1. (عامّ لجميع الطلاب)
اذكر الفوائد السلوكية التي استفدتها من دراستك لقصّة أصحاب الجنة، مع الاستدلال لما تقول.
- عدم الاغترار بالأموال والنعم, والاعتقاد بأن سببها حب الله للعبد وإكرامه إياه, فالنعم ابتلاء كما إن الفاقة ابتلاء. قال تعالى:"إنا بلوناهم كما بلونا اصحاب الجنة".
- الإكثار من الدقة على المساكين, فهذا مما يلين القلب ويزيل قسوته. قال تعالى:"أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين" وكان نتيجة هذا أن اقروا بضلاهم.
- الانتباه للنية والقصد وأعمال القلوب, فهي مع العزم والقصد تساوي الفعل, فالعقاب قد حل عليهم قبل تنفيذهم لما كانوا يضمرون. قال تعالى:"فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فاصبحت كالصريم".
- الحرص على النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ففيها صلاح المجتمع, وفيها نجاته ونجاة من قام به. قال تعالى:"قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون".
- وجوب التوبة والإنابة إلى الله, مع الندم على سيئ العمل, ولو عظم الذنب, فهذا مما يجبر الخلل, ويعيد العبد إلى ربه فيطمع فيما عنده. قال تعالى:"قالوا سبحان يا ويلنا إنا كنا طاغين عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون".
- تربية الله العبد بالابتلاء ليصلح حاله ويعرفه بحقيقته وحقيقة الدنيا وحقيقة الخالق المنعم, فلو اتبع العبد الأوامر والنواهي لعرف مراد الله منه, ولنجا ولما حاد عن الصراط المستقيم. قال تعالى:" إنا بلوناهم..".
- تدبر الآيات التي تذكر الآخرة وما فيها, فهذا من أعظم أسباب التقوى, فالخوف من الله والخوف من عقابه يردع العبد عن غشيان الحرام والتفريط في الواجبات. قال تعالى"كذلك العذاب ولعذاب الآخرة اكبر لو كلنوا يعلمون".
المجموعة الثانية:
1. فسّر قوله تعالى:
{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4)}.
جاء في فضل سورة تبارك حديث أبي هريرة، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : "إنّ سورة في القرآن ثلاثين آية شفعت لصاحبها حتى غفر له: " تبارك الذي بيده الملك ".
قال الترمذي: هذا حديث حسن.
قال تعالى:"تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ": يمجد الله - سبحانه وتعالى- ذاته المقدسة, فتَعَاظَمَ الله وتعالى، وكثر خيره, وعظم إحسانه, فهو سبحانه الذي بيده ملك السموات والأرض وما بينهما, والمتصرف والمالك للعالم العلوي والسفلي, ذو القدرة المطلقة التامة الكاملة عليهما, فله الحكم القدري, والحكم الشرعي, والحكم الجزائي, "لا يسأل عما يفعل" لكمال ملكه وكمال قدرته, فيخفض القسط ويرفعه, " يعز من يشاء ويذل من يشاء", "له مقاليد السموات والأرض"و"يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر", فهو سبحانه "له الخلق والأمر".
ثم قال:"الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ": يخبر الله-عز وجل- بأنه خلق الخلق, وقدر عليهم الموت: وهو مفارقة الروح للبدن, والحياة: وهي اتصال الروح بالبدن, وركب فيهم العقول وهي مناط التكليف, لغاية الاختبار والامتحان.
فخلقهم ليميز المحسن من المسيئ, فيظهر من كان عمله خالصا لله, صوابا على ما أمر به, ومن كان غير ذلك.
فمن جاهد نفسه وشهواتها, ودافع عدوه الشيطان, وانقاد للمعبود بالذل والطاعة; كان الجزاء ما وعد الله المحسن من جنات ونعيم, ومن فرط وأعرض; فلا يلومن إلا نفسه.
وختم جل وعلا الآية باسمين عظيمين وهما: "العزيز العظيم": فالعزيز: المنيع الجناب الذي له عزة الذات, وعزة القهر, وعزة الغلبة.
والغفور: الذي يتجاوز عن المسيئ إن تاب وأناب وأصلح, بل يبدل السيئات حسنات, فهنا أمران: العفو عن الذنب وعدم ترتب أثره عليه.
وناسب ختم الآية بهذين الاسمين لأن الابتلاء سيترتب عليه انقسام الناس إلى قسمين:"فمنهم شقي وسعيد", فهو العزيز على من كفر وأعرض وتجبر وطغى, وهو الغفور لمن أطاع واصلح وتاب وأناب.
ثم قال:"الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ": ثم بين -سبحانه- إن من كمال قدرته أن خلق سبع سموات طبقة بعد طبقة, فلم يخلقهن طبقة واحدة, بل كل سماء فوق الأخرى, فلا يرى فيهن الناظر أي اختلاف أو تباين, بل يراها في أحسن حال وأبهى منظر وجمال, مع ما بث فيها من زينة الكواكب والنجوم, والشمس والقمر, لذلك جاءت الكثير من الآيات في القرآن حاثة الناس على النظر فيها, والتفكر في خلقها, لعظم دلالتها على خالقها ومبدعها وكمال علمه, وكمال قدرته, وكمال جميع أوصافه, كما قال تعالى:"قل انظروا ماذا في السموات والأرض", لذلك تحدى-سحانه- الناظر بقوله:"فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ": أي: ارجع واردد طرفك وانظر ثانيا وثالثا إلى السماء, فهل ترى فيها شقوق وعيوب أيا كانت!؟ بالطبع لا, لذلك قال:
"ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ": أي: ارجع البصر وقلبه في السماء مرة بعد مرة, مهما بلغت المراات, وكرر النظر بقدر ما تريد, فسوف يعود إليك صاغرا ذليلا عن أن يجد عيبا واحدا, كليلا منقطعا من الإعياء من كثرة ما كرر النظر ودقق باحثا عن خلل في السموات.
2: اذكر الأقوال الواردة في المسائل التالية مع بيان القول الراجح:
أ: معنى قوله تعالى: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}.
القول الأول: ألا يعلم المخلوق خالقه, ذكره ابن كثير ورجحه, وذكره السعدي والأشقر.
القول الثاني: ألا يعلم الخالق مخلوقه, ذكره ابن كثير وضعفه.
والقول الأول هو الراجح كما قال ابن كثير, ودل عليه سياق الآية, لقوله بعدها: {وهو اللّطيف الخبير}.
ب: المراد بالتسبيح في قوله تعالى: {قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون}.
الأقوال التي وردت:
القول الأول: لولا تستثنون, وهو قول القائل: "إن شاء اللّه", قال السدي: وكان استثناؤهم تسبيحا, فيكون الاستثناء تنزيها لله عن الظن السيئ بأن مشيئتهم نافذة ومستقلة عن مشيئة الرب سبحانه, ذكره ابن كثير, والسعدي.
القول الثاني: هلا تسبحون اللّه وتشكرونه على ما أنعم به عليكم, ذكره ابن كثير.
القول الثالث: طلبه منهم الاستغفار والتوبة الآن على ما وقع منهم من سوء النية والقصد. ذكره الأشقر. وهو ضعيف, لأن سياق الآية في الكلام عن كلام بينهم قدديم مضى قبل ووصولهم إلى الجنة ورؤيتهم حالها.
والراجح -والله أعلم-القول الأول: بأن المراد بالتسبيح تنزيه الله بالاستثناء, وقد يقال بأن الاستثناء يتضمن شكر الرب بالاعتراف بنعمه وكمال قدرته ومشيئته.
3. بيّن ما يلي:
أ: المراد بذات الصدور.
أي: ما تحويه الضمائر والسرائر من النيات والإرادات الكائنة في القلوب, ويدخل فيها أعمال القلوب من خير أو شر.
ب: المراد بالحكم ومعنى الصبر له في قوله تعالى: {فاصبر لحكم ربك}.
المراد بالحكم هو حكم الله القدري والشرعي والجزائي.
فالله أمرهم بالإيمان وأقام عليهم الحجة إرسال النبي-عليه الصلاة والسلام- وإنزال القرآن, ووقع عليهم حكمه القدري بالكفر, وسيقع عليهم حكمه الجزائي بالعقاب في الدنيا والآخرة, وتكون العاقبة للنبي والمؤمنين في الدارين.
والصبر على الحكم القدري يكون بالصبر وعدم التسخط بالجوارح أو القلب, فأمره بالصبر على أذاهم وتكذيبهم, والصبر على الحكم الشرعي يكون بقبوله والتسليم له والعمل بالمأمور وترك المناهي, والصبر على حكم الله الجزائي يكون باليقين التام بتحققه.