سيرة عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي (ت:32هـ) رضي الله عنه
7: عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي (ت:32هـ) العناصر: ●اسمه ونسبه ●نشأته وإسلامه ● هجرته إلى الحبشة ● هجرته إلى المدينة ● جهاده مع النبي صلى الله عليه وسلم ● شدة ملازمته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ● ما روي أنه نزل فيه من القرآن ●علمه وقراءته وفقهه ●هديه وسمته ●ثناء الصحابة والتابعين عليه ● ابتعاثه إلى الكوفة ● إقراؤه وتعليمه ● إملاؤه المصاحف ●تهيّبه التحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ● صفاته وشمائله ● بعض أخباره ● مرضه ووفاته ● مواعظه ووصاياه ● رواة القراءة والتفسير عن ابن مسعود رضي الله عنه ● مما روي عنه في التفسير |
اسمه ونسبه
اختلف في نسبه على أقوال أشهرها ما اختاره ابن سعد والبلاذري. - قال ابن سعد: (عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فأر بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة واسم مدركة عمرو بن إلياس بن مضر، ويكنى أبا عبد الرحمن). وقال البلاذري مثله. - وقال أحمد ابن رشدين المصري: أملى عليَّ موسى بن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: عبد الله بن مسعود بن كاهل بن حبيب بن فأر بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار ». رواه الطبراني في المعجم الكبير، والحاكم في المستدرك. - وقال يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري، عن أبيه، عن ابن إسحاق، قال: «عبد الله بن مسعود بن الحارث بن شمخ بن مخزوم بن كاهل بن الحارث بن سعد بن هذيل من حلفاء بني زهرة». رواه الطبراني في المعجم الكبير، والحاكم في المستدرك. وجدّة عبد الله لأمّه امرأةٌ من بني زهرة بن كلاب، ولذلك حالف أبوه مسعود أخوال زوجته وهو بنو عبدِ بن الحارث بن زهرة بن كلاب من قريش. - قال أبو القاسم البغوي: (أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن الحارث بن الهذلي حليف بني زهرة). - قال ابن سعد: (حالف مسعود بن غافل عبد بن الحارث بن زهرة في الجاهلية، وأم عبد الله بن مسعود أم عبد بنت عبد ود بن سواء بن قريم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل، وأمها هند بنت عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب). |
نشأته وإسلامه
نشأ ابن مسعود بمكة، وكان يرعى الغنم لعقبة بن أبي معيط، وأسلم قديماً مع السابقين الأوّلين إلى الإسلام وهو غلام، ثم نشأ في الإسلام نشأة حسنة. وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين الزبير بن العوام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في أوّل الإسلام يؤاخي بين بعض أصحابه ليعين الغنيّ الفقير، والقويّ الضعيف. - قال يعلى بن مسلم المكي، عن أبي الشعثاء جابر بن زيد، عن ابن عباس قال: (إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم آخى بين الزبير وابن مسعود). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة. - قال الأعمش، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: قال عبد الله: «لقد رأيتني سادس ستة ما على ظهر الأرض مسلم غيرنا». رواه ابن أبي شيبة، والطبراني في الكبير. - قال عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: كنت غلاماً يافعاً أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط؛ فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وقد فرا من المشركين؛ فقالا: يا غلام! هل عندك من لبن تسقينا؟ قلت: إني مؤتمن ولست ساقيكما. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « هل عندك من جذعة لم ينز عليها الفحل؟» قلت: نعم. فأتيتهما بها فاعتقلها النبي صلى الله عليه وسلم، ومسح الضرع ودعا؛ فحفل الضرع، ثم أتاه أبو بكر بصخرة منقعرة أو منقرة؛ فاحتلب فيها فشرب، وشرب أبو بكر، ثم شربت، ثم قال للضرع: « اقلص » فقلص. قال: فأتيته بعد ذلك فقلت: (علمني من هذا القول). قال: « إنك غلام معلم». رواه أحمد، وابن أبي شيبة، وابن سعد، ويعقوب بن سفيان، وأبو يعلى الموصلي. - وقال يعقوب بن إبراهيم الزهري: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق قال: حدثني يحيى بن عروة بن الزبير، عن أبيه قال: كان أوَّلَ من جهر بالقرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عبد الله بن مسعود قال: اجتمع يوماً أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط، فمَن رجلٌ يُسمعِهُموه؟ قال عبد الله بن مسعود: «أنا». قالوا: إنا نخشاهم عليك، إنما نريد رجلاً له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه. قال: «دعوني فإنَّ الله عز وجل سيمنعني». قال: فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام في الضحى، وقريش في أنديتها فقام عند المقام، ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم رافعاً صوته {الرحمن علم القرآن}. قال: ثم استقبلها يقرأ فيها. قال: وتأملوا فجعلوا يقولون: ما يقول ابن أم عبد؟ قال: ثم قالوا: إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد، فقاموا إليه فجعلوا يضربون في وجهه، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ، ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا في وجهه. فقالوا: هذا الذي خشينا عليك. قال: «ما كان أعداءُ الله أهونَ عليَّ منهم الآن، ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها». قالوا: (حسبك فقد أسمعتهم ما يكرهون). رواه أحمد في فضائل الصحابة. - وقال عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن عون بن عبد الله، عن أبيه، أن ابن مسعود، قال: (ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله} إلا أربع سنين). رواه مسلم. |
هجرته إلى الحبشة
هاجر ابن مسعود الهجرة الأولى إلى الحبشة، ثم عاد إلى مكة مع من عاد، ثم هاجر إلى المدينة بعد ذلك. - قال سعيد بن يحيى الأموي: حدثني أبي عن محمد بن إسحاق قال: فيمن شهد بدرا وفي مهاجرة الحبشة: (عبد الله بن مسعود حليف بني زهرة). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة. - وقال محمد بن ربيعة الكلابي، عن أبي عميس، عن القاسم بن عبد الرحمن: «أن عبد الله بن مسعود أُخذ في أرض الحبشة في شيء، فرشا دينارين». رواه ابن سعد. |
هجرته إلى المدينة
هاجر ابن مسعود رضي الله عنه إلى المدينة، وكان شديد القرب منه، يخدمه، ويتعلّم منه، ويكثر الدخول عليه حتى ظُنَّ أنه من أهل بيته. |
جهاده مع النبي صلى الله عليه وسلم
شهد بدراً، وهو الذي أجهز على أبي جهل، ثم شهد المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم. وكان ممن استجاب الله وللرسول في غزوة حمراء الأسد، وممن بايع تحت الشجرة، وممن ثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين. - قال أبو خيثمة زهير بن معاوية الكوفي، عن سليمان التيمي، عن أنس رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من ينظر ما صنع أبو جهل». فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد، قال: أأنت، أبو جهل؟ قال: فأخذ بلحيته، قال: وهل فوق رجل قتلتموه، أو رجل قتله قومه). رواه البخاري. |
شدة ملازمته لرسول الله صلى الله عليه وسلم
كان ابن مسعود رضي الله عنه شديد الملازمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك كان من أعرف الناس بهديه وسمته، ومن أعلم الناس بتنزيل القرآن، ومقاصد الحديث النبوي. - قال الحسن بن عبيد الله النخعي: حدثنا إبراهيم بن سويد، قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد، قال: سمعت ابن مسعود رضي الله عنه يقول: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذنك عليَّ أن ترفع الحجاب، وأن تستمع سوادي حتى أنهاك». رواه أحمد، ومسلم، وابن أبي شيبة. - - قال أحمد بن حنبل: (سوادي: سرّي، أذن له أن يسمع سرّه). - وقال أبو إسحاق السبيعي، عن الأسود بن يزيد، عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: «قدمت أنا وأخي من اليمن؛ فمكثنا حينا ما نرى ابن مسعود وأمَّه إلا من أهل البيت، من كثرة دخولهم ولزومهم له» رواه البخاري، ومسلم. - وقال شعبة بن الحجاج، عن مغيرة بن مقسم، عن إبراهيم النخعي قال: ذهب علقمة إلى الشأم؛ فأتى المسجد فصلى ركعتين، فقال: اللهم ارزقني جليساً، فقعد إلى أبي الدرداء، فقال: ممن أنت؟ قال: من أهل الكوفة؟ قال: (أليس فيكم صاحب السرّ الذي كان لا يعلمه غيره؟! يعني حذيفة أليس فيكم - أو كان فيكم - الذي أجاره الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من الشيطان؟! يعني عماراً أوليس فيكم صاحب السواك والوساد؟! يعني ابن مسعود). رواه أحمد والبخاري، وابن سعد. وفي رواية أحمد: "اللهمّ وفقني جليساً صالحاً". وفي رواية ابن سعد: "صاحب السواد". - وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: أخبرنا المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن قال: «كان عبد الله يُلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم نعليه، ثم يمشي أمامه بالعصا، حتى إذا أتى مجلسه نزع نعليه فأدخلهما في ذراعيه وأعطاه العصا، فإذا أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوم ألبسه نعليه، ثم مشى بالعصا أمامه حتى يدخل الحجرة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم». رواه ابن سعد، وهو مرسل. - وقال وكيع: حدثنا المسعودي، عن عبد الملك بن عمير، عن أبي المليح الهذلي، قال: «كان عبد الله يستر النبي صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل، ويوقظه إذا نام، ويمشي معه في الأرض وحشا». رواه ابن أبي شيبة، وفيه انقطاع. - وقال شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص قال: شهدت أبا موسى وأبا مسعود حين مات عبد الله بن مسعود فقال أحدهما لصاحبه: (أتراه ترك بعده مثله؟!) فقال: (إن قلت ذاك، إن كان ليدخل إذا حُجبنا، ويشهد إذا غبنا).رواه مسلم، وابن سعد. - وقال مجاهد بن جبر: حدثني عبد الله بن سخبرة أبو معمر قال: سمعت ابن مسعود، يقول: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفي بين كفيه التشهد كما يعلمني السورة من القرآن: «التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله» وهو بين ظهرانينا، فلما قبض قلنا: (السلام - يعني - على النبي صلى الله عليه وسلم). رواه البخاري. |
ما روي أنه نزل فيه من القرآن
- قال علي بن مسهر، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا} إلى آخر الآية، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قيل لي: أنت منهم». رواه مسلم. - قال عبد الرحمن بن مهدي: حدثنا سفيان، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد بن أبي وقاص في هذه الآية {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (نزلت في ستة، أنا وابن مسعود منهم، وكان المشركون قالوا له: تدني هؤلاء؟!!). رواه مسلم في صحيحه، ورواه النسائي في فضائل الصحابة وقال في آخره: (فأنزلت أن ائذن لهؤلاء). - وقال إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد: أنبأنا عبيد الله بن موسى، قال: أنبأنا المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد بن أبي وقاص قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن ستة نفر؛ فقال المشركون: اطرد هؤلاء عنك؛ فإنهم وإنهم. قال: وكنت أنا، وابن مسعود، ورجلٌ من هذيل، وبلال، ورجلان نسيت أسماءَهما؛ فأنزل الله عز وجل {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} إلى قوله {الظالمين}). رواه النسائي في فضائل الصحابة. - وقال محمد بن عبد الله الأسدي، عن إسرائيل، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ستة نفر؛ فقال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا. قال: (وكنت أنا وابن مسعود، ورجل من هذيل، وبلال، ورجلان لست أسميهما، فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقع فحدث نفسه؛ فأنزل الله عز وجل: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}). رواه مسلم في صحيحه. - وقال سًنيد: حدثني حجاج قال: قال ابن جريج: قال عكرمة [في قول الله تعالى: {كنتم خير أمّة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}: (نزلت في ابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل). رواه ابن جرير. - وقال المسعودي، عن علي بن علي السائب، عن إبراهيم النخعي، قال: قال عبد الله: (نزلت هذه الآية فينا ثمانية عشر، قوله: {الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح}). رواه ابن أبي حاتم. |
علمه وقراءته وفقهه
كان من علماء الصحابة وقرائهم وفقهائهم، حسنَ الصوت بقراءة القرآن، حفظ من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة، وجمع القرآن في عهده، وعرضه عليه مراراً، حتى روي أنه عرضه عليه في العام الذي توفي فيه النبي صلى الله عليه وسلم مرتين؛ فأنبأه أنه محسن. وكان من المعلّمين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، بشَّره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، وشهد له بإحسان القراءة، وكان من أعلم الصحابة بنزول القرآن, - قال مسروق بن الأجدع: كنا نأتي عبد الله بن عمرو فنتحدث إليه؛ فذكرنا يوماً عبد الله بن مسعود، فقال: لقد ذكرتم رجلاً لا أزال أحبّه بعد شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( خذوا القرآن من أربعة: من ابن أم عبد فبدأ به، ومعاذ بن جبل، وأبيّ بن كعب، وسالم مولى أبي حذيفة )). رواه البخاري ومسلم. - وقال إبراهيم النخعي، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود، قال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي: «أحسنت»رواه البخاري وابن أبي شيبة. - وقال الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة، قال: كنا بحمص فقرأ ابن مسعود سورة يوسف؛ فقال رجل: ما هكذا أنزلت!! قال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أحسنت» ووجد منه ريح الخمر، فقال: (أتجمع أن تكذب بكتاب الله وتشرب الخمر فضربه الحد). رواه البخاري. - وقال عبد الملك بن ميسرة: سمعت النزال بن سبرة الهلالي، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رجلا قرأ آية، وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ خلافها، فجئت به النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فعرفت في وجهه الكراهية، وقال: «كلاكما محسنٌ، ولا تختلفوا، فإنَّ من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا». رواه البخاري في صحيحه. - وقال عاصم، عن زر، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وعبد الله يصلي، فافتتح بسورة النساء فَسَحَلَها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد))، ثم قعد، ثم سأل، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سل تعطه، سل تعطه)). فقال فيما يقول: (اللهم إني أسألك إيمانا لا يرتد، ونعيما لا ينفد، ومرافقة نبينا محمد في أعلى جنة الخلد) (فأتى عمر عبد الله ليبشره، فوجد أبا بكر قد سبقه). رواه أحمد، والنسائي في السنن الكبرى، وابن حبان. - وقال عيسى بن دينار عن أبيه عن عمرو بن الحارث بن المصطلق رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد» رواه الإمام أحمد والبخاري في خلق أفعال العباد. - وقال الأعمش: حدثنا شقيق بن سلمة، قال: خطبنا عبد الله بن مسعود فقال: «والله لقد أخذتُ من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله، وما أنا بخيرهم» رواه البخاري ومسلم. - وقال الأعمش: حدثنا مسلم [بن صبيح]، عن مسروق، قال: قال عبد الله رضي الله عنه: «والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيم أنزلت، ولو أعلم أحداً أعلم مني بكتاب الله، تبلغه الإبل لركبت إليه» رواه البخاري. - وقال إسماعيل ابن علية، عن أيوب، عن ابن سيرين، قال: نُبّئت أن ابن مسعود، قال: «لو أعلم أنَّ أحداً تبلغنيه الإبل أحدث عهداً بالعرضة الأخيرة مني لأتيته، أو لتكلفت أن آتيه». رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن، والواسطة بين ابن سيرين وابن مسعود لم تُسمَّ، لكن يشهد لهذا الخبر ما رواه الإمام أحمد والبخاري في خلق أفعال العباد والنسائي في الكبرى والحاكم وغيرهم من طريق الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال: أيّ القراءتين تعدون أوَّل؟ قالوا: قراءة عبد الله. قال: (لا، بل هي الآخرة، كان يعرض القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل عام مرة؛ فلما كان العام الذي قبض فيه عرض عليه مرتين، فشهد عبد الله؛ فعلم ما نُسخ وما بُدِّل). - وقال الأعمش، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي عبيدة، قال: سمعت أبا موسى، يقول: «لمجلسٌ كنت أجالسه عبد الله أوثق من عمل سنة». رواه ابن أبي شيبة. |
هديه وسمته
كان ابن مسعود رضي الله عنه من أشبه الصحابة هدياً وسمتاً بالنبي صلى الله عليه وسلم، ومن أقربهم وسيلة إلى الله، وأعلاهم منزلة في العلم والدين. - قال عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمار، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد». رواه الحاكم في المستدرك، وهذا إسناد صحيح لولا أنّ بعض الرواة أدخل فيه بين عبد الملك وربعي مولى لربعيّ، لكن للحديث طرق وشواهد يقوّي بعضها بعضاً. - وقال إسرائيل عن أبي إسحاق السبيعي، عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي قال: سألنا حذيفة عن رجل قريب السمت والهدي من النبي صلى الله عليه وسلم حتى نأخذ عنه، فقال: «ما أعرف أحدا أقرب سمتاً وهدياً ودلاً بالنبي صلى الله عليه وسلم من ابن أم عبد» رواه البخاري في صحيحه، وأحمد في فضائل الصحابة. - وقال زائدة، عن الأعمش، عن شقيق قال: كنت قاعداً مع حذيفة؛ فأقبل عبد الله بن مسعود، فقال حذيفة: « إنَّ أشبه الناس هدياً ودلاً برسول الله صلى الله عليه وسلم من حين يخرج من بيته حتى يرجع فلا أدري ما يصنع في أهله لعبد الله بن مسعود، والله لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنَّ عبد الله من أقربهم عند الله وسيلة يوم القيامة). رواه أحمد، والترمذي. - وقال أبو الوليد الطيالسي: أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد، يقول: قلنا لحذيفة: أخبرنا برجل قريب السمت والهدي من رسول الله صلى الله عليه وسلم نأخذ عنه، فقال: «ما أعرف أحداً أقرب سمتاً وهدياً ودلاً برسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن أمّ عبد حتى يواريه جدار بيت». قال: «ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد أن ابن أم عبد من أقربهم إلى الله وسيلة». رواه ابن سعد. - قال أبو معاوية الضرير: أخبرنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قال: «كان عبد الله يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في هديه ودله وسمته». (وكان علقمة يشبه بعبد الله). رواه ابن سعد. |
ثناء الصحابة والتابعين عليه
ثناء الصحابة والتابعين على ابن مسعود رضي الله عنه مستفيض لما عرفوا عنه من العلم والهدي الصالح. - قال عبد الله بن نمير عن الأعمش عن زيد بن وهب قال: كنت جالساً في القوم عند عمر إذ جاء رجل نحيف قليل؛ فجعل عمر ينظر إليه ويتهلل وجهه، ثم قال: «كُنَيْفٌ ملئ علماً، كنيف ملئ علماً، كنيف ملئ علماً» فإذا هو ابن مسعود). ابن سعد في الطبقات، وأحمد في فضائل الصحابة. والكُنيف تصغير كِنفٍ على جهة التحبيب والمدح، وهو وعاء يجمع فيه الراعي أو الصانع أداته وما يحتاج إليه. - قال أبو منصور الأزهري: (شَبّه عمر قلْبَ ابنَ مسعودٍ بكِنْف الرَّاعِي، لأنَّ فيهِ مِبراتَه ومِقَصَّيْه وشَغِيزته ونُصُحَه، فَفِيهِ كلُّ مَا يُرِيد، هكذا قلْبُ ابن مسعود قد جمع فيه كلّ ما يحتاج إليهِ الناسُ من العلوم). وقال في موضع آخر: (أراد أنه وعاء للعلوم بمنزلة الوعاء الذي يضع فيه الرجل أداته، وتصغيره على جهة المدح له). - وقال وكيع: حدثنا الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن أبي خالد، قال: وفدت إلى عمر ففضل أهل الشام علينا في الجائزة، فقلنا له فقال: «يا أهل الكوفة أجزعتم أن فضلت أهل الشام عليكم في الجائزة لبعد شقتهم، لقد آثرتكم بابن أم عبد». رواه ابن أبي شيبة. - وقال أبو أسامة الكوفي: حدثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن علي، قالوا: أخبرنا عن عبد الله! قال: «علم القرآن والسنة ثم انتهى وكفى بذلك علماً». رواه ابن أبي شيبة. - قال الأعمش، عن حبة بن جوين قال: كنا عند علي، فذكرنا بعض قول عبد الله، وأثنى القوم عليه، فقالوا يا أمير المؤمنين: ما رأينا رجلا كان أحسن خلقا، ولا أرفق تعليما، ولا أحسن مجالسة، ولا أشد ورعاً من عبد الله بن مسعود فقال علي: نشدتكم الله، إنه لصدق من قلوبكم؟ قالوا: نعم. فقال: «اللهم إني أشهدك اللهم إني أقول فيه مثل ما قالوا أو أفضل». رواه ابن سعد. - وقال قبيصة بن عقبة: أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن حَبَّة قال: لما قدم علي الكوفة أتاه نفر من أصحاب عبد الله، فسألهم عنه حتى رأوا أنه يمتحنهم. قال: (وأنا أقول فيه مثل الذي قالوا أو أفضل، قرأ القرآن؛ فأحل حلاله، وحرم حرامه، فقيه في الدين، عالم بالسنة). رواه ابن سعد. - وقال محمد بن أبي عبيدة المسعودي: حدثنا أبي، عن الأعمش، عن العلاء بن بدر، عن تميم بن حذلم قال: «قد جالست أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر وعمر فما رأيت أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أحب إلي أن أكون في مسلاخه يوم القيامة منك يا عبد الله بن مسعود». رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، والبخاري في التاريخ الكبير، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة. - وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: حدثنا القاسم بن معن، عن منصور، عن مسلم [بن صبيح]، عن مسروق، قال: (شاممت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فوجدت علمهم انتهى إلى ستة: عمر، وعلي، وعبد الله، ومعاذ، وأبي الدرداء، وزيد بن ثابت. ثم شاممت - يعني الستة - فوجدت علمهم انتهى إلى: علي، وعبد الله). رواه أبو زرعة الدمشقي، وابن سعد، والطبراني في الكبير. - وقال الأعمش، عن مسلم، عن مسروق قال: (لقد جالست أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؛ فوجدتهم كالإخاذ؛ فالإخاذ يروي الرجل، والإخاذ يروي الرجلين، والإخاذ يروي العشرة، والإخاذ يروي المِئَة، والإخاذ لو نزل به أهل الأرض لأصدرهم؛ فوجدت عبد الله من ذلك الإخاذ). رواه ابن سعد في الطبقات، وأبو خيثمة في كتاب العلم، ويعقوب بن سفيان في المعرفة، والبيهقي في المدخل إلى السنن. - وقال أحمد بن حنبل: حدثنا ابن إدريس، عن مالك بن مغول قال: قال الشعبي: (ما دخل الكوفة أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنفع علماً، ولا أفقه صاحباً من ابن مسعود). رواه حنبل ابن إسحاق كما في تاريخ ابن عساكر. |
ابتعاثه إلى الكوفة
كان ابن مسعود من جلساء عمر في المدينة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم خرج إلى حمص غازياً، ثمّ كتب إليه عمر ينتدبه إلى الكوفة معلّماً ووزيراً لعمار بن ياسر، وأميناً على بيت المال. فاتخذ سكناً بجوار المسجد الجامع في الكوفة، وكان له أثر مبارك على أهل الكوفة، أحبّوه وانتفعوا به، وكثر الناس في حلقاته، حتى كان يدور عليهم، ويحضهم على القرآن، وكان له مجلس وعظ كلّ خميس يذكّر فيه أصحابه ولا يطيل عليهم. - قال وهيب بن خالد، عن داود، عن عامر الشعبي أنَّ مهاجرَ عبد الله بن مسعود كان بحمص، فحدره عمر إلى الكوفة، وكتب إليهم: «إني والله الذي لا إله إلا هو آثرتكم به على نفسي، فخذوا منه». رواه ابن سعد. - وقال سفيان الثوري، عن أي إسحاق السبيعي، عن حارثة بن مضرب العبدي قال: قرئ علينا كتاب عمر ههنا [يريد بالكوفة]: « إني بعثت إليكم عمارا أميراً، وبعبد الله بن مسعود معلما ووزيرا، وهما من النجباء من أصحاب محمد من أهل بدر فاسمعوا لهما وأطيعوا، وآثرتكم بابن أم عبد على نفسي، وجعلته على بيت مالكم». رواه أحمد في فضائل الصحابة وابن أبي شيبة في المصنف. - وقال أبو القاسم البغوي: (سكن الكوفة، وابتنى بها داراً إلى جانب المسجد). - وقال عباس بن محمد الدوري: سمعت يحيى بن معين يقول: (عبد الله بن مسعود يكنى أبا عبد الرحمن، وكان على القضاء وبيت المال بالكوفة عاملاً لعمر). رواه أبو القاسم البغوي. |
إقراؤه وتعليمه
- قال أبو إسحاق السبيعي: أخبرني أبو عبيدة أن ابن مسعود إذا أصبح فخرج، أتاه الناس إلى داره فيقول: «على مكانكم»، ثم يمر بالذين يقرئهم القرآن، فيقول: «يا فلان بأي سورة أنت؟» فيخبرونه، فيقول: «بأي آية فيفتح عليه الآية التي تليها، ثم يقول تعلّمها فإنها خير لك مما بين السماء والأرض». قال: (فيظن الرجل أنها ليست في القرآن آية خير منها، ثم يمر بالآخر فيقول له مثل ذلك حتى يقول ذلك لكلهم).رواه عبد الرزاق في المصنف والطبراني في المعجم الكبير. - قال الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس، قال: كنا جلوسا مع ابن مسعود، فجاء خبّاب، فقال: يا أبا عبد الرحمن! أيستطيع هؤلاء الشباب أن يقرءوا كما تقرأ؟ قال: أما إنك لو شئت أمرت بعضهم يقرأ عليك؟ قال: أجل قال: اقرأ يا علقمة، فقال زيد بن حدير، أخو زياد بن حدير: أتأمر علقمة أن يقرأ وليس بأقرئنا؟ قال: أما إنك إن شئت أخبرتك بما قال النبي صلى الله عليه وسلم في قومك وقومه! فقرأت خمسين آية من سورة مريم، فقال عبد الله: كيف ترى؟ قال: قد أحسن. قال عبد الله: (ما أقرأ شيئاً إلا وهو يقرؤه). رواه البخاري. - وقال شعبة بن الحجاج، عن جامع بن شداد المحاربي قال: أخبرنا عبد الله بن مرداس قال: «كان عبد الله يخطبنا كل خميس فيتكلم بكلمات، فيسكت حين يسكت ونحن نشتهي أن يزيدنا». رواه ابن سعد. |
إملاؤه المصاحف
كان ابن مسعود رضي الله عنه يملي المصاحف عن ظهر قلب، ويعلّم القرآن، فَكُثَرت كتابةُ المصاحف في الكوفة في عهده حتى جعل موضعاً في المسجد لعرض المصاحف. - قال الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة أنه قال: جاء رجل إلى عمر وهو بعرفات؛ فقال: جئت يا أمير المؤمنين من الكوفة، وتركت بها رجلاً يملي المصاحف عن ظهر قلبه!! فغضب عمر وانتفخ حتى كاد يملأ ما بين شُعبتي الرَّحْل! فقال: ومن هو ويحك؟! قال: عبد الله بن مسعود فما زال يطفأ ويسرَّى عنه الغضب، حتى عاد إلى حاله التي كان عليها، ثم قال: (ويحك والله ما أعلمه بقي من الناس أحد هو أحق بذلك منه"). رواه الإمام أحمد وأبو يعلى وابن خزيمة وغيرهم. - قال شريك بن عبد الله النخعي، عن عاصم بن أبي النجود، عن زرّ بن حبيش قال: كنا نعرض المصاحف على عبد الله فسأله رجل من ثقيف فقال: يا أبا عبد الرحمن، أي الأعمال أفضل؟ قال: «الصلاة، ومن لم يصلّ فلا دين له»رواه ابن أبي شيبة ، وله متابع يأتي ذكره قريباً. - وقال شعبة، عن عاصم، عن زر بن حبيش، قال: كان عبد الله رضي الله عنه يعجبه أن يقعد حيث تُعرض المصاحف فجاءه ابن الحضارمة، رجلٌ من ثقيف فقال: أي درجات الإسلام أفضل؟ قال: «الصلاة على وقتها من ترك الصلاة فلا دين له». رواه محمّد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة، وهذا يدلّ على أنه قد خصص مكاناً لعرض المصاحف. - وقال سحيم بن نوفل: كنا نعرض المصاحف عند عبد الله؛ فجاءت جارية أعرابية إلى رجلٍ من القوم؛ فقالت: اطلب راقياً فإنَّ فلانا قد لقع فرسك بعينه؛ فتركه يدور كأنه فلك!! قال: فقال عبد الله لا تطلب راقياً اذهب فانفث في منخره الأيمن أربعا وفي الأيسر ثلاثا ثم قل: "بسم الله، لا باس لا باس، أذهب الباس رب الناس، واشف أنت الشافي، لا يذهب بالضر إلا أنت" قال: فذهب الرجل ثم رجع؛ فقال: فعلت الذي أمرتني؛ فأكل وبال وراث). رواه الطبراني في الدعوات والخرائطي في مكارم الأخلاق من طريق سفيان الثوري عن حصين بن عبد الرحمن عن هلال بن يساف عن سحيم به. |
تهيّبه التحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم
- قال مالك بن إسماعيل بن درهم الكوفي: أخبرنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن عامر الشعبي، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود أنه حدث يوماً حديثاً، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أرعد، وأرعدت ثيابه، ثم قال: (أو نحو ذا، أو شبه ذا). رواه ابن سعد. - وقال المسعودي، عن مسلم البطين، عن عمرو بن ميمون قال: اختلفت إلى ابن مسعود سنة فما سمعته يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فغشيه كرب حتى جعل العرق يتحدر، ثم قال: (إن شاء الله، إما فوق ذلك، أو دون ذلك، أو قريبا من ذلك). رواه أبو القاسم البغوي. - وقال ابن أبي عمر، عن ابن عيينة، عن عمار الدهني، عن عمرو بن ميمون قال: (صحبت ابن مسعود ثمانية عشر شهراً؛ فما سمعته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثاً واحداً). رواه ابن عساكر. - وقال نعيم بن حماد: أخبرنا ابن زبان، عن شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري عن عون بن عبد الله قال: (أحصينا حديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو بضع وخمسون حديثاً). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة، والرامهرمزي في المحدث الفاصل، وابن عساكر في تاريخ دمشق. وابن زبان الدمشقي ويقال: الحمصي، ويقال: ابن زيّان بالياء، له ترجمة في تاريخ دمشق، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. |
صفاته وشمائله
- قال محمد بن الفضيل بن غزوان: حدثنا مغيرة، عن أم موسى، قالت: سمعت علياً يقول: أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود أن يصعد شجرة فيأتيه بشيء منها، فنظر أصحابه إلى حموشة ساقيه، فضحكوا منها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما تضحكون؟! لَرِجل عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد». رواه ابن سعد، وابن أبي شيبة، وأحمد، والبخاري في الأدب المفرد. - وقال حماد بن سلمة، عن عاصم ابن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود قال: كنت أجتني لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الأراك، قال: فضحك القوم من دقة ساقي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مم تضحكون؟» قالوا: من دقة ساقه. فقال: «هي أثقل في الميزان من أحد». رواه ابن سعد، وأحمد في فضائل الصحابة. - وقال إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: «رأيت عبد الله بن مسعود رجلاً خفيف اللحم». رواه ابن سعد. - وقال يزيد بن هارون: أخبرنا المسعودي، عن سليمان بن ميناء، عن نفيع مولى عبد الله قال: «كان عبد الله بن مسعود من أجود الناس ثوبا أبيض، من أطيب الناس ريحا». رواه ابن سعد. - وقال محمد بن عبد الله الأسدي: أخبرنا مسعر، عن محمد بن جحادة، عن طلحة قال: «كان عبد الله يعرف بالليل بريح الطيب». رواه ابن سعد. - وقال الأعمش عن إبراهيم النخعي قال: (كان عبد الله لطيفاً فطناً). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة. - وقال وكيع بن الجراح، عن سفيان، عن أبي إسحاق قال: قال هبيرة بن يريم: «كان لعبد الله شعر يرفعه على أذنيه، كأنما جعل بعسل». قال وكيع: (يعني لا يغادر شعرة شعرة). رواه ابن سعد. - وقال محمد بن يوسف الفريابي: حدثنا سفيان [الثوري]، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، قال: «كان ابن مسعود يغسل رأسه ثم يترك شعره من وراء أذنيه». رواه الطبراني في الكبير. - وقال أبو نعيم الفضيل بن دكين: أخبرنا زهير، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم قال: «كان شعر عبد الله بن مسعود يبلغ ترقوته، فرأيته إذا صلى يجعله وراء أذنيه». رواه ابن سعد. - وقال يوسف بن عدي التيمي: أخبرنا محمد بن عتبة الرقي، عن ميمون بن مهران، عن سعيد بن المسيب قال: (كأني أنظر إلى ابن مسعود عظيم البطن حَمْش الساقين). رواه أبو القاسم البغوي. - وقال هشيم بن بشير: أخبرنا سيار، عن أبي وائل أن ابن مسعود رأى رجلاً قد أسبل فقال: ارفع إزارك. فقال: وأنت يا ابن مسعود فارفع إزارك! فقال عبد الله: (إني لست مثلك! إن بساقي حموشة، وأنا أؤم الناس). فبلغ ذلك عمر فجعل يضرب الرجل ويقول: (أتردّ على ابن مسعود؟!). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة. |
بعض أخباره
- قال أبو نعيم الفضل بن دكين: أخبرنا حفص بن غياث، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة قال: «كان عبد الله إذا دخل الدار استأنس ورفع كلامه كي يستأنسوا». رواه ابن سعد. - وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: أخبرنا زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: ما رأيت فقيها أقلَّ صوماً من عبد الله بن مسعود. فقيل له: لم لا تصوم؟ فقال: (إني أختار الصلاة عن الصوم، فإذا صمت ضعفت عن الصلاة). رواه ابن سعد. - وقال الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: " مرض مرضا فجزع فيه، قال: فقلنا له: ما رأيناك جزعت في مرض ما جزعت في مرضك هذا، فقال: «إنه أخذني وأقرب بي من الغفلة». رواه ابن سعد. - وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: أخبرنا حفص بن غياث، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن عبد الله بن مسعود أوصى إلى الزبير، وقد كان عثمان حرمه عطاءه سنتين، فأتاه الزبير فقال: «إن عياله أحوج إليه من بيت المال، فأعطاه عطاءه عشرين ألفا، أو خمسة وعشرين ألفا». رواه ابن سعد. - وقال يزيد بن هارون، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: دخل الزبير بن العوام على عثمان بعد وفاة عبد الله بن مسعود فقال: «أعطني عطاء عبد الله، فأهل عبد الله أحق به من بيت المال، فأعطاه خمسة عشر ألف درهم». رواه ابن سعد. |
مرضه ووفاته
قدم على عثمان المدينة، وفي طريقه اجتاز بالربذة وشهد وفاة أبي ذرّ رضي الله عنه، وصلى عليه، ثم مرض بالمدينة أياما ثم توفي بها سنة 32هـ، فصلى عليه عثمان، ودُفن بالبقيع رضي الله عنه. وأوصى إلى الزبير بن العوام وابنه عبد الله. - قال محمد بن إسحاق بن يسار: حدثني بريدة بن سفيان الأسلمي، عن محمد بن كعب القرظي قال: خرج أبو ذر رضي الله عنه إلى الربذة فأصابه قدره فأوصاهم أن اغسلوني وكفنوني، ثم ضعوني على قارعة الطريق، فأوّل ركب يمرون بكم فقولوا: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأعينونا على غسله ودفنه، ففعلوا فأقبل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في ركب من العراق وقد وضعت الجنازة على قارعة الطريق؛ فقام إليه غلام فقال: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فبكى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تمشي وحدك، وتموت وحدك، وتبعث وحدك)). رواه ابن سعد في الطبقات، وإسحاق ابن راهويه كما في المطالب العالية، ومحمد بن كعب القرظي إمام في السِّيَر، لكن بريدة بن سفيان متكلَّم فيه. - قال أبو الزنباع رَوْحُ بن الفرج المصري: حدثنا يحيى بن بكير قال: «توفي عبد الله بن مسعود ويكنى أبا عبد الرحمن وهو ابن بضع وستين سنة، وفي سنة اثنتين وثلاثين بالمدينة، وأوصى إلى الزبير بن العوام، وصلى عليه ودفن بالبقيع». رواه الطبراني في المعجم الكبير. |
مواعظه ووصاياه
لابن مسعود وصايا جليلة مبثوثة في دواوين السنة، وقد أفردها ابن أبي شيبة في باب طويل من كتاب الزهد في مصنفه، وذكر أبو داوود في كتاب الزهد طائفة منها. - قال عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي الزبير المكي، أن عامر بن واثلة [أبا الطفيل] حدثه أنه سمع عبد الله بن مسعود، يقول: (الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من وعظ بغيره). رواه مسلم في صحيحه. - وقال أبو معاوية، عن الأعمش، عن خيثمة، عن الأسود بن يزيد، قال: قال عبد الله: (ما من نفس برة ولا فاجرة إلا وإن الموت خير لها من الحياة، لئن كان براً لقد قال الله: {وما عند الله خير للأبرار}، ولئن كان فاجرا لقد قال الله: {ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين}). رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، وأبو داوود في الزهد. - وقال أبو معاوية الضرير: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، والأعمش، عن عمارة، عن الأسود، قالا: قال عبد الله: (إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه؛ فقال به هكذا؛ فطار). رواه أحمد. - وقال عبد الرحمن المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن، قال: قال عبد الله: «كفى بخشية الله علماً، وكفى بالاغترار به جهلا». رواه ابن المبارك في الزهد، وابن أبي شيبة في المصنف، والطبراني في المعجم الكبير، والبيهقي في شعب الإيمان. - وقال إسماعيل بن أبي خالد البجلي، عن زبيد اليامي قال: قال عبد الله بن مسعود: «إنَّ الرَّوْحَ والفَرَج في اليقين والرضى، وإنَّ الهمَّ والحزنَ في الشكّ والسخط». رواه ابن المبارك في الزهد. - وقال سفيان الثوري، عن زبيد اليامي، عن مرة الهمداني، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (إن الله تعالى قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله يعطي المال من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب؛ فإذا أحب الله عبدا أعطاه الإيمان، فمن ضنَّ بالمال أن ينفقه، وخاف العدو أن يجاهده، وهاب الليل أن يكابده، فليكثر من قول: "لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر"). رواه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داوود في الزهد. ورواه ابن المبارك في الزهد، وابن أبي شيبة في مصنفه من هذا الطريق دون قوله: (إن الله تعالى قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم). - وقال جرير، عن منصور، عن أبي وائل، قال: قال عبد الله رضي الله عنه: لقد أتاني اليوم رجل، فسألني عن أمر ما دريت ما أرد عليه، فقال: أرأيت رجلاً مُؤْدِياً نشيطاً يخرج مع أمرائنا في المغازي؛ فيعزم علينا في أشياء لا نحصيها؟! فقلت له: « والله ما أدري ما أقول لك إلا أنا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ فعسى أن لا يُعزم علينا في أمرٍ إلا مرة حتى نفعله، وإن أحدكم لن يزال بخير ما اتقى الله، وإذا شكَّ في نفسه شيء سأل رجلاً فشفاه منه، وأوشك أن لا تجدوه، والذي لا إله إلا هو ما أذكر ما غبر من الدنيا إلا كالثَّغب شرب صفوه وبقي كدره». رواه البخاري. المؤدِي بالتخفيف: مكتمل الأداة للحرب، والثَّغب بقيّة الغدير أو الماء القليل الذي استنقع في صخرة أو موضع مطمئنّ من الأرض. - وقال أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل، قال: قال عبد الله: (ما شبهت ما غبر من الدنيا إلا بثَغْب شرب صفوه وبقي كدره، ولا يزال أحدكم بخير ما اتقى الله، وإذا حاك في صدره شيء أتى رجلاً فشفاه منه، وأيم الله لأوشك أن لا تجدوه). رواه ابن أبي شيبة. - وقال إسماعيل بن أبي خالد البجلي، عن زبيد اليامي قال: قال عبد الله: «قولوا خيرا تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، ولا تكونوا عُجُلاً مذاييعَ بُذُرا». رواه ابن المبارك في الزهد، وابن أبي شيبة في مصنفه، والبيهقي في شعب الإيمان. ورواه وكيع في الزهد من طريق سفيان الثوري عن زبيد به. - وقال يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة، عن عبد الله، قال: (تعلموا تعلموا؛ فإذا علمتم فاعملوا). رواه ابن أبي شيبة، والدارمي، ويعقوب بن سفيان. - وقال هارون بن عنترة، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، قال: قال عبد الله بن مسعود: (إنما هذه القلوب أوعية؛ فاشغلوها بالقرآن، ولا تشغلوها بغيره). رواه أبو عبيد في فضائل القرآن، وابن أبي شيبة في مصنفه، وأبو نعيم في الحلية، والخطيب البغدادي في تقييد العلم، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله. - وقال إسماعيل بن أبي خالد: حدثني أشعث بن أبي خالد، عن أبي عبيدة، قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (من استطاع منكم أن يجعل كنزه في السماء فليفعل، حيث لا يناله اللصوص، ولا يأكله السوس؛ فإنَّ قلب كل امرئ عند كنزه). رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، وأبو داوود في الزهد، والبيهقي في شعب الإيمان. - وقال سفيان الثوري، عن أبي قيس الأودي، عن هزيل بن شرحبيل، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: « من أراد الآخرة أضرَّ بالدنيا، ومن أراد الدنيا أضرَّ بالآخرة، يا قوم فأضروا بالفاني للباقي». رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، والطبراني في الكبير، والحاكم في المستدرك. ورواه هناد بن السري في الزهد من طريق قبيصة عن سفيان الثوري به وزاد: (إنكم في زمان كثير علماؤه، قليل خطباؤه، كثير معطوه، قليل سؤّاله، الصلوات فيه طويلة، والخطبة فيه قصيرة، وإنَّ من ورائكم زماناً كثير خطباؤه، قليل علماؤه، كثير سؤاله، قليل معطوه، الصلاة فيه قصيرة، والخطبة فيه طويلة؛ فأطيلوا الصلاة، وأقصروا الخطب، إن من البيان سحراً). - وقال الأعمش، عن عمارة بن عمير التيمي، عن أبي الأحوص، قال: قال عبد الله: (تعودوا الخير فإنما الخير في العادة). رواه وكيع في الزهد، وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة، والطبراني في الكبير. - وقال جرير بن عبد الحميد، عن عبد العزيز بن رفيع، عن خيثمة، قال: قال عبد الله: (انظروا الناس عند مضاجعهم؛ فإذا رأيتم العبد يموت على خير ما ترونه فارجوا له الخير، وإذا رأيتموه يموت على شرّ ما ترونه فخافوا عليه؛ فإنَّ العبد إذا كان شقياً وإن أعجب الناس بعض عمله قيّض له شيطان فأرداه وأهلكه حتى يدركه الشقاء الذي كتب عليه، وإذا كان سعيداً وإن كان الناس يكرهون بعض عمله قيّض له ملك؛ فأرشده وسدده حتى تدركه السعادة التي كتبت له). رواه ابن أبي شيبة. وخيثمة هو ابن عبد الرحمن بن أبي سبرة، وفد جده أبو سبرة على النبي صلى الله عليه وسلم، وأما خيثمة فإمام ثقة لكنّه لم يسمع من ابن مسعود، إنما كان يروي عن بعض أصحابه كالأسود بن يزيد، لكن لهذا الأثر ما يشهد له، وهو حديث ابن مسعود المشهور: حدثنا الصادق المصدوق إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمّه أربعين يوماً نطفة ... الحديث. |
رواة القراءة والتفسير عن ابن مسعود رضي الله عنه
رُزِقَ ابن مسعود أصحابَ صدق حفظوا علمه، ونشروه، فكثرت الروايات عنه جداً، فهو من أكثر من يروى عنهم التفسير من الصحابة رضي الله عنهم. - قال صالح بن الإمام أحمد: حدثني أبي قال: (عبد الله بن مسعود هذلي، وكان بدرياً وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((رضيت لأمتي بما رضي لها ابن أم عبد))، وهو فقيه أهل الكوفة ومعلمهم، وليس يعدل أهل الكوفة بقوله شيئاً، وليس أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنبل صاحباً من ابن مسعود). - وقال علي بن المديني: (أصحاب عبد الله سُرُجُ هذه القرية). قرأ عليه: معاذ بن جبل، وجماعة من الصحابة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده. وقرأ عليه من التابعين: علقمة بن قيس، ومسروق، والأسود بن يزيد، وزر بن حبيش، وزيد بن وهب، وأبو عمرو الشيباني، وأبو عبد الرحمن السلمي وجماعة. وممن روى عنه في التفسير: مسروق بن الأجدع الهمداني، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وعلقمة بن قيس النخعي، والأسود بن يزيد النخعي، والربيع بن خثيم الثوري، وزر بن حبيش، وعمرو بن ميمون الأودي، وأبو معمر عبد الله بن سخبرة الأزدي، وأبو الأحوص عوف بن مالك الجشمي، وأبو الزعراء عبد الله بن هانئ الكندي. وأرسل عنه: ابنه أبو عبيدة، وأبو عبد الرحمن السلمي، وعامر الشعبي، والحسن البصري، وقتادة، وأبو الجوزاء، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وعبد الله بن الحارث الزبيدي، والمسيب بن رافع، وأبو البختري، وعطاء بن يسار. وأما ما أرسله إبراهيم النخعي فقد اختلف فيه؛ فمن أهل العلم من يصححه لأنه إنما يروي عن ابن مسعود من طريق الثقات كعلقمة بن قيس والأسود بن زيد. |
مما روي عنه في التفسير
1: قال يزيد بن زريع: حدثنا سليمان التيمي، عن أبي عثمان [النهدي]، عن ابن مسعود رضي الله عنه أنَّ رجلاً أصاب من امرأة قبلة؛ فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فأنزلت عليه: {وأقم الصلاة طرفي النهار، وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات، ذلك ذكرى للذاكرين}. قال الرجل: ألي هذه؟ قال: «لمن عمل بها من أمتي». رواه البخاري، ومسلم. 2: قال أبو الضحى مسلم بن صبيح القرشي، عن مسروق، عن ابن مسعود في قوله تعالى: {يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون} قال: إنّما كان هذا، لأنّ قريشًا لمّا استعصوا على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحطٌ وجهدٌ حتّى أكلوا العظام، فجعل الرّجل ينظر إلى السّماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدّخان من الجهد، فأنزل اللّه تعالى: {فارتقب يوم تأتي السّماء بدخانٍ مبينٍ. يغشى النّاس هذا عذابٌ أليمٌ}. قال: فأُتي رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فقيل له: يا رسول اللّه: استسق اللّه لمضر، فإنّها قد هلكت! قال: «لمضر؟! إنّك لجريءٌ». فاستسقى لهم فسقوا، فنزلت: {إنّكم عائدون}؛ فلمّا أصابتهم الرّفاهية عادوا إلى حالهم حين أصابتهم الرّفاهية، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {يوم نبطش البطشة الكبرى إنّا منتقمون} قال: (يعني يوم بدرٍ). رواه البخاري، ومسلم. 3: قال الأعمش، عن أبي ظبيان قال: كنا نعرض المصاحف عند علقمة فقرأ هذه الآية: [إن في ذلك لآيات للموقنين]، فقال عبد الله: (اليقين الإيمان كله، وقرأ هذه الآية:{إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور}). قال: فقال عبد الله: (الصبر نصف الإيمان). رواه الحاكم في المستدرك، وعلّق البخاري بعضه في صحيحه، ورواه مختصراً وكيع في الزهد، وسعيد بن منصور في سننه، والطبراني في المعجم الكبير، وغيرهم. تنبيه: وقوله: [إن في ذلك لآيات للموقنين] هكذا في مستدرك الحاكم وتفسير ابن جرير وتفسير ابن أبي حاتم، وهي ليست فيما بين أيدينا من المصاحف العثمانية، لكنّها رويت عن ثلاثة من السلف: ابن مسعود ومغيرة بن مقسم والعلاء بن يزيد؛ فإن لم يكن ذلك وهم من بعض الرواة فربما كانت في بعض المصاحف القديمة مما تركت القراءة به من الأحرف الأخرى، والذي في مصاحفنا قوله تعالى: {وفي الأرض آيات للموقنين}. 4. وقال أبو عوانة اليشكري: حدثنا أبو إسحاق الشيباني، قال: سألت زرَّ بن حبيش عن قول الله تعالى: {فكان قاب قوسين أو أدنى. فأوحى إلى عبده ما أوحى} قال: حدثنا ابن مسعود: « أنه رأى جبريل له ستمائة جناح». رواه البخاري في صحيحه، ورواه مسلم من طريق عباد بن العوام عن أبي إسحاق الشيباني به. |
الساعة الآن 02:19 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir