الدرس الثاني والعشرون: علماء اليمن في القرون الفاضلة [ طبقة التابعين ]

[عبد العزيز الداخل]

13: وهب بن منبه بن كامل بن سيج بن ذي كبار اليماني (ت:114 هـ):
من أهل ذمار، وأصله من الفرس، كان من أبناء فارس الذين أرسلهم كسرى إلى اليمن، وكان من أشراف الفرس، وله من الإخوة: همّام، ومعقل، وغيلان.
روى عن: أبي هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وطاووس بن كيسان، وعمرو بن دينار، وأخيه همام بن منبه.
روى عنه: ابناه عبد الله وعبد الرحمن، وابناء أخيه عبد الصمد وعقيل ابنا معقل، وابن بنته إدريس بن سنان، وسماك بن الفضل، وداوود بن قيس الصنعاني، وبكار بن عبد الله الصنعاني، وهمام بن نافع، والمغيرة بن حكيم، وغيرهم.
- قال عبد الله بن أحمد عن أبيه قال: (كلّ من كان من أهل اليمن له "ذي" هو شريف، يقال: فلان له "ذي"، وفلان لا "ذي" له).
وكان ممن قرأ كتب أهل الكتاب، وهو من كبار من يروي الإسرائيليات، وكان في نفسه صدوقاً غير متّهم بالكذب، إلا أنّ أكثر من يُروى عنه في كتب التفسير من الإسرائيليات لا يصحّ عنه، وقد وضع عليه الكذابون أخباراً كثيرة نحلوها لبني إسرائيل، ومن أشهرهم ابن ابن بنته عبد المنعم بن إدريس اليماني؛ فقد وضع عليه آثاراً كثيرة تلقفها بعض ضعفاء المفسرين والمحدثين؛ فكان الأئمة ينهون عن الرواية عن عبد المنعم واشتهر أمره عند أهل الحديث؛ فلذلك خلت كثير من دواوين السنة وكتب التفسير المتقدمة من الرواية عنه، وقلّت جداً في بعضها.
- قال أحمد بن حنبل: (عبد المنعم بن إدريس يكذب على وهب بن منبه).
وقد روى محمّد بن إسحاق عن وهب بن منبّه إسرائيليات كثيرة من طريق من لم يسمّه، وأحياناً يعنعن عنه، وهو معروف بالتدليس.

وكان وهب يقول بالقدر، ووضع كتاباً فيه، ثمّ إنه تاب من ذلك، وندم على ما كتب في القدر.
وكان كثير الصلاة، طويل التعبد، حسن الموعظة، قوي الحجة، يتكلّم بالحكمة.
- قال أحمد بن حنبل: حدثنا عبد الرزاق قال: (سمعت أبي يقول: حج عامة الفقهاء عام المائة وحج وهب، فلما صلوا العشاء، أتاهم نفر فيهم عطاء والحسن وهم يريدون أن يذاكروه القدر، قال: فافتنَّ في باب من الحمد؛ فلم يزل فيه حتى مطلع الفجر؛ فانصرفوا ولم يسألوه عن شيء). رواه يعقوب بن سفيان.

تولى القضاء باليمن في خلافة عمر بن عبد العزيز، وبقي إلى خلافة هشام بن عبد الملك، وقد حُبس وامتُحن في آخر حياته، وذُكر أن يوسف بن عمر لما تولى إمارة اليمن ضربه حتى قتله.
- قال عبد الصمد بن معقل: قيل لوهب ابن منبه: يا أبا عبد الله! كنت ترى الرؤيا تحدثنا بها فلا نلبث أن نراها؛ فما رأيت؟!
قال: (هيهات! ذهب ذلك عني مذ وليت القضاء). رواه أبو الحسن العجلي.
- قال وهب بن جرير: حدثنا حيان بن زهير أبو زهير العدوي، حدثني صالح بن طريف الضبي قال: لما قدم يوسف بن عمر العراق فأتانا خبره بخراسان - بكى أبو الصيداء يعني صالح بن طريف فاشتد بكاؤه وقال: (ضرب وهب بن منبه حتى قتله). رواه أبو بشر الدولابي.
اختلف في وفاته فقال أبو عبيد وخليفة بن خياط: سنة 110هـ.
وقال عبد الصمد بن معقل بن منبه: سنة 114هـ.