مقاصد الباب الرابع
في أهمية الاخلاص للمعلم والمتعلم وآدابهما وحالهما في مجلس العلم وأحكام خاصة
المقاصد الفرعية للباب
1*أهمية الإخلاص لمقرئ القرآن وقارئه
2*آداب مقرئ القرآن في مجلس العلم
3*آداب مقرئ القرآن مع طلابه
4*أحكام خاصة بالعلم
5*آداب قارئ القرآن مع نفسه .
6*آداب قارئ القرآن مع شيخه.
تلخيص مسائل الباب الرابع
1*أهمية الإخلاص لمقرئ القرآن وقارئه
مقصد قارئ القرآن ومقرئه
إرادةالمقرئ بعمله الدنيا
علامة سوء نية المقرئ
2*آداب مقرئ القرآن في مجلس العلم
شروط المعلم
عناية مقرئ القرآن بالخصال الحميدة وسنن الفطرة
تواضع المقرئ لمنيقرأ عليه
رفق المقرئ بمنيقرأ عليه
وقار المعلم في مجلس العلم
3*آداب مقرئ القرآن مع طلابه
حرص المقرئ ونصحه لمنيقرأ عليه
عناية المقرئ بالتربية الإيمانية لمنيقرأ عليه
بذل المعلم جهده في تعليم طلابه
حال المعلم مع طلابه في الدرس وخارجه
قبول المعلم طلابه وإن اختلفت نياتهم
4*أحكام خاصة بالعلم
العلم يؤتى ولا يأتي
حكم تعليم المتعلمين
تهيئة مجلس العلم وإعداده.
5*آداب قارئ القرآن مع نفسه .
عناية المتعلم بتطهير قلبه والبعد عن الشواغل والتأدب مع معلمه
نهمة المتعلم في طلب العلم وصبره
اغتنام المتعلم وقت البكور في الطلب وعدم إيثار غيره إلا لمصلحة والحذر من العجب والحسد.
6*آداب قارئ القرآن مع شيخه.
آداب المتعلم مع شيخه وفي مجلس العلم
مراعاة المتعلم لأحوال شيخه
تلخيص مسائل الباب الرابع
فصل مقصد قارئ القرآن ومقرئه
أول ما ينبغي للمقرئ والقارئ أن يقصدا بذلك رضا الله تعالى، قال الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيمواالصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة}أي: الملة المستقيمة.
- وفي الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))،وهذاالحديث من أصول الإسلام.
- وروينا عن ابن عباس رضيالله عنهما، قال: "إنما يعطى الرجل علىقدر نيته"،وعن غيره:"إنما يعطى الناس على قدر نياتهم".
[فصل] إرادةالمقرئ بعمله الدنيا
قال تعالى: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيانؤته منها وما له في الآخرة من نصيب}،وقال تعالى: {من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد}الآية.
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: ((من تعلم علما يبتغي به وجه الله تعالى لايتعلمه إلا ليصيب به غرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة))رواهأبو داود بإسناد صحيح، ومثله أحاديث كثيرة.
[فصل]علامة سوء نية المقرئ
وليحذر كل الحذر منقصده التكثر بكثرة المشتغلين عليه والمختلفين إليه، وليحذر من كراهته قراءة أصحابهعلى غيره ممن ينتفع به، وهذه مصيبة يبتلى بها بعض المعلمين الجاهلين، وهي دلالةبينة من صاحبها على سوء نيته وفساد طويته، بل هي حجة قاطعة على عدم إرادته بتعليمهوجه الله تعالى الكريم، فإنه لو أراد الله بتعليمه لما كره ذلك، بل قال لنفسه: أناأردت الطاعة بتعليمه وقد حصلت، وقد قصد بقراءته على غيري زيادة علم فلا عتب عليه.
- صح عنالإمام الشافعي رضي الله عنه، أنه قال: "وددت أن الخلق تعلموا هذا العلم-يعني: علمه وكتبه-؟أن لا ينسبإلي حرف منه".
