مجلس مذاكرة تفسير سورتي الانفطار والمطففين
الأسبوع العاشر
س1: بيِّن المراد بالحافظين في قوله تعالى:﴿ وإن عليكم لحافظين﴾ .
الحافظين هم الملائكة الحفظة الذين وكلهم الله بمراقبة الأقوال و الأعمال الظاهرة و الباطنة و تسجيلها على العباد قال تعالى :﴿ أم يحسبون أنا لا نعلم سرّهم و نجواهم بلى و رُسُلنا لديهم يكتبون﴾ ، فلكل عبد ملائكة ترقب أقواله و أفعاله و أحواله قال الله تعالى :﴿ عن اليمين و عن الشّمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ﴾.
س2: من سمات أهل الضلال تزكيتهم أنفسهم، ورميهم أهل الحق بالألقاب الشنيعة، وعيبهم والسخرية منهم، تكلَّم عن هذا الأمر من خلال دراستك لتفسير سورة المطففين
قال تعالى:﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاء لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (35) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36﴾
في هذه الآيات ذكر الله تعالى غرور المشركين الذي أعمى أبصارهم عن الحق ّ حتّى ظنوا أنهم على شيء فكانوا يستهزئون بالذين أوتوا الحق ّ و الإيمان و يرمونهم بكل نقيصة و يسخرون منهم -سخر الله منهم - فكانوا كما ذكر الله كلما مرّوا بالمؤمنين يتغامزون و يصفونهم بالضلال و هم في ذلك مغتبطين مسرورين ﴿قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله مالا تعلمون ﴾ فجمعوا في ذلك بين الإساءة و أمن العقوبة، و من أَمِن العقوبة أساء الأدب و قد جعل الله جزاءهم من جنس أعمالهم فيضحك المؤمنون منهم كما ضحكوا في الدنيا ، قال تعالى :﴿ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (35) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36﴾ .
س3: فسر قوله تعالى : ﴿إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5)﴾.
هذا المقطع من السورة يذكر فيه الله سبحانه و تعالى ما يفعل بعظيم خلقه حين تقوم السّاعة فينقلب كل شيء على غير هيئته التي خلقها الله عليها كما قال تعالى في كتابه :﴿يوم تبدل الأرض غير الأرض و السماوات﴾ و منها ﴿إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ﴾ أي انشقّت كما في سورة الانشقاق و زالت فلم يعد لها أثر و ﴿إِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ﴾ أي تندثر كواكبها و تتساقط
متفرقة و قد وردت الأفعال في الماضي و الحدثُ في المستقبل للدلالة على التحقق اليقين لوقوع الفعل .
﴿وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ﴾ فُجِّرت أي فتح بعضها على بعض فجُعلت بحرا واحدا و اختلط العذب بالمhلح وصارت ممتلئة.
﴿ وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ﴾ أي قُلّب ترابها و أُخرج ما فيها من الموتى .
﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ﴾ اتفق السلف على أن المقدَّم و المؤخّر في الآية هو العمل و لكن اختلف عباراتهم في ذلك ومؤدّاها واحد وهو أن النفس ستعلم يوم القيامة ماعملت من خير و شرّ و الذي لم تعمله منهما .
س4: اذكر متعلق النظر في قوله تعالى : ﴿إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (23)﴾المطففين.
إن متعلق نظر المتقين في الجنّة هو ما أعده الله لهم من النعيم المقيم و مفعول ينظرون في الآية محذوف و تقديره أنهم ينظرون إلى نعم الله و التي أعلاها و أجلها رؤية وجه الله الكريم.
س5: اذكر ما استفدته من فوائد سلوكية من قوله تعالى : ﴿أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5)﴾ .
التفكر في يوم البعث و زيادة اليقين فيه بالتذاكر و التأمل يجعل العبد يستعدّ لهذا اليوم العظيم و يتدارك مافاته من عمره بالمبادرة إلى التوبة و المسارعة في الأعمال الصالحة .
الزيادة في المكيال و الميزان و عدم البخس فيهما اتّقاء لهذا اليوم العظيم الذي لا يُبخس الناس فيه أعمالهم كما قال تعالى :﴿ يوم تجد كلّ نفس ما عملت من خير محضرا و ما عملت من سوء ﴾.
أن لا يظلم العبد مثقال ذرة و ليتذكّر أن لله يوما يُحاسِب فيه على النقير و القطمير ، قال تعالى : ﴿و قالوا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلاّ أحصاها و وجدوا ما عملوا حاضرا و لا يظلم ربّك أحدا﴾ و في ذلك ردع للظالم و تسلية للمظلوم .
لابد للداعية أن يذكّر الناس بيوم الحساب لأنّ عامّتهم يغفلون عن ذكره فيرغّب و يرهّب فإنه ركن ركين في إيمان العبد و تذكره يعين العبد على الاستقامة .