معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   صفحات الدراسة (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=912)
-   -   صفحة مذاكرة الطالب / باسم صالح (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=22796)

باسم صالح 21 جمادى الآخرة 1435هـ/21-04-2014م 06:30 PM

صفحة مذاكرة الطالب / باسم صالح
 
سميت بالفاتحة لافتتاح المصحف الشريف بها، واختلف في كونها مكية أم مدنية، لها أسماء كثيرة منها أم الكتاب والسبع المثاني وسورة الحمد

(1) {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} بعض أهل العلم اعتبر البسملة آية مستقلة في أول كل سورة وقال بعضهم هي بعض آية في أول كل سورة، أو هي كذلك في الفاتحة فقط، وقيل: إنها ليست بآية في الجميع، وإنما كُتبت للفصل. واتفقوا على أنها بعض آية في سورة النمل.
{اللَّهُ}: عَلَمٌ يخص ذات الله تعالى وحده، وأصله: الإله، المعبود بحق.
و{الرَّحْمَنُ} و{الرَّحِيمِ} اسمان من أسماء الله تعالى مشتقان من الرحمة، والرحمن أشمل وأعم من الرحيم، فبه يتراحم الناس مسلمهم وكافرهم، برهم وفاجرهم، أما الرحيم فهي أخص لقوله تعالى (وكان بالمؤمنين رحيما"، والرحمن اسم لا يطلق إلا على الله تعالى وحده.

باسم صالح 21 جمادى الآخرة 1435هـ/21-04-2014م 10:07 PM

(2) {الْحَمْدُ لِلَّهِ} الحمد: هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري وهو الصفة الإرادية الحسنة كالكرم والحلم والرحمة، والمدح يكون على الجميل غير الاختياري كالجمال والحكمة، والحمد يكون باللسان ولو في غير مقابلة نعمة فقط، أماالشكر في مقابل نعمة ويكون باللسان والقلب والأعضاء.
والله تعالى له الحمد والشكر.
{رَبِّ الْعَالَمِينَ}: الرب: المحلاة بالألف واللام اسم من أسماء الله تعالى ولا يقال لغيره إلا مضافاً، كقول عبد المطلب: أنا رب الأبل وللبيت رب يحميه.
(العالَمون): جمع العالم، وهو كل موجود سوى الله تعالى من مخلوقات.

باسم صالح 22 جمادى الآخرة 1435هـ/22-04-2014م 08:56 PM

(3) {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قد تقدم تفسيرهما.
ولما كان في اتصافه برب العالمين ترهيب لما في ذلك من تذكير بأنه المتصرف في خلقه وفي شؤونهم وإليه مرجهم ومآلهم{وهو القاهر فوق عباده} قرنه بالرحمن الرحيم، فالعبد يخشى الله تعالى لعلمه أن لا ملجأ من الله إلا إليه، ويرغب إليه فهو أرحم به من أمه التي ولدته، ليجمع في صفاته بين الرهبة منه والرغبة إليه، فيكون أعون على طاعته.
(4) {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قرئ: (مَلِك) و(مَالِك)، فـ(المَلِك) صفة لذاته أي لا تنفك عنه، و(المالك) صفة لفعله فهو الذي يملك ويخلق ويقدر الأزمان والأكوان.
و{يَوْمِ الدِّينِ} يوم يوفى الله تعالى كل نفس ما كسبت.
وعن قتادة قال: (يوم الدين يوم يدين الله العباد بأعمالهم). يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه

باسم صالح 23 جمادى الآخرة 1435هـ/23-04-2014م 08:54 PM

(5) {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} تقديم المفعول به "إياك" يفيد الحصر والقصر أي لا نعبد إلا أنت وأيضا لا نستعين إلا بك، وهذه الآية إشارة بديعة في المزج بين توحيد الألهية وتوحيد الربوبية، فنحن نخص الله تعالى بأفعال العبادة ولا طاقة لنا على ذلك إلا بعونه تعالى لنا على ذلك.
والعبادة: عبارة عما يجمع كمال المحبة {والذين آمنوا أشد حبا لله} والخضوع والخوف {وادعوه خوفا وطمعا}، وهي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأفعال الظاهرة والباطنة.
والمجيء بالنون لقصد التواضع لا لتعظيم النفس، أي ما أنا إلا خلق من خلقك الذي لا يحصى يعبدك كما يعبدوك {وإن من شيء إلا يسبح بحمده} وأنت الغني عن جميع خلقك {إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر}
عن ابن عباس في قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} يعني: (إياك نوحد ونخاف ياربنا لا غيرك، وإياك نستعين على طاعتك وعلى أمورنا كلها)
وعن قتادة أنه قال: (يأمركم الله أن تخلصوا له العبادة، وأن تستعينوه على أمركم).

باسم صالح 25 جمادى الآخرة 1435هـ/25-04-2014م 03:55 PM

(6) {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} الهداية: الإرشاد (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم)، أو التوفيق (إنك لا تهدي من أحببت)، ومعناه: طلب الزيادة من الهداية، كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى}.
و{الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} هو الطريق والمنهاج البين الذي لا زيغ فيه.
وأخرج أحمد وغيره، عن النواس بن سمعان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعاً ولا تعرجوا، وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تَلِجْهُ، فالصراط الإسلام، والسوران: حدود الله، والأبواب المفتحة: محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط: كتاب الله، والداعي من فوق: واعظ الله تعالى في قلب كل مسلم)).
(7) {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} هم المذكورون في سورة النساء، حيث قال: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً}.
{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}: هم اليهود.
{وَلا الضَّالِّينَ}:هم النصارى، أي: لأن اليهود علموا الحق فتركوه وحادوا عنه عن علم (ويكتمون الحق وهم يعلمون)، فاستحقوا غضب الله، والنصارى حادوا عن الحقِّ جهلاً فكانوا على ضلال مبين في شأن عيسى عليه السلام (وقالوا اتخذ الله ولدا لقد جئتم شيئا إدا).روى الإمام أحمد في مسنده عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن المغضوب عليهم اليهود وإن الضالين النصارى.

باسم صالح 26 جمادى الآخرة 1435هـ/26-04-2014م 10:23 PM

سُورَةُ النَّبَإِ
1- {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}:لما أُمر النبي صلى الله عليه وسلم دعا قومه إلى التوحيد وترك عبادة الأوثان وأخبرهم بأنهم يبعثون بعد الموت فتجزى كل نفس بما كسبت وقرأ عليهم القرآن فجعلوا يتساءلون فيما بينهم مستنكرين فأجابهم الله تعالى بقوله:
2- {عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} عن هذا الشأن الهائل عن القرآن الكريم وما فيه من أمور جسام كالتوحيد والإيمان بالغيب والرسل والبعث.
3- {الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ} اختلفوا في نبأ هذا القرآن فأجمع جلهم على تكذيبه واختلفوا في تأويله فقالوا هو سحر أو شعر أو كهانة أو أساطير الأولين.
4- {كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ}: فتوعدهم الله تعالى زجرا لهم ثم كرر توعدهم فقال:
5- {ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ}؛ مبالغة في تعنيفهم والإنكار عليهم فهم عالمون لا محالة صدق ما جاء به القرآن عاجلا أم آجلا فما هؤلاء المكذبين بمعجزين.

باسم صالح 27 جمادى الآخرة 1435هـ/27-04-2014م 08:55 PM

6- {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَاداً} أي ممهدة منبسطة والمِهَادُ:الوِطَاءُ وَالْفِرَاشُ
7- {وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً}؛ لتثبت الأرض كما تثبت الأوتاد الخيمة
8- {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً}؛ أي ذكوراً وإناثاً
9- {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً}؛ أي جعلنا النوم إنقطاعاً عن الحركة لتستريح أبدانكم
10- {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً}؛ أي جعلنا الليل يكسوكم بظلمته فتحصل به راحتكم
11- {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً}: أي مهيئاً لسعيكم على معاشكم بجعله مضيئاً
12- {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً} أي سماوات سبع شديدة البناء
13- {وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً} المراد الشمس جعل الله تعالى لها نوراً كالسراج وحرارة كالجمر المتوهج وإن كان الوهج يجمع النور والحرارة
14- {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً} والمعصرات السحب المحملة بالماء ولم تمطر بعد والثجاج الكثير الانهمار
15- {لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتاً}؛ أي لننبت بهذا الماء الحبوب والنباتات
16- {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً}؛ أي حدائق متشابكة الأغصان

باسم صالح 7 رجب 1435هـ/6-05-2014م 12:32 AM

17- {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً}: مصداقا لقوله تعالى (إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين) أي أن الله تعالى جعل يوم القيامة ميعاداً للحكم والفصل بين العباد (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره)
18- {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} في هذا اليوم ينفخ إسرافيل بأمر ربه إذاناً بالحشر ، والمقصود هنا النفخة الثانية بعد نفخة الصعق (ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون)
{فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً} فيحشر الناس إلى أرض المحشر زمراً وجماعات
19- {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً} صارت السماء من شدة إنفراجها كأنها أبواباً لنزول الملائكة
20- {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً} أي نزعت الجبال عن أماكنها (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا) (يوم تمور السماء موراً وتسير الجبال سيراً) حتى يخيل للرائي أنها سراب
21- {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً لِلطَّاغِينَ مَآباً} أي أن الله تعالى جعل جهنم قضاءً عقوبة للكفار متربصة ومآلاً لهم (إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا)
23- {لاَبِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً}؛ ماكثين في النار دهوراً ومدداً طويلة إلى أبد الآبدين
24- {لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلا شَرَاباً}: لا فيها برد يغني من حرها ولا شراب يغني عن عطشها
25- {إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً}: أي لا يمدون فيها إلا بالماء الحار وصديد أهل النار
26-{جَزَاءً وِفَاقاً}: أي أن الجزاء جاء وفقاً للذنب (يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون)
27- {إِنَّهُمْ كَانُوا لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً}؛ أي لم يكونوا يؤمنون بيوم الحساب والجزاء
28- {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّاباً}؛ بالغوا في تكذيب آيات الله وكلماته
29- {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً}: مصداقا لقوله تعالى (وكل شيء فعلوه في الزبر وكل صغير وكبير مستطر) و (ورسلنا لديهم يكتبون) والمقصود ما قضاه الله تعالى في اللوح المحفوظ أو ما تسطره الملائكة (إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد)
30- {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً} أي لن يكون هؤلاء في زيادة إلا من عذاب الله أبد الدهر

باسم صالح 9 رجب 1435هـ/8-05-2014م 12:53 PM

31- {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً} أسلوب حصر بتقديم خبر إن يفيد أن الفوز والفلاح فقط يكون لمن اتقى
32- {حدائق وأعنابا} ثم عدد الله تعالى بعض ألوان النعيم الذي ينتظر المتقين يوم القيامة من حدائق وبساتين فيها فاكهة تشبه فاكهة الدنيا ولكن حقيقتها لا يعلمها إلا الله (وأتوا به متشابها)
33- {وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً}؛ أي لهم نساء أثداؤهن ناهدة كناية عن عذريتهن وشبابهن والأتراب: المتساويات في السن
34- {وَكَأْساً دِهَاقاً}؛ مملوءة بخمر الجنة (لا فيها غول ولا هم عنها ينزفزن)
35- {لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذَّاباً}؛ أي أن أهل الجنة لا يسمعون فيها باطلا ولا يكذب بعضهم بعضا
36- {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ}؛ أي أن ما تقدم ذكره من النعم ثوابا من الله تعالى لهم على إيمانهم وعملهم الصالح
{عَطَاءً حِسَاباً}؛ أي أن الله تعالى أعطاهم هذا العطاء بسبب أعمالهم فمنهم من أعطاه بالحسنة عشر أمثالها ومنهم من زاده إلى سبعمائة ضعف ومنهم من أعطاه بغير حساب
37- {لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً}؛ أي لا قدرة لهم على مخاطبته أو الشفاعة عنده إلا بإذنه
38- {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلاَئِكَةُ صَفًّا}؛ أي مصطفين والروح ملك من الملائكة وقيل هو جبريل وقيل جند من جنود الله ليسوا ملائكة وقيل أرواح بني آدم تقوم صفا وتقوم الملائكة صفا وذلك بين النفختين قبل أن ترد إلى أجسامها
{إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ}: إلا من أذن له بالشفاعة (لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا) ، (وقال صوابا) أي شهد بالتوحيد
39- {ذَلِكَ} أي أن ما سبق وصفه ليوم القيامة حق واقع لا محالة
{فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآباً}؛ فالعاقل من رجع إلى ربه وعمل الصالحات استعدادا لهذا اليوم
40- {يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ}: يعاين كل امرء ما فعله في الدنيا (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا)
{وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً}: يتمنى الكافر أن لو كان ترابا غير مكلف ولا مبتلى من هول ما يرى من العذاب

باسم صالح 15 رجب 1435هـ/14-05-2014م 11:34 PM

سُورَةُ النَّازِعَاتِ
وَتُسَمَّى سُورَةَ السَّاهِرَةِ.
1- {وَالنَّازِعَاتِ} الواو للقسم ، أقسم الله تعالى بالملائكة الموكلة بقبض الأرواح فتنزعها من أجساد البشر نزعاً عميقاً من أطراف الأجساد.
2- {وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً}؛ والنشط الجذب بسرعة أي وأقسم بالملائكة التي تجذب الأرواح بسرعة ، وقيل النزع للكفار والنشط للمؤمنين.
3- {وَالسَّابِحَاتِ}وأقسم بالملائكة التي تسبح نزولا من السماء استجابة لأمر الله تعالى.
4- {فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً}:وأقسم بالملائكة تسرع بأرواح المؤمنين إلى الجنة.
5- {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً} وأقسم بالملائكة الموكلة بتدبير شئوون أهل الأرض من رياح ومطر وغير ذلك. وقيل جبريل للرياح والجند وميكائيل للقطر والنبات وملك الموت (عزرائيل لم يصح اسما له) لقبض الأرواح وإسرافيل ينزل بالأمر عليهم.
6- {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ}:هي النفخة الأولى فيقضى بها على جميع الأحياء.
7- {تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} هي النفخة الثانية والتي يكون عندها البعث.
8- {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ} أي أن القلوب تكون مضطربة قلقة من أهوال القيامة.
9- {أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ}:ترى في أعين الكفار الذلة والصغار.
10- {يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ 11- أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً نَخِرَةً}.هذا قول الكافرين في الدنيا مستنكرين أن يردوا من حفر القبور أحياءً بعد أن كانوا فيها عظاما بالية.
12- {قَالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ}؛أي لإن حدث هذا لنكونن من الخاسرين لتكذيبنا محمدا صلى الله عليه وسلم .
13- {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ 14- فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} ذرهم وما يقولون فسيعلمون حقيقة ذلك عندما ينفخ في الصور نفخة البعث فيحشرون للحساب على أرض بيضاء لا ترى فيها عوجا ولا أمتا.

