المجموعة الأولى:
س1: اذكر ثلاثة أدلّة على فضل سورة الفاتحة.
- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أم القرآن هي السبع المثاني، والقرآن العظيم). رواه البخاري من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.
- حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال :كان النبي صلى الله عليه وسلم في مسيرٍ له فنزل ونزل رجل إلى جانبه؛ فالتفتَ إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: (ألا أخبرك بأفضل القرآن) ،قال : فتلا عليه: (الحمد لله رب العالمين). رواه النسائي في السنن الكبرى وابن حبان والحاكم كلهم من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس به.
- حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم، سمع نقيضا من فوقه، فرفع رأسه، فقال: (هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم) فنزل منه ملك، فقال: (هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم) فسلم وقال: (أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته). رواه مسلم في صحيحه وابن أبي شيبة في مصنفه والنسائي في الكبرى وأبو يعلى وابن حبان والطبراني في الكبير والحاكم والبيهقي في السنن الصغرى وغيرهم من طريق عمار بن رزيق، عن عبد الله بن عيسى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
س2: ما معنى تسمية سورة الفاتحة بما يلي:
أ. أم الكتاب.
القول الأول: أنها سميت أم الكتاب لأنها تتضمن أصول معاني القرآن، فمعاني القرآن ترجع لما ورد في سورة الفاتحة ، فقد تضمنت حمد الله والثناء عليه ، وإفراد الله بالعبادة والاستعانة به ، وطلب الهداية التي تدخل صاحبها في زمرة الذين أنعم الله عليهم وتنجيه من أن يكون مع المغضوب عليهم والضالين ،وسور القرآن توضح وتفصل هذه المعاني وتورد القصص والعبر التي تؤكد عليها وتبينها وتحتج لها، وقد ذكر هذا القول بمعناه جماعة من المفسرين.
القول الثاني: سميت أم الكتاب لأنها تقدمت على سوره في المصاحف وفي الصلاة ، والعرب تسمي المقدم على شيء أم له ، وذكر هذا القول بمعناه أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، والبخاري في صحيحه، ثم ذكره جماعة من المفسّرين بعد ذلك.
والصواب الجمع بين المعنيين لصحتهما، وعدم تعارضهما ،وقد جمع ابن جرير بينهما فقال: (وإنما قيل لها أمَّ القرآن لتسميةِ العربِ كلَّ جامعٍ أمرًا أو مقدَّمٍ لأمرٍ إذا كانت له توابعُ تتبعه هو لها إمام جامع: "أُمًّا).
ب. الوافية
القول الأول: أنها سميت الوافية لأنها تقرأ وافية فيكل ركعة، ولا يجوز أن تقسم أو تتجزأ مثل باقي سور القرآن ، وهو قول الثعلبي.
قال الثعلبي: (وتفسيرها لأنها لا تُنَصَّفُ، ولا تحتَمِلُ الاجتزاء؛ ألا ترى أنَّ كلّ سورة من سور القرآن لو قرئ نصفها في ركعة والنصف الآخر في ركعة كان جائزاً، ولو نُصِّفَت الفاتحة وقرئت في ركعتين كان غير جائز).
القول الثاني: أنها وافية بكل معاني القرآن ، وهذا قول الزمخشري.
س3: نسب القول بمدنية سورة الفاتحة إلى أبي هريرة ومجاهد والزهري ؛ فهل يصح ذلك عنهم؟ ولماذا؟
- أما نسبة القول بمدنية الفاتحة لأبي هريرة رضي الله عنه فلا يصح ، فقد روى أبو الأحوص الكوفي عن منصور بن المعتمر عن مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (رنَّ إبليس حين أنزلت فاتحة الكتاب، وأنزلت بالمدينة) خرجه الطبراني في الأوسط، وابن الأعرابي في معجمه كلاهما من طريق أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي الأحوص به، وهو في مصنف ابن أبي شيبة مختصراً بلفظ: (أنزلت فاتحة الكتاب بالمدينة).
وهذا الإسناد رجاله ثقات ولكنه منقطع لأن مجاهد لم يسمع من أبي هريرة.
- وأما نسبة القول بمدنية الفاتحة لمجاهد فهو صحيح وثابت، وهي تعد هفوة عالم والدليل ما ذكره الدارقطني في إسناد الأثر السابق فقد قال: (يرويه منصور بن المعتمر واختلف عنه؛ فرواه أبو الأحوص عن منصور عن مجاهد عن أبي هريرة، وغيره يرويه عن منصور، عن مجاهد من قوله وهو الصواب) .
وقد روي أيضا عن ابن أبي شيبة مقطوعاً على مجاهد من طريق زائدة، عن منصور، عن مجاهد قال: (الحمد لله رب العالمين أنزلت بالمدينة).
وروي عن أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: (نزلت فاتحة الكتاب بالمدينة).
وقال الحسين بن الفضل البحلي: (لكل عالم هفوة، وهذه منكرة من مجاهد لأنّه تفرَّد بها، والعلماء على خلافه).ذكره الثعلبي
- وأما نسبة القول للزهري فلا تصح ،وقد روي عنه في كتاب (تنزيل القرآن) المنسوب إليه أن الفاتحة أول ما نزل بالمدينة ،وهذه الرواية لاتصح لأن في سندها الوليد بن محمد الموقري وهو متروك الحديث.
س4: هل نزلت سورة الفاتحة من كنز تحت العرش؟
لم يرد في أنها نزلت من كنز تحت العرش إلا حديثان ضعيفان هما:
- حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله عز وجل أعطاني فيما منَّ به علي؛ إني أعطيتك فاتحة الكتاب، وهي من كنوز عرشي، ثم قسمتها بيني وبينك نصفين) رواه ابن الضريس في فضائل القرآن والعقيلي في الضعفاء والبيهقي في شعب الإيمان والديلمي في مسند الفردوس كلهم من طريق مسلم بن إبراهيم عن صالح بن بشير المري عن ثابت عن أنس، وصالح بن بشير ضعيف الحديث، قال النسائي: متروك الحديث.
- عن علي بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه أنّه سئل عن فاتحة الكتاب، فقال: ثنا نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثمّ تغيّر لونه، وردّدها ساعةً حين ذكر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ثمّ قال: (أنها نزلت من كنزٍ تحت العرش)رواه إسحاق بن راهويه كما في إتحاف الخيرة والديلمي في مسند الفردوس كلاهما من هذا الطريق، وهو ضعيف لانقطاع إسناده؛ فإنّ فضيلاً لم يدرك عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
أما ماصح فهو أن ما نزل من كنز تحت العرش هي خواتيم سورة البقرة، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( فُضّلنا على الناس بثلاث: جعلت لي الأرض كلها لنا مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا، وجعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وأوتيت هؤلاء الآيات آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش لم يعط منه أحد قبلي ولا يعطى منه أحد بعدي)رواه أبو داوود الطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد والنسائي وغيرهم
س5: بيّن دلالة النصّ على أن سورة الفاتحة سبع آيات
قول الله تعالى: (ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم) في سورة الحجر،
وما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير السبع المثاني بسورة الفاتحة.
وقال أبو العالية في تفسير الآية: (فاتحة الكتاب سبع آياتٍ) رواه ابن جرير.
س6: بيّن الحكمة من مشروعية الاستعاذة.
قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) فالعبادة من المقاصد العظيمة التي من أجلها خلق الله الإنسان ، والاستعاذة من أعظم العبادات لأنها تتضمن عبادات أخرى قولية وقلبية وعملية منها:
- اقرار العبد بضعفه وفقره وانكساره بين يدي ربه .
- أنها تستلزم إيمان العبد بأسماء الله الحسنى وصفاته العليا، فالعبد يستعيذ بالله لإيمانه بقدرة الله تعالى على إعاذته ،وإيمانه بسمع الله وبصره وعلمه بحاله ورحمته به وأنه مجيب الدعاء.
- أن المستعيذ تقوم في قلبه عبادات قلبية عظيمة مثل الخوف فهو يخاف أن يرد الله دعاءه بسبب ذنوبه، والرجاء فهو يرجو أن يستجيب الله له وأن يجيره ويعيذه مما يخاف، والتوكل فهو يفوض أمره لله ،والإنابة فهو مقبل على ربه، والإخلاص فيستعيذ بالله وحده ،والمحبة لله تعالى، والخشية، والاستعانه وغيرها من الأعمال العظيمة التي تقرب العبد من ربه وتكون سببا في محبة الله للعبد وهدايته له.