قارئ آخر:
"فصل في النوع الثاني الخلاف الواقع في التفسير من جهة الاستدلال: وأما النوع الثاني من سبب الاختلاف وهو ما يعلم بالاستدلال لا بالنقل فهذا أكثر ما فيه الخطأ من جهتين حدثتا بعد تفسير الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان فإن التفاسير التي يذكر فيها كلام هؤلاء صرفا لا يكاد يوجد فيها شيء من هاتين الجهتين مثل تفسير عبد الرزاق ووكيع وعبد بن حميد وعبد الرحمن بن إبراهيم جحين , ومثل تفسير الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه"
الشيخ:
عندي عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري الصنعاني أحد الأئمة الأعلام الحفاظ , أخذ عن ابن جريج وهشام بن حسان وثور بن يزيد ومعمر ومالك ورحل إليه أئمة المسلمين وثقاتهم وأخذوا عنه , قال الإمام أحمد لم أسمع منه شيء لكنه رجلاً يعجبني (إيش) أخبار الناس , ولد سنة مائة وست وعشرين , وتوفي سنة مائتين وإحدى عشر.
ووكيع بن الجراح بن مليح الرقاشي الكوفي أحد الأئمة الأعلام أخذ عن هشام بن عروة وابن عون وشعبة وهو من شيوخ الإمام أحمد وطبقته , نعم قال أحمد: ما رأيت مثله في العلم والحفظ والإفطان مع خشوع وورع , توفي سنة مائة وست وتسعين.
وعبد بن حميد بن نصر الكسفي أخذ عن علي بن عاصم ومحمد ( غير مسموع ) بن عبد الرزاق ( غير مسموع ) وأخذ عنه مسلم الترمذي قال ابن حجر في التقرير: ثقة حافظ توفي سنة مائتين وتسعة وأربعين و طبعا هذه موجودة عندكم. نعم.
القارئ:
"ومثل تفسير أحمد وإسحاق بن راهويه وبقي بن مخلد وأبي بكر بن المنذر وسفيان بن عيينة وسليم وابن جرير وابن أبي حاتم وأبي سعيد الأشج وأبي عبد الله بن ماجة وابن مردويه أحدهما قوم اعتقدوا معانيه ثم أرادوا حمل ألفاظ القرآن عليها"
الشيخ:
من جهتين قوم اعتقدوا نعم ( غير مسموع ) فالأول فهذا قال: أكثر ما فيه خطأ من جهتين , حدثتا بعد تفسير الصحابة نعم.
القارئ:
"أحدهما قوم اعتقدوا معاني ثم أرادوا حمل ألفاظ القرآن عليها , والثاني قوم فسروا القرآن بمجرد ما يسوغه أن يريده بكلامه من كان من الناطقين بلغة العرب بكلامه من غير نظر إلى المتكلم بالقرآن والمنزل عليه والمخاطب به فالأولون..".
الشيخ:
طيب إذن الأول أنهم اعتقدوا شيئا فأرادوا أن يحملوا معاني الكلام عليه , وهذا كما يكون في العقائد والأمور العلمية يكون كذلك في الأحكام والأمور العملية , تجد الرجل يعتنق مذهبا معيناً ثم يحاول أن يصرف معاني النصوص إلى ذلك المعنى المعين الذي كان يعتقده سواء في أسماء الله وصفاته أو في التوحيد أو ما أشبه ذلك , نعم , فمثل يقول: أنا أجيد التوسل حتى بالجن والشياطين لأن الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة} نعم فأتوسل بكل شيء وكذلك أيضاً ينكر صفات الله عز وجل يقول لأن الله يقول: {ليس كمثله شيء} وأنا إذا أثبت الصفة مثلت , فيكون معتقد هذا الاعتقاد ثم يحمل القرآن على ذلك.
القسم الثاني: ما عنده اعتقاد سابق , ليس عنده اعتقاد سابق لكنه يفسر القرآن بحسب ما يدل عليه اللفظ بقطع النظر عن المتكلم به وهو الله وعن المنزل عليه وهو الرسول وعن المخاطب به وهم المرسل إليهم ينظر إلى الكلام من حيث هو كلام فقط , وهذا أيضاً خطأ , فإنه بلاشك عند جميع الناس أن الكلام يختلف معناه (هه) بحسب المتكلم به وبحسب المخاطب به أيضاً , لوجاءتك كلمة نابية من شخص محترم وجاءتك مثل هذه الكلمة من شخص ساقط أيهما أشد تأيثراً (هه)؟
الأول المحترم؛ لأن كلمة المحترم لها وزن , فإذا وصفنى بعيب مثلاً معناه أنه حط من قدري , لكن إذا جاء واحد ساقط يسب كل أحد وسبني ما يهمني أليس كذلك؟ مع إن الكلمة واحدة , كذلك أيضاً لو أن واحد تكلم مع شخص قال: والله هذا إرجيل إرجيل تصغير رجل يتحدث عن صبي صغير يقول هذا إرجيل صار مدح ولا لا؟ مدح , لكن لو يقولها لرجل عاقل كبير صارت ذما , إذن فالكلمة الواحدة تجدها تختلف بحسب المخاطب بها , حتى إن الكلمة التي تصغر تكون أحياناً معناها عظيم وكبير كما مر علينا:
وكل أناس سوف تصفوا بينهم دويهية تصفر منها الأنامل فبعض الناس يأخذ القرآن والحديث يفسره بحسب ما يقتضيه ذلك اللفظ الظاهر بقطع النظر عن إيش؟ عن المتكلم به والمخاطب والمنزل عليه وقرائن الأحوال , هذا خطأ , أي نعم.
القارئ:
"فالأولون راعَوا المعنى الذي رأوه من غير نظر إلى ما تستحقه ألفاظ القرآن من الدلالة والبيان والآخرون راعَوا مجرد".
الشيخ:
راعَوا (ليش)؟
أحد الطلبة:
خطأ.
لا راعَوا من المراعاة يعني من الخوف , لكن لماذا قلت راعَوا دون راعُوا , لكن جرد الفعل من الضمير (إيش) يقول راعى فإذا كان ألفاً آخر الفعل ألفا فإن الذي قبل الواو يكون مفتوحا , ولهذا تقول صلَّوا ( غير مسموع ) لأن الفعل صلى ونقول زكَّوا لأن الفعل زكى ونقول عَمُوا ولا عَمَوا؟
الطلبة:
عَمُوا.
لأن الفعل عمي ما هي عمى لو كانت عمي لقلنا عمَوا , نقول رَضُوا والا رَضَوا؟
الطلبة:
رضُوا.
(ليش) لأن الفعل ما هو ألف ما هو آخره ألف , فالمهم إذا كان آخر الفعل ألف فإن الألف تحذف وتبقى الفتحة ويؤتى بالواو , هذه قاعدة مطردة , نقول ذَكَّوا ولا ذَكُّوا؟ ذَكَّوا لأنها من ذكاء من ذكى طيب، جَلَوا , جَلُوا , جَلَوا؛ لأنها من جلا , طيب إذن هنا نقول رَاعَوا إي نعم.
القارئ:
"والآخرون راعوا مجرد اللفظ وما يجوز أن يريد به عندهم العربي من غير نظر إلى ما يصلح للمتكلم وسياق الكلام ثم هؤلاء كثيراً ما يغلطون في احتمال اللفظ لذلك المعنى في اللغة كما يغلط في ذلك الذين قبلهم كما أن الأولين كثيراً ما يغلطون في صحة المعنى الذي فسرو به القرآن كما يغلط في ذلك الآخرون , وإن كان بعض الأولين إلى المعنى أسبق ونظر الآخرين إلى اللفظ أسبق والأولون صنفان.."
الشيخ:
ولكن واجب إن الإنسان ينظر إلى اللفظ وينظر إلى قرائنه المحتفة به من حال المتكلم به والمخاطب والمنزل عليه وما أشبه ذلك , وهذا شيء معروف لكل أحد أن الكلام يختلف , بل إن الكلام حتى في نبرات المتكلم يختلف ولا لا؟ إذا مثلا تكلم بعنف واحمرار عين وانتفاخ أوداج وانتشار شعر ما هو مثله أن يتكلم بهدوء ولا لا؟ إي نعم تجد الأول كأنما يرمي بشرر والثاني لا فيه ولكن نعم الشيح رحمه الله ذكر قول إلى قسمين قسم ينظرون إلى المعنى لكن يحاولون أن يجعلوا على ما يريدون هم وقسم ينظرون إلى اللفظ فقط , ما عندهم اعتقاد سابق , لكن ينظرون إلى مجرد اللفظ بقطع النظر عن الأحوال والقرائن فهو يقول هؤلا ينظرون إلى المعنى وهؤلاء ينظرون إلى اللفظ , الأولون (اللي) عندهم اعتقاد القسم الأول. نعم.
القارئ:
"والأولون صنفان: تارة يسلبون لفظ القرآن مادل عليه وأريد به , وتارة يحملونه على ما لم يدل عليه ولم يرد به , وفي كلا الأمرين قد يكون ما قصدوا نفيه أو إثباته من المعنى باطلا فيكون خطؤهم في الدليل والمدلول , وقد يكون حقا فيكون خطؤهم فيه في الدليل لا في المدلول , وهذا كما وقع في تفسير القرآن فإنه وقع أيضاً في تفسير الحديث , فالذين أخطأوا في الدليل والمدلول مثل طوئف من أهل البدع اعتقدوا مذهباً يخالف الحق الذي عليه الأمة الوسط الذين لا يجتمعون على ضلالة كسلف الأمة وأئمتها وعمدوا إلى القرآن فتأولوه على آرائهم تارة يستدلون بآيات على مذهبهم ولا دلالة فيها , وتارة يتأولون ما يخالف مذهبهم بما يحرفون به الكلم عن مواضعه , ومن هؤلاء فرق الخوارج والروافض".
الشيخ:
الفرق بين الأول والثاني يستدلون بآيات على مذهبهم ولا دلالة فيها , وتارة يحرفون يتأولون ما يخالف مذهبهم ويحرفون الكلم عن مواضعه , ونضرب مثلاً لذلك بالمعطلة مثلاً يقول: {ليس كمثله شيء} هذا يدل على أننا لا نثبت أي صفة تكون للمخلوق. هل هذا الصحيح أن الآية تدل على ماقالوا؟ لا. وتارة يحرفون الكلم فيقولون: المراد باليد القدرة أو النعمة , هم يثبتون هذا لكن يحرفونه , فتارة يحملون اللفظ مالا يحتمله وتارة يصرفونه عن معناه.
ومن هذا ما وقع أخيراً في أولئك الذين فسروا القرآن بما يسمى بالإعجاز العلمي حيث كانوا يحملون القرآن أحياناً مالا يتحمل , صحيح أن لهم استنباطات جيدة تدل على أن القرآن حق من الله عز وجل وتنفع في دعوة غير المسلمين إلى الإسلام ممن يعتمدون على الأدلة الحسية في تصحيح ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام لكنهم أحياناً يحملون القرآن مالا يتحمله مثل قولهم إن قوله تعالى: {يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان} إن هذا يعنى به الوصول إلى القمر وإلى النجوم وما أشبه ذلك؛ لأن الله قال: {لا تنفذون إلا بسلطان} والسلطان عندهم: العلم.
نعم هذا لاشك أنه تحريف وأنه حرام أن يفسر كلام الله بهذا؛ لأن من تدبر الآية وجدها يوم القيامة , السياق كله يدل على هذا , ثم إنه يقول: {أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض} وهؤلاء ما نفذوا من أقطار السماوات بل ولا وصلوا إلى السماء , وأيضاً يقول:{يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس} وهؤلاء لم يرسل عليهم.
والمهم أن من الناس من يتجاوز ويغلو في إثبات أشياء من القرآن ما دل عليها القرآن , ومنهم من يفرط وينفي أشياء دل عليها القرآن لكن يقول هذا ما قالة العلماء السابقون ولا نقبله لا صرفاً ولا عدلاً وهذا خطأ أيضاً , فإذا دل القرآن على مادل عليه العلم الآن من دقائق المخلوقات فلا مانع من أن نقبله وأن نصدق به إذا كان اللفظ نعم يحتمله , أما إذا كان اللفظ لا يحتمله فلا يمكن أن نقول به. نعم.
إجابة على سؤال غير مسموع:
لا , ما يدل على هذا؛ لأن السماء إذا انشقت فكانت وردة تكون في أثناء ذلك اليوم.
إجابة على سؤال غير مسموع:
لا بس هنا ما يستقيم؛ لأنه مما قال شيخ الإسلام: إن بعض الناس يفسر لفظ بما يدل عليه ظاهر اللفظ بقطع النظر عن السياق , والسياق يؤيد المراد. نعم.