باللون الكحلي ، مثل #5 :
قَوْلُهُ:(وَلَمَّا حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَصَلَّى ..إلخ)، المُنَاسِبُ لِمَا صَنَعَهُ في دخولِهِ على الصلاةِ أنْ يَقُولَ: وَلَمَّا حَمِدَ اللَّهَ وَصَلَّى على نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ تعالى الإعانةَ على ما قَصَدَ فَقَالَ، إِلَّا أنْ يُقَالَ إِنَّهُ تَفَنَّنَ في الدخولِ.
قَوْلُهُ: (قالَ)، جوابُ لَمَّا.
قَوْلُهُ: (وَنَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا ..إلخ)، اعْتُرِضَ بأنَّ مَقَامَ السؤالِ مَقَامُ ذِلَّةٍ وَخُضُوعٍ، فلا يُنَاسِبُهُ الإتيانُ بنونِ العَظَمَةِ، فكانَ الأَوْلَى أنْ يَقُولَ: وَأَسْأَلُ اللَّهَ لِي ..إلخ. وَأُجِيبَ بأنَّهُ أَتَى بِنُونِ العَظَمَةِ إِظْهَارًا لِتَعْظِيمِ اللَّهِ لهُ تَحَدُّثًا بِالنِّعْمَةِ، لقوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}، وَهَذَا لا يُنَافِي ذُلَّهُ لِمَوْلَاهُ وَتَوَاضُعَهُ فِي ذَاتِهِ، وبأنَّهُ أَتَى بِنُونِ المُتَكَلِّمِ وَمَعَهُ غَيْرُهُ تَحْقِيرًا لِنَفْسِهِ عنْ أنْ يَسْتَقِلَّ بالسؤالِ، فَشَارَكَ إِخْوَانَهُ فيهِ، لَكِنَّ السؤالَ مِنْهُمْ حُكْمِيٌّ وَتَقْدِيرِيٌّ لَا تَحْقِيقِيٌّ؛ لأنَّهُ لم يَتَحَقَّقْ منهمْ هذا السؤالُ.
قَوْلُهُ: (الإعانةَ)، أيْ: إعطاءَ العونِ والقوَّةِ.
وبَيْنَ الإعانةِ والإبانةِ جِنَاسٌ لَاحِقٌ، وَضَابِطُهُ أنْ يَخْتَلِفَ الكلمتانِ في حَرْفَيْنِ مُتَبَاعِدَي المَخْرَجِ، كَمَخْرَجِ العَيْنِ وَالبَاءِ هُنَا، وَأَصْلُ إِعَانَةٍ وَإِبَانَةٍ إِعْوَانٌ وَإِبْيَانٌ، نُقِلَتْ حَرَكَةُ الواوِ في الأوَّلِ، وَاليَاءِ فِي الثانيِ، للساكنِ قَبْلَهُمَا، ثمَّ يُقَالُ: تَحَرَّكَت الواوُ أو الياءُ بِحَسَبِ الأصلِ وَانْفَتَحَ ما قَبْلَهُمَا، الآنَ قُلِبَتَا أَلِفًا فَاجْتَمَعَ ألفانِ، حُذِفَتْ إِحْدَى الأَلِفَيْنِ وَعُوِّضَ عنها بِالتاءِ، فَصَارَا إِعَانَةً وإبانةً، فَتَصْرِيفُهُمَا وَاحِدٌ، إِلَّا أنَّ الأوَّلَ وَاوِيٌّ، والثانيَ يَائِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فِيمَا تَوَاخَيْنَا)، أيْ: على الذي تَوَاخَيْنَاهُ. فَفِي بِمَعْنَى على؛ لأنَّ الإعانةَ تَتَعَدَّى بِعَلَى، وَمَا اسْمٌ مَوْصُولٌ بِمَعْنَى الذي، والعائدُ مَحْذُوفٌ.
وقولُهُ: (أيْ: تَحَرَّيْنَا وَقَصَدْنَا)، تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: (تَوَاخَيْنَا)، وَالعَطْفُ للتَّفْسِيرِ أَيْضًا.