الدرس السادس: معالم علم التفسير
معالم علم التفسير عناصر الدرس: ● فضل علم التفسير ● تاريخ علم التفسير. ...-البيان الإلهي للقرآن. ...- البيان النبوي للقرآن. ... - التفسير في زمن الصحابة. ... - التفسير في زمن التابعين. ... - الإسرائيليات في التفسير. ... - التفسير اللغوي. ... - نشأة تدوين التفسير. ....- طبقات المفسرين. |
فضل علم التفسير
علم التفسير من أجلّ علوم الشريعة وأفضلها، وأوسعها وأعظمها بركة؛ وذلك لتعلّقه بالقرآن العظيم الذي جعله الله هادياً للتي هي أقوم في كلّ ما يُحتاج إلى الهداية فيه، وجمع الله فيه أصول الدين من مسائل الإيمان والعبادات والمعاملات والسلوك والمواعظ والآداب وغيرها؛ فمن أحسن التفقّه في كتاب الله تعالى فقد أحرز أصول العلوم، وقواعدها الحاكمة والضابطة. وعلم التفسير معينٌ على فهم كلام الله جلّ وعلا، ومعرفة مراده، ومن أوتي فهم القرآن فقد أوتي خيراً كثيراً. وطالب علم التفسير داخل في زمرة خير هذه الأمة كما في صحيح البخاري من حديث سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: « خيركم من تعلم القرآن وعلمه ». وتعلّم القرآن يشمل تعلّم ألفاظه، ومعانيه، وهداياته؛ فمن جمع هذه الثلاث فقد أحسن تعلّم القرآن. |
تاريخ التفسير البيان الإلهي للقرآن أوّل بيان للقرآن هو بيان منزّله جلّ وعلا؛ كما قال الله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه . فإذا قرأناه فاتبع قرآنه . ثم إن علينا بيانه} - وقال تعالى: {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً} أي بيانا وتفصيلا، ومن ذلك بيان الله لما أنزل في القرآن. - وقال تعالى: {وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلًا} أي مبينا. ووصف الله كتابه بأنّه مبين، وأمر باتباع هداه، وبيّن أنّه يهدي للتي هي أقوم، وفي ذلك ما يدلّ دلالة بيّنة على أنّ فيه بياناً شافياً يدلّ على الحقّ ويُفهم به المراد. والبيان الإلهي للقرآن على أنواع: 1. فمنه تفسير القرآن بالقرآن، فقد جعل الله كتابه الكريم يبيّن بعضه بعضاً، ويصدّق بعضه بعضاً؛ فلا تناقض فيه ولا اختلاف. وما يذكره العلماء في تفسير القرآن بالقرآن على صنفين: نصّيٌّ واجتهاديّ: أ: فالنصيّ هو ما دلّ صراحة على بيان مجمل كما قال تعالى: {والسماء والطارق . وما أدراك ما الطارق . النجم الثاقب}؛ فبيّن الله تعالى المراد بالطارق بياناً جليّاً. ب: والاجتهادي هو ما يجتهد فيه المفسّر بذكر آيات تبيّن معاني آيات أخر، وهذا الاجتهاد قد يكون صواباً، وقد يدخله الخطأ لأسباب متعددة. والذي يُعدّ من البيان الإلهي هو ما دلّ على المعنى صراحة من غير التباس، علمه من علمه، وجهله من جهله. 2. ومنه تفسير القرآن بالحديث القدسي، وقد رويت أحاديث قدسية فيها بيان لبعض آيات القرآن. 3. ومنه ما نزل من الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم لتفسير بعض ما في القرآن، ومن ذلك الإخبار ببعض المغيّبات التي تفسّر بعض ما في القرآن. 4. ومنه البيان القدري لبعض معاني القرآن، وهو أن يقع من قدر الله عزّ وجلّ ما يتبيّن به المراد، كما في مسند الإمام أحمد وسنن النسائي الكبرى من حديث الحسن البصري عن الزبير بن العوام، قال: " لما نزلت هذه الآية {واتقوا فتنةً لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصةً} الآية، قال: ونحن يومئذٍ متوافرون، قال: فجعلت أتعجب من هذه الآية: أي فتنةٍ تصيبنا؟ ما هذه الفتنة؟ حتى رأيناها ". وقد وقع من ذلك شيء كثير ولا يزال يقع منه إلى يوم القيامة ما يدلّ على المعنى دلالة بيّنة. |
البيان النبوي للقرآن
نزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أفصح الناس لساناً، وأحسنهم فهماً وبياناً، وأعظمهم نصحاً، وأمره الله أن يبلّغه البلاغ المبين، كما قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم}، وقال تعالى: {وما على الرسول إلا البلاغ المبين}. والبلاغ المبين هو الذي يُفهم معناه، ويُعرف مراد صاحبه؛ فتقوم به الحجّة، ويهدي إلى الحقّ. والنبي صلى الله عليه وسلم معصوم من أن يتكلّم في القرآن بغير حقّ؛ فما صحّ عنه في تفسير القرآن وبيان معانيه فهو حقّ لا مرية فيه. والبيان النبوي للقرآن على أنواع: 1. فمنه تلاوة القرآن تلاوة بيّنة باللسان العربي، وقد كان يدعو الناس إلى الإسلام، ويتلو عليهم القرآن؛ فيُعرف أثره فيمن تُلي عليهم؛ فمنهم من يُسلم لما ظهر له من الحقّ، ومنهم من يُعرض مكابرة واتّباعاً للهوى مع اعترافه بحسن بيانه. 2. ومنه ما يكون بيانه بمعرفة دعوته صلى الله عليه وسلم، وهديه في جميع أمور الدين، وحكمه بما أنزل الله في كتابه الكريم؛ فالبيان العملي من أظهر صور البيان؛ كما فسّر النبي صلى الله عليه وسلم معنى إقامة الصلاة المأمور بها في القرآن بما أدّى من الصلوات، وقال لأصحابه: ((صلّوا كما رأيتموني أصلّي))، وقال في الحجّ: (( خذوا عنّي مناسككم))، وقال في قراءة القرآن: ((اقرؤوا كما عُلّمتم)). 3. ومنه ما يكون من ابتداء النبي صلى الله عليه وسلم بتفسير بعض الآيات، ولذلك أمثلة. 4. ومنه ما يكون في معرض تعليم أصحابه رضي الله عنهم لمعاني القرآن، وتنبيههم على ما أخطأوا في تأوّله، وجواب ما أشكل عليهم. 5. ومنه ما كان في جواب أسئلة من يسأله عن بعض معاني القرآن، وقد سأله بعض أصحابه رضي الله عنهم فأجابهم، وسأله بعض المشركين فأجابهم، وسأله بعض أهل الكتاب فأجابهم، لكلّ ذلك أمثلة مبثوثة في كتب الحديث. 6. ومنه فيما يكون في معرض الردّ على شبهات الكفّار والمنافقين وما يوردونه من استشكالات. |
التفسير في زمن الصحابة رضي الله عنهم
الصحابة رضي الله عنهم أعلم الأمّة بالقرآن بعد نبيّها صلى الله عليه وسلم، فهم تلاميذه النجباء أدّبّهم النبي صلى الله عليه وسلم فأحسن تأديبهم، وعلّمهم فأحسن تعليمهم، وزكّاهم فأحسن تزكيتهم، وقد رضي الله عنهم وأرضاهم، ولذلك فإنّ للصحابة رضي الله عنهم خصيصة ليست لغيرهم، وهي أنّهم عدولٌ مقبولون؛ فهم في أعلى درجات العدالة. وقد شهدوا وقائع التنزيل، وعلموا من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته وجهاده وهديه في شؤون الدين كلها ما جعلهم أعلم الأمّة به صلى الله عليه وسلم وأقربهم لفهم ما أنزل الله عليه من الكتاب والحكمة. وقد سبقوا من بعدهم بعلوم لا يدركونهم فيها منها معرفته بكثير مما نسخت تلاوته من القرآن، وفيه علم كثير مبارك، ومعرفتهم بالأحرف التي تركت القراءة بها فيما بعد، ومعرفتهم بكثير من وقائع التنزيل، وكان من الصحابة من يعرف أين نزلت كلّ آية، وفيم نزلت، كما أثر ذلك عن عليّ بن أبي طالب وابن مسعود وعائشة رضي الله عنهم. وهذه المعرفة الجليلة مع حرصهم على سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عما يشكل عليهم ، وشدة عنايتهم بتدارس القرآن، وتعاهده، والتفقه فيه، ومعرفة ما فيه من العلم والعمل تثمر لهم من العلم بالتفسير ما لا يلحقهم فيه لاحق. ومن أوجه تقديمهم في علم التفسير نزول القرآن على لسانهم، وما يعهدون من فنون الخطاب، وسلامتهم من اللحن والعجمة والضعف الذي حدث بعدهم. ومن أوجه تقديمهم أيضاً سلامتهم من الأهواء والفتن التي حدثت بعد زمانهم؛ فكان شربهم صافياً، وشرب من بعدهم فيه كدر. وكان تدارس التفسير في زمن الصحابة رضي الله عنهم على أوجه منها: 1: أن يقرأ لهم أحدهم ثمّ يتدارسون معاني الآيات. 2: أن يبتدئ به المفسّر في المجلس فيفسّر ما يتيسّر له فيحفظه من يحفظه وينساه من ينساه، كما ذكر عن ابن عباس أنّه فسّر سورة البقرة وسورة النور في خطبة الحج، وكما روي عن ابن مسعود أنه كان يقرأ ويفسّر. 3. أن يُسأل المفسّر عن معنى آية وفيم نزلت وعن إشكال يعرض للسائل في معناها فيجيبه ؛ فيحفظ الجواب من يحفظه؛ ولذلك أمثلة كثيرة حفظت في كتب السنة والكتب المصنفة في التفسير بالمأثور. 4: أن يَسأل العالم أصحابه عن معنى آية ثمّ ينظر جوابهم فيصوّب المصيب ويبيّن للمخطئ خطأه، وقد رويت آثار في هذا النوع عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وابن مسعود وحذيفة بن اليمان وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم. 5: أن يقصد طالب علم التفسير أحد المفسّرين فيقرأ عليه القرآن ويسأله عن التفسير كما صحّ عن مجاهد بن جبر أنه قال: (قرأت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات أقف عند كل آية أسأله فيم نزلت وكيف كانت). |
التفسير في زمن التابعين
مما يحسن التذكير به أن الصحابة رضي الله عنهم تفرقوا في الأمصار فكان في كلّ مصرٍ منهم علماء يفقّهون الناس في الدين ويعلّمونهم القرآن والسنن، وبقي في المدينة منهم ثلّة مباركة أهل علم وفقه. فكان لبعض أولئك الأئمة أصحاب من التابعين عنوا بالتفسير؛ فتعلموه وتفقهوا فيه وكانوا على أصناف ثلاثة: - فصنف أهل حفظ وفقه؛ تعلموا من التفسير ما تأهّلوا به للتعليم؛ فكانوا يعلّمون مما تعلّموا، ويروون مما حفظوا. - ومنهم من غلب عليه الحفظ والرواية، فحفظ عن الصحابة علماً كثيراً ورواه عنهم من حفظه. - ومنهم من كان يكتب التفسير في صحف. وقد تقدّم الكلام في طرق التابعين في تعلّم العلم وتعليمه. |
الإسرائيليات في التفسير
مما تدعو الحاجة لبيانه عند الحديث عن معالم التفسير في القرون الأولى ما يتعلق برواية الإسرائيليات ودخولها في التفسير. والمراد بالإسرائيليات أخبار بني إسرائيل، وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام. وأخبار بني إسرائيل على مراتب وأنواع: فمنها: ما قصّه الله في كتابه من أخبارهم وما صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا النوع حقّ يجب التصديق به، لأنه منه خبر الله تعالى وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم. ومنها: ما قصّه بعض أحبار أهل الكتاب على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فموقفنا منه هو ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم تجاهه؛ فما أقرَّه صدّقنا به، وما كذَّبه كذَّبناه، وما توقّف فيه توقّفنا فيه، ولكل ذلك أمثلة مبسوطة في مواضعها. ومنها: ما كان يقصّه بعض الصحابة رضي الله عنهم من أخبار بني إسرائيل، ومنهم: عبد الله بن سلام، وسلمان الفارسي، وتميم الداري، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وهؤلاء ممن قرأوا كتب أهل الكتاب، ومنهم من كان من الأحبار ثم أسلم، وما صحّ عنهم فهو أمثل من كثير مما أتى بعدهم. ومنها: ما قصّه بعض التابعين وتابعو التابعين ممن قرأوا كتب أهل الكتاب، ومنهم: كعب الأحبار، ووهب بن منبه، وربيعة الجرشي، وهلال الهجري، وأبو الجلد جيلان بن فروة الأسدي، ونوف بن فضالة البكالي وهو ابن امرأة كعب الأحبار، وتبيع بن عامر الحميري، ومغيث بن سُمي الأوزاعي، وغيرهم، وما صحّ عن هؤلاء فهو من جياد الإسرائيليات وإن كان قد يقع في بعض أخبارهم أخطاء نبّه على بعضها من هو أعلم منهم، كما رُوي أنّ عبد الله بن سلام كان يردّ على بعض ما يذكره كعب الأحبار، وكان عبد الله بن سلام أعلم منه وأمكن. لكن وقع الخلل الأكبر من جهة الرواة عن هؤلاء وأضرابهم، فقد ابتلي بعضهم برواة ضعفاء، وبعضهم برواة متّهمين بالكذب، فلذلك لا تُعامل مرويات الكذابين معاملة ما صحّ من الإسرائيليات عن هؤلاء العلماء. ومن رواة الإسرائيليات المتّهمين بالكذب: محمد بن السائب الكلبي، ومقاتل بن سليمان البلخي، وأبو الجارود زياد بن المنذر، وموسى بن عبد الرحمن الثقفي، وعبد المنعم بن إدريس اليماني ابن بنت وهب بن منبّه. وقد تجنّب ابن جرير وابن أبي حاتم الرواية عن هؤلاء، وكانت رواياتهم مشهورة في زمانهم، وما رواه ابن جرير عن الكلبي وأبي الجارود فإنما هي مرويات قليلة جداً انتقاها. وأكثرها في نقل الأقوال لا في الإسرائيليات. وإنما كثرت الرواية عن هؤلاء في الكتب المتأخرة كتفاسير ابن شاهين والثعلبي والماوردي والواحدي وأضرابهم. وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم في التحديث عن بني إسرائيل، ونهى عن تصديقهم وتكذيبهم. - ففي صحيح البخاري ومسند الإمام أحمد من طريق حسان بن عطية، عن أبي كبشة، عن عبد الله بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار». - وفي صحيح البخاري من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا: {آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم} » الآية). - وروى البخاري في صحيحه من طريق ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، أن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: " كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدث، تقرؤونه محضاً لم يُشَبْ، وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله وغيروه، وكتبوا بأيديهم الكتاب، وقالوا: هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا؟ ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم؟ لا والله ما رأينا منهم رجلا يسألكم عن الذي أنزل عليكم " - وروى عبد الرزاق في مصنفه من طريق عمارة عن حريث بن ظهير قال: قال عبد الله [بن مسعود]: «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء , فإنهم لن يهدوكم وقد أضلوا أنفسهم فتكذبون بحق , أو تصدقون بباطل , وإنه ليس أحد من أهل الكتاب إلا في قلبه تالية تدعوه إلى الله وكتابه» - قال عبد الرزاق: وزاد معن عن القاسم بن عبد الرحمن , عن عبد الله في هذا الحديث , أنه قال: «إن كنتم سائليهم لا محالة؛ فانظروا ما قضى كتابُ الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه». قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد، فإنها على ثلاثة أقسام: أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح. والثاني: ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه. والثالث: ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه وتجوز حكايته؛ لما تقدم. وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني؛ ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيرا. ويأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك، كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف، ولون كلبهم، وعدتهم، وعصا موسى من أي الشجر كانت، وأسماء الطيور التي أحياها الله لإبراهيم، وتعيين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة، ونوع الشجرة التي كلم الله منها موسى، إلى غير ذلك مما أبهمه الله في القرآن، مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ولا دينهم، ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز، كما قال تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا})ا.هـ والخلاصة في شأن رواية الإسرائيليات: 1: أن الإذن بالتحديث عنهم إذن مطلق يدخله التقييد، وتلك القيود منها ما نصّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ومنه ما نصّ عليه بعض أصحابه مما علموه وأدركوه من هدي النبي صلى الله عليه وسلم لهم وتعليمه إيّاهم. 2: ما كان من أخبارهم يخالف دليلاً صحيحاً فهو باطل؛ لا تحلّ روايته إلا على سبيل الاعتبار والتشنيع، وبيان تحريفهم، ويجب تكذيبه، كما كذّب ابنُ عباس نوفاً البكالي لما زعم أن موسى الذي لقي الخضر ليس كليم الله، وإنما هو رجل آخر اسمه موسى؛ كما في الصحيحين عن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس: إن نوفا البكالي يزعم أن موسى بني إسرائيل ليس بموسى الخضر، فقال: (كذب عدو الله) ، وفي رواية لمسلم: قال ابن عباس: أسمعته يا سعيد؟ قال سعيد: قلت: نعم. قال: كذب نوف. 3: أن لا يعتقد تصديق ما يروى عنهم ما لم يشهد له دليل صحيح من الأدلة المعتبرة لدى أهل الإسلام. 4: أن بعض الإسرائيليات قد تتضمن زيادات منكرة لأخبار محتملة الصحة في الأصل؛ فتنكر الزيادات المنكرة، وتردّ، مع بقاء احتمال أصل القصة إذا كان له ما يعضده. 5: أن لا تجعل أخبارهم مصدراً يعتمد عليه في التعلّم والتحصيل؛ ولذلك يحذّر طلاب العلم من التفقه بها واعتمادها في أوّل الطلب، ويوجّهون إلى مناهل أهل الإسلام في التعلّم، فإذا أحكم الطالب دراسة أصول العلم على منهج صحيح؛ فلا حرج عليه أن يستأنس ببعض ما يروى من أخبار بني إسرائيل، وعلى ذلك يُحمل نهي ابن مسعود وابن عباس عن سؤال أهل الكتاب، مع ما روي عن ابن عباس من التحديث ببعض أخبار بني إسرائيل. 6: أن يفرّق بين الإذن المطلق بالتحديث عن بني إسرائيل وبين التحديث عن الكذابين والمتّهمين بالكذب الذين يروون الإسرائيليات المنكرة، وروايات هؤلاء في كتب التفسير كثيرة. |
التفسير اللغوي
نزل القرآن بلسان عربيّ مبين، فبهر العربَ فصاحة وبياناً، وحلاوة لفظ، وجزالة معنى، في نظمٍ معجزٍ، ومما يمتاز به اللسان العربي على غيره كثرة ألفاظه وسعة معانيه، واتّساع دلالات الألفاظ على المعاني. - قال محمد بن إدريس الشافعي: (لسان العرب: أوسع الألسنة مذهباً، وأكثرها ألفاظاً، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غيرُ نبي، ولكنه لا يذهب منه شيء على عامّتها، حتى لا يكون موجوداً فيها من يعرفه. والعلمُ به عند العرب كالعلم بالسنة عند أهل الفقه، لا نعلم رجلاً جمع السنن فلم يذهب منها عليه شيءٌ. فإذا جُمع علم عامة أهل العلم بها أتى على السنن، وإذا فُرّق علم كل واحد منهم ذهب عليه الشيء منها، ثم كان ما ذهب عليه منها موجوداً عند غيره، وهم في العلم طبقات منهم الجامع لأكثره، وإن ذهب عليه بعضه، ومنهم الجامع لأقلَّ مما جمع غيره)ا.هـ. ولذلك تفاضل الصحابة والتابعون في معرفتهم بلسان العرب، وبعربية القرآن؛ فقد يكون للمفردة الواحدة معاني متعددة فيدرك بعضهم بعض تلك المعاني ويخفى عليه بعضها، ويعلمها آخرون. وكذلك الحال في الأساليب والاشتقاق والتصريف والمحلّ الإعرابي وألوان البيان والبديع وغيرها. - قال عاصم بن أبي النجود: (كان زر بن حبيش أعرب الناس، وكان عبد الله [بن مسعود] يسأله عن العربية). رواه ابن سعد. وكان ابن عباس يحفظ أشعار العرب فيستعين بها على معرفة العربية وتفسير القرآن - قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: «شهدت ابن عباس، وهو يسأل عن عربية القرآن، فينشد الشعر» رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة. - وقال مسمع بن مالك: سمعت عكرمة قال: «كان إذا سئل ابن عباس عن شيء من القرآن أنشد شعراً من أشعارهم» رواه ابن أبي شيبة. ومثال ذلك: ما رواه منصور بن المعتمر، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قول الله تعالى: {إلا اللمم} قال: (الذي يلم بالذنب ثم يدعه، ألم تسمع قول الشاعر: إن تغفر اللهم تغفر جما ... وأي عبد لك لا ألما). أخرجه الحاكم في مستدركه. فكان من الصحابة من يفسّر الغريب ويبيّن معاني الأساليب بما يعرفون من لغة العرب، ومن أشهرهم عناية بذلك: عليّ بن أبي طالب وعائشة وأبيّ بن كعب وابن عباس رضي الله عنهم. ثم من التابعين: جماعة عُرفوا بحسن المعرفة بالعربية منهم أبو الأسود الدؤلي(ت:69هـ)، وابنه عطاء، وزر بن حبيش(ت:82هـ)، ونصر بن عاصم الليثي(ت:89هـ)، ويحيى بن يعمر العدواني(ت: نحو 90هـ)، وعنبسة بن معدان المهري بالمعروف بعنبسة الفيل، وميمون الأقرع ولم أقف على سنة وفاته، والحسن البصري(ت:110هـ)، وعبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي(ت:117هـ) وقيل: (ت:129هـ)، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج(ت:117هـ) فأما أبو الأسود الدؤلي فهو أوّل من أسس للتأليف في علوم العربية، وكان ذلك بأمر من عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه لما خشى على العرب من العجمة وفشوّ اللحن. - قال محمد بن سلام الجمحي: (كان أولَّ مَن أسَّسَ العربيَّةَ، وفتحَ بابها، وأنهج سبيلها، ووضع قياسَها: أبو الأسود الدؤلي). - وقال سعيد بن سَلْم بن قتيبة بن مسلم الباهلي عن أبيه عن جدّه عن أبي الأسود، قال: دخلتُ على عليّ فرأيته مطرقا، فقلت: فيم تتفكر يا أمير المؤمنين؟ قال: سمعت ببلدكم لحناً، فأردت أن أضع كتابا في أصول العربية، فقلت: إن فعلت هذا أحييتنا، فأتيته بعد أيام؛ فألقى إليَّ صحيفة فيها: (الكلام كلُّه: اسم، وفعل، وحرف؛ فالاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل). ثم قال: تَتَبَّعْهُ وزِدْ فيه ما وقع لك، فجمعت أشياء، ثم عرضتها عليه). ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام. وأما يحيى بن يعمر هو أول من نقط المصاحف. وأمّا عبد الرحمن بن هرمز الأعرج فكان من كبار القراء والمحدثين بالمدينة، قرأ على أبي هريرة، وحفظ عنه حديثاً كثيراً، وكان عالماً بالعربية. - قال يحيى بن أبي بكير: حدثنا عبد الله بن لهيعة، عن أبي النضر قال: (كان عبد الرحمن بن هرمز من أول من وضع العربية، وكان من أعلم الناس بالنحو، وأنساب قريش). رواه أبو بكر الزبيدي في طبقات النحويين. قلت: هذه ليست أولية مطلقة إن صحّ الخبر؛ فقد سبقه أبو الأسود. وقال الذهبي: (قالوا: هو أول من وضع العربية بالمدينة، أخذ عن أبي الأسود). وأمّا ابن أبي إسحاق الحضرمي فهو أوّل من بعج النحو ومدّ القياس وشرح العلل ، وناظر في مسائل النحو والعربية. وقد ذُكر أنّ له كتاباً في الهمز، وهو أوّل من ألّف فيه. ومن تابعي التابعين: جماعة من علماء العربية الذين ذاع صيتهم واشتهرت معرفتهم بالعربية وكان عامّتهم من القرّاء، فمنهم عيسى بن عمر الثقفي(ت:149هـ)، وأبو عمرو بن العلاء المازني(ت:154هـ)، وحماد بن سلمة البصري (ت: 167هـ) والمفضَّل بن محمَّد الضَّبِّي (ت:168هـ)، والخليل بن أحمد الفراهيدي (ت:170هـ)، وهارون بن موسى الأعور (ت:170 هـ)، والأخفش الأكبر عبد الحميد بن عبد المجيد (ت: 177هـ )، وسيبويه عمرو بن عثمان بن قنبر(ت: 180 هـ)، ويونس بن حبيب الضبي (ت:183 هـ)، وأضرابهم. فأما عيسى بن عمر فكانت له قراءة تروى عنه، وله كتب في النحو والعربية لم يُعرف منهما إلا الجامع والإكمال وهما مفقودان، لكن أثنى عليهما تلميذه الخليل بن أحمد الفراهيدي بقوله: ذهب النَّحْو جميعاً كلُّه ... غير ما أحدث عيسى بن عمر ذاك إكمال وهذا جامع ... فهما للناس شمس وقمر ثمّ ظهر بعدهم التأليف في معاني القرآن وإعرابه وممن ألّف في ذلك: 1. علي بن حمزة الكسائي (ت:189 هـ)، وكتابه في معاني القرآن مفقود، والمطبوع إنما هو جمع لما نُقل عنه من مسائل في معاني القرآن وإعرابه. 2. ويحيى بن سلام البصري(ت:200هـ)، أصله من البصرة ثمّ هاجر إلى إفريقية، وله كتاب في التفسير طبع بعضه، وقد جمع فيه بين التفسير اللغوي وما بلغه من تفاسير الصحابة والتابعين، وقد اختصره هود بن محكّم الهواري، وابن أبي زمنين؛ فما اتفقا عليه فالظن أنه هو عبارة يحيى بن سلام. 3. ويحيى بن زياد الفرَّاء (ت:207 هـ) ، وكتابه مطبوع، أملاه من حفظه، واعتنى به العلماء عناية بالغة؛ فهو من أهم مصادر البخاري في التفسير اللغوي في صحيحه، ومن المصادر المهمة لابن جرير الطبري في تفسيره. قال تلميذه محمد بن الهم السمّري: (هذا كتاب فيه معاني القرآن أملاه علينا أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء يرحمه الله عن حفظه من غير نسخة، في مجالسه أوّل النهار من أيام الثلاثاوات والجمع في شهر رمضان وما بعده من سنة اثنتين، وفي شهور سنة ثلاث، وشهور من سنة أربع ومائتين). 4. أبو عبيدة معمر بن المثني (ت:209 هـ)، وهو أسنّ من الفراء لكن مات بعده، وله كتب كثيرة منها "مجاز القرآن"، مطبوع، وهو في معاني القرآن. 5. محمد بن المستنير البصري المعروف بقطرب (ت: بعد 211 هـ)، وقد طبع بعضه حديثاً. 6. سعيد بن مسعدة المعروف بالأخفش الأوسط (ت: 215 هـ) ، وكتابه مطبوع. 7. أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي (ت:224 هـ)، وهو أوّل من ألّف في القراءات، وله كتاب جليل القدر في معاني القرآن، وكلاهما مفقود، وله كتب كثيرة طبع منها نحو ثلاثة عشر كتاباً. قال الذهبي: (كذلك كتابه في " معاني القرآن "؛ وذلك أن أول من صنف في ذلك من أهل اللغة أبو عبيدة ثم قطرب ثم الأخفش، وصنف من الكوفيين الكسائي ثم الفراء، فجمع أبو عبيد من كتبهم، وجاء فيه بالآثار وأسانيدها، وتفاسير الصحابة والتابعين والفقهاء، وروى النصف منه ومات) ا. هـ. ثمّ جاء بعدهم ابن قتيبة الدينوري(ت:276هـ) فكتب كتابه "تأويل مشكل القرآن" وفيه بيان لكثير من المسائل التي قد تشكل على بعض العلماء. ثم جاء بعده أبو إسحاق الزجاج(ت:311هـ) فكتاب كتابه الكبير "معاني القرآن وإعرابه" وهو أكبر كتب المتقدمين في التفسير اللغوي وأجمعها. ثم جاء بعده أبو جعفر النحاس(ت:338هـ) فكتب كتباً كثيرة جامعة منها كتاب إعراب القرآن، ومعاني القرآن، والقطع والائتناف، والناسخ والمنسوخ، وغيرها. ومصنفات العلماء في التفسير اللغوي كثيرة، وقد تنوعت عنايات العلماء فيه إلى أنواع: 1. فمنهم من عني ببيان معاني الغريب، وقد ألّف فيه جماعة من العلماء منهم: عبد الله بن يحيى اليزيدي، وابن قتيبة، وابن عزيز السجستاني، وأبو عمر الزاهد غلام ثعلب، وأبو عبيد الهروي، ومكي بن أبي طالب القيسي، والراغب الأصفهاني، وأبو جعفر الخزرجي، وابن الجوزي، وابن المنيّر، وأبو حيّان الأندلسي، والسمين الحلبي، وابن الملقّن، وابن الهائم وغيرهم كثير. 2. ومنهم من عني بالوجوه والنظائر، وقد كتب فيه جماعة منهم: مقاتل بن سليمان، وهارون بن موسى النحوي، ويحيى بن سلام البصري، وإسماعيل بن أحمد الحيري، وأبو عبد الله الدامغاني، وابن الجوزي، وغيرهم. 3. ومنهم من عُني بمعاني الحروف، وقد ألّف فيه جماعة منهم: أبو حاتم السجستاني، وابن شقير البغدادي، وأبو القاسم الزجاجي، وعلي بن الفضل المزني، وعلي بن عيسى الرمان، وعلي بن محمد الهروي، أبو جعفر المالقي، وأبو إسحاق الصفاقسي، وابن أمّ قاسم المرادي، وابن هشام الأنصاري، وغيرهم. 4. ومنهم من عني بتوجيه القراءات، وهو علم جليل لا ينهض به إلا ضليع في علوم اللغة، وقد كتب فيه جماعة من العلماء منهم: أبو منصور الأزهري، وابن خالويه، وأبو علي الفارسي، وابن جنّي، وابن زنجلة، ومكي بن أبي طالب، وابن أبي مريم الفسوي، وغيرهم. 5. ومنهم من عُني بالوقف والابتداء، وهو علم جليل يعين على فهم القرآن وإيضاح مقاصده. - قال علم الدين السخاوي: (ففي معرفة الوقف والابتداء الذي دوَّنه العلماء تبيينُ معاني القرآن العظيم، وتعريفُ مقاصده، وإظهارُ فوائدِه، وبه يتهيَّأ الغوصُ على دُرره وفرائده)ا.ه - وقال ابن مجاهد فيما ذكره عنه أبو جعفر النحاس: (لا يقوم بالتمام في الوقف إلا نحوي عالم بالقراءات عالم بالتفسير والقصص وتخليص بعضها من بعض، عالم باللغة التي نزل بها القرآن)ا.هـ. وقد كتب فيه جماعة من العلماء منهم: شيبة بن نصاح، وهو أوّل من عرف أنه ألّف فيه، وابن سعدان الضرير، وابن الأنباري، وأبو جعفر النحاس، وأبو عمرو الداني، وابن الطحان، ابن طيفور السجاوندي، والعماني صاحب المرشد، وأبو العلاء الهمذاني، وعلَم الدين السخاوي، وزكريا الأنصاري، وغيرهم. 6. ومنهم من عني بإعراب القرآن، وقد كتب فيه جماعة من العلماء منهم: أبو إسحاق الزجاج، وأبو جعفر النحاس، وابن خالويه، وعلي بن إبراهيم الحوفي، ومكي بن أبي طالب القيسي، وابن الأنباري، والخطيب التبريزي، وعلي بن الحسين الباقولي، وأبو البقاء العكبري، وغيرهم. 7. ومنهم من عني بالتصريف، وكتبوا في علم الصرف كتباً كثيرة ضمنوها أمثلة من القرآن، وممن ألّف في الصرف: عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، وعلي بن المبارك الأحمر، والفراء، وابن السكيت، وأبو عثمان المازني، والمبرّد، وثعلب، وابن السرّاج النحوي، وأبو علي الفارسي، وأبو الفتح ابن جني، وأبو البركات ابن الأنباري، وابن الحاجب، وابن مالك ، وغيرهم. ومن المفسرين الذين لهم عناية ظاهرة بعلم الصرف: ابن عطية، وأبو حيان الأندلسي، وابن عاشور، ومحمد الأمين الشنقيطي، ومحمد الأمين الهرري. 8. ومنهم من عني بالاشتقاق، وهو علم جليل كتبه فيه جماعة من العلماء منهم: المفضل الضبي، وقطرب، والأخفش الأوسط، والأصمعي، وأبو نصر الباهلي، وابن قطن المهري، وابن قتيبة، وابن طيفور، والمبرّد، والمفضّل بن سلمة الضبي، وأبو إسحاق الزجاج، وابن السرّاج، وابن دريد، وابن درستويه، وأبو جعفر النحاس، وابن خالويه، وأبو الحسن الرمّاني، وأبو القاسم الزجاجي، وأبو عبيد البكري، وحجة الأفاضل الخوارزمي، وأسامة بن منقذ، وغيرهم. وهؤلاء أكثر كتبهم مفقودة، وقد طبع منها: - كتاب اشتقاق الأسماء للأصمعي. - وكتاب الاشتقاق لابن دريد. - وكتاب "المعاني والاشتقاق" لأسامة بن منقذ. ثم كثرت المؤلفات في الاشتقاق بعد ذلك ، لكن عامّتها في مسائل علم الاشتقاق، ويذكر بعضهم أمثلة لاشتقاق بعض المفردات القرآنية. وفي هذا العصر ظهرت بوادر التأليف المفرد في اشتقاق المفردات القرآنية؛ فكتب الأستاذ الجليل محمد حسن حسن جبل (ت:1436هـ) كتابه الكبير "المعجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم". 9. ومنهم من عني بالتفسير البياني، وإظهار بلاغة القرآن، ولطائف اختيار بعض الألفاظ عل بعض، ودواعي الذكر والحذف، ولطائف التشبيه والتمثيل، والتقديم والتأخير، والإظهار والإضمار، وغيرها من مباحث التفسير البياني، وقد كتب فيه جماعة من المفسرين منهم: ابن قتيبة، وابن المنادي، والخطيب الإسكافي، وعبد القاهر الجرجاني، والزمخشري، وابن الزبير الغرناطي، وأبو السعود، والآلوسي، وابن عاشور، وغيرهم. ولشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم كلام حسن في التفسير البياني لكنه متفرق في كتبهما. 10. ومنهم من عُني ببديع القرآن، وما اشتمل عليه من المحسنات المعنوية واللفظية، وقد كتب فيه جماعة من العلماء كتابات كثيرة متفرقة في كتبهم، وكان من أكثر العلماء عناية بهذا العلم أبو محمد عبد العظيم بن عبد الواحد ابن أبي الإصبع المصري(ت:654هـ) ، وله كتابان جليلان في هذا العلم هما : "تحرير التحبير" و"بديع القرآن" وقد اشتغل في أكثر عمره بهذا العلم في شبابه ومشيبه، وذاكر فيه العلماء والبلغاء ومن عرف من الأذكياء حتى جمع أكثر من مائة نوع من أنواع بديع القرآن وشرحها ومثّل لها. فكان كتاباه من المراجع المهمّة للعلماء في بديع القرآن. وتأمّل هذه الأنواع وكثرة المؤلفات فيها يدلّ على عظيم عناية علماء هذه الأمة بالتفسير اللغوي. |
نشأة تدوين التفسير كانت بداية تدوين التفسير محضاً - فيما أعلم - ما أُثر عن بعض أصحاب ابن عبّاس رضي الله عنهما من كتابتهم التفسير عنه. وممن ذكر أنه كان يكتب التفسير من أصحاب ابن عباس: سعيد بن جبير (ت:95هـ)، وأبو مالك غزوان الغفاري(ت:95هـ)، ومجاهد بن جبر(ت:102هـ)، وأربدة التميمي(ت:102هـ)، وأبو صالح مولى أمّ هانئ (ت:115هـ) وغيرهم. وكان ابن عباس رضي الله عنه يأذن لخاصة أصحابه بالكتابة كما تقدّم. - قال جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ قال: (كنت أجلس عند ابن عباسٍ فأكتب في الصحيفة حتى تمتلئ..). رواه الدارمي. - وقال عثمان بن حكيمٍ: سمعت سعيد بن جبيرٍ يقول: (كنت أسير مع ابن عباسٍ في طريق مكة ليلاً، فكان يحدثني بالحديث فأكتبه في واسطة الرحل حتى أصبح فأكتبه). رواه الدارمي. - وقال ابن أبي مليكة: (رأيت مجاهدًا يسأل ابن عباسٍ عن تفسير القرآن ومعه ألواحه فيقول له ابن عباسٍ: اكتب، قال: حتى سأله عن التفسير كله).رواه ابن جرير. - وكان لأربدة التميمي صحيفة في التفسير عن ابن عباس، رواها عنه أبو إسحاق السبيعي والمنهال بن عمرو، وقد أخرج منها سفيان الثوري وعبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم في تفاسيرهم روايات مفرّقة على السور. ومن أصحاب ابن عباس أبو الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي (ت:82هـ) روى عنه عمرو بن مالك النكري صحيفة في التفسير أكثرها عن ابن عباس، وفيها بعض أقوال أبي الجوزاء، وقد أخرج منها أصحاب التفاسير المسندة. وروى الإمام أحمد في العلل عن عمرو بن مالك النكري أنه قال: سمعت أبا الجوزاء يقول: (جاورت ابن عباس ثنتي عشرة سنة، وما من القرآن آية إلا وقد سألته عنها). لكني لم أقف على خبر ثبت بأن أبا الجوزاء كتب صحيفة في التفسير عن ابن عباس. والخلاصة أن أصحاب ابن عباس منهم من رويت عنهم صحفهم كأربدة وأبي مالك وأبي صالح، وقد تداولها الرواة حتى أخرج منها أصحاب التفاسير المسندة كابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر وغيرهم بعض مروياتها. ومنهم من لم نقف على أنهم رووا عن ابن عباس عين ما كتبوه كما هو حال مجاهد وسعيد بن جبير؛ والأظهر أنهم إنما كتبوا لأنفسهم ثم أضافوا إلى ما كتبوه عن ابن عباس ما استفادوه من غيره، ثمّ كتبوا تفاسير أو أملوها بعدما تصدّروا في التفسير. - فأما سعيد بن جبير؛ فقد روي أنّ الخليفة عبد الملك بن مروان سأل سعيد بن جبير أن يكتب له التفسير؛ فكتبه، وتفسيره هذا رواه عنه عطاء بن دينار (ت:126 هـ) وجادة، ولم يسمعه من سعيد بن جبير، وقد أخرج منه أصحاب التفاسير المسندة مرويات كثيرة، وأكثر ما فيه من أقوال سعيد من جبير لا مما يرويه عن ابن عباس. - وأما مجاهد بن جبر فكان أصحابه يكتبون التفسير في مجالسه، وكتاباتهم متعددة، فيقع في كتاباتهم من الاختلاف في الفهم والضبط وزيادة بعضهم على بعض ما يقتضيه الحال. - قال عبيدٍ المكتب: «رأيتهم يكتبون التفسير عند مجاهد». رواه الدارمي. وقد روي أنّ مجاهداً أملى كتاباً في التفسير على تلميذه القاسم بن أبي بزة، ثم إن القاسم أطلع عليه جماعة من أصحابه منهم الحكم بن عتيبة وابن أبي نجيح وليث بن أبي سلمين؛ فاشتهرت رواياتهم لهذا الكتاب عن مجاهد. - قال يحيى بن معين عن سفيان بن عيينة قال: (تفسير مجاهد لم يسمعه منه إنسان إلا القاسم بن أبى بزة). - وقال علي بن المديني: قال سفيان: (لم يسمعه أحد من مجاهد إلا القاسم بن أبي بزة أملاه عليه، وأخذ كتابَه الحكم وليث وابن أبي نجيح). رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ. - وقال أبو حاتم الرازي: (ابن أبي نجيح وابن جريج نظرا في كتاب القاسم بن أبي بزة عن مجاهد في التفسير فرويا عن مجاهد من غير سماع). وهذا الكتاب في حقيقته من تفسير مجاهد مما ألقاه إليهم بعد ما تصدّر في التفسير، وهو غير حاصر لما رُوي عن مجاهد في التفسير؛ فقد روى عنه جماعة من أصحابه مسائل سألوها إياه في التفسير، ورووا بعض ما كتبوه عنه، فقول سفيان إنه لم يسمع التفسير أحد من مجاهد إلا القاسم منصرف إلى تلك النسخة المشتهرة التي سمعها القاسم منه تامة، ولا يقتضي نفي غيرها من الكتابات غير التامة، وروايات المسائل عن مجاهد. وأكثر علم مجاهد في التفسير من قِبَل ابن عباس رضي الله عنهما، لكنه أخذ من غيره؛ فأخذ عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر، وعبيد بن عمير الليثي، وأخذ عن بعض من قرأ كتب أهل الكتاب ومنهم: تبيع بن عامر الحميري وكان رفيقه في الغزو وبينهما مودة، وأخذ عن مغيث بن سُمي الأوزاعي، ويوسف بن الزبير المكي مولى آل الزبير وكان يهوديا فأسلم، وكان ممن قرأ كتب أهل الكتاب. ولذلك دخل على مجاهد بعض الإسرائيليات وإن كان غير مكثر منها. وقد قال أبو بكر بن عياش: قلت للأعمش: ما لهم يتّقون تفسير مجاهد؟! قال: (كانوا يرون أنه يسأل أهل الكتاب). رواه ابن سعد. - وأما أبو صالح باذام أو باذان مولى أمّ هانئ بنت أبي طالب ؛ فقد كان معلّم كُتّاب بمكّة، ثم انتقل إلى الكوفة، وكان قد سمع من ابن عباس رضي الله عنهما، وروى عنه، وله كتاب في التفسير، فيه ما هو من أقواله، وفيه ما هو من مروياته عن ابن عباس رضي الله عنهما. وقد روى تفسيره السدي وإسماعيل بن أبي خالد وسماك بن حرب، وقد أخرج منه أصحاب التفاسير المسندة جملة من المرويات. وقد ادّعى الكلبي الرواية عنه، وكان يضع عليه. وقال أبو جناب الكلبي: (حلف أبو صالح أني لم أقرأ على الكلبي من التفسير شيئا). فهذا ما وقفته عليه من ذكر من دوَّن التفسير ورواه من أصحاب ابن عباس رضي الله عنهما، وقد دوَّن التفسير جماعة من التابعين وتابعيهم، وكان الغالب على تلك التفاسير اختصار العبارة، وتفسير بعض الآيات ببيان الغريب، وإيضاح المعنى، وذكر أسباب النزول وبعض ما يتعلق ببعض الآيات من علوم القرآن، وبعض تلك الكتب والصحف غير مرتبة على السور، لأن أكثرها كان تدوينا لمسائل التفسير التي يسألها بعض التلاميذ أو يمليها بعض الشيوخ. وفي زمانهم كان الضحاك بن مزاحم الهلالي من أهل العلم بالتفسير في خراسان، ولا تُعرف له رواية عن أحد من الصحابة، ولذلك عدّه ابن حبان من تابعي التابعين مع تقدّم سنّه، وعدّه الذهبي في الطبقة الثانية من التابعين. وروايته عن ابن عباس منقطعة، لقي سعيد بن جبير بالري فأخذ عنه، وأخذ عن عبد الملك بن ميسرة عن ابن عباس، وغيرهما، وهو يرسل كثيراً عن ابن عباس وعن غيره من الصحابة، ولذلك فروايته عن الصحابة منقطعة، وإنما عُرف بالتفسير، وهو ثقة مأمون. وقد رَوى عنه في التفسير جماعة من أصحابه، ودُوّنت عنه نسخ منها نسخة عبيد بن سليمان الباهلي، ونسخة جويبر بن سعيد الأزدي، ونسخة نصر بن مشارس الخراساني. قال ابن عديّ: (روى التفسير عنه عبيد بن سلمان وجويبر بن سعيد وأبو مصلح نصر بن مشارس، ومن غير كتابٍ مؤلَّف: سلمة بن نبيط، وعلي بن الحكم البنانيّ). وأوّل من علمته جمع التفسير من صحف متعددة وألّف بينها وأخرجها في كتاب هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدّي (ت:127هـ) وهو تابعي كوفيّ، كان يقصّ بسدّة باب الجامع في الكوفة فلقّب بالسدّي، وقد اختلف فيه الأئمة النقاد فضعفه يحيى بن معين، ووثقه الإمام أحمد، وأخرج له مسلم في صحيحه. وكانت أكثر عنايته بالتفسير، وله تفسير كبير جمعه من طرق أدخل بعضها في بعض، ثم ساقها مساقاً واحداً: - من طريق أبي مالك الغفاري عن ابن عباس. - ومن طريق أبي صالح مولى أمّ هانئ عن ابن عباس. - ومن طريق مرة بن شراحيل الهمداني عن ابن مسعود. - ومما رواه هو عن ناس من الصحابة لم يسمّهم، ولا ندرى هل روايته عنهم متصلة أو مرسلة. وهذا التفسير رواه عنه أسباط بن نصر الهمداني، وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم في تفاسيرهما مرويات كثيرة من تفسير السدي مفرقة على السور؛ فاضطرهم التفريق إلى تكرار الأسانيد في كلّ موضع. وكان للسدي كتاب آخر في التفسير يرويه عن أبي صالح مولى أمّ هانئ؛ ففي التفاسير المسندة مرويات كثيرة من طريق السدي عن أبي صالح خاصة، وقد كان لأبي صالح صحيفة في التفسير، فلعله رواها عنه أو استملى منه بعض ما فيها. وفي زمانه محمد بن أبي محمّد الحِرَشي مولى زيد بن ثابت (ت: 120 هـ تقريباً ) وهو مجهول الحال، وله صحيفة في التفسير جمعها من تفسير سعيد بن جبير وعكرمة ولم يميّز بينهما في أكثر المواضع، وهي نسخة كبيرة، رواها عنه ابن إسحاق، وأخرج منها ابن جرير وابن أبي حاتم نحو مائة وثلاثين رواية، لكنّهم لمّا فرقوها على الآيات لم يجدوا بداً من تكرار الإسناد؛ فكانوا يروون تلك المسائل على الشكّ بين سعيد بن جبير وعكرمة. ومن أصحاب التفسير من التابعين عطية بن سعد العوفي (ت:111هـ) ، وهو تابعي كوفيّ، حدّث بأحاديث صالحة عن أبي سعيد الخدري وعن غيره، ثم دلّس بعدها عن بعض الضعفاء؛ فاختلط صحيح حديثه بضعيفه؛ فمن أهل العلم من ترك حديثه، ومنهم من رأى أن يكتب حديثه ليميّز صحيحه من ضعيفه، وهو في نفسه لم يكن متّهماً بالكذب، لكنه كان يروي عن الضعفاء ولا يبيّن حالهم، وربّما كنّاهم بما لا يُعرفون به. وله مرويات وأقوال كثيرة في كتب التفسير، وأكثر ما يُروى عنه بالسلسلة المشهورة بالضعف في كتب التفسير، وهي التي يرويها عنه أبناؤه. - قال ابن جرير الطبري: (حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي الحسين بن الحسن، عن أبيه، عن جده [عطية بن سعد العوفي] عن ابن عباس ... ) وروى بهذا الإسناد أكثر من ألف وثلاثمائة رواية. - وقال ابن أبي حاتم: (أخبرنا محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفي فيما كتب إلي حدثني أبي ثنا عمي عن أبيه عن جده عن عبد الله بن عباس ... ) وروى ابن أبي حاتم فيما طبع من تفسيره نحو ثلاثمائة رواية بهذا الإسناد الضعيف. وتفسير العوفي كتاب، لكن لم أقف على خبر ثبت بأنّ أوّل من دوّنه هو عطية العوفي، وهو لا يُعتمد في نسبة الأقوال إلى ابن عباس، لكن فيه أقوال صالحة للاعتبار. وممن دوَّن التفسير من التابعين: عزرة بن عبد الرحمن بن زرارة الخزاعي (ت: 105هـ) وهو تابعي كوفي، روى عن أبي الشعثاء جابر بن زيد، وعامر الشعبي، وله مرويات في كتب التفسير المسندة أكثرها عن سعيد بن جبير والحسن بن عبد الله العرني، يروي عنه قتادة، وكان صاحب كتاب. - قال وقاء بن إياس: (رأيت عزرة يختلف إلى سعيد بن جبير معه التفسير في كتاب، ومعه الدواة يغيّر). رواه البخاري في التاريخ الأوسط، ابن سعد، وابن أبي خيثمة. ولعمرو بن مالك النكري (ت:129 هـ) جزء صغير في التفسير يرويه عن أبي الجوزاء عن ابن عباس، وقد اختلف فيه فوثّقه ابن حبان، وضعّفه ابن عدي. ويروي عنه ابنه يحيى وهو ضعيف، وما رواه عنه غير ابنه من الثقات فقد صححه بعض أهل العلم. فهذه اثنا عشر تفسيراً لجماعة من التابعين أكثرهم من أصحاب ابن عباس كانت هي أصل نشأة تدوين التفسير فيما نعلم. أنواع العناية بتدوين التفسير ثم اشتهر تدوين التفسير، وكثرت الصحف والكتب، وكثر رواتها، وكانت العناية بالتفاسير على أنواع: النوع الأول: أن يكتب المفسّر كتاباً في التفسير أو يمليه على أصحابه بعد التصدّر، ومن ذلك: تفسير سعيد بن جبير، وتفسير مجاهد بن جبير، وتفسير الضحاك بن مزاحم. وقد يكون في بعض تلك التفاسير ما يروونه عن غيرهم لكن أكثر الاعتماد على ما يفهمه المفسر ويرجحه ويختاره. والنوع الثاني: أن يعمد صاحب التفسير إلى صحف مشتهرة في التفسير فيؤلّف بينها ويجمعها في كتاب؛ كما فعل محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، والسديّ، ثم مقاتل بن حيان جمع تفسيراً قيّما مما تحصَّل له من تفسير مجاهد والحسن والضحاك وغيرهم، ولتفسيره روايات أشهرها رواية بكير بن معروف الدامغاني. ثم جماعة بعدهم، وقد يدخل بعضهم في كتابه شيئا من أقواله لكن أكثر عنايته بالجمع والتأليف. والنوع الثالث: أن يروي كتاباً بعينه لإمام من أئمة المفسرين؛ ويقتصر عمله في الغالب على الضبط والرواية، وهذا كما فعل أربدة التميمي وأبو مالك غزوان الغفاري، ثمّ الحكم بن عتيبة وابن أبي نجيح في روايتهما لتفسير مجاهد. وكذلك أصحاب الضحاك الذين رووا عنه تفسيره: جويبر الأزدي، وأبو روق الهمداني، وأبو مصلح الخراساني، وعبيد بن سليمان الباهلي. تدوين التفسير في القرن الثاني الهجري وقد اشتهرت بعدهم تفاسير كثيرة مبنية على هذه الأنواع لجماعة من التابعين وتابعيهم سوى ما تقدم، فمنهم: 1: الحكم بن عتيبة الكندي (ت: 115هـ) تابعي كوفي، من كبار أصحاب إبراهيم النخعي، وهو أحد رواة تفسير مجاهد، وروى مسائل في التفسير عن سعيد بن جبير، وله أقوال تروى عنه في كتب التفسير المسندة. 2: عبد الله بن أبي نجيح المكي (ت: 131هـ) مولى آل الأخنس بن شريق الثقفي، له كتاب في التفسير يرويه عن مجاهد، وقد ذكر ابن حبان أنّ أصله كتاب القاسم بن أبي بزة عن مجاهد، وهذا لا مطعن فيه؛ فكلاهما موثقان، وكلاهما من أصحاب مجاهد. 3: أبو رجاء محمد بن سيف الحداني الأزدي (ت: 135هـ)له تفسير يرويه عنه ابن علية ويزيد بن زريع وغيرهما، أكثره عن الحسن البصري، وفيه مسائل عن عكرمة. 4: عطاء بن أبي مسلم الخراساني (ت: 135 هـ) وهو صدوق عابد مجاهد، صاحب مواعظ حسنة، لكن تكلّم فيه من جهة سوء حفظه، وضعف ضبطه، وله أقوال حسنة في التفسير، وقد كتب عنه يونس بن يزيد الأيلي جزءاً صغيراً في التفسير، وهو مطبوع، وكتب عنه ابن جريج جزءاً في التفسير، وكذلك كتب عنه ابنه عثمان بن عطاء وهو ضعيف. 5: زيد بن أسلم العدوي (ت:136هـ) الإمام الفقيه المفسّر، قال يعقوب بن شيبة: (زيد بن أسلم ثقة من أهل الفقه والعلم، وكان عالما بتفسير القرآن، له كتاب فيه تفسير القرآن). رواه ابن عساكر. وله كتاب في الناسخ والمنسوخ رواه عنه القاسم بن عبد الله العمري، وقد أخرجه ابن وهب في جامعه. 6: الربيع بن أنس بن زياد البكري (ت: 137هـ) وهو تابعي من أهل البصرة، رأى أنس بن مالك رض الله عنه، ولازم الحسن البصري عشر سنوات، وأخذ التفسير عن أبي العالية الرياحي، وله عنه نسخة في التفسير رواها عنه أبو جعفر الرازي، أكثرها مما يرويه عن أبي العالية، وفيها أقوال له في التفسير. 7: أبان بن تغلب الربعي (ت:141 هـ) وهو كوفي ثقة من كبار القراء في زمانه، وذكر ابن النديم أنّ له كتاباً في معاني القرآن، وقد انتحلته الشيعة، ووضعوا عليه كتابا في التفسير وروايات معلومة البطلان على طريقة الإمامية. 8: علي بن أبي طلحة الوالبي الهاشمي (ت: 143هـ) مولى بني هاشم، أصله من الجزيرة بالعراق، ثم انتقل إلى حمص، وله صحيفة مشهورة كتب فيها ما بلغه من تفسير ابن عباس، وهو لم يلقه باتفاق، ولم ينصّ على الواسطة بينه وبين ابن عباس، وبعض ما في صحيفته مما يُجزم أنه ليس لابن عباس، وهي نسخة جيدة في مجملها، إلا أن في بعضها ما يستنكر؛ فلذلك لا يُحكم بصحة مروياتها بإطلاق، ولا تردّ بإطلاق، بل تعتبر في التفسير. 9: أبو القاسم جويبر بن سعيد الأزدي البلخي (ت: 145هـ تقريباً) اسمه جابر، وجويبر لقب، روى عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وأكثر روايته عن الضحاك بن مزاحم الهلالي، وله عنه نسخة في التفسير، وهو ضعيف الحديث، لكن روايته للتفسير معتبرة. 10: أبو روق عطية بن الحارث الهمداني (ت: 145هـ تقريباً) تابعي كوفي ثقة، روى عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وعن عامر الشعبي والضحاك، وله عن الضحاك نسخة كبيرة في التفسير رواها عنه بشر بن عمارة الخثعمي. 11: أبو مصلح نصر بن مشارس الخراساني (ت: 145هـ تقريبا) صاحب الضحاك، له عنه كتاب في التفسير، يرويه عنه عمر بن هارون، وأبو معاذ خالد بن سليمان الحداني. 12: عبيد بن سليمان الباهلي، أبو الحارث، أصله من الكوفة، ثم سكن مرو، له كتاب مشهور في التفسير يرويه عن الضحاك، لم أقف على تاريخ وفاته. 13: ومقاتل بن حيان النبطي (ت: قبل 150هـ) له تفسير قيّم جمعه مما تحصّل له من تفسير مجاهد والحسن والضحاك وغيرهم. 14: وعبد الملك بن عبد العزيز ابن جريج المكي (ت:151هـ) وهو أوّل من صنّف التصانيف بمكة، ومروياته في كتب التفسير المسندة كثيرة جداً، وقد طبع تفسيره حديثاً برواية الحسن بن الصباح الزعفراني عن حجاج بن محمد المصيصي عنه. 15: وعباد بن منصور الناجي (ت: 152هـ) قاضي البصرة في زمانه، وله نسخة في التفسير يرويها عن الحسن البصري. 16: ويونس بن يزيد بن أبي النجاد الأيلي (ت:152هـ) وله جزء في التفسير عن عطاء الخراساني، وهو مطبوع. 17: أبو عروة معمر بن راشد الأزدي (ت: 153هـ) وهو من رواة تفسير قتادة، وتفسير الكلبي، ومروياته في كتب التفسير المسندة كثيرة جداً، وأكثر ما في تفسير عبد الرزاق من طريق معمر. 18: عيسى بن ميمون المكي (ت: 155هـ تقريبا) المعروف بابن داية، وهو أحد رواة التفسير عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، وقد روى عنه تفسيره أبو عاصم الضحاك بن مخلد. 19: سعيد بن أبي عروبة البصري (156هـ) وهو أشهر رواة تفسير قتادة. 20: الحسين بن واقد المروزي (ت: 159هـ) قاضي مرو ومفتي أهلها في زمانه، وله نسخة في التفسير عن يزيد النحوي عن عكرمة. 21: شبل بن عباد المكي (ت: 160هـ تقريباً ) وله تفسير يرويه عن ابن أبي نجيح عن مجاهد. 23: أبو جعفر عيسى بن ماهان الرازي التميمي(ت: نحو 160هـ ) وله نسخة مشهورة في التفسير يرويها عن الربيع بن أنس البكري وأكثرها من تفسير أبي العالية الرياحي. 24: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري (ت: 161هـ) الإمام المعروف، وله تفسير مشهور، يرويه عنه أبو حذيفة النهدي، وقد طبع بعضه. 25: أبو معاذ بكير بن معروف الدامغاني (ت: 163هـ) قاضي نيسابور، له كتاب في التفسير عن مقاتل بن حيان. 26: شيبان بن عبد الرحمن النحوي (ت: 164هـ) وله كتاب تفسير مشهور يرويه عن قتادة. 27: نافع بن عبد الرحمن أبي نعيم المدني (ت: 169هـ) قارئ أهل المدينة، له جزء صغير في التفسير رواه عنه ابن وهب فيه نحو عشر مسائل مما سأل عنها شيوخه ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، ومسلم بن جندب، وعبد الله بن يزيد بن هرمز، وأدخل فيه ابن وهب مسائل عن الليث بن سعد ومالك بن أنس وغيرهما، وعامّة هذه المسائل في كتاب تفسير القرآن من جامع ابن وهب. 28: أبو بشر ورقاء بن عمر بن كليب اليشكري (ت: نحو 170هـ) له كتاب مشهور في التفسير يرويه عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، ولم يسمعه كلّه من ابن أبي نجيح، بعضه قراءة وبعضه عرض. 29: أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي المدني ( 170هـ) راوي التفسير عن محمد بن كعب القرظي، وله كتاب في المغازي، وهو مضعّف في الحديث، لكنه حاله في التفسير أحسن، قال أحمد بن حنبل: (يُكتب من حديث أبي معشر أحاديثه عن محمد بن كعب في التفسير). 30: أسباط بن نصر الهمداني الكوفي (ت: 170هـ تقريباً) صاحب السدّي وراويته، وله كتاب مشهور في التفسير يرويه عن السدي. 31: مسلم بن خالد الزنجي (ت: 179هـ) فقيه أهل مكة وقارئهم، وهو شيخ الشافعي وابن وهب، ضعّفه البخاري وأبو داود، وقال يحيى بن معين: لا بأس به، وله تفسير مطبوع من رواية أبي جعفر الرملي عن أحمد بن محمد القواس عنه، وفيه نحو مائة وستين أثراً، وهو غير مرتب على السور، وعامّته يرويه عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، وفيه أثران عن عطاء، وأثر عن طاووس كلها من طريق ابن أبي نجيح. 32: مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي (ت: 179هـ) الإمام المعروف، له الموطأ، ورسائل أخرى قصيرة. قال الذهبي: (له جزء في التفسير يرويه خالد بن عبدالرحمن المخزومي، يرويه القاضي عياض عن أبي جعفر أحمد ابن سعيد، عن أبي عبدالله محمَّد بن الحسن المقرئ، عن محمَّد بن علي المصيصي، عن أبيه بإسناده). 33: عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت:181هـ) الإمام المعروف، وقد ذكر في مؤلفاته: كتاب في التفسير، ولم يطبع. - قال عبد الرزاق: (كان عبد الله بن المبارك يقرأ عليه - يعني على معمر – التفسير، ويقرأ معمر عليه). رواه الإمام أحمد في العلل. 34: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي (ت: 182هـ) المفسّر المعروف، كان عالماً بالتفسير والمغازي والأخبار، لكنه ضعيف الحديث. قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: (كان عبد الرحمن صاحب قرآن وتفسير، جمع تفسيرا في مجلد، وكتاباً في الناسخ والمنسوخ). 35: أبو معاوية يزيد بن زريع بن يزيد العيشي (ت: 182هـ) إمام حافظ ثقة، يروي تفسير قتادة من طريق سعيد بن أبي عروبة، وقد أكثر ابن جرير من الرواية من طريقه جداً. 36: أبو معاوية هشيم بن بشير بن القاسم الواسطي (ت: 183هـ) من الأئمة الحفاظ، وله كتب مصنفة، منها كتاب في التفسير يرويه عنه أبو هاشم زياد بن أيوب، ذكره أبو القاسم ابن منده في المستخرج والمستطرف. 37: سرور بن المغيرة بن زاذان الواسطي، ابن أخي منصور بن زاذان، له تفسير يرويه عن عباد بن منصور عن الحسن، لم أقف على تاريخ وفاته. 38: يحيى بن اليمان العجلي (ت: 188هـ) له جزء صغير مطبوع في التفسير رواه عنه يزيد بن موهب، وفيه نحو ثلاثين أثراً كلها من تفسير سعيد بن جبير رواها من طرق عنه. 39: رشدين بن سعد بن مفلح المصري (ت:188هـ) رجل صالح في ديانته، مضعّف في روايته، قال عنه الإمام أحمد: لا بأس به في أحاديث الرقاق، وقال النسائي: متروك الحديث. وله نسخة في التفسير يرويها يونس بن يزيد الأيلي عن عطاء الخراساني. 40: علي بن حمزة الكسائي (ت: 189هـ) أحد القراء السبعة، له كتاب في معاني القرآن، مفقود، ورويت عنه مسائل في القراءة والعربية في كتب التفسير المسندة. 41: إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي المعروف بابن عُليَّة (ت 193هـ) أحد أوعية العلم، نسب إلى أمّه، نُسب إليه كتاب في التفسير، وله مرويات كثيرة جدا في كتب التفسير المسندة، وله نسخة مشهورة رواها عن أبي رجاء محمد بن سيف عن الحسن. 42: وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي (ت: 197هـ) الإمام الحافظ، له مرويات في كتب التفسير المسندة، وله كتاب في التفسير، رواه عنه محمد بن إسماعيل الحساني، ذكره أبو القاسم ابن منده في المستخرج والمستطرف. وقال إبراهيم الحربي: لما قرأ وكيع التفسير، قال للناس: (خذوه، فليس فيه عن الكلبي ولا ورقاء شيء). رواه الخطيب البغدادي. 43: عبد الله بن وهب بن مسلم المصري (ت: 197هـ) الإمام الحافظ، له كتاب في التفسير ضمن جامعه، وهو مطبوع. 44: سفيان بن عيينة الهلالي المكي (ت: 198هـ) الإمام المعروف، له كتاب في التفسير يرويه أبو عبيد الله المخزومي، وكان معروفاً متداولاً لدى أهل العلم ومنهم من يروي بعض ما فيه بالإسناد كأبي القاسم الأصبهاني وغيره، ويعزو إليه ابن حجر والسيوطي وغيرهما، لكنه لم يطبع فيما أعلم. 45: يحيى بن سلام البصري(ت:200هـ) أصله من البصرة ثمّ هاجر إلى إفريقية، وله كتاب في التفسير طبع بعضه، وقد جمع فيه بين التفسير اللغوي وما بلغه من تفاسير الصحابة والتابعين، واختصره هود بن محكّم الهواري، وابن أبي زمنين؛ فما اتفقا عليه فالظن أنه هو عبارة يحيى بن سلام. وفي أواخر القرن الثاني برز الإمام الجليل محمد بن إدريس الشافعي (ت:204هـ) وهو وإن لم يفرد كتاباً في التفسير؛ إلا أنّ له أثراً كبيراً على العلماء في تناول مسائل التفسير؛ فأحيا علم الحِجَاج، وقعّد قواعد الاستدلال، وبيّن ما يمكن أن يسمّى بأدوات المفسّر، وأودع في كتبه - ولا سيما ما في الرسالة- من ذلك ما لو جُمع وأفرد وبيّن بأمثلته لكان من أنفع ما يدرسه طالب علم التفسير، وقد جمع له البيهقي كتاباً في أحكام القرآن، جمع فيه ما رواه عن الشافعي من مسائل متصلة بأحكام القرآن. تفاسير الضعفاء في القرن الثاني الهجري: وكان لبعض الضعفاء والمتّهمين في ذلك القرن كتب في التفسير، ومنهم: 1: محمد بن السائب الكلبي (ت:146هـ) وهو أخباري نسّابة، وكان من القصاص المشهورين في الكوفة، وله كتب في التفسير، وهو مضعّف في الحديث، بل مُتّهم بالكذب، وله أقوال حسنة في التفسير، وقد ترك أكثر أهل العلم تفسيره فاندثر، إلا مسائل انتقاها بعض أهل العلم، وإلا نسخة كبيرة يرويها عنه السدي الصغير وهو تالف، وقد أخرج له الثعلبي في تفسيره أقوالاً كثيرة من طرق واهية لا تصحّ عنه. 2: أبو حمزة ثابت بن أبي صفية الثمالي(ت:148هـ) روى عن أنس بن مالك، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وعامر الشعبي، وأبي إسحاق السبيعي، وغيرهم، وهو شيعيّ غالٍ، متروك الحديث لسوء مذهبه، وسوء ضبطه، له مرويات في تفسير ابن جرير وابن أبي حاتم، وتفسيره من مصادر الثعلبي في الكشف والبيان. 3: مقاتل بن سليمان البلخي (ت: 150هـ) وكان صاحب كتب وله اطلاع واسع على التفسير في زمانه، وله عناية بعلوم القرآن، وكتب فيها كتباً، وقد ذكر في مقدمة تفسيره أنّه استخلصه من تفاسير ثلاثين رجلاً منهم اثنا عشر رجلاً من التابعين، ولم يسمّهم. ومقاتل متروك الحديث، واتّهمه بعض المحدّثين بالكذب، وأعرض عنه كبار أصحاب التفاسير المسندة كعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وغيرهم فلم ينقلوا عنه، وإنما اشتهرت بعض أقواله في التفاسير المتأخرة بسبب نقل بعض متأخري المفسرين عنه كالثعلبي والماوردي والواحدي؛ فكثر إيراد أقواله في التفاسير من غير إسناد. وله تفسير مطبوع من رواية الهذيل بن حبيب الدنداني. 4: أبو الجارود زياد بن المنذر الهمداني (ت: بعد 150 هـ) ، وكان له أتباع يسمّون الجارودية نسبة إليه، وهم من فرق الزيدية، وهو متروك الحديث متّهم بالكذب والرفض، وله كتاب في التفسير، نقل منه ابن جرير وابن أبي حاتم شيئاً يسيراً. 5: محمد بن مروان بن عبد الله المعروف بالسدّي الصغير (ت: 185هـ تقريبا) راوي تفسير الكلبي، وهو متّهم بالكذب، وقد تجنّب الأئمة الرواية عنه، وإنما يروي عنه بعض المتأخرين كالثعلبي والواحدي. 6: أبو سعيد المسيّب بن شريك التميمي(ت:186هـ) وهو من أصحاب الأعمش، لكنه كان متروك الحديث لسوء حفظه وكثرة غلطه، وتحديثه بأحاديث منكرة عن الأعمش وغيره، ولم يكن ممن يتعمّد الكذب. له مرويات في تفسير ابن جرير وابن ابي حاتم، وذكر الثعلبي في مقدّمة تفسيره أنّ له كتاباً في التفسير رواه عنه بإسناده، وجعله من مصادره في التفسير. 7: موسى بن عبد الرحمن الثقفي الصنعاني (ت: نحو 190 هـ) - قال ابن عدي: (يعرف بأبي محمد المفسّر، منكر الحديث). - وقال ابن حبان: (شيخ دجال يضع الحديث، روى عنه عبد الغني بن سعيد الثقفي، وضع على ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس كتاباً في التفسير جمعه من كلام الكلبي ومقاتل بن سليمان وألزقه بابن جريج عن عطاء عن بن عباس). وقد تجنّب الأئمة الرواية عنه في كتب التفسير المسندة، وإنما روى عنه بعض المتأخرين كالثعلبي والواحدي. تدوين التفسير في القرن الثالث الهجري: وفي القرن الثالث اشتهرت كتب في التفسير لجماعة من العلماء منهم: 1: أبو بكر عبد الكبير بن عبد المجيد الحنفي (ت:204هـ) وهو بصريّ، من شيوخ الإمام أحمد وإسحاق ابن راهويه، له نسخة في التفسير يرويها عن عباد بن منصور عن الحسن البصري. 2: روح بن عبادة بن العلاء القيسي (ت:205هـ) من كبار المحدثين وحفاظهم، وكان مكثراً من كتابة الحديث، وله كتاب في التفسير. 3: أبو زكريا يحيى بن زياد الفرَّاء (ت:207 هـ) وله كتاب معاني القرآن، وهو مطبوع، أملاه من حفظه، واعتنى به العلماء عناية بالغة؛ فهو من أهم مصادر البخاري في التفسير اللغوي في صحيحه، ومن المصادر المهمة لابن جرير الطبري في تفسيره. 4: أبو عبيدة معمر بن المثني (ت:209 هـ) وهو أسنّ من الفراء لكن مات بعده، وله كتابه مجاز القرآن مطبوع، وهو في معاني القرآن. 5: محمد بن المستنير البصري المعروف بقطرب(ت: بعد 211 هـ) له كتاب "معاني القرآن"، وقد طبع بعضه حديثاً. 6: عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميريّ الصنعاني (ت: 211هـ) له كتاب كبير في التفسير، مشهور مطبوع. 7: محمد بن يوسف بن واقد الفريابي (ت:212هـ) الإمام المحدّث العابد الورع، من شيوخ أحمد والبخاري، وأثنيا عليه، له كتاب في التفسير مفقود. 8: أبو عامر قبيصة بن عقبة السوائي(ت:215هـ) المحدّث الثقة، والعابد الزاهد، من شيوخ أحمد والبخاري ومسلم، له تفسير أكثره عن سفيان الثوري، وقد أخرج منه ابن جرير جملة من المرويات، وهو من مصادر الثعلبي في تفسيره. 9: الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة (ت: 215 هـ) له كتاب في "معاني القرآن" مطبوع. 10: آدم بن أبي إياس العسقلاني (ت:220هـ) وقد طبع تفسيره باسم تفسير مجاهد بن جبر باعتبار أنّ أكثر مروياته عن مجاهد، وفيه مرويات عن غيره كالحسن البصري والزهري. وهو من رواية عبد الرحمن بن الحسن الهمذاني (ت:356 هـ) - وهو مضعَّف- عن الحافظ إبراهيم بن الحسين ابن ديزيل (ت: 281 هـ) وجادة. 11: أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي (ت:224 هـ) له كتاب في "معاني القرآن" مفقود. 12: سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني (ت: 227هـ) له كتاب السنن، وفيه كتاب في التفسير، وهو مطبوع. 13: عبد الغني بن سعيد الثقفي (ت: 227هـ) من أهل مصر، ضعّفه ابن يونس، وذكره ابن حبان في الثقات، وله تفسير يرويه عن موسى بن عبد الرحمن الصنعاني عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، وموسى متّهم بالكذب، وذكر ابن حبان أنّ تفسيره موضوع. وتفسير عبد الغني بن سعيد الثقفي من مصادر الثعلبي في تفسيره. 14: محمد بن حاتم بن ميمون المروزي (ت:235هـ) من أهل بغداد، يُعرف بالسمين، يروي عن عبد الله بن إدريس ووكيع بن الجراح وسفيان بن عيينة وغيرهم. - قال ابن سعد: (استخرج كتابا في تفسير القرآن كتبه الناس ببغداد). 15: أبو بكر عبد الله بن محمد ابن أبي شيبة الكوفي (ت: 235هـ) وتفسيره مفقود، ولابن أبي شيبة كتب كثيرة طبع منها: المصنف، والمسند، والإيمان، والمغازي، والأدب. 16: إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي المعروف بابن راهويه (ت:238هـ) له كتاب في التفسير رواه عنه أبو يزيد محمد بن يحيى بن خالد، ذكره أبو القاسم بن منده في المستخرج والمستطرف. 17: أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (ت: 241هـ) ذكر أبو إسحاق الزجاج وابن القيم أنّ للإمام أحمد كتاباً في التفسير، ونقل منه ابن القيم في بدائع الفوائد مسائل مختصرة، فإن كان تفسيره على مثل ما نقل ابن القيم رحمه الله فهو جزء صغير في التفسير. لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمة التفسير: (وكذلك الإمام أحمد وغيره ممن صنف في التفسير يكرر الطرق عن مجاهد أكثر من غيره). وقد أنكر الذهبي أن يكون للإمام أحمد كتاب كبير في التفسير ولا يشتهر عنه، ولا يروى. 18: عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو الدمشقي المعروف بدحيم (ت:245هـ) له كتاب في التفسير ذكره الكتاني في ذيل تاريخ مولد العلماء ووفياتهم، وعنه ابن عساكر في تاريخه. 19: عبد الحميد بن حُميد بن نصر الكسّي (ت: 249هـ) له كتاب في التفسير، طبع بعضه. 20: محمد بن إسماعيل البخاري (ت: 256هـ) في جامعه الصحيح كتاب مفرد في تفسير القرآن، وله معلقات كثيرة في صحيحه في التفسير. 21: عبد الله بن سعيد بن حصين الأشج الكندي (ت: 257هـ) قال الذهبي: (له التفسير والتصانيف ). 22: الإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري (ت: 261هـ) له كتاب في التفسير ضمن صحيحه. 23: الحسين بن داوود المصيصي المعروف بسُنيد (ت: 266هـ) له كتاب مشهور في التفسير، لكنّه مفقود، وقد أخرج منه ابن جرير مرويات كثيرة. 24: محمد بن يزيد ابن مـاجـه القزويني (ت: 273هـ) صاحب السنن، وله كتاب في التفسير يعزو إليه أبو الحجاج المزي كثيراً في تهذيب الكمال. 25: عبد الله بن مسلم ابن قتيبة الدينوري (ت:276هـ) له كتب كثيرة، طبع منها نحو عشرين كتاباً، ومنها كتاب غريب القرآن، وكتاب تأويل مشكل القرآن. 26: بقيُّ بن مخلد بن يزيد الأندلسي القرطبي (ت: 276هـ) له كتاب في التفسير مفقود، بالغ ابن حزم في الثناء عليه حتى فضّله على تفسير ابن جرير، ونقل منه السهيلي في الروض الأنف. 27: يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي الفسوي (ت: 277هـ) صاحب كتاب "المعرفة والتاريخ" ، ذكر له كتاب في التفسير مفقود. 28: محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت: 279هـ) صاحب الجامع، وفيه أبواب في تفسير القرآن. 29: الحسين بن الفضل بن عمير البجلي (ت:282 هـ) له كتاب في التفسير مفقود، وهو من مصادر الثعلبي في تفسيره. 30: إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد الأزدي الجهضمي(ت:282هـ) القاضي المالكي، له كتب في علوم القرآن منها: كتاب أحكام القرآن وهو مطبوع، وكتاب في القراءات، وكتاب في معاني القرآن. 31: سهل بن عبد الله التستري (ت: 283هـ) يغلب عليه التصوف، وله كتاب "تفسير القرآن العظيم" ، مطبوع. 32: هود بن محكم الهواري (ت: 290ه تقريبا) له كتاب تفسير الكتاب العزيز، مطبوع، وهو مختصر لتفسير يحيى بن سلام البصري. 33: أحمد بن شعيب النسائي (ت: 303هـ) له كتاب السنن الكبرى، وفيه كتاب كبير في التفسير ، وقد طبع مفرداً. تدوين التفسير القرن الرابع الهجري وفي أواخر القرن الثالث الهجري وبدايات القرن الرابع الهجري ظهرت العناية بمحاولة جمع كتب التفسير المتقدمة وتصنيفها ودراسة الأقوال ونقدها، وكان ممن عُني بذلك: الحسين بن الفضل البجلي، ومحمد بن جرير الطبري، وأبو إسحاق الزجاج، وابن المنذر، وابن أبي حاتم الرازي وأبو جعفر الرازي. - فأما تفسير الحسين بن الفضل البجلي فمفقود، وهو من مصادر الثعلبي في تفسيره، ويظهر مما نقله منه أنّه كان تفسيراً محرراً لم يكن عمدته فيه على مجرّد النقل. - وأما تفسير ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم فكان عمدتها على جمع أقوال السلف في مسائل التفسير وتصنيفها ورواياتها بالأسانيد، وفضله عليها تفسير ابن جرير بالعناية بالقراءات وأقوال علماء اللغة والجمع والترجيح، وكثرة المرويات؛ فقد جمع في تفسيره مرويات كثيرة جداً من التفاسير المتقدمة، وحرر ونقد، واحتجّ ورجّح، وأجاد وأفاد. روى الخطيب البغدادي وابن عساكر في تاريخيهما عن القاضي أبي عمرو السمسار وأبي القاسم الوراق أن أبا جعفر الطبري قال لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا:كم يكون قدره؟ فقال: ثلاثون ألف ورقة فقالوا:هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة ومن نظر إلى الأصول التي جمع منها ابن جرير الطبري تفسيره وصنّفه وهذّبه علِم أنه كان محقّا حين قدّره بثلاثين ألف ورقة لأن بعض النسخ التفسيرية المشتهرة في زمانه عن بعض الأئمة لم يخرج منها إلا قليلاً. - وأما كتاب "معاني القرآن" للزجاج، فهو أكبر كتب المتقدمين في التفسير اللغوي وأجمعها، وقد جمع في كتابه كثيراً مما تفرق في كتب معاني القرآن التي تقدمته، ومما تحصّل له من دروس شيوخه كالمبّرد وثعلب والقاضي إسماعيل بن إسحاق المالكي وغيرهم، وما اطلع عليه من كتب أهل اللغة كالخليل بن أحمد وسيبويه والأصمعي وأبي عبيد وغيرهم؛ فدرس التفسير اللغوي من مصادر كثيرة متنوّعة، وهذّبه وحرره في كتابه هذا؛ فكان من أجود كتب التفسير اللغوي وأجمعها. - ثمّ سلك أبو جعفر النحاس مسلكه وتمّم عمله في كتابه "معاني القرآن". وقد ذُكر لغير هؤلاء تفاسير مفقودة يأتي ذكر بعضها في طبقات المفسرين إن شاء الله. |
طبقات المفسرين
من المعارف المهمّة لطالب علم التفسير معرفة طبقات المفسّرين على وجه الإجمال؛ ليكتسب تصوراً حسناً لأطوار علم التفسير وتنقّله في القرون حتى تأدَّى إلينا برجال حملوه دراية ورواية، حفظاً في صدورهم ثمّ كتابة في صحف وأجزاء، ثم جمع لتلك الصحف والأجزاء المتفرّفة في كتب كبيرة، ثم تحريرها وتصنيفها، ثم اختصارها وتلخيصها، ثم تنوّع التأليف في التفسير إلى أنواع كثيرة، وتعدد المسالك فيه. ففي العهد النبوي كان النبي صلى الله عليه وسلم هو إمام المسلمين في جميع العلوم، ومنها علم التفسير؛ فكان القرآن يتنزّل على النبيّ صلى الله عليه وسلم منجّما، وكان الله تعالى يبيّن لرسوله صلى الله عليه وسلم ما أنزل عليه، ويأمره ببيانه للناس؛ فكان النبيّ صلى الله عليه وسلم هو الإمام الأعظم للمفسّرين، وكان يفسّر القرآن لأصحابه ويعلّمهم معانيه وأحكامه وآدابه كما يعلّمهم حروفه وأداءه. ثمّ كان المفسّرون بعده صلى الله عليه وسلم على طبقات: الطبقة الأولى: طبقة المفسرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأوّلهم المعلّمون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم الذين كانوا يعلّمون القرآن ويقرئونه ويفقّهون الناس في الدين، ومنهم: عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأبيّ بن كعب، وعبادة بن الصامت، وأبو موسى الأشعري، رضي الله عنهم أجمعين. ثم في عهد الخلفاء الراشدين وبعده كان أئمة المفسّرين من كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرّائهم وعلمائهم، ومنهم: أبو بكر الصديق(ت:13هـ)، وعمر بن الخطاب(ت:23هـ)، وعثمان بن عفان(ت:35هـ)، وعلي بن أبي طالب(ت:40هـ)، ومعاذ بن جبل(18هـ)، وأبيّ بن كعب(ت:30هـ)، وعبد الله بن مسعود(ت:32هـ)، وأبو الدرداء(32هـ)، وعبادة بن الصامت(ت:34هـ)، وحذيفة بن اليمان(ت:35هـ)، وأبو موسى الأشعري(ت:44هـ)، وزيد بن ثابت(ت:45هـ)، وعائشة بنت أبي بكر(ت:57ه)، وعقبة بن عامر الجهني(ت:58هـ)، وأبو هريرة(ت:59هـ)، وعبد الله بن عمرو بن العاص(ت:65هـ)، وعبد الله بن السائب المخزومي(ت:65هـ)، وعبد الله بن عبّاس(ت:68هـ)، وعبد الله بن الزبير(ت:73هـ)، وعبد الله بن عمر(ت:74هـ)، وأبو سعيد الخدري(ت:74هـ)، وجابر بن عبد الله(ت:78هـ)، وأنس بن مالك(ت:92هـ)، وغيرهم. الطبقة الثانية: طبقة المفسرين ورواة التفسير من التابعين رحمهم الله وكان لهؤلاء الأئمة من الصحابة تابعون أخذوا عنهم العلم ونشروه، ومنهم من تصدّر في عهد الخلفاء الراشدين ومنهم بقي إلى القرن الثاني. وكانوا على صنفين: - صنف أهل فقه ونظر في العلوم يُفتون ويُعلّمون. - وصنف أهل حفظ وضبط يحفظون المسائل ويروونها. فنفع الله بالصنفين، وكانوا كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((مَثل مَا بَعَثَني اللَّهُ بهِ من الهدى والعِلمِ كمَثَلِ غَيْثٍ أصابَ أَرْضًا؛ فكانَتْ منها طائِفَةٌ طيّبَةٌ قَبِلَت المَاءَ؛ فأَنْبَتَت الكَلَأَ والعُشْبَ الكثِيرَ، وكانَ منْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَت الماءَ فنَفَعَ اللَّهُ بها النَّاسَ؛ فَشَرِبُوا منها وَسَقَوا وَزَرَعَوا، وأَصَابَ طائفةً منها أخرى إِنَّمَا هيَ قِيعان، لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً؛ فذلك مَثَلُ مَن فَقُهَ في دِينِ اللَّهِ ونَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَن لمْ يرفعْ بذلكَ رَأْسًا، ولمْ يَقبلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ)) متفق عليه من حديث أبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه. فمن الأئمة المفسّرين من التابعين الذين نُقلت أقوالهم في التفسير: الربيع بن خثيم الثوري(ت:61هـ)، ومسروق بن الأجدع الهمْداني(ت:62هـ)، وعلقمة بن قيس النخعي(ت:62هـ)، وعبيدة بن عمرو السلماني(ت:72هـ)، وعبيد بن عمير الليثي(74هـ)، والأسود بن يزيد النخعي(ت:75هـ)، ومرة بن شراحيل الهمداني(ت:76هـ)، وأبو أمية شريح بن الحارث القاضي(ت:78هـ)، وعبد الرحمن بن غنم الأشعري(ت:78هـ)، ومحمد بن الحنفية(ت:81هـ)، وزرّ بن حبيش الأسدي(ت:82هـ)، وأبو الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي البصري(ت:82هـ)، وعبد الرحمن بن أبي ليلى(ت:82هـ)، وأبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي(ت:83هـ)، وأبو الأحوص عوف بن مالك الجشمي(ت:85هـ)، وأبو الشعثاء جابر بن زيد اليحمدي(ت:93هـ)، وأبو العالية رفيع بن مهران الرياحي(ت:93هـ)، وسعيد بن المسيب المخزومي(ت:94هـ)، وسعيد بن جبير (ت:95هـ)، وأبو مالك غزوان الغفاري(ت:95هـ)، وإبراهيم بن يزيد النخعي(ت:96هـ)، وأبو الضحى مسلم بن صبيح (ت:100هـ)، وعمر بن عبد العزيز(ت:101هـ)، ومجاهد بن جبر(ت:102هـ)، وعامر بن شراحيل الشعبي(ت:104هـ)، وأبو قلابة عبد الله بن يزيد الجرمي(ت:104هـ)، وعكرمة مولى ابن عباس(ت:105هـ)، والضحاك بن مزاحم الهلالي(ت:105هـ)، وطاووس بن كيسان اليماني(ت:106هـ)، وأبو مجلز لاحق بن حميد السدوسي(ت:106هـ)، ومحمد بن كعب القرظي(ت:108هـ)، والحسن بن يسار البصري(ت:110هـ)، ومحمد بن سيرين البصري(ت:110هـ)، ومكحول بن أبي مسلم الشامي(ت:112هـ)، وعطاء بن أبي رباح المكي(ت:114هـ)، وقتادة بن دعامة السدوسي(ت:117هـ)، والسدّي الكبير إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة(ت:127هـ)، وعطاء بن أبي مسلم الخراساني(ت:135هـ)، وزيد بن أسلم العدوي(ت:136هـ). وممن يغلب عليهم الحفظ والرواية وقد نُقل عن بعضهم أقوال قليلة في التفسير: أبو تميمة طريف بن مجالد الهجيمي(ت:95هـ)، وقيس بن أبي حازم البجلي(ت:98هـ)، وسالم بن أبي الجعد الأشجعي(ت:100هـ)، وأربدة التميمي(ت:102هـ)، وأبو رجاء عمران بن ملحان العطاردي(ت:105هـ)، وعزرة بن عبد الرحمن الخزاعي(ت:105هـ)، وأبو نضرة المنذر بن مالك العبدي(ت:108هـ)، وعطية بن سعد العوفي(ت:111هـ)، وأبو صالح مولى أمّ هانئ(ت:115هـ)، والحكم بن عتيبة الكندي(ت:115هـ)، ونافع مولى ابن عمر(ت:117هـ)، وابن شهاب الزهري(ت:124هـ)، والقاسم بن أبي بزة المكي(ت:124هـ)، وأبو بشر جعفر بن أبي وحشية اليشكري(ت125هـ)، وعمرو بن دينار المكي(ت:126هـ)، وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي(ت:127هـ)، وعمرو بن مالك النُّكري(ت:129هـ)، وأيوب بن أبي تميمة السختياني(ت:131هـ)، وأبو رجاء محمد بن سيف الحداني(ت:135هـ)، وحصين بن عبد الرحمن السلمي(ت:136هـ)، والربيع بن أنس البكري(ت:137هـ)، ويونس بن عبيد البصري(ت:139هـ)، ويحيى بن سعيد الأنصاري(ت:143هـ) وأبو روق عطية بن الحارث الهمْداني(ت:145هـ)، وإسماعيل بن أبي خالد البجلي(ت:146هـ)، وعبيد بن سليمان الباهلي، وهشام بن عروة بن الزبير(ت:146هـ)، وسليمان بن مهران الأعمش(ت:148هـ)، ومحمد بن إسحاق بن يسار المدني(ت:151هـ)، وشبل بن عباد المكي(ت:160هـ) تقريباً. الطبقة الثالثة: طبقة المفسرين من تابعي التابعين من المفسّرين: مقاتل بن حيان النبطي(ت:150هـ)، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج(ت:151هـ)، وسفيان بن سعيد الثوري(ت:161هـ)، وأبو عمرو بن العلاء، ونافع بن أبي نعيم المدني(ت:169هـ)، ومالك بن أنس الأصبحي(ت:179هـ)، ومسلم بن خالد الزنجي(ت:179هـ)، وعبد الله بن المبارك المروزي(ت:181هـ)، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم(ت:182هـ)، وعلي بن حمزة الكسائي(ت:189هـ)، وعبد الله بن وهب المصري(ت:197هـ)، وسفيان بن عيينة الهلالي(ت:198هـ)، ووكيع بن الجراح الرؤاسي(ت:197هـ)، ويحيى بن سلام البصري(ت:200هـ)، وأبو عبيدة معمر بن المثنى(209هـ)، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني(ت:211هـ)، وغيرهم. ومن كبار رواة التفسير: جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي(ت:125هـ) تقريباً ولا أعلم له رواية عن أحد من الصحابة، وعبد الله بن أبي نجيح المكي(ت:131هـ)، ومنصور بن المعتمر السلمي(ت:132هـ)،وسالم بن عجلان الأفطس(ت:132هـ)، وعبد الله بن طاووس بن كيسان اليماني(ت:132هـ)، ومغيرة بن مقسم الضبي(ت:133هـ)، وعلي بن أبي طلحة الوالبي(ت:143هـ)، ويزيد بن أبي سعيد النحوي(ت:132هـ)، وعبد الله بن عون المزني(ت:151هـ)، وعباد بن منصور الناجي(ت:152هـ)، ويونس بن يزيد الأيلي(ت:152هـ)، ومعمر بن راشد الأزدي(ت:153هـ)، وهشام بن سَنبر الدستوائي(ت:153هـ)، وموسى بن عبيدة الربذي(ت:153هـ)، وقرة بن خالد السدوسي(ت:154هـ)، والحكم بن أبان العدني(ت:154هـ)، وعيسى بن ميمون الجرشي(ت:155هـ)، وسعيد بن أبي عروبة البصري(ت156هـ)، والحسين بن واقد المروزي(ت:159هـ)، وأبو جعفر الرازي(ت:160هـ)، وبكير بن معروف الدامغاني(ت:163هـ)، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي(ت:164هـ)، وسعيد بن بشير الأزدي(ت:169هـ)، وورقاء بن عمر اليشكري(ت:170هـ تقريبا)، وأسباط بن نصر الهمداني(ت:170هـ تقريباً)، وأبو معشر المدني(ت:170هـ)، ويزيد بن زريع العيشي(ت:182هـ)، وهشيم بن بشير الواسطي(ت:183هـ)، ويحيى بن اليمان العجلي(ت:188هـ)، ورشدين بن سعد المصري(ت:188هـ)، وعبد الله بن إدريس الأودي(ت:192هـ)، وإسماعيل بن إبراهيم الأسدي(ت:193هـ) المعروف بابن علية، وأبو بكر بن عياش الأسدي(ت:193هـ)، ويحيى بن آدم الكوفي(ت:203هـ)، وروح بن عبادة القيسي(ت:205هـ)، وشبابة بن سوار الفزاري(ت:206هـ)، وحجاج بن محمد المصيصي(ت:206هـ)، ومحمد بن يوسف بن واقد الفريابي(ت:212هـ)، وقبيصة بن عقبة السوائي(ت:213هـ)، وعمرو بن عون السلمي(ت:225هـ)، وغيرهم. الطبقة الرابعة: طبقة المفسّرين في بقية القرن الثاني الهجري إلى نهاية القرن الثالث الهجري وهؤلاء طبقة بعد تابعي التابعين ومنهم من هو أسنّ من بعض تابعي التابعين لكن لا أعرف لهم رواية عن أحد من التابعين. ومن هؤلاء: محمد بن إدريس الشافعي(ت:204هـ)، ومحمد بن المستنير المعروف بقطرب، وأبو زكريا يحيى بن زياد الفراء(ت:207هـ)، والأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة(ت: بعد 211هـ)، وآدم بن أبي إياس العسقلاني(ت:220هـ)، وأبو عبيد القاسم بن سلام(ت:224هـ)، وسعيد بن منصور الخراساني(ت:227هـ)، وأبو بكر ابن أبي شيبة(ت:235هـ)، ومحمد بن حاتم بن ميمون الرازي(ت:235هـ)، وإسحاق بن راهويه(ت:238هـ)، وأحمد بن حنبل(ت:241هـ)، وعبد بن حميد(ت:249هـ)، ومحمد بن إسماعيل البخاري(ت:256هـ)، وأبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشج(ت:257هـ)، ومسلم بن الحجاج(ت:261هـ)، والحسين بن داوود المصيصي المعروف بسنيد(ت:266هـ)، وابن ماجه القزويني(ت:273هـ)، وعبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري(ت:276هـ)، وبقيّ بن مخلد الأندلسي(ت:276هـ)، ومحمد بن عيسى الترمذي(ت:279هـ)، والحسين بن الفضل البجلي(ت:282هـ)، وإسماعيل بن إسحاق الجهضمي(ت:282هـ)، وسهل بن عبد الله التستري(ت:283هـ)، وهود بن محكّم الهواري(ت:290هـ). الطبقة الخامسة: طبقة المفسرين في القرن الرابع الهجري ومنهم من عاش زمنا في القرن الثالث لكن تأخّرت وفاته إلى القرن الرابع، ومن هؤلاء: 1: أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (ت: 303هـ)، وله كتاب تفسير ضمن كتابه "السنن الكبرى" ، وقد طبع مفرداً، وألحقت به ملحقات مما رواه في التفسير في غيره. 2: أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الأنماطي النيسابوري(ت:303هـ)، تلميذ إسحاق ابن راهويه، له كتاب كبير في التفسير مفقود. 3: أبو محمد إسحاق بن إبراهيم البُسْتيّ(ت:307هـ)، من شيوخ ابن حبّان، له كتاب في التفسير، حُقّق في رسائل علمية في الجامعة الإسلامية. 4: عبد الله بن محمد بن وهب الدينوري (ت: 308هـ)، وقد طبع منسوباً إليه كتاب "الواضح في التفسير" 5: أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت: 310هـ)، إمام المفسّرين، له الكتاب الكبير المعروف بجامع البيان، وقد جمعه من كتب وصحف كثيرة مسندة، ورتّبها على السور والآيات، وصنّف الأقوال واجتهد وحرر؛ فكان كتابه إماماً للمفسرين بعده. 6: أبو إسحاق إبراهيم بن السَرِيّ الزجاج (ت: 311هـ)، وله كتاب "معاني القرآن وإعرابه" جمع فيه ما استطاع من أقوال اللغويين قبله، واجتهد في تحريره وتجويده. 7: أبو بكر عبد الله بن أبي داوود سليمان بن الأشعث السجستاني(ت:316هـ)، له كتب مطبوعة، وذُكر له كتاب في التفسير. - قال الذهبي: (قال أبو بكر النقاش - والعهدة عليه -: سمعت أبا بكر بن أبي داود يقول: إن تفسيره فيه مائة ألف وعشرون ألف حديث). قلت: لعله - إن صحّ- في أصله الذي جعله لنفسه في التفسير؛ فإنّ أصول المحدثين فيها مرويات كثيرة جداً لكنّهم إذا أرادوا التأليف انتقوا منها. 8: أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري (ت: 318هـ)، وله كتاب تفسير جليل القدر طُبع بعضه. 9: أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي (ت: 321هـ)، وله كتاب "أحكام القرآن" مطبوع. 10: أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (ت:321هـ) صاحب كتاب "جمهرة اللغة"، وقد ذكر له كتاب في "معاني القرآن"، وله كلام في معاني القرآن في معجمه. 11: أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي(ت:323هـ) المعروف بنفطويه، ذُكر له كتاب في معاني القرآن، وقد جُمعت أقواله في التفسير وطُبعت في كتاب. 12: ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازي (ت: 327هـ)، وله كتاب عظيم في التفسير طبع كثير منه، وهو نظير كتاب ابن جرير من حيث كثرة الآثار والمرويات. 13: أبو بكر محمد بن عزير العزيري السجستاني(ت: 330هـ تقريباً)، له كتاب قيّم في غريب القرآن. 14: أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس (ت: 338هـ)، له كتاب "معاني القرآن" وله: "إعراب القرآن"، وله: "القطع والائتناف" وله كتب أخرى نافعة. وهو كتاب حسن في التفسير اللغوي. 15: أبو الفضل بكر بن محمد بن العلاء القشيري (ت:344هـ)، وله كتاب "أحكام القرآن" مطبوع، وهو مختصر لأحكام القرآن للقاضي إسماعيل بن إسحاق المالكي( 282هـ) 16: أبو بكر محمد بن الحسن النقّاش (ت:351هـ)، وله تفسير سمّاه "شفاء الصدور من تفسير القرآن"، طبع منه المقدمة وتفسير الفاتحة، وللكتاب نسخ خطية متفرقة، ومنها أجزاء متاحة على الشبكة. 17: محمد بن علي الكرجي القصاب (ت: 360هـ)، وله تفسير مطبوع اسمه:"نكت القرآن الدالة على البيان" 18: أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن أشته الأصبهاني(ت:360هـ)، له كتاب "رياضة الألسنة في إعراب القرآن ومعانيه"، وكتاب المصاحف، وهو من مصادر السيوطي في الدر المنثور وفي الإتقان. 19: أبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي(ت:365هـ) المعروف بالقفال الكبير، من كبار فقهاء الشافعية، له تفسير مشهور مفقود. 20: أبو الشيخ عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني(ت: 369هـ)، وله كتاب تفسير لم يُطبع فيما أعلم، وقد جُمعت أقواله في التفسير في رسائل علمية. 21: أبو بكر أحمد بن علي الجصاص (ت: 370هـ)، له كتاب "أحكام القرآن" مطبوع. 22: أبو عبد الله الحسينُ بنُ أحمدَ ابنُ خالويه الهمَذاني(ت:370هـ)، وله كتب في إعراب القرآن وتوجيه القراءات. 23: أبو منصورٍ محمد بن أحمد الأزهَرِي (ت: 370هـ)، صاحب كتاب "تهذيب اللغة" وهو أجلّ معاجم اللغة وأصحّها، وفيه مباحث في تفسير بعض الآيات لا يكاد يوجد نظيرها في كثير من كتب التفسير، وله كتاب معاني القراءات وعللها اعتنى فيه بتوجيه القراءات. 24: أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي الحنفي (ت: 375هـ)، له تفسير مطبوع بعنوان "بحر العلوم". 25: أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ)، من كبار علماء اللغة في زمانه، له كتاب "الحجة للقراء السبعة"، وهو في التوجيه اللغوي للقراءات، وهو علم متّصل بالتفسير وعلوم القرآن، وله كتاب"الإغفال" ذكر فيه ما أغفله أبو إسحاق الزجّاج في معاني القرآن، وردّ عليه ابن خالويه بكتاب "الهاذور"، وردّ هو على ابن خالويه بكتاب "نقض الهاذور". 27: أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان ابن شاهين البغدادي (ت: 385هـ)، له كتب كثيرة، طبع بعضها، وله كتاب في التفسير مفقود، ذكره الدارقطني، وذكر أنه فرّق فيه تفسير أبي الجارود. 28: أبو بكر محمد بن علي الأدفوي (ت 388 هـ)، وله تفسير كبير سمّاه "الاستغناء في علوم القرآن"، وهو تفسير كبير جداً ذكر تلميذه مكّي بن أبي طالب أنه في ثلاثمائة جزء، وقد حُقّق بعضه في رسائل جامعية. و"أدفو" مدينة جنوبي مصر قرب "أسوان"، وأبو بكر هذا من تلاميذ أبي جعفر النحاس وقد استفاد من كتبه. 29: محمد بن علي بن إسحاق ابن خويز منداد المالكي(ت:390هـ)، له كتب كثيرة، ومنها كتاب في أحكام القرآن من مصادر القرطبي في تفسيره، وقد جُمعت أقواله في التفسير وطبعت. 30: أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدوس النيسابوري(ت:396هـ)، شيخ الثعلبي، له تفسير مبسوط لم يُكمله، وهو أحد مصادر الثعلبي في تفسيره، قال عنه الثعلبي: (أملاه علينا إلى رأس خمسين سورة البقرة في مئة وأربعين جزءا، ثم اختُرم دونه، رحمه الله). 31: محمد بن عبد الله ابن أبي زَمَنِين (ت: 399هـ)، وله تفسير مطبوع اختصره من تفسير يحيى بن سلام البصري. الطبقة السادسة: طبقة المفسرين في القرن الخامس الهجري 1: أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد الربعي الباغائي(ت:401هـ)، وله كتاب "أحكام القرآن"، مطبوع. 2: أبو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله ابن حمدويه النيسابوري المعروف بابن البيع (ت: 405هـ) الإمام المحدّث والفقيه المفسّر، من تلاميذ ابن حبان والدارقطني، ومن شيوخ أبي بكر البيهقي وأبي ذرّ الهروي وأبي القاسم القشيري وأبي بكر القفال الشاشي وغيرهم، له كتاب "المستدرك على الصحيحين" وفيه كتاب كبير في التفسير، أكثر من ثلاثمائة صفحة اشتمل على 1119 حديثاً، وله تصانيف أخرى كثيرة ذكر الذهبي أنهّا نحو ألف جزء. 3: أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك الأصبهاني(ت:406هـ)، من رؤوس الأشاعرة في زمانه، أخذ طريقة أبي الحسن الأشعري من أبي الحسن الباهلي وغيره، ومن تلاميذه: أبو إسحاق الثعلبي، وأبو القاسم القشيري، وأبو بكر البيهقي، وله كتاب في التفسير طبع حديثاً، وقد حقق من قبل في رسائل علمية في جامعة أمّ القرى. 4: أبو بكر أحمد بن موسى الأصبهاني (ت:410هـ) المعروف بابن مردويه، له تفسير كبير مفقود، نقل عنه السيوطي في الدر المنثور أكثر من ألفي رواية، وكذلك نقل عنه ابن كثير فأكثر، وقد جُمعت مروياته في التفسير في رسائل علمية في الجامعة الإسلامية بإشراف د.حكمت بشير ياسين. 5: الراغب الأصبهاني أبو القاسم الحسين بن محمد بن المفضل(ت: 412هـ تقريباً) تاريخ وفاته مشكل على الباحثين، وفيه اختلاف كثير، ولعل أقرب الأقوال أنه توفي سنة 412هـ. - قال الذهبي: (كان من أذكياء المتكلمين لم أظفر له بوفاة ولا بترجمة). له كتاب في التفسير اسمه "جامع التفاسير" طبع منه إلى تفسير سورة المائدة في رسائل علمية متفرّقة، وله كتاب "مفردات القرآن" من أجود الكتب في بابه. 6: أبو يحيي محمد بن أحمد ابن صمادح التجيبي(ت:419هـ)، كان والياً على مدينة "وشقة" زمن ملوك الطوائف بالأندلس، ثم تنازل عنها لابن عمّه المنذر بن يحيى بعد فتن واضطرابات، ولأبي يحيى علم وفضل، قال الذهبي: (له مختصر في غريب القرآن يدّل عَلَى فضله ومعرفته). وقد طبع كتابه هذا باسم "مختصر تفسير الطبري"، وهو لم يقصد فيه اختصار تفسير الطبري، وإنما وإنما لخّص منه غريب القرآن. 7: أبو إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي النيسابوري(ت: 427هـ)، وله كتاب " الكشف والبيان عن تفسير القرآن"، وهو من أهمّ تفاسير القرن الخامس الهجري، جمعه من مصادر كثيرة ذكرها في مقدمة كتابه بلغت أكثر من أربعين تفسيراً، مع كتب أخرى في علوم القرآن، ومنها تفاسير لم تصل إلينا، وذكر أسانيده إلى تلك الكتب في المقدمة ثم حذفها في أصل الكتاب ليختصر ذكر الأسانيد في كلّ مرة، لكنّ ذكر أسانيد الكتب لا يُغني عن أسانيد الآثار فوقع بسبب ذلك في أخطاء في نسبة بعض الأقوال إلى السلف، ثم أخطأ في إدراج روايات واهية لبعض كتب التفسير المنسوبة لبعض السلف؛ كتفسير الكلبي عن ابن عباس، وعلى ضعف الكلبي وترك جماعة من السلف تفسيره فقد حصّله الثعلبي عن الكلبي من طرق واهية جداً، فيها متّهمون بالكذب؛ ولذلك فكثير مما يكون في كتابه منسوباً إلى الكلبي عن ابن عباس لا يوثق بنسبته إلى الكلبي فضلاً عن نسبته إلى ابن عباس، واعتمد أيضاً تفسير العوفي عن ابن عباس وهو مسلسل بالضعفاء لكنّه أحسن حالاً من تفسير الكلبي عن ابن عباس. وتفسير الحسن البصري رواه من طريق عمرو بن عبيد المعتزلي، واعتمد في تفسيره على تفاسير أخرى منسوبة لبعض السلف بأسانيد واهية كتفسير خارجة بن مصعب عن قتادة، وتفسير عبد الغني بن سعيد الثقفي عن عطاء بن أبي رباح، وتفسير أبي حمزة الثمالي، وتفسير المسيّب بن شريك، وغيرها، وكتاب المبتدأ لوهب بن منبّه من رواية ابن بنته عبد المنعم بن إدريس وهو متّهم بالكذب وضع على وهب بن منبّه أخباراً كثيرة مكذوبة، وقد تركه أهل الحديث، وكان الإمام أحمد يهجر من يروي عنه من أهل الحديث. وكان هذا مما كثرت به الأخطاء في نسبة الأقوال إلى السلف في تفسيره. ثمّ زاد على ذلك الاعتماد على تفاسير لجماعة من رؤوس المبتدعة، منها تفسير مقاتل بن سليمان وقد ترك السلف تفسيره وحذروا منه، وتفسير أبي بكر الأصمّ وهو من رؤوس المعتزلة، وتفسير شيخه أبي بكر ابن فورك وهو من رؤوس الأشاعرة، وحقائق التفسير لشيخه أبي عبد الرحمن السلمي وهو من رؤوس الصوفية وفيه عبارات مستشنعة جداً. فكان هذا مما شان به الثعلبي تفسيره؛ ولو أنّه توثّق في انتقاء مصادره، وصانه من تفاسير المبتدعة والضعفاء والمتروكين، واكتفى بالتفاسير الحسنة التي تحصّلت له وهي نحو ثلاثين تفسيراً، وتثبّت في الحكم على الأسانيد إذ حذفها لكان تفسيره من أنفس التفاسير. وعلى كلّ حال فقد جمع في تفسيره علماً كثيراً نافعا، لكنه اشتمل على أخطاء كثيرة في نسبة الأقوال وسرد الروايات وإدخال بعضها في بعض، وفيه كثير من الإسرائيليات الباطلة. 8: أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سعيد الحوفي(ت:430 هـ) وله كتاب "البرهان في علوم القرآن " وهو كتاب جامع في التفسير والقراءات وتوجيهها والإعراب والغريب والاشتقاق، وفيه عناية ظاهرة بالإعراب، وقد طبع بعضه في رسائل جامعية. 9: أبو عبد الرحمن إسماعيل بن أحمد الحيري الضرير(ت:430هـ)، وله كتاب " الكفاية في التفسير" وهو كتاب كبير، وقد حقّق في رسائل علمية وطبع. 10: مكي بن أبي طالب القيسي(ت:437هـ)، وله تفسير كبير سماه "الهداية إلى بلوغ النهاية"، وهو مطبوع، وهو من أنفس التفاسير، ذكر في مقدّمته أنه تقصّى فيه ما استطاع من مشهور تفسير الصحابة والتابعين دون الشاذّ، وجمع أكثر مادّة كتابه من كتاب شيخه أبي بكر الأدفوي المسمّى بالاستغناء، وذكر أنه في ثلاثمائة جزء، واعتمد أيضاً على تفاسير مشهورة كتفسير ابن جرير الطبري، ومعاني القرآن للفراء، ومعاني القرآن لأبي إسحاق الزجاج، وتفسير يحيى بن سلام، وكتب أبي جعفر ابن النحاس، وغيرها. وذكر أنّه رجع في كتب أخرى في علوم القرآن بلغ مجموعها نحو ألف جزء. وكتابه حسن التلخيص والتصنيف للأقوال، محذوف الأسانيد. 11: أبو العباس أحمد بن عمار التميمي المهدوي(ت:440هـ)، وله كتابان مهمّان في التفسير: أحدهما: التفصيل الجامع لعلوم التنزيل، وقد حقق بعضه في رسائل علمية. والآخر: التحصيل لفوائد كتاب التفصيل، وهو اختصار لما قبله، وقد طبع كاملاً. وتفسير المهدوي من مصادر ابن عطية والقرطبي. 12: أبو الفتح سليم بن أيوب بن سليم الرازي(ت:447هـ)، له كتاب "ضياء القلوب في التفسير"، وقد حقق بعضه في رسائل علمية في الجامعة الإسلامية. 13: القاضي علي بن محمد بن حبيب الماوردي (ت: 450هـ)، وله تفسير مطبوع سماه "النكت والعيون"، وقد لخّص فيه أقوال السلف في التفسير وحذف الأسانيد، وأورد بعض أقوال المعتزلة، وزاد أوجها في التفسير مما ظهر له بالتأمّل والاستنباط، وهو تفسير حسن يستفاد منه في معرفة المسائل والأقوال على جهة الإجمال، لكن لا يُعتمد عليه في نسبة الأقوال. 14: أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري(ت:465هـ)، وله كتابان في التفسير: - أحدهما: لطائف الإشارات، وهو تفسير إشاري صوفي، وقد طبع. - والآخر: "التيسير في علم التفسير" وقد حقق بعضه في رسائل علمية. 15: علي بن أحمد بن محمد الواحدي (ت: 468هـ)، تلميذ الثعلبي، له ثلاثة تفاسير مطبوعة: البسيط وهو أوسعها، والوسيط، والوجيز، وله كتاب جامع في "أسباب النزول". 16: عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني (ت:471هـ) شيخ البلاغة وحامل لوائها، له كتاب دلائل الإعجاز أبان فيه عن إعجاز النظم القرآني ببيان بديع، وله كتاب "أسرار البلاغة" وفيه أمثلة كثيرة للبلاغة القرآنية، وله كتاب تفسير مفقود اسمه " درج الدرر في تفسير الآي والسور" ، وقد طبع كتاب آخر بهذا الاسم منسوباً إليه، وهو خطأ. 17: أبو المظفر منصور بن محمد السمعاني (ت: 489هـ)، من أئمة أهل السنة في زمانه، له كتاب "تفسير القرآن" مطبوع، وقد هذّب فيه تفسير الثعلبي، وزاد فيه فوائد. الطبقة السابعة: طبقة المفسرين في القرن السادس الهجري 1: عماد الدين بن محمد الكيا الهراسي (ت: 504هـ)، من فقهاء الشافعية له كتاب في "أحكام القرآن". 2: محمود بن حمزة الكرماني (ت: 505هـ تقريباً)، أشعري، وله كتابان في التفسير: أ: لباب التفاسير، وقد حُقق في رسائل علمية. ب:غرائب التفسير وعجائب التأويل، وهو مطبوع، جمع فيه ما يستغرب وما يستنكر من الأقوال في التفسير، قال فيه: (وكل ما وصفته بالعجيب ففيه أدنى خلل ونظر). 3: أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري(ت:514هـ)، من رؤوس الأشاعرة المتعصبين في زمانه، وله كتاب "التيسير في التفسير" حقّق بعضه في رسائل علمية في الجامعة الإسلامية، وقد اعتمد في تفسيره هذا على تفسير والده. 4: الحسين بن مسعود البغوي (ت: 516هـ)، الإمام المعروف، له كتاب "معالم التنزيل" كتبه وهو ابن 36 سنة. 5: قوام السنة أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني(ت:535هـ)، له كتب في إعراب القرآن ومعانيه، وله كتاب " الإيضاح في التفسير" حقق بعضه في رسائل علمية في الجامعة الإسلامية. 6: أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد النسفي(ت:537هـ)، له كتاب كبير في التفسير اسمه "التيسير في التفسير"، وهو مطبوع. 7: محمود بن عمر الزمخشري (ت: 538هـ)، من رؤوس المعتزلة في زمانه، صاحب التفسير المشهور "الكشاف عن حقائق التنزيل"، وفي تفسيره اعتزاليات ظاهرة وخفية تستخرج بالفطنة والتمرس، وله عناية جيدة بالمسائل اللغوية والفوائد البلاغية، وقد ألّفه صاحبه مرّتين، فأما الكشاف المشتهر بين أيدي الناس فهو الكشاف الأخير، وأمّا الكشاف القديم فمفقود وقد نقل عنه بعض العلماء كالزركشي في البرهان. وكان معجباً بكشافه وقد أنشد فيه: إن التفاسير في الدنيا بلا عدد ... وليس فيها لعمري مثل كشافي إن كنت تبغي الهدى فالزم قراءته ... فالجهل كالداء والكشاف كالشافي 9: أبو بكر محمد بن عبد الله ابن العربي (ت: 543هـ)، الفقيه المالكي الأشعري، له كتابان في "أحكام القرآن" أحدهما كبير، والآخر مختصر له، وهما مطبوعان، وله كتاب كبير جداً في التفسير اسمه "أنوار الفجر في مجالس الذكر" ذكر أنه أملاه في نحو ثمانين ألف ورقة، لكنه تفرّق في أيدي الناس، وقد أشار إليه في عدد من كتبه، وله أيضاً "قانون التأويل" مات ولم يكمله، وله كتب أخرى كثيرة. 10: أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت: 546هـ)، وله الكتاب القيّم "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز"، وهو من أنفس التفاسير وأجودها، وأحسنها تحريراً، وفيه تأثّر بالأشعرية 11: محمود بن أبي الحسن النيسابوري (ت: 555هـ)، وله كتاب " إيجاز البيان عن معاني القرآن". 12: أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي (ت: 597هـ)، الفقيه الواعظ الحنبلي، صاحب المؤلفات الكثيرة المعروفة، ومنها " زاد المسير في علم التفسير"، استفاد فيه من تفسير الماوردي وزاد عليها زيادات كثيرة ووقع فيما وقع فيه الماوردي من أخطاء في نسبة الأقوال. 13: أبو محمد عبد المنعم بن عبد الرحيم الأندلسي المعروف بابن الفرس (ت: 597 هـ)، له كتاب في أحكام القرآن، مطبوع. الطبقة الثامنة: طبقة المفسرين في القرن السابع الهجري 1: فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين الرازي (ت: 606هـ)، من نظار الأشاعرة وكبار المتكلمين، وقد ندم في آخر حياته على اشتغاله بعلم الكلام، له كتب كثيرة منها "التفسير الكبير" ويسمّى "مفاتيح الغيب"، وقد حظي تفسيره هذا بشهرة كبيرة واشتغل به عدد من المفسرين بعده اختصاراً وتعقبا ومناقشة واعتراضاً، وأُلِّفَ في كل ذلك مؤلفاتٍ كثيرة. وقد اعتمد في تفسيره على عدد من كتب المعتزلة ووافقهم في بعض أقوالهم ورد بعضها، ونقل بعض أقوال السلف. واعتمد طريقة في تفسيره تتلخص في تقسيم الكلام في الآية إلى مسائل وتفريعات كثيرة، ويكثر من إيراد الشبه والاعتراضات، ويجيب عليها، ويكثر من الاستطرادات جداً، وقد توسع في هذه الطريقة وتكلف فيها ودخل في كلامه كثير من الغلط. وقد مات ولم يتمّ كتابه، ولم يؤلّفه في الأصل على ترتيب سور المصحف؛ فكان يفسّر بعض السور من غير ترتيب، ثمّ جمع الكتاب وأتمّ عمله تلميذه أحمد الخوبي، فظهر تفاوت بيّن بين أسلوب الشيخ وتلميذه. - قال عبد الرحمن المعلمي رحمه الله: (الأصل من هذا الكتاب وهو القدر الذي هو من تصنيف الفخر الرازي وهو من أول الكتاب إلى آخر تفسير سورة القصص، ثم من أول تفسير الصافات إلى آخر تفسير سورة الأحقاف، ثم تفسير سورة الحديد والمجادلة والحشر، ثم من أول تفسير سورة الملك إلى آخر الكتاب، وما عدا ذلك فهو من تصنيف أحمد بن خليل الخوبي، وهو من التكملة المنسوبة إليه، فإن تكملته تشمل زيادة على ما ذكر تعليقاً على الاصل، هذا ما ظهر لي. والله أعلم). 2: أبو الحسن علم الدين علي بن محمد السخاوي (ت: 643هـ)، مقرئ أهل الشام في زمانه، له كتب في القراءات وعلوم القرآن، وله كتاب "تفسير القرآن العظيم" مطبوع. 3: أبو أحمد عزّ الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي (ت: 660هـ)، من كبار العلماء المجاهدين، على أشعريّة فيه، وله كتب كثيرة منها كتاب في تفسير القرآن اختصر فيه تفسير الماوردي، و"فوائد في مشكل القرآن"، و"نبذ من مقاصد الكتاب العزيز"، وكلها مطبوعة. 4: أبو محمد عزّ الدين عبد الرزاق بن رزق الله الرسعني (ت: 661هـ)، الفقيه الحنبلي والمحدّث والأديب، من تلاميذ ابن قدامة المقدسي، وأبي البقاء العكبري، له كتاب مطبوع في التفسير اسمه "رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز"، وقد طبع عام 1429هـ بتحقيق د.عبد الملك الدهيش سقط منها المقدمة وتفسير الفاتحة والبقرة وصدر آل عمران، وتفسير المائدة وأكثر تفسير الأنعام، ثمّ عثر المؤلف على الجزء الخاص بالمقدمة وتفسير الفاتحة والبقرة وصدر آل عمران، فأخرجه في مجلّد مفرد عام 1432هـ. 5: محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي (ت: 666هـ)، له كتابان مطبوعان في علوم القرآن. أحدهما: أنموذج جليل في غرائب آي التنزيل، وهو في بيان المشكل. والآخر: تفسير غريب القرآن، وهو مرتب على المفردات. 6: أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (ت: 671هـ)، المفسّر الكبير والفقيه المالكي صاحب كتاب "الجامع لأحكام القرآن"، وهو من أوسع كتب التفسير وأجمعها، اعتمد فيه على كتب كثيرة من أهمها كتب أحكام القرآن لابن العربي، والهداية لمكي بن أبي طالب، وتفسير ابن عطية، وتفسير المهدوي، وتفسير أبي الليث السمرقندي، وتفسير الماوردي، وأحكام القرآن لابن خويز منداد وغيرها، وقد استمدّ منه ابن كثير وغيره. 7: أبو العباس أحمد بن محمد ابن المنير الإسكندري (ت: 683هـ)، قاضي الإسكندرية في زمانه، وهو متكلّم أشعري، له عناية بالأدب والخطابة، وله منظومة طويلة في تفسير غريب القرآن سماها "التيسير العجيب في تفسير الغريب" وهي مطبوعة. وله كتاب "الانتصاف من الكشاف" استخرج فيه كثيراً من المسائل الاعتزالية في الكشاف، وتعقّبه فيها، وقد اُلّفت كتب كثيرة بسبب انتصافه هذا من أشهرها كتاب "الإنصاف مختصر الانتصاف من الكشاف"، لعلم الدين العراقي(ت:704هـ)، وهو مطبوع. - وللدكتور صالح بن غرم الله الغامدي كتاب بعنوان "المسائل الاعتزالية في تفسير الكشاف في ضوء ما ورد في كتاب الانتصاف لابن المنيّر" 8: القاضي عبد الله بن عمر بن محمد البيضاوي (ت: 685هـ)، نسبة إلى البيضاء بلدة في شيراز بفارس، له التفسير المشهور "أنوار التنزيل وأسرار التأويل"، وعليه حواشٍ كثيرة جداً، أكثرها غير مطبوع. 9: ابن أبي الربيع عبيد الله بن أحمد بن عبيد الله القرشي الإشبيلي(ت:688هـ)، له كتاب "تفسير القرآن الكريم"، مطبوع. 10: جمال الدين يوسف بن هلال الصفدي(ت:696هـ)، له كتاب "كشف الأسرار وهتك الأستار" 11: عبد العزيز بن سعيد الدميري الديريني(ت: 697هـ)، له كتاب "التيسير في التفسير" اشتمل على منظومة طويلة في التفسير. الطبقة التاسعة: طبقة المفسرين في القرن الثامن الهجري 1: علم الدين عبد الكريم بن علي العراقي (ت: 704هـ)، له كتاب "الإنصاف مختصر الانتصاف من الكشاف" وهو مطبوع. 2: أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الغرناطي(ت:708هـ)، الإمام العلامة، تقدّم في علوم كثيرة؛ في الفقه على المذهب المالكي، وفي القراءات وعللها، وفي التفسير والمناسبات، وفي علوم العربية وله شرح على كتاب سيبويه، وفي التاريخ وله تذييل على الصلة لابن بشكوال، وله براعة في الخطابة، ومشاركة في الشعر، وكان من أوعية العلم بالأندلس، تخرّج به خلق كثير، وهو شيخ أبي حيان الأندلسي وابن جزي الكلبي وغيرهما من الأعلام. وكتبه تدلّ على ما وهبه الله من حسن فهم في العلم وقوة حجة واستنباط، وله كتابان مطبوعان: أحدهما: البرهان في تناسب سور القرآن، وهو بديع في بابه على اختصاره، وقد اعتمد عليه البقاعي في علم التناسب. والآخر: ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل، وهو في المتشابه المعنوي. 3: أبو الثناء قطب الدين محمود بن مسعود الشيرازي (ت: 710هـ)، قاضي شيراز في زمانه، كان طبيباً في شبابه ثمّ تتلمذ على نصير الدين الطوسي ودرس عليه علم الفلك وتخرّج به، وله كتب في التفسير وأصول الفقه والبلاغة والفلك والطبّ، وكان ملتزماً زيّ الصوفية، ومن مؤلفاته في التفسير: - فتح المنان بتفسير القرآن، وهو تفسير كبير، حُقّق بعضه في رسائل علمية في جامعة تكريت في العراق. - وحاشية على تفسير الكشاف للزمخشري، حُققت في رسائل جامعية في جامعة الأزهر. - وكتاب "مشكلات التفسير"، ولم يُطبع فيما أعلم، وقد يكون اسماً لحاشيته على الكشاف؛ فقد ذكر في مؤلفاته شرح مشكلات الكشاف. 4: أبو البركات حافظ الدين عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي (ت: 710هـ)، فقيه حنفي ومتكلّم أصولي على طريقة أبي منصور الماتريدي، له كتب في الفقه وأصوله، وله كتاب في التفسير سماه "كتاب "مدارك التنزيل وحقائق التأويل"، اختصر فيه "الكشاف" للزمخشري، واستدرك عليه، وانتصر لمذهب أبي حنيفة في الفقه، ولأقوال أبي منصور الماتريدي في العقيدة، ولم يخل من تأثر ببعض أقوال المعتزلة. 5: شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني (ت: 728هـ)، الإمام الحبر العلامة، كان واسع المعرفة في علوم الشريعة واللغة العربية، وله كتب غاية في التحقيق في التفسير والعقيدة والفقه وغيرها مع قيام حسن بتجديد الدين ونشر العلم والجهاد في سبيل الله. ذكر تلميذه ابن رشيق المغربي عنه أنّه وقف على خمسة وعشرين تفسيراً مسنداً، وأنه كتب نقول السلف مجردًا عن الاستدلال على جميع القرآن، وهذا أصل عظيم النفع في التفسير. وذكر تلميذه ابن القيّم رحمه الله في أسماء مؤلفاته نحو تسعين رسالة مفردة في التفسير. ومن كتبه المطبوعة في التفسير وأصوله: أ- تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء. ب- الإكليل في المتشابه والتأويل. ج- مقدمة في أصول التفسير، وهي رسالة قيّمة انتفع بها خلق كثير من العلماء وطلاب العلم في دراسة مسائل التفسير ومعرفة أصوله وتمييز أنواع الخلاف في التفسير، وبنى عليها عامّة من ألّف في أصول التفسير بعده. وقد جُمعت رسائله وكتبه في التفسير في أعمال كثيرة من أجمعها وأجودها جمع الأستاذ: إياد بن عبد اللطيف القيسي، في سبع مجلدات، واسم كتابه "تفسير شيخ الإسلام ابن تيمية الجامع لكلام ابن تيمية في التفسير". 6: نظام الدين الحسن بن محمد الأعرج القمّي النيسابوري (ت: 728هـ)، صاحب كتاب "غرائب القرآن ورغائب الفرقان" ، وهو مختصر لتفسير الرازي مع إضافات تتعلق بالوقوف والقراءات وفوائد أخرى، وهو كتاب حسن التقسيم والترتيب والاختصار، وقد تابع الرازي في كثير من أقواله، وقد أشيع عن مؤلفه أنه شيعي، ولا يصح ذلك؛ فليس في تفسيره ما يدل على ذلك، وكان تفسيره مقرراً دراسياً في الأزهر. 7: أبو القاسم محمد بن أحمد بن جزي الكلبي (ت: 741هـ)، القارئ المفسّر، والفقيه الأصولي، والخطيب الأديب، وله كتب في الاعتقاد والحديث، كان من نجباء تلاميذ أبي جعفر بن الزبير الغرناطي، خرج غازياً في سبيل الله وقتل في إحدى المعارك سنة 741هـ، وعمره 48سنة. وتفسيره مشهور متداول، واسمه "التسهيل لعلوم التنزيل"، وله مقدّمة حسنة شرحها د.مساعد الطيار في كتاب مطبوع. 8: أبو الحسن علاء الدين علي بن محمد بن إبراهيم الخازن (ت: 741هـ)، كان خازن الكتب بالمدرسة السميساطية بدمشق، وله عناية بالحديث والتصوف، له كتاب مشهور في التفسير اسمه "لباب التأويل في معاني التنزيل". 9: شرف الدين الحسن بن محمد بن عبد الله الطيبي (ت: 743هـ)، المفسّر واللغوي البارع، له حاشية نفيسة على الكشاف للزمخشري، فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب، تحقيق جماعة من الباحثين، نشر جائزة دبيّ الدولية للقرآن الكريم، 17 مجلداً. - وقد حقّق بعض الكتاب من قبل في رسائل علمية. - حاشية على الكشاف عن حقائق التنزيل لمحمود بن عمر الزمخشري. 10: أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي (ت: 745هـ)، المفسّر اللغوي ، تقدّم في القراءات والتفسير وعلوم اللغة، وتبحّر فيها إلى الغاية، وله كتب نفيسة في هذه العلوم، وله تفسير كبير سماه "البحر المحيط في التفسير"، ثم اختصره في كتاب "النهر المادّ من البحر المحيط" وتعقّب في تفسيره الزمخشري في مواضع كثيرة، وحرر وناقش، واجتهد في تحرير مسائل الإعراب، وأوجه التفسير، ويعدّ كتابه هذا من أجمع المراجع في معاني القرآن وإعرابه، وفيه تحقيق لكثير من مسائل النحو. 11: أبو المكارم فخر الدين أحمد بن الحسن الجاربردي (ت: 746هـ) من تلاميذ القاضي البيضاوي، وله حاشية كبيرة على الكشاف، بلغني أنها حققت في رسائل علمية في جامعة الأزهر. 12: تاج الدين أبو محمد أحمد بن عبد القادر بن أحمد بن مكتوم القيسي(ت: 749ه). الفقيه الحنفي، له مختصر في التفسير اشتمل على فوائد من تفسير أبي حيان سماه "الدر اللقيط من البحر المحيط"، وقد طُبع ملحقاً به. 13: عماد الدين يحيى بن قاسم العلوي المعروف بالفاضل اليمني(ت: 750هـ)، فقيه شافعي، ومفسّر أديب، من أهل صنعاء، له عناية بتفسير الكشاف، كتب عليه حاشيتين: إحداهما: درر الأصداف في حل عقد الكشاف، وبلغني أنها حققت في رسائل علمية في جامعة أمّ القرى. والأخرى: تحفة الأشراف في حل غوامض الكشاف، كتبها بعد اطلاعه على حاشية الطيبي. 14: شمس الدين محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي المعروف بابن القيّم(ت:751هـ)، الإمام البارع المعروف، تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية، ووارث علومه، له مؤلفات عظيمة النفع في علوم الشريعة واللغة العربية، وله براعة في التفسير والبيان عن المعاني وشرح المسائل، له رسائل وفصول في التفسير ضمّنها في كتبه ، هي غاية في علم التفسير، وفيها من التحقيق ما لا يكاد يوجد نظيره في كثير من التفاسير. وقد جمعت أقواله في التفسير وفي ذلك أعمال منها: - "التفسير القيم"، جمع: محمد أويس الندوي. - والضوء المنير على التفسير، جمع: علي بن حمد الصالحي، وقد مكث في جمعه وإعداده خمسة عشر عاماً ومات رحمه الله بعد أن دفعه للمطبعة. - وبدائع التفسير، جمع: يسري السيد محمد. 15: شهاب الدين أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي (ت: 756هـ)، تلميذ أبي حيان الأندلسي، له عناية بالقراءات والتفسير وعلوم اللغة، وولي تدريس القراءات بجامع ابن طولون بالقاهرة، له كتابان مطبوعان في التفسير: أحدهما: "الدر المصون في علوم الكتاب المكنون"، وهو أشهر كتبه، وقد استفاد غالب مادّته من شيخه أبي حيان ، وناقشه فيه في حياته. والآخر: "القول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز"، وهو في تفسير آيات الأحكام، وقد حقق في رسائل علمية في الجامعة الإسلامية. 16: جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف الزيلعي (ت:762هـ)، المحدّث الكبير، أصله من زيلع، وهي مدينة على ساحل الصومال قريب من جيبوتي، وعاش المؤلف حياته في مصر وتوفي في القاهرة، وهو محدّث فقيه على المذهب الحنفي، له كتاب مطبوع في تخريج أحاديث الكشاف. 17: قطب الدين محمد بن محمد التحتاني الرازي (ت: 766هـ)، فقيه شافعي، اشتغل بالمنطق وعلم الكلام، والبلاغة والبيان، وله حاشية على الكشاف وصل فيها إلى سورة طه، حققت في رسائل علمية في جامعة الأزهر. 18: عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي(ت: 774هـ)، الإمام المفسّر والحافظ المحدث والفقيه والمؤرخ، صاحب التفسير الشهير الذي سارت به الركبان، واشتهر في الآفاق، وتبوأ منزلة عالية عند أهل العلم؛ حتى فضّله بعضهم على جميع التفاسير، اختصر فيه أقوال السلف من غير إسناد غالباً، وامتاز بجمع الأحاديث المتعلقة بتفسير الآيات وساقها بأسانيدها، وحرر القول في كثير من المسائل بعبارة حسنة موجزة، وعقّب على كثير من الأقوال والروايات التي يُحتاج فيها إلى تعقيب وبيان. وكان قد فرغ من كتابة تفسيره أوّل مرة سنة 741هـ، ثمّ قرئ عليه وأعاد النظر فيه مراراً، وأضاف إليه أحاديث وأشياء انتقاها من تفاسير الزمخشري والرازي والقرطبي وغيرهم، ولم يزل يهذّب تفسيره ويحرره حتى توفي رحمه الله، ولذلك ظهر التفاوت في نسخ تفسير ابن كثير، ولم يطبع منه بعد نسخة تامّة على العرضة الأخيرة كما أفادني د.محمد الفالح حفظه الله، وقد أبلغني أنه حصل على نحو مائة نسخة خطية لتفسير ابن كثير، منها ما كتب في حياة ابن كثير رحمه الله، وهو يعمل على تحقيق الكتاب أعانه الله على إتمامه. 19: بهاء الدين حيدر بن علي بن حيدر القاشي (ت: بعد 776هـ)، وهو محدّث مفسّر جمع الأحاديث المتعلقة بالتفسير ونزول القرآن في كتاب سمّاه "المعتمد من المنقول فيما أوحي إلى الرسول"، ولم أقف على تاريخ وفاته، لكن ذكر محقق كتابه أنه فرغ من كتابته سنة 776هـ. ويخلط بين هذا المحدّث وبين معاصرٍ له اسمه بهاء الدين حيدر بن علي الآملي الطبري، وهو شيعي متكلّم متصوّف له كتاب تفسير مطبوع اسمه "المحيط الأعظم والبحر الخضم في تأويل كتاب الله العزيز المحكم" وكتاب "نص النصوص في شرح الفصوص" شرح فيه فصوص الحكم لابن عربي، وهما مطبوعان. 20: سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (ت: 792هـ). أشعري متكلّم، وفقيه شافعي، وله عناية بأصول الفقه والمنطق والبلاغة والنحو، وقد ظهر أثر عنايته بالمنطق وعلم الكلام على تآليفه. له حاشية على الكشاف، مطبوعة، وهي مختصرة من حاشية الطيبي وفي عباراته تعقيد. 21: الحافظ زين الدين عبد الرحمن بن أحمد ابن رجب الحنبلي(ت:795هـ)، الإمام المحقق، والعلامة المدقق، تلميذ ابن القيّم لازم دروسه حتى مات، ثم تصدّر للتدريس في المدرسة الحنبلية، وله كتب نافعة تدلّ على تمكّنه في علوم الشريعة واللغة العربية، وله رسائل في التفسير طبعت مفردة. وقد جمع الشيخ طارق بن عوض الله أقوال ابن رجب في التفسير في كتاب سماه "روائع التفسير الجامع لتفسير الإمام ابن رجب الحنبلي" وهو مطبوع،لكنّه ربما نسب إلى ابن رجب بعض ما نقله عن غيره؛ فمما وقفت عليه ما ذكره الحافظ ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة من نقول في التفسير عن الوزير ابن هبيرة، فجعلها الجامع من كلام ابن رجب. للدرس بقيّة |
الساعة الآن 01:49 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir