فضائله ومناقبه
روي في فضل عثمان أحاديث وآثار كثيرة فرّقتُ أكثرها في سيرته، وتقدم ذكر بعضها في سيرة أبي بكر وعمر، ويتلخص منها:
1: بشارته بالجنة
وقد روي في ذلك أحاديث:
- قال صدقة بن المثنى: سمعت جدي رباح بن الحارث، عن سعيد بن زيد بن نفيل رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عثمان في الجنة». رواه أحمد، وابن أبي شيبة، والنسائي في الكبرى، وهو جزء من حديث العشرة المبشرين بالجنة، وله طرق عن سعيد بن زيد، وعن غيره.
- وقال أبو عثمان النهدي، عن أبي موسى رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطا وأمرني بحفظ باب الحائط، فجاء رجل يستأذن، فقال: «ائذن له وبشره بالجنة»، فإذا أبو بكر، ثم جاء آخر يستأذن، فقال: «ائذن له وبشره بالجنة»، فإذا عمر، ثم جاء آخر يستأذن فسكت هنيهة ثم قال: «ائذن له وبشره بالجنة على بلوى ستصيبه»، فإذا عثمان بن عفان). رواه أحمد والبخاري ومسلم من طرق عن أبي عثمان، ورواه البخاري في صحيحه من طريق سعيد بن المسيب عن أبي موسى مطولاً.
2: بشارته بالشهادة
- قال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة أن أنس بن مالك رضي الله عنه، حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أُحُداً، وأبو بكر، وعمر، وعثمان فرجف بهم، فقال: «اثبت أحد فإنما عليك نبي، وصديق، وشهيدان» رواه أحمد والبخاري وأبو داوود والترمذي والنسائي في الكبرى.
- وقال الحسين بن واقد المروزي: حدثنا عبد الله بن بريدة، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالساً على حراء ومعه أبو بكر وعمر وعثمان؛ فتحرك الجبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اثبت حراء؛ فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد)). رواه أحمد "
3: الثناء على جوده وإنفاقه في سبيل الله تعالى
وقد كان رضي الله عنه جزل الإنفاق في سبيل الله، له في ذلك مواقف محمودة مشكورة أثنى فيها عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فمنها ما بشّر بها بالجنة، ومنها ما بشّر بها برفع المؤاخذة عنه في جميع أعماله، ومن أشهر تلك النفقات:
أ-أنه جهز جيش العُسرة من ماله.
ب- أنه اشترى مربداً مجاوراً لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم وضمّه إلى المسجد ووسّعه، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالمغفرة.
ج- أنه اشترى بئر رومة، وكان ليهودي في المدينة يبيع ماءه، وليس في المدينة ماء يُستعذب غيره، فشقّ ذلك على المسلمين، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم لمن يشتريه ويجعل دلوه مع دلاء المسلمين، فاشتراه عثمان وجعله سقاية للمسلمين.
- قال عبد الله بن شوذب، عن عبد الله بن القاسم، عن كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار حين جهز جيش العُسْرَة فنثرها في حجره.
قال عبد الرحمن: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقلّبها في حجره ويقول: (( ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم )) مرتين. رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه.
- وقال أبو إسحاق السبيعي، عن أبي عبد الرحمن السلمي، أن عثمان رضي الله عنه حين حوصر أشرف عليهم، وقال: أنشدكم الله، ولا أنشد إلا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « من حفر رومة فله الجنة»؟ فحفرتها، ألستم تعلمون أنه قال: «من جهز جيش العسرة فله الجنة؟» فجهَّزتُهم
قال: (فصدقوه بما قال). رواه البخاري في صحيحه مختصراً، وله روايات وطرق أخرى مفصلة.
- وقال يحيى بن أبي الحجاج المنقري، عن سعيد الجريري، عن ثمامة بن حزن القشيري قال: شهدت الدار حين أشرف عليهم عثمان، فقال: أنشدكم بالله وبالإسلام، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة؟ فقال: (( من يشتري بئر رومة؛ فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة؟)) فاشتريتها من صلب مالي فجعلت دلوي فيها مع دلاء المسلمين، وأنتم اليوم تمنعوني من الشرب منها حتى أشرب من ماء البحر، قالوا: اللهم نعم.
قال: فأنشدكم بالله والإسلام، هل تعلمون أني جهزت جيش العسرة من مالي؟
قالوا: اللهم نعم.
قال: فأنشدكم بالله والإسلام، هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير له منها في الجنة؟» فاشتريتها من صلب مالي فزدتها في المسجد، وأنتم تمنعوني أن أصلي فيه ركعتين!!
قالوا: (اللهم نعم). رواه الترمذي والنسائي، وله طرق أخرى.
4: ما روي أنه نزل فيه من القرآن
وهو على صنفين؛ صنف يصح أن يُحمل على أنه من أسباب النزول أو أحواله، وصنف من باب التفسير، وتنبيه بعض الصحابة على أنّ عثمان رضي الله عنه ممن يشمله ما ذكر في الآية، لا أنه سبب نزولها.
- قال عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن إبراهيم بن عكرمة بن يعلى بن أمية، عن ابن عباس في قوله تعالى: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا} قال: (نزلت في رجل من قريش وعبده، وفي قوله: {مثلاً رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء} إلى قوله: {وهو على صراط مستقيم}قال: «هو عثمان بن عفان».
قال: «والأبكم الذي أينما يوجه لا يأت بخير، ذاك مولى عثمان بن عفان، كان عثمان ينفق عليه ويكفله ويكفيه المئونة، وكان الآخر يكره الإسلام ويأباه، وينهاه عن الصدقة والمعروف، فنزلت فيهما». رواه ابن جرير.
ورواه ابن سعد، وابن أبي شيبة، والبخاري في تاريخه، والضياء المقدسي في المختارة مختصراً.
- وقال عبد الله بن عيسى الخزاز: حدثنا يحيى البكاء أنه سمع ابن عمر قرأ: {أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه} قال ابن عمر: (ذاك عثمان بن عفان رضي الله عنه). رواه ابن أبي حاتم.
قال ابن أبي حاتم: (وإنما قال ابن عمر ذلك، لكثرة صلاة أمير المؤمنين عثمان بالليل وقراءته حتى إنه ربما قرأ القرآن في ركعة).
- وقال شعبة: حدثني أبو بشر، عن يوسف بن سعد المكي، عن محمد بن حاطب قال: سمعت علياً يخطب يقول: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} منهم عثمان). رواه أحمد في فضائل الصحابة وابن جرير في تفسيره والطحاوي في شرح مشكل الآثار.
ورواه ابن أبي شيبة وابن أبي عاصم لكن وقع عندهم يوسف بن ماهك بدل يوسف بن سعد.
- وقال شعبة، عن أبي عون قال: سمعت محمد بن حاطب قال: (سألت علياً عن عثمان، فقال: «هو من الذين آمنوا ثم اتقوا ثم آمنوا ثم اتقوا» ولم يختم الآية). رواه أحمد في فضائل الصحابة.