[فصل] عناية مقرئ القرآن بالخصال الحميدة وسنن الفطرة
وينبغي للمعلم أن يتخلقبالمحاسن التي ورد الشرع بها، والخصال الحميدة والشيم المرضية التي أرشده اللهإليها، من الزهادة في الدنيا والتقلل منها وعدم المبالاة بها وبأهلها، والسخاءوالجود ومكارم الأخلاق، وطلاقة الوجه من غير خروج إلى حد الخلاعة، والحلم والصبر،والتنزه عن دنيئ المكاسب، وملازمة الورع والخشوع والسكينة والوقار والتواضعوالخضوع، واجتناب الضحك والإكثار من المزاح، وملازمة الوظائف الشرعية كالتنظيفوتقليم بإزالة الأوساخ والشعور التي ورد الشرع بإزالتها كقص الشارب وتقليم الظفروتسريح اللحية وإزالة الروائح الكريهة والملابس المكروهة، وليحذر كل الحذر من الحسدوالرياء والعجب، واحتقار غيره وإن كان دونه.
وينبغيأن يستعمل الأحاديث الواردة في التسبيح والتهليل ونحوهما من الأذكار والدعوات، وأنيراقب الله تعالى في سره وعلانيته ويحافظ على ذلك، وأن يكون تعويله في جميع أمورهعلى الله تعالى.
[فصل] رفق المقرئ بمنيقرأ عليه
وينبغي له أن يرفق بمنيقرأ عليه، وأن يرحب به ويحسن إليه بحسب حالهما.
كان أبو سعيد الخدري رضي الله عنه،يقول: مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إن النبي صلى الله عليه وسلمقال: ((إن الناس لكم تبع، وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرضيتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا))" رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما.
[فصل] حرص المقرئ ونصحه لمنيقرأ عليه
وينبغي أن يبذل لهم النصيحة، فإن رسول الله صلىالله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة؛ لله ولكتابه ولرسوله ولأئمةالمسلمين وعامتهم))رواه مسلم.
ومن النصيحةلله تعالى ولكتابه: إكرام قارئه وطالبه وإرشاده إلى مصلحته، والرفق به ومساعدته علىطلبه بما أمكن، وتأليف قلب الطالب، وأن يكون سمحا بتعليمه في رفق متلطفا به ومحرضاله على التعلم.
وينبغي أن يشفق على الطالب، ويعتني بمصالحهكاعتنائه بمصالح ولده ومصالح نفسه، ويجري المتعلم مجرى ولده في الشفقة عليه والصبرعلى جفائه وسوء أدبه، ويعذره في قلة أدبه في بعض الأحيان، فإن الإنسان معرض للنقائصلا سيما إن كان صغير السن، وينبغي أن يحب له ما يحب لنفسه من الخير، وأن يكره له مايكره لنفسه من النقص مطلقا.
فقد ثبت في الصحيحين،عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((لا يؤمن أحدكم حتىيحب لأخيه ما يحب لنفسه)).
فصل: تواضع المقرئ لمنيقرأ عليه
وينبغي أن لا يتعاظم علىالمتعلمين، بل يلين إليهم ويتواضع لهم، فقد جاء في التواضع لآحاد الناس أشياء كثيرةمعروفة، فكيف بهؤلاء الذين هم بمنزلة أولاده، مع ما هم عليه من الاشتغال بالقرآن،مع ما لهم عليه من حق الصحبة وترددهم إليه، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليهوسلم أنه قال: ((لينوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه)).
[فصل] عناية المقرئ بالتربية الإيمانية لمنيقرأ عليه
وينبغي أن يؤدب المتعلم على التدريج بالآداب السنيةوالشيم المرضية ورياضة نفسه بالدقائق الخفية، ويعوده الصيانة في جميع أموره الباطنةوالجلية، ويحرضه بأقواله وأفعاله المتكررات على الإخلاص والصدق وحسن النيات،ومراقبة الله تعالى في جميع اللحظات، ويعرفه أن لذلك تتفتح عليه أنوار المعارف،وينشرح صدره ويتفجر من قلبه ينابيع الحكم واللطائف، ويبارك له في علمه وحاله ويوفقفي أفعاله وأقواله.
[فصل] حكم تعليم المتعلمين
تعليم المتعلمين فرضكفاية، فإن لم يكن من يصلح إلا واحد تعين، وإن كان هناك جماعة يحصل التعليم ببعضهم،فإن امتنعوا كلهم أثموا، وإن قام به بعضهم سقط الحرج عن الباقين، وإن طلب من أحدهموامتنع فأظهر الوجهين أنه لا يأثم، لكن يكره له ذلك إن لم يكنعذر.
[فصل] بذل المعلم جهده في تعليم طلابه
يستحب للمعلم أن يكون حريصا على تعليمهم، مؤثرا ذلكعلى مصالح نفسه الدنيوية التي ليست بضرورية، وأن يفرغ قلبه في حال جلوسه لإقرائهممن الأسباب الشاغلة كلها وهي كثيرة معروفة، وأن يكون حريصا على تفهيمهم، وأن يعطيكل إنسان منهم ما يليق به، فلا يكثر على من لا يحتمل الإكثار ولا يقصر لمن يحتملالزيادة، ويأخذهم بإعادة محفوظاتهم، ويثني على من ظهرت نجابته ما لم يخش عليه فتنةبإعجاب أو غيره، ومن قصر عنفه تعنيفالظيفافي ما لم يخشعليه تنفيره، ولا يحسد أحدا منه لبراعة تظهر منه، ولا يستكثر فيه ما أنعم الله بهعليه، فإن الحسد للأجانب حرام شديد التحريم، فكيف للمتعلم الذي هو بمنزلة الولد،ويعود من فضيلته إلى معلمه في الآخرة الثواب الجزيل، وفي الدنيا الثناء الجميل،والله الموفق.
[فصل] حال المعلم مع طلابه في الدرس وخارجه
ويقدم في تعليمهم إذا ازدحموا الأول فالأول، فإنرضي الأول بتقديم غيره قدمه، وينبغي أن يظهر لهم البشر وطلاقة الوجه، ويتفقدأحوالهم ويسأل عمن غاب منهم.
[فصل] قبول المعلم طلابه وإن اختلفت نياتهم
قال العلماء رضي اللهعنهم: ولا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية، فقد قال سفيان وغيره: "طلبهم للعلم نية"، وقالوا: "طلبنا العلملغير الله فأبى أن يكون إلا لله"معناه: كانت غايته أن صار للهتعالى.
[فصل] وقار المعلم في مجلس العلم
ويصون يديه في حال الإقراء عن العبث، وعينيه عنتفريق نظرهما من غير حاجة، ويقعد على طهارة مستقبل القبلة ويجلس بوقار، وتكون ثيابهبيضا نظيفة، وإذا وصل إلى موضع جلوسه صلى ركعتين قبل الجلوس سواء كان الموضع مسجداأو غيره، فإن كان مسجدا كان آكد فيه فإنه يكره الجلوس فيه قبل أن يصلي ركعتين،ويجلس متربعا إن شاء أو غير متربع، روى أبو بكر بن أبي داود السجستاني بإسناده، عنعبد الله بن مسعود رضي الله عنه، كان يقرئ الناس في المسجد جاثيا علىركبتيه.
[فصل] العلم يؤتى ولا يأتي
ومن آدابه المتأكدة وما يعتنى بحفظه: أن لا يذلالعلم فيذهب إلى مكان ينسب إلى من يتعلم منه ليتعلم منه فيه وإن كان المتعلم خليفةفمن دونه، بل يصون العلم عن ذلك كما صانه عنه السلف رضي الله عنهم، وحكاياتهم فيهذا كثيرة مشهورة.
[فصل] تهيئة مجلس العلم وإعداده.
وينبغي أن يكون مجلسهواسعا ليتمكن جلساؤه فيه، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((خير المجالس أوسعها)) رواه أبو داود في سنته، في أوائل كتاب الآداب بإسناد صحيح، من رواية أبي سعيد الخدريرضي الله عنه.
عناية المتعلم بتطهير قلبه والبعد عن الشواغل والتأدب مع معلمه
ومن آدابه أن يجتنب الأسباب الشاغلة عن التحصيل إلا سببا لا بدمنه للحاجة، وينبغي أن يطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول القرآن وحفظه واستثماره،فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ألا إن فيالجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهيالقلب)).
وقد أحسن القائل بقوله: "يطيبالقلب للعلم كما تطيب الأرض للزراعة".
وينبغي أنيتواضع لمعلمه ويتأدب معه وإن كان أصغر منه سنا وأقل شهرة ونسبا وصلاحا وغير ذلك،ويتواضع للعلم، فبتواضعه يدركه.
وينبغي أن ينقاد لمعلمه ويشاوره فيأموره ويقبل قوله، كالمريض العاقل يقبل قول الطبيب الناصح الحاذق، وهذاأولى.
[فصل] شروط المعلم
ولا يتعلم إلا ممنتكلمتأهليته وظهرتديانته وتحققت معرفته واشتهرت صيانته، فقد قال محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرهمامن السلف: "هذا العلم دين؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم"،وعليه أن ينظر معلمه بعين الاحترام ويعتقد كمال أهليته ورجحانه على طبقته فإنه أقربإلى انتفاعه به، وكان بعض المتقدمين إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشيء، وقال: "اللهم استر عيب معلمي عني، ولا تذهب بركة علمه مني"، وقالالربيع صاحب الشافعي رحمهما الله: "ما اجترأت أن أشرب الماءوالشافعي ينظر إلي هيبة له".
[فصل] آداب المتعلم مع شيخه وفي مجلس العلم
ويدخل على شيخه كاملالخصال متصفا بما ذكرناه في المعلم، متطهرا مستعملا للسواك، فارغ القلب من الأمورالشاغلة، وأن لا يدخل بغير استئذان إذا كان الشيخ في مكان يحتاج فيه إلى استئذان،وأن يسلم على الحاضرين إذا دخل ويخصه دونهم بالتحية، وأن يسلم عليه وعليهم إذاانصرف كما جاء في الحديث، فليست الأولى بأحق من الثانية، ولا يتخطى رقاب الناس بليجلس حيث ينتهي به المجلس إلا أن يأذن له الشيخ في التقدم، أو يعلم من حالهم إيثارذلك، ولا يقيم أحدا من موضعه، فإن آثره غيره لم يقبل اقتداء بابن عمر رضي اللهعنهما، إلا أن يكون في تقديمه مصلحة للحاضرين أو أمره الشيخ بذلك، ولا يجلس في وسطالحلقة إلا لضرورة، ولا يجلس بين صاحبين بغير إذنهما، وإن فسحا له قعد وضمنفسه.
[فصل] آداب المتعلم مع شيخه وفي مجلس العلم
وينبغي أيضا أن يتأدب مع رفقته وحاضري مجلس الشيخ،فإن ذلك تأدب مع الشيخ وصيانة لمجلسه، ويقعد بين يدي الشيخ قعدة المتعلمين لا قعدةالمعلمين، ولا يرفع صوته رفعا بليغا من غير حاجة، ولا يضحك ولا يكثر الكلام من غيرحاجة ولا يعبث بيده ولا بغيرها، ولا يلتفت يمينا ولا شمالا من غير حاجة، بل يكونمتوجها إلى الشيخ مصغيا إلى كلامه.
[فصل] مراعاة المتعلم لأحوال شيخه
ومما يتأكد الاعتناءبه: أن لا يقرأ على الشيخ في حال شغل قلب الشيخ ومللهواستيفازه سنةوروعهوغمه وفرحه وعطشه ونعاسه وقلقه ونحو ذلك، مما يشق عليه أو يمنعه من كمال حضور القلبوالنشاط، وأن يغتنم أوقات نشاطه.
ومن آدابه: أنيتحمل جفوة الشيخ وسوء خلقه ولا يصده ذلك عن ملازمته واعتقاد كماله، ويتأول لأفعالهوأقواله التي ظاهرها الفساد تأويلات صحيحة، فما يعجز عن ذلك إلا قليل التوفيق أوعديمه، وإن جفاه الشيخ ابتدأ هو بالاعتذار إلى الشيخ وأظهر أن الذنب له والعتبعليه، فذلك أنفع له في الدنيا والآخرة وإنقاء لقلب شيخ له.
ومنه الأثر المشهور عن ابن عباس رضي اللهعنهما: "ذللت طالبا فعززتمطلوبا".
[فصل] نهمة المتعلم في طلب العلم وصبره
ومن آدابه المتأكدة: أنيكون حريصا على التعلم مواظبا عليه في جميع الأوقات التي يتمكن منه فيها، ولا يقنعبالقليل مع تمكنه من الكثير، ولا يحمل نفسه ما لا يطيق مخافة من الملل وضياع ماحصل، وهذا يختلف باختلاف الناس والأحوال.
وإذا جاءإلى مجلس الشيخ فلم يجده انتظر ولازم بابه ولا يفوت وظيفته إلا أن يخاف كراهة الشيخلذلك بأن يعلم من حاله الإقراء في وقت بعينه وأنه لا يقرئ في غيره، وإذا وجد الشيخنائما أو مشتغلا بمهم لم يستأذن عليه بل يصبر إلى استيقاظه أو فراغه أو ينصرف،والصبر أولى كما كان ابن عباس رضي الله عنهما وغيره يفعلون، وينبغي أن يأخذ نفسهبالاجتهاد في التحصيل في وقت الفراغ والنشاط وقوة البدن ونباهة الخاطر وقلةالشاغلات قبل عوارض البطالة وارتفاع المنزلة، فقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطابرضي الله عنه: "تفقهوا قبل أن تسودوا".
[فصل] اغتنام المتعلم وقت البكور في الطلب وعدم إيثار غيره إلا لمصلحة والحذر من العجب والحسد
وينبغي أن يبكر بقراءتهعلى الشيخ أول النهار، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهمبارك لأمتي في بكورها)).
وينبغي أن يحافظعلى قراءة محفوظة، وينبغي أن لا يؤثر بنوبته غيره فإن الإيثار مكروه في القرب،بخلاف الإيثار بحظوظ النفس فإنه محبوب، فإن رأى الشيخ المصلحة في الإيثار في بعضالأوقات لمعنى شرعي فأشار عليه بذلك امتثل أمره.
ومما يجب عليه ويتأكد الوصية به: ألا يحسد أحدا من رفقته أو غيرهم على فضيلةرزقه الله إياها، وأن لا يعجب بنفسه بما خصه الله، وقد قدمنا إيضاح هذا في آدابالشيخ،
وطريقه في نفيالعجب:أن يذكر نفسه أنه لم يحصل ما حصله بحوله وقوته وإنما هو فضل من الله،ولا ينبغي أن يعجب بشيء لم يخترعه بل أودعه الله تعالى فيه،
وطريقه في نفي الحسد:أنيعلم أن حكمة الله تعالى اقتضت جعل هذه الفضيلة في هذا، فينبغي أن لا يعترض عليهاولا يكره حكمة أرادها الله تعالى ولم يكرهها، والله أعلم.