تلخيص مسائل عرض جبريل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان
عناصر الموضوع :
الأحاديث والآثار الوارد في معارضة جبريل عليه السلام القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم
سبب تفويض أبوبكر رضي الله عنه لزيد بن ثابت في كتابة المصحف .
سبب ترك النبي صلى الله عليه وسلم لجمع القرآن في مصحف واحد .
طريقة جمع الصحابة للقرآن الكريم .
السبب الذي حمل الصحابة على جمع القرآن .
طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم في تلقين أصحابه ماينزل عليه من القرآن .
ترتيب الآي والسور في اللوح المحفوظ .
الفائدة المستنبطة من مدارسة جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم .
شرح ابن حجر لحديث ابن عباس في عرض جبريل عليه السلام القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم .
الأحاديث والآثار الوارد في معارضة جبريل عليه السلام القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم
- حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن؛ فلَرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة . " أخرجه البخاري في صحيحه .
-حديث فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم .
عن فاطمة رضوان الله عليها قالت: "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( يا فاطمة , كان جبريل يأتيني في كل سنة مرة يعارضني بالقرآن , وقد أتاني العام مرتين , ولا أراني إلا أفارق الدنيا))"
- حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
وجاء فيه (وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يعارض بالقرآن في رمضان، وإني قد عرضته عليه في العام الذي قبض فيه مرتين، فأنبأني أني محسن، وقد قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة" ).
- أثر عامر بن شراحيل الشعبي رحمه الله .
عن عامر الشعبي، قال: «كان الله تعالى ينزل القرآن السنة كلها، فإذا كان شهر رمضان، عارضه جبريل عليه السلام بالقرآن، فينسخ ما ينسخ، ويثبت ما يثبت ويحكم ما يحكم، وينسئ ما ينسئ»
سبب تفويض أبوبكر رضي الله عنه لزيد بن ثابت في كتابة المصحف .
لأنه قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم في العام الذي توفي فيه مرتين ، ذكره علي بن محمد الخازن في باب التأويل .
سبب ترك النبي صلى الله عليه وسلم لجمع القرآن في مصحف واحد .
لأن النسخ كان يرد على بعضه ويرفع الشيء بعد الشيء من التلاوة كما كان ينسخ بعض أحكامه فلم يجمع في مصحف واحد ثم لو رفع بعض تلاوته أدى ذلك إلى الاختلاف واختلاط أمر الدين فحفظ الله كتابه في القلوب إلى انقضاء زمن النسخ ثم وفق لجمعه الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم .
طريقة جمع الصحابة للقرآن الكريم .
جمعوا القرآن بين الدفتين كما أنزله الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم من غير أن يزيدوا فيه أو ينقصوا منه شيئا ، ومن غير أن يقدموا او يؤخروا شيئا ولا وضعوا له ترتيباً لم يأخذوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما كتبوه كما سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
السبب الذي حمل الصحابة على جمع القرآن .
كان القرآن الكريم مفرقا في العسب واللخاف وصدور الرجال فخافوا ذهاب بعضه بذهاب حفظته ففزعوا إلى خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر فدعوه إلى جمعه فرأى في ذلك رأيهم فأمر بجمعه في موضع واحد باتفاق من جميعهم .
طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم في تلقين أصحابه ماينزل عليه من القرآن .
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقن أصحابه ويعلمهم ما ينزل عليه من القرآن على الترتيب الذي هو الآن في مصاحفنا بتوقيف جبريل عليه السلام إياه على ذلك وإعلامه عند نزول كل آية أن هذه الآية تكتب عقب آية كذا في سورة كذا .
ترتيب الآي والسور في اللوح المحفوظ .
القول الأول : القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ على النحو الذي هو في مصاحفنا الآن ، ذكره علي بن محمد الخازن ، وقال السيوطي : أول القرآن:
الفاتحة ثم البقرة ثم آل عمران على الترتيب إلى سورة الناس، وهكذا هو عند الله في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب ، وكذا قال الطيبي : أنزل القرآن أولاً جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثم نزل متفرقاً على حسب المصالح، ثم أثبت في المصاحف على التأليف والنظم المثبت في اللوح المحفوظ.
الدليل :كان آخر الآيات نزولاً:
{واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله} فأمره جبريل أن يضعها بين آيتي الربا والدين.
القول الثاني : كان القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مرتباً سوره وآياته على هذا الترتيب، إلا الأنفال وبراءة ، ذكره البهقي في المدخل .
الدليل :
روى الحاكم وغيره عن ابن عباس قال: (قلت لعثمان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين قفرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر: بسم الله الرحمن الرحيم، ووضعتموها في السبع الطوال فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد، وكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من يكتب له، فيقول: ضعوا في السورة التي فيها كذا وكذا.
وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن نزولاً، وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظننت أنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن ثم قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر: بسم الله الرحمن الرحيم).
الفائدة المستنبطة من مدارسة جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم .
أن تكون تلاوة المرء بعد أخذه القرآن من أهل الإتقان لهذا الشأن الجامعين بين الدراية والرواية والصدق والأمانة وقد كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجتمع به جبريل في رمضان فيدراسه القرآن.
شرح ابن حجر لحديث ابن عباس في عرض جبريل عليه السلام القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم .
- معنى" يعرِض " : أي يقرأ ، والمراد يستعرضه ماأقرأه إياه .
والمعارضة مفاعلة من الجانبين كأن كلاً منهما كان تارة يقرأ والآخر يستمع له .
- قوله كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس فيه احتراسٌ بليغٌ لئلا يتخيل من قوله وأجود ما يكون في رمضان أن الأجودية خاصةٌ منه برمضان فيه فأثبت له الأجودية المطلقة أولًا ثم عطف عليها زيادة ذلك في رمضان.
- المشهور في ضبط أجود أنه بالرفع وأن النصب موجهٌ وهذه الرواية مما تؤيد الرفع .
- بيان سبب الأجودية المذكورة وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلقاه فيه .
- كان جبريل عليه السلام يلقى النبي صلى الله عليه وسلم في كل رمضان منذ أنزل عليه القرآن ولا يختص ذلك برمضانات الهجرة وإن كان صيام شهر رمضان إنما فرض بعد الهجرة .
- قوله يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن هذا عكس ما وقع في الترجمة لأن فيها أن جبريل كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم وفي هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرض على جبريل وتقدم في بدء الوحي بلفظ وكان يلقاه في كل ليلةٍ من رمضان فيدارسه القرآن فيحمل على أن كلا منهما كان يعرض على الآخر .
- في الحديث إطلاق القرآن على بعضه وعلى معظمه لأن أول رمضان من بعد البعثة لم يكن نزل من القرآن إلا بعضه ثم كذلك كل رمضان بعده إلى رمضان الأخير فكان قد نزل كله إلا ما تأخر نزوله بعد رمضان المذكور وكان في سنة عشرٍ إلى أن مات النبي صلى الله عليه وسلم في ربيعٍ الأول سنة إحدى عشرة ومما نزل في تلك المدة قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم )فإنها نزلت يوم عرفة .
- يُؤخذ من المسألة السابقة أن من حلف ليقرأن القرآن ثم قرأ بعضه لايحنث إلاّ إن قصد الجميع .
- اختُلف في العرضة الأخيرة هل كانت بجميع الأحرف المأذون في قرائتها ، أو بحرف واحد منها ؟ وعلى الثاني فهل هو الحرف الذي جمع عليه عثمان جميع الناس أو غيره ؟
القول الأول : الذي جمع عليه عثمان الناس يوافق العرضة الأخيرة ، رواه أحمد وابن أبي داود والطبري من طريق عبيدة بن عمرو السلماني ، وهي قراءة زيد بن ثابت .
ومن طريق محمد بن سيرين قال كان جبريل يعارض النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن الحديث نحو حديث بن عباسٍ وزاد في آخره فيرون أن قراءتنا أحدث القراءات عهدًا بالعرضة الأخيرة وعند الحاكم نحوه من حديث سمرة وإسناده حسنٌ، وقد صححه هو ولفظه: (عرض القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضاتٍ ويقولون إن قراءتنا هذه هي العرضة الأخيرة).
القول الثاني : العرضة الأخيرة هي قراءة عبد الله بن مسعود ، ثبت من طريق مجاهد عن ابن عباسٍ قال: (أي القراءتين ترون كان آخر القراءة؟)
قالوا: قراءة زيد بن ثابتٍ.
فقال: (لا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن كل سنةٍ على جبريل فلما كان في السنة التي قبض فيها عرضه عليه مرتين وكانت قراءة بن مسعودٍ آخرهما).
وهذا يغاير حديث سمرة ومن وافقه.
وعند مسددٍ في مسنده من طريق إبراهيم النخعي أن ابن عباسٍ سمع رجلًا يقول: الحرف الأول؛ فقال: (ما الحرف الأول؟)
قال: إن عمر بعث ابن مسعودٍ إلى الكوفة معلمًا فأخذوا بقراءته؛ فغيَّر عثمان القراءة فهم يدعون قراءة ابن مسعود الحرف الأول؛ فقال ابن عباسٍ: (إنه لآخر حرفٍ عرض به النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل).
ويمكن الجمع بين القولين بأن تكون العرضتان الأخيرتان وقعتا بالحرفين المذكورين فيصح إطلاق الآخرية على كل منهما.
- فيه جواز المبالغة في التشبيه وجواز تشبيه المعنوي بالمحسوس ليقرب لفهم سامعه .
- في وصفه بالمرسلة احتراس لأن الريح منها العقيم الضارة ومنها المبشرة بالخير فوصفها بالمرسلة ليعين الثانية .
- الريح المرسلة تستمر مدة إرسالها وكذا كان عمله صلى الله عليه وسلم في رمضان ديمةً لا ينقطع .
- في تقديم معمول أجود على المفضل عليه نكتة لطيفة وهي المبالغة ، لأن المراد وصفه بزيادة الاجودية على الريح المرسلة مطلقاً .
- تعظيم شهر رمضان لاختصاصه بابتداء نزول القرآن فيه ثم معارضته ما نزل منه فيه ويلزم من ذلك كثرة نزول جبريل فيه وفي كثرة نزوله من توارد الخيرات والبركات مالا يحصى .
- فضل الزمان إنما يحصل بزيادة العبادة ، وفيه أن مداومة التلاوة توجب زيادة الخير .
- استحباب تكثير العبادة في آخر العمر .
- مذاكرة الفاضل بالخير والعلم ، وإن كان هو لايخفى عليه ذلك لزيادة التذكر والاتعاظ .
- ليل رمضان أفضل من نهاره ، والمقصود من التلاوة الحضور والفهم والليل مظنة ذلك .
- الحكمة في تكرار العرض في السنة الأخيرة لبيان المحكم والمنسوخ، ويحتمل أيضاً أن رمضان من السنة الأولى لم يقع فيه مدارسة فوقعت المدارسة في السنة الأخيرة ليستوي عدد السنين والعرض .
-مدارسة جبريل عليه السلام لا تعارض قوله تعالى (سنقرئك فلا تنسى )إذا قلنا إن لا نافيةٌ كما هو المشهور وقول الأكثر لأن المعنى أنه إذا أقرأه فلا ينسى ما أقرأه ومن جملة الإقراء مدارسة جبريل ،
أو المراد أن المنفي بقوله فلا تنسى النسيان الذي لا ذكر بعده لا النسيان الذي يعقبه الذكر في الحال حتى لو قدر أنه نسي شيئًا فإنه يذكره إياه في الحال .
-كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل عامٍ عشرًا فاعتكف عشرين في العام الذي قبض فيه وظاهره أنه اعتكف عشرين يومًا من رمضان وهو مناسبٌ لفعل جبريل حيث ضاعف عرض القرآن في تلك السنة ويحتمل أن يكون السبب ما تقدم في الاعتكاف أنه صلى الله عليه وسلم كان يعتكف عشرًا فسافر عامًا فلم يعتكف فاعتكف من قابل عشرين يوما ً .