دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الأقسام العامة > الأقسام العلمية العامة > القراءة المنظمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 ربيع الثاني 1431هـ/1-04-2010م, 07:53 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي تطبيق 10: أسباب المغفرة للحافظ ابن رجب الحنبلي

التطبيق العاشر من تطبيقات الدرس الأول: أسباب المغفرة للحافظ عبد الرحمن ابن رجب الحنبلي (ت:795هـ) رحمه الله
المطلوب: تلخيص مقاصد الرسالة وبيان شيء من سنادها.




قال رحمه الله:
عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي.
يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك.
يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة )). رواه الترمذى وقال: حديث حسن صحيح.
هذا الحديث تفرد به الترمذي خرجه من طريق كثير بن فائدة: حدثنا سعيد بن عبيد سمعت بكر بن عبدالله المزنى يقول: حدثنا أنس فذكره.
وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه انتهى.
وإسناده لا بأس به، وسعيد بن عبيد هو الهنائى.
قال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان فى الثقات، ومن زعم أنه غير الهنائي فقد وهم.
وقال الدارقطنى: تفرد به كثير بن فائد عن سعيد مرفوعاً ورواه مسلم بن قتيبة عن سعيد عن عبيد فوقفه على أنس.
قلت: قد روي عنه مرفوعا وموقوفا، وتابعه على رفعه أبو سعيد أيضا مولى بنى هاشم فرواه عن سعيد بن عبيد مرفوعًا أيضا وقد روي أيضا من حديث ثابت عن أنس مرفوعًا ولكن قال أبو حاتم: منكر.
وقد روي أيضا عن سعيد بن عبيد مرفوعا أيضا من حديث أبي ذر، خرجه الإمام أحمد من رواية شهر بن حوشب عن معد يكرب عن أبى ذر عن النبى صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه تعالى فذكره بمعناه.
ورواه بعضهم عن شهر عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي ذر.
وقيل: عن شهر عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولا يصح هذا القول.
وروي من حديث ابن عباس، خرجه الطبرانى من رواية قيس بن الربيع عن حبيب بن أبى ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورُوِيَ بعضه من وجوه آخر: فخرج مسلم فى صحيحه من حديث معزوز بن سويد عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( يقول الله تعالى: من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة، ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بى شيئا لقيته بقرابها مغفرة )).
وخرج الإمام أحمد من رواية أخشن السدوسى قال: دخلت على أنس فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((والذي نفسى بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم الله لغفر لكم )).
وقد تضمن حديث أنس المبدوء بذكره أن هذه الأسباب الثلاثة يحصل بها المغفرة.
أحدها: الدعاء مع الرجاء فإن الدعاء مأمور به وموعود عليه بالإجابة كما قال تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} [سورة غافر: 60].
وفى السنن الأربعة عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الدعاء هو العبادة )) ثم تلا هذه الآية.
وفى حديث آخر خرجه الطبرانى مرفوعًا: (( من أُعطِيَ الدعاء أعطي الإجابة لأن الله تعالى يقول: {أدعونى أستجب لكم} )) [سورة غافر: آية 60].
وفي حديث آخر: (( ما كان الله ليفتح على عبد باب الدعاء ويغلق عنه باب الإجابة )).
لكن الدعاء سبب مقتض للاجابة مع استكمال شرائطه وانتقاء موانعه، وقد تتخلف الإجابة لانتقاء بعض شروطه أو وجود بعض موانعه وآدابه وقد سبق ذكر بعض شرائطه وموانعه وآدابه فى شرح الحديث العاشر.
كما خرجه الترمذى من حديث أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ((ادعو الله و أنتم موقنون بالإجابة، وإن الله تعالى لا يقبل دعاء من قلب غافل لاهٍ )).
وفى المسند عن عبدالله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إن هذه القلوب أوعية فبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب لعبد دعاء من ظهر قلب غافل )).
ولهذا نُهِيَ العبدُ أن يقول فى دعائه: اللهم اغفر لي إن شئت، (( ولكن ليعزم المسألة، فإن الله لا مكره له )).
نهي أن يستعجل ويترك الدعاء لاستبطاء الإجابة وجعل ذلك من موانع الإجابة حتى لا يقطع العبد رجاءه من إجابة دعاءه.
ولو طالت المدة فإنه سبحانه يحب الملحين فى الدعاء، وجاء فى الآثار: (إن العبد إذا دعا ربه وهو يحبه قال: يا جبريل لا تعجل بقضاء حاجة عبدي فإنى أحب أن أسمع صوته).
قال تعالى: {وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين}. [سورة الأعراف: 56]
فما دام العبد يلح فى الدعاء، ويطمع فى الإجابة غير قاطع الرجاء فهو قريب من الإجابة، ومن أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له.
وفي صحيح الحاكم عن أنس مرفوعاً: (( لا تعجزوا عن الدعاء فإنه لن يهلك مع الدعاء أحد )).
ومن أهم ما يسأل العبد ربه مغفرة ذنوبه وما يستلزم ذلك كالنجاة من النار ودخوله الجنة.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( حولها ندندن )) يعنى حول سؤال الجنة والنجاة من النار.
وقال أبو مسلم الخولانى: (( ما عرضت لى دعوة فذكرت النار إلا صرفتها إلى الاستعاذة منها )).
ومن رحمة الله تعالى بعبده أن العبد يدعوه بحاجة من الدنيا فيصرفها عنه يعوضه خيرا منها:
- إما أن يصرف عنه بذلك سوءا.
- أو يدخرها له فى الآخرة.
- أو يغفر له بها ذنبا.
كما فى المسند والترمذى من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ما سأل أو كف عنه من السوء مثله ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم )).
وفى المسند وصحيح الحاكم عن أبى سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ما من مسلم يدعو بدعوة ليس له فيها إثم أو قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث:
- إما أن يعجل له دعوته.
- وإما أن يدخرها له فى الآخرة.
- وإما أن يكشف عنه من السوء مثلها )).
قالوا: إذا نكثر؟ قال: (( الله أكثر )).
وخرجه الطبراني وعنده: (( أو يغفر له بها ذنبا قد سلف )) بدل قوله: ((أو يكشف عنه من السوء مثلها )).
وخرج الترمذي من حديث عبادة مرفوعا نحو حديث أبى سعيد أيضا.
وبكل حال فالإلحاح بالدعاء بالمغفرة مع رجاء الله تعالى موجب للمغفرة، والله تعالى يقول: ((أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء)).
وفى رواية: (( فلا تظنوا بالله إلا خيرًا )).
ويُروى من حديث سعيد بن جبير عن ابن عمر مرفوعا: (( يأتي الله بالمؤمن يوم القيامة فيقربه حتى يجعله فى حجابه من جميع الخلق فيقول: لم أقرأ فيعرفه ذنبا ذنبا أتعرف؟ أتعرف؟ فيقول: نعم نعم، ثم يلتفت العبد يمنة ويسرة. فيقول الله تعالى: لا بأس عليك يا عبدى أنت فى سترى من جميع خلقي ، ليس بينى وبينك أحد يطلع على ذنوبك غيري، غفرتها لك بحرف واحد من جميع ما أتيتنى به.
قال: ما هو يا رب؟ قال: كنت لا ترجو العفو من أحد غيري )).
فمن أعظم أسباب المغفرة أن العبد إذا أذنب ذنبا لم يرج مغفرته من غير ربه ويعلم أنه لا يغفر الذنوب ويأخذ بها غيره.
وقد سبق ذكر ذلك فى شرح حديث أبى ذر: (( يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى )).
وقوله: ((إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي)) يعنى على كثرة ذنوبك وخطاياك ولا يعاظمنى ذلك ولا أستكثره.
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إذا دعا أحد فليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شئ )).
فذنوب العبد وإن عظمت فإن عفو الله ومغفرته أعظم منها وأعظم، فهي صغيرة فى جنب عفو الله ومغفرته.
وفى صحيح الحاكم عن جابر: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: واذنوباه، مرتين أو ثلاثا. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (( قل: اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجى عندي من عملي ))
فقالها ثم قال له: (( عد )) فعاد.
ثم قال له: (( عد )) فعاد.
فقال له: (( قم قد غفر الله لك )).
وفى هذا المعنى يقول بعضهم:


يا كثير الذنب عفــ = ـو الله من ذنبك أكبر
أعظم الأشياء في = جنب عفو الله تغفر

وقال آخر:

يا رب إن عظمت ذنوبى كثرة = فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن = فمن الذى يدعو ويرجو المجرم
ما لي إليك وسيلة إلا الرجا = وجميل عفوك ثم إنى مسلم

السبب الثانى للمغفرة: الاستغفار ولو عظمت الذنوب وبلغت العنان، وهو السحاب، وقيل: ما انتهى إليه البصر منها.
وفى الرواية الأخرى: (( لو أخطأتم حتى بلغت خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم الله لغفر لكم )).
والاستغفار: طلب المغفرة.
والمغفرة هي وقاية شر الذنوب مع سترها.
وقد كثر فى القرآن ذكر الاستغفار
- فتارة يؤمر به.
كقوله تعالى: {واستغفروا الله إن الله غفور رحيم}. [سورة المزمل: 20]
وقوله: {وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه} [سورة هود: 3]
وتارة يمدح أهله كقوله تعالى: {والمستغفرين بالأسحار}. [سورة آل عمران: 17]
وقوله تعالى: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله}. [سورة آل عمران: 135]
- وتارة يذكر أن الله يغفر لمن استغفره كقوله تعالى: {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما}. [سورة النساء: 110]
- وكثيرا ما يقرن الاستغفار بذكر التوبة فيكون الاستغفار حينئذ عبارة عن طلب المغفرة باللسان.
والتوبة: عبارة عن الإقلاع عن الذنوب بالقلوب والجوارح وتارة يفرد الإستغفار ويرتب عليه المغفرة كما ذكر الحديث وما أشبهه.
فلو قيل: إنه أريد به الاستغفار المقترن بالتوبة.
وقيل: إن نصوص الاستغفار كلها المفردة مطلقة تقيد بما ذكر فى آية آل عمران من عدم الإصرار.
فإن الله وعد فيها بالمغفرة لمن استغفر من ذنوبه ولم يصر على فعله فتحمل النصوص المطلقة فى الاستغفار كلها على هذا القيد.
ومجرد قول القائل: (اللهم اغفر لي) طلب منه للمغفرة ودعائها فيكون حكمه حكم سائر الدعاء فإن شاء الله أجابه وغفر لصاحبه، ولا سيما إذا خرج عن قلب منكسر بالذنوب أو صادف ساعة من ساعات الإجابة كالأسحار وأدبار الصلوات.
ويروى عن لقمان أنه قال لابنه: (يا بنى عود لسانك اللهم اغفر لي فإن الله ساعات لا يرد فيها سائلا).
وقال الحسن: (أكثروا من الاستغفار فى بيوتكم، وعلى موائدكم، وفى طرقكم، وفى أسواقكم، وفى مجالسكم، وأينما كنتم فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة).
وخرج ابن أبى الدنيا فى كتاب (حسن الظن) من حديث أبى هريرة مرفوعا: (بينما رجل مستلق إذ نظر إلى السماء وإلى النجوم فقال: إنى لأعلم أن لك ربا خالقا، اللهم اغفر لي فغفر له).
وعن مورِّق قال: (كان رجل يعمل السيئات فخرج إلى البرية فجمع تراب فاضطجع مستلقيا عليه، فقال: رب اغفر لي ذنوبى، فقال: إن هذا ليعرف أن له ربا يغفر ويعذب فغفر له).
وعن مغيث بن سمي قال: (بينما رجل خبيث فتذكر يوما اللهم غفرانك اللهم غفرانك ثم مات فغفر له).
ويشهد لهذا ما في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن عبدا أذنب ذنبا؛ فقال: رب أذنبت ذنبا فاغفر لي، قال الله تعالى: علم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به، غفرت لعبدي.ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنبا آخر فذكر مثل الأول مرتين أخريين )).
وفى رواية لمسلم أنه قال فى الثالثة: (( قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء )).
والمعنى: ما دام على هذا الحال كلما أذنب استغفر.
والظاهر أن مراده الاستغفار المقرون بعدم الإصرار.
ولهذا في حديث أبى بكر الصديق عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (( ما أصر من استغفر وإن عاد فى اليوم سبعين مرة )) خرجه أبو داود والترمذي
والاستغفار باللسان مع إصرار القلب على الذنب فهو دعاء مجرد إن شاء الله أجابه وإن شاء رده، وقد يكون الإصرار مانعا من الإجابة.
وفى المسند من حديث عبدالله بن عمر مرفوعا: (( ويل للذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون )).
وخرج ابن أبى الدنيا من حديث ابن عباس رضى الله عنهما مرفوعا: (( التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمستغفر من ذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه)). وَرَفْعُه منكر ولعله موقوف.
قال الضحاك: (ثلاثة لا يستجاب لهم: فذكر منهم: رجل مقيم على امرأة زنا كلما قضى منها شهوته قال: رب اغفر لي ما أصبت من فلانة، فيقول الرب: تحول عنها وأغفر لك، وأما ما دمت عليها مقيما فإنى لا أغفر لك، ورجل عنده مال قوم يرى أهله فيقول: رب اغفر لى ما آكل من فلان فيقول تعالى: رد إليهم ما لهم وأغفر لك، وأما ما لم ترد إليهم فلا أغفر لك).
وقول القائل: (أستغفر الله) معناه: أطلب مغفرته فهو كقوله: (اللهم اغفر لي).
فالاستغفار التام الموجب للمغفرة هو ما قارن عدم الإصرار كما مدح الله تعالى أهله ووعدهم بالمغفرة.
قال بعض العارفين: (من لم يكن ثمرة استغفاره تصحيح توبته فهو كاذب فى استغفاره).
وكان بعضهم يقول: (استغفارنا هذا يحتاج إلى استغفار كثير).
وفى ذلك يقول بعضهم:

استغفر الله من أستغفر الله = من لفظة بدت خالفت معناها
وكيف أرجو إجابات الدعاء وقد = سَدَدْتُ بالذنب عند الله مجراها

* فأفضل الاستغفار ما قرن به ترك الإصرار وهو حينئذ يؤمل توبة نصوحاً وإن قال بلسانه: (أستغفر الله) وهو غير مقلع بقلبه فهو داع لله بالمغفرة كما يقول: (اللهم اغفر لي) وهو حسن وقد يرجى له الاجابة.
وأما من تاب توبة الكذابين فمراده أنه ليس بتوبة كما يعتقده بعض الناس، وهذا حق؛ فإن التوبة لا تكون مع الإصرار.
* وإن قال: استغفر الله وأتوب إليه فله حالتان:
إحداها: أن يكون مصرا بقلبه على المعصية فهو كاذب فى قوله: (وأتوب إليه) لأنه غير تائب؛ فلا يجوز له أن يخبر عن نفسه بأنه تائب وهو غير تائب.
والثانية: أن يكون مقلعاً عن المعصية بقلبه؛ فاختلف الناس فى جواز قوله: (وأتوب إليه) فكرهه طائفة من السلف وهو قول أصحاب أبى حنيفة، حكاه عنهم الطحاوى.
وقال الربيع بن خثيم: يكون قوله: (وأتوب إليه) كذبة وذنبا ولكن ليقل: (اللهم إنى أستغفر فتب علي)
وهذا قد يحمل على من لم يقلع بقلبه وهو بحالة أشبه.
وكان محمد بن سوقة يقول فى استغفاره: (أستغفر الله العظيم الذى لا إله إلا هو الحى القيوم، وأسأله توبة نصوحا).
وروى عن حذيفة أنه قال: (يُحسب من الكذب أن يقول أستغفر الله ثم يعود).
وسمع مطرف رجلا يقول: (أستغفر الله وأتوب إليه) ؛ فتغيَّظَ عليه وقال: (لعلك لا تفعل).
وهذا ظاهره يدل على أنه إنما كره أن يقول: (وأتوب إليه) لأن التوبة النصوح أن لا يعود إلى الذنب أبدا؛ فمتى عاد كان كاذبا فى قوله: (وأتوب إليه).
وكذلك سئل محمد بن كعب القرظى عمن عاهد الله أن لا يعود إلى معصية أبدا فقال: (مَن أعظم منه إثما؟ يتألى على الله أن لا يُنْفِذَ قضاءه). ورجح قوله فى هذا أبو الفرج ابن الجوزى.
ورُوي عن سفيان نحو ذلك.
وجمهور العلماء على جواز أن يقول التائب: (أتوب إلى الله) وأن يعاهد العبد ربه على أن لا يعود إلى المعصية؛ فإن العزم على ذلك واجب فى الحال.
لهذا قال: (ما أصر من استغفر ولو عاد فى اليوم سبعين مرة).
وقال فى المعاود للذنب: (قد غفرت لعبدى فليعمل ما شاء).
وفى حديث كفارة المجلس: (أستغفرك اللهم، وأتوب إليك).
وقطع النبي صلى الله عليه وسلم يدى سارق ثم قال له: ((استغفر الله وتب إليه)). فقال: (( أستغفر الله وأتوب إليه ))
فقال: (( اللهم تب عليه )) أخرجه أبو داود
واستحب جماعة من السلف الزيادة على قوله: (أستغفر الله وأتوب إليه).
فَرُوِيَ عن عمر رضى الله عنه أنه سمع رجلا يقول: (أستغفر الله وأتوب إليه) فقال له: قل يا حميق. قل: (توبة من لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا).
وسئل الأوزاعى عن الاستغفار: يقول: (أستغفر الله العظيم الذى لا إله إلا هو الحى وأتوب إليه) فقال: (إن هذا لحسن ولكن يقول: (اغفر لي حتى يتم الاستغفار).
وأفضل أنواع الإستغفار: - أن يبدأ العبد بالثناء على ربه، ثم يثنى بالإعتراف بذنبه، ثم يسأل الله المغفرة.
كما فى حديث شداد بن أوس عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (( سيد الإستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت خلقتنى وأنا عبدك وأنا على عهدك، ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك على وأبوء بذنبى فاغفر لى فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت )) خرجه البخاري.
وفى الصحيحين عن عبدالله بن عمرو أن أبا بكر الصديق قال: يا رسول الله علمنى دعاء أدعو به فى صلاتى قال: (( قل اللهم إنى ظلمت نفسى ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لى مغفرة من عندك وارحمنى إنك أنت الغفور الرحيم )).
ومن أنواع الاستغفار أن يقول العبد: (أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحى القيوم وأتوب إليه).
وقد روي عن النبى صلى الله عليه وسلم أن من قاله غفر له، وإن كان فر من الزحف، خرجه أبو داود والترمذى.
وفى كتاب عمل اليوم والليلة للنسائى عن خباب بن الأرت قال: قلت يا رسول الله كيف نستغفر؟ قال: (( قل: اللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم)).
وفيه عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: (( ما رأيت أحدا أكثر أن يقول: (أستغفر الله وأتوب إليه) من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفى الأربعة عن ابن عمر قال: (إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى المجلس الواحد مائة مرة يقول: (( رب اغفر لى وتب على إنك أنت التواب الغفور )).
وفى صحيح البخارى عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ((والله إنى لأستغفر الله وأتوب إليه فى اليوم أكثر من سبعين مرة )).
وفى صحيح مسلم عن الأغر المزنى عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (( إنه ليغان على قلبى وإنى لأستغفر الله فى اليوم مائة مرة )).
وفى المسند عن حذيفة قال: قلت يا رسول الله إنى ذرب اللسان وإن عامة ذلك على أهلى
فقال: (( أين أنت من الاستغفار؟ إنى لأستغفر الله فى اليوم والليلة مائة مرة )).
وفى سنن أبى داود عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (( من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب )).
قال أبو هريرة: (إنى لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم ألف مرة وذلك على قدر ديتى)
وقالت عائشة رضى الله عنها: (طوبى لمن وجد فى صحيفته استغفاراً كثيرا).
قال أبو المنهال: (ما جاور عبد فى قبره من جار أحب إليه من استغفار كثير)
وبالجملة: فدواء الذنوب الاستغفار.
وروينا من حديث أبى ذر مرفوعا: (إن لكل داء دواء، وإن دواء الذنوب الاستغفار).
قال قتادة: (إن هذا القرأن يدلكم على دائكم ودوائكم فأما داؤكم فالذنوب، وأما دواؤكم فالاستغفار.
وقال بعضهم: (إنما معول المذنبين البكاء والاستغفار فمن أهمته ذنوبه أكثر لها من الاستغفار).
قال رياح القيسى: (لي نيف وأربعون ذنبا قد استغفرت الله لكل ذنب مائة ألف مرة).
وحاسب بعضهم نفسه من وقت بلوغه فإذا زلاته لا تجاوز ستا وثلاثين فاستغفر الله لكل زلة مائة ألف مرة، وصلى لكل زلة ألف ركعة، وختم فى كل ركعة منها ختمة.
قال: (ومع ذلك فإنى غير آمن من سطوة ربى أن يأخذنى بها فأنا على خطر من قبول التوبة).
ومن زاد اهتمامه بذنوبه فربما تعلق بأذيال من قلت ذنوبه فالتمس منهم الاستغفار، وكان عمر يطلب من الصبيان الإستغفار ويقول: (إنكم لم تذنبوا).
وكان أبو هريرة يقول لغلمان الكتاب قولوا: (اللهم اغفر لأبى هريرة) ؛ فيؤمن على دعائهم.
قال بكر المزنى: (لو كان رجل يطوف على الأبواب كما يطوف المسكين يقول: استغفروا لي لكان قبوله أن يفعل).
ومن كثرت ذنوبه وسيئاته حتى فاقت العدد والإحصاء فليستغفر الله مما علم. فإن الله قد كتب كل شئ وأحصاه كما قال تعالى: {يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه}[سورة المجادلة: 6]
وفى حديث شداد بن أوس عن النبى صلى الله عليه وسلم: (( أسألك من خير ما تعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم وأستغفرك لما تعلم إنك أنت علام الغيوب )).
وفى مثل هذا يقول بعضهم:

أستغفر الله مما يعلم اللهُ = إن الشقي لمن لا يرحم اللهُ
ما أحلم الله عمن لا يراقبه = كلٌّ مسيءٌ ولكن يحلم الله
فاستغفر الله مما كان من زلل = طوبى لمن كف عما يكره الله
طوبى لمن حسنت منه سريرته = طوبى لمن ينتهى عما نهى الله

السبب الثالث من أسباب المغفرة: التوحيد وهو السبب الأعظم فمن فقده فقد المغفرة، ومن جاء به فقد أتى بأعظم أسباب المغفرة.
قال تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [سورة النساء: 48]
فمن جاء مع التوحيد بقراب الأرض، وهو ملؤها أو ما يقارب ملأها خطايا لقيه الله بقرابها مغفرة، لكن هذا مع مشيئة الله عز وجل، فإن شاء غفر له، وإن شاء أخذه بذنوبه ثم كان عاقبته أن لا يخلد فى النار بل يخرج منها ثم يدخل الجنة.
قال بعضهم: (الموحد لا يلقى فى النار كما يلقى الكفار، ولا يبقى فيها كما يبقى الكفار).
فإن كمل توحيد العبد وإخلاصه لله فيه وقام بشروطه كلها بقلبه ولسانه وجوارحه، أو بقلبه ولسانه عند الموت أوجب ذلك مغفرة ما سلف من الذنوب كلها ومنعه من دخول النار بالكلية.
فمن تحقق بكلمة التوحيد قلبه أخرجت منه كل ما سوى الله محبة وتعظيما وإجلالا ومهابة وخشية ورجاء وتوكلا.
وحينئذ تحرق ذنوبه وخطاياه كلها ولو كانت مثل زبد البحر وربما قلبتها حسنات كما سبق ذكره فى تبديل السيئات حسنات فإن هذا التوحيد هو الإكسير الأعظم فلو وضع منه ذرة على جبال الذنوب والخطايا لقلبها حسنات.
كما فى المسند وغيره عن أم هاني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا إله إلا الله لا تترك ذنبا ولا يسبقها عمل).
وفى المسند عن شداد بن أوس وعبادة بن الصامت أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: (( ارفعوا أيديكم وقولوا: لا إله إلا الله )) فرفعنا أيدينا ساعة، ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم قال: (( الحمد لله اللهم بعثتنى بهذه الكلمة وأمرتنى بها ووعدتنى الجنة عليها وإنك لا تخلف الميعاد ))
ثم قال: (( أبشروا؛ فان الله قد غفر لكم )).
قال الشبلي: (من ركن إلى الدنيا أحرقته بنارها فصار رمادا تذروه الرياح، ومن ركن إلى الآخرة أحرقته بنورها فصار ذهبا أحمر ينتفع به، ومن ركن إلى الله أحرقه بنور التوحيد فصار جوهرا لا قيمة له).
إذا علقت نار المحبة بالقلب أحرقت منه كل شيء ما سوى الرب عز وجل؛ فطهر القلب حينئذ من الأغبار وصلح غرسا للتوحيد ((ما وسعنى سمائى ولا أرضي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن ))

غصني الشوق إليهم بريقي = واحريقي فى الهوى واحريقي
قد رمانى الحب فى لج بحر = فخذوا بالله كف الغريق
حل عندي حبكم في شغافي = حل مني كل عهد وثيق


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 8 جمادى الأولى 1435هـ/9-03-2014م, 02:00 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي

أسماء الطلاب الذين أدوا التطبيق العاشر

1: أبو صهيب
2: أم جهاد الحربي
3: أم أسامة
4: محمد بدر الدين سيفي
5: طالبة العفو


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 7 جمادى الأولى 1436هـ/25-02-2015م, 03:16 PM
زهرة البحر
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
مقاصد الرسالة :
أسباب المغفرة التي تضمنها حديث أنس بن مالك
عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي.
يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك.
يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة )). رواه الترمذى وقال: حديث حسن صحيح.

جعلها في ثلاثة أقسام كالتالي :

1- الدعاء مع الرجاء قال تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}
عن عبدالله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إن هذه القلوب
أوعية فبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب لعبد دعاء من ظهر قلب غافل )).
فمن أعظم أسباب المغفرة أن العبد إذا أذنب ذنبا لم يرج مغفرته من غير ربه ويعلم أنه لا يغفر الذنوب ويأخذ بها غيره.
ويُروى من حديث سعيد بن جبير عن ابن عمر مرفوعا: (( يأتي الله بالمؤمن يوم القيامة فيقربه حتى يجعله فى حجابه من جميع الخلق فيقول: لم أقرأ فيعرفه ذنبا ذنبا أتعرف؟ أتعرف؟ فيقول: نعم نعم، ثم يلتفت العبد يمنة ويسرة. فيقول الله تعالى: لا بأس عليك يا عبدى أنت فى سترى من جميع خلقي ، ليس بينى وبينك أحد يطلع على ذنوبك غيري، غفرتها لك بحرف واحد من جميع ما أتيتنى به.
قال: ما هو يا رب؟ قال: كنت لا ترجو العفو من أحد غيري )).

2- الاستغفار ولو عظمت الذنوب .
الاستغفار: طلب المغفرة والمغفرة هي وقاية شر الذنوب مع سترها.
قال تعالى: {واستغفروا الله إن الله غفور رحيم}.
التوبة: عبارة عن الإقلاع عن الذنوب بالقلوب والجوارح وتارة يفرد الإستغفار ويرتب عليه المغفرة كما ذكر الحديث وما أشبهه..
عن أبى بكر الصديق عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (( ما أصر من استغفر وإن عاد فى اليوم سبعين مرة )) خرجه أبو داود والترمذي
* فأفضل الاستغفار ما قرن به ترك الإصرار وهو حينئذ يؤمل توبة نصوحاً وإن قال بلسانه: (أستغفر الله) وهو غير مقلع بقلبه فهو داع لله بالمغفرة كما يقول: (اللهم اغفر لي) وهو حسن وقد يرجى له الاجابة.
وأما من تاب توبة الكذابين فمراده أنه ليس بتوبة كما يعتقده بعض الناس، وهذا حق؛ فإن التوبة لا تكون مع الإصرار.
* وإن قال: استغفر الله وأتوب إليه فله حالتان:
إحداها: أن يكون مصرا بقلبه على المعصية فهو كاذب فى قوله: (وأتوب إليه) لأنه غير تائب؛ فلا يجوز له أن يخبر عن نفسه بأنه تائب وهو غير تائب.
والثانية: أن يكون مقلعاً عن المعصية بقلبه؛ فاختلف الناس فى جواز قوله: (وأتوب إليه) فكرهه طائفة من السلف وهو قول أصحاب أبى حنيفة، حكاه عنهم الطحاوى.

3-التوحيد .
قال تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}
فى المسند وغيره عن أم هاني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا إله إلا الله لا تترك ذنبا ولا يسبقها عمل)..
فمن جاء مع التوحيد بقراب الأرض، وهو ملؤها أو ما يقارب ملأها خطايا لقيه الله بقرابها مغفرة، لكن هذا مع مشيئة الله عز وجل، فإن شاء غفر له، وإن شاء أخذه بذنوبه ثم كان عاقبته أن لا يخلد فى النار بل يخرج منها ثم يدخل الجنة.
قال بعضهم: (الموحد لا يلقى فى النار كما يلقى الكفار، ولا يبقى فيها كما يبقى الكفار).

وسنادها في ثنايا التلخيص السابق

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
10, تطبيق

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تطبيق 6: (بيان معنى الشرك) لشيخ الإسلام ابن تيمية عبد العزيز الداخل القراءة المنظمة 1 8 جمادى الأولى 1435هـ/9-03-2014م 12:48 AM
تطبيق 3: الوصية الجامعة لشيخ الإسلام ابن تيمية عبد العزيز الداخل القراءة المنظمة 1 8 جمادى الأولى 1435هـ/9-03-2014م 12:38 AM
فتح الباري شرح صحيح البخاري / ابن رجب الحنبلي حفيدة بني عامر مكتبة المعهد 2 7 شعبان 1431هـ/18-07-2010م 01:50 PM


الساعة الآن 06:38 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir