المجموعة الأولى:
س1: بيّن فضل العلم من ثلاثة أوجه.
ج1 :
1- أن العلم يعرّف العبد بربه جل وعلا وبأسمائه وصفاته ، وهذه أعز المعارف وأعلاها وأعظمها شأنًا ، ولا يحصل ذلك إلا بالعلم النافع .
2- أنه رفعة للعبد في دينه ودنياه وتشريف له وتكريم ، كما قال جل وعلا : ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ) .
3- أنه يعرف العبد بأمور عظيمة ، من ذلك : أ/ كيف يدفع كيد الشيطان ، ب/ كيف يدفع كيد أعدائه ، ت/ الذي ينجي من الفتن ، ث/ يعرف بشريف الخصال ومحاسن الآداب وثمارها وفضائلها ، وكذلك سيئها ، ج/ يعرفه بالعظات والعبر التي حلت بالسابقين .
س2: بيّن وجه تسمية أصحاب الخشية والإنابة علماء.
ج2: دلت الأدلة من الكتاب والسنة على أن أصحاب الخشية والخشوع من أهل العلم ، وأنهم في ميزان الشريعة معدودون من أهل العلم، وعند الرعيل الأول والسلف الصالح هم العلماء الموفقون ، وذلك من عدة وجوه ، منها :
1- أنهم بما يوفقون إليه من حسن البصيرة، واليقين النافع الذي يُفْرق لهم بهِ بين الحق والباطل، والهدى والضلال، وما يوفقون إليه من حسن التذكر والتفكر، والفهم والتبصر، يعلمون علمًا عظيمًا، قد يُفني بعض المتفقهة والأذكياء - من غيرهم - أعمارَهم ولمّا يُحصّلوا عُشْره؛ ذلك بأنهم يرون ببصائرهم ما يحاول غيرهم استنتاجه، ويصيبون كبد الحقيقة وغيرهم يحوم حولها، ويأخذون صفو العلم وخلاصته، لانصراف همّتهم إلى تحقيق ما أراده الله منهم، وتركهم تكلّف ما لا يعنيهم، فأقبلوا على الله بالإنابة والخشية واتّباع رضوانه؛ فأقبل الله عليهم بالتفهيم والتوفيق والتسديد.
كما قال جل وعلا : ( أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ) ، فالحذر والرجاء من الأعمال القلبية؛ فلما قامت في قلوب هؤلاء قيامًا صحيحًا أنتجت أثرها؛ وهو القنوت لله عز وجل آناء الليل ساجدين وقائمين، فكان هذا هو أصل العلم النافع، ولذلك قال الله عز وجل بعدها: ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ )؛ فجعلهم الله عز وجل أهل العلم، وغيرُهم قسيمُهم الذين لا يعلمون.
2- أن الخشية والإنابة عبادتان قائمتان على العلم قيامًا صحيحًا لأن أصل الخشية والإنابة لا يكون إلا باليقين، واليقين هو صفو العلم وخلاصته؛ وقد قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه لجبير بن نفير: ( إن شئت لأحدثنك بأول علم يرفع من الناس: الخشوع؛ يوشك أن تدخل مسجد جماعةٍ فلا ترى فيه رجلا خاشعًا ). رواه الدارمي والترمذي وغيرهما.
فسمَّى الخشوع علمًا، وهو كذلك؛ لأن الخاشع مقبل بقلبه على كلام ربّه، معظّم له، كثير التفكر والتدبر له، فيوفّق لفهمه والانتفاع به انتفاعًا لا يحصّله من يقرأ مئات الكتب، وهو هاجر لكتاب ربه، ولا يحصّله من يقرأُ القرآنَ وصدرُه ضائق بقراءته، يصبّر نفسه عليه، ويفرح ببلوغ آخر السورة لينصرف إلى دنياه.
وقد قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ( كفى بخشية الله علمًا وكفى بالاغترار به جهلًا ). رواه ابن أبي شيبة في مصنفه والطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الإيمان.
وقد قال الله عز وجل: ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) .
3- أن أهل الخشية والإنابة بما يجعل الله لهم من النور والفرقان الذي يميزون به بين الحق والباطل، والهدى والضلالة، والرشاد والزيغ، وما يحبه الله وما يبغضه؛ يحصل لهم من اليقين والثبات على سلوك الصراط المستقيم ما هو من أعظم ثمرات العلم، وقد قال الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) ، قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ( فرقان يفرق في قلوبهم بين الحق والباطل حتى يعرفوه ويهتدوا بذلك الفرقان ). رواه ابن جرير.
س3: بيّن حكم العمل بالعلم.
ج3: الأصل في العمل بالعلم أنه واجب، وأن من لا يعمل بعلمه مذموم، وعند التفصيل نجد أن العمل بالعلم على ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: ما يلزم منه البقاء على دين الإسلام وهو التوحيد واجتناب نواقض الإسلام، والمخالف في هذه الدرجة كافر غير مسلم؛ فإن ادّعى الإسلام فهو منافقٌ النفاق الأكبر، وإن كان يتعاطى العلم ويعلّمه، فإنّ من يرتكب ناقضاً من نواقض الإسلام من غير عذر إكراه ولا جهل ولا تأويل يعذر بمثله فإنّه خارج عن دين الإسلام، فالمخالف في العمل بهذه الدرجة من العلم ليس من أهل الإسلام والعياذ بالله.
والدرجة الثانية: ما يجب العمل به من أداء الواجبات واجتناب المحرمات؛ والقائم بهذه الدرجة من عباد الله المتّقين، والمخالف فيها فاسق من عصاة الموحّدين، لا يحكم بكفره لقيامه بما تقتضيه الدرجة الأولى، ولكن يخشى عليه من العقوبة على ما ترك من العمل الواجب.
والدرجة الثالثة: ما يُستحبّ العمل به وهو نوافل العبادات، واجتناب المكروهات، والقائم بهذه الدرجة على ما يستطيع من عباد الله المحسنين، ومن ترك العمل بالمستحبات فلا يأثم على تركه إيّاها، إذ لا يعذّب الله أحداً على ترك غير الواجب، لكن من التفريط البيّن أن يَدَعَ العبدُ ما تيسَّر له من النوافل التي فيها جبرٌ لتقصيره في الواجبات، ورفعة في درجاته، وتكفير لسيّئاته، ولا سيّما فضائل الأعمال التي رتّب عليها ثواب عظيم.
والخلاصة أنَّ من عَلِمَ وجوبَ فريضة من الفرائض وَجَب عليه أداؤها، ومَن علم تحريم شيء من المحرمات وجب عليه اجتنابه، ومن العمل بالعلم ما هو فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين.
س4: اذكر ثلاثة مؤلفات في الحث على العمل بالعلم والتحذير من تركه.
ج4:
1- كتاب اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي
2 - رسالة في ذم من لا يعمل بعلمه لابن عساكر
3- أفرد له الآجري فصلًا في كتابه أخلاق العلماء ، وغيره من أهل العلم .
س5: اكتب رسالة مختصرة في خمسة أسطر عن خطر العجلة في طلب العلم.
ج: العجلة في طلب العلم تحرم طالب العلم من الوصول إلى مبتغاه ، وكما قيل : ( من استعجل شيئًا قبل أوانه ؛ عوقب بحرمانه ) ، فهذا العلم عزيز ، ولا يتأتّى لطالب العلم بسهولة ، بل لابد له من صبر ومكابدة وتجلّد وطول نفس ، وأخذ الشيء بعد الشيء أدعى لثباته ، وأدعى لقبول النفس له ، فإن المنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى ، فهذا بقي بن مخلد - مسند الأندلس - كان يأتي للإمام الأحمد في زي السؤّال ويسأله الحديث والحديثين فيحفظهما ، ثم يأتيه في الثاني فيطلبه الحديث والحديثين ، حتى أصبح بعد ذلك مسند الأندلس ، بل مسند الدنيا ، وهكذا حال الأئمة والعلماء .
فإليك يا طالب العلم ، فإني أوصيك ألا تستعجل الثمرة ، فها هي قطرة الماء مع الأيام والليالي تنحت صلاب الصخور ، وها هو حبل الرشا مع الأيام والليالي ومع الكد وطول النفس ينحت الصخرة الصماء ، وما أحسن ما قاله بهاء الدين ابن النحاس الحلبي :
اليوم شيء وغدًا مثله .. من نخب العلم التي تُلتقط
يحصّل المرء بها حكمةً .. وإنما السيل اجتماع النقط
فها هي الأيام تمضي مسرعة ، فمن صبر وصابر وتأنّى واستمر ؛ وصل إلى مبتغاه ، وكما قيل : من ثبت ؛ نبت .