باسم صالح 15 رجب 1435هـ/14-05-2014م 11:57 PM

15- {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} أي قد بلغك قصة موسى وما كان من شأنه مع فرعون.
16- {إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ}إذ ناده وكلمه ربه بوادٍ مبارك مطهر يقال له طوى وهو في سيناء.
17- {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى}؛ فأمره ربه بدعوة فرعون الذي جاوز الحد في الفجور والكفر وادعاء الربوبية.
18- {فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى}؛ أي هل لك في أمر يرفعك ويعود عليك بالخير في الدنيا والآخرة وهو التوحيد ونبذ الشرك.
19- {وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى}؛ هل لك في أن أرشدك إلى ربك فتعرفه وترجو ثوابه وتخاف عقابه.
20- {فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى} فبرهن له على صدقه بآية عظيمة قيل هي العصا وقيل هي اليد.
21- {فَكَذَّبَ} موسى وما جاء به وعصى أمره ودعوته .
22- {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى}؛ ثم أعرض وتولى عن الإيمان وسارع في معارضة موسى واجتهد في الفساد والصد عن دعوته.
23- {فَحَشَرَ}؛ فجمع جنده وسحرته ودعا الناس ليشهدوا.
24- {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} ادعى الربوبية بل وادعى أنه لا رب فوقه.
25- {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى}؛ فعاقبه الله تعالى بالعذاب الدنيوي بالغرق والأخروي بالنار حتى يتعظ به غيره.
26- {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى}؛ أي في قصته لآية لمن يخشى الله ويتقه.

باسم صالح 21 رجب 1435هـ/20-05-2014م 12:03 AM

27- {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بناها}؛ هذا استفهام تقريري أي أنكم تقرون أن السماء أعظم بناءً من الإنسان فالأحرى بكم أن تقروا أن الله تعالى الذي خلقها قادر على إحياء الموتى
28- {رَفَعَ سَمْكَهَا}؛ أي جعلها بناءً مرتفعاً فوق الأرض
{فَسَوَّاهَا}: جعلها مستوية الخلق لا عيوب بها ولا فطور
29- {وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا}؛ جعله مظلماً
{وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا}؛ جعله مضيئاً بضياء الشمس
30- {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ}؛ أي بعد خلق السماء
{دَحَاهَا}؛ أي بسطها
31- {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا}؛ أي فجر فيها الينابيع وشق فيها الأنهار وأنبت فيها النباتات لترعوا فيها أنعامكم
32- {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا}:أي ثبت الجبال في الأرض كالأوتاد لتستقر حياتكم على ظهرها
34- {فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى}؛ أي الداهية العظيمة التي لا يكون لغيرها من المصائب ذكر معها، وهي النفخة الثانية التي يساق فيها أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار
35- {يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ مَا سَعَى}: يتذكر المرء ما اقترفه من خير أو شر حين يطالع صحيفته التي دونتها الملائكة
36- {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى}؛ أي ظهرت ظهوراً لا يخفى على أحد
قَالَ مُقَاتِلٌ: يُكْشَفُ عَنْهَا الغِطاءُ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا الْخَلْقُ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَعْرِفُ بِرُؤْيَتِهَا قَدْرَ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ بالسلامةِ مِنْهَا، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَزْدَادُ غَمًّا إِلَى غَمِّهِ، وَحَسْرَةً إِلَى حَسْرَتِهِ.
37- {فَأَمَّا مَنْ طَغَى}؛ الطغيان مجاوزة الحد والمقصود حدود الله تعالى
38- {وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}؛ أي قدمها وعمل لها وترك العمل للآخرة (علمت نفس ما قدمت وأخرت)
39- {فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى}: فإن مصيره ومستقره إلى النار
40- {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ}؛ وأما من اتقى الله تعالى وخشي وقوفه للحساب أمام الله، {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى}؛ أي منعها وألجمها عن الميل إلى المعاصي والمحرمات
41- {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} فإن مصيره ومستقره إلى جنة الخلد التي وعد المتقون
42- {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا}؛ أي يسألونك عن وقت حدوث القيامة
43- {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا}؛ أي أنك لا تعلمها وليس لك من ذكرها شيء فلا يعلمها إلا الله (لا يجليها لوقتها إلا هو)
44- {إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا}؛ أي أن الله هو الذي لديه علمها ودقائقها
45- {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا}؛ وإنما مهمتك الإنذار بقدومها لمن يقدرها ويخافها
46- {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}؛ أي يوم يرون يوم القيامة يشعرون بحقارة الدنيا وقصر العيش فيها (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ)

باسم صالح 22 رجب 1435هـ/21-05-2014م 11:55 AM

س1: ما هو النبأ العظيم؟ اختلف المفسرون على قولين أنه البعث أو القرآن، ويجمع بينهما بأنه القرآن الذي ينبأ عن البعث
س2: بين ما يفيده التكرار في قوله تعالى: {كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ} التكرار يفيد التأكيد على وقوع البعث والتشديد في النكير على من ينكرونه
س3: ما تقدير المعمول المحذوف في قوله تعالى: {كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ}؟ المعمول المحذوف له عدة تقديرات منها ما توعدوا بوقوعه من العذاب في الدنيا والبرزخ والقيامة، وصدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من البعث وأن القرآن حق، ولذلك حذف المعمول لسبب بلاغي وهو دلالة العموم على كل هذه المعاني
س4: ما نوع الاستفهام في قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَاداً}؟ الاستفهام هنا تقريري
س5: بين معاني المفردات التالية: عمَّ: عن ماذا، مهاداً: ممهدة كالفراش، أوتاداً: ما تثبت به الخيمة، أزواجاً: ذكر وأنثى، سباتاً: منقطعا عن الحركة، لباساً: يغشاكم كاللباس، وهاجاً: مضيئا، المعصرات: السحب المحملة بالماء ولم تمطر بعد، ثجاجاً: منهمرا، ألفافاًً: متشابكة الأغصان.
س6: لتعداد نعم الله تعالى على عباده أثر عظيم في النفوس المؤمنة، تحدث بإيجاز عن فوائد هذا التعداد. آثار هذا التعداد في نفس المؤمن تجاه المنعم: حبا وشكرا وتعظيما وخضوعا وطاعة وتصديقا لرسله، وتجاه النعم: حفظها وعدم الإسراف فيها وأداء حقها وبذل الأسباب للحصول عليها والعلم بأنها محض منة من الله وليست كسبا مباشرا من العبد وعدم الحزن على فواتها فإن المنعم قادر على إيجادها مرات عديدة
س7: الآيات الكونية من دلائل البعث العظيمة التي كرر الاستدلال بها عليه كثيراً في القرآن الكريم، تحدث باختصار عن دلالة الآيات الكونية على البعث والجزاء. الآيات الكونية تدل بما لا يدع مجالا للشك على طلاقة قدرة الله تعالى وعظمته وأنه فعال لما يريد وأن أمره بين الكاف والنون فالذي أنشأ هذا الكون ودبر أمره قادر بقياس الأولى على إنفاذ وعده بالبعث وإعادة الخلق وهو أهون عليه

باسم صالح 29 رجب 1435هـ/28-05-2014م 09:29 PM



سُورَةُ عَبَسَ
1- {عَبَسَ وَتَوَلَّى}؛أي قطب وجهه وأعرض
2- {أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى}؛ أي حين جاءه الأعمى، وهو عبد الله بن أم مكتوم أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو بعض أشراف قريش إلى الإسلام فكره منه ذلك
3- {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى}؛ وما يدريك يا محمد لعله ينتفع بحديثك فيسمو ويتطهر عن الذنوب ويعمل الصالحات
4- {أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى}؛ أو يتعظ فتنفعه الموعظة
5- {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى}؛ أما من استغنى بماله وجاهه عن الإيمان بك وبما جئت به
6- {فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى}؛ فأنت تقبل عليه وتؤثره بالحديث
7- {وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى} وماذا عليك إذا لم يؤمن ويهتدي فإنه (ليس عليك هداهم)
8- {وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى}؛وأما من أقبل عليك مسرعا
9- {وَهُوَ يَخْشَى}؛ وهو يخاف الله
10- {فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى}؛ فأنت منشغل عنه معرضا إلى غيره

باسم صالح 29 رجب 1435هـ/28-05-2014م 11:33 PM

11- {كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ}: هذا عتاب من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وأن هذه موعظة وتذكرة لك يا نبينا أنت وأمتك
12- {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ}؛ فمن أراد تذكر واتخذ إلى ربه مئابا.
13- {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ}؛ هذه التذكرة مسطرة في صحف شريفة بما حوت من آيات الله والحكمة أو لأن مصدرها اللوح المحفوظ.
14- {مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ}: عالية القدر منزهة عن الدنس.
15- {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} بأيدي الملائكة الذين يسفرون بالوحي من الله تعالى إلى رسله.
16- {كِرَامٍ}؛ رفيعي المكانة عند ربهم بما جبلوا عليه من أنهم (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون).

باسم صالح 4 شعبان 1435هـ/2-06-2014م 12:00 AM

17- {قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ}؛ هذا دعاء باللعنة والبوار على الكافر لكفره
18- {مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ}؛ أي مم خلق هذا الإنسان الكافر الجاحد
19- {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ}؛ أي من مني مهين؛ فعلام الكبر؟ {فَقَدَّرَهُ}؛ أي سواه وعدله وهيأ له ما تستقيم به حياته.
20- {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ}؛ أي سهل له معرفة طريق الخير أو الشر وهداه النجدين.
21- {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ}؛أي قدر عليه الموت وأكرمه بالدفن في القبور.
22- {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ}؛ أي ثم إذا أراد الله تعالى بعثه بعد موته.
23- {كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ}:كلاّ ليس الأمر كما يقول هذا الإنسان من أنّه قد أدّى حقّ اللّه عليه، يستوي في ذلك المؤمن والكافر.

باسم صالح 4 شعبان 1435هـ/2-06-2014م 11:26 PM

24- {فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ}؛ أي فليتفكر الإنسان في طعامه الذي تقوم به حياته؛ من وهبه له؟ وكيف خرج إليه من الأرض؟
26 - {ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا}؛ أي أنزلنا على الأرض الماء فدبت الحياة في النبات فشق الأرض (وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت) .
27 - {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا} فينمو النبات ويشتد حتى يخرج منه الحب .
28 - {وَعِنَباً وَقَضْباً} وعنبا وعلفا للدواب قيل هو البرسيم وقيل البرسيم من القت والقت أشمل وأعم وهو الصواب.
30 - {وَحَدَائِقَ غُلْباً}: غلبا أي غليظة الجذوع.
31 - {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} الأب كل ما تنبت الأرض مما لا يأكله الإنسان ولا يزرعه.
33 - {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ} الصيحة الهائلة الذي تصم الآذان والمقصود يوم القيامة.
34 –36 - {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} يوم يفر الناس من أخص قرابتهم فما بالك بمن دونهم لشدة الهول والفزع.
37 - {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}: قد شغلته نفسه وأهمه أمرها عما دونها وهذا حاله وحال غيره من الناس يومئذ.
38 - {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ}: وينقسم الناس يومئذ إلى فريقين، فريق وضيء الوجه، ضاحكا متطلعا بفرحة إلى ما هو آت وهو فريق المؤمنين بعد ما علموا ما لهم من نعيم مقيم.
40 - {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ}؛ وفريق قد أكفهر وجهه واغبر وغشيه السواد وهو فريق الكافرين الفجار بعد ما علموا ما أعد لهم من عذاب أليم .

باسم صالح 6 شعبان 1435هـ/4-06-2014م 01:27 AM

الأسئلة
س1: قال الله تعالى:
{عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَن جَاءهُ الأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى
(10)}
أ - اذكر سبب نزول هذه الآيات: كان النبي صلى الله عليه وسلم منشغلا بدعوة سادة من قريش حين أقبل عليه عبد الله بن أم مكتوم وكان رجلا أعمى يسأله عن أمر من أمور الدين، فكره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وتمعر وجهه وأعرض عنه، فنزلت هذه الآيات في عتاب النبي صلى الله عليه وسلم ونهيه عن ذلك.
ب- اذكر تفسيراً إجمالياً مختصراً لهذه الآيات الكريمات: عتب الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم أن قطب وجهه وأعرض عن الأعمى، وقال تعالى مرشدا نبيه: لعل ما ترشد به هذا الأعمى يعود عليه بالخير والتطهر من الذنوب أو ينتفع بالموعظة ، أما من استغنى عن الإيمان والإسلام فأنت مقبل عليه مهتم بأمره وأي شيء عليك إذا لم يتطهر من الشرك ويؤمن برسالتك، وأما من أقبل عليك ملهوفا وهو يخاف الله تعالى فأنت عنه معرض.
ج- بين ما في هذه الآيات الكريمات من فوائد تربوية ودعوية: من الفوائد التربوية؛ رقة ولطف عتاب الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم فبدأت الآيات بضمير الغائب في الآيتين الأوليين ثم بضمير المخاطب في باقي الآيات، أيضا بيان عذر الأعمى فيما فعل بذكر صفته وأيضا ترقيقا لقلب النبي صلى الله عليه وسلم عليه، أيضا ذكر المقابلة بين حال الأعمى وحال كبراء قريش يشعر بطريق غير مباشر سبب العتاب، أيضا ما كان من اجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم هو من الشرع إذا سكتت عنه السماء وإلا صوب، أيضا التأكيد على بشرية النبي صلى الله عليه وسلم وأن اجتهاده قد يكون أحيانا خلاف الأولى، والتأكيد على أن عصمته صلى الله عليه وسلم ثابتة باتصاله بالسماء، والتأكيد على أن العمى الحقيقي عمى القلب وليس عمى البصر، أيضا هذا لا يقدح في خلقه صلى الله عليه وسلم أو في أمر الله له بخفض الجناح للمؤمنين فقد يكون قصده بذلك تعليم أصحابه اجتهادا منه وإن لم يقر على ذلك، أما عن الفوائد الدعوية؛ فإنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة لمن طلبها، أيضا بذل الجهد في الدعوة إلى الله تعالى ليست أولى من إرشاد المؤمنين وموعظتهم وخاصة إذا كان المدعو معرضا والمسترشد مقبلا، يستشعر من قوله تعالى "لعله" أن الداعية ليس عليه النتائج ولكن عليه البيان والإرشاد.
د - بين معاني المفردات التالية: عبس: قطب وجهه وكلحه، يزَّكَّى: يتطهر، استغنى: أعرض من الإيمان، تصدَّى: تقبل عليه وتتعرض له، تلهَّى: تنشغل.
س2: ما مرجع الضمير في قوله تعالى: {كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ}؟ أي هذه الآيات
س3: بين معاني المفردات التالية: صحف مكرمة: مشرفة، سفرة: الملائكة يسفرون بالوحي، أقبره: كرمه بالدفن في القبور، أنشره: بعثه.

باسم صالح 20 شعبان 1435هـ/18-06-2014م 12:53 AM

معالم الدين
الدرس الأول: معنى شهادة أن لا إله إلا الله -
معْنَى
الشهادتين
المقصود بالشهادتين: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
وهما أول مباني الإسلام الخمسة ف
عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رضِي اللهُ عنهما عن النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلَّم أنه قال: ((بُنِي الإسلامُ على خَمْسٍ: شهادةِ أن لا إله إلا اللهُ وأن مُحمَّدًا رسولُ اللهِ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، وحَجِّ البيتِ، وصومِ رمضانَ)). متفق عليه. وهما لب الدين وأصله فلا إسلام ولا إيمان لمن لم يشهدهما، وعليه فكان أول ما يجب على العبد تعلمه في الدين هما هذان الأصلان العظيمان، ولما بَعَثَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم معاذَ بنَ جَبَلٍ إلى اليمنِ داعياً ومعلِّماً قال له: ((إنَّك تأتي قوماً من أهلِ الكتابِ فَادْعُهم إلى شهادةِ أنْ لا إلهَ إِلا الله وَأني رسولُ اللهِ؛ فإِنْ هُمْ أطاعوا لِذلكَ فأَعْلِمْهم أنَّ اللهَ افْتَرضَ عليهم خمسَ صَلَوَاتٍ في كلِّ يومٍ وَليلةٍ)) .. الحديث، رواه مسلم من حديث ابن عباس. ورواه البخاري أيضاً ولفظه: ((فليكن أوَّلَ ما تدْعوهم إلى أن يوحِّدوا اللهَ)) وفي حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عندما جاء جبريل وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان، قال النبي لأصحابه بعد انصرافه (( هذا جِبْريلُ أتاكم يُعلِّمُكم دِينَكُم )).

معنَى (لا إله إلا الله ) أي: لا مَعْبودَ بحقٍّ إلا اللهُ. (واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا ونفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا)
لا يَتحقَّقُ التوحيدُ إلا باجتنابِ الشركِ. (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم)
الغايةُ التي خُلِقنا من أجلِها: عبادةُ اللهِ وحدَه لا شريكَ له. (وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون)
مَن عَبَد غيرَ اللهِ فهو مُشرِكٌ كافرٌ. (ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون)
كلُّ رسولٍ دعا قومَه إلى التوحيدِ واجتنابِ الشِّرْكِ. (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون)
أصْلُ دعوةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى التوحيدِ، فبدأ بدَعْوةِ قومِه إلى التوحيدِ، وأرسَلَ إلى الملوكِ يَدْعُوهم إلى التوحيدِ، وأَمَر أصحابَه أن تكونَ أوَّلُ دعوتِهم إلى التوحيدِ.
(قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون) (وأنذر عشيرتك الأقربين) ، أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل وكسرى وقيصر والمقوقس وغيرهم يدعوهم إلى الإسلام فكان مما بعث إلى قيصر (أسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإنما عليك إثم الأريسيين "يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون")، ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ إلى اليمن قال: إنك تأتي قوما أهل كتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة .. " الحديث
التوحيدُ هو حقُّ اللهِ على العِباد. حديث معاذ رضي الله عنه أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال "أتدري ما حق الله على العباد؟ حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا"
مَن لم يُوحِّد اللهَ فليسَ بمسلمٍ، وإنْ زَعَم أنه مُسْلِمٌ. (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) ، (فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون)

باسم صالح 21 شعبان 1435هـ/19-06-2014م 01:01 AM

الدرس الثاني: بيانُ معنَى شهادةِ أن مُحمَّدًا رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم)
 
هذه الشهادة تقتضي الإقرار بأن محمدا صلى الله عليه وسلم مرسل برسالة من الله تعالى إلى الثقلين، الجن والإنس، يدعوهم إلى عبادة الله وحده والجنة ويحذرهم من الإشراك به والنار، ويفصل لهم شرائع هذا الدين العظيم. هذه الشهادة تقتضي تعظيمه ومدحه بلا غلو، فلا توجه شيء من العبادات له، ولا يوصف بصفات الألوهية أو الربوبية، فهو عبد الله ورسوله فعن عُمَر بنَ الخَطَّابِ رضِي اللهُ قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: ((لا تُطْرُوني كما أَطْرَتِ النَّصارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فإنَّما أنا عَبْدُه؛ فقولوا: عبدُ اللهِ ورسولُه)). رواه البخاري.
وشهادةُ أن مُحمَّدًا رسولُ اللهِ تستلزمُ ثلاثةَ أمورٍ عظيمةٍ هي:
1: محبته وتقدمها على محبة غيره فعن أنسِ بنِ مالكٍ رضِي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يُؤْمِنُ أحَدُكم حتى أكونَ أحَبَّ إليه من وَلَدِه ووَالِدِه والناسِ أجْمَعينَ)). متفق عليه.
2: تصديق خبره سواء في الغيبيات أو غيرها، فكل ما وصلنا صحيحا من خبره حق وصدق.
3: طاعة ما أمر به واجتناب ما نهى عنه.
ومن لم يشهد هذه الشهادة فليس بمسلم.
ومِمَّا يَنْقُضُ هذه الشهادةَ:
1: بغض النبي
صلى الله عليه وسلم أو الإتيان بما يدل على ذلك من السب أو الاستهزاء به أو بما جاء به من شرائع، قال اللهُ تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[النساء: ٦٥].
2: تكذيبه
صلى الله عليه وسلم أو الشك فيما جاء به.
3: الإعراض عن طاعته واعتقاد أنها غير ملزمة أو تركها بالكلية وعدم المبالاة بما جاء عنه
صلى الله عليه وسلم. أما من ارتكب المعاصي دون نواقض الإسلام من أهل الإيمان فلا يكفر بذلك ولكن يرجى له التوبة ويخشى عليه العذاب.
ومن أتى بشيء من هذه النواقض خرج من الملة وإن نطق الشهادة بالسانه، فحاله كحال المنافقين ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ[المنافقون: ١].
والله تعالى لا يقبل العمل حتى يكون خالصا له وصوابا على سنة نبيه
صلى الله عليه وسلم، فمقتضى شهادة أن لا إله إلا الله الإخلاص ومقتضى شهادة أن محمدا رسول الله المتابعة.
وكل عمل ليس على هديه
صلى الله عليه وسلم باطل مردود على صاحبه لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (( مَن عَمِلَ عَمَلاً ليسَ عليه أَمْرُنا فهو رَدٌّ )) رواه مُسْلمٌ من حديثِ عائشةَ رضِي الله عنها.
وفي صحيحِ مُسلمٍ أيضًا من حديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضِي الله عنهما أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقولُ في خُطْبتِه: (( أما بعدُ، فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحمَّدٍ، وشرَّ الأمورِ مُحْدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضَلالةٌ )).
والبِدَعُ على قِسْمين:
ــ بدع مكفرة وهي التي تتضمن ناقض من نواقض الإسلام كدعاء الموتى من دون الله
ــ وبدع مفسقة وهي ما كان من البدع دون نواقض الإسلام كالموالد
وأحسن الهدي هدي محمد
صلى الله عليه وسلم فكلما اقترب العبد من هديه والتزمه كان أقرب إلى الله وأرجى في قبول العمل وأبعد عن سبيل الهلاك· وقد قال صلى الله عليه وسلم "ليس من عمل يقرب من الجنة إلا قد أمرتكم به ، ولا عمل يقربإلى النار إلا وقد نهيتكم عنه"، وإن الجنة حفت بالمكاره وإن النار حفت بالشهوات.
وقد قال اللهُ تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[النور: ٦٣].
فاقتراف المعاصي قد يؤدي إلى الفتنة في الدين، فالمعاصي بريد الكفر، وقد يؤدي إلى العذاب في الدنيا أو القبر أو يوم القيامة. وحال المتبع لهديه
صلى الله عليه وسلم الفلاح والفوز في الدنيا والآخرة، قال اللهُ تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)[المائدة: ١٥–١٦].
وقد فرَضَ اللهُ على رسولِه تبليغَ الرسالةِ، فبلَّغَها كما أُمِر، قال اللهُ تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ [المائدة: ٦٧].
وقد سأل الناسَ في الجَمْع العظيمِ في حَجَّة الوداعِ: ((ألا هل بَلَّغْتُ؟))؛ فقالوا: نعم. فقال: ((اللهم اشْهَدْ)).
وأوجَبَ اللهُ تعالى علينا طاعتَه فقال: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ[النور: ٥٤].
ونحن حُمِّلنا أمانةَ اتباعِ الرسولِ ظاهرًا وباطنًا؛ فبها الفوز والنجاة وبتركها الخسران والبوار وقد قال اللهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[الأنفال: ٢٧].

