دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأسيس في التفسير > صفحات الدراسة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 شوال 1435هـ/14-08-2014م, 10:52 AM
عذاري البعيجان عذاري البعيجان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 140
افتراضي صفحة الطالبة عذاري للقراءة المنظمة

اللهم علمنا ماينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وعملاو إخلاصا وخشية

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26 ذو القعدة 1435هـ/20-09-2014م, 06:55 PM
عذاري البعيجان عذاري البعيجان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 140
افتراضي

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،
فقد قسمت مقدمة ابن كثير رحمه الله تعالى إلى خمسة محاور رئيسة على النحو الآتي:
1- المقدمة.
2- مسائل في أصول التفسير.
3- مسائل في علوم القرآن.
4-فضل القرآن الكريم وأحكام متعلقة بتلاوة القرآن وآدابها.
5- ذكر فوائد متفرّقة.
وسأفردها في عدة مواضيع تسهيلا لعرضها وقراءتها علما بأني ضممت بعض المواضيع المتحدة في الفكرة أو المتقاربة واختصرت بعض الشواهد و أبقيت بعضها لتعددأوجه دلالتها في بعض المسائل والله وحده الموفق .

المقدّمة

-الحمد والثناء على الله تعالى والصلاة والسلام على نبيه الكريم.
-التهديد والتوعد بالنار لمن كفر بالقرآن العظيم.
-الندب والحث على فهم القرآن وتدبره.
-الواجب على العلماء تجاه كتاب الله تعالى:
الكشف عن معاني كلام الله، وتفسيرذلك، وطلبه من مظانه، وتعلم ذلك وتعليمه، كما قال تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونهفنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون}[آلعمران: 187.
فذم الله تعالى أهل الكتابقبلنا بإعراضهم عن كتاب الله إليهم، وإقبالهم على الدنيا وجمعها، واشتغالهم بغير ماأمروا به من اتباع كتاب الله.
- الواجب على المسلمين تجاه كتاب الله تعالى:
علينا أن ننتهي عما ذمهم الله تعالى به، وأن نأتمر بما أمرنا به، من تعلمكتاب الله المنزل إلينا وتعليمه، وتفهمه وتفهيمه، قال الله تعالى: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحقولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهمفاسقون * اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكمتعقلون}[الحديد: 16، 17]. ففي ذكره تعالى لهذه الآيةبعد التي قبلها تنبيه على أنه تعالى كما يحيي الأرض بعد موتها، كذلك يلين القلوببالإيمان والهدى بعد قسوتها من الذنوب والمعاصي، والله المؤمل المسؤول أن يفعل بناذلك، إنه جواد كريم.

المسائل المهمة في أصول التفسير:


مصادر تفسير القرآن العظيم:


تقع ضمن المراتب الآتية:

المرتبة الأولى: أصح الطرق أنيفسر القرآن بالقرآن.

المرتبة الثانية: إن لم يجدفبالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له .قال تعالى: وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} [وقال رسول الله صلىالله عليه وسلم: ((ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه))يعني: السنة.
كما قال رسول الله صلى الله عليهوسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: ((بم تحكم؟)). قال: بكتابالله. قال: ((فإن لم تجد؟)).قال: بسنة رسول الله. قال: ((فإن لم تجد؟)).قال: أجتهدبرأيي. قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره، وقال: ((الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله))وهذاالحديث في المسانيد والسنن بإسناد جيد، كما هو مقرر في موضعه.
المرتبة الثالثة: إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة،رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك، لما شاهدوا من القرائن والأحوالالتي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، والعمل الصالح.
عن مسروق، قال: قال عبد الله -يعني ابن مسعود- : والذي لا إله غيره، ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلتوأين نزلت ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته.
وقال أبو عبد الرحمنالسلمي:حدثنا الذين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا يستقرئون منالنبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بمافيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا.
ومنهم الحبر البحر عبد الله بن عباس، ابن عم رسول اللهصلى الله عليه وسلم، وترجمان القرآن ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لهحيث قال: ((اللهم فقهه في الدين، وعلمهالتأويل)).


المرتبة الرابعة: إذالم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا عن الصحابة، فقد رجع كثير منالأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين، كمجاهد بن جبر فإنه كان آية في التفسير، كما قالمحمد بن إسحاق: حدثنا أبان بن صالح، عن مجاهد، قال: عرضت المصحفعلى ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه، وأسألهعنها.
وكسعيد بن جبير، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبيرباح، والحسن البصري، وغيرهم من التابعين وتابعيهم ومن بعدهم،

الموقف من اختلاف عبارات التابعين في التفسير:
إذا ذكرتأقوالهم في الآية يقع في عباراتهم تباين في الألفاظ، يحسبها من لا علم عندهاختلافا فيحكيها أقوالا وليس كذلك، فإن منهم من يعبر عن الشيء بلازمه أو بنظيره،ومنهم من ينص على الشيء بعينه، والكل بمعنى واحد في كثير من الأماكن.
وقال شعبةبن الحجاج وغيره: أقوال التابعين في الفروع ليست حجة؟ فكيف تكونحجة في التفسير؟يعني: أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم، وهذا صحيح،أما إذا أجمعوا على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة، فإن اختلفوا فلا يكون بعضهم حجةعلى بعض، ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن أو السنة أو عموم لغةالعرب، أو أقوال الصحابة في ذلك.

حكم تفسير القرآن بالرأي؟
ينقسم التفسير بالرأي إلى قسمين:
القسم الأول: أن يكون التفسير بلا علم وإنما بمجرد الرأي فهذا حرام، لما رواه ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه، -أو بما لا يعلم-، فليتبوأ مقعده منالنار)).
وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
وعن جندب؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قالفي القرآن برأيه فقد أخطأ))..
وفي لفظ لهم: ((من قال في كتاب اللهبرأيه، فأصاب، فقد أخطأ))أي: لأنه قد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ماأمر به، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأت الأمر منبابه، و سمى الله تعالى القذفة كاذبين،فقال: {فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله همالكاذبون}[النور: 13]، فالقاذف كاذب، ولو كان قد قذفمن زنى في نفس الأمر؛ لأنه أخبر بما لا يحل له الإخبار به، ولو كان أخبر بما يعلم؛لأنه تكلف ما لا علم له به، والله أعلم.
موقف السلف من تفسير ما لا علم لهم به:
-كما روى شعبة، عن أبي معمر، قال: قال أبو بكرالصديق، رضي الله عنه: أي أرض تقلني وأي سماء تظلني؟ إذا قلت فيكتاب الله بما لا أعلم.

- عن أنس؛ أنعمر بن الخطاب قرأ على المنبر: {وفاكهة وأبا}[عبس: 31]، فقال: هذه الفاكهة قد عرفناها، فماالأب؟ ثم رجع إلى نفسه فقال: إن هذا لهو التكلف يا عمر.
وهذا محمول على أنه، رضي الله عنه أراداستكشاف علم كيفية الأب، وإلا فكونه نبتا من الأرض ظاهر لا يجهل، لقوله تعالى: {فأنبتنا فيها حبا * وعنبا}الآية[عبس: 27، 28].
-
عن الوليد بن مسلم، قال: جاء طلق بن حبيب إلى جندب بنعبد الله، فسأله عن آية من القرآن؟ فقال له: أحرج عليك إن كنت مسلما لما قمت عني،أو قال: أن تجالسني.
وقال مالك،عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب: إنه كان إذا سئل عن تفسير آية من القرآن، قال: إنا لا نقول في القرآن شيئا.
-قال ابن شوذب: حدثني يزيد بن أبي يزيد، قال: كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام، وكان أعلم الناس، فإذاسألناه عن تفسير آية من القرآن سكت، كأن لم يسمع.
- عن محمد بن سيرين: سألت عبيدة يعني السلماني، عن آية منالقرآن فقال: ذهب الذين كانوا يعلمون فيم أنزل القرآن فاتقالله، وعليك بالسداد.
- عن مغيرة، عنإبراهيم، قال: كان أصحابنا يتقون التفسيرويهابونه.
-وقال شعبة عن عبد اللهبن أبي السفر، قال: قال الشعبي: والله ما من آية إلا وقد سألتعنها، ولكنها الرواية عن الله عز وجل.
- عن مسروق، قال: اتقوا التفسير، فإنما هو الرواية عنالله.
فهذه الآثار الصحيحة وماشاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به.
القسم الثاني: ان يكون التفسير بالرأي بما يعلم من ذلك لغة وشرعا، فهذا جائز؛ ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهمأقوال في التفسير، ولا منافاة؛ لأنهم تكلموا فيما علموه، وسكتوا عما جهلوه، وهذا هوالواجب على كل أحد؛ فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به، فكذلك يجب القول فيماسئل عنه مما يعلمه، لقوله تعالى: {لتبيننه للناس ولاتكتمونه}[آل عمران: 187]، ولما جاء في الحديث المروىمن طرق: ((من سئل عن علم فكتمه، ألجم يوم القيامة بلجام مننار)).
فإن من القرآن ما استأثر الله تعالى بعلمه، ومنه ما يعلمه العلماء، ومنه ماتعلمه العرب من لغاتها، ومنه ما لا يعذر أحد في جهله، كما صرح بذلك ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب منكلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلاالله.

حكم الأحاديث الإسرائيلية:
في بعض الأحيان ينقل عن بعض الصحابة ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب التي أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: ((بلغوا عنيولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده منالنار))رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو.
ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد، لاللاعتضاد، فإنها على ثلاثة أقسام:
أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق،فذاك صحيح.
والثاني: ما علمنا كذبه مماعندنا مما يخالفه.
والثالث: ما هو مسكوتعنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه، وتجوز حكايته لماتقدم.
وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني مثل أسماءأصحاب الكهف، ولون كلبهم، وعددهم، وعصا موسى من أي الشجر كانت؟ وأسماء الطيور التيأحياها الله لإبراهيم، إلى غير ذلك مما أبهمه الله تعالى في القرآن، مما لافائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دينهم ولا دنياهم.

هل يجوز نقل الخلاف عنهم فيذلك؟
جائز، كما قال تعالى: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهمويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلمبعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهمأحدا}[الكهف: 22]، فقد اشتملت هذه الآية الكريمة علىالأدب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا، فإنه تعالى حكى عنهم ثلاثة أقوال،ضعف القولين الأولين وسكت عن الثالث، فدل على صحته إذ لو كان باطلا لرده كما ردهما،ثم أرشد على أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته، فيقال في مثل هذا: {قل ربي أعلم بعدتهم}فإنه ما يعلم ذلك إلا قليل من الناس،ممن أطلعه الله عليه؛ فلهذا قال: {فلا تمار فيهم إلا مراءظاهرا}أي: لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته، ولا تسألهم عن ذلك فإنهم لايعلمون من ذلك إلا رجم الغيب.

أحسن ما يكون في حكاية الخلاف:
أن تستوعبالأقوال في ذلك المقام، وأن تنبه على الصحيح منها وتبطل الباطل، وتذكر فائدة الخلافوثمرته؛ لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته، فتشتغل به عن الأهم.


مسائل في علوم القرآن
السور المكية والمدينة وتعريف المكي والمدني
:
-
عن قتادة قال: "نزل في المدينة من القرآنالبقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، وبراءة، والرعد، والنحل، والحج، والنور،والأحزاب، ومحمد، والفتح، والحجرات، والرحمن، والحديد، والمجادلة، والحشر،والممتحنة، والصف، والجمعة والمنافقون، والتغابن، والطلاق، ويا أيها النبي لم تحرم،إلى رأس العشر، وإذا زلزلت، وإذا جاء نصر الله. هؤلاء السور نزلت بالمدينة، وسائرالسور نزل بمكة".

المكي: ما نزل قبل الهجرة، والمدني: ما
نزل بعد الهجرة، سواء كان بالمدينة أو بغيرها من أي البلاد كان، حتى ولو كان بمكةأو عرفة. وقد أجمعوا على سور أنها من المكي وأخر أنها من المدني، واختلفوا في أخر،وأراد بعضهم ضبط ذلك بضوابط في تقييدها عسر ونظر، ولكن قال بعضهم: كل سورة في أولهاشيء من الحروف المقطعة فهي مكية إلا البقرة وآل عمران، كما أن كل سورة فيها: {يا أيها الذين آمنوا}فهي مدنية وما فيها: {يا أيها الناس}فيحتمل أن يكون من هذا ومن هذا، والغالبأنه مكي. وقد يكون مدنيا كما في البقرة{يا أيها الناساعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون}[البقرة: 20]،{يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيباولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين}[البقرة: 168].
قال أبو عبيد: حدثنا أبومعاوية، حدثنا من سمع الأعمش يحدث عن إبراهيم بن علقمة: كل شيء في القرآن: {يا أيها الذين آمنوا}فإنه أنزل بالمدينة، وما كان{يا أيها الناس}فإنه أنزل بمكة. ثم قال: حدثنا علي بنمعبد، عن أبي المليح، عن ميمون بن مهران، قال: ما كان فيالقرآن: {يا أيها الناس}و{يا بني آدم}فإنه مكي،وما كان: {يا أيها الذين آمنوا}فإنه مدني.
ومنهم من يقول: إن بعض السور نزل مرتين، مرة بالمدينةومرة بمكة، والله أعلم. ومنهم من يستثني من المكي آيات يدعي أنها من المدني، كما فيسورة الحج وغيرها.
والحق في ذلك ما دلعليه الدليل الصحيح، فالله أعلم.

عدد آيات القرآن العظيم

ستة آلاف آية، ثم اختلف
فيما زاد على ذلك على أقوال، فمنهم من لم يزد على ذلك، ومنهم من قال: ومائتا آيةوأربع آيات، وقيل: وأربع عشرة آية، وقيل: ومائتان وتسع عشرة، وقيل: ومائتان وخمسوعشرون آية، أو ست وعشرون آية، وقيل: مائتان وست وثلاثون آية. حكى ذلك أبو عمروالداني في كتابه البيان.
عدد كلمات القرآن العظيم:

فقال الفضل بن شاذان، عن عطاء بن يسار: سبع
وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة.
عددحروف القرآن العظيم:

فقال عبد الله بن كثير، عن مجاهد: هذا ما
أحصينا من القرآن وهو ثلاثمائة ألف حرف وأحد وعشرون ألف حرف ومائة وثمانونحرفا.
وقال الفضل،عن عطاء بن يسار: ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألفا وخمسة عشرحرفا.
وقال سلامأبو محمد الحماني: إن الحجاج جمع القراء والحفاظ والكتاب فقال: أخبروني عن القرآنكله كم من حرف هو؟ قال: فحسبنا فأجمعوا أنه ثلاثمائة ألف وأربعون ألفا وسبعمائةوأربعون حرفا. قال: فأخبروني عن نصفه. فإذا هو إلى الفاء من قوله في الكهف: {وليتلطف}[الكهف: 19]، وثلثه الأول عندرأس مائة آية من براءة، والثاني على رأس مائة أو إحدى ومائة من الشعراء، والثالثإلى آخره. وسبعه الأول إلى الدال من قوله تعالى: {فمنهم من آمنبه ومنهم من صد}[النساء: 55]. والسبع الثاني إلى الياءمن قوله تعالى في سورة الأعراف: {أولئك حبطت} [الأعراف: 147]،والثالث إلى الألف الثانية من قوله تعالى في الرعد: {أكلها}[الرعد: 35]، والرابع إلىالألف في الحج من قوله: {جعلنا منسكا}[الحج: 67]، والخامس إلى الهاء من قوله في الأحزاب: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة}[الأحزاب: 36]،والسادس إلى الواو من قوله تعالى في الفتح: {الظانين بالله ظنالسوء}[الفتح: 6]، والسابع إلى آخر القرآن. قال سلامأبو محمد: عملنا ذلك في أربعة أشهر.
قالوا: وكان الحجاج يقرأ في كل ليلة ربع القرآن، فالأولإلى آخر الأنعام، والثاني إلى{وليتلطف}من سورة الكهف،والثالث إلى آخر الزمر، والرابع إلى آخر القرآن. وقد حكى الشيخ أبو عمرو الداني فيكتابه البيان خلافا في هذا كله، والله أعلم.

معنى السورة

واختلف فيمعنى السورة:

قيل: من الإبانة والارتفاع. قال النابغة
:

ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى
كل ملك دونها يتذبذب
فكأن
القارئ يتنقل بها من منزلة إلى منزلة. وقيل: لشرفها وارتفاعها كسور البلدان. وقيل: سميت سورة لكونها قطعة من القرآن وجزءا منه، مأخوذ من أسآر الإناء وهو البقية، وعلىهذا فيكون أصلها مهموزا، وإنما خففت الهمزة فأبدلت الهمزة واوا لانضمام ما قبلها. وقيل: لتمامها وكمالها لأن العرب يسمون الناقة التامة سورة.
قلت: ويحتمل أن يكون من الجمع والإحاطة لآياتها كما يسمىسور البلد لإحاطته بمنازله ودوره.
وجمعالسورة سور بفتح الواو، وقد تجمع على سورات وسورات.
معنى الآية :

فمن العلامة على
انقطاع الكلام الذي قبلها عن الذي بعدها وانفصالها،أي:هيبائنة عن أختها ومنفردة. قال الله تعالى: {إن آية ملكه}[البقرة: 248]، وقال النابغة:

توهمت آيات لها فعرفتها لستة
أعوام وذا العام سابع
وقيل
: لأنها جماعة حروف من القرآن وطائفة منه، كما يقال: خرج القوم بآيتهم، أي: بجماعتهم. قال الشاعر:

خرجنا من النقبين لا حي مثلنا
بآيتنا نزجي اللقاح المطافلا
وقيل: سميت آية لأنها عجب يعجز البشر عن التكلم
بمثلها.
قال سيبويه: وأصلها أيية مثلأكمة وشجرة، تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا فصارت آية، بهمزة بعدهامدة.
وقال الكسائي: أصلها آيية على وزن آمنة، فقلبت ألفا، ثم حذفتلالتباسها.
وقال الفراء: أصلها أيّة -بتشديد الياء- الأولى فقلبت ألفا، كراهة التشديد فصارت آية، وجمعها: آي وآيايوآيات.
معنى الكلمة :

هي اللفظة
الواحدة، وقد تكون على حرفين مثل: ما ولا وله ونحو ذلك، وقد تكون أكثر. وأكثر ماتكون عشرة أحرف مثل: {ليستخلفنهم}[النور: 55]، و{أنلزمكموها}[هود: 28]،{فأسقيناكموه}[الحجر: 22]، وقد تكون الكلمة الواحدة آية، مثل: والفجر، والضحى، والعصر، وكذلك: الم، وطه، ويس، وحم -في قول الكوفيين- وحم، عسق عندهم كلمتان. وغيرهم لا يسمي هذهآيات بل يقول: هي فواتح السور. وقال أبو عمرو الداني: لا أعلم كلمة هي وحدها آيةإلا قوله تعالى: {مدهامتان}بسورة الرحمن.
مسألة: هل في القرآن شيء من التراكيب الأعجمية؟

قال
القرطبي: أجمعوا على أنه ليس في القرآن شيء من التراكيب الأعجمية وأجمعوا أن فيهأعلاما من الأعجمية كإبراهيم ونوح، ولوط، واختلفوا: هل فيه شيء من غير ذلكبالأعجمية؟ فأنكر ذلك الباقلاني والطبري وقالا ما وقع فيه مما يوافق الأعجمية، فهومن باب ما توافقت فيه اللغات

 
 

مراحل جمع القرآن وكتابته:
أولا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:
-
عن فاطمة، رضي الله عنها:أسر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جبريل كان يعارضني بالقرآنكل سنة وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي.

والمراد من معارضته له
بالقرآن كل سنة: مقابلته على ما أوحاه إليه عن الله تعالى، ليبقى ما بقي، ويذهب مانسخ توكيدا، أو استثباتا وحفظا؛ ولهذا عرضه في السنة الأخيرة من عمره، عليه السلاماقتراب أجله، على جبريل مرتين، وعارضه به جبريل كذلك؛ ولهذا فهم، عليه السلام،اقتراب أجله، وعثمان، رضي الله عنه، جمع المصحف الإمام على العرضة الأخيرة، رضيالله عنه وأرضاه وخص بذلك رمضان من بين الشهور؛ لأن ابتداء الإيحاء كان فيه.

أشهر قراء الصحابة النبي رضي الله عنهم:
-
عن مسروق: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بنمسعود، فقال: لا أزال أحبه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل،وأبي بن كعب))، رضي الله عنهم.
-
عن شقيق بن سلمة قال: خطبناعبد الله فقال: والله لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليهوسلم بضعا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني منأعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم.قال شقيق: فجلست في الحلق أسمع مايقولون، فما سمعت رادا يقول غير ذلك.
-
عن عمر عن النبيصلى الله عليه وسلم قال: ((من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزلفليقرأه على قراءة ابن أم عبد))وابن أم عبد هو عبد الله بن مسعود،وكان يعرف بذلك.

-عن قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من
جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. ورواه مسلم من حديثهمام.
ومنهم عثمان بن عفان وقدقرأه في ركعة -كما سنذكره- وعلي بن أبي طالب يقال: إنه جمعه على ترتيب ما أنزل، وقدقدمنا هذا. ومنهم عبد الله بن مسعود، ومنهم سالم مولى أبي حذيفة، كان منالسادات النجباء والأئمة الأتقياء وقد قتل يوم اليمامة شهيدا. ومنهم الحبر البحرعبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وترجمانالقرآن،

ثانيا:جمع القرآن في خلافة أبي بكر رضي الله
عنه:

عن زيد بن ثابت
قال: أرسل إلى أبو بكر -مقتل أهل اليمامة- فإذا عمر بن الخطابعنده، فقال أبو بكر: إن عمر بن الخطاب أتاني، فقال: إن القتل قد استحر بقراءالقرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإنيأرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى اللهعليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلكورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقدكنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه، فوالله لوكلفوني نقل جبل من الجبال ما كان علي أثقل مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيفتفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير. فلم يزلأبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما. فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبيخزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره: {لقد جاءكم رسول منأنفسكم عزيز}[التوبة: 128]حتى خاتمة براءة، فكانتالصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر، رضيالله عنهم.
والعسب فجمع عسيب. قال أبو نصر إسماعيل بن حمادالجوهري: وهو من السعف فويق الكرب لم ينبت عليه الخوص، وما نبت عليه الخوص فهوالسعف.
واللخاف: جمع لخفة وهي القطعة منالحجارة مستدقة، كانوا يكتبون عليها وعلى العسب وغير ذلك، مما يمكنهم الكتابة عليهبما يناسب ما يسمعونه من القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومنهم من لم يكن يحسن الكتابة أو يثق بحفظه، فكان يحفظه،فتلقاه زيد بن ثابت من هذا من عسيبه، ومن هذا من لخافه، ومن صدر هذا، أي من حفظه،وكانوا أحرص شيء على أداء الأمانات وهذا من أعظم الأمانة.

وقال
: ((بلغوا عني ولوآية))يعني: ولو لم يكن مع أحدكم سوى آية واحدة فليؤدها إلى من وراءه،فبلغوا عنه ما أمرهم به، فأدوا القرآن قرآنا، والسنة سنة، لم يلبسوا هذا بهذا؛ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: ((من كتب عني سوى القرآنفليمحه))أي: لئلا يختلط بالقرآن، وليس معناه: ألا يحفظوا السنة ويرووها،والله أعلم.
فلهذا نعلم بالضرورة أنه لميبق من القرآن مما أداه الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم إلا وقد بلغوه إلينا، وللهالحمد والمنة، فكان الذي فعله الشيخان أبو بكر وعمر، رضي الله عنهما، من أكبرالمصالح الدينية وأعظمها، من حفظهما كتاب الله في الصحف؛ لئلا يذهب منه شيء بموت منتلقاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كانت تلك الصحف عند الصديق أيام حياته،ثم أخذها عمر بعده فكانت عنده محروسة معظمة مكرمة، فلما مات كانت عند حفصة أمالمؤمنين، لأنها كانت وصيته من أولاده على أوقافه وتركته وكانت عند أم المؤمنين رضيالله عنها، حتى أخذها منها أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه.

ثالثا: جمع
القرآنفي عهد عثمان رضي الله عنه:
روى البخاري أن حذيفة بن اليمان قدم علىعثمان بن عفان رضي الله عنهما وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان معأهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة. فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلافاليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثمنردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبيروسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمانللرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوهبلسان قريش، فإنما أنزل بلسانهم. ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمانالصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كلصحيفة أو مصحف أن يحرق.

قال ابن شهاب الزهري: فأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت
: سمع زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قدكنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، التمسناها فوجدناها مع خزيمة بنثابت الأنصاري: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدواالله عليه}[الأحزاب: 23]، فألحقناها في سورتها فيالمصحف.

وكان عثمان -والله أعلم
- رتب السور في المصحف، وقدم السبع الطوال وثنى بالمئين؛ ولهذا روى عن ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان: ما حملكمأن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينها ولمتكتبوا بينها سطر "بسم الله الرحمن الرحيم"، ووضعتموها في السبع الطوال؟ ما حملكمعلى ذلك؟فقال عثمان: كان رسول الله مما يأتي عليهالزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كانيكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، فإذا أنزلت عليهالآية فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت الأنفال منأول ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، وحسبتأنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلكقرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر "بسم الله الرحمن الرحيم" فوضعتها في السبعالطوال.

حكم ترتيب الآيات والسور:
أن
ترتيب الآيات في السور أمر توقيفي متلقى عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأما ترتيبالسور فمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه؛ ولهذا ليس لأحد أن يقرأالقرآن إلا مرتبا آياته؛ فإن نكسه أخطأ خطأ كبيرا. وأما ترتيب السور فمستحب اقتداءبعثمان، رضي الله عنه، والأولى إذا قرأ أن يقرأ متواليا كما قرأ، عليه الصلاةوالسلام، في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين وتارة بسبح و{هل أتاك حديث الغاشية}، فإن فرق جاز، كما صح أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قرأ في العيد بقاف و{اقتربتالساعة}، رواه مسلم عن أبي واقد في الصحيحين عن أبي هريرة، رضي الله عنه؛ أنرسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة: الم السجدة،و{هل أتى على الإنسان}.
وإن قدم بعض السور على بعض جاز أيضا، فقد روى حذيفة أنرسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران. أخرجه مسلم. وقرأ عمر في الفجر بسورة النحل ثم بيوسف.
ثم إن عثمان رد الصحف إلى حفصة، فلميزل عندها حتى أرسل إليها مروان بن الحكم يطلبها فلم تعطه حتى ماتت، فأخذها من عبدالله بن عمر فحرقها لئلا يكون فيها شيء يخالف المصاحف الأئمة التي نفذها عثمان إلىالآفاق، مصحفا إلى أهل مكة، ومصحفا إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وآخر إلى الشام،وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وترك عند أهل المدينة مصحفا.

قال علي حين حرق عثمان المصاحف
: لو لم يصنعه هولصنعته.
وعن أبي إسحاق عن مصعب بنسعد بن أبي وقاص، قال: أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمانالمصاحف فأعجبهم ذلك،أو قال: لم ينكر ذلك منهمأحد.وهذا إسناد صحيح..
نص الإمام مالك، رحمه الله،على أنه لا توضع المصاحف إلا على وضع كتابة الإمام، ورخص في ذلك غيره، واختلفوا فيالشكل والنقط فمن مرخص ومن مانع، فأما كتابة السور وآياتها والتعشير والأجزاءوالأحزاب فكثير في مصاحف زماننا، والأولى اتباع السلف الصالح.

مسـألة تأليف
القرآن

والمراد به حكم ترتيب سوره وآياته:
عن يوسف بن ماهك قال: إني عند
عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها، إذ جاءها عراقي فقال: أي الكفن خير؟ قالت: ويحك! وما يضرك، قال: يا أم المؤمنين، أريني مصحفك، قالت: لم؟ قال: لعلي أؤلف القرآنعليه، فإنه يقرأ غير مؤلف، قالت: وما يضرك أيه قرأت قبل، إنما ينزل أول ما نزل منهسورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلالوالحرام ولو نزل أول شيء: ولا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل: لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبدا، لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلموإني لجارية ألعب: {بل الساعة موعدهم والساعة أدهىوأمر}[القمر: 46]، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلاوأنا عنده، قال: فأخرجت له المصحف فأملت عليه آي السور.

وجه الدلالة: أنه سأل
عائشة رضي الله عنها عن ترتيبالقرآن فانتقل إلى سؤال كبير، وأخبرها أنه يقرأ غير مؤلف، أي: غير مرتب السور. وكأنهذا قبل أن يبعث أمير المؤمنين عثمان، رضي الله عنه، إلى الآفاق بالمصاحف الأئمةالمؤلفة على هذا الترتيب المشهور اليوم، وقبل الإلزام به، واللهأعلم.
ومعنى هذاالكلام: أن هذه السورة أو السور التي فيها ذكر الجنة والنار ليس البداءة بها فيأوائل المصاحف، مع أنها من أول ما نزل، وهذه البقرة والنساء من أوائل ما في المصحف،وقد نزلت عليه في المدينة وأنا عنده.
فأما ترتيب الآيات في السور فليس في ذلك رخصة، بل هو أمرتوقيفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما تقدم تقرير ذلك؛ ولهذا لم ترخص له فيذلك، بل أخرجت له مصحفها، فأملت عليه آي السور، والله أعلم. وقول عائشة: لا يضركبأي سورة بدأت، يدل على أنه لو قدم بعض السور أو أخر، كما دل عليه حديث حذيفة وابنمسعود، وهو في الصحيح أنه عليه السلام قرأ في قيام الليل بالبقرة ثم النساء ثم آلعمران.
والظاهر أن ترتيب السور فيه منه ما هو راجع إلى رأي عثمانرضي الله عنه، وذلك ظاهر في سؤال ابن عباس له عن ترك البسملة في أول براءة، وذكرهالأنفال من الطول، والحديث في الترمذي وغيره بإسناد جيد وقوي.
ولهذا حكى القاضي الباقلاني: أن أول مصحفه كان
: {اقرأ باسم ربك الأكرم}وأول مصحف ابن مسعود: {مالك يوم الدين}ثم البقرة، ثم النساء على ترتب مختلف،وأول مصحف أبي: {الحمد لله}ثم النساء، ثم آل عمران،ثم الأنعام، ثم المائدة، ثم كذا على اختلاف شديد، ثم قال القاضي: ويحتمل أن ترتيبالسور في المصحف على ما هو عليه اليوم من اجتهاد الصحابة، رضي الله عنهم، وكذا ذكرهمكي في تفسير سورة براءة قال: فأما ترتيب الآيات والبسملة في الأوائل فهو من النبيصلى الله عليه وسلم.

-عن عبد الرحمن بن يزيد قال: سمعت ابن مسعود يقول في بنيإسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء: إنهن من العتاق الأول، وهنمن تلادي. انفرد البخاري بإخراجه والمراد منه ذكر ترتيب هذه السور في مصحفابن مسعود كالمصاحف العثمانية، وقوله: "من العتاق الأول" أي: من قديم ما نزل، وقوله: "وهن من تلادى" أي: من قديمما قنيت وحفظت. والتالد في لغتهم: قديم المال والمتاع، والطارف حديثه وجديده، واللهأعلم.
عن البراء بن عازب رضي الله عنه يقول: تعلمت{سبح اسم ربك الأعلى}قبل أن يقدم النبي صلى الله عليهوسلم. وهذا متفق عليه، وهو قطعة من حديث الهجرة، والمراد منه أن{سبح اسم ربك الأعلى}سورة مكية نزلت قبل الهجرة، واللهأعلم.

 
حكم نقط المصحف وشكله
:

يقال: إن أول من أمر به
عبد الملك بن مروان، فتصدى لذلك الحجاج وهو بواسط، فأمر الحسن البصري ويحيى بن يعمرففعلا ذلك، ويقال: إن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي، وذكروا أنه كان لمحمدبن سيرين مصحف قد نقطه له يحيى بن يعمر والله أعلم.

حكم كتابة الأعشار على الحواشي
:

ينسب إلى الحجاج أيضا،
وقيل: بل أول من فعله المأمون، وحكى أبو عمرو الداني عن ابن مسعود أنه كره التعشيرفي المصحف، وكان يحكه وكره مجاهد ذلك أيضا.
وقال مالك: لا بأس به بالحبر، فأمابالألوان المصبغة فلا. وأكره تعداد آي السور في أولها في المصاحف الأمهات، فأما مايتعلم فيه الغلمان فلا أرى به بأسا.
وقال قتادة: بدؤوا فنقطوا، ثم خمسوا،ثم عشروا. وقال يحيى بن أبي كثير: أول ما أحدثوا النقطعلى الباء والتاء والثاء، وقالوا: لا بأس به، هو نور له، أحدثوا نقطا عند آخر الآي،ثم أحدثوا الفواتح والخواتم.
ورأى إبراهيم النخعي فاتحة سورة كذا، فأمر بمحوها وقال: قال ابن مسعود: لا تخلطوا بكتاب الله ما ليس فيه. قالأبو عمرو الداني: ثم قد أطبق المسلمون في ذلك في سائر الآفاقعلى جواز ذلك في الأمهات وغيرها.

مسألة التحزيب والتجزئة
:

اشتهرت الأجزاء من ثلاثين كما
في الربعات بالمدارس وغيرها، والحديث الوارد في تحزيب الصحابةللقرآن في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود وابن ماجه وغيرهم عن أوس بنحذيفة أنه سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته: كيف تحزبون القرآن؟قالوا: ثلث وخمس وسبع وتسع وأحد عشرة وثلاث عشرة، وحزب المفصل حتىتختم.

 
 

 
 
نزول القرآن على سبعة أحرف
:

عن
عبد الله بن عباس حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل على حرف فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلىسبعة أحرف)).
قال الزهري: بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا لاتختلف في حلال ولا في حرام.
عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عندأضاة بني غفار، فأتاه جبريل فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف، قال: ((أسأل الله معافاته ومغفرته، فإن أمتي لا تطيق ذلك)).ثمأتاه الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرفين. قال: ((أسأل الله معافاته ومغفرته، فإن أمتي لا تطيق ذلك)). ثم جاءهالثالثة قال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف قال: ((أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك)).ثم جاءهالرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف فأيما حرف قرؤواعليه فقد أصابوا.
وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي من رواية شعبة به.
وقال الإمامأحمد: عن أبي قال: لقي رسولالله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء، فقال رسول الله صلى الله عليهوسلم لجبريل: ((إني بعثت إلى أمة أميين فيهم الشيخ الفاني،والعجوز الكبيرة، والغلام، فقال: مرهم فليقرؤوا القرآن على سبعة أحرف.

عن أبي جهيم الأنصاري؛ أن رجلين اختلفا في آية من القرآن، كلاهما يزعم أنه
تلاقاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمشيا جميعا حتى أتيا رسول الله صلى اللهعليه وسلم، فذكر أبو جهيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف، فلا تماروا، فإن مراء فيهكفر.

عن ابن مسعود
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد وعلى حرف واحد، ونزل القرآن من سبعةأبواب وعلى سبعة أحرف: زاجر، وآمر، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال، فأحلواحلاله، وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروابأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا: آمنا به كل من عندربنا.

قال أبو عبيد
: قد تواترت هذه الأحاديث كلها عن الأحرف السبعة إلا ما حدثني عفان، عن حماد بن سلمة،عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((نزل القرآن على ثلاثة أحرف)).
قال أبو عبيد: ولا نرىالمحفوظ إلا السبعة لأنهاالمشهورة،وليس معنى تلك السبعة أن يكون الحرفالواحد يقرأ على سبعة أوجه، وهذا شيء غير موجود، ولكنه عندنا أنه نزل سبع لغاتمتفرقة في جميع القرآن من لغات العرب، فيكون الحرف الواحد منها بلغة قبيلة والثانيبلغة أخرى سوى الأولى، والثالث بلغة أخرى سواهما، كذلك إلى السبعة، وبعض الأحياءأسعد بها وأكثر حظا فيها من بعض، وذلك بين في أحاديث تترى، قال: وقد روى الكلبي عنأبي صالح عن ابن عباس قال: نزل القرآن على سبع لغات، منها خمسبلغة العجز من هوازن.
قال أبو عبيد: والعجز هم بنو أسد بن بكر، وجشم بن بكر،ونصر بن معاوية، وثقيف هم عليا هوازن الذين قال أبو عمرو بن العلاء: أفصح العربعليا هوازن وسفلى تميم يعني بني دارم. ولهذا قال عمر: لا يملي في مصاحفنا إلا غلمانقريش أو ثقيف.
قالابن جرير: واللغتان الأخريان: قريش وخزاعة رواه قتادة عن ابن عباس، ولكن لميلقه.
تحقيق الإمام الطبري في المراد بالسبعة الأحرف:

قال الإمام أبو جعفر بن جرير الطبري، رحمه الله، بعد ما
أورد طرفا مما تقدم: وصح وثبت أن الذي نزل به القرآن من ألسن العرب البعض منها دونالجميع إذ كان معلوما أن ألسنتها ولغاتها أكثر من سبع بما يعجز عن إحصائه ثم قال: وما برهانك على ما قلته دون أن يكون معناه ما قاله مخالفوك، من أنه نزل بأمر وزجر،وترغيب وترهيب، وقصص ومثل، ونحو ذلك من الأقوال فقد علمت قائل ذلك من سلف الأمةوخيار الأئمة؟ قيل له: إن الذين قالوا ذلك لم يدّعوا أن تأويل الأخبار التي تقدمذكرها، هو ما زعمت أنهم قالوه في الأحرف السبعة، التي نزل بها القرآن دون غيرهفيكون ذلك لقولنا مخالفا، وإنما أخبروا أن القرآن نزل على سبعة أحرف، يعنون بذلكأنه نزل على سبعة أوجه، والذي قالوا من ذلك كما قالوا، وقد روينا بمثل الذي قالوامن ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن جماعة من الصحابة، من أنه نزل من سبعةأبواب الجنة، كما تقدم. يعني كما تقدم في رواية عن أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود: أن القرآن نزل من سبعة أبواب الجنة.
قال ابن جرير: والأبواب السبعة من الجنة هي المعاني التيفيها من الأمر والنهي، والترغيب والترهيب، والقصص والمثل، التي إذا عمل بها العاملوانتهى إلى حدودها المنتهي، استوجب بها الجنة.
ثم بسط القول في هذا بما حاصله: أن الشارع رخص للأمةالتلاوة على سبعة أحرف، ثم لما رأى الإمام أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي اللهعنه، اختلاف الناس في القراءة، وخاف من تفرق كلمتهم -جمعهم على حرف واحد، وهو هذاالمصحف الإمام، قال: واستوثقت له الأمة على ذلك بالطاعة، ورأت أن فيما فعله من ذلكالرشد والهداية، وتركت القراءة بالأحرف الستة التي عزم عليها إمامها العادل فيتركها طاعة منها له، ونظر منها لأنفسها ولمن بعدها من سائر أهل ملتها، حتى درست منالأمة معرفتها، وتعفت آثارها، فلا سبيل اليوم لأحد إلى القراءة بها لدثورها وعفوآثارها. إلى أن قال: فإن قال من ضعفت معرفته: وكيف جاز لهم ترك قراءة أقرأهموهارسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرهم بقراءتها؟ قيل: إن أمره إياهم بذلك لم يكن أمرإيجاب وفرض، وإنما كان أمر إباحة ورخصة؛ لأن القراءة بها لو كانت فرضا عليهم لوجبأن يكون العلم بكل حرف من تلك الأحرف السبعة عند من يقوم بنقله الحجة، ويقطع خبرهالعذر، ويزيل الشك من قراءة الأمة، وفي تركهم نقل ذلك كذلك أوضح الدليل على أنهمكانوا في القراءة بها مخيرين. إلى أن قال: فأما ما كان من اختلاف القراءة في رفعحرف ونصبه وجره وتسكين حرف وتحريكه، ونقل حرف إلى آخر مع اتفاق الصورة فمن معنى قولالنبي صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقرأ القرآن على سبعةأحرف))بمعزل؛ لأن المراء في مثل هذا ليس بكفر، في قول أحد من علماء الأمة،وقد أوجب صلى الله عليه وسلم بالمراء في الأحرف السبعة الكفر، كماتقدم.

-عن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد
القارئ حدثاه أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقانفي حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروفكثيرة لم يقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبرتحتى سلم فلببته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيهارسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: كذبت، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدأقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمفقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها! فقال رسول الله صلىالله عليه وسلم: ((أرسله، اقرأ يا هشام))، فقرأ عليهالقراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كذلك أنزلت))، ثم قال: ((اقرأ ياعمر))، فقرأت القراءة التي أقرأني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كذلك أنزلت. إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسرمنه)).


أقوال العلماء في معنى الأحرف السبعة
:

اختلف العلماء في معنى السبعة الأحرف وما
أريد منها على أقوالملخصها:
الأول-وهو قول أكثر أهلالعلم، منهم سفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، وأبو جعفر بن جرير، والطحاوي- : أنالمراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة نحو:
أقبل وتعالوهلم.
وقال الطحاوي: وأبين ما ذكر في ذلك حديث أبي بكرة قال: جاء جبريل إلى رسولالله صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على حرف، فقال ميكائيل: استزده فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف، فقال: اقرأفكل شاف كاف إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، على نحو هلموتعال وأقبل واذهب وأسرع وعجل".
وروى عن ورقاء عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس،عن أبي بن كعب: أنه كان يقرأ: {يوم يقول المنافقون والمنافقاتللذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم}[الحديد: 13]: "للذين آمنوا أمهلونا""للذين آمنواأخرونا" "للذين آمنوا ارقبونا"، وكان يقرأ: {كلما أضاءلهم مشوا فيه}[البقرة: 20] "مروا فيه" "سعوافيه".
قال الطحاوي. وغيره: وإنما كان ذلك رخصة أن يقرأ الناس القرآن على سبعلغات، وذلك لما كان يتعسر على كثير من الناس التلاوة على لغة قريش، وقرأه رسول اللهصلى الله عليه وسلم لعدم علمهم بالكتابة والضبط وإتقان الحفظ وقد ادعى الطحاويوالقاضي الباقلاني والشيخ أبو عمر بن عبد البر أن ذلك كان رخصة في أول الأمر، ثمنسخ بزوال العذر وتيسير الحفظ وكثرة الضبط وتعلم الكتابة.
قلت: وقال بعضهم: إنما كان الذي جمعهم على قراءة واحدةأمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه، أحد الخلفاء الراشدين المهديين المأمورباتباعهم، وإنما جمعهم عليها لما رأى من اختلافهم في القراءة المفضية إلى تفرقالأمة وتكفير بعضهم بعضا، فرتب لهم المصاحف الأئمة على العرضة الأخيرة التي عارضبها جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر رمضان من عمره، عليه الصلاةوالسلام، وعزم عليهم ألا يقرؤوا بغيرها، وألا يتعاطوا الرخصة التي كانت لهم فيهاسعة، ولكنها أدت إلى الفرقة والاختلاف.

القول الثاني
:أن القرآن نزل على سبعة أحرف، وليس المراد أنجميعه يقرأ على سبعة أحرف، ولكن بعضه على حرف وبعضه على حرف آخر. قال الخطابي: وقديقرأ بعضه بالسبع لغات كما في قوله: {وعبد الطاغوت}[المائدة: 60]و{يرتع ويلعب}[يوسف: 12].
قال القرطبي: ذهب إلى هذا القول أبو عبيد، واختارهابن عطية. قال أبو عبيد: وبعض اللغات أسعد به من بعض، وقال القاضي الباقلاني: ومعنىقول عثمان: إنه نزل بلسان قريش، أي: معظمه، ولم يقم دليل على أن جميعه بلغة قريشكله، قال الله تعالى: {قرآنا عربيا}[يوسف: 2]، ولم يقل: قرشيا.
قال: واسم العرب يتناول جميع القبائل تناولا واحدا،يعني حجازها ويمنها، وكذلك قال الشيخ أبو عمر بن عبد البر، قال: لأن غير لغة قريشموجودة في صحيح القراءات كتحقيق الهمزات، فإن قريشا لا تهمز. وقال ابن عطية: قالابن عباس: ما كنت أدري ما معنى: {فاطر السماوات والأرض}[فاطر: 1]، حتى سمعت أعربيا يقول لبئر ابتدأ حفرها: أنافطرتها.
القولالثالث:أن لغات القرآن السبع منحصرة في مضر على اختلاف قبائلها خاصة؛ لقولعثمان: إن القرآن نزل بلغة قريش، وقريش هم بنو النضر بن الحارث على الصحيح من أقوالأهل النسب، كما نطق به الحديث في سنن ابن ماجه وغيره.
القول الرابع:وحكاه الباقلانيعن بعض العلماء- : أن وجوه القراءات ترجع إلى سبعة أشياء، منها ما تتغير حركته ولاتتغير صورته ولا معناه مثل: {ويضيقُ صدري} [الشعراء: 13] و "يضيقَ"، ومنها ما لا تتغير صورته ويختلف معناه مثل: {فقالواربنا باعِد بين أسفارنا}[سبأ: 19]و "باعَد بينأسفارنا"، وقد يكون الاختلاف في الصورة والمعنى بالحرف مثل: {ننشزها} [البقرة: 259]،و"ننشرها" أو بالكلمة مع بقاء المعنى مثل{كالعهن المنفوش}[القارعة: 5]، أو "كالصوفالمنفوش" أو باختلاف الكلمة واختلاف المعنى مثل: {وطلحمنضود} "وطلع منضود" أو بالتقدم والتأخر مثل: {وجاءت سكرةالموت بالحق}[ق: 19]، أو "سكرة الحق بالموت"، أوبالزيادة مثل "تسع وتسعون نعجة أنثى"، "وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين". "فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم".
القول الخامس:أن المرادبالأحرف السبعة معاني القرآن وهي: أمر، ونهي، ووعد، ووعيد، وقصص، ومجادلة، وأمثال. قال ابن عطية: وهذا ضعيف؛ لأن هذه لا تسمى حروفا، وأيضا فالإجماع أن التوسعة لم تقعفي تحليل حلال ولا في تغيير شيء من المعاني، وقد أورد القاضي الباقلاني في هذاحديثا، ثم قال: وليست هذه هي التي أجاز لهم القراءة بها.

قال
القرطبي: قال كثير من علمائنا كالداودي وابن أبي صفرة وغيرهما: هذه القراءات السبعالتي تنسب لهؤلاء القراء السبعة ليست هي الأحرف السبعة التي اتسعت الصحابة فيالقراءة بها، وإنما هي راجعة إلى حرف واحد من السبعة وهو الذي جمع عليه عثمانالمصحف. ذكره ابن النحاس وغيره.
قالالقرطبي: وقد سوغ كل واحد من القراء السبعة قراءة الآخر وأجازها، وإنما اختارالقراءة المنسوبة إليه لأنه رآها أحسن والأولى عنده. قال: وقد أجمع المسلمون في هذهالأمصار على الاعتماد على ما صح عن هؤلاء الأئمة فيما رووه ورأوه من القراءات،وكتبوا في ذلك مصنفات واستمر الإجماع على الصواب وحصل ما وعد الله به من حفظالكتاب.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 ذو القعدة 1435هـ/20-09-2014م, 07:08 PM
عذاري البعيجان عذاري البعيجان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 140
افتراضي تلخيص مقاصد مقدمة ابن كثير3/فضل القرآن الكريم وأحكام متعلقة بتلاوة القرآن وآدابها:

فضل القرآن الكريم وأحكام متعلقة بتلاوة القرآن وآدابها:

*جملة أحاديث في فضل القرآن [1]:

أولا: أحاديث في عناية الله تعالى بالقرآن وبيان عظمته ومكانة الرسول الملكي والرسول البشري :

الحديث الأول: قال البخاري،رحمه الله:كيف نزول الوحي وأول مانزل:
قال ابن عباس: المهيمن الأمين، القرآن، أمين على كل كتاب قبله.
عن عائشة وابن عباس قالا: لبث النبيصلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن، وبالمدينةعشرا.
وقول ابن عباس في تفسير المهيمن إنما يريد بهالبخاري قوله تعالى في المائدة بعد ذكر التوراة والإنجيل: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمناعليه}
وأصل الهيمنة: الحفظ والارتقاب، يقال إذا رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده.
ووجه مناسبة هذا الحديث بفضائلالقرآن: أنه ابتدئ بنزوله في مكان شريف، وهو البلد الحرام، كما أنه كان في زمن شريفوهو شهر رمضان، فاجتمع له شرف الزمان والمكان؛ ولهذا يستحب إكثار تلاوة القرآن فيشهر رمضان؛ لأنه ابتدئ نزوله فيه؛ ولهذا كان جبريل يعارض به رسول الله صلى اللهعليه وسلم في كل سنة في شهر رمضان، فلما كان في السنة التي توفي فيها عارضه بهمرتين تأكيدا وتثبيتا.
الحديثالثاني: عن معتمر قال: سمعت أبي عن أبيعثمان قال: أنبئت أن جبريل، عليه السلام، أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أمسلمة، فجعل يتحدث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((منهذا؟))أو كما قال، قالت: هذا دحية الكلبي، فلما قام قالت: والله ما حسبتهإلا إياه، حتى سمعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يخبر خبر جبريل. أو كما قال، قالأبي: فقلت لأبي عثمان: ممن سمعت هذا؟ فقال: من أسامة بن زيد..
والغرض من إيراد هذا الحديث هاهنا أن السفير بين اللهوبين محمد صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام وهو ملك كريم ذو وجاهة وجلالةومكانة كما قال: {نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون منالمنذرين} [الشعراء: 193، 194]، وقال تعالى: {إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين * وما صاحبكم بمجنون}الآيات [التكوير: 19- 22]. فمدحالرب تبارك وتعالى عبديه ورسوليه جبريل ومحمدا صلى الله عليه وسلم .
الحديث الثالث: عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من الأنبياء نبي إلا أعطي مامثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكونأكثرهم تابعا يوم القيامة)).
مناسبة هذاالحديث بيان فضيلة عظيمة للقرآن المجيد على كل معجزة أعطيها نبي من الأنبياء، وعلى كلكتاب أنزله، وذلك أن معنى الحديث: ما من نبي إلا أعطي من المعجزات ما آمن عليهالبشر، أي: ما كان دليلا على تصديقه فيما جاءهم به واتبعه من اتبعه من البشر، ثملما مات الأنبياء لم تبق لهم معجزة بعدهم إلا ما يحكيه أتباعهم عما شاهدوه فيزمانه، فأما الرسول الخاتم للرسالة محمد صلى الله عليه وسلم فإنما كان معظم ما آتاهالله وحيا منه إليه منقولا إلى الناس بالتواتر، ففي كل حين هو كما أنزل، فلهذا قال: ((فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا))، وكذلك وقع، فإن أتباعهأكثر من أتباع الأنبياء لعموم رسالته ودوامها إلى قيام الساعة، واستمرار معجزته؛

الحديث الرابع: عن أنس بن مالك أن الله تابع الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلمقبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي، ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد.
ومعناه: أن الله تعالى تابع نزولالوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم شيئا بعد شيء كل وقت بما يحتاج إليه، ولم تقعفترة بعد الفترة الأولى التي كانت بعد نزول الملك أول مرة .
الحديث الخامس: عن الأسودبن قيس قال: سمعت جندبا يقول: اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أوليلتين، فأتته امرأة فقالت: يا محمد، ما أرى شيطانك إلا تركك، فأنزل الله تعالى: {والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى} [ الضحى: 1- 3].
والمناسبة في ذكر هذا الحديث والذي قبله في فضائلالقرآن: أن الله تعالى له برسوله عناية عظيمة ومحبة شديدة، حيث جعل الوحي متتابعاعليه ولم يقطعه عنه؛ ولهذا إنما أنزل عليه القرآن مفرقا ليكون ذلك أبلغ في العنايةوالإكرام.
الدليل السادس: قال البخاري، رحمه الله: نزلالقرآن بلسان قريش والعرب، قرآنا عربيا، بلسان عربي مبين، حدثنا أبو اليمان، حدثناشعيب عن الزهري: أخبرني أنس بن مالك قال: فأمر عثمان بن عفان زيد بن ثابت وسعيد بنالعاص وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف،وقال لهم: إذا اختلفتم أنتم وزيد في عربية من عربية القرآن،فاكتبوها بلسان قريش، فإن القرآن نزل بلسانهم، ففعلوا.
ومقصود البخاري من الحديث ظاهر، وهو أن القرآن نزل بلغة قريش، وقريش خلاصة العرب؛ وقد قال الله تعالى: قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون"،وقال تعالى:"وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل بهالروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين"، إلى غير ذلك من الآيات الدالةعلى ذلك..

ثانيا:أحاديث في فضائل أخرى للقرآن الكريم:

-نزول السكينة والملائكة عند القراءةعن أسيد بن الحضير قال: بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة،وفرسه مربوطة عنده، إذ جالت الفرس، فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس فسكت فسكنت، ثمقرأ فجالت الفرس، فانصرف، وكان ابنه يحيى قريبا منها، فأشفق أن تصيبه، فلما اجترهرفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها،فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلمفقال: ((اقرأ يابن حضير، اقرأ يابن حضير)). قال: فأشفقت يا رسولالله أن تطأ يحيى وكان منها قريبا، فرفعت رأسي وانصرفت إليه، فرفعت رأسي إلى السماءفإذا مثل الظلة، فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أراها قال: ((أو تدري ماذاك؟)). قال: لا قال: (( تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليهالا تتوارى منهم)).
- عن أبي هريرة: ما اجتمعقوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهمالسكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده.رواهمسلم.
-عن عبد العزيز بنرفيع قال: دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس، فقال له شداد بن معقل:" أترك النبي صلى الله عليه وسلم من شيء؟ قال: ما ترك إلا ما بينالدفتين. قال: ودخلنا على محمد بن الحنفية فسألناه فقال: ما ترك إلا ما بينالدفتين".تفرد به البخاري
يعني: القرآن، والسنة مفسرة له ومبينةوموضحة له، فهي تابعة له، والمقصود الأعظم كتاب الله تعالى،كما قال تعالى: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا}الآية [فاطر: 32]، فالأنبياء، عليهم السلام، لم يخلقوا للدنيا يجمعونها ويورثونها، إنما خلقواللآخرة يدعون إليها ويرغبون فيها؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا نورث ما تركنا فهو صدقة))
-أنس بن مالك، عن أبي موسى، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((مثل الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، طعمها طيب وريحها طيب. والذي لا يقرأ القرآن كالتمرة، طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأالقرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثلالحنظلة طعمها مر ولا ريح لها".
ووجه مناسبة الباب لهذا الحديث:أن طيب الرائحة دار مع القرآنوجودا وعدما، فدل على شرفه على ما سواه من الكلام الصادر من البر والفاجر.
وفي المسند والسنن عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنتم توفون سبعين أمة، أنتمخيرها وأكرمها على الله)).
وإنما فازوا بهذا ببركة الكتاب العظيم الذيشرفه الله تعالى على كل كتاب أنزله، جعله مهيمنا عليه، وناسخا له، وخاتما له؛ لأنكل الكتب المتقدمة نزلت إلى الأرض جملة واحدة، وهذا القرآن نزل منجما بحسب الوقائعلشدة الاعتناء به وبمن أنزله عليه.
-عن طلحة بن مصرف قال: "سألت عبد الله بن أبي أوفى: أوصى النبي صلىالله عليه وسلم؟ قال: لا. فقلت: فكيف كتب على الناس الوصية، أمروا بها ولم يوص؟قال: أوصى بكتاب الله، عز وجل".
وهذا نظير ما تقدم عن ابن عباس: "ما تركإلا ما بين الدفتين"، وذلك أن الناس كتب عليهم الوصية في أموالهم كما قالتعالى:{كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراالوصية للوالدين والأقربين} [البقرة: 180].
وأما هو صلى الله عليه وسلمفلم يترك شيئا يورث عنه، وإنما ترك ماله صدقة جارية من بعده، فلم يحتج إلى وصية فيذلك ولم يوص إلى خليفة يكون بعده على التنصيص؛ لأن الأمر كان ظاهرا من إشارتهوإيمائه إلى الصديق؛ ولهذا لما هم بالوصية إلى أبي بكر ثم عدل عن ذلك فقال: ((يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر))وكان كذلك، وإنما أوصىالناس باتباع كتاب الله تعالى.

اغتباطصاحب القرآن
عن أبيهريرة؛ "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا حسد إلا فياثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار))، فسمعهجار له فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل،((ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق))، فقال رجل: ليتنيأوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل".
ومضمون الحديث: أن صاحب القرآن في غبطة وهو حسنالحال، فينبغي أن يكون شديد الاغتباط بما هو فيه، ويستحب تغبيطه بذلك، يقال: غبطهيغبطه بكسر الباء غبطا: إذا تمنى مثل ما هو فيه من النعمة، وهذا بخلاف الحسدالمذموم وهو تمني زوال نعمة المحسود عنه، سواء حصلت لذلك الحاسد أو لا وهذا مذمومشرعا، مهلك، والحسد الشرعي الممدوح هو تمني مثل حال ذلك الذي هوعلى حالة سارة.
الخيرية والأفضلية لمنتعلم القرآن وعلمه
- عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه.
والغرض أنه، عليه الصلاة والسلام، قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه))وهذه من صفات المؤمنين المتبعينللرسل، وهم الكمل في أنفسهم، المكملون لغيرهم، وذلك جمع النفع القاصر والمتعدي،وهذا بخلاف صفة الكفار الجبارين الذين لا ينفعون، ولا يتركون أحدا ممن أمكنهم أنينتفع، كما قال تعالى: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل اللهزدناهم عذابا فوق العذاب} [النحل: 88]، وكما قال تعالى: {وهم ينهون عنه وينأون عنه} [الأنعام: 26]، في أصح قوليالمفسرين في هذا، وهو أنهم ينهون الناس عن اتباع القرآن مع نأيهم وبعدهم عنه أيضا،فجمعوا بين التكذيب والصد، كما قال تعالى: {فمن أظلم ممن كذببآيات الله وصدف عنها} [الأنعام: 157]،

الآثار المروية عن عبد الله بن مسعود رضي اللهعنه في فضل القرآن.
- عن أبي إسحاق، قال: قال ابن مسعود: كل آية في كتاب الله خير مما في السماء والأرض.
-عن مرة قال ابن مسعود: من أراد العلم فليثور منالقرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين.
- عن أبي الأحوص،عن عبد الله قال: إن هذا القرآن ليس فيه حرف إلا له حد، ولكل حدمطلع.
-عن سيار أبي الحكم، عن ابن مسعود أنه قال: أعربوا هذا القرآن فإنه عربي، وسيجيء قوم يثقفونه وليسوابخياركم.
-عنزر، عن ابن مسعود قال: أديموا النظر في المصحف، وإذا اختلفتم فيياء أو تاء فاجعلوها ياء، ذكروا القرآن فإنه مذكر.
- عنشداد بن معقل، سمعت ابن مسعود يقول: أول ما تفقدون من دينكمالأمانة، وآخر ما يبقى من دينكم الصلاة، وليصلين قوم لا خلاق لهم، ولينزعن القرآنمن بين أظهركم. قالوا: يا أبا عبد الرحمن، ألسنا نقرأ القرآن وقد أثبتناه فيمصاحفنا؟ قال: يسرى على القرآن ليلا فيذهب به من أجواف الرجالفلا يبقى في الأرض منه شيء -وفي رواية: لا يبقى في مصحفمنه شيء- ويصبح الناس فقراء كالبهائم. ثم قرأ عبد الله: {ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا} [الإسراء: 86].
-عن أبي وائل قال: كان عبد الله بنمسعود يقل الصوم، فيقال له في ذلك، فيقول: إني إذا صمت ضعفت عنالقراءة والصلاة، والقراءة والصلاة أحب إلي.

*وجوب الإخلاص في تلاوة القرآن والتحذير من المراءاة بتلاوته:
-حديث علي رضي الله عنه: سمعت النبي صلىالله عليه وسلم يقول: "يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان،سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم منالرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمنقتلهم يوم القيامة".

-حديث أنس بن مالك، عن أبي موسى، رضي الله عنهما، عن النبيصلى الله عليه وسلم قال:"مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل بهكالأترجة طعمها طيب وريحها طيب، والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرةطعمها طيب ولا ريح لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب وطعمهامر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة طعمها مر أو خبيث وريحهامر".

*فضل تلاوة القرآن
-عن أبي سعيد قال: قال نبي الله عليه الصلاة والسلام: ((يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة: اقرأ واصعد، فيقرأ ويصعد بكل آيةدرجة، حتى يقرأ آخر شيء معه)).
عن أبي سعيد الخدرييقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يكون خلف من بعدالستين سنة، أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا، ثم يكون خلف يقرؤونالقرآن لا يعدو تراقيهم، ويقرأ القرآن ثلاثة: مؤمن ومنافقوفاجر)).
قال بشير: فقلت للوليد: ما هؤلاء الثلاثة؟ قال: المنافق كافر به، والفاجر يتأكل به،والمؤمن يؤمن به.
عنأبي سعيد أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك خطب الناس وهو مسندظهره إلى نخلة فقال: ((ألا أخبركم بخير الناس وشر الناس؛ إن منخير الناس رجلا عمل في سبيل الله على ظهر فرسه أو على ظهر بعيره أو على قدميه حتىيأتيه الموت، وإن من شر الناس رجلا فاجرا جريئا يقرأ كتاب الله، ولا يرعوي إلى شيءمنه".
عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلىالله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: من شغله قراءة القرآن عندعائي أعطيته أفضل ثواب السائلين)).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه".
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى اللهعليه وسلم: ((إن لله أهلين من الناس)). قيل: من هم يا رسول الله؟قال: ((أهل القرآن هم أهل الله وخاصته".
عن أنس بن مالك، رضيالله عنه: كان إذا ختم القرآن جمع أهله وولده فدعا لهم.
عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((القرآن غنى لا فقر بعده ولا غنى دونه)).
عن أنس بن مالك قال: بينما نحن نقرأ فينا العربي والعجمي والأسود والأبيض، إذ خرجعلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أنتم في خير تقرؤونكتاب الله وفيكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيأتي على الناس زمان يثقفونه كمايثقف القدح، يتعجلون أجورهم ولا يتأجلونها)).
عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنالبيت الذي يقرأ فيه القرآن يكثر خيره، والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن يقلخيره".

عن عبد الله بن مسعود قال: ((إن هذا القرآن شافع مشفع، من اتبعه قاده إلى الجنة، ومن تركه أوأعرض عنه -أو كلمة نحوها- زج في قفاه إلى النار".
عن جابر بن عبد الله؛ أن رسول الله صلى الله عليهوسلم قال: ((من قرأ ألف آية كتب الله له قنطارا، والقنطار مائةرطل، والرطل اثنتا عشرة أوقية، والأوقية ستة دنانير، والدينار أربعة وعشرون قيراطا،والقيراط مثل أحد، ومن قرأ ثلاثمائة آية قال الله لملائكته: نصب عبدي لي، أشهدكم ياملائكتي أني قد غفرت له، ومن بلغه عن الله فضيلة فعمل بها إيمانا به ورجاء ثوابه،أعطاه الله ذلك وإن لم يكن ذلك كذلك)).
-عن ابن عباسقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الرجل الذي ليس فيجوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب)).
قال البزار: لا نعلمه يروى عن ابن عباس إلا من هذاالوجه.
- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من اتبع كتاب الله هداه الله من الضلالة، ووقاه سوء الحساب يومالقيامة، وذلك أن الله عز وجل يقول: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولايشقى} [طه: 123] )).
- عن ابن عباس؛ أن رسول الله صلى اللهعليه وسلم قال: ((إن أحسن الناس قراءة من قرأ القرآن يتحزنبه)).
- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحسنوا الأصوات بالقرآن)).
-عن ابن عباس مرفوعا:أشرف أمتي حملة القرآن)).
- عن ابن عباس قال: "سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أي الأعمال أحب إلىالله؟ فقال: ((الحال المرتحل)). قال: يا رسول الله، ما الحال المرتحل؟ قال: ((صاحبالقرآن يضرب في أوله حتى يبلغ آخره، وفي آخره حتى يبلغ أوله".

عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثلالقرآن مثل الإبل المعقلة إن تعاهدها صاحبها أمسكها، وإن تركهاذهبت)).
عن ابن عمر قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحسن قراءة؟قال: ((من إذا سمعته يقرأ رؤيت أنه يخشى الله، عزوجل)).
عن عبد الله بن عمرو قال: جاء رجل إلى النبيصلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أقرأ القرآن فلا أجد قلبي يعقل عليه؟فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن قلبك حشي الإيمان، وإنالعبد يعطى الإيمان قبل القرآن)).
-أن رجلا جاء بابن له فقال: يا رسول الله،إن ابني هذا يقرأ المصحف بالنهار ويبيت بالليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما تنقم أن ابنك يظل ذاكرا ويبيتسالما)).
-عن عبد الله بن عمرو، أنالنبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يومالقيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقولالقرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه))، قال: ((فيشفعان)).
-عن عبد الله بن عمروقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أكثر منافقي أمتيقراؤها)).
- عن عبد الله بن عمروقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ القرآن في أقلمن ثلاث لم يفقه)).
-عن عبد الله بن عمرو، عن رسولالله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ القرآن فكأنما استدرجتالنبوة بين جنبيه، غير أنه لا يوحى إليه، ومن قرأ القرآن فرأى أن أحدا أعطي أفضلمما أعطي فقد عظم ما صغر الله، وصغر ما عظم الله، وليس ينبغي لحامل القرآن أن يسفهفيمن يسفه، أو يغضب فيمن يغضب، أو يحتد فيمن يحتد، ولكن يعفو ويصفح، لفضلالقرآن".
-عن أبي هريرة؛ أنرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من استمع إلى آية من كتابالله كتبت له حسنة مضاعفة، ومن تلاها كانت له نورا يومالقيامة)).
- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلىالله عليه وسلم: ((أعربوا القرآن والتمسواغرائبه)).
- عن فضالة بن عبيد، وتميمالداري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ عشر آيات فيليلة كتب له قنطار، والقنطار خير من الدنيا وما فيها، فإذا كان يوم القيامة يقولربك، عز وجل: اقرأ وارق بكل آية درجة حتى ينتهي إلى آخر آية معه، يقول ربك: اقبض،فيقول العبد بيده: يا رب أنت أعلم. فيقول: بهذه الخلد وبهذهالنعيم)).
-روى الحافظ ابن عساكرفي ترجمة معقس بن عمران بن حطان قال: قال: دخلت مع أبي على أم الدرداء، رضي اللهعنها، فسألها أبي: ما فضل من قرأ القرآن على من لم يقرأ؟ قالت: حدثتني عائشة قالت: جعلت درج الجنة على عدد آي القرآن، فمن قرأ ثلث القرآن ثم دخلالجنة كان على الثلث من درجها، ومن قرأ نصف القرآن كان على النصف من درجها، ومنقرأه كله كان في عليين، لم يكن فوقه إلا نبي أو صديق أوشهيد.
-عن فائدمولى عبيد الله بن أبي رافع، قال حدثتني سكينة بنت الحسين بن علي، عن أبيها قال: قالرسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حملة القرآن عرفاء أهل الجنة يومالقيامة)).
-عن عبيدة المليكي، عن رسولالله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: ((يا أهل القرآن، لاتوسدوا القرآن، واتلوه حق تلاوته من آناء الليل والنهار، وتغنوه وتقنوه، واذكروا مافيه لعلكم تفلحون، ولا تستعجلوا ثوابه، فإن له ثوابا)).
- عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أن القرآن جعل في إهاب ثم ألقي في النار مااحترق)).
قيل: معناه: أن الجسد الذي يقرأ القرآن لا تمسه النار.
- عن عقبة بنعامر مرفوعا: ((من تعلم القرآن ثم تركه فقدعصاني)).
- عن أبي سعيد مرفوعا: ((عليك بتقوى الله،فإنها رأس كل خير، وعليك بالجهاد، فإنه رهبانية الإسلام، وعليك بذكر الله وتلاوةالقرآن، فإنه نور لك في الأرض وذكر لك في السماء، واخزن لسانك إلا من خير، فإنكبذلك تغلب الشيطان".

*استذكارالقرآن وتعاهده:
عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليهوسلم قال: "إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إنعاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت.
-عن عبد الله قال: قال النبي صلى الله عليهوسلم:" بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل نسي،واستذكروا القرآن فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال منالنعم".

وهو يدل علىالترغيب في كثرة تلاوة القرآن واستذكاره وتعاهده؛ لئلا يعرضه حافظه للنسيان فإن ذلكخطر كبير، نسأل الله العافية منه،
فإنه قال الإمام أحمد:
- عن سعد بن عبادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أمير عشرة إلا ويؤتى به يوم القيامة مغلولا لا يفكه منذلك الغل إلا العدل، وما من رجل قرأ القرآن فنسيه إلا لقي الله يوم القيامة يلقاهوهو أجذم)).
-عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي أجور أمتي حتىالقذاة والبعرة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أكبر منآية أو سورة من كتاب الله أوتيها رجل فنسيها.

قال عبد الله بن مسعود- :إني لأمقت القارئ أن أراه سمينا نسيا للقرآن.
قال الضحاك بن مزاحم يقول:ما من أحد تعلم القرآن ثم نسيهإلا بذنب يحدثه؛ لأن الله تعالى يقول: {وما أصابكم منمصيبة فبما كسبت أيديكم} [الشورى: 30]، وإن نسيان القرآن من أعظمالمصائب.
ولهذا قال إسحاق بن راهويهوغيره:يكره لرجل أن يمر عليه أربعون يوما لا يقرأ فيهاالقرآن.

*مسألة: حكم نسيانالقرآن:
عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: "سمع رسول الله صلى الله عليه وسلمرجلا يقرأ في سورة بالليل فقال: ((يرحمه الله، فقد أذكرني آية كذاوكذا كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا.
عن عبد الله بن سعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي".
في هذا الحديثدليل على أن حصول النسيان للشخص ليس بنقص له إذا كان بعد الاجتهاد والحرص، وفي حديثابن مسعود أدب في التعبير عن حصول ذلك، فلا يقول: نسيت آية كذا، فإن النسيان ليس منفعل العبد، وقد يصدر عنه أسبابه من التناسي والتغافل والتهاون المفضي إلى ذلك، فأماالنسيان نفسه فليس بفعله؛ ولهذا قال: ((بل هو نسي))، مبنيلما لم يسم فاعله، وأدب -أيضا- في ترك إضافة ذلك إلى الله تعالى، وقد أسند النسيانإلى العبد في قوله: {واذكر ربك إذا نسيت} [الكهف: 24]وهو، والله أعلم، من باب المجاز السائغ بذكر المسبب وإرادة السبب؛ لأن النسيان إنمايكون عن سبب قد يكون ذنبا، كما تقدم عن الضحاك بن مزاحم، فأمر الله تعالى بذكرهليذهب الشيطان عن القلب كما يذهب عند النداء بالأذان، والحسنة تذهب السيئة، فإذازال السبب للنسيان انزاح، فحصل الذكر لشيء بسبب ذكر الله تعالى، والله أعلم.


*مسألة الدعاء المأثور لحفظ القرآن وطرد النسيان ومدى صحته:
عن ابن عباس قال: "قال علي بن أبي طالب: يا رسول الله، القرآن يتفلت من صدري، فقالالنبي صلى الله عليه وسلم: ((أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وينفع منعلمته)). قال: قال: نعم بأبي وأمي، قال: ((صل ليلة الجمعة أربع ركعات تقرأ فيالأولى بفاتحة الكتاب ويس، وفي الثانية بفاتحة الكتاب وحم الدخان، وفي الثالثةبفاتحة الكتاب والم تنزيل السجدة، وفي الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل، فإذافرغت من التشهد فاحمد الله واثن عليه، وصل على النبيين، واستغفر للمؤمنين، ثم قل: اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني، وارحمني من أن أتكلف ما لا يعنيني،وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهم بديع السماوات والأرض، ذا الجلال والإكراموالعزة التي لا ترام، أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظكتابك كما علمتني، وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني، وأسألك أن تنوربالكتاب بصري، وتطلق به لساني، وتفرج به عن قلبي، وتشرح به صدري، وتستعمل به بدني،وتقويني على ذلك وتعينني على ذلك فإنه لا يعينني على الخير غيرك، ولا يوفق له إلاأنت، فافعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا تحفظه بإذن الله وما أخطأ مؤمناقط.
قال ابن كثير: في المتن غرابة بل نكارةوالله أعلم.


*أحكام تتعلق بترتيل القرآن:

مسألة:الترتيل فيالقراءة
وقولالله عز وجل: {ورتل القرآن ترتيلا} [المزمل: 4]،وقوله: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث} [الإسراء: 106]، يكره أن يهذ كهذ الشعر، يفرق: يفصل، قال ابن عباس: {فرقناه}: فصلناه.
- عن عبد الله قال: غدونا على عبدالله بن مسعود، فقال رجل: قرأت المفصل البارحة، فقال: هذا كهذ الشعر، إنا قد سمعنا القراءة،وإني لأحفظ القراءات التي كان يقرأ بهن النبي صلى الله عليه وسلم ثمان عشرة سورة منالمفصل، وسورتين من آل حم.
-
عن عائشة أنهذكر لها أن ناسا يقرؤون القرآن في الليل مرة أو مرتين، فقالت: أولئك قرؤوا ولم يقرؤوا، كنت أقوم مع النبي صلى الله عليه وسلمليلة التمام، فكان يقرأ سورة البقرة وآل عمران والنساء، فلا يمر بآية فيها تخوف إلادعا الله واستعاذ، ولا يمر بآية فيها استبشار إلا دعا الله ورغبإليه.
-
عن ابن عباس في قولهتعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16]: كان رسول الله صلى الله عليه وسلمإذا نزل جبريل بالوحي، وكانمما يحرك به لسانه وشفتيه فيشتد عليه.
في الحديث وفي الذي قبله دليل على استحباب ترتيل القراءة والترسل فيها من غيرهذرمة ولا سرعة مفرطة، بل بتأمل وتفكر، قال الله تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته} [ص: 29].

-وقال أبو عبيد: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: قرأ علقمة على عبد الله، فكأنه عجل،فقال عبدالله: فداك أبي وأمي، رتل فإنه زين القرآن. قال: وكان علقمة حسنالصوت بالقرآن.
- عن أبي جمرة قال: قلت لابن عباس: إني سريعالقراءة وإني أقرأ القرآن في ثلاثفقال: لأن أقرأ البقرةفي ليلة فأدبرها وأرتلها أحب إلي من أن أقرأ كما تقول.


مسألة: مـد القراءة

-عن قتادة قال: سئل أنس بن مالك: كيف كانت قراءة النبي صلىالله عليه وسلم؟ فقال: كانت مدا، ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم. يمد بسم الله،ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم.
- عن أم سلمة: أنها نعتت قراءةرسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة مفسرة حرفا حرفا.
- عن أم سلمة قالت: كانرسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته؛ بسم الله الرحمن الرحيم {الحمد لله ربالعالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين} وهكذا.



مسألة: الترجيع

-عن عبد الله بن مغفل قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو علىناقته -أو جمله- وهي تسير به، وهو يقرأ سورة الفتح قراءة لينة وهويرجع.
وقد تقدم هذاالحديث في القراءة على الدابة وأنه من المتفق عليه، وفيه أن ذلك كان يوم الفتح،وأما الترجيع: فهو الترديد في الصوت كما جاء -أيضا- في البخاري أنه جعل يقول: (آ آآ)، وكأن ذلك صدر من حركة الدابة تحته، فدل على جواز التلاوة عليها، وإن أفضى إلىذلك ولا يكون ذلك من باب الزيادة في الحروف، بل ذلك مغتفر للحاجة، كما يصلي علىالدابة حيث توجهت به، مع إمكان تأخير ذلك والصلاة إلى القبلة، والله أعلم.

من أحب أن يسمع القرآن من غيره
-عن عبد الله قال: "قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي القرآن)). قلت: عليك أقرأ وعليك أنزل؟! قال: ((إني أحب أنأسمعه من غيري)) ".
- عن أبي موسى: أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال له: ((يا أبا موسى، لو رأيتني وأنا أستمعلقراءتك البارحة)). فقال: أما والله لو أعلم أنك تستمع قراءتي لحبرتها لكتحبيرا.



قول المقرئللقارئ: حسبك
عن عبد الله قال: "قال ليرسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي)). فقلت: يا رسول الله،آقرأ عليك وعليك أنزل؟! قال: ((نعم))، فقرأت عليه سورة النساء حتى أتيت إلى هذهالآية: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاءشهيدا} [النساء: 41]، قال: ((حسبك الآن)) فالتفت إليه فإذا عيناهتذرفان.
أخرجه الجماعة إلا ابنماجه، من رواية الأعمش به ووجه الدلالة ظاهر، وكذا الحديث الآخر: ((اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا)).

مسألة: حكم القراءة على الدابة
عن عبدالله بن مغفل، رضي الله عنه، قال: "رأيت رسول الله صلى اللهعليه وسلم يوم فتح مكة وهو يقرأ على راحلته سورة الفتح".
وهذا الحديث له تعلق بما تقدم من تعاهدالقرآن وتلاوته سفرا وحضرا، ولا يكره ذلك عند أكثر العلماء إذا لم يتله القارئ فيالطريق، وقد نقله ابن أبي داود عن أبي الدرداءأنه كان يقرأ فيالطريق،وقد روي عن عمر بن عبد العزيزأنه أذن فيذلك، وعن الإماممالك أنه كره ذلك، كما قال ابنأبي داود: وحدثني أبو الربيع، أخبرنا ابن وهبقال سألت مالكا عنالرجل يصلي من آخر الليل، فيخرج إلى المسجد، وقد بقي من السورة التي كان يقرأ منهاشيء، فقال: ما أعلم القراءة تكون في الطريق.

وقال الشعبي: تكره قراءة القرآن في ثلاثة مواطن:في الحمام، وفي الحشوش، وفي بيت الرحى وهي تدور. وخالفه فيالقراءة في الحمام كثير من السلف: أنها لا تكره، وهو مذهب مالك والشافعي وإبراهيمالنخعي وغيرهم، وروى ابن أبي داود عن علي بن أبي طالب: أنه كرهذلك،ونقله ابن المنذر عن أبي وائل شقيق بن سلمة، والشعبي والحسن البصريومكحول وقبيصة بن ذؤيب، وهو رواية عن إبراهيم النخعي، ويحكى عن أبي حنيفة، رحمهمالله،أن القراءة في الحمام تكره وأما القراءة في الحشوشفكراهتها ظاهرة،ولو قيل بتحريم ذلك صيانة لشرف القرآن لكان مذهبا، وأماالقراءة في بيت الرحى وهي تدور فلئلا يعلو غير القرآن عليه، والحق يعلو ولا يعلى،والله أعلم.
معنى حديث اقرؤوا القرآنما ائتلفت عليه قلوبكم:
-عن جندب بن عبد الله، رضي الله عنه، عن النبي صلى اللهعليه وسلم قال: ((اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذااختلفتم فقوموا عنه)).
معنى الحديثأنه، عليه السلام، أرشد وحض أمته على تلاوة القرآن إذا كانت القلوب مجتمعة علىتلاوته، متفكرة فيه، متدبرة له، لا في حال شغلها وملالها، فإنه لا يحصل المقصود منالتلاوة بذلك كما ثبت في الحديث أنه قال عليه الصلاة والسلام: ((اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا)) وقال: ((أحبالأعمال إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل))، وفي اللفظ الآخر: ((أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل)).
- عن عبد الله -هو ابن مسعود- "أنه سمع رجلايقرأ آية سمع النبي صلى الله عليه وسلم قرأ خلافها، فأخذت بيده فانطلقت إلى النبيصلى الله عليه وسلم فقال: ((كلاكما محسن فاقرآ)) أكبر علمي قال: ((فإن من كان قبلكم اختلفوا فأهلكهم الله عز وجل)) ".
-قالعبد الله بن مسعود: تمارينا في سورة من القرآن فقلنا: خمس وثلاثون آية، ست وثلاثونآية قال: فانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدنا عليا يناجيه فقلنا له: اختلفنا في القراءة، فاحمر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال علي: إن رسولالله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تقرؤوا كما قد علمتم.

مسألة:البكاء عندالقراءة
- عن عبد الله -هو ابن مسعود- قال: قال رسولالله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي)). قلت: أقرأ عليك وعليكأنزل؟ قال: ((إني أشتهي أن أسمعه من غيري)). قال: فقرأت النساء، حتى إذا بلغت: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} [النساء: 41]، قال لي: ((كف أو أمسك))، فرأيت عيناه تذرفان".




[1]-قدم ابن كثير ذكر الفضائل قبل التفسير ،و فضل كل سورة قبل تفسيرها ليكون ذلك باعثا على حفظ القرآن وفهمه والعمل بما فيه.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 ذو القعدة 1435هـ/20-09-2014م, 07:14 PM
عذاري البعيجان عذاري البعيجان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 140
افتراضي تلخيص مقاصد مقدمة ابن كثير4/ذكر فوائد متفرّقة:

ذكر فوائد متفرّقة:
مسألة: حكم التغنيبالقرآن
عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أنه كانيقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لم يأذن الله لشيء، ماأذن لنبي أن يتغنى بالقرآن))، وقال صاحب له: يريد يجهر به .
ومعناه:أن الله ما استمعلشيء كاستماعه لقراءة نبي يجهر بقراءته ويحسنها، وذلك أنه يجتمع في قراءة الأنبياءطيب الصوت لكمال خلقهم وتمام الخشية، وذلك هو الغاية في ذلك.
ومنهم من فسر الأذن هاهنا بالأمر، والأول أولىلقوله: "ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي أن يتغنىبالقرآن"أي:يجهر به،والأذن:الاستماع؛ لدلالة السياق عليه، ولهذا جاء في حديث رواه ابن ماجة بسند جيد عن فضالة بن عبيدقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لله أشد أذنا إلى الرجلالحسن الصوت بالقرآن يجهر به من صاحب القينة إلى قينته.
وقال سفيان بن عيينة:إن المرادبالتغني:يستغني به، فإن أراد: أنه يستغني عن الدنيا، فخلاف الظاهر من مراد الحديث؛ لأنهقد فسره بعض رواته بالجهر، وهو تحسين القراءة والتحزين بها.
قال حرملة: سمعت ابن عيينة يقول: معناه:يستغني به، فقال لي الشافعي: ليس هو هكذا، ولو كان هكذالكان يتغانى به، وإنما هو يتحزن ويترنم به.
مسألة: أحكامالتلاوة بالأصوات
- عنعقبة بن عامر قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ونحن في المسجدنتدارس القرآن، فقال: ((تعلموا كتاب الله واقتنوه)). قال: وحسبتأنه قال: ((وتغنوا به، فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفلتا من المخاض منالعقل)).
ثمقال أبو عبيد: قوله: ((تغنوه)):يعني: اجعلوه غناءكم منالفقر، ولا تعدوا الإقلال منه فقرا. وقوله: ((واقتنوه))،يقول: اقتنوه، كما تقتنون الأموال: اجعلوه مالكم.
- روى ابن ماجة من حديث ابن أبي مليكة، عن عبد الرحمن بنالسائب، عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن نزل بحزن، فإذا قرأتموه فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا،وتغنوا به، فمن لم يتغن به فليس منا)).
-عن أبي بردة بنأبي موسى، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لورأيتني وأنا أستمع قراءتك البارحة)). قلت: أما والله لو علمت أنك تستمعقراءتي لحبرتها لك تحبيرا. ورواه مسلم من حديث طلحة به وزاد: ((لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود". والغرض أن أبا موسى قال: لو أعلم أنك تستمع لحبرته لك تحبيرا، فدلعلى جواز تعاطي ذلك وتكلفه، وقد كان أبو موسى كما قال، عليه السلام، قد أعطي صوتاحسنا كما سنذكره إن شاء الله، مع خشية تامة ورقة أهل اليمن الموصوفة، فدل على أنهذا من الأمور الشرعية.
-عن طاوس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي الناس أحسن صوتا بالقرآن؟ فقال: ((الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله)) ".
والغرض أن المطلوب شرعا إنما هو التحسين بالصوت الباعثعلى تدبر القرآن وتفهمه والخشوع والخضوع والانقياد للطاعة، فأما الأصوات بالنغماتالمحدثة المركبة على الأوزان والأوضاع الملهية والقانون الموسيقائي، فالقرآن ينزهعن هذا ويجل ويعظم أن يسلك في أدائه هذا المذهب، وقد جاءت السنة بالزجر عن ذلك، كماقال الإمام العلم أبو عبيد القاسم بن سلام، رحمه الله:
عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلىالله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكمولحون أهل الفسق وأهل الكتابيين، وسيجيء قوم من بعدي يرجعون بالقرآن ترجيع الغناءوالرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهمشأنهم)).
وهذا يدل على أنه محذوركبير، وهو قراءة القرآن بالألحان التي يسلك بها مذاهب الغناء، وقد نص الأئمة، رحمهمالله، على النهي عنه، فأما إن خرج به إلى التمطيط الفاحش الذي يزيد بسببه حرفا أوينقص حرفا، فقد اتفق العلماء على تحريمه، والله أعلم.
مسألة: تعليمالصبيان القرآن
- عنسعيد بن جبير قال: إن الذي تدعونه المفصل هو المحكم،قال: وقال ابن عباس: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأناابن عشر سنين وقد قرأت المحكم.
وفيه دلالة على جواز تعلمالصبيان القرآن؛ لأن ابن عباس أخبر عن سنه حين موت الرسول صلى الله عليه وسلم، وقدكان جمع المفصل، وهو من الحجرات، كما تقدم ذلك، وعمره آنذاك عشر سنين. وقد روىالبخاري أنه قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنامختون. وكانوا لا يختنون الغلام حتى يحتلم، فيحتمل أنه تجوز في هذه الروايةبذكر العشر، وترك ما زاد عليها من الكسر، والله أعلم.

وعلى كل تقدير، ففيه دلالة على جواز تعليمهم القرآن فيالصبا، وهو ظاهر، بل قد يكون مستحبا أو واجبا؛ لأن الصبي إذا تعلم القرآن بلغ وهويعرف ما يصلي به، وحفظه في الصغر أولى من حفظه كبيرا، وأشد علوقا بخاطره وأرسخوأثبت، كما هو المعهود من حال الناس، وقد استحب بعض السلف أن يترك الصبي في ابتداءعمره قليلا للعب، ثم توفر همته على القراءة، لئلا يلزم أولا بالقراءة فيملها ويعدلعنها إلى اللعب، وكره بعضهم تعليمه القرآن وهو لا يعقل ما يقال له، ولكن يترك حتىإذا عقل وميز علم قليلا قليلا بحسب همته ونهمته وحفظه وجودة ذهنه، واستحب عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أن يلقن خمس آيات خمسآيات، رويناه عنه بسند جيد.

مسألة حكم قول:سورة البقرة، وسورة كذاوكذا
-عن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الآيتان من آخر سورة البقرة، من قرأ بهما في ليلةكفتاه)).
-عنالمسور وعبد الرحمن بن عبد القارئ، كلاهما عن عمر قال:سمعتهشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان... وذكر الحديث بطوله، كما تقدم.
-عن عائشة قالت: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلمقارئا يقرأ من الليل في المسجد، فقال: ((يرحمه الله، لقد أذكرنيكذا وكذا آية، كنت أسقطتهن من سورة كذا وكذا".

- عن ابن مسعود: أنهكان يرمي الجمرة من الوادي ويقول: هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة.
وكره بعض السلف ذلك، ولم يروا إلا أن يقال: السورة التي يذكرفيها كذا وكذا، كما تقدم من رواية يزيد الفارسي عن ابن عباس، عن عثمان أنهقال: إذا نزل شيء من القرآن يقولرسول الله صلى اللهعليه وسلم: ((اجعلوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذاوكذا))، ولا شك أن هذا أحوط وأولى، ولكن قد صحت الأحاديث بالرخصة في الآخر،وعليه عمل الناس اليوم في ترجمة السور في مصاحفهم، وبالله التوفيق.

مسألة: في كم يقرأ القرآن؟
عن سفيان، قال: قال لي ابن شبرمة: نظرت كميكفي الرجل من القرآن فلم أجد سورة أقل من ثلاث آيات. فقلت: لا ينبغي لأحد أن يقرأأقل من ثلاث آيات".
- عن عبد الله بن عمروقال: أنكحني أبي امرأة ذات حسب، فكان يتعاهد كنته فيسألها عن بعلها فتقول: نعمالرجل من رجل لم يطأ لنا فراشا، ولم يفتش لنا كنفا منذ أتيناه، فلما طال ذلك عليهذكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " ((ألقني به))، فلقيته بعد،فقال: ((كيف تصوم؟)). قلت: كل يوم. قال: ((وكيف تختم؟)). قال: كل ليلة. قال: ((صمكل شهر ثلاثة، واقرأ القرآن في كل شهر)): قال: قلت: إني أطيق أكثر من ذلك. قال: ((صم ثلاثة أيام في الجمعة)). قلت: أطيق أكثر من ذلك. قال: ((أفطر يومين وصوميوما)). قلت: أطيق أكثر من ذلك. قال: ((صم أفضل الصوم صوم داود، صيام يوم وإفطاريوم، واقرأ في كل سبع ليال مرة))، فليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليهوسلم! وذلك أني كبرت وضعفت، فكان يقرأ على بعض أهله السبع من القرآن بالنهار والذييقرأ يعرضه بالنهار ليكون أخف عليه بالليل، وإذا أراد أن يتقوى أفطر أياما وأحصىوصام مثلهن، كراهية أن يترك شيئا فارق عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
وقالبعضهم: في ثلاث وفي خمس وأكثرهم على سبع ".
- عن محمد بن ذكوان -رجل من أهل الكوفة- قال: سمعت عبدالرحمن بن عبد الله بن مسعود يقول: كان عبد الله بن مسعود يقرأالقرآن في غير رمضان من الجمعة إلى الجمعة.
- عن أيوب: سمعت أباقلابة، عن أبي المهلب قال: كان أبي بن كعب يختم القرآن في كلثمان.
وكان تميم الداري يختمه في كل سبع، وحدثناهشيم، عن الأعمش، عن إبراهيم: أنه كان يختم القرآن في كلسبع.
- عن إبراهيم قال:كان الأسود يختم القرآن في كلست، وكان علقمة يختمه في كل خمس.
فلو تركنا ومجرد هذا لكان الأمر في ذلكجليا، ولكن دلت أحاديث أخرجوها على جواز قراءته فيما دون ذلك، كما رواه الإمام أحمدفي مسنده عن سعد بنالمنذر الأنصاري؛ أنه قال: يا رسول الله، أقرأ القرآن في ثلاث؟قال: ((نعم)).قال: فكان يقرؤه حتى توفي.
- عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسولالله صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه من قرأه في أقل منثلاث)).

وقد كره غير واحد من السلف قراءة القرآن في أقل من ثلاث، كما هو مذهب أبيعبيد وإسحاق وابن راهويه وغيرهما من الخلف -أيضا- قال أبو عبيد: حدثنا يزيد، عنهشام بن حسان، عن حفصة، عن أبي العالية، عن معاذ بن جبل أنه كان يكره أن يقرأالقرآن في أقل من ثلاث. صحيح.
-وفي المسند عن عبد الرحمن بن شبل مرفوعا: ((اقرؤوا القرآن، ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به،ولا تستكثروا به)).
فقوله: ((لا تغلوا فيه))أي: لا تبالغوا في تلاوتهبسرعة في أقصر مدة، فإن ذلك ينافي التدبر غالبا؛ ولهذا قابله بقوله: ((ولا تجفواعنه)) أي: لا تتركوا تلاوته.
وقد ترخص جماعة من السلف في تلاوة القرآن في أقل من ذلك؛ منهم أمير المؤمنينعثمان بن عفان، رضي الله عنه..
- عن ابن سيرين قال: قالت نائلة بنت الفرافصة الكلبية حيث دخلوا علىعثمان ليقتلوه: إن يقتلوه أو يدعوه، فقد كان يحيي الليل كله بركعة يجمع فيهاالقرآن.
- عن ابن سيرين: إن تميما الداري قرأ القرآن في ركعة.
-عن سعيد بنجبير: أنه قال: قرأت القرآن في ركعة في البيت -يعنيالكعبة.
-روى ابن أبي داود عن مجاهدأنه كان يختم القرآن فيمابين المغرب والعشاء.
-عن منصور قال: كان عليالأزدي يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء كل ليلة منرمضان.
-وعن أبي عبد الله البخاري -صاحب الصحيح- :أنه كان يختم في الليلة ويومها من رمضانختمة.
فهذا وأمثالة من الصحيح عنالسلف محمول إما على أنه ما بلغهم في ذلك حديث مما تقدم، أو أنهم كانوا يفهمونويتفكرون فيما يقرؤونه مع هذه السرعة، والله أعلم.
قال الشيخ أبو زكريا النووي في كتابهالتبيان بعد ذكر طرف مما تقدم: (والاختيار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كانله بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر يحصل له كمال فهم ما يقرؤه، وكذا منكان مشغولا بنشر العلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة فليقتصر علىقدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له، وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثرما أمكنه من غير خروج إلى حد الملل والهذرمة.



مسألة أيهما أفضل قراءةالقرآنعن ظهر قلب أم من المصحف؟
اختار البخاري أن قراءةالقرآنعن ظهر قلب أفضل لحديث سهل بن سعدوفيه أنه، عليه السلام قال لرجل: ((فما معك من القرآن؟)). قال: معي سورة كذا وكذا، لسور عددها. قال: ((أتقرؤهن عن ظهر قلبك؟)). قال: نعم. قال: ((اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن)).
قال ابن كثير: ولكن الذي صرح به كثيرون من العلماء أن قراءةالقرآن من المصحف أفضل؛ لأنه يشتمل على التلاوة والنظر في المصحف وهو عبادة، كماصرح به غير واحد من السلف، وكرهوا أن يمضي على الرجل يوم لا ينظر في مصحفه،واستدلوا على فضيلة التلاوة في المصحف بما رواه الإمام أبو عبيد في كتابفضائل القرآن منه ذلك:
-عن ابن مسعود قال:أديموا النظر في المصحف.
- عنابن عباس، عن عمر: أنه كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأفيه.
- عن ابن مسعود:أنه كان إذا اجتمعإليه إخوانه نشروا المصحف، فقرؤوا، وفسر لهم. إسناد صحيح.
- عن ابن عمر قال:إذا رجع أحدكم من سوقه فلينشر المصحفوليقرأ. وقال الأعمش عن خيثمة: دخلت على ابن عمر وهويقرأ في المصحف فقال: هذا جزئي الذي أقرأ به الليلة.

فهذه الآثار تدل على أن هذا أمر مطلوب لئلا يعطل المصحففلا يقرأ منه، ولعله قد يقع لبعض الحفظة نسيان فيستذكر منه، أو تحريف كلمة أو آيةأو تقديم أو تأخير، فالاستثبات أولى، والرجوع إلى المصحف أثبت من أفواه الرجال،فأما تلقين القرآن فمن فم الملقن أحسن؛ لأن الكتابة لا تدل على كمال الأداء، كما أنالمشاهد من كثير ممن يحفظ من الكتابة فقط يكثر تصحيفه وغلطه، وإذا أدى الحال إلىهذا منع منه إذا وجد شيخا يوقفه على لفظ القرآن، فأما عند العجز عمن يلقن فلا يكلفالله نفسا إلا وسعها، فيجوز عند الضرورة ما لا يجوز عند الرفاهية، فإذا قرأ فيالمصحف -والحالة هذه- فلا حرج عليه.
وقال بعض العلماء: المدار في هذه المسألة على الخشوع في القراءة، فإنكان الخشوع عند القراءة على ظهر القلب فهو أفضل، وإن كان عند النظر في المصحف فهوأفضل فإن استويا فالقراءة نظرا أولى؛ لأنها أثبت وتمتاز بالنظر في المصحف قال الشيخأبو زكريا النووي رحمه الله، في التبيان: والظاهر أن كلام السلفوفعلهم محمول على هذا التفصيل.

قال ابن كثير:
إن كان البخاري رحمه الله، أراد بذكر حديث سهل للدلالةعلى أن تلاوة القرآن عن ظهر قلب أفضل منها في المصحف، ففيه نظر؛ لأنها قضية عين،فيحتمل أن ذلك الرجل كان لا يحسن الكتابة ويعلم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلممنه، فلا يدل على أن التلاوة عن ظهر قلب أفضل مطلقا في حق من يحسن ومن لا يحسن، إذلو دل هذا لكان ذكر حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلاوته عن ظهر قلب -لأنه أميلا يدري الكتابة- أولى من ذكر هذا الحديث بمفرده.
الثاني: أن سياق الحديث إنما هولأجل استثبات أنه يحفظ تلك السور عن ظهر قلب؛ ليمكنه تعليمها لزوجته، وليس المرادهاهنا: أن هذا أفضل من التلاوة نظرا، ولا عدمه والله سبحانه وتعالىأعلم.

مسألة: حكم من حرف بعض الكلمات عن لفظها علىلغته ولفظه.
قال الإمام أبو عبيد:
-عنالأوزاعي أن رجلا صحبهم في سفر قال:فحدثنا حديثا ما أعلمهإلا رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنالعبد إذا قرأ فحرف أو أخطأ كتبه الملك كما أنزل)).
-عن بكير بن الأخنس قال: كان يقال: إذا قرأ الأعجمي والذي لا يقيم القرآن كتبه الملك كماأنزل.








.




رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 ذو الحجة 1435هـ/7-10-2014م, 08:43 PM
محمود بن عبد العزيز محمود بن عبد العزيز غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
الدولة: مصر، خلَّصها الله من كل ظلوم
المشاركات: 802
افتراضي

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد ..
فتلخيصك طيب وجيد، لكن عليه ملاحظة مهمة، وهي خاصة بمعيار الصياغة، فليس المراد من التلخيص إعادة ترتيب المقدمة على المسائل المذكورة، بل هو الاختصار لكلام المؤلف وبيان ما أراد إيصاله في ثناياه على صورة نقاط مركزة ومختصرة، ومثال على ذلك: مسألة «هيمنة القرآن»، قارني بين ما ذكرتِ وبين الطريقة المثلى لكتابة هذه المسألة كالتالي:

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد العزيز الداخل مشاهدة المشاركة
1: هيمنة القرآن على ما قبله من الكتب
قال الله تعالى: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه}.
- عن ابن عباس في قوله: {ومهيمنا عليه} قال: (المهيمن: الأمين). قال: (القرآن أمين على كل كتاب قبله). وفي رواية: (شهيدا عليه). رواه ابن جرير وعلقه البخاري.
- وقال سفيان الثوري وغير واحد من الأئمة عن أبي إسحاق السبيعي، عن التميمي، عن ابن عباس: {ومهيمنا عليه} قال: مؤتمنا.
- قال ابن كثير: (وبنحو ذلك قال مجاهد والسدي وقتادة وابن جريج والحسن البصري وغير واحد من أئمة السلف).
- أصل الهيمنة: الحفظ والارتقاب، يقال إذا رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده: قد هيمن فلان عليه.

تلاحظين عنونة المسألة، ثم ذكر دليل المسألة، ثم اختصار كلام ابن كثير على صورة نقاط مركزة، يصحب ذلك كله حسن العرض والتلوين، مع إحكام صياغة العبارات.

توزيع الدرجات:
الشمول: 30 / 30
الترتيب: 20 / 20
التحرير: 20 / 20
حسن الصياغة: 10 / 15
حسن العرض: 13 / 15

الدرجة النهائية: 93 / 100
زادكِ الله توفيقًا وسدادًا

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 1 جمادى الآخرة 1436هـ/21-03-2015م, 08:17 PM
عذاري البعيجان عذاري البعيجان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 140
افتراضي واجب تلخيص مسائل الباب الرابع من كتاب التبيان للنووي

مقاصد الباب الرابع
في أهمية الاخلاص للمعلم والمتعلم وآدابهما وحالهما في مجلس العلم وأحكام خاصة
المقاصد الفرعية للباب
1*أهمية الإخلاص لمقرئ القرآن وقارئه
2*آداب مقرئ القرآن في مجلس العلم
3*آداب مقرئ القرآن مع طلابه
4*أحكام خاصة بالعلم
5*آداب قارئ القرآن مع نفسه .
6*آداب قارئ القرآن مع شيخه.

تلخيص مسائل الباب الرابع

1*أهمية الإخلاص لمقرئ القرآن وقارئه
مقصد قارئ القرآن ومقرئه
إرادةالمقرئ بعمله الدنيا
علامة سوء نية المقرئ

2*آداب مقرئ القرآن في مجلس العلم
شروط المعلم
عناية مقرئ القرآن بالخصال الحميدة وسنن الفطرة
تواضع المقرئ لمنيقرأ عليه
رفق المقرئ بمنيقرأ عليه
وقار المعلم في مجلس العلم

3*آداب مقرئ القرآن مع طلابه
حرص المقرئ ونصحه لمنيقرأ عليه
عناية المقرئ بالتربية الإيمانية لمنيقرأ عليه
بذل المعلم جهده في تعليم طلابه
حال المعلم مع طلابه في الدرس وخارجه
قبول المعلم طلابه وإن اختلفت نياتهم
4*أحكام خاصة بالعلم
العلم يؤتى ولا يأتي
حكم تعليم المتعلمين

تهيئة مجلس العلم وإعداده.
5*آداب قارئ القرآن مع نفسه .
عناية المتعلم بتطهير قلبه والبعد عن الشواغل والتأدب مع معلمه
نهمة المتعلم في طلب العلم وصبره
اغتنام المتعلم وقت البكور في الطلب وعدم إيثار غيره إلا لمصلحة والحذر من العجب والحسد.
6*آداب قارئ القرآن مع شيخه.
آداب المتعلم مع شيخه وفي مجلس العلم
مراعاة المتعلم لأحوال شيخه
تلخيص مسائل الباب الرابع
فصل مقصد قارئ القرآن ومقرئه
أول ما ينبغي للمقرئ والقارئ أن يقصدا بذلك رضا الله تعالى، قال الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيمواالصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة}أي: الملة المستقيمة.
-
وفي الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))،وهذاالحديث من أصول الإسلام.
-
وروينا عن ابن عباس رضيالله عنهما، قال: "إنما يعطى الرجل علىقدر نيته"،وعن غيره:"إنما يعطى الناس على قدر نياتهم".
[فصل] إرادةالمقرئ بعمله الدنيا
قال تعالى: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيانؤته منها وما له في الآخرة من نصيب}،وقال تعالى: {من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد}الآية.
-
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: ((من تعلم علما يبتغي به وجه الله تعالى لايتعلمه إلا ليصيب به غرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة))رواهأبو داود بإسناد صحيح، ومثله أحاديث كثيرة.

[فصل]علامة سوء نية المقرئ
وليحذر كل الحذر منقصده التكثر بكثرة المشتغلين عليه والمختلفين إليه، وليحذر من كراهته قراءة أصحابهعلى غيره ممن ينتفع به، وهذه مصيبة يبتلى بها بعض المعلمين الجاهلين، وهي دلالةبينة من صاحبها على سوء نيته وفساد طويته، بل هي حجة قاطعة على عدم إرادته بتعليمهوجه الله تعالى الكريم، فإنه لو أراد الله بتعليمه لما كره ذلك، بل قال لنفسه: أناأردت الطاعة بتعليمه وقد حصلت، وقد قصد بقراءته على غيري زيادة علم فلا عتب عليه.
-
صح عنالإمام الشافعي رضي الله عنه، أنه قال: "وددت أن الخلق تعلموا هذا العلم-يعني: علمه وكتبه-؟أن لا ينسبإلي حرف منه".

[فصل] عناية مقرئ القرآن بالخصال الحميدة وسنن الفطرة
وينبغي للمعلم أن يتخلقبالمحاسن التي ورد الشرع بها، والخصال الحميدة والشيم المرضية التي أرشده اللهإليها، من الزهادة في الدنيا والتقلل منها وعدم المبالاة بها وبأهلها، والسخاءوالجود ومكارم الأخلاق، وطلاقة الوجه من غير خروج إلى حد الخلاعة، والحلم والصبر،والتنزه عن دنيئ المكاسب، وملازمة الورع والخشوع والسكينة والوقار والتواضعوالخضوع، واجتناب الضحك والإكثار من المزاح، وملازمة الوظائف الشرعية كالتنظيفوتقليم بإزالة الأوساخ والشعور التي ورد الشرع بإزالتها كقص الشارب وتقليم الظفروتسريح اللحية وإزالة الروائح الكريهة والملابس المكروهة، وليحذر كل الحذر من الحسدوالرياء والعجب، واحتقار غيره وإن كان دونه.
وينبغيأن يستعمل الأحاديث الواردة في التسبيح والتهليل ونحوهما من الأذكار والدعوات، وأنيراقب الله تعالى في سره وعلانيته ويحافظ على ذلك، وأن يكون تعويله في جميع أمورهعلى الله تعالى.

[فصل] رفق المقرئ بمنيقرأ عليه
وينبغي له أن يرفق بمنيقرأ عليه، وأن يرحب به ويحسن إليه بحسب حالهما.
كان أبو سعيد الخدري رضي الله عنه،يقول: مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إن النبي صلى الله عليه وسلمقال: ((إن الناس لكم تبع، وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرضيتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا))" رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما.

[فصل] حرص المقرئ ونصحه لمنيقرأ عليه
وينبغي أن يبذل لهم النصيحة، فإن رسول الله صلىالله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة؛ لله ولكتابه ولرسوله ولأئمةالمسلمين وعامتهم))رواه مسلم.
ومن النصيحةلله تعالى ولكتابه: إكرام قارئه وطالبه وإرشاده إلى مصلحته، والرفق به ومساعدته علىطلبه بما أمكن، وتأليف قلب الطالب، وأن يكون سمحا بتعليمه في رفق متلطفا به ومحرضاله على التعلم.
وينبغي أن يشفق على الطالب، ويعتني بمصالحهكاعتنائه بمصالح ولده ومصالح نفسه، ويجري المتعلم مجرى ولده في الشفقة عليه والصبرعلى جفائه وسوء أدبه، ويعذره في قلة أدبه في بعض الأحيان، فإن الإنسان معرض للنقائصلا سيما إن كان صغير السن، وينبغي أن يحب له ما يحب لنفسه من الخير، وأن يكره له مايكره لنفسه من النقص مطلقا.
فقد ثبت في الصحيحين،عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((لا يؤمن أحدكم حتىيحب لأخيه ما يحب لنفسه)).
فصل: تواضع المقرئ لمنيقرأ عليه
وينبغي أن لا يتعاظم علىالمتعلمين، بل يلين إليهم ويتواضع لهم، فقد جاء في التواضع لآحاد الناس أشياء كثيرةمعروفة، فكيف بهؤلاء الذين هم بمنزلة أولاده، مع ما هم عليه من الاشتغال بالقرآن،مع ما لهم عليه من حق الصحبة وترددهم إليه، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليهوسلم أنه قال: ((لينوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه)).


[فصل] عناية المقرئ بالتربية الإيمانية لمنيقرأ عليه
وينبغي أن يؤدب المتعلم على التدريج بالآداب السنيةوالشيم المرضية ورياضة نفسه بالدقائق الخفية، ويعوده الصيانة في جميع أموره الباطنةوالجلية، ويحرضه بأقواله وأفعاله المتكررات على الإخلاص والصدق وحسن النيات،ومراقبة الله تعالى في جميع اللحظات، ويعرفه أن لذلك تتفتح عليه أنوار المعارف،وينشرح صدره ويتفجر من قلبه ينابيع الحكم واللطائف، ويبارك له في علمه وحاله ويوفقفي أفعاله وأقواله.

[فصل] حكم تعليم المتعلمين
تعليم المتعلمين فرضكفاية، فإن لم يكن من يصلح إلا واحد تعين، وإن كان هناك جماعة يحصل التعليم ببعضهم،فإن امتنعوا كلهم أثموا، وإن قام به بعضهم سقط الحرج عن الباقين، وإن طلب من أحدهموامتنع فأظهر الوجهين أنه لا يأثم، لكن يكره له ذلك إن لم يكنعذر.

[فصل] بذل المعلم جهده في تعليم طلابه
يستحب للمعلم أن يكون حريصا على تعليمهم، مؤثرا ذلكعلى مصالح نفسه الدنيوية التي ليست بضرورية، وأن يفرغ قلبه في حال جلوسه لإقرائهممن الأسباب الشاغلة كلها وهي كثيرة معروفة، وأن يكون حريصا على تفهيمهم، وأن يعطيكل إنسان منهم ما يليق به، فلا يكثر على من لا يحتمل الإكثار ولا يقصر لمن يحتملالزيادة، ويأخذهم بإعادة محفوظاتهم، ويثني على من ظهرت نجابته ما لم يخش عليه فتنةبإعجاب أو غيره، ومن قصر عنفه تعنيفالظيفافي ما لم يخشعليه تنفيره، ولا يحسد أحدا منه لبراعة تظهر منه، ولا يستكثر فيه ما أنعم الله بهعليه، فإن الحسد للأجانب حرام شديد التحريم، فكيف للمتعلم الذي هو بمنزلة الولد،ويعود من فضيلته إلى معلمه في الآخرة الثواب الجزيل، وفي الدنيا الثناء الجميل،والله الموفق.

[فصل] حال المعلم مع طلابه في الدرس وخارجه
ويقدم في تعليمهم إذا ازدحموا الأول فالأول، فإنرضي الأول بتقديم غيره قدمه، وينبغي أن يظهر لهم البشر وطلاقة الوجه، ويتفقدأحوالهم ويسأل عمن غاب منهم.

[فصل] قبول المعلم طلابه وإن اختلفت نياتهم
قال العلماء رضي اللهعنهم: ولا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية، فقد قال سفيان وغيره: "طلبهم للعلم نية"، وقالوا: "طلبنا العلملغير الله فأبى أن يكون إلا لله"معناه: كانت غايته أن صار للهتعالى.

[فصل] وقار المعلم في مجلس العلم
ويصون يديه في حال الإقراء عن العبث، وعينيه عنتفريق نظرهما من غير حاجة، ويقعد على طهارة مستقبل القبلة ويجلس بوقار، وتكون ثيابهبيضا نظيفة، وإذا وصل إلى موضع جلوسه صلى ركعتين قبل الجلوس سواء كان الموضع مسجداأو غيره، فإن كان مسجدا كان آكد فيه فإنه يكره الجلوس فيه قبل أن يصلي ركعتين،ويجلس متربعا إن شاء أو غير متربع، روى أبو بكر بن أبي داود السجستاني بإسناده، عنعبد الله بن مسعود رضي الله عنه، كان يقرئ الناس في المسجد جاثيا علىركبتيه.

[فصل] العلم يؤتى ولا يأتي
ومن آدابه المتأكدة وما يعتنى بحفظه: أن لا يذلالعلم فيذهب إلى مكان ينسب إلى من يتعلم منه ليتعلم منه فيه وإن كان المتعلم خليفةفمن دونه، بل يصون العلم عن ذلك كما صانه عنه السلف رضي الله عنهم، وحكاياتهم فيهذا كثيرة مشهورة.

[فصل] تهيئة مجلس العلم وإعداده.
وينبغي أن يكون مجلسهواسعا ليتمكن جلساؤه فيه، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((خير المجالس أوسعها)) رواه أبو داود في سنته، في أوائل كتاب الآداب بإسناد صحيح، من رواية أبي سعيد الخدريرضي الله عنه.

عناية المتعلم بتطهير قلبه والبعد عن الشواغل والتأدب مع معلمه
ومن آدابه أن يجتنب الأسباب الشاغلة عن التحصيل إلا سببا لا بدمنه للحاجة، وينبغي أن يطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول القرآن وحفظه واستثماره،فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ألا إن فيالجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهيالقلب)).
وقد أحسن القائل بقوله: "يطيبالقلب للعلم كما تطيب الأرض للزراعة".
وينبغي أنيتواضع لمعلمه ويتأدب معه وإن كان أصغر منه سنا وأقل شهرة ونسبا وصلاحا وغير ذلك،ويتواضع للعلم، فبتواضعه يدركه.
وينبغي أن ينقاد لمعلمه ويشاوره فيأموره ويقبل قوله، كالمريض العاقل يقبل قول الطبيب الناصح الحاذق، وهذاأولى.

[فصل] شروط المعلم
ولا يتعلم إلا ممنتكلمتأهليته وظهرتديانته وتحققت معرفته واشتهرت صيانته، فقد قال محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرهمامن السلف: "هذا العلم دين؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم"،وعليه أن ينظر معلمه بعين الاحترام ويعتقد كمال أهليته ورجحانه على طبقته فإنه أقربإلى انتفاعه به، وكان بعض المتقدمين إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشيء، وقال: "اللهم استر عيب معلمي عني، ولا تذهب بركة علمه مني"، وقالالربيع صاحب الشافعي رحمهما الله: "ما اجترأت أن أشرب الماءوالشافعي ينظر إلي هيبة له".


[فصل] آداب المتعلم مع شيخه وفي مجلس العلم
ويدخل على شيخه كاملالخصال متصفا بما ذكرناه في المعلم، متطهرا مستعملا للسواك، فارغ القلب من الأمورالشاغلة، وأن لا يدخل بغير استئذان إذا كان الشيخ في مكان يحتاج فيه إلى استئذان،وأن يسلم على الحاضرين إذا دخل ويخصه دونهم بالتحية، وأن يسلم عليه وعليهم إذاانصرف كما جاء في الحديث، فليست الأولى بأحق من الثانية، ولا يتخطى رقاب الناس بليجلس حيث ينتهي به المجلس إلا أن يأذن له الشيخ في التقدم، أو يعلم من حالهم إيثارذلك، ولا يقيم أحدا من موضعه، فإن آثره غيره لم يقبل اقتداء بابن عمر رضي اللهعنهما، إلا أن يكون في تقديمه مصلحة للحاضرين أو أمره الشيخ بذلك، ولا يجلس في وسطالحلقة إلا لضرورة، ولا يجلس بين صاحبين بغير إذنهما، وإن فسحا له قعد وضمنفسه.

[فصل] آداب المتعلم مع شيخه وفي مجلس العلم
وينبغي أيضا أن يتأدب مع رفقته وحاضري مجلس الشيخ،فإن ذلك تأدب مع الشيخ وصيانة لمجلسه، ويقعد بين يدي الشيخ قعدة المتعلمين لا قعدةالمعلمين، ولا يرفع صوته رفعا بليغا من غير حاجة، ولا يضحك ولا يكثر الكلام من غيرحاجة ولا يعبث بيده ولا بغيرها، ولا يلتفت يمينا ولا شمالا من غير حاجة، بل يكونمتوجها إلى الشيخ مصغيا إلى كلامه.

[فصل] مراعاة المتعلم لأحوال شيخه
ومما يتأكد الاعتناءبه: أن لا يقرأ على الشيخ في حال شغل قلب الشيخ ومللهواستيفازه سنةوروعهوغمه وفرحه وعطشه ونعاسه وقلقه ونحو ذلك، مما يشق عليه أو يمنعه من كمال حضور القلبوالنشاط، وأن يغتنم أوقات نشاطه.
ومن آدابه: أنيتحمل جفوة الشيخ وسوء خلقه ولا يصده ذلك عن ملازمته واعتقاد كماله، ويتأول لأفعالهوأقواله التي ظاهرها الفساد تأويلات صحيحة، فما يعجز عن ذلك إلا قليل التوفيق أوعديمه، وإن جفاه الشيخ ابتدأ هو بالاعتذار إلى الشيخ وأظهر أن الذنب له والعتبعليه، فذلك أنفع له في الدنيا والآخرة وإنقاء لقلب شيخ له.
ومنه الأثر المشهور عن ابن عباس رضي اللهعنهما: "ذللت طالبا فعززتمطلوبا".


[فصل] نهمة المتعلم في طلب العلم وصبره
ومن آدابه المتأكدة: أنيكون حريصا على التعلم مواظبا عليه في جميع الأوقات التي يتمكن منه فيها، ولا يقنعبالقليل مع تمكنه من الكثير، ولا يحمل نفسه ما لا يطيق مخافة من الملل وضياع ماحصل، وهذا يختلف باختلاف الناس والأحوال.
وإذا جاءإلى مجلس الشيخ فلم يجده انتظر ولازم بابه ولا يفوت وظيفته إلا أن يخاف كراهة الشيخلذلك بأن يعلم من حاله الإقراء في وقت بعينه وأنه لا يقرئ في غيره، وإذا وجد الشيخنائما أو مشتغلا بمهم لم يستأذن عليه بل يصبر إلى استيقاظه أو فراغه أو ينصرف،والصبر أولى كما كان ابن عباس رضي الله عنهما وغيره يفعلون، وينبغي أن يأخذ نفسهبالاجتهاد في التحصيل في وقت الفراغ والنشاط وقوة البدن ونباهة الخاطر وقلةالشاغلات قبل عوارض البطالة وارتفاع المنزلة، فقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطابرضي الله عنه: "تفقهوا قبل أن تسودوا".

[فصل] اغتنام المتعلم وقت البكور في الطلب وعدم إيثار غيره إلا لمصلحة والحذر من العجب والحسد
وينبغي أن يبكر بقراءتهعلى الشيخ أول النهار، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهمبارك لأمتي في بكورها)).
وينبغي أن يحافظعلى قراءة محفوظة، وينبغي أن لا يؤثر بنوبته غيره فإن الإيثار مكروه في القرب،بخلاف الإيثار بحظوظ النفس فإنه محبوب، فإن رأى الشيخ المصلحة في الإيثار في بعضالأوقات لمعنى شرعي فأشار عليه بذلك امتثل أمره.
ومما يجب عليه ويتأكد الوصية به: ألا يحسد أحدا من رفقته أو غيرهم على فضيلةرزقه الله إياها، وأن لا يعجب بنفسه بما خصه الله، وقد قدمنا إيضاح هذا في آدابالشيخ،
وطريقه في نفيالعجب:أن يذكر نفسه أنه لم يحصل ما حصله بحوله وقوته وإنما هو فضل من الله،ولا ينبغي أن يعجب بشيء لم يخترعه بل أودعه الله تعالى فيه،
وطريقه في نفي الحسد:أنيعلم أن حكمة الله تعالى اقتضت جعل هذه الفضيلة في هذا، فينبغي أن لا يعترض عليهاولا يكره حكمة أرادها الله تعالى ولم يكرهها، والله أعلم.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 2 جمادى الآخرة 1436هـ/22-03-2015م, 08:10 AM
عذاري البعيجان عذاري البعيجان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 140
افتراضي تلخيص مقاصد كتاب التبيان

المقصد الكلي لكتاب التبيان:
فضل القرآن والأحكام المتعلقة بقارئه ومقرئه وبالمصاحف
مقاصد أبواب الكتاب
مقصد الباب الأول: بيان فضل القرآن، وفضل تعلّمه وتلاوته وتعليمه، وفضل أصحاب القرآن
مقصد الباب الثاني: تفضيل قارئ القرآن في الإمامة وغيرهاوتفضيل القراءة على سائر الذكر
مقصد الباب الثالث: إنزال أهل القرآن منازلهم وتحريم إيذائهم
مقصد الباب الرابع: في أهمية الاخلاص للمعلم والمتعلم وآدابهما وحالهما في مجلس العلم وأحكام خاصة
مقصد الباب الخامس: خصال حامل القرآن والحث على تعاهده والتحذير من اتخاذه معيشة للتكسب
مقصد البابالسادس: آداب وأحكام خاصة عند قراءة القرآن
مقصد البابالسابع: تعظيم القرآن العظيم وحكم من جحده وحكم تفسيره وأحكام خاصة
مقصد الباب الثامن: الأوقات التي تتأكد فيها قراءة القرآن وما يسن في أحوال مخصوصة
مقصد الباب التاسع: جمعالقرآن وأحكام خاصة بالمصاحف
مقاصد الباب العاشر: ضبط الأسماء واللغات الواردة في الكتاب.

المقاصد الفرعية للأبواب
مقاصد الباب الثاني: تفضيل قارئ القرآن في الإمامة وغيرهاوتفضيل القراءة على سائر الذكر

مقاصد الباب الثالث: إنزال أهل القرآن منازلهم وتحريم إيذائهم
المقاصد الفرعية:
-إكرام أهل القرآن من تعظيم شعائر الله.
-إكرام حامل القرآن من إجلال الله تعالى.
-إكرام حامل القرآن عند دفنه.
- العلماء أولياء الله ولحومهم مسمومة.

مقاصد الباب الرابع: في أهمية الاخلاص للمعلم والمتعلم وآدابهما وحالهما في مجلس العلم وأحكام خاصة
المقاصد الفرعية للباب:
-أهمية الإخلاص لمقرئ القرآن وقارئه
-آداب مقرئ القرآن في مجلس العلم
-آداب مقرئ القرآن مع طلابه
-أحكام خاصة بالعلم
-آداب قارئ القرآن مع نفسه .
-آداب قارئ القرآن مع شيخه.


مقاصد الباب الخامس: خصال حامل القرآن والحث على تعاهده والتحذير من اتخاذه معيشة للتكسب
المقاصد الفرعية:
-تفرد حامل القرآن بشريف الخصال وأرفع الأحوال
-النهي عن اتخاذ القرآن طريقا للتكسب
-المحافظة على تلاوة القرآن والإكثار منها
-فضيلة قيام الليل والقراءة فيه ولو قليلا.
-تعاهد القرآن والتحذير من نسيانه
-من نام عن وردهقضاه في النهار

مقاصد البابالسادس: آداب وأحكام خاصة عند قراءة القرآن
المقاصد الفرعية:
-
استحباب السواك لقارئ القرآن.
-استحباب قراءة القرآن على طهارة.
-مسائل تتعلق بالقراءة بالنسبة للحائض ومن في حكمها.
-
المحال التي يستحب فيها القراءة والتي لايستحب.
-
استحباب استقبالالقبلة عند القراءة.
-أحكام الاستعاذة عندقراءة القرآن.
- أحكام البسملة عندقراءة القرآن.
-استحباب الخشوع والتدبر عندالقراءة.
-استحباب ترديد الآية للتدبر.




مقاصد البابالسابع: تعظيم القرآن العظيم وحكم من جحده وحكم تفسيره وأحكام خاصة
المقاصد الفرعية:
-وجوب تعظيم القرآن العزيز علىالإطلاق وتنزيهه وصيانته بالإجماع.
-حكم من جحد منه حرفا مما أجمع عليه أو زادحرفا لم يقرأ به أحد وهو عالم بذلك.
-حكم تفسير القرآن.
-حكم المراء والجدال في القرآن .
-
التأدب عند السؤالعن تقديم آية على آية أو مناسبة الآية.[
-حكم قول: نسيت آيةكذا.
-حكم تسمية السور باسمها.
- حكم قول هذه قراءة أبي عمرو أو قراءةنافع أو غيرهم.
-حكم سماع الكافر القرآن.
-حكم كتابة القرآن في إناء ثم يغسلويسقى المريض
-
حكم نقش الحيطان والثياب بالقرآن وبأسماء الله تعالى.
-استحباب النفث مع القرآنللرقية.

مقاصد الباب الثامن: الأوقات التي تتأكد فيها قراءة القرآن وما يسن في أحوال مخصوصة
المقاصد الفرعية:
-الأوقات التي يتأكد فيها كثرة الاعتناء بتلاوةالقرآن.
-السور التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة والعيد.
-السور التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم في السنن الراتبة.
-استحباب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.
-استحباب الإكثار منتلاوة آية الكرسي وتتأكد عند النوم و عقب كل صلاة.
- ما يسن قراءته عند النوم
- مايسن قراءته عند الاستيقاظ
-ما يسن قراءته عند المريض
-ما يسن قراءته عندالميت
مقاصد الباب التاسع: جمعالقرآن وأحكام خاصة بالمصاحف
المقاصد الفرعية:
-جمع المصحف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعثمان رضي الله عنهما
-استحباب كتابة المصاحف وحكم نقط المصحف وشكله
-حكم كتابة القرآن بشيء نجس وكتابته علىالجدران.
-
وجوب صيانة المصحف واحترامه
- حكم المسافرة بالمصحف إلى أرض العدو وحكم بيعه.
-حكم مس المحدث المصحف وحمله
- حكم تصفح المحدث أوالجنب أو الحائض أوراق المصحف بعود أو شبهه
-حكم كتابة الجنب أوالمحدث مصحكان يحمل الورقة أو جسها حال الكتابة.
- حكم مس أو حمل المحدث كتابا منكتب الفقه أو كتب التفسيرأو كتب. الحديث أو غيره من العلوم وفيه آيات من القرآن.
-حكم مس المصحف إذا كان في موضع من بدنالمتطهر نجاسة غير معفو عنها.
-حكم التيمم لمس المصحف ومس المحدث له للضرورة.
-حكم تكليف الصبي المميزالطهارة.
-حكم بيعالمصحف وشرائه
مقاصد الباب العاشر: ضبط الأسماء واللغات الواردة في الكتاب.



رد مع اقتباس
  #8  
قديم 4 رجب 1436هـ/22-04-2015م, 10:27 AM
هيئة التصحيح 7 هيئة التصحيح 7 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 6,326
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عذاري البعيجان مشاهدة المشاركة
مقاصد الباب الرابع
في أهمية الاخلاص للمعلم والمتعلم وآدابهما وحالهما في مجلس العلم وأحكام خاصة
المقاصد الفرعية للباب
1*أهمية الإخلاص لمقرئ القرآن وقارئه
2*آداب مقرئ القرآن في مجلس العلم
3*آداب مقرئ القرآن مع طلابه
4*أحكام خاصة بالعلم
5*آداب قارئ القرآن مع نفسه .
6*آداب قارئ القرآن مع شيخه.

تلخيص مسائل الباب الرابع

1*أهمية الإخلاص لمقرئ القرآن وقارئه
مقصد قارئ القرآن ومقرئه
إرادةالمقرئ بعمله الدنيا
علامة سوء نية المقرئ

2*آداب مقرئ القرآن في مجلس العلم
شروط المعلم
عناية مقرئ القرآن بالخصال الحميدة وسنن الفطرة
تواضع المقرئ لمنيقرأ عليه
رفق المقرئ بمنيقرأ عليه
وقار المعلم في مجلس العلم

3*آداب مقرئ القرآن مع طلابه
حرص المقرئ ونصحه لمنيقرأ عليه
عناية المقرئ بالتربية الإيمانية لمنيقرأ عليه
بذل المعلم جهده في تعليم طلابه
حال المعلم مع طلابه في الدرس وخارجه
قبول المعلم طلابه وإن اختلفت نياتهم
4*أحكام خاصة بالعلم
العلم يؤتى ولا يأتي
حكم تعليم المتعلمين

تهيئة مجلس العلم وإعداده.
5*آداب قارئ القرآن مع نفسه .
عناية المتعلم بتطهير قلبه والبعد عن الشواغل والتأدب مع معلمه
نهمة المتعلم في طلب العلم وصبره
اغتنام المتعلم وقت البكور في الطلب وعدم إيثار غيره إلا لمصلحة والحذر من العجب والحسد.
6*آداب قارئ القرآن مع شيخه.
آداب المتعلم مع شيخه وفي مجلس العلم
مراعاة المتعلم لأحوال شيخه
تلخيص مسائل الباب الرابع
فصل مقصد قارئ القرآن ومقرئه
أول ما ينبغي للمقرئ والقارئ أن يقصدا بذلك رضا الله تعالى، قال الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيمواالصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة}أي: الملة المستقيمة.
-
وفي الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))،وهذاالحديث من أصول الإسلام.
-
وروينا عن ابن عباس رضيالله عنهما، قال: "إنما يعطى الرجل علىقدر نيته"،وعن غيره:"إنما يعطى الناس على قدر نياتهم".
[فصل] إرادةالمقرئ بعمله الدنيا [يُفْترض أن تلخيص المقاصد والذي يعتبر عماده المقاصد الفرعية ثم المسائل تحت كل مقصد لا يذكر فيها "فصل كذا" ويستغنى بالمقاصد الفرعية والمسائل عن ذلك] .
قال تعالى: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيانؤته منها وما له في الآخرة من نصيب}،وقال تعالى: {من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد}الآية.
-
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: ((من تعلم علما يبتغي به وجه الله تعالى لايتعلمه إلا ليصيب به غرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة))رواهأبو داود بإسناد صحيح، ومثله أحاديث كثيرة.

[فصل]علامة سوء نية المقرئ
وليحذر كل الحذر منقصده التكثر بكثرة المشتغلين عليه والمختلفين إليه، وليحذر من كراهته قراءة أصحابهعلى غيره ممن ينتفع به، وهذه مصيبة يبتلى بها بعض المعلمين الجاهلين، وهي دلالةبينة من صاحبها على سوء نيته وفساد طويته، بل هي حجة قاطعة على عدم إرادته بتعليمهوجه الله تعالى الكريم، فإنه لو أراد الله بتعليمه لما كره ذلك، بل قال لنفسه: أناأردت الطاعة بتعليمه وقد حصلت، وقد قصد بقراءته على غيري زيادة علم فلا عتب عليه.
-
صح عنالإمام الشافعي رضي الله عنه، أنه قال: "وددت أن الخلق تعلموا هذا العلم-يعني: علمه وكتبه-؟أن لا ينسبإلي حرف منه".

[فصل] عناية مقرئ القرآن بالخصال الحميدة وسنن الفطرة
وينبغي للمعلم أن يتخلقبالمحاسن التي ورد الشرع بها، والخصال الحميدة والشيم المرضية التي أرشده اللهإليها، من الزهادة في الدنيا والتقلل منها وعدم المبالاة بها وبأهلها، والسخاءوالجود ومكارم الأخلاق، وطلاقة الوجه من غير خروج إلى حد الخلاعة، والحلم والصبر،والتنزه عن دنيئ المكاسب، وملازمة الورع والخشوع والسكينة والوقار والتواضعوالخضوع، واجتناب الضحك والإكثار من المزاح، وملازمة الوظائف الشرعية كالتنظيفوتقليم بإزالة الأوساخ والشعور التي ورد الشرع بإزالتها كقص الشارب وتقليم الظفروتسريح اللحية وإزالة الروائح الكريهة والملابس المكروهة، وليحذر كل الحذر من الحسدوالرياء والعجب، واحتقار غيره وإن كان دونه.
وينبغيأن يستعمل الأحاديث الواردة في التسبيح والتهليل ونحوهما من الأذكار والدعوات، وأنيراقب الله تعالى في سره وعلانيته ويحافظ على ذلك، وأن يكون تعويله في جميع أمورهعلى الله تعالى.

[فصل] رفق المقرئ بمنيقرأ عليه
وينبغي له أن يرفق بمنيقرأ عليه، وأن يرحب به ويحسن إليه بحسب حالهما.
كان أبو سعيد الخدري رضي الله عنه،يقول: مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إن النبي صلى الله عليه وسلمقال: ((إن الناس لكم تبع، وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرضيتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا))" رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما.

[فصل] حرص المقرئ ونصحه لمنيقرأ عليه
وينبغي أن يبذل لهم النصيحة، فإن رسول الله صلىالله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة؛ لله ولكتابه ولرسوله ولأئمةالمسلمين وعامتهم))رواه مسلم.
ومن النصيحةلله تعالى ولكتابه: إكرام قارئه وطالبه وإرشاده إلى مصلحته، والرفق به ومساعدته علىطلبه بما أمكن، وتأليف قلب الطالب، وأن يكون سمحا بتعليمه في رفق متلطفا به ومحرضاله على التعلم.
وينبغي أن يشفق على الطالب، ويعتني بمصالحهكاعتنائه بمصالح ولده ومصالح نفسه، ويجري المتعلم مجرى ولده في الشفقة عليه والصبرعلى جفائه وسوء أدبه، ويعذره في قلة أدبه في بعض الأحيان، فإن الإنسان معرض للنقائصلا سيما إن كان صغير السن، وينبغي أن يحب له ما يحب لنفسه من الخير، وأن يكره له مايكره لنفسه من النقص مطلقا.
فقد ثبت في الصحيحين،عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((لا يؤمن أحدكم حتىيحب لأخيه ما يحب لنفسه)).
فصل: تواضع المقرئ لمنيقرأ عليه
وينبغي أن لا يتعاظم علىالمتعلمين، بل يلين إليهم ويتواضع لهم، فقد جاء في التواضع لآحاد الناس أشياء كثيرةمعروفة، فكيف بهؤلاء الذين هم بمنزلة أولاده، مع ما هم عليه من الاشتغال بالقرآن،مع ما لهم عليه من حق الصحبة وترددهم إليه، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليهوسلم أنه قال: ((لينوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه)).


[فصل] عناية المقرئ بالتربية الإيمانية لمنيقرأ عليه
وينبغي أن يؤدب المتعلم على التدريج بالآداب السنيةوالشيم المرضية ورياضة نفسه بالدقائق الخفية، ويعوده الصيانة في جميع أموره الباطنةوالجلية، ويحرضه بأقواله وأفعاله المتكررات على الإخلاص والصدق وحسن النيات،ومراقبة الله تعالى في جميع اللحظات، ويعرفه أن لذلك تتفتح عليه أنوار المعارف،وينشرح صدره ويتفجر من قلبه ينابيع الحكم واللطائف، ويبارك له في علمه وحاله ويوفقفي أفعاله وأقواله.

[فصل] حكم تعليم المتعلمين
تعليم المتعلمين فرضكفاية، فإن لم يكن من يصلح إلا واحد تعين، وإن كان هناك جماعة يحصل التعليم ببعضهم،فإن امتنعوا كلهم أثموا، وإن قام به بعضهم سقط الحرج عن الباقين، وإن طلب من أحدهموامتنع فأظهر الوجهين أنه لا يأثم، لكن يكره له ذلك إن لم يكنعذر.

[فصل] بذل المعلم جهده في تعليم طلابه
يستحب للمعلم أن يكون حريصا على تعليمهم، مؤثرا ذلكعلى مصالح نفسه الدنيوية التي ليست بضرورية، وأن يفرغ قلبه في حال جلوسه لإقرائهممن الأسباب الشاغلة كلها وهي كثيرة معروفة، وأن يكون حريصا على تفهيمهم، وأن يعطيكل إنسان منهم ما يليق به، فلا يكثر على من لا يحتمل الإكثار ولا يقصر لمن يحتملالزيادة، ويأخذهم بإعادة محفوظاتهم، ويثني على من ظهرت نجابته ما لم يخش عليه فتنةبإعجاب أو غيره، ومن قصر عنفه تعنيفالظيفافي ما لم يخشعليه تنفيره، ولا يحسد أحدا منه لبراعة تظهر منه، ولا يستكثر فيه ما أنعم الله بهعليه، فإن الحسد للأجانب حرام شديد التحريم، فكيف للمتعلم الذي هو بمنزلة الولد،ويعود من فضيلته إلى معلمه في الآخرة الثواب الجزيل، وفي الدنيا الثناء الجميل،والله الموفق.

[فصل] حال المعلم مع طلابه في الدرس وخارجه
ويقدم في تعليمهم إذا ازدحموا الأول فالأول، فإنرضي الأول بتقديم غيره قدمه، وينبغي أن يظهر لهم البشر وطلاقة الوجه، ويتفقدأحوالهم ويسأل عمن غاب منهم.

[فصل] قبول المعلم طلابه وإن اختلفت نياتهم
قال العلماء رضي اللهعنهم: ولا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية، فقد قال سفيان وغيره: "طلبهم للعلم نية"، وقالوا: "طلبنا العلملغير الله فأبى أن يكون إلا لله"معناه: كانت غايته أن صار للهتعالى.

[فصل] وقار المعلم في مجلس العلم
ويصون يديه في حال الإقراء عن العبث، وعينيه عنتفريق نظرهما من غير حاجة، ويقعد على طهارة مستقبل القبلة ويجلس بوقار، وتكون ثيابهبيضا نظيفة، وإذا وصل إلى موضع جلوسه صلى ركعتين قبل الجلوس سواء كان الموضع مسجداأو غيره، فإن كان مسجدا كان آكد فيه فإنه يكره الجلوس فيه قبل أن يصلي ركعتين،ويجلس متربعا إن شاء أو غير متربع، روى أبو بكر بن أبي داود السجستاني بإسناده، عنعبد الله بن مسعود رضي الله عنه، كان يقرئ الناس في المسجد جاثيا علىركبتيه.

[فصل] العلم يؤتى ولا يأتي
ومن آدابه المتأكدة وما يعتنى بحفظه: أن لا يذلالعلم فيذهب إلى مكان ينسب إلى من يتعلم منه ليتعلم منه فيه وإن كان المتعلم خليفةفمن دونه، بل يصون العلم عن ذلك كما صانه عنه السلف رضي الله عنهم، وحكاياتهم فيهذا كثيرة مشهورة.

[فصل] تهيئة مجلس العلم وإعداده.
وينبغي أن يكون مجلسهواسعا ليتمكن جلساؤه فيه، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((خير المجالس أوسعها)) رواه أبو داود في سنته، في أوائل كتاب الآداب بإسناد صحيح، من رواية أبي سعيد الخدريرضي الله عنه.

عناية المتعلم بتطهير قلبه والبعد عن الشواغل والتأدب مع معلمه
ومن آدابه أن يجتنب الأسباب الشاغلة عن التحصيل إلا سببا لا بدمنه للحاجة، وينبغي أن يطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول القرآن وحفظه واستثماره،فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ألا إن فيالجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهيالقلب)).
وقد أحسن القائل بقوله: "يطيبالقلب للعلم كما تطيب الأرض للزراعة".
وينبغي أنيتواضع لمعلمه ويتأدب معه وإن كان أصغر منه سنا وأقل شهرة ونسبا وصلاحا وغير ذلك،ويتواضع للعلم، فبتواضعه يدركه.
وينبغي أن ينقاد لمعلمه ويشاوره فيأموره ويقبل قوله، كالمريض العاقل يقبل قول الطبيب الناصح الحاذق، وهذاأولى.

[فصل] شروط المعلم
ولا يتعلم إلا ممنتكلمتأهليته وظهرتديانته وتحققت معرفته واشتهرت صيانته، فقد قال محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرهمامن السلف: "هذا العلم دين؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم"،وعليه أن ينظر معلمه بعين الاحترام ويعتقد كمال أهليته ورجحانه على طبقته فإنه أقربإلى انتفاعه به، وكان بعض المتقدمين إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشيء، وقال: "اللهم استر عيب معلمي عني، ولا تذهب بركة علمه مني"، وقالالربيع صاحب الشافعي رحمهما الله: "ما اجترأت أن أشرب الماءوالشافعي ينظر إلي هيبة له".


[فصل] آداب المتعلم مع شيخه وفي مجلس العلم
ويدخل على شيخه كاملالخصال متصفا بما ذكرناه في المعلم، متطهرا مستعملا للسواك، فارغ القلب من الأمورالشاغلة، وأن لا يدخل بغير استئذان إذا كان الشيخ في مكان يحتاج فيه إلى استئذان،وأن يسلم على الحاضرين إذا دخل ويخصه دونهم بالتحية، وأن يسلم عليه وعليهم إذاانصرف كما جاء في الحديث، فليست الأولى بأحق من الثانية، ولا يتخطى رقاب الناس بليجلس حيث ينتهي به المجلس إلا أن يأذن له الشيخ في التقدم، أو يعلم من حالهم إيثارذلك، ولا يقيم أحدا من موضعه، فإن آثره غيره لم يقبل اقتداء بابن عمر رضي اللهعنهما، إلا أن يكون في تقديمه مصلحة للحاضرين أو أمره الشيخ بذلك، ولا يجلس في وسطالحلقة إلا لضرورة، ولا يجلس بين صاحبين بغير إذنهما، وإن فسحا له قعد وضمنفسه.

[فصل] آداب المتعلم مع شيخه وفي مجلس العلم
وينبغي أيضا أن يتأدب مع رفقته وحاضري مجلس الشيخ،فإن ذلك تأدب مع الشيخ وصيانة لمجلسه، ويقعد بين يدي الشيخ قعدة المتعلمين لا قعدةالمعلمين، ولا يرفع صوته رفعا بليغا من غير حاجة، ولا يضحك ولا يكثر الكلام من غيرحاجة ولا يعبث بيده ولا بغيرها، ولا يلتفت يمينا ولا شمالا من غير حاجة، بل يكونمتوجها إلى الشيخ مصغيا إلى كلامه.

[فصل] مراعاة المتعلم لأحوال شيخه
ومما يتأكد الاعتناءبه: أن لا يقرأ على الشيخ في حال شغل قلب الشيخ ومللهواستيفازه سنةوروعهوغمه وفرحه وعطشه ونعاسه وقلقه ونحو ذلك، مما يشق عليه أو يمنعه من كمال حضور القلبوالنشاط، وأن يغتنم أوقات نشاطه.
ومن آدابه: أنيتحمل جفوة الشيخ وسوء خلقه ولا يصده ذلك عن ملازمته واعتقاد كماله، ويتأول لأفعالهوأقواله التي ظاهرها الفساد تأويلات صحيحة، فما يعجز عن ذلك إلا قليل التوفيق أوعديمه، وإن جفاه الشيخ ابتدأ هو بالاعتذار إلى الشيخ وأظهر أن الذنب له والعتبعليه، فذلك أنفع له في الدنيا والآخرة وإنقاء لقلب شيخ له.
ومنه الأثر المشهور عن ابن عباس رضي اللهعنهما: "ذللت طالبا فعززتمطلوبا".


[فصل] نهمة المتعلم في طلب العلم وصبره
ومن آدابه المتأكدة: أنيكون حريصا على التعلم مواظبا عليه في جميع الأوقات التي يتمكن منه فيها، ولا يقنعبالقليل مع تمكنه من الكثير، ولا يحمل نفسه ما لا يطيق مخافة من الملل وضياع ماحصل، وهذا يختلف باختلاف الناس والأحوال.
وإذا جاءإلى مجلس الشيخ فلم يجده انتظر ولازم بابه ولا يفوت وظيفته إلا أن يخاف كراهة الشيخلذلك بأن يعلم من حاله الإقراء في وقت بعينه وأنه لا يقرئ في غيره، وإذا وجد الشيخنائما أو مشتغلا بمهم لم يستأذن عليه بل يصبر إلى استيقاظه أو فراغه أو ينصرف،والصبر أولى كما كان ابن عباس رضي الله عنهما وغيره يفعلون، وينبغي أن يأخذ نفسهبالاجتهاد في التحصيل في وقت الفراغ والنشاط وقوة البدن ونباهة الخاطر وقلةالشاغلات قبل عوارض البطالة وارتفاع المنزلة، فقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطابرضي الله عنه: "تفقهوا قبل أن تسودوا".

[فصل] اغتنام المتعلم وقت البكور في الطلب وعدم إيثار غيره إلا لمصلحة والحذر من العجب والحسد
وينبغي أن يبكر بقراءتهعلى الشيخ أول النهار، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهمبارك لأمتي في بكورها)).
وينبغي أن يحافظعلى قراءة محفوظة، وينبغي أن لا يؤثر بنوبته غيره فإن الإيثار مكروه في القرب،بخلاف الإيثار بحظوظ النفس فإنه محبوب، فإن رأى الشيخ المصلحة في الإيثار في بعضالأوقات لمعنى شرعي فأشار عليه بذلك امتثل أمره.
ومما يجب عليه ويتأكد الوصية به: ألا يحسد أحدا من رفقته أو غيرهم على فضيلةرزقه الله إياها، وأن لا يعجب بنفسه بما خصه الله، وقد قدمنا إيضاح هذا في آدابالشيخ،
وطريقه في نفيالعجب:أن يذكر نفسه أنه لم يحصل ما حصله بحوله وقوته وإنما هو فضل من الله،ولا ينبغي أن يعجب بشيء لم يخترعه بل أودعه الله تعالى فيه،
وطريقه في نفي الحسد:أنيعلم أن حكمة الله تعالى اقتضت جعل هذه الفضيلة في هذا، فينبغي أن لا يعترض عليهاولا يكره حكمة أرادها الله تعالى ولم يكرهها، والله أعلم.
أحسنتِ في استخراج المسائل ، وصياغة المقاصد الفرعية ، إلا أنه عند التلخيص جانبت الصواب باعتمادكِ على النسخ كثيرا من الكتاب الأصلي ، بلا مراجعة مما أدى إلى تشابكِ الكلمات ، وعدم عرض الجزء الخاص بكل مسألة في محله ، فكان المفترض أن يمثل ما ذكرتيه في أول التلخيص هيكل التلخيص الخاص بكِ .

الشمول : 10 / 10
الترتيب : 3 / 5
التحرير العلمي : 3 / 5
الصياغة : 3 / 5
العرض : 4 / 5
استخلاص مقصد الباب : 10 / 10

إجمالي الدرجات = 33 / 40
بارك الله فيكِ ، ونفع بكِ .

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 4 رجب 1436هـ/22-04-2015م, 10:41 AM
هيئة التصحيح 7 هيئة التصحيح 7 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 6,326
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عذاري البعيجان مشاهدة المشاركة
المقصد الكلي لكتاب التبيان:
فضل القرآن والأحكام المتعلقة بقارئه ومقرئه وبالمصاحف
مقاصد أبواب الكتاب
مقصد الباب الأول: بيان فضل القرآن، وفضل تعلّمه وتلاوته وتعليمه، وفضل أصحاب القرآن
مقصد الباب الثاني: تفضيل قارئ القرآن في الإمامة وغيرهاوتفضيل القراءة على سائر الذكر
مقصد الباب الثالث: إنزال أهل القرآن منازلهم وتحريم إيذائهم
مقصد الباب الرابع: في أهمية الاخلاص للمعلم والمتعلم وآدابهما وحالهما في مجلس العلم وأحكام خاصة
مقصد الباب الخامس: خصال حامل القرآن والحث على تعاهده والتحذير من اتخاذه معيشة للتكسب
مقصد البابالسادس: آداب وأحكام خاصة عند قراءة القرآن
مقصد البابالسابع: تعظيم القرآن العظيم وحكم من جحده وحكم تفسيره وأحكام خاصة
مقصد الباب الثامن: الأوقات التي تتأكد فيها قراءة القرآن وما يسن في أحوال مخصوصة
مقصد الباب التاسع: جمعالقرآن وأحكام خاصة بالمصاحف
مقاصد الباب العاشر: ضبط الأسماء واللغات الواردة في الكتاب.

المقاصد الفرعية للأبواب
مقاصد الباب الثاني: تفضيل قارئ القرآن في الإمامة وغيرهاوتفضيل القراءة على سائر الذكر
لم تذكري المقاصد الفرعية للباب الثاني .
مقاصد الباب الثالث: إنزال أهل القرآن منازلهم وتحريم إيذائهم
المقاصد الفرعية:
-إكرام أهل القرآن من تعظيم شعائر الله.
-إكرام حامل القرآن من إجلال الله تعالى.
-إكرام حامل القرآن عند دفنه.
- العلماء أولياء الله ولحومهم مسمومة.

مقاصد الباب الرابع: في أهمية الاخلاص للمعلم والمتعلم وآدابهما وحالهما في مجلس العلم وأحكام خاصة
المقاصد الفرعية للباب:
-أهمية الإخلاص لمقرئ القرآن وقارئه
-آداب مقرئ القرآن في مجلس العلم
-آداب مقرئ القرآن مع طلابه
-أحكام خاصة بالعلم
-آداب قارئ القرآن مع نفسه .
-آداب قارئ القرآن مع شيخه.


مقاصد الباب الخامس: خصال حامل القرآن والحث على تعاهده والتحذير من اتخاذه معيشة للتكسب
المقاصد الفرعية:
-تفرد حامل القرآن بشريف الخصال وأرفع الأحوال
-النهي عن اتخاذ القرآن طريقا للتكسب
-المحافظة على تلاوة القرآن والإكثار منها
-فضيلة قيام الليل والقراءة فيه ولو قليلا.
-تعاهد القرآن والتحذير من نسيانه
-من نام عن وردهقضاه في النهار

مقاصد البابالسادس: آداب وأحكام خاصة عند قراءة القرآن
المقاصد الفرعية:
-
استحباب السواك لقارئ القرآن.
-استحباب قراءة القرآن على طهارة.
-مسائل تتعلق بالقراءة بالنسبة للحائض ومن في حكمها.
-
المحال التي يستحب فيها القراءة والتي لايستحب.
-
استحباب استقبالالقبلة عند القراءة.
-أحكام الاستعاذة عندقراءة القرآن.
- أحكام البسملة عندقراءة القرآن.
-استحباب الخشوع والتدبر عندالقراءة.
-استحباب ترديد الآية للتدبر.




مقاصد البابالسابع: تعظيم القرآن العظيم وحكم من جحده وحكم تفسيره وأحكام خاصة
المقاصد الفرعية:
-وجوب تعظيم القرآن العزيز علىالإطلاق وتنزيهه وصيانته بالإجماع.
-حكم من جحد منه حرفا مما أجمع عليه أو زادحرفا لم يقرأ به أحد وهو عالم بذلك.
-حكم تفسير القرآن.
-حكم المراء والجدال في القرآن .
-
التأدب عند السؤالعن تقديم آية على آية أو مناسبة الآية.[
-حكم قول: نسيت آيةكذا.
-حكم تسمية السور باسمها.
- حكم قول هذه قراءة أبي عمرو أو قراءةنافع أو غيرهم.
-حكم سماع الكافر القرآن.
-حكم كتابة القرآن في إناء ثم يغسلويسقى المريض
-
حكم نقش الحيطان والثياب بالقرآن وبأسماء الله تعالى.
-استحباب النفث مع القرآنللرقية.

مقاصد الباب الثامن: الأوقات التي تتأكد فيها قراءة القرآن وما يسن في أحوال مخصوصة
المقاصد الفرعية:
-الأوقات التي يتأكد فيها كثرة الاعتناء بتلاوةالقرآن.
-السور التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة والعيد.
-السور التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم في السنن الراتبة.
-استحباب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.
-استحباب الإكثار منتلاوة آية الكرسي وتتأكد عند النوم و عقب كل صلاة.
- ما يسن قراءته عند النوم
- مايسن قراءته عند الاستيقاظ
-ما يسن قراءته عند المريض
-ما يسن قراءته عندالميت
مقاصد الباب التاسع: جمعالقرآن وأحكام خاصة بالمصاحف
المقاصد الفرعية:
-جمع المصحف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعثمان رضي الله عنهما
-استحباب كتابة المصاحف وحكم نقط المصحف وشكله
-حكم كتابة القرآن بشيء نجس وكتابته علىالجدران.
-
وجوب صيانة المصحف واحترامه
- حكم المسافرة بالمصحف إلى أرض العدو وحكم بيعه.
-حكم مس المحدث المصحف وحمله
- حكم تصفح المحدث أوالجنب أو الحائض أوراق المصحف بعود أو شبهه
-حكم كتابة الجنب أوالمحدث مصحكان يحمل الورقة أو جسها حال الكتابة.
- حكم مس أو حمل المحدث كتابا منكتب الفقه أو كتب التفسيرأو كتب. الحديث أو غيره من العلوم وفيه آيات من القرآن.
-حكم مس المصحف إذا كان في موضع من بدنالمتطهر نجاسة غير معفو عنها.
-حكم التيمم لمس المصحف ومس المحدث له للضرورة.
-حكم تكليف الصبي المميزالطهارة.
-حكم بيعالمصحف وشرائه
مقاصد الباب العاشر: ضبط الأسماء واللغات الواردة في الكتاب.
أحسنتِ ، بارك الله فيكِ ، استخراج جيد لمقاصد الكتاب ، ولعل الملاحظة الأظهر هي عدم المراجعة اللغوية بعد الفراغ من كتابة المشاركة قبل اعتمادها ، مما أدى إلى كثرة الكلمات المتصلة .
تقييم التلخيص :
الشمول : 10 / 10
الترتيب : 10 / 10
التحرير العلمي : 10 / 10
الصياغة : 4 / 5
العرض : 5 / 5
استخلاص المقاصد الفرعية : 10 / 10
استخلاص المقصد الكلي للكتاب : 8 / 10
إجمالي الدرجات = 57 / 60

وفقكِ الله ، وسدد خطاكِ ، ونفع بكِ .

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالبة, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:24 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir