س1: ملاك العلم بثلاثة أمور، اذكرها مع بيان أهميّة كل أمر وبم يتحقّق.
1: حسنالفهم.
2: وقوة الحفظ.
3: وسَعَة الاطلاع
ومن جمعهاكان من العلماء الكبار،ولكلواحد من هذه الأمور الجليلة مقوّمات يتفاوت طلاب العلم والعلماء في تحقيقها، وتلكالمقومات بينها تناسب ظاهر، ويعين بعضها على بعض.
- فحسن الفهمملكة من رُزقها فقد أوتي خيراً كثيراً، فإنهيستجلب بها من البركة في مسائل العلم شيئاً عظيماً إذا صلحت نيّته وزكت نفسه.
وحسن الفهمله أمور تعين عليه(أي أنه يتحقق عن طريق): أن تكون دراسة طالب العلم على منهج صحيح يراعى فيهالتدرّج العلمي ومناسبته لحال الطالب، وضبط أصول العلم الذي يدرسه، وأن تكون دراستهتحت إشراف علمي من عالم أو طالب علم متمكّن ليرشده إلى ما ينفعه ويجيب على ما يشكلعليه من الأسئلة .
وأهميته تتمثل في أنّ طالب العلم إذا ضبط أصول العلم الذي يدرسه وعرف قواعده، وكيف تُبحثمسائله، وعرف أئمّة ذلك العلم وقرأ بعض كتبهم وعرف مناهجهم وشيئا من سيرهم وأخبارهمفإنّه يزداد بصيرة بذلك العلم، ويكون أقرب إلى النجاة من فتن الشبهات التي تثار فيذلك العلم إذا سلم من اتّباع الهوى.
ثم في كلّ مسألة تثار فيها الشبهة أو يحتاجالطالب إلى دراستها مقوّمات تعين على حسن الفهم فيها وإزالة الإشكالات التي ترد علىبعض الطلاب ، وكشف الشبهات التي يثيرها من يثيرها من أصحاب الأهواء.
فمن ذلك أنينظّم قراءته في تلك المسألة؛ بالاطلاع على ما قيل في تلك المسألة من كتب أهلالعلم، وكلما ازداد الطالب بصيرة بالعلم الذي يدرسه ازداد معرفة بمظان المسائل التييبحث فيها.
والخلاصة أن الباحث إذا جمع أقوال العلماء في تلك المسألة واجتهد في تقصّيهاواستيعابها وميّز المتقدّم منها عن المتأخّر، وعرف ترتيب أقوال العلماء وكيفتناقلوا الحديث في تلك المسألة؛ فإنّه يسهل عليه بإذن الله أن يعرف أقوال الأئمة فيتلك المسألة والقول الصواب فيها، ويعرف منشأ الإشكال وسبب إثارة الشبهة، ويتعرّفعلى أسباب انتشار بعض الأقوال الخاطئة.
-وأما قوة الحفظفيتفاوت فيها الطلاب تفاوتاً ظاهرا.
لكن ممايعين على قوّة الحفظ: تنظيم الدراسة، ومداومة النظر ، وكثرة التكرار ، وأن يكونللطالب أصل مختصر في العلم الذي يدرسه إما أن ينتقي كتاباً مختصراً أو يتّخذ لنفسهملخّصاً جامعاً يدمن النظر فيه حتى ترسخ مسائله في قلبه.
قالابن أبي حاتم سألته [أي البخاري]: هل من دواء يشربه الرجل، فينتفع به للحفظ ؟
فقال: لا أعلم، ثمأقبل علي، وقال: (لا أعلم شيئا أنفعَ للحفظ من نهمة الرجل،ومداومة النظر).
وقد كان رحمه الله منشدّة نهمته وإدامة نظره في الكتاب ربّما استيقظ من نومه في الليلة الواحدة مراراًويضيئ السراج فيراجع حديثاً أو مسألة أو يدوّن شيئاً.
وبمثل هذه النهمة وإدامةالنظر يحصل للدارس قوّة الحفظ بإذن الله تعالى بلا كدّ ذهني.
وتحصيل سعةالاطلاعإذا حاوله الطالب بجهد فردي قد يكون شاقاً عسراً، وقد لا يحصل لهإلا بمعاناة القراءة الكثيرة سنوات عديدة ، كما فعل ذلك بعض العلماء.
فيذكر عنشيخ العربيّة في زمانه الأستاذ محمود شاكر رحمه الله أنه اعتزل الناس وانقطعللقراءة الواسعة ثلاث عشرة سنة، وكان رحمه الله صاحب جلد على القراءة، حتى إنه لماطلب منه شيخنا الشيخ صالح آل الشيخ أن يختار له كتاباً في متن اللغة ليضبط منهمفردات اللغة أوصاه بلسان العرب لابن منظور؛ فقال الشيخ صالح: لكنه في عشرينمجلداً.
فقال: وأيّ شيء عشرون مجلداً!! قرأناه على شيخنا مرتين، وقرأناه في المرةالثالثة ولم نتمّه.
س2: بين أهمية الفهرسة العلمية لطالب العلم.
الفهرسة العلمية تفيد الدارس في استجلاء المسائل العلمية في العلم الذي يدرسه بتفصيل حسن وترتيب وتنظيم يعينه على حسن الفهم وقوة الحفظ إذا داوم على المطالعة وتعاهد هذا الفهرس بالقراءة والإضافة والتحسين.
وأن طالب علم التفسير يحتاج إلى الاطلاع الواسع الحسن على مسائل علوم القرآن، ومما يسهّل عليه ذلك أن يطّلع على الأعمال المعدّة في فهرسة تلك العلوم؛ فإنّها تفيده في اكتساب المعرفة الشاملة للمسائل التي تناولها العلماء بالحديث والدراسة في ذلك العلم.
وإذا واصل طالب العلم الاطلاع على مسائل علوم القرآن بهذه الطريقة وكان ذا فهم حسن وحرص على ضبط المسائل العلمية فإنّه يرجى له أن يكون واسع الاطلاع في هذه العلوم في مدّة غير طويلة بإذن الله تعالى.
س3:حاجة الأمة إلى إعداد العلماء ماسة ، وضح ذلك بالدليل.
فإنَّ حاجة الأمة إلى العلماءماسة، وإنّ العناية بإعداد العلماء وتهيئة السبل المعينة لطلاب العلم على حسنالتحصيل وقوة التأصيل من أهمّ الواجبات العامّة على الأمّة؛ فإنّ العلماء هم رؤوسالناس؛ يصدرون عن أقوالهم وبيانهم وفتاويهم، فإن أرشدوهم بما بيّنه الله من الهدىرشدوا وأفلحوا، وإن كتموا الحقّ ولبّسوا عليهم ضلّوا وأضلّوا.
وحاجة الناس إلى من يرشدهمويبصّرهم حاجة ماسّة لا بدّ لهم منها، فإذا لم يجدوا علماء صالحين يرشدونهم إلىالحقّ ؛ عظّموا بعض المتعالمين وصدروا عن رأيهم، ويدلّ لذلك حديث عبد الله بن عمروبن العاص رضي الله عنهما أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: (( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور العلماء، ولكن يقبضالعلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتّخذ الناس رؤوساً جهّالاً فسئلوافأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا)). رواه البخاريومسلم.
فلمّا كانت حاجة النّاس للسؤال حاجة دائمة باقية ما بقوا ولم يجدوا علماءيسألونهم اتّخذوا رؤوساً جهّالاً فسألوهم.
وهذا يفيدنا أن حاجة الأمّة إلى من يرشدهاويبصّرها ويبيّن لها الحق حاجة ملحّة باقية، ولا سيّما في الفتن ومدلهمّات الأموروما تبرأ به الذمّة.
ولهذا كان من أهمّ الواجبات العامّة علىالأمّة إعداد العلماء الذين يسدّون هذه الحاجة، ويقومون بهذا الواجب الكفائي.