دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة البناء في التفسير > صفحات الدراسة

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #16  
قديم 27 شوال 1436هـ/12-08-2015م, 09:13 PM
كمال بناوي كمال بناوي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2013
الدولة: ايطاليا
المشاركات: 2,169
افتراضي استدراك للتلخيص الثاني من الرسائل التفسيرية

ملخص تفسير قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده لعلماء}:
1 - إثبات الخشية للعلماء

قال ابن رجب دلت الآية بالاتفاق على هذه المسألة لأن صيغة ''إنما'' تدل على ثبوت المذكور بالاتفاق وذلك للأسباب التالية:

1 -1 دلالة "إن" على التأكيد نفيا وإثباتا وكون "ما" زائدة كافة:

قال ابن رجب : خصوصية "إن" إفادة التأكيد ، والجمهور على أن "ما" هنا هي الكافة التي تدخل على إن وغيرها فتكفها عن العمل ، وكذلك قال جمهور النحاة على أنها زائدة كافة.

1 -2 مذهب الكوفيين وابن درستويه:

وهو أنّ "ما" مع إن وشبيهاتها اسمٌ مبهمٌ بمنزلة ضمير الشأن في التفخيم والإبهام ، وفي أنّ الجملة بعده مفسرةٌ له ، ومخبرٌ بها عنه.

1 -3 بطلان اعتبار "ما" هذه نافية :

وقد ذهب إلى هذا القول طائفة من الأصوليين وأهل البيان ، واستدلوا بذلك على إفادتها الحصر ، وأنّ "إن" أفادت الإثبات في المذكور، و"ما" النفي فيما عداه وهذا باطلٌ باتفاق أهل المعرفة باللسان.

وهذا القول باطل لأن:

_ "إن" إنما تفيد توكيد الكلام إثباتًا كان أو نفيًا لا تفيد الإثبات.

_ "ما" زائدةٌ كافة لا نافيةٌ وهي الداخلة على سائر أخوات إنّ ، وليست في دخولها على هذه الحروف نافيةً بالاتفاق ، فكذلك الداخلة على إنّ.

1 -4 بطلان نسبة القول بأن "ما" هذه نافية لأبي علي الفارسي:

فقوله في "الشيرازيات ": إنّ العرب عاملوا "إنما" معاملة النفيّ و"إلا" في فصل الضمير ، لا يدل على أن "ما" نافيةٌ على ما لا يخفى وإنما مراده أنّهم أجروا "إنما" مجرى النفي و"إلاّ" في هذا الحكم لما فيها معنى النفي ولم يصرّح بأنّ النفي مستفادٌ من "ما" وحدها.

1 -5 اعتبار ما بمعنى الذي:

وقيل: إنه لا يمتنع أن يكون "ما" في هذه الآية بمعنى الذي والعلماء خبرٌ والعائد مستترٌ في يخشى ، و استدل لذلك بإطلاق "ما" على جماعة العقلاء كما في قوله تعالى: {أو ما ملكت أيمانكم} ، و {فانكحوا ما طاب لكم مّن النّساء}.

2 - نفي الخشية عن غير أهل العلم:

قال ابن رجب وقد دلت الآية على نفي الخشية عن غير أهل العلم ، ويستفاد ذلك من صيغة "إنّما" أمّا على قول الجمهور وأنّ "ما" هي الكافة فيقول إذا دخلت "ما" الكافة على "إنّ " أفادت الحصر هذا هو الصحيح، وقد حكاه بعض العلماء عن جمهور الناس وهو قول أصحابنا كالقاضي، وابن عقيلٍ، والحلواني وغيرهم.

2 -1 اختلاف أهل العلم في طرق دلالة الآية على نفي الخشية عن غير العلماء:

1 -2-1 دلالتها على ذلك بالمنطوق:

قال ابن رجب : قال كثيرٌ من أصحابنا : إنّ دلالتها على النفي بالمنطوق كالاستثناء سواء وهو قول أبي حامد ، وأبي الطيب من الشافعية، والجرجاني من الحنفية.
2-1-2 دلالتها على ذلك بالمفهوم:

قال ابن رجب : ذهبت طائفةٌ من أصحابنا كالقاضي في قوله الآخر وابن عقيلٍ والحلواني ، إلى أنّ دلالتها على النفي بطريق المفهوم وهو قول كثيرٍ من الحنفية، والمتكلمين وقد انقسم أصحاب هذا القول إل قسمين:

القسم الأول : من لا يرى كون المفهوم حجّةً بالكلية كالحنفية، ومن وافقهم من المتكلمين.

القسم الثاني : من يراه حجةً من الجملة، ولكن ينفيه هاهنا لقيام الدليل عنده على أنّه لا مفهوم لها ، واختاره بعض المتأخرين من أصحابنا ، وغيرهم ، وبيان ذلك أنّ "إنّما" مركبةٌ من "إنّ " المؤكدة و"ما" الزائدة الكافة فيستفاد التوكيد من "إنّ " والزائد لا معنى له.

2 -1 -3 بطلان قول من أثبت الخشية لغير العلماء:

استدل أصحاب هذا القول بورود "إنما" لغير الحصر في مواطن كثيرة من القرآن والسنة :

_ مثال 1 : {قل إنّما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إليّ أنّما إلهكم إلهٌ واحدٌ}.

فإنّه لم ينحصر الوحي إليه في هذا وحده.

ويجاب عليه بأن المراد به أنه لم يوح إليّ في أمر الإلهية إلا التوحيد لا الإشراك.

_ مثال 2 : قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من نبي من الأنبياء إلا قد أوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنّما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليّ". فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة" فلو كانت "إنّما" للحصر لبطلت أن تكون سائر آيات النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ومعجزاته سوى القرآن آياتٍ له تدلّ على صدقه لاعترافه بنفي ذلك وهذا باطلٌ قطعًا فدلّ على أنّ "إنما" لا تفيد الحصر في مثل هذا الكلام وشبهه.

ويجاب على هذا كون الحديث سيق لبيان آيات الأنبياء العظام الذي آمن لهم بسببها الخلق الكثير، ومعلومٌ أن أعظم آيات النبيّ - صلى الله عليه وسلم - التي آمن عليها أكثر أمّته هي الوحي وهو الذي كان يدعو به الخلق كلّهم، ومن أسلم في حياته خوفًا فأكثرهم دخل الإيمان في قلبه بعد ذلك بسبب سماع الوحي لمسلمي الفتح وغيرهم، فالنفي توجه إلى أنه لم تكن آياته التي أوجبت إسلام الخلق الكثير من جنس ما كان لمن قبله مثل ناقة صالح وعصا موسى ويده وإبراء المسيح الأكمه والأبرص وإحياء الموتى ونحو ذلك، فإنّ هذه أعظم آيات الأنبياء قبله وبها آمن البشر لهم.

وأمّا آيته هو - صلى الله عليه وسلم - التي آمن البشر عليها في حياته وبعد وفاته فهي الوحي التي أوحي إليه وهي التي توجب إيمان البشر إلى يوم القيامة كما قال تعالى: {وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ}.

ولهذا قيل: إنّ آيات الأنبياء انقطعت بموتهم وآياته - صلى الله عليه وسلم - باقيةً إلى يوم القيامة

_ وأما قولهم إنّ "ما" الكافة أكثر ما تفيده قوة التوكيد لا تثبت معنى زائدًا، يجاب عنه من وجوه:

أحدها : أنّ "ما" الكافة قد تثبت بدخولها على الحروف معنىً زائدًا، وقد ذكر ابن مالك أنها إذا دخلت على الباء أحدثت معنى التقليل، كقول الشاعر:

فالآن صرت لا تحيد جوابًا ....... بما قد يرى وأنت حطيب.

_ والثاني: أن يقال: لا ريب أنّ "إنّ " تفيد توكيد الكلام، و"ما" الزائدة تقوّي هذا التوكيد وتثبت معنى الكلام فتفيد ثبوت ذلك المعنى المذكور في اللفظ خاصةً ثبوتًا لا يشاركه فيه غيره واختصاصه به، وهذا من نوع التوكيد والثبوت ليس معنىً آخر مغايرًا له وهو الحصر المدّعى ثبوته بدخول "ما".

_ الوجه الثالث: أنّ "إن" المكفوفة "بما" استعملت في الحصر فصارت حقيقةً عرفيّةً فيه، واللفظ يصير له بالاستعمال معنى غير ما كان يقتضيه أصل الوضع.

وخلاصة القول الحصر تارةً يكون عامًا كقوله: {إنّما إلهكم اللّه الّذي لا إله إلاّ هو} ، ونحو ذلك ، وتارةً يكون خاصًّا بما يدل عليه سياق الكلام فليس الحصر أن ينفي عن الأوّل كل ما سوى الثاني مطلقًا، بل قد ينفي عنه ما يتوهم أنه ثابتٌ له من ذلك النوع الذي أثبت له في الكلام.

3 - نفي العلم عن غير أهل الخشية:

وأما الدليل على ذلك فمن جهة الحصر أيضا فإنّ الحصر المعروف المطرد فهو حصر الأول في الثاني، وهو هاهنا حصر الخشية في العلماء، وأما حصر الثاني في الأول فقد ذكره الشيخ أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله - وأنه قد يكون مرادًا أيضًا فيصير الحصر من الطرفين ويكونان متلازمين.

_ مثال 1 : قوله تعالى: {إنّما تنذر من اتّبع الذكر وخشي الرّحمن بالغيب} فيه الحصر من الطرفين، فإن اقتضى أن إنذاره مختصٌّ بمن اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فإن هذا هو المختصّ بقبول الإنذار، والانتفاع به فلذلك نفى الإنذار عن غيره، والقرآن مملوء بأنّ الإنذار إنما هو للعاقل له خاصةً، ويقتضي أنه لا يتبع الذكر ويخشى الرحمن بالغيب إلا من أنذره أي من قبل إنذاره وانتفع به فإنّ اتباع الذكر، وخشية الرحمن بالغيب مختصة بمن قبل الإنذار كما يختص قبول الإنذار والانتفاع بأهل الخشية واتباع الذكر.

_ مثال 2 : قوله تعالى: إنّما يؤمن بآياتنا الّذين إذا ذكّروا بها خرّوا سجّدًا} الآية ، فإن انحصار الإنذار في أهل الخشية، كانحصار أهل الخشية في أهل الإنذار، والذين خرّوا سجدًا في أهل الإيمان ونحو ذلك.

3 -1 هل ثبوت الخشية لجنس العلماء أو لكل فرد من العلماء?

قال ابن رجب القول الثاني هو الصحيح وذلك من وجهين:

_ الجهة الأولى: أن الحصر هاهنا من الطرفين، حصر الأول في الثاني وحصر الثاني في الأول، كما تقدّم بيانه، فحصر الخشية في العلماء يفيد أنّ كلّ من خشي اللّه فهو عالمٌ وإن لم يفد لمجرده أنّ كلّ عالم فهو يخشى اللّه وتفيد أنّ من لا يخشى فليس بعالم، وحصر العلماء في أهل الخشية يفيد أنّ كلّ عالم فهو خاشٍ، فاجتمع من مجموع الحصرين ثبوت الخشية لكلّ فردٍ من أفراد العلماء.

_ والجهة الثانية: أن المحصور هل هو مقتضٍ للمحصور فيه أو هو شرطٌ له؟

قال الشيخ أبو العباس - رحمه اللّه -: وفي هذه الآية وأمثالها هو مقتضٍ فهو عامٌّ فإنّ العلم بما أنذرت به الرسل يوجب الخوف، ومراده بالمقتضي – العلة المقتضية.
3-2 تفاسير السلف للآية:

_ وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "لا يكون الرجل عالما حتّى لا يحسد من فوقه ولا يحقر من دونه، ولا يبتغي بعلمه ثمنًا".

_ عن ابن عباس قال: "يريد: إنما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزّتي وجلالي وسلطاني ".

_ وعن مجاهدٍ والشعبيّ: "العالم من خاف اللّه ".

_ وعن ابن مسعودٍ قال: "كفى بخشية اللّه علمًا وكفى بالاغترار باللّه جهلاً".

_ وذكر ابن أبي الدنيا عن عطاءٍ الخراسانيّ في هذه الآية: "العلماء باللّه الذين يخافونه ".

_ وعن الربيع بن أنسٍ في هذه الآية قال: من لم يخش اللّه فليس بعالمٍ.

ألا ترى أنّ داود قال: ذلك بأنّك جعلت العلم خشيتك، والحكمة والإيمان بك وما علم من لم يخشك وما حكم من لم يؤمن بك.

_ وعن الربيع عن أبي العالية في قوله تعالى: {يؤتي الحكمة من يشاء}قال: "الحكمة الخشية فإنّ خشية اللّه رأس كلّ حكمةٍ".

_ وروى الدارميّ من طريق عكرمة عن ابن عباسٍ: {إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء} قال: "من خشي اللّه فهو عالمٌ ".

وكذلك قال كثير غيرهم.

3 -3 أمور تبين أن العلم والخشية متلازمان:

_ إحداها:

أن العلم باللّه تعالى وما له من الأسماء والصفات كالكبرياء والعظمة والجبروت، والعزة وغير ذلك يوجب خشيته، وعدم ذلك يستلزم فقد هذه الخشية.

_ الوجه الثاني:

أنّ العلم بتفاصيل أمر اللّه ونهيه، والتصديق الجازم بذلكومما يترتب عليه من الوعد والوعيد والثواب والعقاب، مع تيقن مراقبة اللّه واطّلاعه، ومشاهدته، ومقته لعاصيه وحضور الكرام الكاتبين، كلّ هذا يوجب الخشية، وفعل المأمور وترك المحظور، وإنّما يمنع الخشية ويوجب الوقوع في المحظورات الغفلة عن استحضار هذه الأمور، والغفلة من أضداد العلم، والغفلة والشهوة أصل الشرّ.

_ الوجه الثالث:

أنّ تصور حقيقة المخوف يوجب الهرب منه، وتصور حقيقة المحبوب توجب طلبه فإذا لم يهرب من هذا ولم يطلب هذا دلّ على أنًّ تصوره لذلك ليس تامًّا.

_ الوجه الرابع:

أنّ كثيرًا من الذنوب قد يكون سبب وقوعه جهل فاعله بحقيقة قبحه وبغض اللّه له وتفاصيل الوعيد عليه وإن كان عالمًا بأصل تحريمه وقبحه لكنّه يكون جاهلاً بما ورد فيه من التغليظ والتشديد ونهاية القبح، فجهله بذلك هو الذي جرّأه عليه وأوقعه فيه، ولو كان عالمًا بحقيقة قبحه لأوجب ذلك العلم تركه خشيةً من عقابه.

_ الوجه الخامس:

أنّ كل ما علم علمًا تامًّا جازمًا بانّ فعل شيئًا يضرّه ضررًا راجحًا لم يفعله، فإنّ هذا خاصة العاقل، فإنّ نفسه تنصرف عمّا يعلم رجحان ضرره بالطبع، فإنّ اللّه جعل في النفس حبًّا لما ينفعها وبغضًا لما يضرّها، فلا يفعل ما يجزم بأنه يضرّها ضررًا راجحًا، ولا يقع ذلك إلا مع ضعيف العقل.

_ الوجه السادس:

وهو أن لذّات الذنوب لا نسبة لها إلى ما فيها من الآلام والمفاسد ألبتة فإنّ لذاتها سريعة الانقضاء وعقوباتها وآلامها أضعاف ذلك ، ومن هاهنا يعلم أنه لا يؤثر لذات الذنوب إلا من هو جاهل بحقيقة عواقبها.

_ الوجه السابع:

وهو أن المقدم على مواقعة المحظور إنما أوجب إقدامه عليه ما فيه من اللذة الحاصلة له به، فظنّ أنّه يحصل له لذته العاجلة، ورجى أن يتخلص من تبعته بسببٍ من الأسباب ولو بالعفو المجرد فينال به لذةً ولا يلحقه به مضرةٌ، وهذا من أعظم الجهل، والأمر بعكس باطنه، فإن الذنوب تتبعها ولابدّ من الهموم والآلام وضيق الصدر والنكد، وظلمة القلب، وقسوته أضعاف أضعاف ما فيها من اللذة، ويفوت بها من حلاوة الطاعات، وأنوار الإيمان.

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالب, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:51 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir