1. (عامّ لجميع الطلاب).
استخرج ثلاث فوائد سلوكية وبين وجه الدلالة عليها من قوله تعالى:
(كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (17)) الحشر.
1- ضرورة التحصن بالعلم, لأن الباطل عادة يأتي مزينا ببعض الحق, ليقذف الشبهات في قلب المسلم, وهذا يقع فيه أغلب الناس إلا من رحم ربي وحصنه بالعلم الصحيح, وهذا يؤخذ من قوله تعالى:"إني أخاف الله رب العالمين", فالشيطان وأعوانه من الإنس, يلبسون ثياب الصالحين الناصحين, وإن فقد المسلم العلم, وقع في حبالهم.
2- أهمية الصحبة الصالحة, فحتى لو لم تغير الإنسان, فهو على الأقل محاطا بسور منيع ينصحه ويبين له, ويأمره بخير, ويحفظ عليه وقته, ولا يعدم الخروج منهم بفائدة, وهذا من قوله تعالى:"كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر", ودلالة الآية واضحة على شؤم صاحب السوء الذي لا يأمر إلا بشر, فوجب الاحتياط والحذر عند اختيار الصاحب.
3- المتسبب بالإثم والمباشر له سواء في استحقاقهما الذنب والعقوبة, فليحذر المسلم من كلمة يقولها أو يكتبها, أو يعيد أرسالها, يشيع فيها الفاحشة بين المسلمين, وينشر بها المنكرات, ولو لم يباشر هو ذات الفعل, وهذا من قوله تعالى:"إذ قال للإنسان اكفر", وقوله:"فكان عاقبتهما أنهما في النار".
المجموعة الثالثة:
1. بيّن ما يلي:
أ: سبب نزول قوله: {لا ينهاكم اللّه عن الّذين لم يقاتلوكم في الدّين} الآية.
نزلت هذه الآية لما حضرت والدة أسماء بنت أبي بكر (قتيلة بنت عبد العزى), وقد كانت مشركة, حضرت لزيارة ابنتها لما عاهدت قريش المسلمين في صلح الحديبية, وأحضرت معها بعض الهدايا من: صناب وأقط وسمن, فرفضت اسماء رضي الله عنها, أن تستقبل والدتها في بيتها, أو أن تقبل الهدايا منها حتى تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم, فذهبت إليه وقالت:إن أمي قدمت وهي راغبة، أفأصلها؟ قال: "نعم، صلي أمك", وأنزل الله تعالى على نبيه:"لا ينهاكم الله عن الذين لم يقلتلوكم في الدين", الآية.
ب: أبرز صفات المنافقين مما درست.
أبرز صفات المنافقين:
1- الكذب, فلما خالف ظاهرهم باطنهم في مسألة الإيمان, هان عليهم الكذب في غيره من الأمور, كما قال تعالى عنهم:"والله يشهد إنهم لكاذبون".
2- الجبن, استولى الخوف على قلوبهم, فهم دائما هلعين جزعين, كما قال الله فيهم:"لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر"وقال: "ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون".
3- نقض العهود والمواثيق, وإخلاف الوعود, كما قال تعالى فيهم:"ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لأخوانهم الذين كفروا لئن أخرجتم لنخرجن معكم"......إلى قوله: "لئن أخرجوا لا يخرجون معهم...الآية".
4- عدم تعظيم الله وخشيته, بل يخافون من الناس والموت أكثر من خشيتهم لله, كما قال تعالى فيهم:"لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله".
5- الجهل المركب, فهم جاهلون بربهم سبحانه, جاهلون بحقائق الأمور وعواقبها, لذلك وقعوا فيما وقعوا فيه من كفر ونفاق, لذلك قال الله عنهم:"ذلك بأنهم قوم لا يفقهون".
6- مختلفون فيما بينهم أشد الاختلاف, والعداوة تفشت بينهم, مع أن ظاهرهم الائتلاف والاتفاق, لذا قال تعالى عنهم:"تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى".
7- لا عقل رشد لديهم, لذلك آثروا العاجلة الفانية على الآخرة الباقية, وأعرضوا عما فيه صلاح دنياهم وأخراهم, قال تعالى عنهم:"ذلك بأنهم قوم لا يعقلون".
2. حرر القول في:
المراد بـ "الذين من قبلهم"، في قوله تعالى: {كمثل الّذين من قبلهم قريبًا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذابٌ أليمٌ}.
ورد في المراد ب"الذين من قبلهم", قولان متباعدان:
الأول: وهو قول ابن عباس, حيث قال في قوله تعالى:"كمثل الذين من قبلهم" يعني: يهود بني قينقاع, وقاله قتادة, ومحمد بن إسحاق, ورجحه ابن كثير وقال: وهذا القول أشبه بالصواب, فإن يهود بني قينقاع كان الرسول عليه الصلاة والسلام, قد أجلاهم قبل هذا.
الثاني: إن المراد بهم كفار قريش, أي كما أصابهم يوم بدر, وهو قول مجاهد، والسدي، ومقاتل, ذكره ابن كثير, وهو قول السعدي والأشقر.
والراجح والله أعلم أن الآية عامة, ويمكن حملها على كلا القولين, وهو من التفسير بالمثال, فما حدث لكفار قريش يوم بدر لما غرتهم أنفسهم وظنوا أنهم منتصرين على الرسول عليه الصلاة والسلام, والمسلمين, فأذلهم الله وخذلهم, وقتل المسلمون صناديدهم, وأسروا من أسروا منهم, فذاقوا وبال أمرهم.
كذلك ما حدث ليهود بني قينقاع من ذل وهوان وإجلاء لهم عن بيوتهم, ووقوع حصونهم في أيدي رسول الله والمسلمين, فالجميع عبرة لمن أراد الاعتبار, ولا إشكال في حمل الآية على كلا القولين لعموم لفظها.
3. فسّر قوله تعالى:
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7) يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9) }
"ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا وهو يدعى إلى الإسلام": بعد أن بين الله تعالى حال موسى وعيسى عليهما السلام, في دعوة قومهما, وبين بأن الحجة نزلت على الناس بما أرسل به الرسل, ذكر سبحانه وتعالى: أن لا أحد أظلم ممن يفتري الكذب على الله, ويجعل معه أندادا, وهو يدعى إلى التسليم والتوحيد والإخلاص لله تعالى, والدخول في دينه الذي هو أشرف الأديان, فمثل هذا لا حجة له ولا عذر, فدعوة الرسل واضحة بينة, وهم أصدق الناس, فما كانوا ليصدقوا مع الناس ويكذبوا على ربهم!
"والله لا يهدي القوم الظامين": وهم المصرون على ما هم عليه من كفر, والذي هو أعظم أنواع الظلم, فلا تنفع معهم موعظة, ولا تزجرهم عما هم فيه من عتو وغرور, بل يحاربون دين الله, ويحاربون المسلمين, لذلك هم أبعد الناس عن هداية الله لهم, كما قال تعالى:"فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم", لذلك فضحهم بقوله:
"يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم": فهم يحاولون أن يدفعوا الحق بالباطل بما ينشروه بين الناس من مقالات فاسدة مزينة ببعض الحق, ليثيروا بها الشبهات, وهيهات يفعلوا, فحالهم كحال من يريد أن يطفئ نور الشمس الساطع البين بمجرد النفخ عليه من فيه, وهذا محال عظيم, فالله فضحهم, وهم لا يخفون على صاحب البصيرة.
"والله متم نوره ولو كره الكافرون": وقد تكفل الله بنصر دينه, وحفظ كتابه, ليعلي به الحق ويزهق الباطل, ويظهر نوره في شتى الأقطار, ولو كره الكافرون ذلك, وحاربوه, وبذلوا ما في وسهم لمحاربته, فإنهم مدحورون مخذولون.
"هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق": وهنا بيبن الله سبحانه وتعالى, كون هذا الدين ظاهر منصور على مر العصور, إما بالسيف والبنان, أو بالحجة والبرهان, فقد أرسل الله سبحانه وتعالى, نبيه بالعلم النافع والعمل الصالح: العلم النافع الذي يهدي العبد إلى ربه, ويهديه إلى صالح الأعمال, ويهديه إلى أحسن الأخلاق, ويهديه إلى مصالح الدنيا والآخرة, وإلى دار الخلد, مستراح المؤمن بعد ضنك الدنيا وكبدها.
وأرسله ب"دين الحق", وهو الدين الذي يتعبد المسلم به لربه, وهو العمل الصالح ثمرة العلم النافع, وهذا الدين حق وصدق, لا نقص فيه ولا خلل, بل ما فيه من أوامر ونواهي فيها صلاح الدنيا والدين, وفيه غذاء القلوب والأرواح, وهذا من أكبر البراهين على صدق هذه الرسالة, لذلك دين الله ظاهر ومهيمن على سائر الأديان, لأنه صالح لكل زمان ومكان لمن تفكر فيه وتدبر, ولو كره المشركون الكافرون ذلك, وحاولوا محاربته, فإن ظهوره كائن لا محالة.
أما المنتسبون إليه: فنصرهم مرهون بتمسكهم به, كما قال تعالى:"ولينصرن الله من ينصره", أما إن تركوه واستبدلوه, سلط الله عليهم الأعداء, واستبدلهم بخير منهم.