باسم صالح 21 شعبان 1435هـ/19-06-2014م 06:55 PM

الدرس الثالث: بيانُ وُجوبِ طاعةِ اللهِ ورسولِه
 
طاعة الله ورسوله لازمة لكل مسلم، وهي طريق الفلاح في الدنيا والآخرة والإعراض عنها خسران ومهلكة، ومن اعتقد أنه يسعه الخروج عن هذه الطاعة فليس بمسلم:
وقد قال اللهُ تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا[الأحزاب: ٣٦].
وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ[محمد: ٣٣].
وقال تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[آل عمران: ١٣٢].
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ[النساء: ١٣–١٤].
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا[النساء: ٦٩–٧٠].
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا[الأحزاب: ٧١].
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا[الجن: ٢٣].
وقال: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [النساء: ٨٠].
وقال: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر: ٧].
والطاعة تكون بامتثال الأمر واجتناب النهي وهذه حقيقة الدين: التعبد لله تعالى بفعل الأوامر واجتناب النواهي.
وهذا الدين يسر ولا يكلف العبد إلا بما يطيق، قال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[التغابن: ١٦].
وقال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا[البقرة: ٢٨٦]، وقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ[الحج: ٧٨]، وعن أبي هُريرةَ رضِي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ هذا الدينَ يُسْرٌ، ولن يُشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غَلَبَهُ)). رواه البخاري
وعن أبي هُريرةَ رضِي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((ما نَهَيتُكم عنه فاجْتَنِبُوه، وما أَمَرْتُكم به فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُم)) متفق عليه.
والأوامرُ التي أمَرَ اللهُ بها وأمَرَ بها رسولُه على ثلاثِ درجاتٍ:
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ

الدَّرَجةُ الأولى: ما يلزم لبقاء أصل الدين من التوحيد والبعد عن ما ينقضه من الشرك وغيره أو ينقض أصل الإسلام، ومن لم يحقق هذه الدرجة خلع ربقة الإسلام وهو في الآخرة من الخاسرين.
الدَّرَجَةُ الثانيةُ: ما ينجو به العبد من العذاب وهي بأداء الواجبات واجتناب المحرمات وهذه درجة المتقين.
الدَّرَجةُ الثالثةُ: وهي أداء الواجبات والمستحبات وترك المحرمات والمكروهات وهي درجة الإحسان.
قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا [المائدة: ٣].فالدين اكتمل ورضيه الله تعالى لنا وهو صالح لكل زمان ومكان وما لم يكن يومئذ دينا فليس اليوم بدين. والطائع مهتد للأفضل والأقوم له في دينه ودنياه، فإن اللهَ تعالى قال: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ[الإسراء: ٩]، فلن ينال عبد الأفضل بمعصية الله تعالى وتنكب طريق هدايته.
وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((وإنَّ أحْسَنَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحمَّدٍ)) وكذلك لا هدي أحسن من هدي محمد صلى الله عليه وسلم ولن ينال عبد الأفضل بمخالفة هديه.
قال اللهُ تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ[الأعراف: ١٥٨].
وقد قال اللهُ تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا[النساء: ١١٥].
المصالحَ لا تَتحقَّقُ بمعصيةِ اللهِ، والمَفَاسِدَ لا تُدْرَأ بالتَّعرُّضِ لسَخَطِ اللهِ. وكلُّ مَن أمَرَ بمعصيةِ اللهِ ورسولِه وزَيَّنَها للناسِ فهو شَيْطانٌ؛ سواءٌ في ذلك شياطينُ الإنسِ والجنِّ.
وعن عليِّ بنِ أبي طَالِبٍ رضِي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((لا طاعةَ لمَخْلوقٍ في مَعْصيةِ اللهِ)) رواه أحمدُ ومُسلمٌ.
وهذا يَشْمَلُ جميعَ مَن أمَرَ بمعصيةِ اللهِ في أمورِ العقيدةِ أو العبادات أو المُعاملات أو غيرِها من شُئونِ العبادِ.
وكلُّ مَن دَعَا إلى بِدْعَةٍ ومَنْهَجٍ غيرِ منهجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فهو ضالٌّ مُضِلٌّ، وقد قال اللهُ تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[الأنعام: ١٥٣].

باسم صالح 28 شعبان 1435هـ/26-06-2014م 01:01 AM

الدرس الرابع: بيانُ فَضْلِ التَّوحيدِ
 
التوحيد: هو إفراد الله تعالي بالعبادة وإخلاص الدين له تبارك وتعالى والتبرؤ من الشرك وأهله، وهو أصل الدين ومعنى شهادة أن لا إله إلا الله
قال اللهُ تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ[البقرة: ٢٥٦].
وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ [الزمر: ١٧].
وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ[النحل: ٣٦].
1: أعظم فضائل التوحيد أنه أصل الدين فلا إسلام ولا إيمان لمن لم يحقق التوحيد. ولقد وعد الله تعالى الموحدين بدخول الجنة والنجاة من النار ورؤية الله تعالى يوم القيامة.
عن مُعاذِ بن جَبَلٍ رضِي الله عنه أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: ((ما مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلاَّ حَرَّمَهُ اللهُ عَلى النَّارِ)). رواه البخاري.
وعن عُبادةَ بن الصامتِ رضِي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ شَهِدَ أن لا إلهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ، وَأنَّ عِيسى عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ ألْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ ورُوحٌ مِنْهُ، وَأنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنارَ حَقٌّ، أدْخَلَهُ الله الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ)) متفق عليه.
فمن حقق التوحيد دخل الجنة على ما كان منه من معاصي، فقد يغفر الله له وقد يعذب في قبره أو في عرصات يوم القيامة أو في النار ثم مآله إلى الجنة بوعد الله تعالى له، وأما المشرك فيعذب بالخلود الأبدي في جهنم ويحرم من دخول الجنة ومن رؤية الله قال تعالى: ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ[المائدة: ٧٢].
وقال: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ[المطففين: ١٥–١٦].
والله تعالى لا يغفر الشرك إن مات عليه العبد، كما قال اللهُ تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا[النساء: ١١٦]
وعن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رضِي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن مات وهو يَدْعو من دونِ الله نِدًّا دخَلَ النارَ)) وقلت أنا: مَن مات وهو لا يَدْعو للهِ نِدًّا دخَلَ الجَنَّةَ ). رواه البخاري. والشرك أن تعبد مع الله غيره، والشرك محبط للعمل جميعا، قال اللهُ تعالى: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الزمر: ٦٥– ٦٦].

2: ومن فَضائلِ التوحيدِ: أنه شرط لقبول العمل وكل دين غير دين الإسلام لا يقبل، قال اللهُ تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران: ٨٥].
وقال: ﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[الأنعام: ٨٨]. وقال في الكُفَّار: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا[الفرقان: ٢٣].

3: ومِن فَضائلِ التوحيدِ الطمأنينة والسكينة التي يجدها المؤمن في نفسه عندما يدعو من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه، فماذا فقد من وجد الله وماذا وجد من فقد الله، فإذا أحسن فرح بإحسانه الذي يجازيه الله عليه أضعافا مضاعفة، وإذا أساء تاب وأناب إلى رب غفور رحيم حليم ودود يقبل العبد على ما كان منه إذا أتاه لم يشرك به شيئا. وأما المشرك فحائر مضطرب لا يطمئن ولا يستقر ويتقلب من باطل إلى باطل فلا يسمع من يدعوه ولا يستريح هو بدعاءه قال الله تعالى: ﴿أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ [يوسف: ٣٩].
وقال تعالى: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ[الزمر: ٢٩].
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ [الأحقاف: ٥–٦].
وقال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ[الأنعام: ٨٢].
وفسَّرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الظُّلْمَ في هذه الآيةِ بالشِّرْكِ، واستَدَلَّ بقولِه تعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان: ١٣].

4: ومِن فَضائلِ التوحيدِ أنه أحب الأعمال إلى الله، قال صلى الله عليه وسلم "أحب الأعمال إلى الله إيمان بالله" والإيمان بالله هو التوحيد وإفراد الله تعالى بالعبادة، وإذا أحب الله العبد أفاض عليه من نعمه وثبته وأنزل عليه السكينة ووقاه السوء والزلل ورزقه الرضا ودفع عنه المعاصي وأسبابها وسهل له الطاعات وسبلها حتى يلقاه وهو عنه راض.

فصل: ويتفاوت المسلمون في تحقيق التوحيد تفاضلا كبيرا، فكلما أخلص العبد دينه لله ولم يشرك به حاز نصيبا أكبر من فضائل التوحيد، وازداد قربا من رضوان الله وولايته وثوابه في الدنيا والآخرة. وبقدر هذا الإخلاص يكون تخلصه من سلطان الشيطان عليه ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40) قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42)[الحجر: ٣٩–٤٢].
وقال تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100)[النحل: ٩٨–١٠٠].

ومن بلغ درجة الإحسان في التوحيد وتخلص من الشرك كبيره وصغيره وعبد الله كأنه يراه كان ثوابه الجنة بغير حساب ولا عذاب وأحرز من الجنة الدرجات العليا.

باسم صالح 2 رمضان 1435هـ/29-06-2014م 01:52 AM

سُورَةُ التَّكْوِيرِ
 
أَخْرَجَ أَحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ عَن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ رَأْيُ عَيْنٍ فَلْيَقْرَأْ: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}, وَ {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ}, وَ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ})). والحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذه السورة قرئت عند أبي الوفاء بن عقيل فسأله سائل فقال له: (هب أن الله -جل وعلا- بعث الخلق وجازاهم؛ فلماذا يكور الشمس، ويذهب النجوم، ويسير الجبال؛ إلى غيرها ؟) فأجابه: بأن الله -جل وعلا- خلق هذه الدار وخلق لها سكاناً، فلما ذهب أهلها خربت.
1- {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}: جمع بعضها على بعض ولفت ثم رمي بها. {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ}
2- {وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ}؛ ذهب ضوؤها وتناثرت وتساقطت. {وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ}
3- {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ}؛ نزعت من أماكنها وسارت في الهواء. {وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً (10)}
4- {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} العشار النوق الحوامل في شهرها العاشر وهي أنفس أموال العرب عطلت أي أهملت من هول يوم القيامة.
5- {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} جمعت فأميتت. {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}
6- {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ}؛ فاضت ويبست وأوقدت. {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ}
7- {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ}؛ ألحق بالمؤمنين أزواجهن من الحور العين وقرنت الشياطين بأرواح الكافرين، وَقَالَ الْحَسَنُ: أُلْحِقَ كُلُّ امْرِئٍ بِشِيعَتِهِ: الْيَهُودُ باليهودِ، وَالنَّصَارَى بالنَّصَارَى، والمَجُوسُ بالمجوسِ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئاً مِنْ دُونِ اللَّهِ يَلْحَقُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، وَالْمُنَافِقُونَ بِالْمُنَافِقِينَ، وَيَلْحَقُ الْمُؤْمِنونَ بِالْمُؤْمِنِينَ. {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ}
9،8 - {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}؛ المقصود سؤال الذين يدفنون البنات أحياء سؤال تقريع وتوبيخ يوم القيامة {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)}. ومن صور الوأد الإجهاض من إملاق أو خشية إملاق.
10- {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ} المقصود صحف الأعمال تعرض على أصحابها {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً}.
11- {وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ}؛ أي تشققت وأزيلت. {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ}
12- {وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ}: أوقدت قَالَ قَتَادَةُ: سَعَّرَهَا غَضَبُ اللَّهِ وَخَطَايَا بَنِي آدَمَ.
13- {وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ}:أي اقتربت من المؤمنين. {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ}.
قِيلَ: هَذِهِ الأُمُورُ الاثْنَا عَشَرَ: سِتٌّ مِنْهَا فِي الدُّنْيَا، وَهِيَ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ إِلَى قَوْلِهِ: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ}، وَسِتٌّ فِي الآخِرَةِ، وَهِيَ: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} إِلَى هُنَا،
وَجَوَابُ الْجَمِيعِ قَوْلُهُ:
14- {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ}. {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ} {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}.

باسم صالح 4 رمضان 1435هـ/1-07-2014م 02:22 AM

15- {فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ} الفاء لربط ما جاء في القَسَم الأول لإثبات البعث وما جاء في القَسَم الثاني لأثبات أن القرآن من عند الله تعالى ويكون معنى الربط أنهم لو آمنوا بالقرآن لآمنوا بخبره والبعث، والراجح في "لا" أنها لتأكيد القسم كما في قوله تعالى "فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم"، والمقسم به النجوم أو الكواكب على الراجح لأنها تختفي نهارا وليس الظباء أو البقر كما قال بعض العلماء ويشهد لذلك سياق الآيات لذكر الليل والصبح بعد ذلك وأن أغلب قسم القرآن يكون بما هو ظاهر للناس، وأيضا الشبه بين القرآن والنجوم من حيث أن كلاهما يهتدي به الناس.
16- {الْجَوَارِ}: التي تجري في أفلاكها
{الْكُنَّسِ}: مأخوذ من الكناس الذي يأوي إليه الوحش فيختفي وهو بيته.
17- {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} عسعس من الألفاظ المشتركة المتضادة عند العرب وتكون بمعنى أقبل أو أدبر.
18- {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} أي إذا أقبل لأنه يقبل بضوء ونسيم بارد .
19- {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} المراد جبريل عليه السلام ينزل بالوحي من رب العزة إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، والإضافة هنا إضافة تبليغ وليست إضافة إنشاء كما يقول بعض أهل الأهواء ويدل عليه {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ}.
20- {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ}؛ أي أن جبريل خصه الله تعالى بقوة عظيمة {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} وهو ذو منزلة ومكانة عند الله تعالى عالية.
21- {مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ}:أي يطيعه أهل السماء وهو مؤتمن على الوحي.
22- {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ}: وما محمد صلى الله عليه وسلم بمجنون كما ادعيتم.
23- {وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ}؛ أي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل عليه السلام في صورته الملائكية يسد الأفق له ستمائة جناح، قَالَ مُجَاهِدٌ: رَآهُ نَحْوَ أَجْيَادٍ، وَهُوَ مَشْرِقُ مَكَّةَ.
24- {وَمَا هُوَ}؛ أَيْ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
{عَلَى الْغَيْبِ}؛أي خبر السماء من الوحي
{بِضَنِينٍ}: لا يضن ولا يبخل ولكن يبلغ عن ربه بلاغا كاملا غير منقوص. وجاء في قراءة سبعية بالظاء {بِظَنِينٍ} والمراد: ليس ببخيل، وكلاهما قراءتان متواترتان
25- {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ}؛ أي أن هذا القرآن منزة أن يكون من قول الشياطين كما أنه ليس بشعر ولا كهانة.
26- {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ}: أي بعد هذا البيان أين تذهب عقولكم بكم وأي طريق تسلكون؟! والاستفهام هنا تنبيهي
27- {إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}؛ هذا القرآن موعظة وتذكرة للخلق أجمعين.
28- {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ}رد على الجبرية الذين يقولون: إن العبد مجبور على أعماله.
29- {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}؛ رد على القدرية النفاة الذين يقولون: إن الأفعال كلها منسوبة للعبد ليس لله -جل وعلا- فيها مشيئة.

باسم صالح 5 رمضان 1435هـ/2-07-2014م 02:14 AM

سورةُ الانفِطار
 
1- {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} أي انشقت وأزيلت، والفعل جاء ماضيا عن حدث مستقبل لبيان تحقق الوقوع، وكذا الأفعال الآتية. {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ}
2- {وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ}؛ أي تساقطت وتبعثرت .
3- {وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ}؛ أي جار بعضها على بعض واختلط بعضعا ببعض.
4- {وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ}؛ أثير ترابها وقلبت فخرج منها الموتى.
5- {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ}: جواب الشرط والمعنى علمت نفس ما قدمت من خير أو شر وما أخرت من خير أو شر، أو ما عملت من عمل وما أخرت من سنة حسنة أو سيئة. {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ}
6- {يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}؛ أي أيها الكافر ما الذي حملك على الاغترار بخالقك؟ قيل غره عفوه إذ لم يعاجله بالعقوبة. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}
7- {الَّذِي خَلَقَكَ} من تراب،
{فَسَوَّاكَ} جعلك سويا قويما تسمع وتبصر وتعقل، {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}
{فَعَدَلَكَ}: جعلك حسن الصورة متناسب الأعضاء.{خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ}
8- {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ}؛ أي جعلك على هيئة حسنة وهو قادر على أن يخلقه في أي صورة أخرى. {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
9- {كَلاَّ}: للزجر عن الاغترار بكرم الله وحلمه، {بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ}: أي تكذبون بالحساب والجزاء أو بدين الإسلام.
11،10 - {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}:هم الملائكة الذين يسجلون الأعمال في سجلاتهم فلا يزيدون ولا ينقصون منها شيء. {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}
15 - {يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ}؛ يدخلونها ويلزمونها يوم القيامة فتحرقهم وتشويهم.
16 - {وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ}؛ أي لا يفارقونها ولا يغيبون عنها بل هم فيها خالدون. {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً}
18 - {ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ}؛تكرار يفيد التعظيم والتهويل ليوم الجزاء والفصل.
19 - {يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}:في هذا اليوم لا يستطيع أحد أن ينفع أحد أو يضره كما كان في الدنيا والأمر كله في هذا اليوم خالصا لله تعالى. {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ} {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ}

باسم صالح 30 رمضان 1435هـ/27-07-2014م 11:48 PM

سُورَةُ المُطَفِّفِينَ
 
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لما قدِمَ نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ، كانوا من أخبثِ الناسِ كَيْلاً، فأنزل الله: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} فحسَّنوا كَيلَهُم).
1- {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} ويل كلمة تهديد ووعيد بالعذاب، وحديث أن ويل واد في جهنم لا يصح. التطفيف أخذ الشيء الطفيف أو القليل عند الوزن أو الكيل للناس.
2- {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ}؛ يعني إذا كان الكيل أو الميزان لهم استوفوه،
ولم يقل: (الذين إذا اكتالوا من الناس يستوفون) قال بعض العلماء حرف على يدل على الاستعلاء بمعنى أن ذلك يكون قهرا وغصبا من الناس.
3- {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}؛ أي إذا قاموا هم بالكيل أو الميزان لغيرهم من الناس ينقصون.
في الآية قولٌ آخرُ ذكرهُ الطبري عن عيسى بن عمر النَّحْوي وهو الوقف على كالوا هم أو وزنوا هم يخسرون ولكنه مرجوح لحذف الألف من نهاية الأفعال.
4- {أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ}؛ ألم يقع في حس هؤلاء أن لهم مرد في الآخرة يحاسبون فيها على الصغير والكبير.
5- {لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} وهو يوم الدين يوم القيامة وهو عظيم لعظم ما يقع فيه من أحداث.
6- {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}: يوم يبعث الناس للحساب والجزاء أمام من لا يخفى عليه شيء في الأرض لا في السماء فيجازون على أكل أموال الناس بالباطل.
7- {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}؛ ليس الأمر كما يظنون فإن سجل الفجار الذين جاوزا حدود الشرع ومنهم المطففين في الأرض السفلى
كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى)) وذلك في حق الكافر الفاجر. وقيل سجين في الأصل سجيل مشتق من السجل.
9- {كِتَابٌ مَرْقُومٌ}؛ أي أن سجل هؤلاء مسطور قد فرغ منه فلا يزيد ولا ينقص.
10- {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ
الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ}؛ هذا وعيد شديد للمكذبين بالبعث.
12- {وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ}؛
أي: أنه لا يكذب بيوم الدين إلا كل معتدٍ على حق الله جل وعلا، وعلى حق الخلق، متمرسٌ في فعل الآثام مكثر منها.
13- {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا} إذا سمع الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم قال عنها أباطيل وحكايات القدماء.
14- {كَلاَّ} للردع والزجر، {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}:غطت قلوبهم ما اقترفوه من معاصي فذلك الرين. قَالَ الْحَسَنُ: هُوَ الذَّنْبُ عَلَى الذَّنْبِ حَتَّى يَعْمَى الْقَلْبُ وَيَسْوَدَّ مِنَ الذُّنوبِ، والطَّبْعُ أَنْ يُطْبَعَ عَلَى الْقَلْبِ، وَهُوَ أَشَدُّ من الرَّيْنِ.
ولهذا كان بعض السلف يقول: (إن المعاصي بريد الكفر)
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ، والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، والنَّسَائِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ عَادَ زَادَتْ حَتَّى تُغَلِّفَ قَلْبَهُ، فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي الْقُرْآنِ)).
15- {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}؛هؤلاء الكفار يحجبون عن ربهم
لا يرونه يوم القيامة عقابا فالمؤمنون يرون ربهم يوم القيامة؛ كما قال الله -جل وعلا-: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَحْجُوبُونَ عَنْ كَرَامَتِهِ.
16- {ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ}؛
أي: أنَّ هؤلاء الكفار سيصلون الجحيم ويعذبون فيها.
17- {ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}؛ ثم يقول لهم خزنة النار توبيخا وتبكيتا لهم ذوقوا هذا الذي كنتم به تكذبون في الدنيا.

باسم صالح 8 شوال 1435هـ/4-08-2014م 01:26 AM


18- {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}؛
لما ذكر الله تعالى ما أعده للفجار، ثنى بما أعده للأبرار، والأبرار هؤلاء هم المطيعون الممتثلون لأوامر الله تعالى. وكتابهم عالٍ قدرُهُ في السماء السابعة ويشهدُ لهذا أنه قد وردَ في بعض طرقِ حديثِ البراء بن عازب: ((اكتبوا كتابَ عبدي في علِّيِّين في السماء السابعة)) أو في الجنة.
19- {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ}؛ هذا تعظيم من الله تعالى لشأن هذا الكتاب.
20- {كِتَابٌ مَرْقُومٌ}؛ أي مسطور مختوم لا يزاد فيه ولا ينقص.
21- {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ}
وردَ في حديث البراء بن عازب في صعودِ روحِ العبدِ المؤمن، قال: ((ثم يُشَيِّعُهُ مقرَّبو كلِّ سماء)) أو هم الملائكة يشهدون بما فيه يوم القيامة.
22- {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ}؛ أي أن الطائعين يتقلبون في نعم الله تعالى وجنته.
23- {عَلَى الأَرَائِكِ} الأَرَائِكُ: الأَسِرَّةُ المفروشة فِي الحِجَالِ، وَلا تُطْلَقُ الأَرِيكَةُ عَلَى السَّرِيرِ إِلاَّ إِذَا كَانَ فِي حَجَلَةٍ
وهي البيت المزين بالستور لمريد الزواج؛ أو الْكِلَّةُ .{يَنْظُرُونَ} إلى ما أعد لهم من نعيم مقيم وقيل ينظرون إلى وجهه تعالى.
24- {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ}: إذا رأيتهم لا يخطئك ما تراه في وجوههم من البهجة والحسن من أثر ما يتقلبون فيه من النعم ومما أفاضه الله عليهم من فضله.
25- {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}. الرحيق أعلى درجات الخمر فلا غش فيه ولا يفسده شيء، والمختوم ما كان له ختام يحفظه فلا يفض إلا عندما يقدم لهؤلاء الأبرار.
26- {خِتَامُهُ مِسْكٌ}؛ أي يجد الشارب في آخر شرابه ريح المسك، {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}؛ أي في الفوز بهذا النعيم فليتبارى المتسابقون .
27- {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}؛ أي أن هذا الرحيق يمزج من عين في الجنة يقال لها تسنيم.
28- {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}؛ هذه العين يشرب منها المقربون شرابا خالصا ويشرب من دونهم في المنزلة في الجنة رحيق ممزوج من هذه العين.
عُدِّيَ الفعلُ (يشرب) بالباء، وهو يتعدَّى بدونها، وإنما ذكرت الباء، إشارة لتضمين فعل آخر، ويمكن تقديره بـ (يُروى) أو (يتلذذ) بها المقرَّبون وهذا مذهبُ أهل البصرة من النحْويين.
29- {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا
كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ}: أي أن المجرمين من الكفار يسخرون من أولياء الله جل وعلا.
30- {وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} والغمز هو الإشارة بالجفون والحواجب استهزاء وسخرية.
31- {وَإِذَا انْقَلَبُوا}؛ أي إذا رجعوا {إِلَى أَهْلِهِمُ} ، {انْقَلَبُوا فَكِهِينَ}؛ رجعوا منتشين يتضاحكون على حال المؤمنين يطعنون فيهم.
32- {وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ}
إذا رأى الكفار المؤمنين حكموا عليهم بالضلال وأنهم ليسوا على شيء، لأنهم يعبدون إلهاً لا يرونه، ولأنهم يصدقون بيوم الدين ويتركون التنعم الدنيوي.
33- {وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ}: أي لم يكلفوا هؤلاء بأن يحصوا على المؤمنين حركاتهم وسكناتهم.
34- {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا} أي يوم القيامة.{مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ}؛ أي
إذا كان يومُ القيامة صار المؤمنون يضحكون من الكافرين؛ الذين كانوا يضحكون ويستهزؤون بهم في الدنيا.
35- {عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ}؛ أَيْ:
ينظرونَ إلى الكفار وهم يعذَّبون، فَيُسَرُّون بذلك.
36- {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}؛
أي: هل جُوزِيَ الكفارُ بهذا العذابِ الذي رآه المؤمنون بما فعلوا؟ استفهام تقريري

باسم صالح 9 شوال 1435هـ/5-08-2014م 01:35 AM

سُورَةُ الانْشِقَاقِ
 
1- {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}: أي إذا تصدعت وتقطعت.
2- {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا}؛ أي اصغت إلى أمر ربها فأطاعته، {وَحُقَّتْ}؛ أي وحق لها أن تطيع.
3- {وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ}؛ بسطت
فلا يكون فيها نتوء ولا اعوجاج {فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً}.
4- {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا}؛ أي أخرجت ما في بطنها من الأموات والكنوز، {وَتَخَلَّتْ}
تتخلى عن الإنسان فلا يستطيع أن ينتفع منها بشيء.
5- {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا}؛ سبق تفسيره.
6- {يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ
إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ} جواب الشرط محذوف وتقديره كما في الانفطار "علمت نفس ما قدمت وأخرت" أي أن كل إنسان يسعى سعيا ثم يلاقي ربه بهذا السعي خيرا كان أو شرا.
7- {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} فالمؤمن يأخذ صحيفته بيمينه.
8- {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً} ثم تعرض عليه سيئاته فيغفرها الله له، فذلك الحساب اليسير.
فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ)). قَالَتْ: فَقُلْتُ: أَلَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً}؟ قَالَ: ((لَيْسَ ذَلِكَ بِالْحِسَابِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ الْعَرْضُ، مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُذِّبَ)).
9- {وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ
مَسْرُوراً}؛ ثمَّ ينصرفُ بعد هذا الحسابِ اليسيرِ إلى أهله الذين أعدهم الله له في الجنة مبتهجا بما أعطي.
10- {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ}؛ تكون يمناه مغلولة إلى عنقه وشماله خلف ظهره فيعطى بها صحيفته.
11- {فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً}؛ أي يدعو قائلا يا ثبوراه إذانا بهلاكه عياذا بالله.
12- {وَيَصْلَى سَعِيراً}؛ أي يدخل النار فيعذب فيها. وفي قراءة بتشديد اللام
وفائدة التَّشْدِيد كما قال الطبري: (أن الله يصليهم تَصْلِيَةً بعد تَصْلِيَة، وإنضاجَةً بعد إنضاجة …) وهذا يعني أن صيغة (فَعَّلَ) تدل على تكرُّرِ الحدَث وتكثيرِه.
13- {إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً}
أي كان فرحاً فَرَحَ بطر وأشر، يظن أن الساعة لا تقوم، وأن النعيم والعذاب إنما هو في الدنيا،وإلا فالسرور في ذاته ليس مذموماً، وإنما السرور والفرح الذي ينتج الإعراض عن دين الله وشرعه، كما قال الله -جل وعلا- لقارون: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}، وإلا فالمؤمن يفرح ويُسر في هذه الحياة الدنيا، ولكن هذا الفرح لا يخرجه إلى معصية الله -جل وعلا- أو الكفر بآياته.
14- {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ}؛ أي ظن أن لن يعود إلى ربه فيجازيه بعمله يوم القيامة.
15- {بَلَى}؛ أي بلى ليبعثن، {إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً}؛ وربه به عالما مطلعا على عمله صغيره وكبيره.
16- {فَلاَ أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ}:يقسم الله تعالى بالحمرة التي تكون بعد غروب الشمس إلى وقت العشاء.
17- {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}؛ ويقسم بالليل وما جمع وضم وحوى، فإن الليل إذا أقبل آوى كل شيء إلى مأواه.
18- {وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}؛ ويقسم بالقمر إذا اكتمل وأصبح بدرا في منتصف الشهر القمري.
19- {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}: جواب القسم لتتقلبن أيها الناس من حال إلى حال من
كونِكم نُطَفَاً في الأرحام إلى خروجِكم من بطون أمهاتِكم، إلى معايَنَتِكم أحوالَ الدنيا ونَكَدَها، إلى وصولِكم لأحوالِ الآخرة وهَوْلِها، حتى يدخلَ كل فريق منزلهُ: الجنة أو النار، وفي قراءة متواترة جاءت الباء مفتوحة بمعنى لتركبن يا محمد حال بعد حال أو سماء بعد سماء - إشارة إلى المعراج - أو لتركبن السماء حالا بعد حال من كونها تتشقق وتحمر فتصبح وردة كالدهان وتكون كالمهل إلى غير ذلك.
20- {فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} أي بمحمد صلى الله عليه وسلم ورسالته مع وجود موجبات هذا الإيمان أمامهم رأي العين.
21- {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ}؛ أي لا يخضعون فيسجدون لآيات الله وقرآنه عندما تتلى عليهم.
22- {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ}؛ أي أن مانعهم من الإيمان تكذيبهم
وجاء الفعل بصيغة المضارع، وهذا يدل على أنهم في حالهم وفي مستقبلهم يكذبون ويصرون على تكذبيهم.
23- {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ}؛ أي أعلم بما يضمرون ويخفون.
24- {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} الْكَلامُ خارجٌ مَخْرَجَ التَّهَكُّمِ بِهِم.
25- {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}: لا يمن عليهم به أو لا ينقطع عنهم.

باسم صالح 10 شوال 1435هـ/6-08-2014م 01:43 AM

سُورَةُ الْبُرُوجِ
 
1- {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} يقسم الله تعالى بالسماء وما بها من النجوم والكواكب أو منازلها الإثنى عشر.
2- {وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ}؛ أي الذي وعد الله وهو يوم القيامة
{لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} .
3- {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ}
أكثر المفسرين على أن الشاهد: هو يوم الجمعة؛ لأنه يشهد على كل عامل بما عمل فيه. والمشهود: هو يوم عرفة؛ لأن الحجاج يشهدون هذا اليوم.
والذي اختاره ابن القيم أن هذا مطلق في الشاهد والمشهود؛ أي قسماً بكل شيء شاهد أو مشهود؛ لأن الله -جل وعلا- أطلق في هذه الآية ولم يقيد، بمعنى: كل مرئي أو رائي، أو كل مدرَك أو مدرِك.

4- {قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ}؛
وجوابُ القَسَم محذوف، تقديره: (لتُبْعَثُنَّ) بدلالة قوله تعالى: {وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ}، أي لعن أصحاب الأخدود وهم الذين أمروا بحفر الشقوقِ الكبيرة في الأرض، ومَلْئها بالنار، وإلقاء المؤمنين بها ما لم يكفروا بالله تعالى.
5- {النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ}
ذات الحطب الذي يكون وقوداً لهذه النار.
6- {إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ}؛
أي: أن أولئك المجرمين الذين خدوا الأخاديد، قعود حول هذه النار يفتنون عباد الله المؤمنين.
7- {وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ}
أي: وهؤلاء الكفار يشهدونَ على أنفسِهم بما فعلوه بالمؤمنين يوم القيامة، بعد أن حضروا تعذيبَهم.
8- {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}؛
أي: ما أنكر هؤلاء الكفار على المؤمنين إلا إيمانَهم بالله، وقد ذيل الله جل وعلا هذه الآية بقوله: {الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} ، والله أعلم إشارة قدرته على قهر أعداءه؛ وإنما ابتلى المؤمنين بذلك ليمتحنهم؛ ليرى -جل وعلا-هل يصبروا ويحمدوه على كل حال ام لا.
9- {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}
وهذه الجملة فيها تطمين لعباد الله المؤمنين أن الأمر كله مرده إلى الله وأن الكافر مهما تسلط في الدنيا فسوف يرد فيحاسب على ما اقترف في الدنيا. {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} عالم بكل شيء لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، وهذا فيه وعد للمؤمنين بما صبروا ووعيد للكافرين بما أجرموا.
10- {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}؛
الذين فتنوا المؤمنين عن دينهم بأن خيروهم بين الكفر أو الحرق بالنار، {ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} هذا شرط عذابهم في الآخرة وذلك غاية الكرم منه -جل وعلا- لعباده، يقتلون أولياءه، ويدعوهم -جل وعلا- إلى التوبة، {فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ}؛ هؤلاء لعظم جرمهم لكونهم لم يقتصروا على الكفر بالله وحده؛ وإنما تعدوا إلى فتن المؤمنين وصدهم عن دين الله؛ زاد الله -جل وعلا- في عذابهم نكالاً لهم.

باسم صالح 22 شوال 1435هـ/18-08-2014م 12:07 AM

سُورَةُ الطَّارِقِ
 
سُورَةُ الطَّارِقِ
1- {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} الواو للقسم، يقسم الله بالسماء والطارق ما يظهر ليلا.
3- {النَّجْمُ الثَّاقِبُ} أي الذي يخترق الظلام بلمعانه وشدة إضاءته.
4- {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} جواب القسم ومعناه ما من نفس إلا عليها رقيب يحصي حركاتها وسكناتها وهم الملائكة.
5- {فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ}:
هذا أمر من الله لعباده بأن يتفكروا في مبدأ خلقهم؛ فهذا يورث العبد إيماناً بربه، وزيادة لإيمانه مع إيمانه.
6- {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ}؛ متدفق مندفع والمقصود مني الرجل وماء المرأة يمتزجان في رحم المرأة فيخلق منهما الإنسان.
7- {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ}؛ صلب الرجل ظهره أو العمود الفقري والترائب موضع القلادة من الصدر أو أضلاع المرأة. وقيل صلب الرجل وترائبه. وقيل الترائب يداه ورجلاه، وقيل أطراف الرجل والرجلان واليدان والعينان وقيل غير ذلك.
8- {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ}؛ أي قادر على بعثه بعد موته. واختلفوا في عود الضمير فقيل على الإنسان وقيل على رجع الإنسان ماء وقيل على الماء والأول أرجح. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: أَيْ: إِنْ شِئْتُ رَدَدْتُهُ من الكِبَرِ إِلَى الشبابِ، وَمِنَ الشبابِ إِلَى الصِّبَا، وَمِنَ الصِّبَا إِلَى النُّطْفَةِ.
9- {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ}؛ أي يوم تختبر وتعرف خبايا النفوس.
10- {فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ}؛ فما للإنسان من قوة يمنع بها عن نفسه ولا ناصر يلوذ به فينصره.
11- {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ} والرجع المطر.
12- {وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} والصدع الشق في الأرض عند الإنبات.
13- {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ}؛ أي هذا القرآن فرقانا بين الحق والباطل.
14- {وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ}؛ أي أنه جد لا هزل فيه.
15- {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً}؛ يمكرون لإبطال الحق أو يمكرون بأهل الحق.
16- {وَأَكِيدُ كَيْداً}؛ أي أن الله تعالى يستدرجهم من حيث لا يعلمون مقابل كيدهم.
17- {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ}؛ أي لا تعجل عليهم وأنظرهم قليلا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون.

باسم صالح 16 ذو الحجة 1435هـ/10-10-2014م 11:17 PM

حلية طالب العلم
 
المـُــقـَـدِّمـَـةُ

انبرى المؤلف رحمه الله في تأليف هذا الكتاب حين لمس إقبال الشباب على تعلم العلم الشرعي، فأراد أن يتعهد طالب العلم في طريقه لطلب العلم ليجنبه التعثر الذي تسببه الانحرافات الفكرية والعقدية والسلوكية والطائفية والحزبية. وأرسى الشيخ رحمه الله قاعدة مفادها أن العلم لا يصل إليه إلا المتحلي بآدابه المتخلي عن آفاته، ولهذا عني العلماء بتأليف مصنفات في هذه الآداب، والشأن هنا في الآداب العامة لمن يسلك طريق التعلم الشرعي.
وهذه الحلية تهذب الطالب وتسلك به الجادة في آداب الطلب وحمل العلم وأدبه مع نفسه ومع مدرسيه ودرسه وزميله وكتابه وثمرة علمه، فالآداب نواقضها آفات، من فاته أدب اقترف المفرط آفة من آفاته، والناس في ذلك مقل ومستكثر، صعودا إلى السنة والوجوب ونزولا إلى الكراهة والتحريم.
وهذه الآداب منها ما يخص عموم المكلفين ومنها ما يخص طالب العلم ومنها ما يعرف ضرورة بالشرع أو بالعرف ويدل عليه عموم الشرع، والمؤلف رحمه الله أراد ضرب المثل ولم يعن الإحاطة بكل هذه الآداب.

باسم صالح 16 ذو الحجة 1435هـ/10-10-2014م 11:39 PM

الفصلُ الأوَّلُ : آدابُ الطالبِ في نفسِه
 
اعلم رحمك الله أن طلب العلم عبادة، فإن علمت ذلك فاعلم أن لقبول العبادة شرطين: الإخلاص والمتابعة
العلْمُ عِبادةٌ :
قالَ بعضُ العُلماءِ : ( العِلْمُ صلاةُ السِّرِّ ، وعبادةُ القَلْبِ )
لقولِه تعالى :{ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ...} الآيةَ .وفي الحديثِ : (( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ... )) الحديثَ .
كيف ينتقل طلب العلم من أَفْضَلِ الطاعاتِ إلى أَحَطِّ المخالَفاتِ؟؟ ولا شيءَ يَحْطِمُ العِلْمَ مثلُ الرياءِ : رياءُ شِرْكٍ ، أو رِياءُ إخلاصٍ ومِثلُ التسميعِ ، بأن يَقولَ مُسَمِّعًا : عَلِمْتُ وحَفِظْتُ .
وللعُلماءِ مؤلفات في النَهْيُ عن ( الطَّبُولِيَّاتِ ) وهي المسائلُ التي يُرادُ بها الشُّهْرَةُ . وقد قيلَ: ( زَلَّةُ العالِمِ مَضروبٌ لها الطَّبْلُ )
وعن سفيانَ رَحِمَه اللهُ تعالى أنه قالَ :( كُنْتُ أُوتِيتُ فَهْمَ الْقُرْآنِ ، فَلَمَّا قَبِلْتُ الصُّرَّةَ سُلِبْتُهُ )
ويُؤْثَرُ عن سُفيانَ بنِ سَعيدٍ الثوريِّ رَحِمَه اللهُ تعالى قولُه : ( مَا عَالَجْتُ شَيْئًا أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ نِيَّتِي )
وعن عمرَ بنِ ذَرٍّ أنه قالَ لوالدِه : يا أبي ! ما لَكَ إذا وَعَظْتَ الناسَ أَخَذَهم البُكاءُ ، وإذا وَعَظَهم غيرُك لا يَبكونَ ؟ فقال : يا بُنَيَّ ! لَيْسَت النائحةُ الثَّكْلَى مثلَ النائحةِ المسْتَأْجَرَةِ .
2- الْخَصْلَةُ الجامعةُ لِخَيْرَي الدنيا والآخِرةِ ( مَحَبَّةُ اللهِ تعالى ومَحَبَّةُ رسولِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) وتَحقيقُها بتَمَحُّضِ المتابَعَةِ وقَفْوِ الأثَرِ للمعصومِ .قال اللهُ تعالى : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } وبالجُملةِ فهذا أَصلُ هذه ( الْحِلْيَةِ )، ويَقعانِ منها مَوْقِعَ التاجِ من الْحُلَّةِ .

باسم صالح 23 ذو الحجة 1435هـ/17-10-2014م 07:00 PM

كنْ على جَادَّةِ السلَفِ الصالحِ
 

كنْ سَلَفِيًّا (السلف: هم الصحابة والتابعون وتابعوهم بإحسان إلى يوم الدين) على الْجَادَّةِ (الطريق المسلوك أو الجد الذي لا هزل فيه) ، طريقِ السلَفِ الصالحِ من الصحابةِ رَضِي اللهُ عَنْهُم ، فمَن بَعْدَهم مِمَّنْ قَفَا أَثَرَهم في جميعِ أبوابِ الدينِ ، من التوحيدِ والعِباداتِ (أي اعتقادا وعملا ) ونحوِها مُتَمَيِّزًا بالتزامِ آثارِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتوظيفِ السُّنَنِ على نفسِك (مقتفيا هدي النبي صلى الله عليه وسلم ومطبقا لسنته في جميع أحوالك) وتَرْكِ الْجِدالِ (والجدال ليس كله مذموما قال تعالى "وجادلهم بالتي هي أحسن" ولكن إذا بينت الحق فأعرض عن الجدال حتى لا تقع في المراء) والْمِراءِ (الاستمرار في الجدال وحب الانتصار للنفس وحمل الغير على النزول على رأيك، قال صلى الله عليه وسلم "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا") والْخَوْضِ في عِلْمِ الكلامِ (استعمال المنطق والفلسفة وإعمال العقل في مسائل الدين وتقديمه على ما ثبت بالشرع من قرآن وسنة) وما يَجْلُبُ الآثامَ ويَصُدُّ عن الشرْعِ .

قالَ الذهبيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى :
( وَصَحَّ عن الدَّارَقُطْنِيِّ أنه قالَ : ما شيءٌ أَبْغَضَ إليَّ من عِلْمِ الكلامِ . قلتُ: لم يَدْخُل الرجُلُ أبدًا في علْمِ الكلامِ ولا الْجِدالِ ولا خَاضَ في ذلك، بل كان سَلَفِيًّا ) اهـ. (أي أن الذهبي رحمه الله نقل هذا القول عن الدارقطني رحمه الله ثم نفى عنه الاشتغال بعلم الكلام وأثبت كونه سلفيا)

وهؤلاءِ هم ( أهلُ السنَّةِ والجماعةِ ) (أي المتبعون المقتدون بالسنة والجماعة هي جماعة المسلمين الذين لا يتحزبون على مناهج باطلة مخالفة للقرآن والسنة، ويعظمون السماع على الكلام، الذين لم تتلوث فطرهم بعلم الكلام الذين يثبتون ما أثبته الله تعالى ورسوله لنفسه ولا يحرفون الكلم عن مواضعه) الْمُتَّبِعون آثارَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم كما قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى :
( وأهلُ السنَّةِ : نَقاوةُ المسلمينَ، (أي صفوتهم وخيارهم) وهم خيرُ الناسِ للناسِ (لأنهم أنفعهم للناس كما جاء في الحديث، فهم أحرص الناس على هداية الناس ودلالتهم على الطريق المستقيم ) اهـ . فالْزَم السبيلَ { وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ } . (فالحق واحد وللباطل طرق كتيرة متشعبة)

باسم صالح 24 ذو الحجة 1435هـ/18-10-2014م 08:55 PM

مُلازَمَةُ خَشيةِ اللهِ تعالى :
 
التَّحَلِّي بعِمارةِ الظاهِرِ والباطِنِ بخشْيَةِ اللهِ تعالى: مُحافِظًا على شعائرِ الإسلامِ وإظهارِ السُّنَّةِ ونَشرِها بالعَمَلِ بها والدعوةِ إليها دَالًّا على اللهِ بعِلْمِكَ وسَمْتِكَ وعَمَلِكَ مُتَحَلِّيًا بالرجولةِ والمساهَلَةِ والسمْتِ الصالحِ .ومِلاكُ ذلك خَشيةُ اللهِ تعالى ، ولهذا قالَ الإمامُ أحمدُ رَحِمَه اللهُ تعالى :( أَصْلُ الْعِلْمِ خَشْيَةُ اللهِ تَعَالَى )
فالْزَمْ خَشيةَ اللهِ في السرِّ والعَلَنِ فإنَّ خيرَ الْبَرِيَّةِ مَن يَخْشَى اللهَ تعالى، وما يَخشاهُ إلا عالِمٌ، إِذَنْ فخيرُ البَرِيَّةِ هو العالِمُ ولا يَغِبْ عن بَالِكَ أنَّ العالِمَ لا يُعَدُّ عالِمًا إلا إذا كان عامِلًا ولا يَعْمَلُ العالِمُ بعِلْمِه إلا إذا لَزِمَتْه خَشيةُ اللهِ . أصل العلم خشية الله وخشية الله هي الخوف المبني على العلم والتعظيم ولهذا قال الله تعالى: { إنما يخشى الله من عباده العلماء }، والفرق بين الخشية والخوف أن الخشية تكون من عظم المخشي والخوف من ضعف الخائف، ولكن قد يقال خَفِ الله { فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين } وهذا في مقابلة فعل هؤلاء الذين يخافون من الناس. وليس المقصود العالم ضد الجاهل ولكن العالم الرباني الذي يعمل بعلمه، لأنه إذا لم يعمل بعلمه صار من أول تسعر بهم النار يوم القيامة، وعدم العمل بالعلم يورث الفشل في العلم وعدم البركة ونسيان العلم لقول الله تعالى : { فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه } بعدها ؟ { ونسوا حظا مما ذكروا به } وهذا النسيان يشمل النسيان الذهني والعملي قد يكون بمعنى ينسونه دينيا أوينسونه يتركونه لأن النسيان في اللغة العربية يطلق بمعنى الترك، أما إذا عمل الإنسان بعلمه فإن الله تعالى يزيده هدى قال الله تعالى: { والذين اهتدوا زادهم هدى } ويزيده تقوى ولهذا قال: { وآتاهم تقواهم }
وأَسْنَدَ الْخَطيبُ البَغداديُّ رَحِمَه اللهُ تعالى بسَنَدٍ فيه لَطيفةٌ إسناديَّةٌ برِوايةِ آباءٍ تِسعةٍ فقالَ : أَخبَرَنا أبو الفَرَجِ عبدُ الوَهَّابِ بنُ عبدِ العزيزِ بنِ الحارثِ بنِ أَسَدِ بنِ الليثِ بنِ سُليمانَ بنِ الأَسْوَدِ بنِ سُفيانَ بنِ زَيدِ بنِ أُكَينةَ بنِ عبدِ اللهِ التميميُّ من حِفْظِه ، قالَ : سَمِعْتُ أبي يقولُ : سَمِعْتُ أبي يَقولُ : سمعتُ أبي يَقولُ : سَمِعتُ أبي يَقولُ : سَمِعْتُ أبي يَقولُ : سَمِعْتُ أبي يَقولُ : سَمِعْتُ أبي يَقولُ : سَمِعْتُ أبي يَقولُ : سَمِعْتُ عليَّ بنَ أبي طالبٍ يقولُ : ( هَتَفَ العلْمُ بالعَمَلِ ، فإنْ أَجابَه وإلا ارْتَحَلَ ) اهـ .
وهذا اللفظُ بنَحوِه مَرْوِيٌّ عن سُفيانَ الثوريِّ رَحِمَه اللهُ تعالى .

باسم صالح 26 ذو الحجة 1435هـ/20-10-2014م 12:33 AM

دوامُ الْمُراقَبَةِ
 
التحَلِّي بدوامِ المراقَبَةِ للهِ تعالى (وهي ثمرة من ثمرات الخشية) في السرِّ والعَلَنِ (فإنه تعالى{يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}) (فمن عمل بمقتضى هذه الصفة ، وصل إلى أعلى مراتب الدين وهي صفة الإحسان ، وهي أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) سائرًا إلى ربِّك بينَ الخوفِ والرجاءِ فإنهما للمسلِمِ كالْجَناحَيْنِ للطائرِ (فهو يخاف بسبب فِعل نفسِه ويرجو بسبب رحمة ربه، وهذا يدل على خطأ من يقول : العبادة تكون بالمحبة (فقط) ، بل لابد في العبادة من خوف ورجاء ومحبة) الإمام أحمد رحمه الله يقول : ينبغي أن يكون خوفه ورجائه واحدا فأيهما غلب هلك صاحبه، وأقرب الأقوال في ذلك أن الإنسان إذا عمل خيرا فليغلب جانب الرجاء وإذا هم بسيء فليغلب جانب الخوف، ولكن يجب الحذر من رجاء المفلسين الذين يغلبون الرجاء ولم يقدموا عملا.
فأَقْبِلْ على اللهِ (فالإقبال على الله تعالى من أسباب الإعانة، من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا) بكُلِّيَّتِكَ (أي بجميعك) ولْيَمْتَلِئْ قلْبُك بِمَحبَّتِه
{وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} ولسانُك بذِكْرِه { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} والاستبشارِ والفرْحِ والسرورِ بأحكامِه وحُكْمِه سبحانَه { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}.

باسم صالح 29 ذو الحجة 1435هـ/23-10-2014م 12:58 AM

خَفْضُ الْجَناحِ ونَبذُ الْخُيلاءِ والكِبرياءِ
 
تَحَلَّ بآدابِ النفْسِ من العَفافِ (الترفع عنما يشين النفس من الفواحش وسوء الخلق) والحِلْمِ والصبرِ (أي عدم التسرع في رد الإساءة والصبر على أذى الناس) والتواضُعِ للحَقِّ (أي قبول الحق إذا علمه من أي أحد كائن من كان) وسكونِ الطائرِ من الوَقارِ (عدم الخفة والطيش والتزام السكينة) والرزانةِ وخَفْضِ الْجَناحِ (التواضع) مُتَحَمِّلًا ذُلَّ التعلُّمِ لعِزَّةِ العِلْمِ (فلابد للمتعلم أن يقابل عزة العلم بالتذلل له حتى يناله) ذَليلًا (خاضعا) للحَقِّ .
وعليه : فاحْذَرْ نَواقِضَ هذه الآدابِ فإنَّها مع الإثْمِ تُقيمُ على نَفْسِكَ شاهدًا على أنَّ في العَقْلِ عِلَّةً (أي أن من أصاب شيئا من هذه النواقض فهو مع ما أصابه من ذنب يظهر خفته وضحالة عقله). وعلى حِرمانٍ من العلْمِ والعملِ به ، فإيَّاكَ والْخُيلاءَ (العجب يكون في القلب فإذا ظهرت آثاره على البدن أصبح خيلاء) فإنه نِفاقٌ (لأنه يظهر من نفسه ما ليس فيها) وكِبرياءُ وقد بَلَغَ من شِدَّةِ التَّوَقِّي (الحذر) منه عندَ السلَفِ مَبْلَغًا : ومن دقيقِه ما أَسنَدَه الذهبيُّ في تَرجمةِ عمرِو بنِ الأسودِ العَنْسِيِّ الْمُتَوَفَّى في خِلافةِ عبدِ الْمَلِكِ بنِ مَرْوانَ رَحِمَه اللهُ تعالى : أنه كان إذا خَرَجَ من المسجدِ قَبَضَ بيمينِه على شِمالِه فُسِئَل عن ذلك ؟ فقال : مَخافةَ أن تُنافِقَ يَدِي .قلتُ :يُمْسِكُها خَوفًا من أن يَخْطُرَ بيدِه في مِشيتِه ، فإنَّه من الْخُيلاءِ. اهـ .
واحْذَرْ داءَ الْجَبابِرَةِ ( الْكِبْرَ )؛ فإنَّ الكِبْرَ (
فسره النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الكبر بطر (جحد) الحق وغمط (احتقار) الناس) والحرْصَ والحسَدَ أوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللهُ به (فيما نعلم من معصية الشيطان وإلا فقد أشعرت الملائكة بوجود عصاة قبل الشيطان "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء" ، فتَطَاوُلُكَ على مُعَلِّمِكَ (الترفع عليه ومضادة كلامه ورفع الصوت عليه ونحو ذلك) كِبرياءُ، واستنكافُكَ (امتناعك) عَمَّن يُفيدُك مِمَّنْ هو دونَك كِبرياءُ، وتَقصيرُك عن العمَلِ بالعِلْمِ حَمْأَةُ كِبْرٍ وعُنوانُ حِرمانٍ .

العـلْـمُ حــربٌ للـفَـتَـى الْمُتَـعَـالِـي كالسيْلِ حرْبٌ للمكانِ الْعَالِي


(أي أن المتعالي لا ينفعه العلم كما لا ينفع السيل المكان المرتفع) فالْزَمْ – رَحِمَك اللهُ – اللُّصُوقَ إلى الأرضِ والإزراءَ على نفسِك وهَضْمَها (التنقص منها وانظر إلى قصة موسى عندما ابتلاه الله تعالى بالرحلة إلى الخضر لعلمه بعدما أجاب بأنه أعلم أهل الأرض) ومُراغَمَتَها (مغالبتها) عندَ الاستشرافِ لكِبرياءَ أو غَطرسةٍ أو حُبِّ ظُهورٍ أو عُجْبٍ ... ونحوِ ذلك من آفاتِ العِلْمِ القاتلةِ له الْمُذهِبَةِ لِهَيْبَتِه الْمُطْفَئِةِ لنورِه وكُلَّمَا ازْدَدْتَ عِلْمًا أو رِفعةً في وِلايةٍ فالزَمْ ذلك ، تُحْرِزْ سعادةً عُظْمَى ، ومَقامًا يَغْبِطُكَ عليه الناسُ .
وعن عبدِ اللهِ بنِ الإمامِ الحُجَّةِ الراويةِ في الكتُبِ الستَّةِ بكرِ بنِ عبدِ اللهِ الْمُزَنِيِّ رَحِمَهما اللهُ تعالى قالَ :
( سَمِعْتُ إنسانًا يُحَدِّثُ عن أبي ، أنه كان واقفًا بعَرَفَةَ فَرَقَّ (
رقَّت نفسُه وبدأت العبرة تخرج من عينه ثم بعد ذلك أزرى بنفسه وتَنقَّصها فقال: أخشى أن لا يُغفر لهم بسببي)، فقالَ : لولا أَنِّي فيهم ، لقُلْتُ قد غُفِرَ لهم ) .
خَرَّجَه الذهبيُّ ثم قالَ : ( قلتُ : كذلك يَنبغِي للعبْدِ أن يُزْرِيَ على نفسِه ويَهْضِمَها ) اهـ .

باسم صالح 5 محرم 1436هـ/28-10-2014م 11:05 PM

القناعةُ والزَّهادةُ
 
التَّحَلِّي بالقَناعةِ (أي يقنع ويكتفي بما آتاه الله تعالى ولا يتطلع إلى حياة الترف والرفاهية فيثقل كاهله ويضيع عمره في تحصيل ذلك أدركه أم لم يدركه) والزَّهادةِ ، وحقيقةُ الزهْدِ ( الزهْدُ بالحرامِ والابتعادُ عن حِمَاهُ ، بالكَفِّ عن الْمُشتَبِهَاتِ وعن التَّطَلُّعِ إلى ما في أيدي الناسِ ) (الزهد بالحرام، هذا واجب على جميع الأعيان ولا يعد فضيلة إلا إذا اقترن بترك المشتبهات وعدم التطلع إلى فضول المعايش، وهناك فرق بين الورع والزهد، فالورع ترك ما يضر في الآخرة أما الزهد فترك ما لا ينفع في الآخرة) .
والشبهات تشمل صورا :
الصورة الأولى : إذا كان هناك مسائل يختلف أهل العلم فيها وللخلاف محله ، فحينئذ هذه المسائل من الشبهات.
الصورة الثانية : مسائل فيها أدلة متعارِضة ، ولم يعرف كيفية الجمع بينها ، فهذه من المسائل المُشتبهات.
الصورة الثالثة : أن يكون هناك مسائل لا ندري هل تدخل في تطبيق الحرام أو في تطبيق الحلال

ويُؤْثَرُ عن الإمامِ الشافعيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى : ( لو أَوْصَى إنسانٌ لأَعْقَلِ الناسِ صُرِفَ إلى الزهَّادِ ) (أي أن الإمام الشافعي رحمه الله كان يرى الزهاد أعقل الناس بحث لو أطلقت الوصية لذوي العقل لكان الزهاد أولى الناس بها
لأنهم انتفعوا بما لديهم ولم يُـقدِموا على مالا ينفعهم، وليس المراد بالزهد ترك الدنيا ، وإنما المراد بالزهد الاقتصار على ما ينفع، فمن جاءته الدنيا واستعملها فيما ينفعه في الآخرة فإنه يُعد زاهدا، ولكن الأمر فقط مجازي وإلا لو أوصى شخص وأطلق فقد يصرف لذوي المروءة والوقار ومن في حكمهم) وعن مُحَمَّدِ بنِ الحسَنِ الشيبانيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى لَمَّا قِيلَ له : أَلَا تُصَنِّفُ كتابًا في الزهْدِ ؟ قال : ( قد صَنَّفْتُ كِتابًا في البُيوعِ ) لأن من عرف البيوع وأحكامها وتحرز من الحرام واستحل الحلال فإن هذا هو الزاهد.
يعني:( الزاهدُ مَن يَتَحَرَّزُ عن الشُّبُهاتِ والمكروهاتِ في التجاراتِ وكذلك في سائرِ الْمُعاملاتِ والْحِرَفِ ) اهـ .
وعليه فليكنْ مُعْتَدِلًا في مَعاشِه بما لا يُشِينُه بحيثُ يَصونُ نفسَه ومَن يَعولُ ولا يَرِدُ مَواطِنَ الذلَّةِ والْهُونِ .
وقد كان شيخُنا مُحَمَّدٌ الأمينُ الشِّنقيطيُّ الْمُتَوَفَّى في 17/12/1393 هـ رَحِمَه اللهُ تعالى متَقَلِّلًا من الدنيا وقد شاهَدْتُه لا يَعرِفُ فِئاتِ العُملةِ الوَرَقِيَّةِ وقد شافَهَنِي بقولِه :
( لقد جِئْتُ من البلادِ – شِنقيطَ – ومعي كَنْزٌ قلَّ أن يُوجدَ عندَ أحدٍ وهو ( القَناعةُ )، ولوأرَدْتُ المناصِبَ لعَرَفْتُ الطريقَ إليها ولكني لا أُؤْثِرُ الدنيا على الآخِرةِ ولا أَبْذُلُ العلْمَ لنَيْلِ المآرِبِ الدُّنيويَّةِ ) فرَحِمَه اللهُ تَعَالَى رَحمةً واسعةً آمِينَ .

باسم صالح 8 محرم 1436هـ/31-10-2014م 12:09 AM

التَّحَلِّي برَوْنَقِ العِلْمِ
 
التَّحَلِّي بـ ( رَوْنَقِ العِلْمِ ) حُسْنِ السمْتِ والْهَدْيِ الصالحِ (أي الصورة الظاهرة ، بحيث تكون أخلاقه الظاهرة وكلامه وملبسه ، دالاً على كونه من طلبة العلم وهذا يشمل أمور منها:) دَوامِ السكينةِ والوَقارِ والخشوعِ والتواضُعِ ولزومِ الْمَحَجَّةِ (وهي وسط الطريق الموصل إلى المُراد بحيث لا يميل يمنة ولايسرة) بعِمارةِ الظاهِرِ والباطنِ والتَّخَلِّي عن نواقِضِها .
وعن ابنِ سيرينَ رَحِمَه اللهُ تعالى قالَ : ( كَانُوا يَتَعَلَّمُون الْهَدْيَ كما يَتَعَلَّمُون العِلْمَ ) وعن رجاءِ بنِ حَيْوَةَ رَحِمَه اللهُ تعالى أنه قالَ لرَجُلٍ : (حَدِّثْنَا ، ولا تُحَدِّثْنا عن مُتَمَاوِتٍ (أي من مات قلبه) ولا طَعَّانٍ (من كان دأبه الطعن في الآخرين) رواهما الخطيبُ في ( الجامِعِ ) وقالَ :( يَجِبُ على طالبِ الحديثِ أن يَتَجَنَّبَ : اللعِبَ ، والعَبَثَ ، والتبَذُّلَ في المجالِسِ بالسُّخْفِ والضحِكِ والقَهْقَهَةِ وكثرةِ التنادُرِ وإدمانِ الْمِزاحِ والإكثارِ منه ، فإنما يُستجازُ من الْمِزاحِ بيَسيرِه ونادِرِه وطَريفِه والذي لا يَخْرُجُ عن حدِّ الأَدَبِ وطَريقةِ العلمِ ، فأمَّا متَّصِلُه وفاحِشُه وسخيفُه وما أَوْغَرَ منه الصدورَ وجَلَبَ الشرَّ فإنه مَذمومٌ وكثرةُ الْمِزاحِ والضحِكِ يَضَعُ من القدْرِ ويُزيلُ الْمُروءةَ ) اهـ . (على طالب العلم
أن يتجنب اللعب والعبث "والذين هم عن اللغو معرضون" إلا ما جاءت به الشريعة , كاللعب برمحه وسيفه وفرسه لما في ذلك من الإعانة على الجهاد في سبيل الله، ويجب تجنب كثرة المزاح والضحك والقهقهة وخاصة عند عامة الناس حتى لا تذهب هيبة العلم، والمراد بالمروءة اجتناب الإنسان مالا يُثنى عليه من الأوصاف عند الناس عرفا) وقد قيلَ : ( مَنْ أَكْثَرَ مِن شيءٍ عُرِفَ به ) فتَجَنَّبْ هاتِيكَ السقَطَاتِ في مُجالَسَتِكَ ومُحادَثَتِك .وبعضُ مَن يَجْهَلُ يَظُنُّ أنَّ التبَسُّطَ في هذا أَرْيَحِيَّةٌ (أي أن بعض الجهال يظنون أن كثرة المزاح تولد ارتياحا نفسيا في المجالس وهذا غير صحيح بل إن هذا يولد نفرة عند الناس من كثرة التبذل).
وعن الأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ قالَ : ( جَنِّبُوا مَجالِسَنَا ذِكْرَ النساءِ والطعامِ ، إني أَبْغَضُ الرجلَ يكونُ وَصَّافًا لفَرْجِه وبَطْنِه ) وفي كتابِ المحدَّثِ الملْهَمِ أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ (ويجب ألا يظن بذلك أن عمر رضي الله عنه أفضل من أبي بكر رضي الله عنه، وقد
أجاب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن أحاديث مناقب عمر "إن يكن فيكم محدثون فعمر" وغيره : بأن عمر إنما يتلقى الإصابة بواسطة , أما أبو بكر فيتلقاها بلا واسطة أي أن عمر كان يحدث بما أملاه عليه قلبه واجتهاده فيصيب ويخطأ لكن أبا بكر لم يكن يحدث إلا بما تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن يقدم على ذلك شيء، فكان رأيه أصوب وأثبت من عمر رضي الله عن الجميع) في القَضاءِ : ( وَمَن تَزَيَّنَ بما ليس فيه ، شانَه اللهُ ) (يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ)) وجعلها ثوبين لأنه يكذب على نفسه أولا بما ليس فيها ثم على الناس ثانيا).وانْظُرْ شَرْحَه لابنِ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى .

باسم صالح 14 محرم 1436هـ/6-11-2014م 01:02 AM

التحلي بالمروءة
 
التَّحَلِّي بـ ( الْمُروءةِ ) وهي فعل ما يجمله ويزينه , واجتناب ما يدنسه ويشينه عند الناس، وما يَحْمِلُ إليها ، من مَكارِمِ الأخلاقِ (من مكارم الأخلاق التسامح في موضع التسامح والعزم في موضع العزيمة أي بما تقتضيه الحكمة، مثال ذلك القصاص من القاتل؛ قد يحكم فيه بقتل القاتل أو الدية أو عفو أولياء الدم مجانا، وقد يحكم بالقتل وإن قبل أولياء الدم الدية لأن المصلحة تقتضي قتل القاتل) وطَلاقةِ الوَجْهِ (هذا هو الأصل بسط الوجه والبشاشة ولكن ليس مع كل الناس ولكن حسب ما تقتضيه الحكمة والمصلحة) ، وإفشاءِ السلامِ (إلقاء السلام على من عرفت ومن لم تعرف من المسلمين إلا في موضع يتطلب الهجر الشرعي كما في قصة كعب بن مالك عندما تخلف عن غزوة تبوك مع صاحبيه، وأما أهل الكتاب فلا يبدؤون بالسلام وإذا سلموا يرد عليهم فقط قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "إنا غادون إلى يهود، فلا تبدءوهم بالسلام، وإن سلموا عليكم فقولوا: وعليكم") وتُحَمُّلِ الناسِ (الصبر على أذاهم) والأَنَفَةِ من غيرِ كِبرياءَ (عدم قبول المهانة مع تجنب الكبر) والعِزَّةِ في غيرِ جَبَرُوتٍ (ألا يقبل الظلم على نفسه ولا يظلم غيره) والشهامةِ في غيرِ عَصَبِيَّةٍ (نفع الغير وإن لم يكونوا من ذوي الأرحام) والْحَمِيَّةِ في غيرِ جَاهليَّةٍ (الدفع عن الناس في الحق بنية شرعية).
وعليه فتَنَكُّبُ ( خَوارِمِ الْمُروءةِ ) في طَبْعٍ أو قولٍ أو عَمَلٍ من حِرفةٍ مَهِينَةٍ أو خَلَّةٍ رَديئةٍ (هذا يدل على أن هذه الصفة يمكن اكتسابها بتربية النفس ومعاهدتها) كالعُجْبِ والرياءِ والبَطَرِ والْخُيلاءِ واحتقارِ الآخرينَ وغِشْيَانِ مَواطِنِ الرِّيَبِ (المقصود ألا يضع المرء نفسه في موضع شبهة، وخير دليل عليها حديث صفية رضي الله عنها) .

باسم صالح 14 محرم 1436هـ/6-11-2014م 11:19 PM

التمتع بخصال الرجولة
 
تَمَتَّعْ بِخِصالِ الرجولةِ من الشجاعةِ (الإقدام الذي يسبقه رأي وتفكير) وشِدَّةِ البَأْسِ في الحقِّ (الصبر على المكاره في سبيل نصرة الحق) ومَكارِمِ الأخلاقِ والبَذْلِ في سبيلِ المعروفِ (فلا بد أن يكون في سبيل المعروف وليس المنكر أو ما لا نفع فيه، وله صور فقد يكون بالمال أو الجاه أو العلم) حتى تَنْقَطِعَ دونَك آمالُ الرجالِ (يعني حتى لا يسبقك أحد ممن اتصف بصفات الرجولة الحقة) .
وعليه فاحْذَرْ نَوَاقِضَها : من ضَعْفِ الْجَأْشِ (وهو الجبن والخور)، وقِلَّةِ الصبْرِ وضَعْفِ الْمَكَارِمِ فإنها تَهْضِمُ العِلْمَ (
تُنقص مقدار العلم وتذهب نوره) وتَقْطَعُ اللسانَ عن قَوْلَةِ الْحَقِّ (تُعجز الإنسان عن أن يتكلم بالحق)، وتَأْخُذُ بناصيَتِه إلى خُصومِه (تجعل طالب العلم في حالة يتمكن أعداؤه منه) في حالةٍ تَلْفَحُ بسمومِها في وُجوهِ الصالحينَ من عِبادِه (ويتمكنون من بث سمومهم في سمعته) .


الساعة الآن 07:43 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir