تاريخ التفسير
البيان الإلهي للقرآن
أوّل بيان للقرآن هو بيان منزّله جلّ وعلا؛ كما قال الله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه . فإذا قرأناه فاتبع قرآنه . ثم إن علينا بيانه}
- وقال تعالى: {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً} أي بيانا وتفصيلا، ومن ذلك بيان الله لما أنزل في القرآن.
- وقال تعالى: {وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلًا} أي مبينا.
ووصف الله كتابه بأنّه مبين، وأمر باتباع هداه، وبيّن أنّه يهدي للتي هي أقوم، وفي ذلك ما يدلّ دلالة بيّنة على أنّ فيه بياناً شافياً يدلّ على الحقّ ويُفهم به المراد.
والبيان الإلهي للقرآن على أنواع:
1. فمنه تفسير القرآن بالقرآن، فقد جعل الله كتابه الكريم يبيّن بعضه بعضاً، ويصدّق بعضه بعضاً؛ فلا تناقض فيه ولا اختلاف.
وما يذكره العلماء في تفسير القرآن بالقرآن على صنفين: نصّيٌّ واجتهاديّ:
أ: فالنصيّ هو ما دلّ صراحة على بيان مجمل كما قال تعالى: {والسماء والطارق . وما أدراك ما الطارق . النجم الثاقب}؛ فبيّن الله تعالى المراد بالطارق بياناً جليّاً.
ب: والاجتهادي هو ما يجتهد فيه المفسّر بذكر آيات تبيّن معاني آيات أخر، وهذا الاجتهاد قد يكون صواباً، وقد يدخله الخطأ لأسباب متعددة.
والذي يُعدّ من البيان الإلهي هو ما دلّ على المعنى صراحة من غير التباس، علمه من علمه، وجهله من جهله.
2. ومنه تفسير القرآن بالحديث القدسي، وقد رويت أحاديث قدسية فيها بيان لبعض آيات القرآن.
3. ومنه ما نزل من الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم لتفسير بعض ما في القرآن، ومن ذلك الإخبار ببعض المغيّبات التي تفسّر بعض ما في القرآن.
4. ومنه البيان القدري لبعض معاني القرآن، وهو أن يقع من قدر الله عزّ وجلّ ما يتبيّن به المراد، كما في مسند الإمام أحمد وسنن النسائي الكبرى من حديث الحسن البصري عن الزبير بن العوام، قال: " لما نزلت هذه الآية {واتقوا فتنةً لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصةً} الآية، قال: ونحن يومئذٍ متوافرون، قال: فجعلت أتعجب من هذه الآية: أي فتنةٍ تصيبنا؟ ما هذه الفتنة؟ حتى رأيناها ".
وقد وقع من ذلك شيء كثير ولا يزال يقع منه إلى يوم القيامة ما يدلّ على المعنى دلالة بيّنة.