المجموعة الرابعة:
1: ما سبب خنوس الوسواس؟ وكيف يوسوس؟
-أجمع جمهور المفسرين ،أن سبب خنوسه هو ذكرالله
-وقيل ،طاعته والاستجابة إليه ،لذلك يحس بعض الناس بالراحة عند المعصية
قال ابن جرير: (والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله -تعالى ذِكره- أَمَرَ نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يستعيذ به من شر شيطان يوسوس مرة ويخنس أخرى، ولم يخصَّ وسوسته على نوع من أنواعها، ولا خنوسه على وجه دون وجه، وقد يوسوس بالدعاء إلى معصية الله؛ فإذا أطيع فيها خنس، وقد يوسوس للنهي عن طاعة الله ؛ فإذا ذكر العبد أمر ربه فأطاعه فيه وعصى الشيطانَ خنس .
كيف يوسوس : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا ذكر الله خنس ، فهو يقذف في قلب ابن آدم ويوسوس له ، فهو على اتصال معه ، فيشغله عن دينه، ومن لم يعصم منه ،وأغواه الشيطان فقد ظل الهدى وشقى ، قال ابن حجر: (وقد ورد في خبر مقطوع أن رجلا سأل ربه أن يريه موضع الشيطان ، فرأى الشيطان في صورة ضفدع عند نغض كتفه الأيسر حذاء قلبه له خرطوم كالبعوضة. أخرجه ابن عبد البر بسند قوي إلى ميمون بن مهران عن عمر بن عبد العزيز فذكره.
فالرسول الكريم معصوم من وسوسة الشيطان ، قال ابن حجر أيضاً: (قال السهيلي: وضع خاتم النبوة عند نغض كتفه صلى الله عليه وسلم لأنه معصوم من وسوسة الشيطان وذلك الموضع يدخل منه الشيطان) .
2: فسّر قوله تعالى: {الذي يوسوس في صدور النّاس * من الجنّة والنّاس}.
يبين الله سبحانه في هذه الآية الكريمة محل الوسوسة ، وهي في الصدور ، وكما هو معلوم أن الصدور هي محل القلب ومكانه ، وفي القلوب صلاح الجوارح وفسادها ومنتهاها ..
والوسوسة ,هو أن يدعوه الشيطان بصوت خفي يصل فهمه للقلب دون إحداث صوت .
(من الجنة والناس )
(من ) هي من البيانية
فهي تبين أن الوسواس يكون من الجن والأنس على حد سواء ،والوسوسة محلها في الصدور ،وهي محل القلب ، فإذا صلح القلب ، صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله .
والوسوسة من الشيطان ،كما هو معروف ،أغوائه ،وتزيين العمل له ،وصده عن السبيل ، ودفعه لمسالك الشر والمعاصي .
ووسوسة الإنس تكون ،بأن يوسوس الإنسان غيره ، ويجره إلى المصية ، ويزينها له ، فيتبعها مهالك وعواقب وخيمة ، ويحجب عنه الخير ،فيجب على المسلم الإستعاذة من وسوسة الإنس والجن ، ويمنع عنه ضررها وأذاها .