دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دورات برنامج إعداد المفسّر > رسائل التفسير

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #13  
قديم 21 شعبان 1443هـ/24-03-2022م, 09:50 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,458
افتراضي

إيجاز شرح معنى المثل الذي ضربه الله في الآية
لتتميم الفائدة سأذكر أقوالاً لبعض أهل العلم في إيجاز شرح هذا المثل أرجو أن يحصل بمجموعها فهم حسن لمعاني الآية، وتبصّر بسعة دلائلها.

قول أبيّ بن كعب رضي الله عنه
- قال أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ: {مثل نوره كمشكاةٍ فيها مصباحٌ} قال: (مثل المؤمن قد جُعل الإيمانُ والقرآنُ في صدره {كمشكاةٍ} قال: المشكاة: صدره، {فيها مصباحٌ} قال: والمصباح القرآن والإيمان الّذي جعل في صدره، {المصباح في زجاجةٍ}، قال: والزّجاجة: قلبه، {الزّجاجة كأنّها كوكبٌ درّيٌّ يوقد} قال: فمثله ممّا استنار فيه القرآن والإيمان كأنّه كوكبٌ درّيٌّ، يقول: مضيءٌ، {يوقد من شجرةٍ مباركةٍ} والشّجرة المباركة، أصل المباركة: الإخلاص للّه وحده، وعبادته، لا شريك له. {لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ} قال: فمثله مثل شجرةٍ التفّ بها الشّجر، فهي خضراء ناعمةٌ، لا تصيبها الشّمس على أيّ حالٍ كانت، لا إذا طلعت، ولا إذا غربت، وكذلك هذا المؤمن قد أجير من أن يصيبه شيءٌ من الغير، وقد ابتلي بها فثبّته اللّه فيها، فهو بين أربع خلالٍ: إن أعطي شكر، وإن ابتلي صبر، وإن حكم عدل، وإن قال صدق؛ فهو في سائر النّاس كالرّجل الحيّ يمشي في قبور الأموات. قال: {نورٌ على نورٍ} فهو يتقلّب في خمسةٍ من النّور: فكلامه نورٌ، وعمله نورٌ، ومدخله نورٌ، ومخرجه نورٌ، ومصيره إلى النّور يوم القيامة في الجنّة). رواه ابن جرير.

قول ابن عباس رضي الله عنهما
- قال ابن كاسب الكوفي، عن الأعمش، عن شقيق قال: سمعت ابن عباس وكان على الموسم؛ فخطب الناسَ ثم قرأ سورةَ النُّور فجعل يفسِّرها {اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} ثم قال: (النور في قلب المؤمن وفي سمعه وبصره مثل ضوء المصباح، كضوء الزجاجة، كضوء الزيت {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ} والظلمات في قلب الكافر كظلمة الموج، كظلمة البحر، كظلمات السحاب).
فقال صاحبي: (ما رأيتُ كلاماً يخرج من رأس رجل!! لو سمعت هذا التركُ لأسلمت). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في فضائل الصحابة لأبيه.
- وقال معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {مثل نوره كمشكاةٍ} قال: مثل هداه في قلب المؤمن كما يكاد الزّيت الصّافي يضيء قبل أن تمسّه النّار، فإذا مسّته النّار ازداد ضوءًا على ضوءٍ، كذلك يكون قلب المؤمن يعمل بالهدى قبل أن يأتيه العلم، فإذا جاءه العلم ازداد هدًى على هدًى، ونورًا على نورٍ، كما قال إبراهيم صلوات اللّه عليه قبل أن تجيئه المعرفة: قال {هذا ربّي} حين رأى الكوكب من غير أن يخبره أحدٌ أنّ له ربًّا، فلمّا أخبره اللّه أنّه ربّه ازداد هدًى على هدًى). رواه ابن جرير.

قول قتادة بن دعامة السدوسي
- قال عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن قتادة في قوله تعالى: {كمشكاة فيها مصباح} قال: هو مثل نور الله الذي في قلب المؤمن {كمشكاة} والمشكاة: الكوة، {فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب درى} كوكب مضيء؛ فهذا مثل لهذا ضربه الله {يوقد من شجرة مبركة زيتونة لا شرقية ولا غربية}.
- وقال معمر: قال قتادة: (هي الشجرة لا يفيء عليها ظلّ غرب، ضاحية للشمس، ذلك أصفى الزيت {يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور}). رواه عبد الرزاق.

قول السدي
- قال عامر بن الفرات: حدثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: {الزّجاجة كأنّها كوكبٌ درّيٌّ} قال: (فالزّجاجة هي القلب، والمشكاة هي الصّدر، فلمّا دخل هذا المصباح في الزّجاجة فأضاء، فكذلك أضاء القلب، ثمّ خرج من الزّجاجة فأضاءت المشكاة فكذلك أضاء الصّدر، ثمّ نزل الضّوء من الكوّة فأضاء البيت، فكذلك نزل النّور من الصّدر فأضاء الجوف كلّه فلم يدخله حرامٌ). رواه ابن أبي حاتم.

قول ابن القيّم رحمه الله:
لابن القيّم رحمه الله كلام حسن في مواضع من كتبه في تفسير هذه الآية، ومن أجمعها وأجودها موضعان:
أحدهما في "الوابل الصيب"، والآخر في "اجتماع الجيوش الإسلامية".
- فقال رحمه الله في "الوابل الصيب": (وقد ضرب سبحانه وتعالى النور في قلب عبده مثلاً لا يعقله إلا العالمون فقال سبحانه وتعالى: {الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم}.
قال أبي بن كعب: (مثل نوره في قلب المسلم).
وهذا هو النور الذي أودعه في قلبه من معرفته ومحبته والايمان به وذكره، وهو نوره الذي أنزله إليهم فأحياهم به وجعلهم يمشون به بين الناس، وأصله في قلوبهم ثم تقوى مادته فتتزايد حتى يظهر على وجوههم وجوارحهم وأبدانهم، بل ثيابهم ودورهم، يبصره من هو من جنسهم وسائر الخلق له منكر.
فإذا كان يوم القيامة برز ذلك النور وصار بإيمانهم يسعى بين أيديهم في ظلمة الجسر حتى يقطعوه، وهم فيه على حسب قوته وضعفه في قلوبهم في الدنيا، فمنهم من نوره كالشمس، وآخر كالقمر، وآخر كالنجوم، وآخر كالسراج، وآخر يعطي نوراً على إبهام قدمه يضيء مرة ويطفأ أخرى، إذ كانت هذه حال نوره في الدنيا؛ فأعطى على الجسر بمقدار ذلك، بل هو نفس نوره ظهر له عياناً.
ولما لم يكن للمنافق نورٌ ثابت في الدنيا، بل كان نوره ظاهراً لا باطناً أعطى نوراً ظاهراً مآله إلى الظلمة والذهاب.
وضرب الله عزّ وجل لهذا النور ومحلّه وحاملِه ومادّته مثلاً بالمشكاة، وهي الكوّة في الحائط؛ فهي مثل الصدر، وفي تلك المشكاة زجاجة من أصفى الزجاج، وحتى شبهت بالكوكب الدري في بياضه وصفائه، وهي مثل القلب، وشبه بالزجاجة لأنها جمعت أوصافاً هي في قلب المؤمن وهي: الصفاء، والرقة؛ فيرى الحق والهدى بصفائه، وتحصل منه الرأفة والرحمة والشفقة برقّته، ويجاهد أعداء الله تعالى، ويغلظ عليهم، ويشتدّ في الحقّ ويصلب فيه بصلابته، ولا تبطل صفة منه صفةً أخرى ولا تعارضها، بل تساعدها وتعاضدها، {أشداء على الكفار رحماء بينهم}، وقال تعالى: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك}، وقال تعالى: {يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم} وفي أثر: "القلوب آنية الله تعالى في أرضه، فأحبها إليه وأرقها وأصلبها وأصفاها".
وبإزاء هذا القلب قلبان مذمومان في طرفي نقيض:
أحدهما: قلب حجري قاسٍ، لا رحمة فيه، ولا إحسان، ولا برّ، ولا له صفاء يرى به الحق، بل هو جبار جاهل، لا علمَ له بالحق، ولا رحمةَ للخلق.
وبإزائه: قلبٌ ضعيفٌ مائيٌّ، لا قوّة فيه ولا استمساك، بل يقبل كلَّ صورة، وليس له قوة حفظ تلك الصور، ولا قوة التأثير في غيره، وكلّ ما خالطه أثر فيه من قوي وضعيف، وطيب خبيث.
وفي الزجاجة مصباح، وهو النور الذي في الفتيلة، وهي حاملته.
ولذلك النور مادّة، وهو زيت قد عُصِرَ من زيتونة في أعدل الأماكن، تصيبها الشمس أوّل النهار وآخره، فزيتها من أصفى الزيت، وأبعده من الكدر، حتى إنه ليكاد من صفائه يضيء بلا نار، فهذه مادة نور المصباح.
وكذلك مادة نور المصباح الذي في قلب المؤمن هو من شجرة الوحي التي هي أعظم الأشياء بركة، وأبعدها من الانحراف، بل هي أوسط الأمور وأعدلها وأفضلها، لم تنحرف انحراف النصرانية، ولا انحراف اليهودية، بل هي وسط بين الطرفين المذمومين في كل شيء، فهذه مادة مصباح الإيمان في قلب المؤمن.
ولما كان ذلك الزيت قد اشتد صفاؤه حتى كاد أن يضيء بنفسه، ثم خالط النار فاشتدت بها اضاءته وقويت مادة ضوء النار به، كان ذلك نوراً على نور.
وهكذا المؤمن قلبه مضيئٌ، يكاد يعرف الحق بفطرته وعقله، ولكن لا مادةَ له من نفسه، فجاءت مادة الوحي فباشرت قلبه، وخالطت بشاشته؛ فازداد نوراً بالوحي على نوره الذي فطره الله تعالى عليه، فاجتمع له نور الوحي إلى نور الفطرة، {نور على نور}؛ فيكاد ينطق بالحق وإن لم يسمع فيه بأثر، ثم يسمع الأثر مطابقاً لما شهدت به فطرته؛ فيكون نوراً على نور، فهذا شأن المؤمن يدرك الحق بفطرته مجملاً ثم يسمع الأثر جاء به مفصلاً، فينشأ إيمانه عن شهادة الوحي والفطرة.
فليتأمل اللبيب هذه الآية العظيمة، ومطابقتها لهذه المعاني الشريفة)ا.هـ.

- وقال رحمه الله في "اجتماع الجيوش الإسلامية": (وقوله تعالى: {مثل نوره كمشكاة فيها مصباح..} الآية.
هذا مثل لنوره في قلب عبده المؤمن، كما قال أبي بن كعب وغيره، وقد اختلف في تفسير الضمير في {نوره}:
فقيل: هو النبي صلى الله عليه وسلم أي: مثل نور محمد صلى الله عليه وسلم.
وقيل: تفسيره المؤمن، أي: مثل نور المؤمن.
والصحيح أنه يعود على الله عز وجل، والمعنى: مثل نور الله سبحانه وتعالى في قلب عبده، وأعظم عباده نصيباً من هذا النور رسوله صلى الله عليه وسلم فهذا مع ما تضمنه عود الضمير إلى المذكور، وهو وجه الكلام، يتضمن التقادير الثلاثة، وهو أتمّ معنى ولفظاً.
وهذا النور يضاف إلى الله تعالى إذ هو معطيه لعبده وواهبه إياه، ويضاف إلى العبد إذ هو محلّه وقابله، فيضاف إلى الفاعل والقابل، ولهذا النور فاعل وقابل، ومحلّ وحامل ومادة، وقد تضمنت الآية ذكر هذه الأمور كلّها على وجه التفصيل.
فالفاعل: هو الله تعالى مفيض الأنوار الهادي لنوره من يشاء، والقابل: العبد المؤمن، والمحلّ: قلبه، والحامل: همته وعزيمته وإرادته، والمادة: قوله وعمله.
وهذا التشبيه العجيب الذي تضمنته الآية فيه من الأسرار والمعاني وإظهار تمام نعمته على عبده المؤمن بما أناله من نوره ما تقرّ به عيون أهله وتبتهج به قلوبهم.
وفي هذا التشبيه لأهل المعاني طريقتان:
أحدهما: طريقة التشبيه المركب وهي أقرب مأخذاً وأسلم من التكلف، وهي أن تشبه الجملة برمّتها بنور المؤمن من غير تعرض لتفصيل كل جزء من أجزاء المشبه، ومقابلته بجزء من المشبه به، وعلى هذا عامّة أمثال القرآن الكريم.
فتأمل صفة مشكاة، وهي كوة لا تنفذ لتكون أجمع للضوء قد وضع فيها مصباح، وذلك المصباح داخل زجاجة تشبه الكوكب الدري في صفائها وحسنها، ومادّته من أصفى الأدهان وأتمّها وقوداً من زيت شجرة في وسط القراح، لا شرقية ولا غربية، بحيث تصيبها الشمس في أحد طرفي النهار بل هي في وسط القراح محمية بأطرافه، تصيبها الشمس أعدل إصابة والآفات إلى الأطراف دونها، فمن شدة إضاءة زيتها وصفائه وحسنه يكاد يضيء من غير أن تمسه نار، فهذا المجموع المركب هو مثل نور الله تعالى الذي وضعه في قلب عبده المؤمن وخصه به.
والطريقة الثانية: طريقة التشبيه المفصل، فقيل: المشكاة صدر المؤمن والزجاجة قلبه، وشبه قلبه بالزجاجة لرقتها وصفائها وصلابتها، وكذلك قلب المؤمن فإنه قد جمع الأوصاف الثلاثة فهو يرحم ويحسن ويتحنن ويشفق على الخلق برقته.
وبصفائه تتجلى فيه صور الحقائق والعلوم على ما هي عليه ويباعد الكدر والدرن والوسخ بحسب ما فيه من الصفاء، وبصلابته يشتد في أمر الله تعالى، ويتصلب في ذات الله
تعالى ويغلظ على أعداء الله تعالى ويقوم بالحق لله تعالى، وقد جعل الله تعالى القلوب كالآنية، كما قال بعض السلف: القلوب آنية الله في أرضه وأحبها إليه أرقها وأصلبها وأصفاها.
والمصباح هو نور الإيمان في قلبه والشجرة المباركة هي شجرة الوحي المتضمنة للهدى، ودين الحق وهي مادة المصباح التي يتقد منها، والنور على النور: نور الفطرة الصحيحة والإدراك الصحيح، ونور الوحي والكتاب، فينضاف أحد النورين إلى الآخر فيزداد العبد نورا على نور، ولهذا يكاد ينطق بالحق والحكمة قبل أن يسمع " ما " فيه بالأثر ثم يبلغه الأثر بمثل ما وقع في قلبه ونطق به فيتفق عنده شاهد العقل والشرع والفطرة والوحي فيريه عقله وفطرته وذوقه " أن " الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحق لا يتعارض عنده العقل والنقل البتة بل يتصادقان ويتوافقان فهذا علامة النور على النور، عكس من تلاطمت في قلبه " أمواج " الشبه الباطلة، والخيالات الفاسدة من الظنون الجهليات التي يسميها أهلها القواطع العقليات، فهي في صدره كما قال الله تعالى: {أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور}.
فانظر كيف تضمنت هذه الآيات طرائف بني آدم كلهم أتم انتظام، واشتملت عليه أكمل اشتمال)ا.هـ.


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
رسالة, في

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:59 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir