الأسئلة :
1: ما معنى المصحف والربعة والرصيع؟
2: ما حكم من استخفّ بالمصحف أو تعمّد إلقاءه في القاذورات؟
3: ما يُصنع بالأوراق البالية والمتقطّعة من المصحف؟
الأجوبة :
السؤال الأول : ما معنى المصحف والربعة والرصيع؟
أولاً : معنى المصحف :
1-بضم الميم : . وَأهل نجد يَقُولُونَ: الْمُصحف بِضَم الْمِيم لُغَة علوِيَّة وسُمِّيَ المُصْحَفُ مُصْحَفاً لأنَّه أُصْحِفَ، أي جُعِلَ جامعاً للصُحُف المكتوبة بين الدَّفَّتَيْن , العين للفراهيدي , وجمهرة اللغة .
2-بكسر الميم : لُغَة تميمية لِأَنَّهُ صحف جمعت فأخرجوه مخرج مفعل مِمَّا يتعاطى بِالْيَدِ كَأَنَّهُمْ , جمهرة اللغة .
ثانياً : الرَّصيع:
زِرّ عُرْوة الْمُصحف , ذكره تهذيب اللغة , لسان العرب .
ثالثاً : الرَّبعة :
جُونَةُ العَطَّارِ، وصُندوقٌ أجْزاءِ المُصْحَفِ، وهذه مُوَلَّدَةٌ كأنها مأخوذَةٌ من الأولَى , ذكره القاموس المحيط .
السؤال الثاني : ما حكم من استخفّ بالمصحف أو تعمّد إلقاءه في القاذورات؟
أولاً : الاستخفاف بالمصحف :
1-كفر وردة :
-صرح غير واحد من أهل العلم بأن الاستخفاف بالمصحف كفر وردة .
-وجزم ابن عقيل فى موضع آخر : ( بأن من وجد منه امتهان للقرآن أو خمص منه أو طلب تناقضه , أو دعوى أنه مختلف أو مختلق , أو مقدور على مثله أو إسقاط لحرمته , كل ذلك دليل على كفره , فيقتل بعد التوبة )
-وقال القاضى عياض فى كتابه الشفا بتعريف حقوق المصطفى : ( واعلم أن من استخف بالقرآن أو المصحف أو بشئ منه ..... , فهو كافر عند أهل العلم بإجماع . قال الله تعالى : ("وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ")
-وقال أبو عثمان الحداد : جميع من ينتحل التوحيد متفقون أن الجحد لحرف من التنزيل كفر ,
- وقال عبد الله بن مسعود : ( من كفر بآية من القرآن فقد كفر به كله ). وقال أصبغ بن الفرج : ( من كذب ببعض القرآن فقد كذب به كله , ومن كذب به فقد كفر به , ومن كفر به فقد كفر بالله ) .
2-القتل :
- ونص أبو الوفاء ابن عقيل فى فنونه على أن من قصد كتب القرآن بنجس إهانة له , فالواجب قتله .
- قال أبو محمد : ( وأما من لعن المصحف فإنه يقتل ) أ. هـ كلام القاضى عياض , وقد حكاه عنه غير واحد من أهل العلم كالنووى وابن مفلح
ثانياً : إلقاء المصحف فى القاذورات :
إلقاء المصحف ولو بآية منه , في القاذورات كفر وشرك إذا كان فاعله متعمداً , إلا إذا كان لعلة واضحة غير الاستخفاف .
1- الكفر :
-صرح غير واحد من أهل العلم كأبى الوفاء بن عقيل , والقاضى عياض , والقرافى , والنووى , وأبى العباس بن تيمية بكفر من ألقى المصحف أو بعضه , ولو آيه منه فى قاذورة استخفاف , يستوى فى ذلك كون القاذورة نجسة كالعذرة والبول , أو طاهرة مستخبثة كالمخاط والبزاق مثلا , لما فى ذلك من الامتهان للمصحف وأبعاضه , ولكونه دليلا على إسقاط حرمته , ومن أسقط حرمة المصحف مستخفا به كان مرتدا باتفاق المسلمين . وأجمع العلماء على اعتبار ذلك الصنيع ضربا من ضروب الكفر الذى يذكره أهل العلم فى أبواب الردة من مصنافتهم.
- وقد صرح بعضهم بأن الحكم المذكور شامل لكل كيفية حصل بها تعريض المصحف أو بعضه لتلويث بقذر , فلا يقتصر الحكم المذكور على الإلقاء فى القاذورة , بل يتناول كافة أنواع التعريض إذا شم منه الاستخفاف ولو ادعى فاعله الإيمان , لأن الاستخفاف بالمصحف نفى لحكم التصديق , وتكذيب لدعوى الإيمان .
2- كبيرة من الكبائر :
- ثم إن بعض أهل العلم قد عبر عن حكم الاستخفاف بالمصحف بكونه كبيرة من أكبر الكبائر , قاله العز بن عبد السلام , وهذا لا يعنى مخالفة للإجماع الحاصل من أهل العلم على كون الاستخفاف ردة , لأن من الكبائر ما هو كفر كالشرك بالله , وقد وردت السنة بذلك من مثل قوله عليه السلام " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ الإشراك بالله " , على أن بعض الفقهاء قد قيد الحكم بحصول الردة الفعلية بالإلقاء المذكور مصحوبا بقصد الامتهان .
3- إذا كان لعلة واضحة :
-إذا كان الحامل عليه خوف من تلف جزئى أو كلى هدده به قادر على مثله , أو حمله على مثل هذا الصنيع ضرورة ملجئة , فلا كفر إذا ثم اختلفوا فى تأثيمه والحالة هذه .
- وألحق بعض الفقهاء بهذه الصورة محو مكتوب القرآن بالبزاق مثلا , كصنيع غلمان الكتاتيب بألواحهم , وكون مؤدبهم يأثم بتركهم يفعلون ذلك , أو يقصر فى منعهم منه .
-وقد فرق بعض الفقهاء فى التحريم بين ما لو بصق على اللوح مباشرة لغرض محوه , وبين ما لو بصق على نحو خرقة مثلا , ثم محى بها اللوح لحصول صورة الامتهان فى الأولى دون الثانية .
-وقد بالغ بعض الفقهاء فى التشنيع على من اعتاد بل أصبعه بريقه عند تقليب صفحات المصحف , واعتبر ذلك ضربا من المنكرات الواجب تغيرها ولو لم يكن بصنيعه هذا قاصدا لتلويث المصحف .
السؤال الثالث : ما يُصنع بالأوراق البالية والمتقطّعة من المصحف؟
1-المحو بالماء :
-قال القرطبى فى التذكار: ( لا يتخذ الصحيفة إذا بليت ودرست وقاية للكتب فإن ذلك جفاء عظيم , ولكن يمحوها بالماء).
-وقال الزركشى فى البرهان : ( وإذا احتيج لتعطيل بعض أوراق المصحف لبلاء ونحوه فلا يجوز وضعه فى شق أو غيره ليحفظ , لأنه قد يسقط ويوطأ , ولا يجوز تمزيقها لما فيها من تقطيع الحروف وتفرقة الكلم , وفى ذلك إزراء بالمكتوب كذا قاله الحليمى , قال وله غسلها بالماء .
2-الحرق :
-قال الزركشي في البرهان : بعد كلامه عن الورق البالي من المصحف ( وإن أحرقها بالنار فلا بأس , أحرق عثمان مصاحف فيها آيات وقراءات منسوخة ولم ينكر عليه. وذكر غيره أن الإحراق أولى من الغسل لأن الغسالة قد تقع على الأرض , وجزم القاضى الحسين فى " تعليقه " بامتناع الإحراق , وأنه خلاف الاحترام , والنووى بالكراهة فحصل ثلاثة أوجه .
3-الدفن بالأرض :
-وفى " الواقعات " من كتب الحنفية أن المصحف إذا بلى لا يحرق بل يحفر له فى الأرض ويدفن .
-ونقل عن الإمام أحمد أيضا : " وقد يتوقف فيه لتعرضه للوطء بالأقدام") .
- وروى أبو عبيد فى فضائل القرآن بسنده عن إبراهيم قال : ( وكانوا يأمرون بورق المصحف إذا بلى أن يدفن ) .
-وقال الشيخ تقى الدين بن تيمية فى الفتاوى المصرية :( المصحف العتيق والذى تخرق وصار بحيث لا ينتفع به بالقراءة فيه فإنه يدفن فى مكان يصان فيه كما أن كرامة بدن المؤمن دفنه فى موضع يصان فيه ).
-وقال ابن مفلح فى الفروع: ( وذكر القاضى أن أبا بكر بن أبى داود قال : " دفن عثمان المصاحف بين القبر والمنبر " ) . قال ابن مفلح : ( ذكر أحمد أن أبا الجوزاء بلى مصحف له فحفر له فى مسجده فدفنه ).