المجموعة الثالثة:
1. بيّن ما يلي:
أ: سبب نزول قوله: {لا ينهاكم اللّه عن الّذين لم يقاتلوكم في الدّين} الآية.
ورد في ذلك قولان ذكرهما ابن كثير
. أحدها : أنها في أسماء بنت أبي بكر ، وذلك أن أمها قتيلة بنت عبد العُزىَّ ، قَدِمَت عليها المدينة بهدايا ، فلم تقبل هداياها ، ولم تدخلها منزلها ، فسألت لها عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية ، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تدخلها منزلها ، وتقبل هديتها ، وتكرمها ، وتحسن إليها ، قاله عبد الله بن الزبير .
فى الحديث
أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش، إذ عاهدوا، فأتيت النبيّ صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! إن أمي قدمت وهي راغبة، أفأصلها؟ قال: نعم! صلي أمك. رواه أحمد . والشيخان . .
. ورواه أيضا الإمام أحمد . عن عبد الله بن الزبير قال: قدمت قتيلة على ابنتها أسماء بنت أبي بكر بهدايا: ضباب، وقرظ، وسمن، وهي مشركة، فأبت أسماء أن تقبل هديتها، وتدخلها بيتها، فسألت عائشة النبيّ صلى الله عليه وسلم. فأنزل الله تعالى: لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ... إلى آخر الآية. فأمرها أن تقبل هديتها، وأن تدخلها بيتها.
2-وقيل نزلت في أم عائشة وأسماء
عن عروة، عن عائشة وأسماء أنّهما قالتا: قدمت علينا أمّنا المدينة، وهي مشركةٌ، في الهدنة الّتي كانت بين قريشٍ وبين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقلنا: يا رسول اللّه، إنّ أمّنا قدمت علينا المدينة راغبةً، أفنصلها؟ قال: "نعم، فصلاها". رواه البزار. ثمّ قال: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة إلّا من هذا الوجه.
قال ابن كثير: وهو منكرٌ بهذا السّياق؛ لأنّ أمّ عائشة هي أمّ رومان، وكانت مسلمةً مهاجرةً وأمّ أسماء غيرها، كما هو مصرّحٌ باسمها في هذه الأحاديث المتقدّمة واللّه أعلم
ب: أبرز صفات المنافقين مما درست.
-المنافون إخوان الكفار
-يتولّون يومَ الزَّحفِ:فعند وقوع المحنة والبلاء،وحين تحين ساعة الاستحقاق.. تراهم أول الفارِّين،وفي طليعة الخائرين الخائفين،يُولُّون الأدبار،ويتوارون عن ساحات النـزال الحقيقية،بكل أصنافها وأشكالها وألوانها: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ}
-غادرون لا عهد لهم:المنافقين كانوا كاذبين لا عهود لهم ولا وعود، كما هو دأبهم في كل زمان ومكان.
-المنافقون كاذبون بشهادة الله عليهم { والله يشهد إنهم لكاذبون}
قال صلى الله عليه وسلم: "آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان"، وفي رواية "وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر
-يتولّون الكافرين ويتنكّرون للمؤمنين:قال الله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }
-خشية الناس في قلوبهم أشد وأعظم من خشية تعالى:..وكانت هذه الرهبة لكم في صدورهم أشد من رهبتهم لله من أجل أنهم لا يفقهون قدر عظمته تعالى، فهم لذلك يستخفّون بمعاصيه ولا يرهبون عقابه قدر رهبتهم لكم.
-(بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ) أي بعضهم عدوّ لبعض
-قوم لا يعقلون
-قوم لا يفقهون
-هم ضعفاء قلوبهم متفرقة يحملون أسباب الهزيمة في داخلهم وان كان أجسادهم ظاهرة مجتمعة..{تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى}
- لا يقدرون على مواجهة العدو{لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ}
2. حررالقول في: 4. المراد بـ "الذين من قبلهم"، في قوله تعالى: {كمثل الّذين من قبلهم قريبًا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذابٌ أليمٌ}.
ورد في ذلك قولان
– أن المراد بالذين من قبلكم هم كفار قريش وهو قول مجاهدٌ، والسّدّيّ، ومقاتل بن حيّان:
والمعنى مثل هؤلاء اليهود من بني النضير، فيما نزل بهم من العقوبة، كمثل من نالهم جزاء بغيهم من قبلهم، وهم كفار قريش في وقعة بدر،
-أن المراد بالذين من قبلكم هم يهود بنو قينقاع وهو قول ابن عباس و قتادة ومحمد ابن اسحاق.
المعنى : مثل بني النضير فيما فعل بهم كبني قينقاع فيما فعل بهم .فإنّ يهود بني قينقاع كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد أجلاهم قبل هذا.
ولا تعارض بين المعننين.
.3. فسّر قوله تعالى:
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7) يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9) }
بعد أن ذكر فيما سلف أن الجاحدين لنبوته صلى الله عليه وسلم من المشركين وأهل الكتاب لما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مفترى- أردف ذلك ببيان أنهم دعوا إلى الإسلام والخضوع لخالق الخلق ومبدع العالم، وأقيمت لهم على ذلك الأدلة ونصب لهم المنار، لكنهم ظلموا أنفسهم وجحدوا النور الواضح، والبرهان الساطع.قال تعالى {(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ؟). لا أحد أشد ظلما وعدوانا ممن اختلق على الله الكذب وجعل له أندادا وشركاء وهو يدعى إلى التوحيد والإخلاص؟
{وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}}:الذينَ يَزالُونَ على ظُلْمِهم مُستقيمِينَ، لا تَرُدُّهم عنه مَوعظةٌ، ولا يَزْجُرُهم بيانٌ ولا بُرهانٌ، خُصوصاً هؤلاءِ الظَّلَمَةَ القائمِينَ بمقابَلَةِ الحقِّ لِيَرُدُّوه، ولِيَنْصُروا الباطلَ
(وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ): والله لا يرشد الظالمين لأنفسهم إلى ما فيه صلاحهم ورشادهم، لأنهم دسّوها باجتراح السيئات، وارتكاب الموبقات، وقابلوا الحق بالباطل فردوا الحق وانتصروا للباطل
ثم ذكر جدّهم واجتهادهم في إبطال الدين، قال تعالى :{ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}(يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ) أي إن مثلهم في مقاومتهم لدعوة الدين
وجدّهم في إخماد نوره- مثل من ينفخ في الشمس بفيه ليطفئ نورها، ويحجب ضياءها، وأنى له ذلك؟ فما هو إلا كمن يضرب في حديد بارد، أو كمن يريد أن يضرم النار في الرماد.
(وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) أي والله ناصر الحق ومظهر دينه، وناصر محمدا عليه الصلاة والسلام على من عاداه ولو كره ذلك الكافرون به..
ثم بين العلة في إخماد دعوتهم، وسببَ الظهورِ والانتصارِ للدِّينِ الإسلاميِّ؛ الْحِسِّيِّ والمَعْنويِّ فقالَ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ}؛أي هو الله الذي أرسل محمدا صلى الله عليه وسلمبالعِلْمِ النافعِ والعملِ الصالحِ، الذي يهدي به إلى التي هي أقوم؛من الأخلاق الحسنة الفاضلة؛ و مصالح الدنيا والآخرة ؛ ويهدى إلى درا كرامته
{وَدِينِ الْحَقِّ}؛ أي: الدِّينِ الذي يُدانُ به ويُتَعَبَّدُ لربِّ العالَمِينَ، الذي هو حقٌّ وصِدْقٌ لا نَقْصَ فيهِ،.
{لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}ليعليه على جميع الأديان المخالفة له، وقد أنجز الله وعده، فلم يبق دين من الأديان إلا وهو مغلوب مقهور بدين الإسلام}:.
.{وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}ذلك فإنه كائنٌ لا مَحالةَ.
)
وإنما قال أوّلا: ولو كره الكافرون، وقال ثانيا ولو كره المشركون، لأنه ذكر أولا النور وإطفاءه فاللائق به الكفر، لأنه ستر وتغطية، وذكر ثانيا الحاسدين للرسول وأكثرهم من قريش، فناسب ذكر المشركين.
والله أعلم.
أعتذر عن التأخير فقد كنت على سفر