخلّد كتاباً أو ينشره.
- قال شعبة بن الحجاج عن أيوب السختياني عن سعيد بن جبير قال: كنت أسأل ابن عمر في صحيفة، ولو علم بها كانت الفيصل بيني وبينه، قال: فسألته عن الإيلاء؛ فقال: أتريد أن تقول: قال ابن عمر، وقال ابن عمر؟!
قال: قلت: نعم، ونرضى بقولك ونقنع.
قال: (يقول في ذلك الأمراء). رواه ابن سعد.
- وقال سفيان بن عيينة، عن أيوب، قال: سمعت سعيد بن جبير، قال: «كنا نختلف في أشياء، فكتبتها في كتاب، ثم أتيت بها ابنَ عمر أسأله عنها خفيا، فلو علم بها كانت الفيصل فيما بيني وبينه». رواه ابن أبي شيبة، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
- وقال حماد بن زيد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير قال: «كتب إليَّ أهلُ الكوفة مسائل ألقى فيها ابنَ عمر فلقيتُه فسألتُه من الكتاب، ولو علم أنَّ معي كتاباً لكانت الفيصل بيني وبينه». رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، والخطيب البغدادي في تقييد العلم.
- وقال وهيب بن خالد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير قال: «كنا إذا اختلفنا في الشيء كتبته حتى ألقى به ابن عمر، ولو يعلم بالصحيفة معي لكان الفيصل بيني وبينه». رواه الخطيب البغدادي في تقييد العلم.
- وقال ابن جريج قال: أخبرني عبد الملك بن عبد الله بن أبي سفيان الثقفي، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: «قيدوا هذا العلم بالكتاب» رواه الدارمي، لكنه منقطع.
وهو مخالف للمشهور من مذهب ابن عمر في الكتابة.
تنبيه:
- وأما رواه الدارمي وابن أبي خيثمة من طريق الوليد بن سليمان بن أبي السائب عن سليمان بن موسى أنه (رأى نافعاً مولى ابن عمر يملي علمه، ويكتب بين يديه).
فسليمان بن موسى هو الدمشقي لم يدرك ابن عمر، والضمير عائد إلى نافع، وليس إلى ابن عمر، وقد توهّم منه بعضهم أنّ ابن عمر كان يملي على نافع.
وهذا الخبر رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخ دمشق من طريق دحيم عن محمد بن شعيب بن شابور قال: أخبرني ابن أبي السائب عن سليمان بن موسى قال: (رأيت نافعاً يُملي عليه ويُكتَب بين يديه).