التضمين:
تعريفه:
الجادة في اللغة أن يتعدى الفعل بحرف جر يناسبه، فإذا خالف الفعل الجادة وتعدى بحرف جر آخر لا يناسبه، فيكون هذا الفعل قد ضمن معنى فعل آخر وتعدّى بحرف جر يناسب الفعل الآخر المُضمَّن فيه ولا يناسب الفعل الأصلي.فالتضمينُ إذًا هو اختيارُ فِعلٍ أو شِبهِ فعلٍ يتناسَبُ مع الفعلِ المذكورِ وحرْفِ الجرِّ المذكورِ، لهذا فالتضمينُ يحتاجُ إلى دقَّةٍ في الاختيارِ، وإلى معرفةٍ بالروابطِ والعَلاقاتِ بينَ الفعلِ والحرفِ. وقاعدة التضمين مهمة جدا لأنها من أنفع علوم التفسير.
أركان التضمين:
الركن الأول: الفعل المذكور.
الركن الثاني: حرف الجر المذكور.
الركن الثالث: الفعل المُضمَّن.
ويدخل في ذلك شبه الفعل: أحد مشتقاته، كاسم الفاعل أو اسم المفعول ونحو ذلك، فليس شرطا أن نعبر عن المعنى المضمن بفعل، إنما قد يكون أحد مشتقاته وهو ما عناه بـشبه الفعل.
ومثاله قوله تعالى: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم}
يمكننا تفسير المعنى المضمن هكذا: ومن يرد هامّا فيه بإلحاد بظلم
فكلمة (هامّا) اسم فاعل.
أقوال النحاة فيه:
المذهبُ الأولُ: وهو رأيُ البصريِّين، يقولون بالتضمينُ، وذلك لأن التَّضمِينُ أبْلَغَ في اللغةِ من تعاقُبِ الحروفِ؛ لأنه يتضمَّنُ معنًى زائدًا على المعنى الأصلِيِّ للكلمَةِ، وإلا فإنَّ تعاقُبَ الحروفِ لمجرَّدِ التفنُّنِ في الكلامِ ليس له معنًى. وهذا هو القول الراجح.
والمذهبُ الثاني: وهو رأيُ الكوفيِّين، لا يرون التضمين بل يقولون بالتعاقُبُ، فالكوفيِّون يَرَوْنَ جوازَ التعاقُبِ بينَ الحروفِ بأن يَرِدَ حرفٌ في مكانِ حرفٍ آخَرَ، ويأخُذَ معناه.
أمثلة على التضمين:
1- {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه}
الفعل سأل يتعدى بنفسه وبـ"عن" وهنا تعدى بـ"إلي" فدل على أنه قد ضمّن فعل آخر وتعدى بحرف جر يناسب الفعل الآخر.
والتقدير: لقد ظلمك بسؤال ضم نعجتك إلي نعاجه.
2- {من أنصاري إلى الله}
لو أردتَ أن تَبْحَثَ عن فعلٍ أو شِبهِه مناسبًا للمعنى الذي تضمَّنَتْه الآيةُ فإنه يكونُ المعنى: مَن أنصارِي متوجِّهًا إلى اللَّهِ.
لكن الذي لم أفهمه هنا أن الآية هنا ليس بها فعل؟
3-{وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}
الفعل يفتنونك يتعدى بنفسه وبـ "الباء" وهنا تعدى بـ"عن" فدل على أنه قد ضمّن فعل آخر وتعدى بحرف جر يناسب الفعل الآخر.
والتقدير: وإن كادوا ليفتنونك فيصدونك عن الذي أوحينا إليك.
4- {ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا}
الفعل نصرناه يتعدى بنفسه وبـ "الباء" وهنا تعدى بـ"من" فدل على أنه قد ضمّن فعل آخر وتعدى بحرف جر يناسب الفعل الآخر.
والتقدير: نصرناه فنجّيناه من القوم.
5- {عينا يشرب بها عباد الله}
فالعين لا يُشرب بها.
والتقدير عينا يشربُ فيَرْوَى بها المقرَّبُون.
6- {ثم استوى إلى السماء}
الفعل استوى يتعدى بـ "على" وهنا تعدى بـ"إلي" فدل على أنه قد ضمّن فعل آخر وتعدى بحرف جر يناسب الفعل الآخر.
والتقدير: أنه جلّ وعلا استوى قاصدا إلى السماء.
7- {لأصلبنكم في جذوع النخل}
الفعل أصلبنكم يتعدى بـ "على" وهنا تعدى بـ"في" فدل على أنه قد ضمّن فعل آخر وتعدى بحرف جر يناسب الفعل الآخر.
8- {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم}
الفعل يرد يتعدى بـنفس وهنا تعدى بـ"في" فدل على أنه قد ضمّن فعل آخر وتعدى بحرف جر يناسب الفعل الآخر.
والتقدير: يرد هامًا بظلم فيه.
9-{منهم من إن تأمنه بقنطار}
الفعل تأمنة يتعدى بـ"على" وهنا تعدى بـ"الباء" فدل على أنه قد ضمّن فعل آخر وتعدى بحرف جر يناسب الفعل الآخر.
علاقة التضمين باختلاف التنوع
التضمين يتضمن زيادة معنى على الفعل الأصلي وقد يختلف تقديره من شخص لآخر وهذا أحد أسباب اختلاف التنوع. ( لا أدري مدى صحة هذا القول؟ أرجو الإيضاح )
_______________________________________________________________________________________________
أسئلة متعلقة بمسائل استطرادية وردت بشرح الشيخ صالح آل الشيخ:
س: يقول: هل نستطيع أن نقول إنه لا يوجد اسم يدل على صفة فعلية لله – جل وعلا؟
ج: لا نستطيع؛ لأن أسماء الله – جل وعلا – منها ما يكون فيه صفات الذات وفيه ما يكون الصفات الفعلية، نعم ليس كل صفة فعل لله – جل وعلا – يصاغ له منها اسم ولكن قد يكون من أسمائه ما هو من قبيل الصفات الفعلية مثل: (الخالق، والرزاق، والستير ونحو ذلك).
س: يقول: فسرت كلمة (عسعس) بأقبل وأدبر فظاهر التفسيرين التناقض فكيف الجمع بينهما؟
ج: ليس متناقضاً هذا يسمى الألفاظ المشتركة يعني يرد هذا ويرد هذا (عسعس الشيء) بمعنى أقبل (عسعس الشيء) بمعنى أدبر.
اللديغ هو الملدوغ واللديغ هو أيضاً السليم من اللدغ تقول فلان لديغ يعني سلم من اللدغ وفلان لديغ بمعنى ملدوغ أصابه اللدغ هذا يجري بعض العلماء يجعل هذا في باب التضاد، وبعضهم لا يجعله في باب التضاد هذا من باب استعمال اللفظ في معنيين فأكثر يسمى المشترك.
هنا: {والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس} هنا: {الليل إذا عسعس} يكون المراد بتفسير من فسر عسعس بأنه أقبل يعني والليل إذا أقبل أو من فسر عسعس بالإدبار قال والليل إذا أدبر ورُجح الثاني وهو الإدبار بفائدة قوله: {والصبح إذا تنفس} لكن كلا التفسيرين صحيح.
يعني أن تفسير اللفظ بالمشترك لا يعد اختلافاً؛ لأن هذا صحيح، وهذا صحيح، وقد يرجح أحدهما على الآخر لأضرب من الترجيح.