4: سهيل بن عمرو بن عبد شمس القرشي(ت:18هـ)
من أعيان قريش في الجاهلية والإسلام، وكان خطيباً مفوهاً، أسر يوم بدر مع المشركين؛ ثمّ فادى نفسه، وهو الذي انتدبته قريش للصلح مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية.
أسلم يوم الفتح وحسن إسلامه، ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم وارتدّ من ارتدّ من العرب؛ قام سهيل في أهل مكة وخطبهم بنحو خطبة أبي بكر الصديق في المدينة؛ وحضهم على الثبات على الدين.
- قال ابن أبي عمر: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد، قال: قال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، دعني أنزع ثنيتي سهيل بن عمرو لا يقوم خطيبا في قومه أبدا، فقال: «دعه فلعله أن يسرك يوماً».
قال سفيان: فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم نفر أهل مكة، فقام سهيل بن عمرو عند الكعبة، فقال: (من كان محمد صلى الله عليه وسلم إلهه فإنَّ محمداً قد مات، والله حي لا يموت). رواه الحاكم في المستدرك.
الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب لم يدرك عمر، لكن يشهد له مرسل محمد بن عمرو بن عطاء العامري وهو تابعي ثقة من قرابة سهيل بن عمرو.
- قال محمد بن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: كان سهيل بن عمرو رجلاً أعلم من شفته السفلى؛ فقال عمر بن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أسر ببدر: يا رسول الله! انزع ثنيتيه السفليين فيدلع لسانه؛ فلا يقوم عليك خطيباً بموطن أبداً.
فقال: «لا أمثّل فيمثّل الله بي» رواه ابن أبي شيبة وابن سعد وابن أبي خيثمة.
- قال ابن عساكر: (أسلم سهيل في الفتح، وقام بعد ذلك بمكة خطيبا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهاج أهل مكة، وكادوا يرتدّون، فقام فيهم سهيل بمثل خطبة أبي بكر الصديق بالمدينة كأنه كان يسمعها؛ فسكن الناسُ وقبلوا منه، وأمير مكة يومئذ عتّاب بن أسيد).
ثم إنه خرج بماله وأهله إلى الجهاد في الشام؛ فاستشهد أولاده عبد الله وأبو جندل وعتبة؛ وكان ابنه عبيد الله قد قتل من قبل باليمامة في قتال المرتدين، ثم مات سهيل في طاعون عمواس سنة 18هـ، في قول يحيى بن بكير وابن حبان وخليفة بن خياط وغيرهم، وقال غيرهم: بل قتل يوم اليرموك، والأول أرجح.
ولم يبق من ولد سهيل إلا ابنته هند في مكة كان قد تزوجها عثمان بن عتاب بن أسيد، وحفيدته فاختة بنت عتبة بن سهيل، وهي التي لقّبت بالشريدة لأنه لم يبق من أهلها الذين ذهب بهم سهيل غيرها؛ فكفلها عمر بن الخطاب، وكفل معها عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، وكان حاله كحالها؛ فلما بلغا سنّ النكاح زوجّهما؛ وأقطعهما أرضاً بالمدينة؛ فولدت أبا بكر بن عبد الرحمن أحد الفقهاء السبعة.
- قال ابن عبد البر: (قالوا: وكان سهيل بن عمرو بعد أن أسلم كثير الصلاة والصوم والصدقة، وخرج بجماعة أهله إلا بنته هندا إلى الشام مجاهدا حتى ماتوا كلهم هنالك، فلم يبق من ولده أحد إلا بنته هند وفاختة بنت عتبة بن سهيل، فقدم بها على عمر، فزوجها عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وكان الحارث قد خرج مع سهيل، فلم يرجع ممن خرج معهما إلا فاختة وعبد الرحمن، فقال: زوجوا الشريد الشريدة؛ ففعلوا، فنشر الله منهما عددا كثيراً).