تفسير قول الله تعالى: {يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار}
● معنى قوله تعالى: {يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار}
أي: يكاد زيت هذه الزيتونة المباركة من صفائه وحسنه ولمعانه يضيء ولو لم تمسسه نار، فإذا مسّته النار كان ذلك أقوى لإضاءته وانتشار نوره.
● معنى المثل في قوله تعالى: {يكاد زيتها يضيء}
في معنى هذا الجزء من المثل أقوال:
القول الأول: المراد به نور النبي صلى الله عليه وسلم، يكاد يبين لمن رآه أنه على الحق ولو لم يتكلّم، وهذا قول كعب الأحبار، وسعيد بن جبير.
- قال جعفر بن أبي المغيرة، عن شمر بن عطيّة، قال: جاء ابن عبّاسٍ إلى كعب الأحبار فقال: حدثني عن قول اللّه: {يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نارٌ} قال: (يكاد محمّد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يبيّن للنّاس ولو لم يتكلّم أنّه نبيٌّ كما يكاد ذلك الزّيت أن يضيء). رواه ابن أبي حاتم.
– قال يعقوب بن عبد اللّه الأشعريّ، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: {يكاد زيتها يضيء} قال: (يكاد من رأى محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم يعلم أنّه رسول اللّه وإن لم يتكلّم). رواه ابن أبي حاتم.
القول الثاني: المراد به نور المؤمن، وهذا قول عكرمة.
- قال حفص بن عمر: حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله: {يكاد زيتها يضيء} يقول: (من شدّة النّور)، قال عكرمة: (ذلك مثل المؤمن). رواه ابن أبي حاتم.
القول الثالث: المراد به نور القرآن في وضوح الحقّ فيه وجلائه، وهذا قول ابن جرير.
- قال ابن جرير: (وإنّما أريد بقوله: {يوقد من شجرةٍ مباركةٍ} أنّ هذا القرآن من عند اللّه، وأنّه كلامه، جعل مثله، ومثل كونه من عنده مثل المصباح الّذي يوقد من الشّجرة المباركة الّتي وصفها جلّ ثناؤه في هذه الآية.
وعني بقوله: {يكاد زيتها يضيء} أنّ حجج اللّه تعالى ذكره على خلقه تكاد من بيانها ووضوحها تضيء لمن فكرّ فيها، ونظر، أو أعرض عنها ولها. {ولو لم تمسسه نارٌ} يقول: ولو لم يزدها اللّه بيانًا ووضوحًا بإنزاله هذا القرآن إليهم، منبّهًا لهم على توحيده، فكيف إذا نبّههم به، وذكّرهم بآياته، فزادهم به حجّةً إلى حججه عليهم قبل ذلك؟ فذلك بيانٌ من اللّه، ونورٌ على البيان، والنّور الّذي كان قد وصفه لهم ونصبه قبل نزوله).
القول الرابع: المراد به نور الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فهي تكاد تبيّن الحق وتقوم بالحجة، ولو لم ينزل بتأييدها وحي.