المجموعة الرابعة :
س1: ما حكم إسقاط الجنين مع الاستدلال؟
أما في الطور الأول وهو طول النطفة, فقد قال بعض العلماء بجواز إسقاط النطفة بدواء مباح حيث لم تنفخ فيها الروح بعد, ولم يوجد فيه أصل الإنسان وهو الدم, والقول الثاني في المسألة هو عدم الجواز, واستدل أصحاب هذا القول بقوله تعالى:"فجعلناه في قرارا مكين إلى قدر معلوم", فيحرم التجاسر على إخراج الجنين من هذا القرار المكين الذي جعله فيه الله سبحانه وتعالى, إلا إذا كان بقاء هذه النطفة يشكل خطرا على حياة الأم, فعندها يقال بجواز إسقاطه, أما بعد نفخ الروح فيه فيحرم إسقاطه على كل حال، لأن إسقاطه يكون بمنزلة قتله وهو إنسان.
وحتى لو كان في تركه تهديدا لحياة الأم, فيحرم إسقاطه أيضا, ولا يقال إنه إن هلكت الأم هلك الجنين بكل الأحوال, أما إذا أسقطناه هلك وحده ونجت الأم, فلو هلك الجنين بسبب هلاك الأم يكون هذا من قدر الله ومن عنده, أما لو تم إسقاطه, فهنا المباشر لهذا هو الذي تسبب بقتله
فقتل النفس لإحياء نفس أخرى يحرم، فلو ضاع رجلان في صحراء بدون زاد معهما, لحرم أن يقتل أحدهما الآخر ليقتات عليه ويبقى هو على قيد الحياة, وهذا بإجماع المسلمين, بل حرم بعض العلماء الأكل من ميتة الإنسان للضرورة إن خاف الهلاك, لقوله عليه الصلاة والسلام:"كسر عظم الميت ككسره حيا", وأباح البعض الأكل منها بما يدفع خوف الإنسان من الهلاك، لأن حرمة الحي أعظم من حرمة الميت.
كما إنه لا يلزم من هلاك الأم أن يهلك الجنين معها, فقد يتمكن الأطباء خاصة في وقتنا الحاضر من إخراجه سليما معافى, ولا يلزم كذلك من موته في رحمها موت الأم معه, فقد يموت الجنين في بطنه أمه فيخرجوه وتبقى هي سليمة على قيد الحياة.
س2: رجل صاد طيراً ليأكله وهو يرى أنه لا بأس بذلك ، فأنكر عليه آخر بحجة أنه أزهق روح حيوان طليق؛ فمن المصيب منهما؟
الأصل في العبادات التحريم أو التوقيف, فلا تكون عبادة إلا ما دل دليل شرعي على أنها كذلك, لقوله عليه الصلاة والسلام:"من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد", وهذا في العبادات, أما غيرها من عادات الناس من طعام وشراب, وكذلك المعاملات, فالأصل فيها الحل إلا ما قام الدليل على حرمته, يدل على هذا قوله تعالى:"هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا", فمن ادعى حرمة طعام ما أو حرمة لحم طير ما, فعليه أن يأتي بدليل شرعي يدل على هذا التحريم, أما إن عجز عن الدليل فالقول قول من صاد الطير ليأكله.
س3: اشرح قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام).
ظاهر كلام الرسول عليه الصلاة والسلام:"من وقع في الشبهات وقع في الحرام", يحتمل أمرين:
الأول:أن من وقع في فعل المشتبهات وقع في الحرام.
الثاني:إن الوقوع في المشتبهات ذريعة موصلة للوقوع في المحرم.
وقد ضرب عليه الصلاة والسلام, مثلا بالراعي الذي يرعى غنمه أو إبله حول المكان المحمي والذي عادة يكون ثريا في العشب الأخضر لعدم تعرض الدواب له كونه محميا, فإن رأت غنم الراعي أو إبله هذا البقعة الخضراء من الأرض دخلتها, فإن فعلت صعب على الراعي التحكم بها ومنعها من أكل العشب, واللوم عليه لأنه رعى قرب الحمى, وكذلك المشتبهات إذا حام حولها الإنسان فإنه يصعب عليه أن يمنع نفسه عنها, فإذا وقع فيها وقع أو كاد أن يقع في الحرام.
س4: كيف تكون النصيحة لله عز وجل؟
النصيحة لله عز وجل تتضمن أمرين:
أولا:إخلاص العبادة له سبحانه, قال تعالى:"وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء".
ثانيا: توحيده سبحانه وتعالى في ألوهيته, وتوحيده في ربوبيته, وتوحيده في اسمائه وصفاته, قال تعالى:"وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين".
س5: هل قول النبي صلى الله عليه وسلم : " وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم " يفيد التسهيل أم التشديد؟
قال تعالى:"فاتقوا الله ما استطعتم", فقوله عليه الصلاة والسلام:"وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم", يحتمل الوجهان, فهناك الأمر بالقيام بالواجبات بقدر الاستطاعة مع عدم التهاون فيها, ويحتمل أن يكون المراد أن لا وجوب إلا مع الاستطاعة, مصداقا لقوله تعالى:"لا يكلف الله نفسا إلا وسعها", فهذا رحمة من الله وعدل أن لم يجعل علينا في الدين من مشقة وحرج, وفي الوقت نفسه لا تسقط الأوامر بمجرد دعوى عدم الاستطاعة, بل على المستطيع أداء ما أمر الله به على حسب قدرته بدون تقصير أو تفريط, ولهذا لو ادعى أحدهم عدم الاستطاعة وهو يستطيع, لم يسقط الأمر عنه بدعواه.